شيء من الخوف

إنتاج عام 1969

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 4 ديسمبر 1991

 
 
 
 

بطاقة الفيلم

 

شادية + محمود مرسي + محمد توفيق + يحيى شاهين + محمود ياسين + بوسي

سيناريو: صبري عزت ـ حوار: صبري عزت, عبد الرحمن الأبنودي ـ قصة: ثروت أباظة ـ تصوير: أحمد خورشيد ـ مناظر: حلمي عزب ـ موسيقى: بليغ حمدي ـ مونتاج: رشيدة عبد السلام ـ إنتاج: المؤسسة المصرية العامة للسينما

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

شيء من الخوف

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

(شيء من الخوف ـ 1969).. هو الفيلم الذي أنهى به مرحلة من أخصب مراحله الفنية في مشواره السينمائي الطويل.. ألا وهي المرحلة التجريبية. وبهذا الفيلم ـ أيضاً ـ ينهي حسين كمال تعاقده مع القطاع العام، ويتجه للعمل مع القطاع الخاص، وذلك لتنفيذ أفلام تستهدف تحقيق أعلى الإيرادات، وتخاطب الغرائز والرغبات السهلة لدى قطاع كبير من الجمهور.

خلال مرحلته الفنية الأولى (التجريبية)، نجح حسين كمال في كسر وتحطيم بعض القواعد التقليدية للسينما المصرية، وتقديم شكل جديد وضعه في مصاف أهم المخرجين المصريين آنذاك. ففي فيلمه (شيء من الخوف) قدم حسين كمال أسلوباً فنياً مبتكراً، حيث لجأ الى أسلوب جعل من الفيلم أشبه بالحكاية الشعبية، علماً بأن الفيلم مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب ثروت عكاشة.

حكاية الفيلم تدور في فلك مقاومة الظلم والطغيان والجشع، من قبل رجال الإقطاع في صعيد مصر.. من خلال علاقة الطفلين، عتريس (محمود مرسي)، وفؤادة (شادية)، اللذان يعيشان في قرية يسيطر عليها عتريس الجد (يقوم بدوره محمود مرسي أيضاً). الطفلان تجمعهما البراءة والصحبة وكره العنف والدم رغم محاولات عتريس الجد لإعداد حفيده ليكون الرجل القوي والمسيطر من بعده، وتمر السنوات ويكبر الطفلان لتتحول الصحبة إلى حب يصطدم مع التحولات الجذرية التي طرأت على شخصية عتريس بعد مقتل جده بين يديه مفتديه بحياته. لتكون هذه نقطة التحول عند عتريس لتحديد طريقه في السيطرة على القرية وأهلها والإنتقام لمقتل جده. هنا تكون الموجهة بين عتريس وفؤادة، في التصدي لهذا الظلم، حيث تقف فؤادة في وجه عتريس متحدية ظلمه.. عندها يقرر عتريس الزواج من فؤادة واحتواءها تحت مظلته، حتى مع رفضها له، وذلك بتزوير الزواج. وبعد انتشار خبر زيف هذا الزواج وبطلانه، يقرر الأهالي مجتمعين، مواجهة عتريس في مسيرة ضخمة نحو قصره، حاملين ضحاياه معهم. وينتهي الفيلم باحتراق عتريس داخل قصره، بعد هجوم الأهالي بمشاعل النار على القصر.

لقد كان حسين كمال ذكياً عندما لجأ الى أسلوب الحكاية الشعبية مستخدماً بعض الأغاني، التي توزعت بين ثنايا الفيلم، للتعليق على الأحداث، حيث أكسبت الفيلم نكهة خاصة جعلت المتفرج يتفاعل معه ويتحمس له حتى النهاية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى حاول حسين كمال تغطية ما في القصة من مبالغات في المواقف الدرامية، معتقداً بأن الموقف بمجمله، وليس بتفاصيله، هو هدف الفيلم، على عكس ما كان في فيلميه السابقين (المستحيل، البوسطجي)، حيث كانت التفاصيل فيهما عوناً له في إغناء الحدث الدرامي الرئيسي وتعميقه.

تخلى حسين كمال ـ أيضاً ـ عن واقعيته في هذا الفيلم، واقعيته التي قدمها في (البوسطجي)، فالواقعية ليست تصوير الأماكن الحقيقية وجعل الشخصيات تتكلم بلغة المكان، وإنما هي تقديم الأحداث والشخصيات بشكل مقنع وصادق في أفكارها وتصرفاتها، لتذوب في هذا الواقع وتعطي عملاً واقعياً متكاملاً.

وبالرغم من أن حسين كمال، في فيلم (شيء من الخوف)، استطاع أن يجعل المتفرج يعيش مع صورة من الريف المصري، بكل تقاليدها وعاداتها ولغتها، إلا أنه لم يستطع أن يقنعه بهذه الصورة المفتعلة والمبالغ فيها من الإجرام والمتمثل في عتريس.. والإجرام بطبيعته إما أن يكون من السلطات وأعوانها أو أن يكون إجرام الإقطاع، وهو إجرام منظم.

وكما هو معروف منذ أقدم العصور، بأن التكوين والهيكل الاجتماعي للأسرة في القرية المصرية يعطي الأولوية في كل شيء للرجل، وليس المرأة سوى تابع للرجل وتحت حمايته. فكيف يمكن لحسين كمال إقناعنا بأن تكون فؤاده (المرأة) هي من ينقذ القرية من الظلم والإجرام؟ كما إن إصرار عتريس (الجد) على أخذ وعد من حفيده لمواصلة ما بدأه، ثم ذلك التحول المفاجئ للحفيد يتناقض تماماً مع شخصيته وتكوينها (في بداية الفيلم)، ولم يقدم لنا حسين كمال مبررات كافية ومقنعة لهذا التحول، أي إنه لم يستطع إقناعنا بواقعية بعض شخصياته وبعض أحداثه في فيلمه هذا.

لقد كان دور الصورة السينمائية، في القسم الأول من الفيلم، بارزاً. وكان الحوار مركزاً داخل تكوينات جمالية قوية للكادر. وليست مشاهد الأرض العطشى وما بها من تشققات ثم ارتواؤها بالماء إلا دليلاً على ذلك. أما القسم الثاني، فقد طغى عليه الحوار وضعفت تكوينات الصورة، بالرغم من أن الحوار الذي كتبه عبدالرحمن الأبنودي تتضح فيه الصياغة الجيدة والعذوبة في نسج الجمل الحوارية. وتأتي الموسيقى التصويرية مع الأغاني والكورال، لتضفي على الفيلم طابعاً جميلاً ومؤثراً.

وبالرغم من احتواء فيلم (شيء من الخوف) على بعض السلبيات، إلا أنه يظل واحداً من الأفلام البارزة في تاريخ السينما المصرية، وذلك لتقديمه أسلوب الحكاية الشعبية بشكل جديد ومؤثر. وبهذا الفيلم، ينهي حسين كمال مرحلة من أهم مراحله السينمائية، والتي يمكن أن نطلق عليها (المرحلة التجريبية).

وبفيلم (شيء من الخوف) أيضاً، ينهي حسين كمال تعاقده مع القطاع العام، ويتجه للعمل مع القطاع الخاص، لتنفيذ أفلام تستهدف تحقيق أكبر الإيرادات، وتخاطب الغرائز والرغبات السهلة لدى الجمهور المتخلف.

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004