حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نصف قرن على إنشاء التلفزيون المصري

بعد نصف قرن على انطلاقته

التلفزيون المصري... فوضى وريادة مفقودة

القاهرة - أسامة فودة

يصادف 21 يوليو (تموز) ذكرى مرور نصف قرن على انطلاقة شرارة البث التلفزيوني المصري الأولى، خمسون عاماً من الإعلام المتنوّع وتاريخ حافل بالإنجازات والإخفاقات أيضاً...

أسئلة كثيرة حول أهم الانجازات وأسباب الإخفاقات يجيب عنها التحقيق التالي.

يتحسّر الإعلامي البارز حمدي قنديل، أحد أبرز الأسماء التي ساهمت في نجاح هذا الصرح الإعلامي، على ما آلت إليه أحوال إعلامنا الذي تخلى قهراً أو سهواً عن مرتبة الريادة بعدما ظل متربعاً على قمتها لسنوات...

لا يرى قنديل أي بادرة أمل للخروج بهذا الصرح من حالة التردي التي ألمّت بمستوياته كافة وقضت على {الأخضر واليابس}، بعدما كان بمثابة بؤرة برّاقة تشعّ بنورها على العالم بأسره.

يحدد قنديل أسباب التردي بمجموعة عوامل من بينها: سيطرة مناخ يؤمن باستراتيجية الترفيه على حساب التنوير، تخلي الإعلام عن دور {الريادة} وتسخير أسلحته كافة لمحاربة قناة فضائية، لهاثه وراء الربح التجاري على حساب الإبداع والثقافة، سيطرة الشللية والمحسوبية ومن يرضى عنهم النظام}.

رحيل الكفاءات

تعزو الإعلامية سلمى الشماع حالة الانحسار التي وصل إليها التلفزيون المصري بعد 50 سنة إلى رحيل الكفاءات الحقيقية هرباً من الإحباط وعدم التقدير في ظل سيطرة المحسوبية والواسطة، {لذا لا أمل في عودة الريادة إلا باختيار الكوادر بشفافية، عندها تعود الطيور المهاجرة التي يحزنها ما آلت إليه أحوال تلفزيون الريادة هذا}.

في هذا السياق، يوضح المخرج محمد فاضل أنه سُخّر سابقاً لخدمة هذا المبنى ما لا يقلّ عن مائتي فني وإداري وهندسي استطاعوا بكفاءتهم وإخلاصهم إنجاح هذا الصرح العظيم، {أما اليوم وعلى رغم وجود أضعاف هذا العدد إلا أنه خرج عن المنافسة ولم يعد المبنى، الذي يفترض أنه يروّج للإبداع والثقافة، يؤدي رسالته، لدرجة أننا بتنا نخوض معارك شرسة ليرى العمل الإبداعي النور}.

يضيف فاضل: {باختصار، بات التلفزيون في حالة يرثى لها، خصوصاً مع انتشار {البطالة المقنعة} وضياع آلاف الأعمال الخالدة التي تعد ثروات لا تقدّر بثمن بسبب الاستهتار والبحث عن الربح}.

فاضل أحد رواد الإخراج التلفزيوني وصاحب {القاهرة والناس}، المسلسل الذي كان بمثابة رصد لأحوال المجتمع بسلبياته وإيجابياته، كذلك نجح فاضل في كتابة شهادة ميلاد كمّ من النجوم، في مقدّمهم نور الشريف وأشرف عبد الغفور وغيرهما ممن أثروا حياتنا الفنية.

حرّية وديمقراطيّة

لن تستعاد الريادة، في رأي الإعلامي جمال الشاعر، إلا بالسماح بإنشاء قنوات خاصة وسيادة مناخ الحرية، يوضح: {وحدها المنافسة كفيلة بإعادة الإبداع إلى مجراه الطبيعي وليس السعي إلى حسابات الربح والخسارة، بتعبير أدقّ لن يُرفع مستوى الإبداع إلا بمزيد من الحرية والديمقراطية}.

يضيف الشاعر أن الحل يكمن في إنشاء هيئة مستقلة تعيد تنظيم الأولويات في ماسبيرو، وفي اختيار الكوادر المؤهلة لإدارة القناة بحرية تامة.

أما سوزان حسن، رئيسة التلفزيون السابقة، فتؤكد أن استعادة البريق تكون في اختيار الكفاءات والكوادر في القطاعات كافة اختياراً أميناً وبعيداً عن المحسوبية والمجاملات، وتخفيض الأعداد الهائلة التي تشغل وظائف إدارية وتكبّد خزانة الدولة أموالاً طائلة.

تشير حسن إلى أن الأجيال الحالية لا تدرك حجم تأثير الشاشة على الجمهور، إلا أن الإعلامية دينا رامز، المسؤولة عن فضائية {النيل للمنوعات}، تختلف مع حسن في هذا الرأي وتطالب بأن تحصل الأجيال الشابة على فرصتها في تولّي المسؤولية والفصل هو معيار الكفاءة، لا سيما أن الإيقاع اللاهث يحتّم على الجميع السعي إلى تحقيق التميز.

جديد ومختلف

المقولات نفسها يؤكدها عمر زهران، المسؤول عن فضائية {نايل سينما}، معتبراً أن القدرة على المنافسة في تقديم الجديد والمختلف هو الفصل ليس في النجاح فحسب إنما في الريادة أيضاً وهو ما يطمح إليه الجميع، ما يفسّر لماذا يحرص عبر قناته على رصد كل ما يتعلق بالنشاط السينمائي محلياً ودولياً وعدم الاكتفاء بعرض الأفلام كما تفعل قنوات الأفلام الأخرى.

في هذا الإطار، تستحضر الإعلامية فريدة الشوباشي ملامح الشاشة الصغيرة قبل 50 سنة قائلة: {كانت الشاشة بمثابة واجهة عرض رائعة نجحت في رسم ملامح وطن يبحث عن مكانة تحت الشمس، كانت في غاية الثراء، آلاف الشرائط تضمّ كنوز فكر وثقافة وإبداع على المستويات كافة والتي لا تعرف الأجيال الجديدة عنها أي شيء، للأسف، خصوصاً بعدما تم السطو عليها عملاً بمبدأ الربح من كل شيء وأي شيء} .

ترى الشوباشي ضرورة التخلّص من الفساد الذي استشرى في كل مكان في هذا المبنى، وذلك عبر منظومة متكاملة تعتمد إطلاق مناخ الحرية والإبداع ليعود إلى هذا المبنى تألقه بدلاً من الدخول في معارك وهمية عن الريادة التي هي فعل وليست تنظيراً.

لا يرى عبد اللطيف المناوي، رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون المصري، الصورة بهذه الدرجة من القتامة، مؤكداً أن القيادات الشابة تولت المسؤولية بالفعل وتحاول بأقصى طاقتها المنافسة لتحقيق التميز، وأن مناخ الحرية يسود ولا خطوط حمراء، مع ذلك لا ينكر وجود بعض القصور.

أخيراً، يؤكد المهندس أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، أن ما هو قادم أجمل وكفيل بعودة المشاهد المصري والعربي إلى الشاشة الأم.

الجريدة الكويتية في

19/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)