جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

أريد حلاً

( 2 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

كما أسلفنا - قبل ذلك - بأن فيلم (أريد حلاً)، قد ناقش قضيته الأساسية، ألا وهي الطلاق، من خلال ثلاث نماذج نسائية.. وتحدثنا عن النموذج الأول وصاحبته فاتن حمامة.. أما النموذجان النسائيان الآخران، فقد تعرفنا عليهما في المحكمة من خلال تواجد بطلة القصة الأولى هناك. فنحن منذ الدخول الأول للمحكمة نجدها مكاناً بائساً ومزدحماً، يكتظ بنماذج نسائية منهكة تبدو على وجوهها علامات القهر والظلم. حيث تتحرك الكاميرا بسرعة خاطفة لتنقل لنا عشرات الوجوه لنساء فقيرات ومتشحات بالسواد، الأمر الذي جعل بطلة الفيلم الأنيقة تبدو كجسم غريب وسط طوفان المعدمات البائسات. ومن بين قاعات وزوايا المحكمة يختار سعيد مرزوق وجهين من هذه الوجوه.

الأول لمطلقة شابة (سعاد حسين) تحاول الحصول على نفقة لتربية طفليها من زوج لا يبين الفيلم لماذا طلقها. وأمام التأجيل المتواصل لقضيتها لا تستطيع الصمود أمام مغريات القواد (سيد زيان) الذي يطاردها فتنحرف بدوافع الجوع والخوف من المستقبل وتستسلم له في النهاية.

أما الوجه الثاني فهو مأساة واقعية لسيدة كبيرة في السن (أمينة رزق) طلقها زوجها بعد عشرة دامت ثلاثون عاماً ليتزوج بفتاة صغيرة. ترفع هذه السيدة قضية نفقة عندما تجد نفسها عرضة للجوع والتسول بعد أن أنفقت مؤخر الصداق، إلا أنها تخسر القضية بعد تأجيلات عديدة مع مطالبة المحكمة لها بدفع المصاريف كاملة. ورغم ذلك ترفع قضية جديدة لكن الموت لا يمهلها لتسمع حكم القاضي فيها. وقد جاء موتها هذا ليكون من أصدق وأقوى الطعنات الموجهة إلى قانون الأحوال الشخصية.

يقول سعيد مرزوق: (...شخصية أمينة رزق هي إحدى الشخصيات التي اكتشفتها أثناء تردادي للمحكمة، مشكلتها كانت تماماً نفس المشكلة المعروضة في الفيلم، وكذلك شخصية القواد...).

من الملاحظ هنا، في فيلم (أريد حلاً)، بان القصة الرئيسية والتي أخذت الحيز الأكبر من الوقت قدمت بشكل سطحي غير مدروس، بينما كانت القصتان الثانويتان أكثر عمقاً ومصداقية، وان صدقهما هذا قد أدى إلى كشف زيف وإدعاء القصة الرئيسية.

أما بالنسبة للإخراج فانه من المؤسف حقاً أن نقول بان سعيد مرزوق في فيلمه هذا لم يوظف إمكانياته الفنية والتقنية للارتقاء بالمستوى الإبداعي الفني للفيلم. إلا انه من الجدير الإشارة إلى أن المشاهد التي قدمها داخل المحكمة، والتي تعد من أفضل وأصدق مشاهد الفيلم على الإطلاق، حيث قدم لنا محكمة حقيقية وخرج بكاميرته من سجن الأستوديو وتحرر من زيفه وضعف إمكانياته في تجسيد الصدق والواقعية. كما يتضح منذ الوهلة الأولى نشاط الكاميرا الملحوظ في حركتها بين صاحبات قضية المرأة الحقيقيات بصدق وحرارة، تذكرنا بحركتها في بناية سعيد مرزوق في فيلمه (الخوف). بينما تبدو الكاميرا عاجزة في تصويرها لقصة فاتن حمامة الرئيسية، لدرجة إنها تنقل ما يدور أمامها من ثرثرة وانفعالات من خلال كادر واحد وثابت طويل وممل وكأنه مشهد مسرحي. مما ساهم في بطء السرد الدرامي وافتقاد الفيلم لعنصر التشويق، والشعور بالملل في أحيان كثيرة.

يبقى أن نقول بان سعيد مرزوق لم يظهر بمستواه السابق لتقديم رؤية إبداعية جديدة في هذا الفيلم، وإنما اعتمد على نمط الإنتاج السينمائي التقليدي التجاري، وساعده على نجاح الفيلم تجارياً قوة الموضوع وجرأته، وقيام الفنانة الكبيرة فاتن حمامة بالبطولة، حيث استمر عرضه خمسة عشر أسبوعاً.

 

أخبار الخليج في

28.12.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)