كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

 

جديد الموقع

 

تواجِهنا في الأفلام، غالباً، اختفاء صورة الحالة السياسيّة، أو تناول الحقيقة السياسيّة، وأسلوب معالجتها، من حيث الموضوعيّة والتّحيّز. وربّما تبدو هذه الحالة أكثر حضوراً في الثّقافة العربيّة؛ إذ يبدو الموضوع السياسيّ خطراً يُوجب الابتعاد عنه، وعن معالجته، إلا في حالات ترويج أفكارٍ سياسيّة مدعومة من جهات داخليّة أو خارجيّة ذات نفوذ سياسيّ قويّ. وربّما يبدو هذا الكلام شديد الوضوح في الأفلام الرّوائيّة، التي تعالج الحقائق السياسيّة المتعلّقة بالاحتلال الإسرائيليّ. سنحاول تقصّي الحقيقة السياسيّة في بعض الأفلام الحاليّة، معتمدين المقارنة بين نموذج أجنبيّ هو فيلم (Hotel Rwanda) فندق رواندا، ونّماذج فلسطينيّة وعربيّة هي: فيلم الجنة الآن، عرس رنا، عطش، باب الشمس.

إنّ الحالة السياسيّة لا تنفصل عن الحالة الاجتماعيّة؛ فكلّ مكوّنات المجتمع ترتبط بمعطيات الحالة السياسيّة الحقيقيّة؛ لكنّ الأفلام الرّوائيّة السّائدة، لا تكشف صورة الحقيقة السياسيّة لواقعها من حيث الحالة التاريخيّة السياسيّة القائمة، ولا نعني بالحقيقة السياسيّة الموقف السياسي؛ فالموقف السياسيّ هو قراءة للحالة السياسيّة الموضوعيّة، واتّخاذ الموقف الخاص، المؤيّد أو المعارض، من حيث التدابير والإجراءات المختلفة. والأفلام تحمل، بعامّةٍ، صبغة المموّل الذي ينتج الفيلم، والأهداف التي يرجوها من فيلمه. والأفلام التي تتناول الحقيقة السياسيّة، تموّلها في الغالب جهات سياسيّة، تسعى من خلالها إلى تصوير حقائق سياسيّة أو ترويج مذاهب سياسيّة، أو تعظيم شخصيّات سياسيّة، أو التّشهير بشخصيّات سياسيّة، لذلك يندر حضور الموضوعيّة والحقيقة السياسيّة في الأفلام الرّوائيّة، والمتفرّج يشاهد في الفيلم، وجهة نظر صانع الفيلم السياسيّة، وموقفه من الواقع السياسيّ، لا الحقيقة السياسيّة.

 

لعلّ فيلم (Hotel Rwanda) فندق رواندا الذي اخترنا الحديث عنه، لأنّه يعالج في قصّة بطله الإنسانيّة العائليّة حقائق سياسيّة كبيرة مرتبطة بأحداثٍ، كانت قد أحدثت ذهولاً أمام متتبّعي أخبار الحرب الأهليّة في رواندا بين قبيلتي التوتسي والهوتو، يشكّل عملاً سينمائيّاً مميّزاً في معالجة الواقع السّياسيّ، من حيث نقل الحقيقة السياسيّة في رواندا في أثناء اندلاع الحرب الأهليّة وأحداث العنف التي قام بها متطرفو الهوتو وميليشياتهم العسكريّة والقبليّة ضدّ التوتسي في محاولةٍ لإبادتهم؛ فقد نقل الفيلم الذي أخرجه تيري جورج (Terry George) عام 2004، صور المجزار الوحشيّة، التي كان ضحيّتها كثير من الأبرياء، اعتماداً على قصّةٍ حقيقيّةٍ اجتماعيّة، كان بطلها المناضل بول (Don Cheadle) مدير فندق أجنبيّ راقٍ في العاصمة كيغالي، يكشف، من خلال معركته الدّائرة حول حماية أسرته، والممتدّة إلى معركةٍ إنسانيّةٍ عامّةٍ، في توجّهٍ نحو التزامٍ اجتماعيٍّ أخلاقيّ، ينفّذه وهو يدافع عن جيرانه، وعن الناس، الذين احتموا به وبفندقه، هرباً من المذابح ومن ملاحقة العسكر والجماعات العنصريّة المتطرّف؛ فيعمل الفيلم على تصوير المأساة السياسيّة، التي يعايشها أهل رواندا بسبب الانقسامات القبليّة، التي أفرزت الحرب الأهليّة، وبسبب القيادات السياسيّة صاحبة السلطة، التي كانت تدعم عصابات التّطهير، وترتبط بأطرافٍ خارجيّة، وبسبب استغلال الغرب ونفاقه، عندما خدع الأفارقة واستخدمهم لخدمة مصالحه، ثمّ تركهم يتقاتلون بدموية، واكتفى بدور المتفرّج. كما يكشف الفيلم، بجرأة، عن حقائق سياسيّة دوليّة متعلّقة بموقف الأمم المتحدة، التي تخلّت، في معظمها، وفي إدارتها، عن إنقاذ الشّعب الأسود. وكان الفندق منطلق التّصوير السياسيّ، إذ يحوّله مديره الأسود بول بطل الفيلم إلى موقع إنقاذ، يحمي فيه أسرته والناس الهاربين من المجزرة والإبادة، كاشفاً في حواره ومواقفه عن الصّورة الحقيقيّة التي يتعاطى فيها الغــرب مـع إفريقيا والإفريقيين؛ فتبدو العنصريّة فــي أشدّها، عندمـــا تتمّ حمــايـة البيض الأوروبيين، ويتمّ إجلاءهم، وإنقــاذ   

بوستر فيلم "فندق رواندا"

أرواحهم، بينما يُترك السّود، حتى الأغنياء وأتباع الكنائس الغربيّة، وأصدقاء الغرب، من دون مساعدة، لكي يموتوا أبشع الميتات، ويواجهون وحشيّة القتل والمجازر؛ فهم بنظر الغرب، كما قال أحد أبطال الفيلم البيض الناقمين على الموقف الغربيّ، ليسوا سوى أفارقة، والغربيّون كما قال الصحفيّ الأبيض المحتجّ على النفاق الغربيّ، يكتفون بكلمات تستهجن المذابح، ثمّ يذهبون ليستمتعوا بالعشاء.

إنّ الفيلم الذي حشد الأحداث الكثيرة السريعة، ورصد إيقاعها الصّاخب الواقعيّ النابض بالرّعب الحقيقيّ، استطاع أن يصوّر حقائق الواقع السّياسيّ، على الرّغم من تغاضيه عن ذكر بعض الحقائق السياسيّة المتعلّقة بالمصالح الاستعماريّة في رواندا، وبتأثيرها في مجرى الحرب، وبدورها في تمويل الحرب الأهليّة، وتسليح مرتكبي الجرائم. وكانت قراءته للحقائق السياسيّة، تسير باتّجاه التّنديد بالعنصريّة والحرب الأهليّة، بكثير من الموضوعيّة، والواقعيّة السّاحرة، في تفاصيلها العاطفيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة. ولم يقف موضوع الفيلم السياسيّ عائقاً أمام ترشيحه؛ فقد  نال جوائز عالميّة مهمة، كما لم يقف عائقاً أمام انتشاره وتأثيره في المشاهدين؛ فقد حقّق نجاحاً جماهيريّاً كبيراً.

لكنّ كثيراً من الأفلام العربيّة الآن، لا تنقل صورةً حقيقيّةً للواقع الاجتماعيّ السّياسيّ العربيّّ، بخاصّةٍ الأفلام التي تتحدّث عن الواقع الفلسطينيّ؛ إذ تغيب الحالة السياسيّة المرتبطة بالاحتلال الإسرائيليّ؛ فالأفلام الرّوائيّة، حاليّاً، لا تعالج موضوع الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، ولا تصوّر المعاناة السياسيّة الحقيقيّة للمجتمع الفلسطينيّ، وتبتعد عن تصوير حقائق سياسيّة مرتبطة بالعنف الإسرائيليّ، وبالمجازر التي يرتكبها الاحتلال، وربّما يلعب موضوع تمويلها من مصادر خارجيّة دوراً في تغييب الصّورة الحقيقيّة للواقع السّياسيّ. ونضرب بعض الأمثلة من أفلامٍ نالت جوائز عالميّة؛ ففيلم الجنة الآن للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد من إنتاج هولنديّ وفرنسيّ وألماني، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم أوروبيّ في مهرجان برلين السّينمائيّ، في دورته الخامسة والخمسين، يصوّر الواقع الفلسطينيّ في ضوء قراءة المخرج السياسيّة التي تلائم قراءة الغرب المموّل وتناسب توجهاته الفكريّة، لا في ضوء الحقيقة السّياسيّة الموقف الموضوعيّ، وذلك عندما تتحوّل العمليّات الاستشهاديّة التي تنطلق من إيمانٍ حقيقيّ: إيمان دينيّ، أو إيمان وطنيّ، إلى ردّات فعلٍ وانفعال، ثمّ يتمّ تمرير إدانتها؛ فَتَفقدُ الصّورة الفلسفيّة للاستشهاد والنّضال الفدائيّ معناها الحقيقيّ، وتبرز عملاً ناتجاً عن الإحساس بالعجز والإحباط. ونكاد نرى في الفيلم تركيزاً على الضياع العاطفيّ للشّاب الفلسطينيّ، وعلى أزمته الفرديّة، عوضاً عن تصوير  ظلم الاحتلال ومماراساته العدوانيّة بحقّ الشّعب الفلسطينيّ، وصور الفداء الحقيقيّة الوطنيّة الكثيرة، التي تدافع عن حقوقها الإنسانيّة والوطنيّة المشروعة.    

ويعرض فيلم عرس رنا للمخرج نفسه، من تمويل غربيّ، مشكلة الحواجز الإسرائيليّة، بشكلٍ رومانسيّ بريء، بعيداً عن تصوير الجرائم الحقيقيّة، التي يتمّ تنفيذها على حواجز الاحتلال الإسرائليّة، عندما تموت النساء الحوامل، بسبب آلام المخاض والولادة على الحواجز وهنّ ينتظرن، وعندما يموت المرضى والأجنّة، وجنود الاحتلال تمنع المرور والوصول إلى المشافي. وتخرج القضيّة من قضيّة جماعيّة شديدة المأساويّة، إلى حالة عاطفيّة فرديّة مشوّقة، يكافح فيها عاشقان من أجل عقد قرانهما، ويتزوّجان على الحاجز.

ويقصي فيلم عطش للمخرج الفلسطينيّ توفيق أبو وائل، الذي تمّ تمويله وإنتاجه من المال الإسرائيليّ، والحائز على جائزة الكاميرا الذّهبيّة في مهرجان كان الفرنسيّ، مشكلة الاحتلال الإسرائيليّ، ويستبدلها بعرضٍ صراعيّ مستهلَك ومكرّر في الأفلام العربيّة لمشاكل اجتماعيّة داخليّة، تدور حول السلطة الأبويّة العنيفة، وظلم الرّجل الفلسطينيّ للمرأة والأسرة، والعادات والتقاليد الذّكوريّة التي تقهر المرأة؛ فكأنّ مشاكل الاستبداد الإسرائيليّ والظلم الواقع على الإنسان الفلسطينيّ برجاله المقهورين، ونسائه المنكوبات أقلّ خطورة. كما تختفي صورة الحياة الفلسطينيّة بكلّ متاعبها ومشاكلها في ظلّ الاحتلال.

ويسعى فيلم  باب الشّمس الطويل جداً، للمخرج المصريّ يسري نصر الله؛ إلى تأريخ الصّراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ؛ لكنّ يخطىء الطّريق كثيراً؛ فيكتب فانتازيا تاريخيّة غير موضوعيّة في كثيرٍ من فصولها، عندما يبتعد، في غير موضع عن الحقيقة التّاريخيّة الثّقافيّة والجغرافيّة والسياسيّة، للمكان الذي تنطلق من حكايته، ويتحوّل نقد الحالة الاجتماعيّة السّياسيّة الفلسطينيّة إلى سخريّة بالغة من الشّعب الفلسطيني، الذي يصوّره بشكلٍ مضحكٍ، ويغرقه في حالةٍ من السّذاجة المطلقة، وإلى سخريةٍ  من الثّورة الفلسطينيّة، التي أبرزها بشكلٍ أحمق، كأنه لم يقرأ، مليّاً، تاريخ المنطقة، التي يتحدّت عنها في تلك المرحلة الشّاهدة ثورة القسّام، التي هزّت فلسطين ببطولاتها ونضالها العقائديّ، وحمّل الشعب الفلسطيني والعرب كلّ مسئوليّة النّكبة، من دون أن يحمّل الاستعمار الغربيّ آنذاك، كما يقول التّاريخ المسئوليّة  الحقيقيّة، فلم يكشف، وهو يكتب فيلمه التّاريخيّ، دور الغرب الماليّ والسياسيّ والاقتصاديّ والعسكريّ في دعم الحركة الصّهيونيّة، ودعم جرائمها بحقّ الشّعب الفلسطينيّ، وفي قيام دولة إسرائيل. وحتى في حكايته الإنسانّية، جعل البطلة الفلسطينيّة، تفتقر إلى واقعيّة انتمائها إلى الكيان السياسيّ الفلسطينيّ، وذلك في دورها الذي أدّته الممثّلة التّونسيّة ريم تركي؛ فبدت بعربيّتها الضّعيفة، إنساناً لا يمتّ بصلةٍ للحكاية الفلسطينيّة. كما أغرق حكايته التّاريخيّة السّياسيّة بصورٍ جنسيّة، لم تكن رموزها الفجّة إلا نوعاً من البهار غير الملائم للطّقس السياسيّ والتّاريخيّ، وجعل الأجساد أدوات جنسيّة؛ بل بدا، حتى في الصّور الجنسيّة، يصرّ على صورة سخريته من الإنسان العربيّ، عندما أبرز طقوسه الغريزيّة في الممارسة الجنسيّة غبيّة؛ فالعرب، كما صوّرهم، لا يعرفون القبلة، بل يتعلّمونها من الثّقافة الغربيّة المتحضّرة، عندما يشاهدونها في الأفلام الأجنبيّة؛ فكأنّ هذا الإنسان العربيّ الفلسطينيّ غبيّ لا يدرك حتى كيف يمارس غريزته الطّبيعيّة.

إنّ خلو هذه الأفلام من عرض الحقائق السياسيّة الحاضرة، أو معالجتها بموضوعيّة، هو قراءةٌ سياسيّة، وموقفٌ سياسيّ، غير موضوعيين، وهو أيدولوجيا تحمل تطلّعات جهات سياسيّة أخرى. فهذه الأفلام سياسيّة بامتياز، وإن أعلن مخرجوها عكس ذلك؛ لكنّها ليست كفيلم فتدق رواندا، تسعى إلى كشف بعض الحقائق السياسيّة، وتصوير الواقع الحقيقيّ، وإنما تنحاز إلى وجهات نظر الآخرين، لكي تلقى قبول المموّل الهولنديّ أو الفرنسيّ أو الألمانيّ أو الإسرائيليّ، وتحصل على ثقته،  من دون أن يشير كلامنا إلى أيّ اتّهام؛ فالمخرجون العرب يحاولون مخاطبة العقول الأخرى في الخارج، لكنّهم يصنعون بشكلٍ أو بآخر أفلاماً سياسيّة غير موضوعيّة، تبتعد عن الأمانة الواقعيّة الفنيّة ولا تنقل الحقيقة السياسيّة.

وربّما يرى أصحاب هذا الاتجاه أنّهم يفسحون في المجال أمام الموضوعيّة، ولا يتعصّبون، وذلك لكي يقنعوا الآخرين في الغرب، أو في المعسكر السّلمي الغربيّ والإسرائيليّ، وأنهم يبتعدون عن السياسة. لكنّ تجاهل الحقيقة السياسيّة المتجسّدة في الاحتلال الإسرائيليّ، وفي مماراساته، أو تسطحيها وتهميشها  هو شكلٌ من أشكال القراءة السياسيّة المغرضة؟ ليس هناك حياديّة، لأنّ الحياديّة هي انتصار مبطّن لأحد الأطراف، وإنّما هناك موضوعيّة أو تحيّز، والتّحيّز قد يأخذ صورة الحياديّة البريئة.

ونشير، ونحن نختم قراءتنا السّريعة المقارِنة، إلى أنّ صانع السّينما يستطيع أن يعالج الحقائق السّياسيّة بموضوعيّة من خلال استخدام أدواتٍ واقعيّة نابضة بالحياة، ومن دون أن يعلن برنامجاً سياسيّاً أو عسكريّاً مباشراً، مع التّذكير بأن هذا قد يكون أشدّ ضرورةً في صناعة الفن العربيّ؛ فالإنتاج العربيّ الواقع تحت الضّوء وتحت عدسة مجهر الاتّهام بالإرهاب؛ مثل اللجوء إلى سينما النّاس الحقيقيّة كما في سينما المخرجة الفلسطينيّة مي المصري في أفلامها: أطفال جبل النّار، أطفال صبرا وشاتيلا، أحلام المنفى، عندما عالجت حقائق سياسيّة توثيقيّة في قالبٍ إنسانيّ عميق ساحر، جعلت الأطفال الحقيقيّين أبطال الحكاية، وكانت الموضوعيّة، التي تسجّل حقائق الواضع، بالإضافة إلى الإنسانيّة العميقة مادّة الفيلم؛ فظهرت الحكاية السياسيّة الفلسطينيّة بجوانبها الإنسانيّة المتعدّدة.  

* سماح هدايا

samahh2003@yahoo.com

موقع "فراديس" في 14 يناير 2006

House of Flying Daggers

أوركسترا ملحمية من حب وشعر

ج. حبشي 

صحيح ان الفيلم الصيني House Of Flying Daggers للمخرج زانغ ييمو سيمنحنا شعورا باننا نشاهد نوعا ما  ما سبق وشاهدناه في الرائعتين الصينيتين Crouching Tiger, Hidden Dragon  لانغ لي و Hero لزانغ ييمو عينه، لكن من الذي قد يعترض على تكرار تجربة الطيران  اكثر فأكثر نحو فضاءات من السحر البصري  والاناقة المشهدية والجمالية في الحركة الكوريغرافية، والقصائد المتلوة بالاداء والمشاعر والالوان والاضاءة والمعارك القتالية والرقص "القوس قزحي"؟

House Of Flying Daggers واحد من تلك الافلام النادرة جدا في السينما اليوم  التي نخرج منها محصنين بالجمال والسحر، وسكرانين بالعظمة الفنيّة التي ستخدر حواسنا كلها. شريط يمزج الفنون كلها في تحفة مشهدية يوازي كل مشهد منها لوحة لأشهر الرسامين  مثل " مونيه" المهووس بالاضاءة وتغيّراتها، وقصيدة من الحنين والمشاعر، وموسيقى تنساب على ايقاع حفيف اوراق الشجر وتمايل الهواء وتبدّل المواسم وجنون العاطفة، ورقصة كوريغرافية للحب والحرب، واغنية كلماتها مزيج من تقاليد وبراءة وشغف يقلب الثلج ناراً، واداء مبهر لثلاثي مدهش سيذكرنا بالحب التراجيدي الذي يعيشه أبطال روايات  "كورناي".

هذا الحب، ورغم ضعف القصة نسبيا مقارنة بكل مقومات القوة التي ذكرناها، هو ايضا ما يميّز الفيلم  لانه سيحل في المقام الاول قبل التقاليد والواجب التي انتصرت دائما في الافلام الصينية. انه الحب الذي سيدفع العاشقين الى التضحية حتى بحياتهم في سبيل عيشه لثوان معدودة.

انه حب سينشأ عام 859 بين ضابط تابع للنظام الفاسد وبين احدى الثائرات التابعة لحركة الخناجر الطائرة. عندما تقع ماي (زانغ زييه)المناضلة  العمياء والساحرة الجمال في قبضة السلطة، يقرر الضابط ليو (اندي لو) رسم خطة للوصول الى القائد السري لحركة الخناجر الطائرة . وهكذا يرسل زميله الضابط  جين(تاكيشي كانيشيرو) لينقذها من السجن والادعاء امامها انه مغامر، علها توصله الى قائدها الغامض. رحلة هرب ومطاردات، رحلة هرين وفأر او هر وفأرين  وهويات مقنّعة وعمياء تبصر وحب اعمى وحده يحررنا ويحملنا كالريح الى اماكن اخرى.

جميل جدا هذا الفيلم و مؤثر جدا. ملحمة بطولية تشبه "اوركسترا"يديرها زانغ ييمو بتحكّم مثالي وتداخل ممتاز لآلاتها التي تعزف على اوتار الابهار والنشوة الحسّية. قصة تقليدية اعدّها ييمو بكل مقومات الملاحم  الشعريّة والشاعرية والتراجيدية الواقعية الناجحة شكلا ومضمونا وتقنيات . بدءاً من

موسيقى رائعة ورقصات فولكلورية وديكورات وازياء ساحرة، ومشاهد قتالية تشبه الرقص بالسيوف والقوس والنشاب والعصي، وتلاعب بوتيرة المشاعر المغلفة حينا بخفر البراءة واحيانا اخرى ببراكين الشغف وجموح الريح، وانتهاء بقولبة للضوء و الالوان والطبيعة والفصول لتصبح بطلا رئيسيا في الفيلم العابق بالقصائد المغلفة بالحنين والحب والكراهية  والواجب والشرف وجمالية الحركة والمواقف والكلمات والممثلين . اللافت ايضا هذه الرقة لدى ييمو في تقديم المشاهد التي ترتكز على الحركة الجسدية، بكثير من الاغراء الراقي والجميل، مستخدما عنصري السحر والرمزية في الالوان.

بدوره هذا التوازن المؤثر بين مشاهد الحركة وقصة الحب التراجيدية المجسدة من خلال ثلاثة ممثلين مدهشين في ادائهم وتفاعلهم وجاذبيتهم وسحرهم. نحن لن نملّ مطلقا مشاهدة جمال زانغ زييه و جاذبية اندي لو و تاكيشي كانيشيرو الذين سيحملوننا الى قمة المشاعر والشغف.

House Of Flying Daggers رائعة صينية عالمية جديدة لمحبي هذه الاجواء الساحرة والراقية، ابتداء من الخميس 12 كانون الثاني الجاري في صالات بلانيت.

دليل النهار اللبنانية في 13 يناير 2006

 

سينماتك

 

الحقيقة السياسية في السينما

بقلم / سماح هدايا *

 

 

 

 

سينماتك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك