بعد وفاته.. سر ابتعاد «بشير الديك» عن السينما 14 عاماً
حنان الصاوي
توفي الكاتب المصري الكبير بشير
الديك، اليوم
الثلاثاء 31 ديسمبر، عن عمر يناهز 80 عامًا، بعد صراع مع المرض، تاركًا
إرثًا سينمائيًا لا يُنسى، شكّل علامة فارقة في السينما المصرية والعربية.
بشير الديك يعد
أحد أعمدة الموجة الواقعية الجديدة في السينما المصرية، التي تناولت
موضوعات جريئة عكست هموم المجتمع وعرفت أعماله بصوت الإنسان البسيط في
السينما المصرية.
غياب عن السينما 14 عاماً
ابتعد بشير الديك عن كتابة الأفلام السينمائية على مدار
الـ14 عاماً الماضية، وتحديداً منذ كتابته فيلم "الكبار" بطولة عمرو سعد
وزينة وخالد الصاو، وإخراج ماندو العدل، وكشف الديك خلال لقاء سابق مع
الإعلامي يوسف الحسيني على إذاعة نجوم إف إم عن سبب الغياب عن السينما،
وعدم تقديمه أفلام جديدة خلال السنوات الأخيرة.
وقال بشير الديك خلال اللقاء: "السينما عالم شديد الخصوصية،
لكن المناخ العام لم يعد مواتيًا أن أقدم السينما المجنونة التى أحبها،
ولكن إذا عثرت على الموضوع أو التيمة المناسبة لن أمنع نفسي منها، وتلقيت
عروضًا كثيرة جداً ولكن لم يمسني منها أي موضوع بشكل حقيقي، إضافة إلى أن
كل أصحابي الذين كنت كنت أعمل معهم "ماتو"، محمد خان وعاطف الطيب ونادر
جلال، وأنا بقيت حاسس إني وحيد جدًا ودا أثّر فيا".
ويُعد السيناريست والمخرج بشير الديك واحدًا من أبرز صناع
السينما في مصر، وقد ساهمت نشأته في بيئة شعبية بشكل كبير في تشكيل رؤيته
الفنية، حيث ولد في قرية الخياطة بمدينة دمياط، هذه النشأة انعكست بوضوح
على أعماله التي نجحت في التعبير عن نبض الشارع المصري، ممزوجة بواقعية
إنسانية تلامس القلوب.
البداية الفنية لـ"بشير الديك"
بدأ بشير الديك مسيرته الفنية في السبعينيات، حيث تعاون مع
كبار المخرجين والنجوم مثل عاطف الطيب، أحمد زكي، ونور الشريف، تميز أسلوبه
في كتابة السيناريو بالجمع بين العمق الاجتماعي والسياسي والبساطة في
السرد، مما جعل أعماله قريبة من الجمهور ومؤثرة في الوقت نفسه، ركزت أعماله
على قضايا الإنسان البسيط، مع تسليط الضوء على معاناته اليومية وآماله،
ليصبح من أبرز الأصوات التي جسدت واقع المجتمع المصري.
كمخرج، قدّم بشير الديك فيلمين فقط خلال مسيرته، هما
"الطوفان"، بطولة محمود عبد العزيز و"سكة سفر" بطولة نور الشريف، وعلى
الرغم من قلة تجاربه الإخراجية، إلا أنه نجح في تقديم رؤية سينمائية تحمل
بصمته المميزة، وبعد فترة غياب طويلة عن الساحة السينمائية، عاد من خلال
فيلم "الكبار" عام 2010، الذي أخرجه محمد جمال العدل.
تُعد أعمال بشير الديك مرآة صادقة لواقع المجتمع المصري،
حيث تناول القضايا التي طالما هُمشت في السينما السائدة، لم يكن مجرد كاتب
سيناريو أو مخرج عادي، بل كان فنانًا منحازًا للإنسان البسيط، مسلطًا الضوء
على معاناته وداعمًا لقضاياه.
ومن أبرز الأعمال التي قدمها بشير الديك، والتي تُعد
تجسيدًا قويًا للواقعية الإنسانية، أفلام "سواق الأتوبيس"، "ضربة معلم"،
"ضد الحكومة"، "ناجي العلي"، و"ليلة ساخنة"، كما كتب أيضًا فيلمي "موعد على
العشاء" و"الحريف" كل ذلك يؤكد على تميزه في تقديم قضايا الإنسان البسيط
برؤية سينمائية عميقة ومؤثرة.
ومن أعماله أيضاً فيلم "امرأة هزت عرش مصر"، وفيلم "حلق
حوش" و"أبناء الشيطان"، و"ليلة ساخنة"، و"الجاسوسة حكمت فهمي"، كما أبدع في
كتابة المسلسلات حيث قدم الكثير والتي حققت نجاحاً جماهرياً كبيراً ومنها
"الناس في كفر عسكر"، "أماكن في القلب"، "ظل المحارب"، "حرب الجواسيس"،
و"عابد كرمان"، "الطوفان".
وبفضل عبقريته الفنية، أصبح بشير الديك أحد أعمدة السينما
الواقعية في مصر، وترك إرثًا خالدًا يعبر عن تطلعات وآلام مجتمعة لا تزال
أعماله تحظى بتقدير كبير، ليس فقط لأنها تعكس واقعًا اجتماعيًا وسياسيًا،
بل لأنها تجسد فنًا صادقًا ينبع من الناس ويعود إليهم. |