جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

حب في زنزانة

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

واقع رومانسي مؤلم 

(حب في زنزانة ـ 1982)، فيلم يندرج تحت قائمة ما سمي بأفلام الانفتاح. قدمه الفنان المبدع محمد فاضل، هذا المخرج التليفزيوني صاحب الأعمال الدرامية الشهيرة. يناقش الفيلم القانون الخاص الذي يحكم به لصوص الانفتاح على ضحاياهم، قانون امتصاص جهود فئة الشباب، والوعود الكاذبة التي يلوحون بها لهم، واستنفاذ كل أمل بداخلهم. تلك الفئة من الشباب التي تحلم بتوفير لقمة العيش، وعندما تواجه برفض الآخرين من ملوك الفساد لذلك الحلم المتواضع، يصبح حينها العنف لغة ضرورية، رغم نتائجه المدمرة.

من خلال قصة حب شاعرية رقيقة، تحدث بين عنابر سجني الرجال والنساء، يقدم محمد فاضل لوحات فنية إبداعية تنبض بكل المشاعر الإنسانية. بطلا القصة هما السجينان (عادل إمام وسعاد حسني)، والاثنان ضحايا وهم كاذب. لقد نجح المخرج من تقديم مشاهد تنبض بالحيوية، فمثلاً في مشهد تسليم الخبز في سجن النساء، وتلك المواجهة الأولى بين سعاد وعادل، وكل منهما يحاول التعرف على الآخر، استطاع المخرج أن يلعب بتعبيرات الوجوه المختلفة ونظرات العيون الحائرة وحركة الأصابع، وبدت ابتسامة عادل وكأنها طاقة نور وأمل لسعاد، أو لنقل لكليهما. ثم إن الفيلم في تناوله للسجن، نجح في كسر كآبة المكان من خلال مشاهد بسيطة وعميقة. فقد أصبح للسجن حياة جديدة بعيدة عن سموم الأطعمة المستوردة وبعيدة عن النفاق والغش والخداع.. حياة تظهر فيها شحنات قوية من دفء العاطفة الإنسانية الصادقة لأشخاص ارتكبوا جرائم في الحقيقة، ولكن تحت وطأة الجوع والحاجة ورغبة في الحياة وليس حباً في المال والترف. لذلك فالقيم الأخلاقية والاجتماعية كالشرف والمروءة والإخلاص والشجاعة والحب الصادق مازالت كامنة ومنبعثة من جوانبهم.

أحداث الفيلم ـ للأسف ـ لا تقدم إجابات منطقية عن كيفية هروب عادل من السجن، ولا كيف يخرج من عربة القمامة ببدلة ضابط مكوية ونظيفة، ولا كيف يصل هذا السجين الهارب والمطارد إلى منزل ذلك الانفتاحي الكبير والموضوع تحت الحراسة المشددة، وكأن المطلوب من المتفرج أن لا يدقق كثيراً في هذه التفاصيل.. إلا أن محمد فاضل قد نجح في أن يضعنا داخل مأساة الحب ومأساة القانون الخاص للصوص الانفتاح، حتى كاد أن ينسينا كل تساؤلاتنا هذه عن منطقية الأحداث، حيث إننا لا نلاحظ كل هذا إلا بعد انتهاء الفيلم، أو ربما نتناساها تماماً.

وأخيراً.. لابد من الإشادة بهذا الجهد الواضح والمتميز لطاقم الفيلم بقيادة محمد فاضل، المايسترو الذي وفق كثيراً في تقديم هذه الشحنة العاطفية، والتي نسج بها فيلمه عن اللصوص والضحايا.

 

هنا البحرين في

17.11.2004

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)