جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

ضربة شمس (2)

 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

يمكن اعتبار مغامرة شمس ـ المحفوفة بالمخاطر ـ ضد أفراد العصابة حرباً ضد التخلف والجهل المتفشي من حوله. مع ملاحظة أن الفيلم قد وضع شمس في حجم أكبر من حجمه، وذلك عندما وضعه في موقع المقارنة مع قوات الأمن. شمس بكاميرته ودراجته وحيد، أمام قوات الأمن بسياراتهم وإمكانياتهم الضخمة. فهو يصل إلى أفراد العصابة ويكشف ملابسات الجريمة كاملة، قبل وصول رجال الأمن، متناسياًً كل تلك الإمكانيات المتاحة لجهاز الأمن.

أما الشخصية الثانية، فهي زعيمة العصابة، المرأة المتشحة بالسواد، والتي تظل صامتة دون أن تنطق بكلمة واحدة طوال الفيلم. شخصية غامضة غريبة ومركبة، تدعو المتفرج للتساؤل حول هويتها. هذه الشخصية تمثل الشر في الفيلم، عندما تسرق وتقتل وتطارد. ولكننا هنا أمام مجرم جديد على السينما المصرية.. مجرم يدفعنا لمحاولة معرفة ما بداخله ودوافعه، أي تكوينه النفسي والاجتماعي، وما يجعلنا نشعر بذلك هو ذاك السكون الداخلي والكبرياء اللذان لا يفارقان هذه الشخصية. صحيح أنها امرأة شريرة لكنها مختلفة تماماً، تظهر على ملامحها المعاناة والقسوة في نفس الوقت، وإن الصمت الذي يغلف هذه الشخصية يكسبها نوعاً من القوة والرهبة، هذا إضافة إلى أنها استطاعت تجسيد الشر بشكل موفق.

إن هذه الشخصية ـ رغم كل ما أوحت به ـ إلا أنها كانت بحاجة إلى مفتاح صغير يمكن من خلاله النفاذ إلى أعماقها أكثر، والتعرف على جزء أكبر من مكنوناتها، على أن يكون هذا المفتاح سبباً في تغيير الخط الدرامي القوي لهذه الشخصية.

ورغم هذا الاهتمام الخاص الذي أعطاه محمد خان لشخصياته، إلا أننا نلاحظ عزلتها عن الجو المحيط بها. أي أننا إذا نظرنا إلى الشخصية ووضعناها في سياقها العام في الفيلم، نراها تفقد الكثير من دلالاتها الدرامية. وسبب ذلك جاء نتيجة لوجود خلل ما في البناء الدرامي للفيلم نفسه. ولكن هذا لا ينفي أن محمد خان فنان متمكن من أدواته الفنية والتقنية، حيث نجح في تقديم فيلم يعد من بين أهم أفلام الحركة (الأكشن) في السينما المصرية. ففي فيلم (ضربة شمس) نجد روحاً سينمائية جديدة على الفيلم المصري، يعبر المخرج من خلاله عما لديه من جديد في حرفية التكنيك السينمائي. ويؤكد قدرته على إعطاء فرصة للصورة السينمائية للمساهمة في التعبير الدرامي بمساعدة حوار مركز ومدروس، بعيداً عن اللغو والحوار المطول الذي عودتنا عليه الأفلام التقليدية المصرية السابقة. ويتضح ذلك لدى المخرج في تكويناته للكادرات والتحكم في زوايا الكاميرا وحركتها، إضافة إلى إصراره على تنفيذ أغلب مشاهد الفيلم في الأماكن الطبيعية، ملقياً بأبطال فيلمه إلى الشارع ليعيشوا زحامه ومشاكله، ويتفاعلوا مع أحداثه اليومية، ويتحرروا من قيود الأستوديو الخانقة والمملة.

يتحدث محمد خان عن فيلمه هذا، فيقول: (في الحقيقة إن هذا الفيلم نفذ كله تقريباً في الديكورات الطبيعية، وهو أمر لم يكن مألوفاً في السينما المصرية آنذاك. وقد اندهش نور الشريف من ذلك، ولم يكن يتصور أننا يمكن أن ننجح في ذلك. ولكن مدير التصوير سعيد شيمي صديق من أيام الطفولة، ولعلاقتنا الطويلة ببعض أثر جيد على العمل، فنحن متفاهمان في كل شيء، وقد وفقنا في هذا الفيلم الذي كان بداية انطلاقة وتغيير في السينما المصرية، وبالتالي لفت الأنظار إلينا...). *

 

أخبار الخليج في

24.08.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)