فيلمان يتقاطران وراء هذا الفيلم: «بدم بارد» الذي أخرجه ريتشارد بروكسسنة 1967 و «لقتل طائر مغرّد» الذي أخرجه روبرت موليغن عام 1962 (كلاهما بالأبيض والأسود). الأول مأخوذ عن رواية ترومان كابوتي (1984-1924) بالعنوان ذاته، المأخوذة بدورها عن أحداث حقيقية، والثاني مأخوذ عن رواية وضعتها نيل هاربر لي وتؤديها هنا كاثرين كينير التي كانت تربطها بكابوتي صداقة نظيفة كونه «لا تستهويه النساء». «كابوتي» – الفيلم يروي لنا الظروف التي وضع فيها الكاتب روايته «في دم بارد». في العام 1959 اقتحم رجلان منزلاً معزولاً في بلدة اسمها هولكمب في ولاية كانساس وقتلا كل من فيه بعد تكميمه وربطه بحبل ثم خرجا بغلّة لم تزد على 35 دولاراً. لفتت الجريمة الكاتب فوضع 300 كلمة عنها في مقالة سلّمها لمجلة «ذي نيويوركر» ثم قرر التوسّع في تحقيقه ووضع كتاباً عنها بعدما ألقت الشرطة القبض على الفاعلين بيري سميث وريتشارد دِك هيكوك. كابوتي - المؤلف قال عن نفسه إنه من وضع الرواية غير الخيالية وذلك يرد أيضاً في الفيلم في مشهد مبكّر. قد يبدو في الفيلم مجرّد ادعاء، لكن عدداً من المؤرخين يوافقون عليه، مشيرين الى أن عدداً من الروايات التي وضعها كابوتي كانت أشبه بكتابة التحقيقات الصحافية إنما بأسلوب روائي. وذلك واضح في روايته «في دم بارد» وتبعاً لذلك اختار المخرج ريتشارد بروكس أسلوب سرد سينمائي مواز لأسلوب كتابة كابوتي في فيلمه «في دم بارد». لكن الفيلم الذي نراه ليس بارداً وفي الوقت ذاته ليس ساخناً أيضاً. إنه فيلم هادئ جداً فيه تمثيل لامع يشبه في نفاذه نصلاً حاداً يعكس وميضاً مخيفاً هو تمثيل فيليب سايمور هوفمان. هدوء وسكينة مستوحيان من أحداث لا تعرف الإثارة، لكنها في الوقت عينه مثيرة بحد ذاتها بسبب نجاح معالجة تمعن في البحث عن وجه كابوتي الحقيقي والظروف التي عايشها حين قرر تأليف الكتاب والتي من أجلها تعرّف إلى القاتلين في زيارات متكررة خصوصاً لسميث (كليفتون كولينز) الذي أسرّ إليه بخفايا ومشاعر وأفكار وظّفها كابوتي لكتابه. سكون بارد وساخن، هادئ ومثير... ليس في الأمر تناقض بسبب معالجة المخرج بَنِت ميلر الجيدة والأداء الأكثر من جيّد من هوفمان. لكن بهذا القدر نفسه من التوازن المثير للإعجاب، هناك حقيقة أن الفيلم في الوقت الذي لا يتعاطى وحياة كابوتي الجنسية المثلية (نراه يتمشّى مع صديقه الكاتب جاك دانفي، كما يقوم به بروس غرينوولد، كما نراه يرمق رئيس الشرطة ألفن، كما يؤديه كريس كوبر، بنظرة إعجاب) لا يخفي رأيه بما فعله الكاتب لأجل إطلاق عمله بنجاح: لقد هيمن على سميث ودفعه للكشف عن معلوماته ومشاعره ولم يخبره حقيقة نيّته في استغلالها كمادة كتاب ثم كذب عليه حين أخبره أن الكتاب لم يُنجز في الوقت الذي كانت المطابع بدأت بطبعه. على أن استغلال كابوتي للسجين على هذا النحو تسبب في وقوع كابوتي في حال اضطراب نفسية يصوّرها الفيلم مختاراً، مرة أخرى، شكلاً ساكناً جداً لما يتفاعل في صدره. ليس هناك من حوار صارخ بينه وبين صديقته الروائية وكاتبة «مقتل طائر مغرد» نيل هاربر لي ولا أفعال ضاجة ومشاهد للصدمة. فقط مشاهد للكاتب وهو يعتزل بنفسه رافضاً الرد على الهاتف او مغادرة فراشه. تمثيل هوفمان في «كابوتي» أحد عناصر قوة الفيلم. هوفمان يجسّد الشخصية متكاملة من صوت وصورة ومشاعر وملامح عامّة. والإجادة ليست في ابتداع نتوءات في الحركة والسلوك. هذا سيكون سهلاً جداً بل ربما مريحاً لمشاهدين معتادين على أداءات تتّكل على الفرص المناسبة في مثل هذه الحال. يعمد هوفمان الى التجسيد بدءاً بالصوت ومروراً بطريـقـة الكلام واللهجة الجنوبية (ولد كابوتي في نيو أورليانز)، وانتـهاء بالقدرة على التناسب الكلي للشخصية المؤداة بحيث لا تخون الممثل اختياراته من التصرّفات والمسالك، بل تلتقي تحت بشرة قابلة للتصديق. حتى وإن لم يكن صوت كابوتي شبيهاً بصوت هوفمان، حتى وإن لم يكن شكله بمجمله شبيهاً بشكل هوفمان (هوفمان أطول قامة)، فإن الممثل وصل الى الدرجة التى يمكن معها التغاضي كلياً عن الفوارق. تصبح عديمة الأهمية. وهو لا يتحاشى أن يظهر منفعياً، أنانياً، غير مريح وباحث عن الأضواء بأي وسيلة. في عمق الفيلم والأداء، هناك تلك الشخصية التي تكذب لمصلحتها وتهيمن وتستغل الى أن تُصاب بردّ فعل مرحلي على رغم وطأتها. على ذلك، يمنح الممثل شخصية كابوتي ما يكفي للتعاطف معها وعدم الإعجاب بها في الوقت ذاته. هذا من أصعب الأدوار التي مرّت أمامنا هذا العام. ليس مجرد سيرة هوفمان هو الأكثر لمعاناً هنا، لكنه ليس الممثل الجيد الوحيد. تفاجئنا كينر مرة أخرى بمقوّماتها لاعبة دور الصديقة التي ساعدت كابوتي وساندته في أكثر مراحل تلك الحقبة حدّة. إنها تعكس شخصية إمرأة متواضعة لكن ملمة بالأمور في الوقت ذاته. تدرك ما لا تبوح به وتلحظ ما لا يحتاج منها الى تعليق. إخراجياً، هذا فيلم غاية واضحة. ليس مجرد سيرة من نوع حدث في التاريخ المحدد وعلى هذا النحو. بل هو سيرة من النوع الذي تقرأ في التداعيات والخلفيات وتختار من كل ظروف الفترة وأحداثها ما يكشف عن الكاتب في تلك الفترة تحديداً وما يعرّضه لضوء النقد ضمنها وبسببها فقط. ما ينجزه ميلر هو فيلم معالج بذكاء ملحوظ وبتفاصيل خاصة في كل لقطة. إنه على الأرجح أفضل فيلم سيرة عن كاتب أنجز في تاريخ هوليوود. يقف جنباً الى جنب مع بعض الأعمال الروسية في هذا المجال، كتلك التي صوّرت عن حياة تشيخوف او غوركي او تولستوي مع فوارق فنية تجعل «كابوتي» في الوقت ذاته أقل ثقلاً و «أدبية» من تلك الأفلام المعنية. الحياة اللبنانية في 13 يناير 2006
أسبوع السينما الأميركية في مكتبة الإسكندرية... أفلام ستانلي كيوبريك الأساسية وكتاب عنه في إطار برنامجه الفني لشهر كانون الثاني (يناير) الجاري، ينظم مركز الفنون في مكتبة الاسكندرية في مصر اسبوعاً سينمائياً بعنوان «السينما الأميركية: مخرج من اميركا: ستانلي كيوبريك» من 22 الى 29 منه ويتضمن البرنامج مجموعة من اشهر افلام كيوبريك مثل، «لوليتا»، و «د. سترانجلاف»، و «أوديسه الفضاء»، و «البريق»، و «سترة معدنية كاملة»، و «عيون مغلقة تماماً». كما يصاحب العروض السينمائية معرض صور ووثائق المخرج الاميركي. واعلن شريف محيي الدين مدير الفنون ان هذا البرنامج مهدى الى الناقد السوري محمد الاحمد رئيس تحرير سلسلة كتب «الفن السابع» لمناسبة صدور العدد مئة من أهم وافضل سلسلة كتب سينمائية تصدر باللغة العربية عن وزارة الثقافة السورية. واضاف ان المركز في هذا الاطار يقدم كتاباً حول المخرج كيوبريك يتناول حياته الشخصية، اضافة الى حياته العملية حيث يوضح الكتاب تفاصيل دقيقة عن الافلام المعروضة خلال الاسبوع السينمائي من حيث التأليف وطاقم العمل ونبذة عن كل فيلم. ويشير الكتاب في مستهله الى ان افلام كيوبريك تنقسم من حيث الانتاج الى مرحلتين الاولى هي المرحلة الاميركية التي بدأت عام 1953 واستمرت حتى عام 1960 (وتضمنت خمسة افلام روائية طويلة) والمرحلة البريطانية من عام 1961 حتى 1999 (وتضمنت 8 افلام روائية طويلة). ويذكر الكتاب ان كيوبريك ولد في الولايات المتحدة عام 1928، وبدأ حياته الفنية مصوراً فوتوغرافياً في مجلة «لوك» وهو في سن السابعة عشرة عام 1943، ثم انتقل للعيش في لندن هرباً من الظلامية السياسية الاميركية منذ 1961 حيث اخرج كل افلامه منذ ذلك الحين، وهي افلام بريطانية ما عدا فيلمه الاخير «عيون مغلقة تماماً» الاميركي – البريطاني. اما بالنسبة الى حياته الشخصية، فقد تزوج كيوبريك ثلاث مرات من توبا متيز عام 1948، وروث سوبتكا عام 1954، وسوزان هارلان عام 1958، والتي انجب منها ثلاث بنات: كاترينا، وآنيا، وفيفيان، وتوفي عام 1999. ينطلق الكتاب بعد ذلك للتعريف بالافلام التي تقدمها مكتبة الاسكندرية ومن بينها فيلم «لوليتا» الذي يجسد رواية الكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف الصادرة عام 1955، واثارت ضجة كبيرة في العالم عندما رفضها اربعة ناشرين اميركيون بسبب موضوعها عن العلاقة بين رجل في منتصف العمر وفتاة في الرابعة عشرة من عمرها، ولكن دار اولمبياد برس الفرنسية نشرتها، واعتبرها غراهام غرين من افضل عشر روايات صدرت عام 1955. ثم يستعرض الكتاب فيلم «د. سترا نجلاف» الذي يدور حول الحرب الباردة التي كانت قائمة بين المعسكرين السوفياتي والاميركي، والتهديد بحرب نووية يمكن ان تفني الارض ومن عليها. ثم فيلم «2001 اوديسة الفضاء» الذي يعد من اشهر افلام الخيال العلمي في السينما الاميركية على الاطلاق واعظمها. ومن بين الافلام التي يتناولها الكتاب فيلم «البرتقال الآلي» الذي يجسد رواية انتوني بارغس الصادرة عام 1962 وتدور احداثها في المستقبل في بريطانيا حيث العجائز الرجعيون والشباب الضائع الذي يستمتع بالعنف الى حد القتل المجاني. ويوضح الكتاب ان عنوان الرواية، وكذلك الفيلم، لا يمكن ترجمته لأنه عبارة تعني «الخاضع» في لغة الشباب الكودية والتي لم يعد لها علاقة باللغة الانكليزية. اما فيلم «باري ليندون» فهو عن اول روايات وليم ثاكري الذي يعتبر من اعلام الأدب في العصر الفيكتوري. ويدور حول باري ليندون الافاق الايرلندي الذي يروي مغامراته الشريرة وكأنها لا تنافي الاخلاق والقانون، حيث ان في عالمه المال هو الاهم والشرف كلمة غامضة. ويذكر الكتاب ان الفيلم صور بالكامل من دون اضاءة صناعية، وانما باضاءة لوحات القرن الثامن عشر التي كانت تستخدم قبل اكتشاف الكهرباء. ويستعرض الكتاب بالتفصيل ايضاً لفيلم «سترة معدنية كاملة» والذي يعد من اعظم الافلام التي تناولت حرب فيتنام لتدين الحرب عموماً باعتبارها اكبر تعبير عن الفشل الانساني. واخيراً هناك «عيون مغلقة تماماً» وهو آخر افلام كيوبريك الذي انتهى من مونتاجه قبل ايام قليلة من وفاته عام 1999، ويدور حول زوج وزوجة حيث يقدم الفيلم من خلال قصتهما رؤية شاملة لحال انسان القرن الجديد، وكأن الزوجين آدم وحواء زوجان من هذا العصر. الحياة اللبنانية في 13 يناير 2006 |
يعلن اعتزاله الكتابة التلفزيونية ويكتب فاضحاً «الصحافة الصفراء»... وحيد حامد: الملك فاروق كان وطنياً وفيلمي عنه يؤكد ذلك! القاهرة - حامد حماد يُعد الكاتب وحيد حامد حالة فريدة في ساحة السينما المصرية خلال القرن الاخير، ليس فقط لأن أعماله تثير جدلاً لجرأتها وصراحتها في تناول الواقع وما يعتريه من فساد، ولكن أيضاً لأنه يكاد يكون المؤلف الوحيد من بين أبناء جيله الذي لم ينسحب من الساحة، وظل صامداً في مواجهة تيار أفلام الكوميديا التي باتت مسيطرة في الأعوام الاخيرة بفعل ما تحققه من ايرادات مرتفعة وغير مسبوقة. بدأت رحلة حامد مع الابداع من الاذاعة مطلع سبعينات القرن الماضي حتى وصل رصيد ما كتبه الى نحو عشرين مسلسلاً وسباعية وخماسية، منها: «شياطين الليل» و «الفتى الذي عاد» و «العوم على رمال ساخنة» و «الشيطان يعود». بعد ذلك انتقل الى كتابة الدراما التلفزيونية وكان اول ما كتبه المسلسل الغنائي «أوراق الورد» بطولة المطربة وردة واخراج محمد شاكر وحقق عند عرضه نهاية السبعينات نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وتكرر الأمر مع مسلسله الثاني «أحلام الفتى الطائر» بطولة عادل امام واخراج محمد فاضل، لتتوالى بعد ذلك مسلسلاته التي وصل عددها الى ثمانية مسلسلات، منها: «العائلة» بطولة محمود مرسي وليلى علوي واخراج اسماعيل عبدالحافظ، وأحدث عند عرضه عام 1993 ضجة كبيرة تطرأ لجرأته في مناقشة قضية الإرهاب، وهي أيضاً الضجة ذاتها التي احدثها مسلسله «أوان الورد» بطولة يسرا واخراج سمير سيف عند عرضه عام 2000 بسبب تعرّضه لما يسمى الوحدة الوطنية في مصر. أما آخر مسلسلاته التلفزيونية فكان «الدم والنار» الذي عرض عام 2004. وإلى جانب الدراما الإذاعية والتلفزيونية كتب حامد خمس مسرحيات، أولها مسرحية «آه يا بلد» التي عرضت عام 1971 وآخرها «جحا يحكم المدينة» التي عرضت منتصف الثمانينات. واذا كانت ابداعات حامد تنوعت ما بين الدراما الاذاعية والتلفزيونية والمسرح الا ان السينما صارت منذ منتصف الثمانينات خياره الاول حتى وصل عدد الأفلام التي كتبها الى خمسة وثلاثين فيلماً يعد معظمها أعمال السينما المصرية ومنها «طائر الليل الحزين» و «التخشيبة» و «البريء» و «الراقصة والسياسي» و «اللعب مع الكبار»، «الإرهاب والكباب»، و «كشف المستور» و «طيور الظلام» و «اضحك الصورة تطلع حلوة» و «معالي الوزير». حفلت مسيرة حامد مع الإبداع بعدد من الجوائز والتكريمات آخرها تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الاخيرة التي أقيمت بداية كانون الاول (ديسمبر) الماضي كما يعرض له حالياً فيلم «دم الغزال» من بطولة يسرا، نور الشريف، منى زكي واخراج محمد ياسين. عن هذا الفيلم ومشاريعه المقبلة كان لـ «الحياة» هذا الحوار: · ما القضية الرئيسة التي أردت أن تطرحها من خلال فيلمك «دم الغزال» الذي يعرض حالياً؟ - قضية الارهاب، فسيناريو هذا الفيلم انتهيت من كتابته منذ ثلاثة أعوام ولكن المنتجين لم يتحمسوا لانتاجه بحجة انه يتناول قضية الإرهاب، وان الارهاب انتهى ولم يعد موجوداً، الا انني كنت على قناعة تامة بوجود ارهاب ثقافي وفكري في المجتمع سيولّد العنف من جديد وظل العمل مؤجلاً الى أن وجدت شركة الانتاج التي تحمست له ووافقت على مشاركتي في انتاجه. · ولجت قضية الارهاب في اكثر من عمل تلفزيوني وسينمائي من قبل فما الجديد الذي تطرحه في هذا الفيلم؟ - أتناول القضية من واقع المجتمع ومن خلال مجموعة من العلاقات المتشابكة بين شخصيات من طبقات اجتماعية مختلفة، باختصار أريد أن أقول إن الفقر والفساد يشكلان أرضية خصبة لنمو الارهاب. · ألا تعتقد بأن قضية الارهاب انتهت على الاقل في مصر؟ - لا اعتقد بأنها انتهت فهي تختفي لفترة ثم تظهر من جديد، واعتقد ان حوادث الارهاب التي وقعت منتصف العام الماضي وتزامنت مع تصوير الفيلم تؤكد عمق رؤيتي التي لا تنحصر على الارهاب الذي يحدث في مصر فقط بل في عدد من الدول العربية والاجنبية. عمارة يعقوبيان · معظم أعمالك السينمائية التي كتبت لها السيناريو والحوار كانت من تأليفك أيضاً ما الذي دفعك لكتابة السيناريو والحوار لفيلم «عمارة يعقوبيان» وهي في الاساس عمل ادبي من تأليف غيرك؟ - عندما قرأت رواية «عمارة يعقوبيان» أعجبتني جداً، فقرأتها مرة ثانية فازداد اعجابي بها اكثر، ما دفعني الى الاتصال بمؤلفها وعرضت عليه شراءها لانتاجها في فيلم سينمائي فوافق، وعندما بدأت اتخاذ الخطوات العملية لانتاجها وجدت ان المشروع يحتاج الى انتاج ضخم لا تتوافر لدي الامكانات المادية له، فانتظرت الى أن طلب مني عماد أديب انتاجها من خلال شركة «جود نيوز» فوافقت. أما عن احداث الفيلم فهي تدور من خلال نماذج متباينة ومختلفة من البشر يجمعهم السكن داخل عمارة واحدة هي عمارة يعقوبيان التي تقع في وسط القاهرة ومن خلالهم ترصد التحولات التي مرّ بها المجتمع المصري خلال السنوات الاخيرة. · شهد هذا الفيلم التعاون الأول بينك كسيناريست وبين ابنك مروان كمخرج، كما انه يعد التجربة الاولى له في اخراج الافلام الروائية الطويلة، فماذا عن هذه التجربة شديدة الخصوصية؟ - بالنسبة الى تجربتي مع مروان كمخرج أذكر أنه حدثت بيننا قبل التصوير بعض الخلافات في وجهات النظر ولكننا تغلبنا عليها. وهي خلافات اعتدت عليها مع معظم المخرجين الذين تعاملوا مع أفلامي. فأنا في تعاملي مع المخرجين استمع الى ملاحظاتهم حول السيناريو والحوار واتناقش معهم، وفي النهاية نصل الى الشكل الذي يرضي كلاً منا بالاقتناع. أما عن مروان كمخرج فلديه طاقة وموهبة فنية عالية ويمتلك أدواته. ونالت معظم افلامه القصيرة التي اخرجها عدداً من الجوائز داخل مصر وخارجها وآخرها الفيلم القصير «لي لي» قصة الاديب الكبير يوسف ادريس. وهو في فيلم «عمارة يعقوبيان» استطاع السيطرة على الفنانين الذين يشاركون في الفيلم وتوجيهه ليخرج منهم أفضل ما لديهم من اداء بما يخدم العمل ككل، وهو ما سيتأكد منه الجميع عند مشاهدة الفيلم خلال عرضه قريباً. والفيلم تشارك في بطولته نخبة من كبار الفنانين منهم عادل إمام ونور الشريف ويسرا ومعهم أحمد بدير وسمية الخشاب وهند صبري واسعاد يونس وخالد صالح. · بعيداً من الفيلمين السابقين، ماذا عن أعمالك الجديدة في الفترة المقبلة؟ - لدي ثلاثة سيناريوات افلام سينمائية جاهزة للتصوير خلال الفترة المقبلة وكلها تحمل أسماء موقتة، ربما يتم تغيير بعضها عند بداية التصوير، منها فيلم بعنوان «بدون ذكر اسماء» وانتهيت من كتابته منذ نحو عامين وعرضته على الرقابة فطالبت بحذف بعض المشاهد والجمل الحوارية ولكنني رفضت. وعرضته على لجنة التظلمات التي وافقت على تصويره من دون أي حذوفات. وتدور أحداثه داخل كواليس «الصحافة الصفراء» من خلال مصور صحافي شاب يكتشف انه اداة لبعض المنتفعين من ارباب صحافة الفضائح ورجال الاعمال الفاسدين فيقرر ترك المهنة. أما سيناريو الفيلم الثاني الجاهز للتصوير فهو بعنوان «فاروق الاول والاخير» ويتناول قصة حياة الملك فاروق آخر ملوك مصر من توليه العرش وحتى وفاته. · شخصية الملك فاروق من الشخصيات المثيرة للجدل وتناولها عدد من الاعمال الفنية بشكل يسيء إليها، فكيف ستتناولها في فيلمك؟ وهل أثار بعض المشكلات مع الرقابة؟ - اعتمدت في كتابة السيناريو على وثائق وحقائق تختلف تماماً عما هو شائع عن الملك فاروق ومن خلال هذه الوثائق والحقائق تعاملت مع الشخصية بأسلوب محايد سيصحح بعض الصور السلبية التي التصقت به، فالملك فاروق كان وطنياً وما يؤخذ عليه من سلبيات كان سببها المحيطون به داخل القصر سواء ممن كانوا يعاونونه في ادارة شؤون الحكم او بعض افراد الاسرة، فقد عانى كثيراً بسبب خيانة الجميع له وهو ما اكتشفته من خلال المعلومات التي جمعتها والتزمت بها في السيناريو، ومن الحقائق التي سيؤكدها الفيلم وتنفي ما كان شائعاً عنه انه لم يكن «زير نساء» لانه باختصار وكما هو ثابت طبياً عنه كان يعاني من عجز شديد. أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال، لم تحدث أي اعتراضات رقابية على الفيلم وصُرّح بتصويره وينتظر ان يبدأ خلال الشهور المقبلة، وسيخرجه سمير سيف، ونعكف حالياً على اختيار الممثلين الذين سيشاركون في بطولته. · وماذا عن الفيلم الثالث الذي قلت إنك انتهيت من كتابته الى جانب الفيلمين السابقين ومن المنتظر أن يُصوّر قريباً؟ - هو فيلم بعنوان «الغاوي» واتفقت مع الفنان نور الشريف على القيام ببطولته. ويطرح ويناقش قضايا سياسية مهمة وحتى الآن لم استقر من يتولى إخراجه. · انتشرت في السينما المصرية ظاهرة «خياطي» السيناريوات الذين يفصلونها بحسب مقاس ومواصفات نجوم الشباك هل كتبت مثل هذه النوعية من السيناريوات من قبل؟ - «عمري ما كتبت» سيناريوات من هذا النوع ولن يحدث. فأنا عندما اكتب سيناريو اي عمل لا أحد يعرف ماذا أكتب ولا اعلن عن سيناريو كتبته الا بعد ان يخرج من الرقابة، بعدها أختار المخرج المناسب له ونجلس معاً لترشيح الفنانين الذين يشاركون في بطولته. · على رغم الجرأة الكبيرة التي تتميز بها أعمالك والتي تصل الى حد المباشرة في تناول القضايا الشائكة مثل الفساد وغيره إلا أن صدامك مع الرقابة كان نادراً، وهو يجعل البعض يصفك بأنك صاحب نفوذ؟ - نعم لي نفوذ ولكن هذا النفوذ هو انني أكون دائماً على حق وصواب وصاحب قضية، كما انني تعودت ألا أقدم تنازلات وهذا مهم جداً لأن خصمي لو تأكد بأنني لن اتنازل سيعطيني حقي كاملاً وبسهولة. هذا هو نفوذي الذي يتحدث عنه البعض، ومع هذا فأنا أكثر مؤلف تم الاعتراض على أفلامه رقابياً مما ادخلني في معارك مع الرقابة في عدد من الافلام، ومنها: «البريء» و «الغول» و «طيور الظلام» و «التخشيبة» و «كشف المستور» و «النوم في العسل» واخيراً سيناريو فيلم «بدون ذكر اسماء» الذي رفضته الرقابة ووافقت عليه لجنة التظلمات. · وماذا عن جديدك في الدراما التلفزيونية خصوصاً أن آخر مسلسلاتك «الدم والنار» حقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً عند عرضه في رمضان قبل الماضي؟ - ليس عندي جديد في هذا المجال بل انني اعلنها لك وللمرة الأولى انني اعتزلت كتابة الدراما التلفزيونية وان «الدم والنار» هو آخر مسلسلاتي. فقد اصبحت المسلسلات التلفزيونية تعتمد على اسم النجم الذي يجلب أكبر قدر من الاعلانات ولا يهم بعد ذلك اي شيء سواء جودة النص او الاخراج او حتى الانتاج خصوصاً بعد ان أصبح أجر النجم يلتهم نحو نصف موازنة العمل، بينما النصف الثاني يتم الانفاق منه على اجر بقية الممثلين والمؤلف والمخرج والفنيين والتصوير وبقية تكاليف الانتاج. الحياة اللبنانية في 13 يناير 2006 |
الشاشة تحتفل بترومان كابوتي وممثله...
هوليوود - محمد رضا |