"ليلة سقوط بغداد".. عندما تبدع الكوميديا سعيد أبو معلا** |
ليلة سقوط بغداد... ضوء باهر في نفق مظلم القاهرة - ماجدة محيي الدين: أثار الفيلم السينمائي المصري ''ليلة سقوط بغداد'' حالة من التفاعل والجدل بين جمهور مهرجان القاهرة السينمائي الدولي التاسع والعشرين، واحتفى به النقاد والفنانون الذين حرص عدد كبير منهم على مشاهدة الفيلم والمشاركة في الندوة التي أقيمت عقب عرضه· ''ليلة سقوط بغداد'' تأليف واخراج محمد أمين في عمله السينمائي الثاني بعد ''فيلم ثقافي'' الذي قدمه قبل أربع سنوات· والفيلم بطولة أحمد عيد وبسمة وحسن حسني وهالة فاخر ونبيل الهجرسي ويوسف داود واحسان القلعاوي وسليمان عيد وعدد من الوجوه الشابة وكان أحد الأفلام المرشحة لجائزة أحسن فيلم عربي· أبدى الناقد والسيناريست رفيق الصبان الذي أدار الندوة ندمه لقيامه بمهمة إدارتها لأن ذلك يتطلب منه ان يتخذ موقفا محايدا من الفيلم· وقال: كنت أتمنى ان أكون ضمن الجمهور لأعبر عن رأيي في الفيلم بكل صراحة، وفيلم ''ليلة سقوط بغداد'' قفزة كبيرة جدا لمخرجه ومؤلفه محمد أمين بعد اربع سنوات من فيلمه الأول ''فيلم ثقافي'' الذي كان بداية مبشرة كسيناريست ومخرج لطرافة موضوعه وذكائه في التناول· واضاف الصبان ان اهم ما يميز ''ليلة سقوط بغداد'' ان محمد أمين كسيناريست استطاع ان ينتقل من الهموم الفردية الى الهم العام· واستطاع الممثل احمد عيد من خلال هذا الفيلم ان يحتل مكانة في الصفوف الاولى للنجوم والفيلم يعتبر بطولة حقيقية له ويستطيع بعده ان يتحمل عبء بطولة اي فيلم سينمائي ونأمل ان ينتقي أدواره القادمة على نفس المستوى· وتوقع رفيق الصبان ان يثير الفيلم جدلا كبيرا عند عرضه جماهيريا لما تضمنه من موضوعات وقضايا مشيرا الى ان المخرج اختار ان يطرح موضوعه من خلال الفانتازيا وهي وسيلة يلجأ لها السينمائيون لتعبر عن القهر· وتضامن الصبان مع جمهور الندوة في مطالبة الرقابة بعرض الفيلم كاملا حتى لا يتعرض للتشويه· الفنان صلاح السعدني كان من اكثر المتحمسين للفيلم وقال: انه لا يعرف السيناريست والمخرج محمد أمين بشكل شخصي لكنه أعجب به بعد مشاهدة فيلمه الاول ''فيلم ثقافي'' حيث كان احد اعضاء لجنة تحكيم المهرجان القومي للسينما المصرية التي شاهدت الفيلم· واضاف انه يعتبر محمد امين احد الساخرين العظام ويستحق ان نحتفي به ويجب إعطاء مساحة من الحرية لمثل هذا المخرج ليبدع افلاما تمتع الجمهور واتمنى ان يجد شاب مثل محمد أمين اقتصاديا مصريا عظيما مثل طلعت حرب يستثمره بانتاج افلام لها قيمة حقيقية وتضيف الى تاريخ السينما المصرية· فلقد تأثرت بما تضمنه الفيلم من عناصر سينمائية غاية في الروعة ومنها مشهد الجرافيك الذي يصور مباني القاهرة وهي مدمرة· وقالت الاديبة السورية هدى الزين ان الفيلم استعرض الحال المؤلم لنا جميعا كعرب ولمس عندي كمواطنة سورية وجعا حقيقيا بسبب التهديدات التي اصبحت هاجسا يطارد كل الشعوب العربية وحمل رسالة تضمنت وصفا للحظات التي عاشتها الشعوب العربية لحظة سقوط بغداد· وأشادت بأداء الفنانة بسمة التي ذكرتها بنفسها وبالمظاهرات التي شاركت فيها في فرنسا لحظة تهديد القوات الاميركية للعراق· وتساءلت عن امكانية السماح بعرض الفيلم في الغرب والضغوط التي يمكن ان يتعرض لها حتى لا تصل رسالته الى شعوب العالم· اما الناقدة والصحفية فريدة الشوباشي فقالت: الفيلم تطرق لقضية شديدة الاهمية هي المخاوف التي تلاحق الشعوب العربية من الوجود الاجنبي في المنطقة بأسلوب اكثر من رائع واجاب على العديد من التساؤلات التي تشغلنا بالفعل، ولم يترك شيئا إلا وطرحه بما في ذلك تفاصيل الاحساس بالاحباط والانكسار ورغم ذلك فإن الفيلم بعيد عن النظرة التشاؤمية ومليء بالامل الذي يحفزنا على التغلب على مشاعر الاحباط التي يحاول البعض تصديرها لنا· وأكد المخرج الفلسطيني هاني ابواسعد صاحب فيلم ''الجنة الآن'' ان اي كلام لا يفي فيلم ''ليلة سقوط بغداد'' حقه وهنأ مخرجه قائلا: لقد تفوقت على مايكل مور واعتبر فيلم ''ليلة سقوط بغداد'' اهم واجمل من فيلم مور ''فهرنهايت 9 -''11 قرون استشعار وقال السيناريست والمخرج محمد أمين: لا بد أن يكون لدينا قرون لاستشعار الخطر عن بُعد ومصر بنظامها السياسي المعتدل استطاعت أن تجتاز الكثير من الأخطار وقادرة على ان تعبر أخطارا اخرى ولكن السؤال الذي يطرحه الفيلم ماذا لو وضعتنا البلطجة الدولية امام خيار وحيد؟ وأوضح انه تحمس لكتابة الفيلم بعد أن شاهد مع الملايين ليلة سقوط بغداد وكان لها اثر عميق في نفسه كما احدثت شرخا في نفس كل عربي، ولذلك ترك مشروع فيلم سينمائي عاطفي كان يكتبه ويدور حول تعليم الشباب كيف يحب ليجد نفسه منساقا لكتابة فيلم يحمل كل هواجسه وهواجس من حوله· وأكد أن أهم شيء كان يريد تأكيده في الفيلم هو الاهتمام بالعلم لان الذي يحمي اي امة في مواجهة الخطر هم علماؤها ونوابغها، والعلماء يتم سحقهم ولا يجدون من يقف معهم، والدليل ان د· احمد زويل العالم المصري صاحب نوبل فشل في اقامة جامعة علمية في بلده وذهب لتنفيذ حلمه في قطر· وقال: أنا مؤمن بأن لدينا عشرات العقول القادرة على الابتكار واختراع اسلحة ردع يمكن ان تواجه اي قوة في العالم مؤكدا ان فكرة التفوق الاميركي ما هي إلا اكذوبة· واشاد محمد أمين بالرقابة وقال انها لم ترفض الفيلم وابدت بعض الملاحظات التي تمت معالجتها في المونتاج وانه يأمل عرضه بلا حذف· وعن استخدامه للجنس كرمز للقهر قال انه يعلم ان الكل ينظر للجنس على انه رمز للحرية ولكن استخدامه كدلالة للقهر مفردات فرضها الاخر عندما تعمد تسريب صور الاعتداء الجنسي على العراقيين كنوع من القهر وتحطيم الروح المعنوية لانهم يعلمون اننا في الشرق نرفض هذه الممارسات ونعتبر ''العرض'' أسمى الاشياء فحرصوا على ان يدوسوه وأنه حاول ان يكون الفيلم رسالة اعتذار لفتاة عراقية شاهد صورتها على صدر احدى الصحف وهي تغتصب من قبل جنود اميركيين· الفنان أحمد عيد بطل الفيلم أكد سعادته بعرض الفيلم من خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وانه اكثر سعادة برد فعل الحاضرين مشيرا الى انه تفرغ عامين لتصوير الفيلم فقد كان يلازم صديقه محمد امين اثناء الاعداد والكتابة والتجهيز وكان ينتظر تقديم عمل جيد له قيمة ولست ضد الافلام التجارية التي تضمن استمرار صناعة السينما ولكن لا بد ان تكون الى جانبها افلام ذات قيمة حقيقية· وعن ظاهرة عدم وجود افلام مصرية تصلح للمشاركة في مسابقة المهرجان قال: هذا يدل على اننا نواجه مأزقا يهدد صناعة السينما·وحول ظهوره في اكثر من فيلم وهو يتعاطى المخدرات قال: لا أدخن في حياتي العادية ولا اتعاطى المخدرات اطلاقا ولكني امام الكاميرا أجسد ادوارا وشخصيات موجودة في السيناريو· وقالت الفنانة بسمة بطلة الفيلم: اتمنى ان يعرض الفيلم في الخارج وانا سعيدة لمشاركتي فيه والدور ينادي صاحبه، في اشارة حيث لم تكن المرشحة الاولى لبطولة الفيلم· واضافت: ''ليلة سقوط بغداد'' بداية وقفة ضد الاعتداء على الوطن ولو حدث ما تخيله مؤلف الفيلم فسأكون مثل ''سلمى'' وسوف أخرج للدفاع عن الوطن· ويتناول الفيلم حالة الصدمة التي اصابت الشارع المصري عقب سقوط بغداد من خلال اسرة مصرية كانت تتابع الاحداث ليلة اجتياح القوات الاميركية وحلفائها للعراق، وتدور الاحداث في اطار فانتازي كوميدي ساخر حيث تطارد الاب حسن حسني هواجس ومخاوف من دخول قوات المارينز الاميركية القاهرة، وتلاحقه الكوابيس ويتخيل أفراد اسرته يتعرضون لنفس الممارسات التي قام بها الجنود الاميركيون في العراق ويرى جيرانه والمدرسين والطلبة في المدرسة التي يعمل ناظرا لها وقد وضعوا جميعا في سجن ابوغريب· وبعد كثير من المعاناة يقوده تفكيره الى ان النجاة لن تكون إلا على يد احد العلماء المصريين الذي يمكن بذكائه وعبقريته ان يخترع سلاح ردع يحمي به القاهرة من اي هجوم أو اعتداء ويتذكر احد تلاميذه المتفوقين الفنان احمد عيد ويبحث عنه ليجده قد تخرج في كلية العلوم وكان أول دفعته وعندما يعثر عليه يجده شابا ضائعا فاقدا للوعي وأدمن المخدرات بعد ان أصابه اليأس من الحصول على فرصة عمل رغم تفوقه العلمي، ويقرر ان يوفر له كل الامكانيات حتى يخترع سلاح ردع ويتوصل الشاب الى ابتكار جهاز يصدر ذبذبات تغطي سماء القاهرة وتمنع وصول الصواريخ أو الطائرات ويفجر اي جسم يحاول اختراق المجال الجوي، ولكن المخابرات الاميركية تحاول شراء هذا الشاب وتؤكد له انه لن يجد فرصة للنجاح في بلده وان الولايات المتحدة هي فقط المكان اللائق بالعقول النابغة· الإتحاد الإماراتية في 18 ديسمبر 2005 لحظة فارقة في تاريخ العرب الحديث ليلة سقوط بغداد: فيلم ساخر يسأل من التالي بعد العراق؟ المخرج المصري الشاب محمد أمين يقدم رؤيته للشباب العربي وكيفية تعاطيه مع للواقع بعد احتلال العراق القاهرة - من هدى ابراهيم في فيلمه "ليلة سقوط بغداد" المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التاسع والعشرين يقدم المخرج المصري الشاب محمد امين رؤيته التي توازي رؤية الشباب للواقع الذي يعيشونه وكيفية التعاطي معه منذ شاهدوا احتلال العاصمة العراقية. والفيلم يثير بصوت عال ما تختلج به نفوس وعواطف الشباب العربي حيال واقعه ولا يكف عن طرح سؤال: ماذا يكون مصيرنا لو كنا مكان العراقي الذي يضرب ويعذب وتغتصب بناته ومن سيكون البلد التالي بعد العراق؟ وقد صفق الجمهور الذي تشكل في معظمه من الشباب خلال عرض الفيلم مساء الخميس في القاهرة مع كل عبارة تبوح بالمشاعر التي يكنونها هم انفسهم حيال ما يجري في العراق مواكبين احداث الفيلم بالتعقيب والتصفيق والضحك رغم ان نظرة المخرج لم تكن لتخلو من التشاؤمية حيال الاوضاع العربية. ويروي الفيلم قصة عائلة تحلقت مثل آلاف العائلات العربية حول شاشات التلفزيون لتتتبع دخول الاميركيين الى بغداد ما اشاع حزنا عميقا في نفس العائلة وربها ناظر المدرسة الذي يؤدي دوره الفنان حسن حسني. ويتم اسباغ نفس ساخر وكوميدي متلاحق على مشاهد الفيلم التي هي عبارة عن متواليات توجد المشاكل لتوجد لها وبشكل سريع الحلول الواجبة ما سيضمن للفيلم عند خروجه الى الصالات المصرية نجاحا شعبيا مضمونا. ويعيش الناظر احلاما وكوابيس كلها على علاقة بالموضوع وهذه الكوابيس تؤرق بدورها الشاب طارق الذكي الذي يلتجىء الى فضاء حشيشة الكيف هربا من بطالته المستديمة بعد تخرجه من الجامعة رغم تفوقه. ويستجيب طارق لفكرة الناظر الذي يرتأي ان يتبنى هذا التلميذ القديم والمتفوق حتى يتمكن من اختراع سلاح ردع شامل للدفاع عن مصر في حال تعرضت لهجوم اميركي. تتسلسل الاحداث ويقدم الناظر بطارق الى بيته ويزوده بنفسه بالحشيشة ويزوجه من ابنته سعيا لانقاذ مصر وكي "يتحقق عاطفيا" حتى لا يستهلك رأسه في التفكير بامراة لا وجود لها. غير ان الكوابيس التي يعاني منها الناظر تتسرب الى رأس الشاب الذي يحلم بانه يضاجع وزيرة الخارجية الاميركية التي تلاحقه وترقص له الرقص الشرقي. ويكون من عواقب ذلك ان يصاب طارق بعجز جنسي مؤقت نتيجة الاحباطات السياسية العامة وما يراه باستمرار في الصحف او على شاشات التلفزيون. وحين تخطر للزوجة الشابة التي تؤدي دورها الفنانة سميرة فكرة ارتداء زي مجندة اميركية يتغير الوضع ليس بينه وبينها بل بالنسبة للناظر وزوجته وكل البناية التي تكتشف اللعبة وتنفذها انتقاما من الاميركيين ومن عجزها. هذه التعميمات والانسحابات وايضا الايماءات التي يحفل بها الفيلم تبدو مكررة احيانا ما يفقد الفيلم بعضا من زخمه الكوميدي. ولا يخلو الفيلم من شيء من الخيال العلمي الذي يتجسد بما يصنعه طارق سعيا لخلق الشبكة الدفاعية ومنعا للضربات الجوية في حال كان البلد القادم هو مصر وسرعان ما يدخل الحي في هذه المغامرة التي تتبعها اجهزة المخابرات الاميركية وتحاول قبل نجاحها ان تشتري مصمميها وما صمموه. النهج الساخر للفيلم الذي يتناول مشاكل البطالة والقمع الجنسي لدى الشباب لا يسلم منه رجال السياسة. فاذا كانت كوندوليزا رايس تسكن احلام الشاب ككابوس تبدو الطبقة السياسية كلها متهمة في العالم العربي فهي مكونة من "السفهاء والا لما احتفظ بها الاميركيون" يقول الفيلم. سؤال من هي الدولة التالية التي ستستهدف هو الهاجس الذي يحرك الفيلم ويعيد ادارة عجلته كلما اقتربت من التوقف فالمخترع في مصر لم تأخذه حكومته على عاتقها ولم تهتم بما اخترعه لتدافع عن نفسها. اما رجال الاعمال فلم يكونوا افضل حالا من الدولة فهم مهتمون اكثر بالهواتف النقالة والتلفزيونات والصحون. بطلب من الاميركيين الذين لاحقوا المخترع وعمه يتم ادخالهما الى مستشفى المجانين تماما كما في المشهد الذي كان فيه عملاء السي آي ايه يؤمون الصلاة في احد مساجد القاهرة. ويبدي المخرج محمد امين براعة في ادارة الممثلين الجدد من مثل سميرة "ام النضال" كما تسميها جدتها وايضا شخصية طارق الذي يؤدي دوره ببراعة الممثل احمد عيد، وهم ادوا الى جانب الممثلين الآخرين واجب السعي لتحقيق الحلم المخلص. انه حلم ايجاد نظام ردع دفاعي يتحقق ولا ينجز لان تقصير اجيال باكملها لا يمكن ان يعوضه جيل واحد كما يفهم طارق عمه و"لان الآخرين سبقونا باجيال" في كوابيس الناظر يدخل الاميركيون الى القاهرة التي تشتعل ويحاول الشباب وسكان الحي ردعهم فكأن بغداد هي القاهرة وكأن الأميركيين حين دخلوا اليها احتلوا احلام العرب جميعا. هذه اللهجة الجريئة والحرة والتي اعجبت الشباب خلال العرض اعتبر بعض النقاد المصريين ان بعض عباراتها سيخفف او يحذف من قبل الرقابة قبل خروج "ليلة سقوط بغداد" الى الصالات في مصر. موقع "ميدل إيست أنلاين" في 9 ديسمبر 2005
|