"إنه من الصعب أن تحدث ظاهرة ثقافية كل مرة" .. هذا ما قاله جون ترافولتا في أحد تصريحاته، لكن إلى حدّ الآن سجله ليس سيئاً. فقد اشتهر في دور "توني مانيرو" ملك الدّيسكو في فيلم (حمى ليل السبت Saturday Night Fever) عام 1978، ودور "جون" في (جريس Grease) أيضاً عام 1978، وفي فيلم (راعي بقر حضري Urban Cowboy) عام 1980، وفيلم (لب القصة Pulp Fiction) عام 1994.
ولد جون ترافولتا عام 1954 في إنجليوود بنيوجيرسي، وبدأ مشواره الفني في أدوار صغيرة في مسرحيات والديه. فوالدته هيلين كانت مدرسة مسرح في إحدى المدارس الثانوية، حرصت على تشجيع اهتمامه بالفن، حتى إنها أرسلته لدراسة فن الرقص مع "فريد" شقيق "جين كيلي". وقد ترك جون المدرسة في سن السادسة عشرة من عمره، بعد موافقة والديه طبعاً، حتى يستطيع أن يقوم بأدوار ثانوية على مسارح بروادواي. وفي النهاية، قام بدور صغير في مسرحية (جريس Grease).

بعدها ظهر في بعض الأفلام .. ويمكن أن نلقي نظرة خاطفة على دوره في الفيلم المشهور (كاري Carrie)، عندما يذبح الخنزير ويصب دمه على "سيسي سباسيك". إلا أن دوره الحقيقي كان في الفيلم التليفزيوني (الولد في الفقاعة البلاستيكية The Boy in the Plastic Bubble). بعد ذلك أصبح يسكن قلوب مراهقي أمريكا عندما قام بدور فينيني باربارينو في الحلقات التليفزيونية (مرحباً بك مرة أخرى..كوتر Welcome Back, Kotter). هذا الدور الذي أكسبه شهرة كبيرة. لقد بدأ ترافولتا صغيراً، لكنه سرعان ما طور من نفسه حتى أصبح معبود الجماهير. كان نجم هوليود الكبير في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، حيث غير مفاهيم المهنة بشكل عاصف وكذب الأقوال المأثورة القديمة بشكل حازم والتي تقول بأنه ليس هناك أفعال ثالثة في الحياة الأمريكية.

ولا ننسى أن تقول بأن ترافولتا قد حاز على الألبوم الأساسي في تلك الفترة، ووجد نفسه مطارد من قبل المعجبين في الشارع العام. وقد عرف أولاً في هيئة مراهق وغد يخطط ضد (كاري CARRIE) في فيلم المخرج المذهل بريان دي بالما الذي قدمه عام 1976. وقد تخرج ترافولتا في الحقيقة من التليفزيون، ومن ثم شق طريقه للنجومية في واحد من أبرز أفلام أواخر السبعينات، ألا وهو (حمى ليلة السبت SATURDAY NIGHT FEVER) عام 1977. وتراقولتا أمريكي ذو أصل إيطالي، وبضربة حساسة ومجموعة من الرقصات النارية، ساعد الفيلم في أن يشتهر ويضرب في السوق السينمائي ويحصل ترافولتا على ترشيح أوسكار أفضل ممثل. وقد استفاد الفيلم من هذه الشعبية النامية للرقص في أمريكا عامة.

وبعد الإخفاق التام نقدياً وتجارياً لمسرحية (لحظة بلحظة MOMENT BY MOMENT) عام 1978، وهي مسرحية رومانسية مضحكة شاركه بالتمثيل ليلي توملن، سعى ترافولتا لتدعيم شعبيته وإثبات قدراته الرومانسية أمام أوليفيا نيوتن جون في فيلم (جريس - GREASE) عام 1978. الذي لاقى شعبية كبيرة وشهرة كاسحة، خصوصاً أغنية (غني وأرقص) التي أصبحت واحدة من أشهر أغني أفلام هوليود. هذا الفيلم الذي أعيد عرضه بعد عشرين عاماً في الموسم السينمائي الماضي لعام 1998.

وعندما عرض فيلم (حمى ليلة السبت Saturday Night Fever) في السوق السينمائي، كان حساد جون قد أصيبوا بالإغماء، وبدلته البيضاء أحرقت نفسها في الذاكرة العامة – للأفضل أو للأسوأ (يبدوا بأنها للأفضل على الأقل ملابس الديسكو التي جلبت مؤخراً 145,500 دولار في مزاد كريستي). وقد حصل جون ترافولتا على ترشيح الأوسكار، هذا بالرغم من أنه قد صادف إخفاقات كثيرة في الثمانينات في أفلام: مثالي Perfect ، اثنان من نوع واحد Two of a Kind ، و البقاء حياً Staying Alive ، وهذا ما أثر على شهرته في تلك الفترة.

فيلم ترافولتا التالي، والذي أستقبل بشكل جيد هو(راعي البقر الحضري - URBAN COWBOY) عام 1980، والذي أسس للرقصة المتميزة بقبعة راعي البقر وحذائه وقد سجلت في تراث غرب أمريكا. أما في فيلم دي بالما (انفجار BLOW OUT) عام 1981، فقدم ترافولتا واحداً من أهم أدواره الأكثر تعقيدا: قام بدور فني صوت سينمائي يسجل بالصدفة اغتيال سياسي. والنّتيجة كانت صورة ظل لوجه لفنان مأجور مثالي. ومع هذا لم ينجح في شباك التذاكر. بعدها قدم ترافولتا فيلم (البقاء حياً STAYING ALIVE) عام 1983، ليسجل عودة تجارية قوية في السوق السينمائي، فسيلفيستر ستالون قام بإخراج الفيلم كتتمة لفيلم (حمى ليل السبت SATURDAY NIGHT FEVER).

ثم جاء فيلم (لب القصة Pulp Fiction) للمخرج كوينتين تارانتينو، وسلسلة متواصلة تقريبا من أفلام هامة أبرزها (Get Shorty) الذي فاز بجائزة الكرة الذهبية، (ظاهرة Phenomenon)، (مايكل Michael)، (سهم مكسور Broken Arrow)، (مدينة مجنونة Mad City) و(ألوان أساسية Primary Colors).

بعد ذلك قل مستوى ترافولتا لدرجة أنه أصبح عرضة للنسيان في أفلام ضعيفة وغير محببة. وكان عمله الأبرز في تلك الفترة عام 1987، هو فيلم (النادل الغبي The Dumb Waiter) إنتاج هرولد بنتر وإخراج روبرت ألتمان، يقوم فيه بأداء دورين مختلفين، قام في أحدهما بشخصية لندنيه. وبقى هكذا حتى قدم عام 1989 فيلمه (أنظر من الذي يتحدث LOOK WHO'S TALKING)، الذي لاقى نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر، هذا بالرغم من أنه لم يقدم الدور الأكثر جاذبية.
وقد أظهر هذا الفيلم الكوميدي الرّومانسي الحيل السينمائية المعروفة بشكل غير معقول من تقديم أفكار رضيع بصوته، وهو الفيلم الذي جلب معه عملان آخران وهما (أنظر من الذي يتحدث-2 LOOK WHO'S TALKING TOO) عام 10990، و (أنظر من الذي يتحدث الآن LOOK WHO'S TALKING NOW) عام 1993. كما يؤكد ترافولتا توهجه لأدائه في فيلم كوينتين تارانتينو (لب الرواية PULP FICTION) عام 1994، وليعيد هذا الفيلم ترافولتا إلى قائمة هوليود الرئيسية. بالنسبة إلى وضعه الثقيل، وشعره الطويل، وقرط في الإذن، كان ترافولتا فينسنت فيج منجذب لعادة الهيروين مع منظر برئ مرتبك. والنّجم المنتعش وجد نفسه غارق بالمخطوطات والعقود تقوده لأيام الثروة الأكبر من مهنته المحترمة وأيضا لترشيح أوسكار أفضل ممثل.
وقد استفاد ترافولتا من نجاحه عندما قام ببطولة الثلاثية السينمائية، في دور تشيلي بالمير في فيلم باري سونينفيلد المشهور (GET SHORTY)، وقد لاقى استحسانا شعبياً لصورته التي نجحت في هوليود.
في فيلم (عبء الرجل الأبيض WHITE MAN'S BURDEN) عام 1995، مثل ترافولتا مع هاري بيلافونت في فيلم طموح حول التّمييز العنصري، الذي نجح نقدياً مع مساندة الجمهور القليلة. تلى ذلك دوره في فيلم الأكشن والمغامرات المثيرة مع جون و(السهم المكسور BROKEN ARROW) عام 1996. والذي لعب فيه شخصية طيار ينظّم مكيدة ابتزاز ضد حكومة الولايات المتحدة. وحسب ما يقال بأن ترافولتا استلم ثمان ملايين دولار كأجر عن فيلم (الظاهرة PHENOMENON) عام 1996، عندما لعب شخصية رجل متيم بضوء أبيض يكتسب قدرة خارقة.