مشاهد قليلة تكشف اختلافاً عن السينما المألوفة... «عمارة يعقوبيان» في الطريق دمشق - راسم المدهون |
المشاهد القليلة التي شاهدناها على الشاشة الصغيرة من فيلم عادل إمام الجديد «عمارة يعقوبيان» لا تتيح لنا إطلاق حكم قيمة عليه، ولكنها مع ذلك تقدم إشارات الى جدية إنتاجه، وما يحمله من جماليات الصورة في فن سينمائي يرتبط أساساً بالصورة، ثم ذلك الحشد الكبير من ممثلي الصف الأول في السينما المصرية، الذين لعبوا أدواراً هي بمعنى السائد والمتداول «ثانوية»، وإن لم تكن كذلك في المعنى الفني. «عمارة يعقوبيان» الذي ظهر لنا من خلال تلك المشاهد، قليل الشبه بالسينما المصرية، جاء تميّزه من خلال الكلفة الإنتاجية العالية، والتي تجاوزت ما هو معتاد في الصناعة السينمائية المصرية بعدة أضعاف، وهو تفسير أكد عليه عادل إمام في أحاديثه الإعلامية، ما يشير إلى بدهية تبدو في الغالب غائبة ومغيبة عن أية نقاشات جدية تتناول أزمة السينما المصرية خصوصاً والعربية في صورة عامة. معظم تلك النقاشات لا يولي مسألة الإنتاج ما تستحق، إذ أن المتحاورين يركزون – غالباً – على الجانب الإبداعي باعتباره ضمانة النجاح والتميز، في حين تقول النظرة الواقعية أن الجانب الإبداعي – على أهميته وأساسيته – يتبدد في كثير من الأحيان في دهاليز الضعف الإنتاجي الذي لا يوفر له الحد الأدنى من حوامله التقنية ، حتى تبدو الصورة وما تحمله من أفكار درامية ضعيفة مهلهلة وشديدة الارتباك. جدل السينما العربية وما تعيشه من أزمات ، ينسى في تركيزه على الجانب الإبداعي، أن السينما ليست مجرد تعاون بين عدد من الأجناس الفنية والأدبية، ولكنها من خلال ذلك التعاون صناعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأول هذه المعاني وأهمها حاجتها كصناعة لأحدث الوسائل والتقنيات، كما حاجتها إلى توفير عوامل التصوير التي تبدو ثانوية أو غير أساسية، حتى لا تقع مسألة تحقيق الفيلم السينمائي في مآزق «الاختصار» و «التلفيق»، تحت شعار إبداع كثير بإمكانات قليلة ، وهو شعار يتضح بالتجربة العلمية عقمه وعجزه. لا نقول ذلك للتأكيد على دعوة إلى «الإنتاج الضخم» بحسب تعبير السينمائيين ، لأننا نعتقد أن ضخامة الإنتاج ليست إلا تعبيراً نسبياً، يختلف من فيلم إلى آخر، فما يحتاجه الإنتاج كاملاً هو المقياس الذي يمكن أن يحدد نسبة التوافق الجدي بين الإبداع والإنجاز، ففي عمل سينمائي تاريخي ستتضاعف الكلفة الإنتاجية عن عمل آخر عصري، يمكن أن تدور أحداثه في شقة سكنية ولا تتعدى أماكن تصويره بضعة شوارع، إذ أن مقارنة كهذه لا تستقيم بالعودة الى الأرقام المالية بين العملين ، ولكن بانسجام كل رقم منهما مع حاجة العمل الذي يخدمه. فكرة «عمارة يعقوبيان» والطريقة التي تحقق بها تضعنا منذ اللحظة الأولى أمام رؤية بصرية مختلفة، إذ نكتشف اختلاف الصورة عن تلك التي نراها عادة، ثم الأهم من ذلك أننا نكتشف غياب العيب الأهم في السينما المصرية ، وهو الصوت الذي يبدو عادة ضعيفاً مشوشاً وغير مفهوم. من الواضح أن أدوات تصوير السينما المصرية باتت قديمة، مستهلكة وغير قادرة على مواكبة حاجات السينمائيين وحاجات أن تكون أعمالهم صناعة حقيقية ، لها دورة رأسمالها الناجحة. «عمارة يعقوبيان» تحقق عن رواية أدبية مهمة، ولكنه وجد إنتاجا جدياً يضعه في القالب الجمالي المناسب، فهل يكون محطة يتعظ منها الآخرون؟ الحياة اللبنانية في 23 ديسمبر 2005
كتب: المحرر السينمائي
ضمن مسار الفيلم المصري السفارة في العمارة يقدم أحد الشباب اليسار هدية بمناسبة عيد ميلاد شريف (عادل إمام) هو كتاب ( مدينة البهائم) لايزابيل الليندي، يأخذه عادل إمام ويلقي به من نافذة شقته. في مشهد آخر يسأل أحد الشباب: أنت بتقرأ أيه؟ فيرد عليه: رائعة ماركيز )الحب في زمن الكوليرا(. كما أن جلسات الكيف التي يجتمعون حولها في عوامة صديقه المحامي يقف الصحفي الذي يعمل محررا في صحيفة (لا) وهو ينشد رائعة (أمل دنقل) ''لا تصالح ولو منحوك الذهب، ترى حين افقأ عينيك ثم اثبت جوهرتين مكانهما هل ترى هي أشياء لا تشترى''. وهي الأبيات الشعرية التي يعيد ترديدها عادل إمام في مشهد آخر ولكن بطريقته الخاصة في اللعب على الألفاظ. كل هذه الإشارات تضع الفيلم ضمن قراءته الخاصة بنقد الواقع المصري من قمة الهرم، من الحكومة، والحراك الثقافي للمجتمع المصري/ العربي في نسخته المكررة - عبر وهم يشكل حالة عربية عامة في أن المثقفين هم الأكثر دراية بواقعهم وقدرة على وضع الحلول له، وهو الوهم الذي بدأ يتصدع ويظهر للعيان، من النخبة المثقفة، أو اليسار المثقف الذي شكل أوهام الحرية العربية، إلى الجماعات الدينية المتطرفة التي تجد في زرع حزام ناسف في خاصرة (شريف) عادل إمام من أجل أن يضحي بنفسه ويفجر العمارة التي يسكن فيها، وتقع فيها السفارة الإسرائيلية، واجب ديني ينبغي التسليم بشرعية الجهاد حتى ولوكان بالقوة وفرضه على الآخرين. ويكفي على حد قول زعيم هذه الحركة: ''حتكون في العليين، فيسأله (شريف) وأنتو حتبوا فين؟ فيرد عليه: نحن حنبأ في السفليين.'' وبين هؤلاء وأولئك تظل الثيمة الرئيسية الموجهة في وجود سفارة إسرائيلية في عمارة يسكنها (شريف) الذي لا يفهم لعبة الحراك الزمني الذي خلقت كل هذه التغييرات. تدور أحداث الفيلم حول مهندس البترول ''شريف خيري'' الذي يعود بعد سنوات عمل طويلة في الإمارات، وعندما يصل لمنزله في القاهرة يفاجأ بتأجير الشقة المجاورة له لتصبح مقرا للسفارة الإسرائيلية وهو ما يسبب له مشكلات كثيرة يحاول أن يتعامل معها دون جدوى. إذ أن لعبة الحراك الزمني وما خلقته من تغييرات في المجتمع المصري وهو من عاش أكثر من عشرين عاما قضي وقته بين عمله في حقول النفط في مياه الخليج وقضاء الأمسيات مع النساء. العمل كوميدي بامتياز على رغم عنوانه السياسي. ورصده ما يدور في داخلهم من أفكار ساخرة تجاه ما يشاهدونه يومياً على الساحة السياسية والاجتماعية العربية. إن أحداث الفيلم تنهض على المفارقات الكوميدية مع شريف (عادل إمام) الذي يجد نفسه أمام واقع إشكالي لا يفهمه ولا يستطيع الانسجام معه، وكيف تلعب الحكومة والشارع في تغيرات مواقفه بين القابل للوضع والرافض له، كيف تلعب الدبلومسية والتطبيع، في مواجهة رفض شعبي جارف يجره للتعرف على أسماء شخصيات وزعامات سياسية بداية من ماركس ولينين ووصولا إلى الطفل (إياد) الفلسطيني الذي ولد وترعرع في الخليج ليموت شهيداً، حين يجره حنينه إلى أرضه فلسطين ويشارك في انتفاضة شعبها. نعتقد أن الكاتب يوسف معاطي نجح في بلورة الفيلم عبر كوميديا الموقف، بدليل رفض المثقفين هذا النقد الجارح الموجه إلى هذه النخبة التي تشكل نموذجاً للنخبة العربية التي لم تحقق للأمة العربية أي مشاريع فكرية وإصلاحية غير نقد الحكومات. الوطن البحرينية في 21 ديسمبر 2005 |
اسرائيليون يكشفون الوجه الاخر لفيلم ميونيخ دان وليامز القدس (رويترز) - ساعدت حفنة ايصالات في كشف النقاب عن أكبر فضيحة للمخابرات الاسرائيلية. حدث ذلك عام 1973 بعد أن قتل جواسيس أرسلوا الى النرويج نادلا اعتقدوا خطأ أنه العقل المدبر لهجوم فلسطيني وقع في دورة الالعاب الاولمبية التي أقيمت قبل ذلك بعام واحد وقتل خلاله 11 رياضيا اسرائيليا. وربما تمكن القتلة من الهرب لكن واحدا منهم لم يكن عضوا مدربا في المخابرات الاسرائيلية (الموساد) بل كان متطوعا من أصول دنمركية أحضر من الخارج لمهاراته اللغوية. واحتفظ المتطوع بايصالات المصاريف التي أنفقها على أمل استرداد الاموال. وعندما اعتقلته الشرطة النرويجية أعطاها افادة مكتوبة عن أنشطته أدت الى اعتقال ومحاكمة باقي الفريق بتهمة القتل. لذا شعر مسؤولون مخضرمون في الموساد بالدهشة عندما عرض فيلم "ميونيخ" munich للمخرج الامريكي ستيفن سبيلبرج الذي يدور حول الاحداث التي أعقبت مقتل الرياضيين الاسرائيليين وظهر فيه ضابط في الموساد يأمر العملاء بالاحتفاظ بالايصالات بينما هم متخفون في الخارج. وقال جاد شيمرون عندما سئل عن رأيه في الفيلم "انه نسخة تندرج تحت بند اللامعقول من طريقة العمل." وأضاف لرويترز "ينتظر من العملاء أن يقدموا ما يدل على المصاريف التي تحملوها لكن ليس ان كان هذا يعني المخاطرة بكشفهم. يستطيعون بسهولة أن يبلغوا عن مصاريفهم من الذاكرة عندما يعودون الى الوطن ويقبل ذلك على أساس الثقة." وكانت هذه واحدة بين شكاوى عدة بشأن الفيلم رددها أناس على معرفة مباشرة بطبيعة عملية الانتقام الاسرائيلية. ويرسم فيلم سبيلبرج صورة قاتمة لمصير لخمسة رجال أرسلتهم اسرائيل لتعقب وقتل أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية وجهت اليهم أصابع الاتهام في الهجوم الذي حدث خلال دورة الالعاب الاولمبية. والفيلم مقتبس عن رواية "الانتقام" التي صدرت في عام 1984 وتروي في صورة يوميات اعترافات أحد أفراد فرقة الاغتيال. ويصور الفيلم فرقة الاغتيال وهي تتحرك في أوروبا والشرق الاوسط دون رقابة تذكر بينما يعاني أفرادها من انعدام الثقة في النفس. وحرص سبيلبرج على اضافة جملة تقول ان الفيلم "مستلهم" فقط من أحداث حقيقية لكن الكثير من الاسرائيليين عبروا عن خيبة أملهم في مخرج هوليوود الذي أخرج فيلم "قائمة شندلر" Schindler's List عن محارق النازي بعد اجراء أبحاث طويلة. ويقول دافيد كيمش الذي كان مسؤولا كبيرا في الموساد خلال السبعينيات "أعتقد أنها مأساة أن يبني شخص في مكانة ستيفن سبيلبرج الذي أخرج أفلاما رائعة هذا الفيلم على كتاب يتضمن معلومات خاطئة." وترتكز معظم انتقادات الاسرائيليين على تصوير الفيلم للجدل الاخلاقي الذي ينصب على فرقة الاغتيال. ووصف ضابط سابق في القوات الاسرائيلية الخاصة شارك في عملية اغتيال خطط لها الموساد في الثمانينيات ذلك بأنه أمر خيالي. وقال "كلنا أدينا الخدمة العسكرية الالزامية وكلنا خضنا تجارب قتالية وكلنا قبلنا ضرورة الهجوم على أعدائنا بقوة. اسرائيل دولة تخوض حربا." وأضاف "نحن نذهب ونؤدي المهمة ونأمل في العودة في الوقت المناسب لنتاول الافطار مع أولادنا ونصحبهم للمدرسة." موقع "إيلاف" في 23 ديسمبر 2005 |