جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

عندما تحدث بيرتولوتشي (1)

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

لقد عرفت الحياة من خلال الأفلام، مثلما عرفها بورغيس من خلال الكتب. (بيرتولوتشي)

(دع الباب مفتوحاً)

لقد تسنت لي فرصة لقاء جين رينوار في لوس أنجلوس في السبعينات. كان عمره يناهز الثمانين عاماً تقريباً آنذاك، وكان يستعمل كرسياً متحركاً. تحدثنا لمدة ساعة واحدة تقريباً، وقد أدهشني أن أجد أن أفكاره المتعلقة بالسينما، كانت ذات الأفكار التي ظننا أننا نحن الذين اكتشفناها آنذاك في موجتنا الجديدة، باستثناء واحد،هو أنه كان يمتلك تلك الأفكار قبلنا بثلاثين عام! أتذكر أنه قال لي شيئاً كان قد ترك انطباعا لدي، بأنه كان أبلغ درس تعلمته حول كيفية عمل الفيلم، والذي لم أتعلم مثله في كل مكان. قال: "عليك على الدوام أن تترك باب موقع التصوير مفتوحا، لأنك لا تعرف ما الذي يمكن أن يدخل عليك".  إن ما كان يعنيه بذلك، بالطبع، هو أن عليك أن تعرف كيف توفر حيزاً لما هو غير متوقع، لما هو مفاجئ، ولما هو عفوي وتلقائي، طالما نحن غالباً، نفكر في خلق سحر السينما.

أنا في أفلامي، أترك الباب مفتوحاً على الدوام لأسمح للحياة أن تدخل إلى موقع تصوير الأحداث. وربما سأوقع نفسي في تناقض إذا قلت لك، أن هذا هو السبب الذي يدعوني وبشكل متزايد إلى العمل  بسيناريوهات مبنية ومركبة سلفاً. سأوضح لك هذا الالتباس حالاً.  إذا كان لدي قاعدة صلبة، سيناريو مبني بناءاً جيداً، لأتحرك منه، سأشعر براحة واسترخاء تولدان عندي الدوافع التي تشجعني على الارتجال، عند ذاك سأتخلص من هيمنة السيناريو الحديدي، وأبدأ العوم أمام الكاميرا..  بالنسبة لي، الشيء المؤثر والشيق هو ظهور ذلك غير متوقع والتلقائي ودخوله الباب، أما ذلك المكتوب على الورق، والمخطط والمعد له سلفاً، فيصبح مجرد نظرية ساكنة. ذلك أن الفيلم يولد أمام الكاميرا وعلى شريط السيليلويد، ولا علاقة له بما هو مكتوب على الورق.

لو أنني أردت أن أصور مشهداً خارجياً، على سبيل المثال، في طقس مشمس جداً وفجأة وبشكل غير متوقع، تندفع الغيوم لتحجب الشمس أثناء تصوير اللقطة، حيث الإضاءة المطلوبة تتغير بشكل غير متوقع. هذه اللحظة بالنسبة لي تشبه إلى حد ما لحظة الدخول إلى الجنة!. أما إذا استمر تصوير لقطة الغيوم، على وجه الخصوص، وهي تحجب الشمس لفترة أطول لحين ابتعادها وبزوغ الشمس من جديد، فهذا شيء يشبه السحر.. أشياء كهذه تكون مذهلة وساحرة لأنها تمثل الدرجة القصوى للارتجال. 

جزء من حوار طويل ترجمه علي كامل ـ

عن كتاب " Private Lessons From The World’s Foremost Directors"

نشر في موقع "إيلاف" ـ 20 أكتوبر 2004

 

هنا البحرين في

24.11.2004

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)