جديد الموقع

كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما.. كتبوا في السينما

من أفلام مهرجان القاهرة السينمائي

في «دنيا».. قضايا شائكة ومحطات تميز وحنان تبكي ومنير يرفض ختان العقول

كتب عماد النويري

 

سينماتك

سينماتك

 

 

 

 

 

 

فيلمها الجديد «دنيا» يثير العواصف بين مهرجان القاهرة ومهرجان دبي...

جوسلين صعب: هل هناك حميمية أكثر من الحياة والموت؟

دبي - فيكي حبيب

جوسلين صعب مشاكسة دائمة. من يتأمل حجمها الصغير ولطفها في الحديث ولكنتها الضائعة، لا يمكنه أن يتخيل مدى مشاكستها. لكنها ما إن تبدأ الكلام حول السينما أو حول قصة ما حتى تنفجر.

منذ صفعة بيار الجميل الشهيرة التي يروى ان شيخ الكتائب صفعها إياها مطلع الحرب اللبنانية حين قصدته وراحت تتهمه بالطائفية وتستجوبه كصحافية. حتى «الصفعة» الغريبة التي وجهها إليها بعض الجمهور المصري إثر عرض فيلمها الاخير «دنيا» في القاهرة، تعرف جوسلين أن هذا قدرها. ولا تتوقف عن خوض القضايا الشائكة.

جوسلين صعب، الصحافية قبل ان تكون سينمائية، لها رأي في ما يحدث في لبنان وفي العالم العربي. وهي بعد أن عبرت عن آرائها طويلاً في ميدان الصحافة المكتوبة، امتشقت الكاميرا وأكملت طريقها، في لبنان... وفي مناطق عربية عدة وصولاً الى ... سايغون، حيث كانت ولا تزال المخرجة العربية الوحيدة التي حققت فيلماً هناك.

حب وطائفية

ولكن، حتى في السينما، ظلت جوسلين محافظة على مسألة «الرأي من طريق الإبداع». وحتى في فيلمها الروائي الطويل الأول «غزل البنات» الذي يبدو للوهلة الاولى بعيداً من هذا المنحى، عرفت كيف توظف جزءاً من سيرتها كصبية مسيحية عاشت طفولتها في بيئة إسلامية، لتقول ولو على خلفية حكاية حب، رأيها في المسألة الطائفية.

والآن... ها هـي في فـيلمها الأخيـر تغـوص فـي الرمال المتـحركة لمسـألة شديدة الخطورة في بعض انحاء العالم الإسلامـي: مسـألة ختان الإناث.

والحقيقة ان العواصف كانت هبت في وجه جوسلين، سنوات قبل، حتى البدء في تصوير الفيلم. عورض في مصر، منذ برزت فكرته... وحورب قبل ان يعرف أحد شيئاً عنه. ولولا دعم المصريـة الاولى السيـدة سوزان مبارك ما كان في وسع الفيلم أن يرى النور.

اليوم أبصر الفيلم النور وعرض في مهرجان القاهرة حيث لم يجد يداً واحدة تصفق له في مقابل جمهور ساخط لم يتوان عن شتم الفيلم وصاحبته واتهامها بصفات لا تخطر على بال أي متفرج موضوعي. اتهامها، أولاً، بالإساءة الى سمعة مصر من خلال «تشويه» صورة هذا البلد، بالإكثار من مشاهد الشوارع القذرة، «في الوقت الذي تغاضت فيه المخرجة عن تصوير الأماكن الأثرية والأحياء الفخمة والشوارع النظيفة». وكأن السينما، بالنسبة الى هؤلاء، كل همها هو السياحة والترويج للبلد.

واتهامها، ثانياً، بالتعدي على خصوصية مصرية (الختان)، «لا تشكل أي مشكلة بالنسبة الينا»، في الوقت الذي تكثر جهود الدولة للحدّ من هذه الظاهرة.

كل هذه التناقضات وسوء الفهم رافقت الفيلم منذ عرضه الاول في القاهرة (وحتى قبل العرض) وصولاً الى عرضه الثاني في دبي ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي.

لكن في دبي، لم تواجه جوسلين صعب ما واجهته في القاهرة. هناك رحّب كثيرون بالفيلم وبجرأة موضوعه الذي يتطرق الى مشكلة «لا يجوز السكوت عنها بعد الآن» كما تقول... من دون ان تسلم من بعض الانتقادات، خصوصاً تلك التي جاءت على لسان بعض المصريين من الذين اشتعل في داخلهم عنفوانهم الوطني ضد «غريبة» أرادت أن تدخل في امور لا تعنيها.

والمؤسف في الامر كله أن هؤلاء - وكانوا قلة في دبي على أية حال - لم يتحملوا إدعاء تلك «الغريبة» أنها ارادت أن تساهم في الحدّ من مظاهر الجهل في عالمنا العربي من خلال فيلم سينمائي عانت الأمرين لإنجازه وخمس سنوات من التعب والشقاء، إضافة الى تكلفة وصلت الى مليون و300 ألف يورو. فماذا عن هذا العمل؟

«دنيا»، في الحقيقة، فيلم عن الحب والحرية اكثر مما هو عن ختان المرأة في مصر» تقول جوسلين صعب عن هذا العمل الذي يلاحق خطوات دنيا التي يحمل الفيلم اسمها (حنان ترك)، فيدخلنا في عالمها: المتاهة التي تعيشها، القلق، غياب الثقة بالنفس... باختصار ضياع هذه الفتاة في بحر من الشكوك. الشك بالذات. الشك بالآخر. الشك بالمكان.

الحب والحرية

هي شخصية مضطربة لا تعرف ماذا تريد. تتقدم الى مسابقة للشعر من دون أن تمتلك أدنى الأحاسيس. تتجه للرقص لأن والدتها كانت «رقاصة». تتزوج من دون أن تعرف معنى الحب...

تبدأ مشوار التحرر مع أستاذ الشعر (محمد منير) الذي تكنّ له مشاعر لا تدري ماهيتها، ثم أستاذ الرقص، الذي يضعها على الطريق الصحيح وصولاً الى المصالحة الكبرى مع الذات حين تهجر الزوج وتتحد مع الاستاذ. حب يصالح الروح والجسد. الروح المقهورة. والجسد المكبوت. الأمر الذي نكتشفه شيئاً فشيئاً في سياق الفيلم، فنفهم مشكلة الفتاة والختان التي عقّدت حياتها وحياة كثيرات من امثالها: سائقة التاكسي المتمردة على تقاليد مجتمع سلخها حق تملك جسدها، حين مورس الختان عليها. ابنتها الصغيرة التي وقعت أيضاً ضحية «ختان العقول». والاستاذة الجامعية التي لا تخشى عواقب التحرر.

وطبعاً لم يكن صدفة على الإطلاق، أن تظهر جميع نساء الفيلم على هذا النحو (أي جميعهن «مختونات» ويعانين من هذا الامر)، لا بل على العكس تعمدت جوسلين هذا، في فيلمها، لتعكس النسبة الكبيرة من النساء «اللواتي يسلبن منذ الطفولة هذا الحق»، وهي نسبة وصلت، بحسب الإحصاء الذي ظهر في الفيلم، الى 97 في المئة من النساء. ما اثار حفيظة بعضهم من الذين اعتبروا أن في الامر تجنياً، لكن سرعان ما هدأوا واستكانوا حين طمأنتهم المخرجة أنها لن تضع هذا الرقم في المرات المقبلة حين يعرض الفيلم!

حسناً.. يقدر ناقد او متفرج نبيه محب للسينما ألا يعجبه الفيلم كثيراً. يمكنه ان يراه بطيئاً، مملاً، وقد غاب عنه الخط الدرامي، لكن المرء لا يمكنه إلا ان يقف الى جانب الفيلم في موضوعه وجرأة طرحه. فماذا تقول جوسلين في هذا كله؟

«أردت في هذا العمل ان أقدم جديداً. أردت ان اكسر الروتين، وأخالف الخط الدرامي الذي فرضته السينما الاميركية. لكن للأسف اعتاد الجمهور على الاستسهال تماماً كما في التلفزيون حيث لا إبداع. وهنا عندي سؤال: لم لا يمكن صنع أفلام خارجة عن المعتاد؟» تقول جوسلين هذا وتضيف: «على صعيد آخر، مخطئ من يظن ان الخط الدرامي غائب عن الفيلم. فالحبكة الدرامية تتصاعد شيئاً فشيئاً كلما اقتربنا من النهاية. بداية اردت ان تكون الفتاة راقصة. ثانياً يجب ان نضيع في المدينة مع سائقة التاكسي. وثالثاً نكتشف مشكلة الختان. إذاً ثلاثة خطوط تتشابك في ما بينها. أما الجامع فالحسية».

وبالفعل الحسية التي تتكلم عنها جوسلين هنا، موجودة في كل تفصيل في هذا العمل. نجدها في طريقة التصوير، في آداء الممثلين، في الديكور، في الملابس...

فهل كان سهلاً عليها الدخول في هذه المغامرة في مجتمع شرقي يخشى التعبير عن نفسه؟

موت صغير

«ابن عربي يقول: اللذة موت صغير. وأنا اتابع: ماذا هناك أكثر حميمية من اللذة؟ ماذا هناك أكثر حميمية من الموت؟ ماذا هناك اكثر حميمية من الحياة؟»، تقول جوسلين وتتابع: «إذاً نحن نتكلم عن حقوق الإنسان. وفي هذا العمل أطرح مشكلة غياب الحرية، قلة الحوار، والختان... والغريب أن المثقفين باتوا يخشون التطرق الى هذه الامور».

جوسلين صعب التي جوبهت في مصر تفاخر اليوم باختيار فيلمها بين 19 فيلماً آخر من اصل ألف فيلم تقدمت للمشاركة في مهرجان روبرت ريدفورد «ساندنس».

«نشوة كبيرة زعزعت كياني حين عرفت بالخبر. بداية لم اخبر أحداً بالنبأ. أردت ان احتفظ به لنفسي. لكن هذا لا يعني أن الفيلم استقبل جيداً في الخارج. ففي اوروبا مثلاً، كثيرون خافوا من موضوع الفيلم، حتى ان بعضهم قال لنا صراحة: أنتم تعطون صورة مغلوطة عن الواقع في العالم العربي».

واللافت في الامر كله، أن جوسلين انطلقت من الواقع، حتى انها إذ تؤكد ان عملها روائي بطريقة التعبير، وصولاً الى واقعية «الاختراعات التي نراها في الفيلم مثل فستان الزفاف المصنوع من ورق»، تقول إن عملها اقترب من الوثائقي، فشخصيات الفيلم ليست بعيدة من شخصيات من لحم ودم، كانت نقطة الإلهام الاولى للمخرجة.

«المثير للسخرية هو إنني أردت أن ابتعد من المواضيع الصعبة. أن أبتعد من الحرب اللبنانية والطائفية والسياسة. من هنا اخترت الحديث عن الحب. الحب الذي لم اتنبه إليه عندما كان عمري 20 سنة، إذ كانت الحرب مشتعلة. في البداية أجريت تحقيقاً حول العلاقات الجنسية بين الشباب، الى أن وقعـت على مشكلة كانـت نقـطة انـطلاقتـي في هذا المشروع. أما النـتيجة فكانت مخيفة».

إذاً، جوسلين صعب التي أرادت تجنب المشكلات، يبدو انها لم تفلح في ذلك، بل طاردتها المشكلات ولا تزال، فهل تفلح في المرة المقبلة؟

الحياة اللبنانية في 23 ديسمير 2005

 

 

خمسة أيام سريعة قضيناها بين ربوع مهرجان القاهرة السينمائي كانت حصيلتها حضور حفل افتتاح المهرجان، وحضور المؤتمر الصحفي الذى اقيم للنجم العالمى عمر الشريف، وحضور اربعة أفلام مهمة بعضها داخل المسابقة الرسمية والبعض الآخر خارج المسابقة، وكان من المهم أيضا الحرص على مشاهدة فيلم «دنيا» بسبب الدعاية المكثفة التي سبقت الفيلم.

تدور احداث «دنيا» لتصور مجموعة من القضايا الشائكة في المجتمع العربي وهي بعض القضايا المسكوت عنها مثل الختان وعلاقة المرأة بجسدها ورغباتها الجنسية وما تتعرض له من كبت. ومن خلال حياة فتاة عشرينية العمر ترغب في دراسة الرقص باعتباره من الفنون الراقية.. تتنوع الأحداث، وتتفرع لتلامس بعض القضايا الفكرية والثقافية في المجتمع العربي منها قضية الرقابة والديموقراطية والقهر النفسي والبدني للمرأة العربية.

ندوة وهجوم

بعد انتهاء الفيلم عقدت ندوة ساخنة حضرتها مخرجة الفيلم اللبنانية جوسلين صعب وابطال الفيلم حنان ترك ومحمد منير وفتحي عبدالوهاب وعايدة رياض ويوسف عثمان وكانت ندوة صاخبة بحق.

اتهم البعض الفيلم بأنه يسيء الى سمعة مصر ويشوه صورتها كما اتهمه البعض الآخر بالغموض الدرامي، واعترضوا على قضية ختان الإناث التي يتناولها بشكل مبالغ فيه كما تعرض الفيلم الى انتقادات بسبب إفراطه في إبراز الأماكن العشوائية غير النظيفة التي تعطي انطباعا سيئا عن الشارع المصري!

من جهتها غضبت حنان ترك غضبا شديدا من الحوار الذي دار خلال الندوة وتولت الرد على هذه الاتهامات نيابة عن فريق العمل كما أدانت الهجوم الذي وجه لمخرجة الفيلم وقالت: «لوكان المخرج مصريا لم يكن ليلقى هذا الهجوم» ثم اكدت وهى تغالب دموعها ان سمعة مصر اكبر من اي شيء في الوجود. ودافع منير عن الفيلم قائلا: انه أساسا من النوبة ولا يمكن ان يقصد الاهانه لأهله واقاربه. وانه شارك في بطولة الفيلم من اجل القضاء على ختان العقول وليس ختان الإناث كما جاء في الفيلم.

جوسلين ومسؤولية

من ناحيتها أكدت المخرجة جوسلين صعب ان الفيلم واقعى ويعبر عن الشعب المصري، وأضافت ان الجمهور المصري ليتابع السينما العالمية وهو ليس معتادا على الأفلام النسائية خاصة عندما تسند الى النساء البطولة والإخراج، وتابعت جوسلين ان الفيلم جرى تصنيفه ضمن افضل 16 فيلما سينمائيا انتجت في عام 2004 وانه عندما شارك الفيلم في مهرجان مونتريال السينمائى اكد لها المصريون المقيمون هناك انه يقدم الحياة المصرية بشكل متميز. وامتد الهجوم ليشمل المسؤولة عن المنصة الناقدة خيرية البشلاوي التي قالت ان الفيلم غير مترابط وان موضوعه ليس سبب نجاحه بقدر مشاركة عناصر جيدة في انجازه وعلى رأس هذه العناصر مشاركة حنان ترك ومحمد منير. وبدأ صراع آخر بين خيرية البشلاوي والمخرجة على إدارة المؤتمر الصحفي فقد حاولت المخرجة ان تنحي البشلاوي مديرة الندوة جانبا لتدفع بأصدقائها وصديقاتها للاشادة بالفيلم وسط سخط الحاضرين.

تحولت الندوة الى مسرحية هزلية قامت جوسلين صعب بملابسها الغريبة بدور البطولة فيها، وقبل بداية الندوة حرصت على تقديم أبطال الفيلم وهي في حالة فرح وانتشاء. وكما يبدو فان حالة الإحباط التي أصيبت بها بعد ان سمعت مداخلات النقاد والجمهور أفقدتها توازنها.

مداخل وقراءات

في واقع الأمر فان هناك العديد من المداخل لفيلم «دنيا » منها مداخل دينية واجتماعية وحتى سياسية لكن المدخل الأهم الذي ارغب في الإشارة اليه هو المدخل الفني وأرى ان هناك العديد من محطات التميز يمكن التوقف عندها في شريط «دنيا» الفني ولعل أول هذه المحطات هو تألق حنان ترك كممثلة في دور الفتاة العشرينية فقد نجحت في تقديم الشخصية بكل أبعادها واستطاعت ان تؤدي وتجسد ملامح شخصية مركبة وصعبة ومسكونة بالكثير من الهواجس والقيود والمورثات الجامدة. وكما نجحت حنان ترك نجح أيضا محمد منير حيث أعطى له الدور مساحة كبيرة ليتحرك فيها وهناك إشارات أيضا الى سوسن بدر والى فتحي عبدالوهاب والى عابدة رياض. وغير محطة التمثيل يمكن ايضا التوقف عند محطة التصوير التي قدمت لنا العديد من زوايا التصوير المعبرة وقدمت لنا ايضا حركة كاميرا متدفقة في العديد من مشاهد الفيلم.

قد نختلف في مضمون الفيلم وفي طريقة طرحه للقـضايا، وقد نرى أن سيناريو الفــــيلم من نوعية السيناريوهات المفتوحة التي تبــعد عن التوليفة الكلاسيكية التقليدية للفيلم العربي، وقد نرى أن الفيلم متعدد القراءات، وكان يحتاج الى بعض الوقت للتفكير والتأمل، وقد نرى أيضا ان الفيلم قد بالغ في تقــــديم مشهد الختان لتقديمه لجمهور متعطش لمثل هذه المشاهد في الغرب. لكن من المــــهم القـــول ان الفيلم من الأفلام الجـــريئة التى تستحق المشاهدة، وتستحق ايضا ان نناقش ما تقدمه.

وشكرا لمهرجان القاهرة الذى قدم لنا هذا الفيلم.

القبس الكويتية في 13 ديسمير 2005

 

فيلم يحمل الكثير من الإساءة بتوقيع صنع في مصر‏:‏

دنيا الشوباشي يثير غضب الجمهور

استعراض وادعاء من جوسلين مخرجة الفيلم

علا الشافعي

تزاحم وتوافق جموع من الجماهير علي باب العرض‏,‏ أصوات مرتفعة وخناقات‏,‏ كانت تلك تفاصيل المشهد الذي سبق عرض فيلم دنيا في سينما جودنيوز علي الرغم من أن الفيلم يعرض خارج المسابقة‏,‏ إلا أن هذا الزحام أعاد للأذهان الإقبال الجماهيري الذي كان يصاحب مهرجان القاهرة في منتصف التسعينيات بالتأكيد هذا التسابق والزحام راجع إلي شعبية نجوم وأبطال العمل محمد منير‏,‏ فتحي عبد الوهاب‏,‏ حنان ترك‏.‏

خشبة المسرح مليئة بالحركة‏,‏ مذيعة لطيفة جدا تقدم رئيس المهرجان شريف الشوباشي علي أنه صانع المعجزات لمهرجان القاهرة السينمائي فهو ينتقي أفضل الأفلام‏,‏ يدعو أهم نجوم السينما العالمية وبفضله اكتسب المهرجان صفة العالمية والشوباشي يرد بابتسامة ثم يبدأ في تقديم فيلم دنيا للمخرجة اللبنانية جوسيلين صعب ويستفيض الشوباشي في الترحيب بصناع العمل والإشادة بالفيلم علي أساس أنه تجربة فنية فريدة يستحقون عنها التكريم‏.‏

بغض النظر عما قالته المذيعة عن عالمية المهرجان وأهمية النجوم والضيوف‏,‏ في حين أننا لم يعد لدينا سوي عمر الشريف لنرتكن عليه في هذه الدورة‏,‏ كما أن فيلم الافتتاح الذي نجح المهرجان في الحصول عليه هو إنتاج العام الماضي منزل الخناجر الطائرة‏,‏ في حين نجح مهرجان دمشق السينمائي في استقطاب فيلم حديث الإنتاج الطفل‏2005‏ وحاصل علي سعفة كان ليس ذلك فقط بل عرض فيلم افتتاح مهرجان القاهرة ضمن بانوراما السينما الصينية وعلي هامش فعاليات مهرجان دمشق‏,‏ وبغض النظر عن مفهوم العالمية الذي تحدثت عنه المذيعة اللطيفة‏,‏ وعن رد فعل رئيس المهرجان علي كلامها بالابتسامة المهذبة والودود‏.‏

حتي الآن لم يفهم أحد مقصده من وراء جملة العمل الفني الصعب الذي قصد به الفيلم‏,‏ ولكن ما حدث أثار التساؤلات حول تكريم نجمين من نجوم العمل حنان ترك ومحمد منير مع كل التقدير للنجمين دون باقي عناصر العمل من الفنانين وكأن منير وحنان هما فقط من تحملا صعوبة العمل ونؤكد أننا لسنا ضد الاحتفاء بالفن وصناعه ولكن التكريم عادة يكون عن مشوار فني حافل بالإنجازات أو مشروع فني متكامل‏,‏ فمنير يستحق التكريم مثلا عن مشروعه الغنائي المختلف والمتفرد وليس عن فيلم دنيا ولكن قد يكون لدي القائمين علي المهرجان مفهوم آخر للتكريم‏.‏

ومن احتفاء الشوباشي إلي اللحظة التي دخلت فيها مخرجة الفيلم إلي خشبة المسرح سيتبادر إلي ذهنك فورا بأن هناك شخصا يستغلك أو يغازلك ولكن بشكل مكشوف جدا فالمخرجة تخطو علي المسرح بمنتهي الثقة وهي ترتدي جيب عبارة عن توب من القماش الدمور الذي يستخدم في التنجيد وتلفه علي جسدها بشكل فني تحسد عليه وبالطبع يظهر لنا كتابة بالأزرق تحمل شعار صنع في مصر وأقمشة المحلة‏,‏ وشكل الأسد هذا التصرف قد يفسره البعض بأنه البساطة في حد ذاتها ولكن البعض الآخر سينتصر لفكرة الاستعراض والاستغلال لأن ذلك ما أكده شريطها السينمائي‏.‏

فلاش باك

عندما جاءت جوسيلين صعب إلي مصر منذ أكثر من ثلاث سنوات في محاولة للحصول علي موافقة الرقابة علي المصنفات الفنية علي فيلمها دنيا وبعد رفض الرقابة في عهد د‏.‏ مدكور ثابت للفيلم لأنه يسيء إلي سمعة مصر‏,‏ أذكر وقتها أن الصحافة المصرية وقفت إلي جانبها بعيدا عن أي شيفونية بمصريتنا وإيمان بأنه يحق لأي مخرج عربي العمل في مصر وتقديم إحساسه بهذا البلد‏,‏ وقتها رددت جوسيلين علي مسامعنا مدي حبها لهذا البلد وقالت إنها تري أن هناك عمقا في مصر لم يستطع مخرجوها أن ينقلوه‏,‏ وقالت كم تعشق وجوه البشر‏.‏

حتي مشهد الختان الذي أثار الرقابة وقتها بررت المشهد قائلة هي تتحدث عن ختان الأفكار‏,‏ من هنا وقفت معها الصحافة وبعض من كبار الكتاب‏,‏ وبالفعل رفع الفيلم إلي اللجنة العليا للتظلمات وحصلت جوسيلين علي الموافقة‏.‏

بعد ذلك صادفتها مشاكل من نوع آخر ممثلون شباب ممن يملكون خبرة التعامل مع السيناريو جلسوا معها للعمل علي السيناريو وتطويره خاصة أن السيدة جوسيلين ليست لها علاقة باللغة العربية الفصحي أو العامية‏,‏ ووقعت بينها وبينهم اختلافات علي شكل التقدير المادي والمعنوي لهؤلاء المتعاونين‏,‏ وحتي لا تحدث شوشرة تم الوصول إلي اتفاق بينهم‏,‏ وآخر خلافاتها وقعت مع الفنان محمد منير حول حقوق الأغاني وما تعرضت له الأغاني من تشويه داخل الفيلم ورفضه إعطاءها التنازل‏,‏ وأخيرا وبعد عرض الفيلم بيوم تم الوصول إلي حل للمشاكل بينهما‏.‏

كل ذلك قد نقبله ونتفهمه في إطار اختلاف وجهات النظر‏,‏ ولكن فيلم جوسيلين الذي عرض وقوبل بالاحتفاء من قبل المهرجان والقائمين عليه هو نسخة لما يسمي بأفلام تصنع للغرب وتنتقي كل ما يتعمد الإساءة والتعامل معنا علي أننا فلكلور‏,‏ ليس ذلك بل هو يسيء إلي ثقافتنا وفلسفة التصوف التي غلفت بها فيلمها الشديد الحسية‏.‏

فمنذ اللقطة الأولي لفيلمها وأنت لا تري سوي مشاهد مبتورة غير مكتملة‏,‏ أو فعل ليس له رد فعل‏,‏ أو فعل فائض عن الدراما ولا يؤثر في تطورها في شيء‏,‏ حتي لو أن حنان ترك التي جسدت شخصية دنيا التي تعاني من ازدواجية المعايير وذكورية المجتمع هي حلم حياتها الشعر والرقص‏,‏ فهي تحضر دكتوراة في الشعر‏,‏ وتستعد لمسابقة رقص لا تستطيع أن تلقي قصيدة‏!!‏ فهي تفتقد الروح وتبحث عنها ولا أفهم ما جدوي أن أراها في نفس المكان تتدرب علي نفس الحركات في أكثر من‏14‏ مشهدا‏,‏ ناهيك عن العلاقات المشوشة بين أبطال العمل الذين عمل كل بمفرده علي الدور الذي قدمه وواضح جدا أن السيناريو الذي قاموا بقراءته وما نفذ منه شيء وما تم اختياره في المونتاج وتركيبه أصبح شيئا مختلفا تماما خاصة أن المخرجة صورت‏6‏ ساعات ومدة الفيلم عند العرض ساعة وأربعون دقيقة‏,‏ وهذا يفسر حالة المشاهد المبتورة وغير المكتملة والشخصيات التي ليس لها جذور فأنت لا تفهم ما العلاقة التي تجمع بين سائق التاكسي عايدة رياض وأستاذة الجامعة والكاتبة سوسن بدر‏,‏ والأستاذ والكاتب محمد منير والطالبة حنان ترك هي علاقات لم يؤسس لها دراميا ولا توجد أي ملامح لدور الفنان خالد الصاوي صديق سوسن بدر والذي لم يظهر سوي في ثلاث لقطات‏,‏ وهو يقبل سوسن ويقول لحنان إنه يحبها‏,‏ ولقطة وهو يشير بيديه للأستاذ بشير‏,‏ وكذلك يوسف إسماعيل زوج عايدة رياض الذي يقدم له زوجته ولم يظهر سوي في غرفة النوم أو مشهد آخر يسير في الشارع وزوجته تغازله من البلكونة فيصعد إليها‏.‏

أما شخصية ممدوح فتحي عبد الوهاب والتي من المفترض أنها محور الدراما فهو الشخص الذي يعاني من ازدواجية في التفكير ويتعامل مع حبيبته بمنطق ذكوري جاءت باهتة لا تعرف عنها شيئا حتي وظيفته كمهندس لم نعرفها إلا في مشهد قرب نهاية الفيلم‏.‏

ناهيك عن المشاهد واللقطات العامة للملابس الداخلية التي تباع في وكالة البلح‏,‏ وكأن الفتي الذي يطبل ويرقص قربي يا مدام بـ‏3.5‏ وكأن هذا المجتمع لا يملك سوي الهوس الجنسي ـ ولا أعرف لماذا لم تضحك علينا وتأخذ لقطات عامة للوكالة وما يباع فيها ثم تركز علي الملابس الداخلية وهو المشهد الذي كرر أكثر من مرة‏,‏ ولا أفهم هل لا يجتمع النساء مع اختلاف المستوي الاجتماعي والثقافي إلا ليتحدثن عن الجنس وكأن دور المرأة في حياة الرجل هو غوايته‏.‏

الفيلم في مشاهد كثيرة يشعرك بأنه يعطيك دروسا في أساليب دلع النساء ليجتذبن الرجال ودروسا أخري في كيف تخطو وتتعامل مع الأشياء في حالة فقدانك البصر‏,‏ حتي مشهد ذهاب حنان ترك إلي أسطوات شارع محمد علي‏,‏ صديقات أمها ليعلمنها الرقص لو حذف من الفيلم لن يؤثر في شيء ولكن جوسيلين أرادت ذلك وانتقت مشهد الراقصات الممتلئات مع التركيز علي مناطق بعينها في أجسادهن‏.‏

ومشهد الختان وعنفه ودمويته كيفما تم تصويره مشهد مفتعل وملفق‏,‏ والحوار الذي جاء بعده علي لسان حنان ترك بأن الجدة وحماة عايدة رياض قد أفسدتا حياة الطفلة وجعلتاها مثلهما‏,‏ تماما وستكون حياتها باردة وطعامها بدون ملح‏.‏

حوار ساذج وملفق خاصة بأن العلم أثبت أن الرغبة الجنسية والمتعة من المخ وبالتأكيد مخرجة الفيلم تعلم ذلك إلا أنها تريد أن تقول إننا مجتمع متخلف يخنق النساء وهذا ما أكد الإحصائية المغلوطة التي وضعتها في الفيلم والتي تقول إن‏97%‏ من نساء مصر مختتنات وهي إحصائية قديمة جدا وتخص النساء اللاتي هن في عمر الخمسين حاليا خاصة أن النسبة الأخيرة انخفضت إلي‏60%.‏

تفننت المخرجة في تشويه كل النماذج حتي شخصية د‏.‏ بشير المتسق مع نفسه وأفكاره يتم الاعتداء عليه من قبل المتطرفين ويصاب بفقدان البصر‏,‏ وبعد منع مقال له يلقي بكل كتبه علي الأرض ويطالب صديقته صاحبة البنسيون ببيعها‏,‏ وحتي علاقته بحنان ترك جاءت باهتة وفي اللحظة التي تخلت عن زوجها وذهبت إلي د‏.بشير وقررت أن تقدم روحها إليه وتدخل في علاقة خاصة معه قامت جوسيلين بكتابة يافطة مكتوب عليها وتزوج الحبيبان وهو حل ساذج ويعمل علي إرضاء الجمهور المصري المحافظ جدا من وجهة نظرها والمفارقة أن هذه اليافطة لا توجد في النسخة التي ستعرض في الخارج‏.‏

ومع الأسف فإن هذا التشويش الفني والفكري مغلف بصورة رائعة وشديدة الثراء للمصور الفرنسي وتفاصيل ديكور ودرجات لونية أعطت الفيلم أجواء خاصة وثرية‏.‏

في النهاية نقول‏:‏ جوسيلين صعب أخذت خامات مصرية أصيلة وقدمت بها عملا يحمل كل الإساءات والأهم بالنسبة لها أنه يحمل توقيع صنع في مصر تماما مثل ثوب القماش الذي ارتدته علي المسرح لذلك كان من الطبيعي أن يحدث التحول الدرامي من مناقشة الفيلم إلي هجوم وعنف تجاه المنصة‏,‏ ولا يصح لفنانة لها جمهورها مثل حنان ترك أن تتخذ موقفا مغلوطا وتقلب الحقائق وتتبع جوسيلين التي اتهمتنا بأصحاب العقول والأجساد المختنة وتقول إن جمهورها ختن فرحتها‏!!*‏

الأهرام العربي في 10 ديسمير 2005

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك