الجلسة سرية
الفيلم الآخر لمحمد عبدالعزيز وهو (الجلسة سرية - 1986) والذي كتبه
للسينما الكاتب الصحفي نبيل عصمت في أول تجربة سينمائية له، بعد تجربته
الناجحة في التلفزيون، وقد اعتمد السيناريو في قصته على وقائع قضية حقيقية.
كذلك اعتمد الفيلم على فكرة جيدة ومذهلة حملها سيناريو متقن في حبكته ومليء
بالمفاجآت.
فالفيلم يحكي عن رجل (محمود ياسين) يعيش حياة عائلية مستقرة وسعيدة، وله
ابن هو كل حياته. وفجأة يجد نفسه محاصراً بإدعاء بأنه أنجب في الحرام ولداً
من امرأة (شهيرة) كان قد أوصلها يوماً ما إلى مستشفى الولادة وهي في حالة
المخاض الأخيرة. ينصحه محاميه بأن يحارب الباطل بالباطل لإظهار الحقيقة،
وأن يسعى وراء شهادة مرضية تفيد بأنه غير قادر على الإنجاب، فيطلب منه
الطبيب إجراء تحليل روتيني، فإذا بالتحليل يثبت فعلاً بأنه عقيم، فيجن جنون
هذا الرجل.. ويجري تحليلاً ثانياً وثالثاً في مصر، وتحليلاً رابعاً وخامساً
في لندن، كلها تؤكد بأنه رجل عقيم منذ ما قبل بداية حياته الزوجية، بل منذ
لحظة ميلاده.
هنا يبرز السؤال الذي يؤرق هذا الرجل.. من أين له بهذا الابن من زوجته
(يسرا) إذن؟! وتستمر الأحداث بشكل منطقي ما بين قضية اتهام المرأة للرجل
بأبوة ليست له، وبين قضية إثبات بنوة الابن الذي رباه ووضعه في حدقة عينه.
وتتكشف الحقيقة في النهاية بأن الابن ليس إلا ثمرة خيانة زوجة أنجبته في
نزوة مع أعز أصدقاء هذا الرجل الضحية.
الفيلم ليس به جديد غير فكرته، ولكنه استمد قوته من السيناريو المحبوك
جيداً والذي اهتم كثيراً بالتفاصيل الصغيرة جداً، والتي صنعت لكل مشهد
بصمته الخاصة. أما عملية سير الأحداث فهي تقليدية لا تختلف كثيراً عن مجمل
ما تصنعه السينما المصرية. خصوصاً تلك التوليفة الدرامية غير المنطقية التي
تخص شهيرة وشقيق زوجها ومن ثم خالها، كل هذا كان مجرد زيادة غير مبررة، كان
بالإمكان الاستغناء عنها، فهي لا تؤثر في أحداث الفيلم الأساسية.
وبعد أن استعرضنا مضمون الفيلمين، لا بد لنا من الإشارة إلى جهود المخرج
محمد عبدالعزيز في إيصال هذين الفيلمين إلى المتفرج.. فقد حافظ المخرج في
كلا الفيلمين على عنصر الإثارة والتشويق في الكثير من المشاهد، رغم أنه لم
يكن هناك لمحات فنية وإبداعية مبتكرة أو غير عادية. الإخراج كان من وجهة
نظر فنية ذا أسلوب تقليدي، إل أن تقليديته اختفت وراء موضوع جديد ومشوق.
كما أن محمد عبدالعزيز نجح في إدارة ممثليه وتقديمهم في صورة جيدة. فرغم
تعاونه في الفيلمين مع نجوم مثل نور الشريف، محمود ياسين، يسرا، شهيرة،
وإيمان الطوخي، إلا أن هذا لا ينقص من جهد هذا المخرج في إدارتهم لتوصيل ما
أراده هو والمؤلف إلى المتفرج.
وأخيراً.. يمكن القول بأن محمد عبدالعزيز، نجح إلى حد ما كمخرج في الاتجاه
الآخر، كما نجح في الاتجاه الكوميدي من قبل، بل أن الوسط الفني لم ينتبه
لهذا المخرج وإلى قدراته إلا عندما قدم السينما الاجتماعية. ولكن هذا لا
يمنع بالطبع القول بأن السينما الكوميدية بحاجة مرة أخرى إلى جهود المخرج
محمد عبدالعزيز، للمساهمة في ارتقائها.
الحكم آخر
الجلسة