جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

الجوع

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

تدور أحداث فيلم (الجوع ـ 1986) في عصر الفتوات، أي في نهايات القرن الماضي وبالتحديد في عام 1887. إلا أن المخرج علي بدرخان، قد اختار هذا العصر بالذات لطرح ومناقشة قضية صناعة الأبطال القياديين في كل زمان ومكان. حيث يحكي الفيلم عن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى سقوط هؤلاء الأبطال.

وقد أنتجت في سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، مجموعة من الأفلام أطلق عليها اسم أفلام الفتوات شهد الملكة، التوت والنبوت، المطارد، الحرافيش.. وبالرغم من التشابه الكبير لهذه الأفلام، والمأخوذة عن رواية الحرافيش للكاتب نجيب محفوظ، ومشابهتها (شكلاً) بفيلم (الجوع)، وإدعاء البعض أنه مأخوذ عن نفس الرواية، إلا أن بدرخان يصر على أنه هو الذي كتب القصة، وصاغها على شكل سيناريو مصطفى محرم.

ويقول بدر خان في هذا الصدد: (...هذه الرواية من تأليفي، كتبتها عبر شهور طويلة. حقيقة لقد أفادني نجيب محفوظ من الحرافيش وأولاد حارتنا، كما استفدت من زوربا وكازانتزاكيس وعشرات آخرين، هضمتهم وتمثلتهم وكتبت الجوع...).

عموماً ما يهمنا هو الفكر والمضمون الذي يطرحه بدرخان في فيلمه هذا. حيث أن السيناريو الذي اشترك بدرخان في كتابته كان دقيقاً وحذراً لكل تطورات الشخصية، وهذا ما يميز الفيلم عن تلك الأفلام السابقة الذكر. فالمخرج في فيلم (الجوع) يتابع مراحل صعود البطل (الفتوة) حتى سقوطه، ويحددها في عدة مراحل. الأولى هي مرحلة توفير بعض الخدمات للفتوة، والالتزام بتطبيق العدالة حتى على نفسه، وذلك لضمان استمرار وفرض حكمه الجديد. ثم مرحلة تحسين وضعه الاقتصادي الاجتماعي والوقوع في شرك الأثرياء الملتفين من حوله. أما المرحلة التالية فهي انخراطه في ميدان التجارة مستفيداً بمشروعية الكسب المادي. لكنه ينجرف إلى عالم التجار وألاعيبهم، ومن ثم يزداد بطشه وظلمه للناس، مما يؤدي ذلك إلى سقوطه.

هكذا يناقش بدرخان قضية هامة ومعاصرة، قضية الظلم والعدل وما بينهما. وهذا بحد ذاته هدف سام ونبيل، يضيف الكثير لرصيد المخرج الفني والفكري. وبالرغم من أن فيلم (الجوع) يدور في نفس الأجواء التي دارت فيها الأفلام السابقة، إلا أنه يظل أنضجها فكرياً وفنياً.

 

أخبار الخليج في

10.01.2015

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)