إجمالي موسم 2005 السينمائي في مصر ازداد بنسبة 30 في المئة عن العام الماضي... مؤشرات بالأرقام عن «انهيار» السينما في هوليوود ... و«انتعاشها» في القاهرة! القاهرة - علاء كركوتي |
آخر تقرير صدر عن وكالات الأنباء العالمية أبرز إحباط صناع هوليوود من الموسم الصيفي لهذا العام، بحيث تراجعت إيراداته بنسبة 11 في المئة عن العام الماضي مما أدى إلى تخوف واضح على مستقبل السينما. حتى أن صحيفة «الحياة» اختارت عنوان: «هوليوود محبطة: هل شارف عصر السينما على نهايته؟»، في إشارة إلى توقع انحسار الإقبال السينمائي عموماً بسبب انتشار ثقافة الـ DVD وسهولة مشاهدة الأفلام بامكانات السينما نفسها داخل المنزل. في مصر يبدو الوضع مختلفاً تماماً، وكأن صناعة السينما هنا تقف خارج الاقتصاد العالمي للسينما. فصناعة السينما المصرية حالياً من إنتاج وتوزيع ودور عرض في أوج انتعاشها. بل إن عام 2005 سيشهد أرقاماً قياسية لا مثيل لها في تاريخ السينما المصرية. إذ بلغ إجمالي ما حققته دور العرض المصرية في الأشهر الثمانية الأولى من العام 166 مليون جنيه. وهذا يتجاوز ما حققته في العام الماضي كاملاً، بـ14 مليوناً من الجنيهات، وما زال هناك شهور كفيلة باقتراب الرقم من حاجز المئتي مليون. صيف منعش ما حقق الانتعاش فعلياً هو موسم الصيف الذي ازدادت إيراداته مقارنة بموسم العام الماضي بنسبة 30 في المئة دفعة واحدة، و50 في المئة مقارنة بما حققته دور العرض المصرية منذ 5 سنوات. ولوحظ في شكل واضح عودة الجمهور بازدياد على رغم انتشار القرصنة، وعلى رغم نوعية الأفلام المتفاوتة من رديء إلى متوسط إلى جيد. لكن يبقى هذا الانتعاش غير قابل للتعجب لأن السينما بالنسبة للشريحة الأكبر من الجمهور المصري وسيلة الترفيه الرخيصة بحيث تستطيع أن تقضي ساعتين مع بعض المشروبات والفشار مقابل 20 جنيهاً للشخص الواحد (3.5 دولار). ويبلغ انتعاش دور العرض أقصاه إذا ما كانت موجودة ضمن مركز التسوق، الذي أصبح ملاذاً للهروب من حرارة الجو، أو بديلاً عن الجلوس في مقهى. أهم ما حققه صيف 2005 في مصر، أن هناك نوعية جديدة من الأفلام بدأت تطل في دور العرض وتنجح في جمع الملايين. «ملاكي إسكندرية» القائم على البحث عن قاتل ضمن إطار بوليسي لم يكن معتاداً في الأفلام المصرية منذ أكثر من 10 سنوات، استطاع جمع نحو 9 ملايين جنيه. وعلى رغم أن أبطال الفيلم ليسوا من نجوم الشباك، لكن الحملة الإعلانية الفاعلة كان لها الأثر الأكبر، أضف إلى ذلك أنه الفيلم الوحيد بين أفلام الصيف الذي لم يصحبه أي فيديو كليب يعرض على الفضائيات بغرض الترويج. الفيلم الثاني هو «حرب أطاليا» القائم أيضاً على أحداث متشابكة لا تصل إلى الحل إلا في نهاية الفيلم وفي قالب بوليسي. وحقق أيضاً نجاحاً وصل إلى 10 ملايين و600 ألف جنيه، ومن المتوقع وصوله إلى 14 مليون جنيه في الفترة المتبقية قبل شهر رمضان في بداية تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ولوحظ أن الفيلمين يعتمدان على البطولة الجماعية تماماً، حتى في حال الفيلم الثاني «المحسوب» لأحمد السقا. كما أن هناك فيلماً ثالثاً هو «الحاسة السابعة» يعد الأكثر تماسكاً وشكلاً جديداً على السينما المصرية، لكن ظروف عرضه «المستقلة» منعته من جمع أكثر من مليون و300 ألف جنيه فقط لا غير. فشركته المنتجة والموزعة رغبت في توزيع الفيلم بعيداً من تحكم السوق. لكن هناك مؤشراً مهماً يدل على أن الفيلم كان سيحقق بسهولة المزيد من الإيرادات فيما لو حصل على فرصة عرض متوازنة، فقد حقق من دار عرض واحدة 400 ألف جنيه وهو إيراد تعجب له القائمون على الدار نفسها. بعيداً من نوعية الأفلام الجديدة التي طرأت على السوق السينمائية المصرية، لم يحدث تغيير جذري في ترتيب النجوم. فما زال صاحب المركز الأول محمد سعد للعام الرابع على التوالي. بل إن الأسبوع رقم 28 من العام - بداية تموز (يوليو) - والذي يشهد عادة بداية عرض أفلامه، حقق أعلى إيراد أسبوعي خلال العام لأربع سنوات متتالية. لكن يبدو في حكم المؤكد أن فيلمه الأخير «بوحة» سيتجاوز ما حققته أفلامه السابقة. فمؤشرات حفاظه على استقرار إيراداته على رغم عرض 6 أفلام جديدة منذ بدء عرضه، تدل على أن اقترابه من المليون الثلاثين أصبح وشيكاً بما يجعله صاحب أعلى إيراد لفيلم مصري في تاريخ السينما. عادل الثاني أيضاً عادل إمام سيتجاوز ما حققته أفلامه السابقة في الأعوام الماضية، وسيحتل المركز الثاني للعام الثالث على التوالي. وكان فيلمه «عريس من جهة أمنية» حقق في العام الماضي 15 مليوناً ونصف المليون جنيه. بينما يبدو أن فيلمه الأخير «السفارة في العمارة» سـيتجاوز هذا الرقم بعدة ملايين، خصوصاً أنه وصل إلى المليون الرابع عشـر في 6 أسابيع فقط. يبقى محمد هنيدي للعام الثالث على التوالي من دون تقدم. فما زالت أفلامه لا تحقق أكثر من 10 ملايين جنيه، ولم يعد هناك أي مجال لعودة قوية كما في السابق في ظل أرقام مرعبة يحققها كل من محمد سعد وعادل إمام. لكن مع ذلك اتـجه هنيـدي أخيراً الى شركة (غود نيوز غروب)، بعدما انتهى تعامله مع منتجيه السابقين. لكن الشركة اشترطت عليه عدم التدخل في تفاصيل فيلمه الجديد، وبأن الفيلم سيشهد بطولة جماعية وليس هنيدي منفرداً. السقوط الكبير هذا الموسم كان من نصيب فيلمين: الأول هو «علي سبايسي» للمغني حكيم في أول بطولة مطلقة سينمائية له ولكنها الثانية كمشاركة بعد فيلم «الراقصة والسجان» في التسعينات. وقد حقق مليوناً و300 ألف جنيه، بينما بلغت تكلفته الإنتاجية والإعلانية 8 ملايين جنيه، أي أنه كان يحتاج 16 مليوناً من الجنيهات كي يبدأ في جني الأرباح، باعتبار أن 50 في المئة من إيراد أي فيلم تذهب لدور العرض. والسقوط الثاني كان من نصيب «حمادة يعلب» في أول بطولة مطلقة أيضاً لأحمد رزق، حيث جمع مليوناً و750 ألف جنيه فقط لا غير. إلى جانب هذين الفيلمين هناك نجاح متوسط لفيلم أحمد آدم «معلش إحنا بنتبهدل» الذي استخدم أحداث العراق وشخصياته ضمن أحداث الفيلم، وجمع 4 ملايين جنيه لا تكفي لتغطية التكلفة الإنتاجية المرتفعة للفيلم والتي وصلت إلى 7 ملايين جنيه. لكن الرقم في النهاية يعد قياسياً لأحمد آدم الذي ما زال يجاهد للحصول على أي مكان شاغر ضمن مقاعد نجوم الصيف لكن من دون جدوى مع العلم أنه مضى على غيابه عن السينما 3 أعوام منذ فيلمه مع محمد فؤاد «هو فيه إيه» عام 2002. أميركا... أميركا باقي الأفلام كانت في مرحلة «الأمان». ففيلم مصطفى قمر «حريم كريم» - آخر أفلام الصيف - جمع في أسبوعين 4 ملايين جنيه، بما يطمئن صناعه بأنه سيتجاوز الملايين الستة وهو متوسط إيراد أفلام مصطفى قمر عادة. وحقق فيلم مصطفى شعبان «أحلام عمرنا» 5 ملايين جنيه في مؤشر يضمن تواجد شعبان في الصيف أو المواسم القادمة كبطل مطلق. كما أن عبلة كامل استمرت نجمة الشباك الوحيدة بين نجمات السينما المصرية، وذلك للعام الثالث على التوالي بفيلمها «سيد العاطفي»، والذي أكد بدوره نجومية المغني تامر حسني السينمائية، فقد جمع الفيلم 10 ملايين جنيه. ونجوم الغناء كانت لديهم مساحة واسعة هذا الصيف، فهناك أيضاً حمادة هلال بفيلمه «عيال حبيبة» الذي جمع 5 ملايين جنيه في 3 أسابيع، وهو رقم لم يكن يتوقعه أي من رجال السوق. وما زال عرض الفيلم مستمراً. فماذا عن الأفلام الأميركية؟... في الواقع أصبحت تنحسر تدريجاً في موسم الصيف، بسبب رغبة منتجي وموزعي الأفلام المصرية. كما أن دور العرض تفضل المصرية بسبب فارق الضريبة، فهي 20 في المئة للأفلام الأميركية و5 في المئة للأفلام المصرية. وشهدت سوق الأفلام الأميركية أقل حصة من موسم الصيف في السنوات الأخيرة بحيث بلغت 9 في المئة وبقية الحصة للأفلام المصرية. وأياً كانت الحصص فإن صناعة السينما المصرية حالياً في صدد فرصة ذهبية لبناء أساس حقيقي لها هذه المرة. الحياة اللبنانية في 23 ديسمبر 2005
دبي تصور أول فيلم سعودي دبي - إبراهيم بادي هل كان يعلم مورغان فريمان وعادل إمام وباش تشوبرا الذين كرّموا في مهرجان دبي السينمائي الدولي، ومعهم المخرجة المصرية إيناس الدغيدي، وممثلون منهم: يسرا وليلى علوي وهاني سلامة... أنهم يوجدون تزامناً في المدينة ذاتها - دبي - التي يصور فيها المخرج الكندي الفلسطيني الأصل إيزيدور مسلم أول فيلم سينمائي جماهيري سعودي. لم يُخرج إيزيدور الذي دخل مجال الإخراج السينمائي قبل أكثر من 15 عاماً أي فيلم عربي من قبل. وكان أخرج أفلاماً كندية أبرزها: «الجنة قبل موتي». وتعمل إلى جانبه اليوم كمستشارة، في فيلم سعودي أُختير له موقتاً اسم «كيف الحال»، المخرجة السعودية هيفاء المنصور، لتكون حلقة وصل بين الكندي إيزيدور وتفاصيل حياة المجتمع السعودي. أُنجز نحو ثلث الفيلم الذي يلعب أدوار البطولة فيه نجم «ستار أكاديمي» السعودي هشام عبدالرحمن، وممثلون سعوديون على رأسهم خالد سامي، وتركي اليوسف ممثل السعودية في برنامج «الوادي»، ومشعل المطيري الذي لعب دور البطولة في «الحور العين»، وعلي السبع، إلى جانب الكويتي محمد الصيرفي والإماراتية فاطمة الحوسني والأردنية ميس حمدان وممثلات أخريات. يقول مسلم لـ «الحياة»: «السينما لغتي، ولست متخوفاً من أن تجربتي العربية الأولى ستكون سعودية، ولا أهتم سواء كان الممثلون محترفين أم هواة. الأهم أننا نعمل باحتراف». ويضيف: «هذا الفيلم السعودي ليس موجهاً إلى السعوديين فقط، بل إلى محبي السينما في كل دول العالم. ولا علاقة لنجاحه وفشله في كونه سعودياً. أنا أعمل كما لو كنت أخرج فيلماً كندياً». وعلى رغم أن الفيلم يطرح قصة عائلة شاب سعودي يقترب من أن يكون متطرفاً أصولياً، فإن إيزيدور يصر أنه لا يناقش قضية الإرهاب بل يعمل على «إنتاج فيلم كوميدي جماهيري عالمي سعودي ذي قيمة فنية». «الحياة» جالت في أحد مواقع تصوير الفيلم - مدرسة ابتدائية إماراتية - حيث كان مشعل المطيري يؤدي دور معلم متطرف أصولي. المعدات والتجهيزات في موقع التصوير لا تشبه تلك التي تشاهد في مواقع تصوير مسلسلات سعودية أو خليجية. تحضر التقنيات المتطورة ويظهر جلياً كلفة الفيلم المرتفعة. لا تقتصر جنسيات طاقم العمل - الفنيين - على العربية، فإضافة إلى اللبنانيين والسوريين والمصريين الشبان تجد هناك مدير التصوير الكندي الأصل والمنشأ بول. وتكتشف براعة هذا الأخير حين تجلس على كرسي المُخرج بطلب منه متابعاً تصوير إحد المشاهد. وبعيداً من محتوى القصة وطاقم العمل، من لا يريد مشاهدة أول فيلم سعودي سيعرض في دور السينما، ويخرجه ويصوره كنديان، ويمثل فيه أبطال تلفزيون الواقع: نجم «ستار أكاديمي» «أبو الهش» ونجم «الوادي» تركي ونجم «الحور العين» مشعل ونخبة من الممثلين السعوديين؟ الحياة اللبنانية في 23 ديسمبر 2005 |
منتج الأفلام الصعبة شارك في كتابة «باب المقام»... أحمد عطية: لا أتوجه الى الغرب و لا أمسح «جوخ» الجمهور نانت - ندى الأزهري تميزت السينما التونسية بمواضيعها الاجتماعية «الحساسة» وبعملها على نقد الواقع بأسلوب فني رفيع لم يعتمد إنكار الحساسية الشعبية والجماهيرية، وبهذا خلقت ظاهرة غير مسبوقة وهي «سينما المؤلف - الجماهيرية» بحسب تعبير الكاتب والمخرج فريد بو غدير. يؤكد الأمر كذلك مختلف العاملين في مجال السينما في تونس. فسينما المؤلف فيها، وخلافاً لما يحصل في بقية بلدان الجنوب، لم تبق حبيسة الأندية السينمائية والصالات المخصصة والمهرجانات العالمية، وإنما هي سينما استقطبت الجمهور المحلي العريض الذي حقق لأفلامه الوطنية حتى الصعبة منها «نصراً لم يسبق له مثيل...» كما يكتب بو غدير. هذا النصر المحلي تعزز برصيد خارجي تجلى في التوزيع التجاري للسينما التونسية عالمياً كما حصل مع «صمت القصور» و «حلفاوين» على سبيل المثال. بيد أن هذا العصر الذهبي (الثمانينات وحتى بدايات التسعينات) للسينما التونسية، التي شاركت في كبريات المهرجانات الدولية، تعثر لعقد من الزمن. في الاستعادة التي كرسها مهرجان نانت لعرض محطات مهمة في تاريخ السينما التونسية، كانت ثمة فجوة بين عامي 1994 و2005 لم تملأ إلا بفيلم روائي وحيد هو «الستارة الحمراء» لرجاء عماري، والجزء الثالث من الثلاثية القصيرة والمتميزة للمنصف ذويب» حمام الذهب – الحضرة - التربة». لكن أحمد بهاء الدين عطية المنتج التونسي (أشهر الأفلام التي أنتجها «حلفاوين» لفريد بو غدير و «صفائح من ذهب» لنوري بو زيد) يقول إن الإنتاج السينمائي لم ينخفض في تونس» بل على العكس». ويؤكد في حوار مع «الحياة» على هامش تكريم السينما التونسية في مهرجان نانت الأخير «أن الإنتاج لم يقلّ بل ازداد. ولكن بعض الأفلام لا يخرج للعرض لأنه لا يعجب الجمهور». ويعيد الأسباب إلى نوعية هذه الأفلام من جهة وإلى النقص في أعداد الجمهور، سواء في الداخل أو في الخارج من جهة أخرى، وليس إلى النقص في الإنتاج «الأفلام الآن أقل تأثيراً وقوة وكذلك اهتمام الجمهور». وهو يذكر أنه ومنذ إنشاء صندوق لدعم السينما عام 1981، فإن 60 إلى 80 في المئة من الأفلام لقيت الدعم منه «بين عامي 1984 و 1995، تم إنتاج ثلاثة أفلام روائية فيما وصل العدد إلى سبعة في السنوات العشر التي تلتها». المحظورات بيد أن عطية الذي ساهم في إنتاج أفلام كان لها نجاحها الجماهيري والنقدي، وفي إنتاج أفلام أولى لمخرجين (أول فيلم لنوري بو زيد) يؤكد لنا هذه المكانة التي تحظى بها سينما المؤلف في تونس «لقوتها ونظرتها الداخلية» ويصفها بأنها سينما «مخلصة، تلمس المحرمات» وهي التي اختار دعمها «في تونس لا يوجد لدينا نظام النجوم. الموضوع هو النجم وهو معياري الأول. والأفلام التي اختارها قوية في موضوعاتها» ويعتقد المنتج التونسي أنه يجب على الفيلم أن يتحدث عن أمور غير تلك التي يتداولها الإعلام أو أن يكون الموضوع نبيلاً، مخلصاً له نظرة داخلية غير فولكلورية.. وأن تكون هناك حرية في اختياره ومعالجته». ولكن أين الحرية في العالم العربي؟ وهل هناك حرية مثلاً لمعالجة موضوع سياسي في تونس؟ سألناه. «ثمة حرية في كل مجال في تونس. قد يراقب الهجوم المباشر ولكن في عملية الخلق الفني، فإن المبدع الذكي يستطيع أن يختار طريقته في النقد. لكن دورنا ليس النقد المباشر ولا ممارسة السياسة، بل خلق البسمة والدمعة، إثارة المشاعر. وأن نكون طليعة المجتمع أن ننقد عيوبه. في «صفائح من ذهب» وهو فيلم صعب شعرت بأنه يتحدث عن واقع، وأنه سيمس كل الناس حتى لو كان عن فئة قليلة وهذا ما حصل». ويرى عطية أن المخرجين الحاليين لم يتراجعوا في مستوى فنهم وإنما في مستوى حريتهم أصبحوا منتجين، وثمة خلط بين دور المخرج والمنتج وهو ما كان له الدور في كبحهم بوعي منهم أو من دون وعي. إنها الرقابة الذاتية فلا مشكلة مع رقابة الدولة بل هي مشكلة وهمية لأنها السينما الأكثر حرية في العالم العربي. نلاحظ ذلك بمقارنة الفيلم الأول لنوري بو زيد مع فيلمه الأخير، فثمة فارق بين السماء والأرض. ويؤكد المنتج التونسي أن الدولة لا تمنع الفيلم «قد لا تعطيه الدعم إنما لا تمنعه. وهذا لم يحصل لأي فيلم في تونس. المؤلف هو الذي يسمح لنفسه بعمل الفيلم أو لا». أصولية اجتماعية وماذا عن الاتهامات التي تلصق بالسينما التونسية ومنها ببعض أفلامه بالذات، بأنها سينما تحاول أن ترضي المشاهد الغربي؟ يرد مبتسماً «إرضاء الجمهور الغربي؟! أنا لا أتوجه بأفلامي للغرب. أريد أن أعرض على جمهوري سلبياته وبعض إيجابياته. لا أريد أن أمسح جوخ الجمهور. «باب المقام» على سبيل المثال، اخترته ليس تفكيراً بالنجاح الجماهيري، بل لكونه فيلماً أساسياً في هذه اللحظة. يحكي عن أصولية أخرى، ليست إرهابية كالتي تتحدث عنها أوروبا بل اجتماعية». الفيلم هو خيارات شخصية وليست جماعية وقد يؤمن المنتج بنجاح فيلم ما، لكنه لا ينجح أو يرى أنه «مخاطرة» بيد أنه يقبل عليها فهل حصل ذلك معه؟ «باب المقام» مخاطرة. هو فيلم مهم في تاريخ العالم العربي اليوم وكان مهماً لي أن أعبّر عنه على رغم شعوري بأنه فيلم قاتم، متشائم قد يرفضه الناس. فالعرب يرفضون المناطق المظلمة في تاريخهم، ككل الشعوب على أي حال. أختار مواضيع كنوع من التحدي لنفسي في بعض الأحيان. فيلم «حرب الخليج وبعد» كان عن هزيمة العالم العربي وفشل كل الأيديولوجيات المطبقة فيه ومنها القومية العربية، وبالتالي لا شعبية له في السينما العربية ولكن قمت به ومن دون أي دعم، وأنا كواحد من جيل الهزيمة كانت لدي الحاجة للخروج من حال الإحباط. أنا سينمائي ولست سياسياً، وللتعبير عن إحساسي بالمشكلة أنتج فيلماً». ونظراً إلى عمله مع كبار المخرجين سألناه عن المخرج الذي يحب التعاون معه. محمد ملص. إنه مخرج كبير وهو الأكثر موهبة حالياً في العالم العربي، ولكن نظرته متشائمة سوداوية. أنا لا أتضايق من الخلافات مع المخرجين فهذا يعني أن لديهم حداً أدنى للدفاع عنه. والعلاقة معهم غير قائمة على الديكتاتورية لأي كان على الآخر ورؤية المخرج تؤخذ بالاعتبار. ويختص عطية حالياً بالرسوم المتحركة والأفلام التسجيلية للأطفال «جيل الغد» فهو يرغب «بتعريفهم بالتراث وبدور مجتمعاتنا في التاريخ». الحياة اللبنانية في 23 ديسمبر 2005 |