في موضوعنا هذا سنتناول فيلمين لمخرج واحد، الفيلمان هما (الحكم آخر الجلسة
- 1984)، و(الجلسة سرية - 1986). والمخرج هو الفنان محمد عبدالعزيز. ولقد
تم عرض الفيلمين خلال الشهور القليلة الماضية على شاشة تلفزيون البحرين.
أما الفنان محمد عبدالعزيز، فقد بدأ مشواره السينمائي باتجاهه نحو الفيلم
الكوميدي، بل واستمر في هذا الاتجاه ونجح فيه إلى حد كبير. حيث قدم مجموعة
من أفلام عادل إمام الناجحة وغيرها من الأفلام الكوميدية. ولكن هذا المخرج،
بعد النجاح والشهرة في مجال الفيلم الكوميدي، اتخذ له خطاً درامياً آخراً،
وقدم الفيلم الاجتماعي الذي يبتعد كثيراً عن الكوميديا، والمتمثل في فيلميه
محور هذا المقال.
إن هذا التحول لمخرجنا، عن الفيلم الكوميدي، قد سبقه إليه مخرج كوميدي آخر
يعد من بين أهم مخرجي الكوميديا المصرية الحالية، هو المخرج أحمد فؤاد.
وهنا يكمن الشعور بالقلق على مصير الفيلم الكوميدي، وهو إن نصبح في يوم من
الأيام ولا نجد من يصنع الفيلم الكوميدي. والذي مهما قيل عنه لا يمكن لأي
إنسان الاستغناء عنه. وعندها يبرز التساؤل عن سبب هذا الابتعاد من
المخرجين، وحتى من الكتاب عن تقديم الفيلم الكوميدي؟!
ونحن هنا نتحدث بالطبع عن الفيلم الكوميدي الاجتماعي وليس عن ذلك الكم
الهائل من الأفلام التي تقدم لنا الابتذال الكوميدي والتهريج الذي نشاهده
بوفرة في السوق السينمائي والذي ساهم بدوره في تجسيد الاعتقاد السائد لدى
الكثيرين بأن مخرج الأفلام الكوميدية هو فنان من الدرجة العاشرة أو أنه
مخرج مهرج. غير أن الحقيقة هي أن الكوميديا تعتبر من أصعب فنون الدراما حيث
أنه من السهل جداً على الفنان أن يبكي المتفرج على أن يضحكه.
فالفيلم الكوميدي يحتاج إلى كاتب ومخرج من نوع خاص يمتلك مواهب إضافية
تساعده على إيصال تلك الكوميديا محملة بفكر ثاقب بشكل سلس وطبيعي وجميل
وبعيد عن ذلك الابتذال والافتعال أو حتى المبالغة. هذه الصفات السلبية التي
أصبحت ملازمة للكثير من الأفلام الكوميدية الموجودة على الساحة السينمائية،
والتي على ما أعتقد قد ساهمت كثيراً في سحب الثقة والدعم المعنوي من تحت
أقدام الفيلم الكوميدي الهادف.
نعود الآن للمخرج محمد عبدالعزيز، لنتحدث عن فيلميه ومناقشتهما، ولكن في
البداية أحب أن أذكر بأن أزمة السينما في المقام الأول هي أزمة فكر ومضمون
وبالتالي أزمة سيناريو يصاغ من خلاله كل ذلك. فمهما كانت حرفية المخرج
ومهارته في استخدام أساليبه الفنية، يظل الفيلم فقيراً إذا لم يتضمن فكراً
جيداً ورؤى فنية جديدة وسيناريو متقناً ومبتكراً. ومناسبة حديثنا هذا ليس
لأن ذلك ينطبق تماماً على الفيلمين محور المقال، بل لأنهما اعتمدا هذا
المبدأ وإن لم ينجحا كثيراً في تجسيده، حيث كان اهتمام صانعي الفيلمين
منصباً على تقديم مواضيع هام أو جيدة. |