جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

دعاء الكروان

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

"دعاء الكروان" فيلم أقل ما يقال عنه إنه من بين أفضل الأفلام التي قدمتها السينما المصرية.. فقد جاء في الترتيب السادس في قائمة أفضل عشرة أفلام في تاريخ هذه السينما، وذلك في الاستفتاء الذي أجرته مجلة " فنون" المصرية عام  1984.

وعند التعرض لنقد أيٍ من الأفلام القديمة، لابد لنا ـ بالطبع ـ من مراعاة الفترة الزمنية والمرحلة الفنية التي أنتج فيها هذا الفيلم.. وعلى هذا الأساس، سيكون تقييمنا لفيلم "دعاء الكروان".

عرض فيلم (دعاء الكروان) لأول مرة عام  1959، أي منذ خمسة وثلاثين عاماً.. ورغم مرور كل هذه السنين، إلا أن بريق هذا الفيلم مازال باقياً، ومما ساهم في استمرار هذا البريق عدة عناصر فنية، أهمها: القصة والسيناريو والحوار، والذي صاغهم السيناريست "يوسف جوهر" بالاشتراك مع المخرج، معتمدين في ذلك على رواية أدبية بنفس الاسم للدكتور الأديب "طه حسين"، هذا أولاً.. وثانياً، وجود مخرج كبير وراء هذا الفيلم، وهو الفنان "هنري بركات".. أما العنصر الثالث، فهو قيام سيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة" ببطولة الفيلم، وهي الفنانة ذات الحضور الجماهيري الواسع، والخبرة الفنية التي تعدت السبعين فيلماً حينذاك .

أما بالنسبة لمضمون الفيلم، والذي أصبحت قصته من كلاسيكيات السينما العربية، فهو يحكي عن "آمنة" الفتاة الريفية التي تتمرد على العادات والتقاليد في صعيد مصر، حيث تقع أختها "هنادي" في حب ذلك المهندس العازب الذي تعمل عنده خادمة، ولكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها، وبالتالي تُقتل أمام أختها "آمنة" على يد خالها.. فتقرر "آمنة"، بعد أن عاهدت نفسها مع دعاء الكروان في القرية، الانتقام لأختها من ذلك المهندس.. وهناك، في منزل المهندس، تحاول أن تنفذ العهد بالانتقام ولكنها لا تقوى، فقد تحرك قلبها وبدأ يميل نحو هذا المهندس، إلا أنها تدوس على مشاعرها وترفض البقاء معه وتقرر الرحيل عنه، حيث أنها تعرف بأن طيف أختها "هنادي" سيبقى حاجزاً بينها وبينه .

لقد وفق السيناريو والحوار، وبشكل كبير، في نقل رواية "طه حسين" إلى الشاشة، خصوصاً إذا عرفنا بأن سيناريو الفيلم قد أضيفت إليه وحذفت منه وعدلت فيه بعض أحداث الرواية وشخصياتها.. وبذلك يعتبر الجهد الذي قام به "يوسف جوهر" و"بركات" ليس مجرد نقل رواية أدبية حرفياً إلى السينما، وإنما هو جهد يقترب من التأليف .

وعند الحديث عن فيلم (دعاء الكروان)، لا يمكن إغفال ما لدور الحوار من قيمة فنية كبيرة أضيفت إلى الفيلم، خصوصاً إذا عرفنا ـ أيضاً ـ بأن الرواية الأصلية تكاد تكون خالية من الحوار، فقد اعتمدت بشكل كبير على السرد الدرامي من وجهة نظر ذاتية للبطلة.. فقد كان الحوار معبراً بأسلوب وجمال عباراته عن البيئة بدقة متناهية، ويتناسب مع ظروف الحياة والفترة التاريخية التي جرت فيها الأحداث، هذا إضافة إلى حيوية أدائه وإجادته من قِبل الممثلين .

وبذلك استطاع السيناريو أن ينجح في رسم شخصياته وتعميقها، وخلق الأجواء النفسية والاجتماعية بما يتناسب ويعبر عن ذلك الواقع، هذا إضافة إلي مساهمة بعض التفاصيل الصغيرة الفكاهية، المتناثرة هنا وهناك، في خلق ما يسمي بفترات استرخاء وراحة للمتفرج، استعدادا لاستقبال الحدث المأساوي التالي.. هذا الانتقال والتبادل بين المأساة والفكاهة قد أعطى للمأساة دوراً مؤثراً وقريباً من نفس المتفرج .

 

أخبار الخليج في

05.08.2013

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)