"البوسطة" لفيليب عرقتنجي يحقق جماهيرية في الصالات اللبنانية
ريما المسمار |
يستوقفك في فيلم "البوسطة" لبنانيته، او ما اتُفق على انه "لبناني" او "يمثل" لبنان. يستوقفك الجهد المبذول لاثبات انه فيلم لبناني. كأنه يبدأ من الصفر. يخترع لبنانيته، هو غير الراضي عن "لبنانيّة" الأفلام الأخرى. يبدأ بالملصق او "الأفيش" فيستعير العلم بألوانه وأرزته كدلالة اساسية على "اللبنانية". يؤكدها بدمغة كالتي توضع على الخضر والفاكهة المصدرة الى الخارج: لبناني 100%. ينتقل الى المقدمة او "الجنريك". مشاهد دبكة مأخوذة من افلام لبنانية او لبنانية/مصرية أُنتجت في الستينات واشتهرت باحتوائها دائماً على مشهد دبكة على خلفية قلعة أثرية ما. تمر تلك المشاهد على الشاشة مع أسماء فريق العمل ضمن إطار بطاقات بريدية سياحية، يرافقها صوت "صباح" الشحرورة. المشهد الافتتاحي: ازدحام سير على جسر في بيروت. الكاميرا "تمشط" السيارات والناس فتستوقفك "الكليشيهات البشرية" المزروعة كل خمسين متراً: الراهبة، الشيخ، الخليجي، الفتاة العصرية التي يختصرها لباس مكشوف عند البطن وشعر منكوش او باختصار "هندام" لا يخضع لفكرة المجتمع عن صورة الفتاة المرتبة... وسواها من النماذج التي تشير الى "الخليط" اللبناني. في آخر الازدحام، شيء من الفانتازيا القائمة على الرمز. كل الازدحام سببه "بوسطة" ملونة تعطلت في منتصف الطريق. انها آخر رموز المشهد ولكنه رمز ستتكشف معانيه شيئاً فشيئاً: بوسطة تحتوي على مجموعة شباب تحاول ان "تقلّع" لتوصلهم الى حيث سيحيون حفلاتهم الراقصة. فكرة واحدة تسيطر على العمل: كيف يكون لبنانياً مئة في المئة؟ الصراع لعل تلك الفكرة هي التي تكبله وتعيده الى نقطة الصفر في كل مرة تتفلت أحداثه وشخصياته من قبضة النقاش الايديولوجي حول الأصالة والتراث. بإرادة حديدية، يعيدهما المخرج فيليب عرقتنجي الى ما يعتبره هو النقاش الضروري والاساسي لفهم هويتنا. ولكنه يتناسى البديهيات: الصراع بين القديم والجديد حاجة للتقدم. يسهل مهمته بأن يتخذ الدبكة تجسيداً للتراث والاصالة. في حين ان امثلة أخرى ستزيد الامر تعقيداً. أليست أغنيات فيروز والرحابنة أيضاً تراثاً نعتز به؟ وهي في الوقت عينه حملت بذور التجديد والتمرد. كيف يمكن في هذه الحالة الفصل بين التراث والتجديد؟ او التفريق بين ما هو أصيل وما هو وافد؟ حسن هو يريد تناول مثل واضح ليسهل بعد ذلك ايصال افكاره عن لبنان القديم والجديد وما بينهما. ولكن تبقى المشكلة في ان حتى ذلك التجديد حاضر اليوم على الأرض. ثمة فرق راقصة كثيرة تجدد الرقص الفولكلوري وتقدمه في حلة جديدة. برغم ذلك، يتعاطى الفيلم مع موضوعه كسابقة وكخطوة غير متحققة. لعل ذلك ايضاً يندرج في إطار حشد الرموز التي لا تحتمل النقاش حول "لبنانيتها". الدبكة لبنانية لا محالة وتالياً فإن اي "تلاعب" بأسسها هو تلاعب بعناصره المكونة وبهويتها. أهذا ما يصلنا من الفيلم؟ الى حد بعيد، يراوح الفيلم في هذه الدائرة من النقاش حول ما هي مكونات "اللبنانية". لحسن الحظ، ان الفيلم بشقه الوسطي يتحرر الى حد بعيد من أفكاره المسبقة ومن كليشيهاته المفروضة ليثبت ان ما يبحث المخرج عن تثبيته بالكلام المباشر والاشارات الرنانة تختزله الشخصيات بدون جهد ولا تكلف. ولكنه ايضاً الجزء الذي يقوم على تناقضات في النظرة. انها، اي الشخصيات، نقطة الثقل في الفيلم، او الأحرى حكاياتها. هي وحدها قادرة على التحدث عن هذا "اللبنان" وعن ذلك "اللبناني" وعن ذاك الرباط الابدي بينهما، الحرب الأهلية. الجرح الكبير "كمال" (رودني حداد) هو الشاب العائد من غربة خمس عشرة سنة. يعيد تجميع أصدقائه القدامى الذين درسوا معه في "مدرسة عاليه النموذجية" التي امتلكها والده والذين شهدوا موت الاخير بقنبلة وصلته في طرد هدية: "عليا" (ندين لبكي) و"فولا" (ندى ابو فرحات) و"عمر" (عمر راجح) و"خليل" (بشارة عطا الله) و"توفيق" (منير ملاعب) و"أرزة" (ليليان نمري). يجمعهم من جديد حول أمل. ذاك ما يجسده "كمال"، الامل العائد بعد سنوات من اللاشيء. كل واحد فقد حلماً وكل يقود حياة لا ينتمي اليها تماماً: عمر يعمل في خدمة توصيل الطعام وتوفيق يقضي وقته في "رياضة" التمرن على التصويب وعليا في الفراغ وفولا في التعويض عما فقدته بنجومية رخيصة... "كمال" هو الرمز. انه لبنان، بمنطق الفيلم، الذي ينادي أهله للالتفاف حوله من جديد وان كانت به إعاقة من مخلفات الحرب، تتجسد بالعرج في رجل "كمال" من آثار الانفجار. صحيح ان الفيلم يخترع لكل من الشخصيات مشكلته الخاصة الصغيرة، ولكن المشكلة المشتركة تبقى تجربة الحرب المعششة. ان "كمال" الذي يقوم بكل ما يقوم به من أجل تحقيق انطلاقة جديدة، يكتشف في نهاية المطاف انه غير قادر على تخطي تلك التجربة المؤلمة. فيعود الى حبه الاول، "عليا"، والى شغفه الاول، الرقص، الذي كان قد تركه بسبب عرجه مكتفياً بتمرين الآخرين فقط ليحقق تلك الانطلاقة. خلال رحلتهم التي يجوبون خلالها لبنان من شماله الى جنوبه ومن غربه الى شرقه، تتبدى الفوارق بين الشخصيات. اختلافات مذهبية واجتماعية وتفاوت بين تورط كل منهم في الحرب. وتلك البوسطة التي تجمع تلك الفوارق هي الرمز المقلوب للبوسطة التي انطلقت منها شرارة الحرب الاهلية. لا يبدو الجميع متخلصاً من انتماءاته الطائفية. هناك ما هو عالق برغم كل المحاولات لدفنه خلف أقنعة التعايش. لعله هنا تبرز التناقضات حيث تضيع رؤية المخرج بين تكريس الكليشيه وبين محاكاته الساخرة. فالفيلم يجمع تلك الشخصيات ضمن مشروع فني ويجعل للبوسطة التي هي رمز الحرب الطائفية دلالة جديدة هي التعايش. ولكن في العمق، لا يبدو ذلك حقيقياً. كل يتكلم انطلاقاً من انتمائه الطائفي والعائلي. فهل التعايش كذبة؟ ام ان الطائفية آفة لا خلاص منها؟ وما موقف الفيلم منهما؟ بيت التكريس والنقد لا يعفي الفيلم من الاجابة عن تلك الأسئلة انه عمل ترفيهي بالدرجة الاولى كما أكد مخرجه في غير مناسبة. فهذا القفز على الحبل الرفيع بين تكريس الاشياء وبين نقدها لا يسهم الا في ازدياد الهوة بين مفردات الفيلم البصرية ومضمونه. فكيف يمكن لأفيش يستعير العلم اللبناني ان يكون عنواناً لفيلم ينتقد النموذج اللبناني المعقد اذا كان بالفعل ذلك هدف الفيلم؟ لعل مشكلة الفيلم تتمثل في انه يبسط طرح افكاره. ثمة شيء أكثر تعقيداً من حسم النقاش حول الاصالة والتجديد. فمن ذا الذي يستطيع اليوم ان يحدد ما هي الاصالة؟ بل ان العصر تجاوز حتى فكرة التجديد التي استُهلكت حتى فقدت معناها. فهل ان اضافة بعض حركات الرقص العصرية على الدبكة يُعتبر خطوة جديدة أو تجديداً؟ على صعيد آخر، ربما يكون الرقص هو ايضاً المشكلة لأنه لم يستطع اقناعنا كمشاهدين فكيف سيقنع لجنة تحكيم عتيقة الافكار ومتحجرة الرؤية؟! في عمل يصنفه مخرجه موسيقياً راقصاً، لا بد من ان تتجه الأنظار الى الموسيقى والرقص. الأخير ضعيف. ثمة إحساس يرشح الى الشاشة مع كل مشهد راقص بأن الممثلين قاموا بتدريبات مكثفة بالفعل ولكنهم ببساطة ليسوا راقصين باستثناء عمر راجح. يعزز ذلك الاحساس التصوير الذي يزيد الحركات ثقلاً والفارق الزمني بين الموسيقى ونقرات ارجل الراقصين على المسرح. اذا كان ذلك من قبيل التصوير الواقعي، فإنه يتنافى مع اسلوب التصوير الاستعراضي لاسيما في المشهد الاول عندما تقوم الفرقة بتجربة أداء امام لجنة التحكيم. في ذلك المشهد، يستخدم المخرج تقنية تصوير الاستعراض مع ابقاء الصوت مخربشاً حيث نسمع الموسيقى في مكان وضربات الأرجل في مكان آخر. في الموسيقى فلتات جيدة مثل "هيدا شي منو شي" و"شوف بطني شوف" والموال الذي تغنيه "عليا" عندما تترك الفرقة... وأخرى منفرة كالحوار الغنائي المقفّى بين الشخصيات عبر الهاتف... ولا يشكل الظهور الخاص لعدد من المغنين والمطربين (صباح، رويدا عطية، خالد العبد الله...) إضافة لاسيما انهم باستثناء "صباح" يقدمون ادواراً تمثيلية عادية لا ترتكز الى شخصياتهم الواقعية. على صعيد آخر، يقدم الممثلون أداءً تمثيلياً جيداً عموماً لاسيما حداد في الدور الرئيسي باستثناء بعض "المسرحة" التي تشوب أداءه في عدد من المشاهد وابو فرحات في دور "فولا" التي تقدم الشخصية الاكثر استدارة ونضجاً.. اما لبكي فيخونها في معظم الأحيان نطقها وأداؤها الصوتي للحوارات الذي تشوبه لكنة فرنسية بينما تعوض عن ذلك ملامحها المعبرة امام الكاميرا.. الباقون يتحلون بحضور حقيقي وأداء واقعي غير مصطنع كما هو الظهور المحبب للممثل محمود مبسوط. يوتوبيا جماعية بعد ان حشد الفيلم كليشيهاته عن لبنان واللبنانية يعود ويسلم بفكرة انه لا يوجد تعريف ثابت لأي منهما. يكتشف "كمال" انه ان تكون ننُ اي على الهامش افضل من ان تكون َى اي في السائد. برغم ذلك، يبقى السائد حاضراً. كاميرات التلفزة التي تحيط بالمشهد الأخير تدل على اقتحام التلفزيون حياتنا من دون اتخاذ موقف حاسم منه. الأمر برمته أقرب الى لعبة الكل يعرف قوانينها. الطائفية موجودة ولكن لا نتكلم عنها والتلفزيون مخرب ولكننا في حاجة اليه. ولكن مرة أخرى "يخدعنا" المخرج مستعيداً في اللقطة الأخيرة جدية في غير مكانها عندما يتبع كلمة النهاية بـ"هي البداية". انها "اليوتوبيا" التي تنطلق من اسم المدرسة ولكنها تنسحب على نظرة الفيلم كخاصّة "تسويقية" أكثر منها قناعة ذاتية. فهذا فيلم مصنوع ليصل الى المشاهد وليرفه عنه وتالياً فإنه يبني على الكثير من الكليشيه والآمال المعسولة والنوستالجيا بدءاً بالمقدمة... ما يفلت من ذلك البناء ويتمرد على خطابه الجماعي هو ما يبقى من الفيلم ويدفعنا الى ان نسأل لماذا لم يكن هو الانطلاقة التي كان يمكن ان تقود الفيلم أبعد وأعمق من دون ان تتنافى مع طموحه الجماهيري؟ المستقبل اللبنانية في 16 ديسمبر 2005 |
عرقتنجي: البوسطة هي الجرح الذي في داخل كل منّا هنا مقتطفات من حوار لم يُنشر أجريناه مع المخرج فيليب عرقتنجي خلال تصوير الفيلم: عن الفيلم ودوافعه، يقول المخرج: "الفيلم هو كوميديا موسيقية، يحاول تجنب الحرب، فلا يتحدث عنها وانما عن اعادة بناء الارواح. وهو أول فيلم ممول محلياً من دون تقبيل ايادي الفرنسيين. انا عشت في فرنسا 12 سنة وأنجزت افلاماً كثيرة هناك. أعرف تماماً انه اذا أردنا صنع فيلم لبناني بوجهة نظر معينة صدف انها لا تتماشى مع وجهة النظر لجمهور معين يرى الجنوب بطريقته الخاصة، فإن المجال غير مفتوح. هذا فيلم ترفيهي ليس عن امرأة محجبة ولا عن موضوع من موضوعات سينما الجنوب ربما لذلك وصفوه في فرنسا بالبعيد عن "الحقيقة اللبنانية". وما ادراهم هم بالحقيقة اللبنانية؟ لذلك قررت ان اترك كل شيء في فرنسا وعدت الى هنا لأنني لا أفرق بين حياتي الخاصة وعملي السينمائي. الفيلم بالنسبة الي موقف. هذا لا يعني انني مغلق على الغرب ولكن لا يجدر بنا التقيد برؤيتهم للأمور". وعن فكرة الفيلم: "كتبت السيناريو قبل 15 سنة عن مجموعة شباب يأخذون بوسطة ويجولون بها لبنان لينفوا الحدود. وقتها كانت الحدود بين المناطق موجودة. قبل سبع سنوات، شعرت بحاجة ماسة الى صنع فيلم لبناني خالص. عدت الى لبنان وبدأت البحث فشعرت ان الناس في حاجة الى شيء مضحك ومسلٍّ. هكذا عدت الى سيناريو البوسطة بإرادة ان أكتب شيئاً مضحكاً طريفاً. لم أعرف من قبل ان اطلّع شيئاً مضحكاً لأن في داخلي 17 سنة حرب. وتوصلت في النهاية الى ان التعبير عن الالم ليس بالضرورة ان يكون بواسطة الألم. فهذه قصة عن ناس متألمين يريدون ان يلهوا ويفرحوا. انطلقت من البوسطة لأنها الجرح الذي بداخلنا وأردت ان احولها شيئاً آخر مرحاً". وحول علاقة العمل بالماضي وفكرة الاصالة يقول: "الفيلم يتحدث عن المصالحة مع الماضي عن اعادة اختراعه وعن اكتشاف الهوية. ولكن العودة ليست الى ماضي اهالينا لأنه مشوش بل الى ماضي جدودنا. اللبناني غير سعيد ببلده لأنه لا يملك الاحساس بالانتماء لأن ماضيه محروق. ربما اذا عدنا الى الماضي الذي يسبق ماضينا سنعرف من نحن وسنخترع هوية جديدة لأن اعادة تحديد الهوية عملية لا تنتهي وكذلك بناء الفردية". وعن تمويله وجمهوره: "الفيلم ممول من مستثمرين لبنانيين يملكون حصصاً في الفيلم ومن تلفزيونات ومن اشخاص اقتنعوا بالمشروع. وأشدد على انه فيلم ترفيهي بالدرجة الاولى وموجه الى جمهور عريض. هذا شيء نفتقده كسينمائيين لبنانيين وعرب. بالنسبة الي، يهمني ان تُشاهد افلامي من قبل جمهور كبير أكثر مما يهمني ان تفوز بجوائز". المستقبل اللبنانية في 16 ديسمبر 2005 "بوسطة" يعيد لبنان إلى أفلام الموسيقا الفيلم اللبناني “بوسطة”، الذي أخرجه وكتبه فيليب عرقتنجي، وتمثيل: ردني الحدّاد، نادين لبكي، ندى أبو فرحات، عمر راجح، ليليان نمري، بشارة عطا الله، محمود مبسوط، وتصوير: غاري تيرنبول، وموسيقا: علي الخطّاب، وتوليف: دانا تروميتر، يعيد لبنان الى السينما الموسيقية، وخلفية المخرج فيليب عرقتنجي تلتقي وخلفية بطله كمال تلتقيان. فيليب كان ترك لبنان وأمضى نحو سبعة عشر عاماً في أوروبا حيث تعلّم الإخراج. كمال ترك لبنان وأمضى خمسة عشر عاماً في أوروبا حيث تعلّم الموسيقا والرقص. فيليب عاد وباشر مشروع العمل في السينما اللبنانية، وكمال عاد الى لبنان ليباشر العمل على مشروع فني آخر. وكلاهما حقق في النتيجة جزءاً من الغاية المرجوّة التي هي جزء من النتيجة الكلية. “بوسطة” هو أول فيلم موسيقي لبناني من زمن ليس بالقصير. لا أذكر حين كتابة هذه السطور اسم آخر فيلم ميوزيكال تم إنتاجه في لبنان، لكني أعتقد انه كان لسمير خوري. مخرج “ذئاب لا تأكل اللحم” و”سيدة الأقمار السبعة” غيّر منواله من هذين الفيلمين الجريئين الى فيلم عائلي ثالث تمت مشاهدته قبل نحو عشرة أعوام في عرض خاص جداً. قبل هذا الفيلم “سفربرلك” (1966) و”بنت الحارس” (1967) كانا نوعاً من الميوزيكال، لكن لا أذكر شيئاً يمكن نعته بالفيلم الموسيقي بعد ذلك (ليس كل فيلم فيه أغنية تتقاطع وأحداث الفيلم هو ميوزيكال). لكن الأهمية الحقيقية تكمن في أنه فيلم ميوزيكال ترفيهي لكن بقيمتين واحدة على صعيد القصة والثانية على صعيد المعالجة. إنه عن ذلك العائد كمال (الحداد) الذي يقصد تأليف فرقة دبكة حديثة. أي المزج بين تراث وأصالة الدبكة اللبنانية وبين التكنو- ميوزيك وهو يجمع بعض أصدقائه الذين لم يسافروا مثله بل صبروا على الحرب أمثال عليا (لبكي) وفولا (أبو فرحات) وعمر (راجح) وتوفيق (منير ملاعب) وكل واحد منهم آت من طائفة او منطقة لبنانية مختلفة. في محاولة الفيلم التأكيد على ضرورة الانصهار بين الطوائف والثقافات والأديان يدخل بطل الفيلم معارك عاطفية وشفوية مع الجميع. إنه متمسّك برغباته في الفوز برضا لجنة تحكيم وجدت أن تصاميمه لرقصات الدبكة اللبنانية ليست تراثية او فولكلورية فمنعته من الاشتراك في المسابقة ما جعله يقرر إقامة عدة حفلات (صغيرة) للبرهنة على أنه وفنه جديران بالتقدير. بعض مشاكله العاطفية عائدة الى توزّعه بين راقصة في فرقته (لبكي) وصحافية تلفزيونية (الجديدة رنا علم الدين كرم)، لكن هذه العلاقات العاطفية هي جزء من جملة العلاقات التي تمتد خيوطها ما بينه وبين أعضاء الفريق ثم بين أعضاء الفريق وكل واحد آخر. ثم ان هذا كله هو النسيج المنضوي تحت رغبة التأكيد على أن لبنان هو وطن واحد للجميع وأنه لا وجود اليوم للمتمسّكين بلبنان قبل الحرب. الرسالة في هذا الاتجاه مفادها أن هناك طريقاً واحداً للمضي فيه وهو طريق التقدّم. التمثيل والرقص لا بأس بهما لكن التصوير في مناطق بالغة الجمال هو جيد لا على صعيد المناظر الطبيعية، فجودة هذه من الخالق تعالى، بل على صعيد العمل الفني والتقني للكاميرا أساساً. هناك جرأة في الطرح وجرأة في رسم الشخصيات وجرأة أخرى في الدفاع عن رسالة متفائلة. كل هذا بأسلوب عمل جيد وديناميكي. الخليج الإماراتية في 18 ديسمبر 2005
|