جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

أريد حلاً

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

يعد فيلم (أريد حلاً)، الذي أنتج عام 1975، واحداً من العلامات البارزة، ليس في مشوار الفنانة فاتن حمامة.. بل هو يعد من أنجح أفلام مخرجه الراحل سعيد مرزوق..!!

هذا الفيلم، هو ثالث أفلام المخرج سعيد مرزوق، وكان يعد بمثابة تراجعاً في الأسلوب السينمائي الذي قدمه مرزوق في فيلميه السابقين، حيث تناوله أسلوباً معايراً - إلى حد كبير - لما قدمته السينما المصرية قبل ذلك.. بل أنه في باكورة أعماله (زوجتي والكلب)، قد أحدث انقلابا في موازين ولغة السينما والصورة آنذاك. واستطاع تحطيم الكثير من تقاليد تلك السينما، ونجح في تقديم مستويات جديدة في لغة السينما وعناصرها، من سيناريو وإخراج وتصوير ومونتاج.

أما في (أريد حلاً) فقد وضع مخرجنا نفسه في تحد كبير ومباشر، واختار أن يقدم الفيلم الجماهيري، متخلياً بذلك عن الكثير من لغته السينمائية.. علماً بأنه في هذا الفيلم قد ناقش - بشكل جاد - مشاكل المرأة العربية وحقوقها، مع محاولته إبراز الظروف القمعية التي تعيشها في ظل القوانين الوضعية.

كما إن فيلم (أريد حلاً) يعتبر أول حوار وجدل بين السينما وقانون الأحوال الشخصية، فهو يفجر قضية اجتماعية بالغة الخطورة وهي الطلاق. وتكمن الخطورة في أن مرزوق قد ناقش حق المرأة في طلب الطلاق، بل وقف بجانبها في المطالبة بان تعامل كانسان مكتمل له الحرية الكاملة في تقرير مصيره. كما انه حاول الكشف عن الثغرات التي يحتويها قانون الأحوال الشخصية.

قصة الفيلم كتبتها الصحفية حُسن شاه باتفاق مع الفنانة فاتن حمامة، التي بدورها رشحت سعيد مرزوق لإخراجها. وبعد مشاورات طويلة مع المخرج وافق بشرط أن يعيد الصياغة عند كتابته للسيناريو. وقد اعتمد في ذلك على ملفات وكتب قانونية وزيارات متكررة قام بها طوال ثلاثة أشهر لقاعات المحاكم، كان خلالها يحضر الجلسات ليدرس ويراقب ما يدور فيها.

كل هذا - بالطبع - يحسب لصالح سعيد مرزوق كمخرج ملتزم وواع بدور السينما الاجتماعي وتأثيرها الجماهيري، لكننا إذا نظرنا إلى السيناريو الذي قدمه فسنجد انه قد افتقر إلى رسم دقيق لأعماق شخصياته. فالفيلم يطرح قضيته من خلال ثلاث نماذج نسائية.. الأولى وهي صاحبة القصة الرئيسية (فاتن حمامة)، والتي ترفع قضية طلاق ضد زوجها (رشدي أباظة) الرافض لطلبها هذا. فتبدأ رحلتها الشاقة في سبيل انتزاع حقها في نيل حريتها، مستنجدة في ذلك بقانون الأحوال الشخصية. لكنها تخسر القضية أمام قانون جامد وضعه الرجل نفسه ليعطيه الحق في النيل من حرية المرأة وكرامتها.

وبالرغم من إن هذه القصة هي الرئيسية في الفيلم، إلا أن السيناريو قد اهتم بصاحبتها اهتماما شكلياً فقط، بل ومبالغاً أحياناً في تجسيد معاناتها وانفعالاتها. كما انه لم يستطع تقديم صورة واضحة لشخصية الزوج، وتعامل معها بشكل سطحي غير مقنع، بل لم يحاول الدخول في أعماق تلك الشخصية وتجسيد الجوانب التي تجعلها شخصية منبوذة من قبل شخصية الزوجة ومن المتفرج أيضا، يبرر للبطلة الاستماتة في طلب الطلاق بهذا الشكل الصارخ. واكتفى فقط بالإشارة إلى أن الزوج رجل شرير، أناني، شهواني وزير نساء، يتردد على أماكن اللهو مع عشيقاته.. فهل هذا يكفي لخلق شخصية مكروهة من المتفرج العربي للرجل العربي؟ هذا إضافة إلى أن السيناريو قد وقع في منزلق مدمر، عندما فاجأنا بعلاقة حب غير مبررة بين بطلته وصديق أخيها، الأمر الذي أدى إلى تقليل تعاطف المتفرج مع البطلة، والتي تخوض معركة مصيرية. علماً بان شخصية البديل هذا جاءت شخصية باهتة وسطحية أيضا، حيث من المفترض أن تتميز تميزاً حقيقياً عن شخصية الزوج، ولكنها بدت شخصية تفتقد إلى الكثير من العمق والحيوية.

 

أخبار الخليج في

20.12.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)