ملفات خاصة

 
 
 

«إلى عالم مجهول»… العالم لا يزال «ليس لهم»

رامي عبد الرازق

البحر الأحمر السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة منافسة قوية بين مجموعة أفلام عربية، طافت بالمهرجانات الدولية وحجزت مكانًا لعرضها العربي الأول عبر شاشة مسابقة الأفلام الطويلة، التي تنافست على جوائز اليسر المقدمة في المهرجان.

تقدم المنافسة بصورة قوية كل من المصري «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» للمخرج خالد منصور في تجربته الروائية الأولى، والتونسي «الذراري الحُمر» للمخضرم لطفي عاشور، والفلسطيني «إلى عالم مجهول» أول تجربة طويلة للمخرج الفلسطيني الدنماركي مهدي فليفل، والذي عرض ضمن مجموعة أفلام برنامج نصف شهر المخرجين بالدورة الماضية لمهرجان كان السينمائي في مايو الفائت.

«الذراري الحُمر»، اقتنص جائزة اليسر الذهبية لأفضل فيلم، فيما حصد «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» جائزة لجنة التحكيم الخاصة، لتكن جائزة اليسر الفضية لأفضل فيلم من نصيب فيلم مهدي فليفل «إلى عالم مجهول».

قبل أكثر من عشر سنوات، قدم فليفل تجربته التسجيلية الطويلة الأولى «عالم ليس لنا»، الذي دشن حضوره واسلوبه القائم على الخشونة الحزينة، التي تصدم وتحاصر شعور المتلقي وأفكاره في آن. أسلوب فليفل جرئ، يعتمد على حركة كاميرا حرة تعنيها التكوينات، لكنها غير تأملية، وتشغلها الشخصيات أكثر من الأشياء، إذ لا يكاد يخلو كادر في أفلام فليفل من شخصية، لا حكايات بدون شخصيات، ولا أفلام بدون ضجيج نفسي وصراخ داخلي موجع بلا صوت.

منذ فيلمه الأول، وكصانع أفلام ولد في المنفى، يشغله الشتات الفلسطيني الراسخ أكثر من أي قضية أخرى، يراه في الداخل قبل الخارج، يخلص عبر تجاربه إلى أن الأزمة ليست في أي شيء أخر سوى الاحتلال، والاحتلال فقط. لا صراع سياسي ولا تناحر فصائل ولا معاهدات أو توقيعات. ثمة شعب مطرود لأن أرضه محتلة، دائرة جهنمية تخلصها جملة إدوارد سعيد التي يفتتح بها مهدي فيلمه الأحدث.

من بين آلاف من قصص اللاجئين خلال العقد الأخير مع انفجار الوضع في الشرق الأوسط، يحافظ مهدي على سرديته الخاصة، يفتتح فيلمه بجملة سعيد عن الشتات اللا منتهي، وتحدد تلك الافتتاحية توجهه

الفيلم لا يتناول قضية لاجئين على اختلاف جنسياتهم، بل هو فيلم عن التشظي الفلسطيني، عن الأجيال الشابة – الأبطال في مرحلة العشرينيات- الذين كانوا لاجئين قبل اللاجئين، وظلوا لاجئين سط اللاجئين، ولا أحد يدري متى سوف يعودون إلى أرضهم المحتلة!

سؤال المجهول هو ما يشغل مهدي. لا من باب العدمية وفقدان الأمل في الوصول إلى نهاية ما، عادلة أو غير، لكنه سؤال غير متفائل وبلا إجابة قاطعة، وهي معضلة وجودية وفلسفية شاقة ومخزية، بل هي مكررة ونمطية من كثرة ما طرحت على الشاشة أو فوق صفحات التاريخ خلال أكثر من خمسة وسبعين سنة من النفي والإبادة.

في فيلمه الروائي الطويل الأول يحاول فليفل طرح هذا السؤال الوجودي الشاق دون خطابية أو طنطنة، وبمكر درامي يستحق التقدير، وعبر رحلة مفعمة بالارتجال والعشوائية والتخبط وفقدان البوصلة يخوضها الأبطال نحو الهدف. لا شيء متوقع في رحلة الثنائي الفلسطيني شاتيلا وابن خالته رضا المقيمان في أثينا -العاصمة اليونانية- كمحطة انتقالية في انتظار العبور إلى ألمانيا، حيث يحلمان بافتتاح مقهى عربي في واحد من أحياء الوافدين العرب، حتى يمكن لشاتيلا أن يستدعي زوجته الشابة وابنه الرضيع ويمكن لرضا أن يأتي بأمه التي عذبها كثيرا بسبب إدمانه للمخدرات.

حلم بسيط جدًا، لكنه معقد جدًا في نفس الوقت، مشروع وممنوع، بل يكاد يكون مستحيلًا بالنسبة لاثنين من الفلسطينين، وسط طوفان من حركة اللاجئين العرب نحو أوروبا.

لا يهتم مهدي كثيرًا بسرد كيفية وصول بطليه إلى أثينا، يفتتح فيلمه على ميدان صغير في المدينة ليعرفنا سريعا إلى ما يحاول الشابان ممارسته من أجل الحصول على تكاليف جوازت السفر المزيفة التي سوف تمكنهما من الطيران إلى ألمانيا، يخطفان حقيبة سيدة عجوز لا تملك سوى 5 يوروهات في كيسها الصغير، لكن لمحات عابرة تضرب بفرشات سريعة ابعاد الاثنين: شتيلا غاضب، حاقد على كل شيء، لعّان، فاحش، بذئ، بينما رضا مغلوب على أمر مزاجه الإدماني الهش، يتعاطف مع السيدة التي وجد أدويتها في الحقيبة، ربما تذكه بأمه التي لا تنفك تتصل به لتطمئن على تعافيه من دهس المخدر لشرايينه المحترقة.

يسلم مهدي صوت السرد الرئيسي في الفيلم لشاتيلا، ربما لمزاجه العصبي الذي يناسب التوتر المستمر في حركتهما باتجاه جمع المال بكل الطرق –غير المشروعة بالطبع- لنتصور أن شابًا فلسطينيًا، هاجر بشكل غير قانوني، مولود في مخيم ويحمل اسم واحدة من أشهر المذابح الدموية في التاريخ الإنساني الحديث(شاتيلا) على اسم المخيم الشهير، كيف سيكون مزاجه؟ وما هو الشرعي وغير الشرعي من وجهة نظره؟

هكذا يمكن نفهم نسبيًا أسباب اختيار عيني شاتيلا لسرد الرحلة المترعة بالخشونة والغموض، هو أيضا بطل درامي كلاسيكي في أوديسة حداثية؛ يرغب في العودة إلى المنزل. ولكن أي منزل؟ هل المنفى هو المنزل؟ أم الزوجة أم توقف الشتات عن اللهاث في صدره ودمه؟ ماذا تعني الرغبة في العودة إذا لم يكن هناك بيت؟ ماذا يعني أن يحمل شخص اسم مخيم لاجئين؟ هذا ليس اسما لمدينة أو صفة لواحدة من قوى الطبيعة؛ بل عنوان لمذبحة! يختصر اسم شاتيلا تاريخ شتاته الدموي الطويل، من قبل أن يولد وإلى ما شاء التاريخ.

قام فليفل بمغامرة صياغة رحلة بطل درامية منقوصة العناصر؛ فثمة هدف وهو الوصول إلى ألمانيا واستقدام الابن والزوجة، وثمة طريق غامض مهلك بلا أسلحة أو خوذات او دروع، وثمة وحش رابض دوما في صورة سمسار التهريب الذي يطالب بأموال كثيرة من أجل توفير الجوازات المزورة، وهناك درب مجهول صامت، غير معلوم كلية، عشوائي الظهور – تارة محاولة تهريب الطفل الغزاوي لعمته في ايطاليا وتارة النصب على مجموعة لاجئين سوريين- كل هذا متوفر. ولكن ثمة غياب تام لعنصر مهم جدًا في رحلة أي بطل وهو المِنتُور/ المعلم/ أو دليل الرحلة.

رحلة رضا وشاتيلا بلا دليل، حُذف الدليل الكلاسيكي التقليدي ليبني مجهولية وغموض مصير أصحاب الرحلة، فلا أحد يقود شاتيلا ورضا سوى غريزة اللاجئين المرتبكة وشعورهم بالاستحقاق – ولو جزئيا- بما يمنحهم تصريح ارتكاب الأخطاء والخروج على القوانين، ليس لأنهم مجرمين؛ بل لأنهم لاجئيين فلسطينيين مُحتَلين ومطرودين وهائمين على وجوههم في عتمة الرفض والشتات.

وفي محاولته المستمرة تحقيق أي مكسب مادي بأية وسيلة، يتذكر شاتيلا دوما افتقداه الرهيب لأسرته (الأوديسة) خاصة حين يلتقي بالطفل الغزاوي الذي يمكن أن نعتبره الجيل الأحدث والأكثر قتامة في الشتات، فيوعز شاتيلا إلى رضا بخطة تهريبه والحصول على سمسرة من ورائه، ولكن حتى هذا يفشلون فيه، ويعبر الطفل بالفعل إلى ايطاليا بصحبة صديقة شاتيلا اليونانية تاتيانا على اعتبار أنها أمه. تبدو تاتيانا امرأة مهشمة نفسيًا وروحيًا بشكل مثير للرثاء، ولكن حتى هذه العملية تفشل، وتزيد من إحباط رضا وغضب شاتيلا، وبالتالي يبدأ في البحث عن عملية أخرى.

هنا يمكن أن نتوقف أمام تكوين شايتلا بحكم كونه عين السارد الأساسية، فهو أيضا نموذج للبطل الدرامي، صحيح أنه مهزوم وجوديًا ونفسيًا وإنسانيًا، لكنه على مستوى الدراما يعتبر شخصية فعالة إلى حد كبير، فهو الذي يخطط ويقدم على ارتكاب «العمليات»، بل هو الذي يقود رضا بحكم كون الأخير هو الأكثر هشاشة على المستوى الجسدي والنفسي. وهي لعبة درامية ذكية من السيناريو، بتحويل بطل الرحلة نفسه إلى شبه منتور لتابعه، او صفيه أو زميل رحلته، كأن أعور يقود أعمى نحو الهلاك، وهو الهلاك الذي يصبح من نصيب رضا في النهاية، فرضا هو الحلقة الأَضعف في كل خطط شاتيلا، نظرا لتحكم عنصرين شديدي الخطورة – بالنسبة لأهل الشتات- في نفسيته: إدمان المخدرات، وإدمان الإنسانية.

تنبع قوة شريط مهدي فليفل في كونه غير متوقع على الدوام، لا الشخصيات ولا نحن يمكن أن نرى ما سيأتي، حتى لما تخطط له الشخصيات بما يتصورون أنه دقة وعناية. على سبيل المثال لا يمكن توقع أن تنكر المرأة اليونانية بيتها وتختفي عقب رحلتها إلى إيطاليا مع الطفل الغزاوي، دون أن يحدد الفيلم مصيرها في النهاية ولا أسباب الأختفاء، ولا يمكن توقع أن تغلق عمة الولد الغزاوي تليفونها وتصل رسالة بالإيطالية إلى شاتيلا كلما اتصل بها من أجل اموال سمسرة التهريب، مما يستدعى إلى رأسه نصب فخ جديد من أجل استغلال مسألة تحويل المكالمات وبالتالي محاولة استدراج ضحايا –مثلهم- لينفذوا خططهم.

نتوقف هنا أمام تفصيلة نهش الضحايا لبعضهم، صحيح أن لدينا درجة عالية من حضور الشتات بالنسبة للشابين الفلسطينين، لكن ثمة تجليات أخرى للشتات تظهر من خلال نماذج مثل السوريين الثلاثة اللذين يستدرجهم شاتيلا ورضا من أجل خطة سمسرة تهريب مزيفة، وهناك حتى المرأة اليونانية التي تعيش شتات نفسي وروحي ليس بسبب إدمانها للكحول؛ ولكن لكونها وحيدة بلا رجل ولا ونيس، تعيش في شقة متواضعة تطلق عليها قصرا، وتقضي وقتها في اصطياد الشباب مدعية أنها ليست رخيصة، بينما هي مكسورة الإدرادة مهزومة الجسد والروح.

هذه الهزيمة سواء التي يرى فيها شاتيلا حقيقة المرأة أو حتى تعاطف رضا مع الرجل السوريين الثلاثة الذين احتجزهم مع شاتيلا من أجل خطة التهريب المزيف؛ تزيد من الحمل النفسي والعاطفي والإنساني، ليس فقط على ضمير شاتيلا ولكن على ضمير المتلقي نفسه، فالصراع هنا ليس بين خير وشر ولا بين قوي وضعيف، ولكن بين ضعيف وأكثر ضعفًا، والأكثر ضعفًا هنا ليس المرأة والرجال الثلاثة، بل شاتيلا ورضا نفسيهما، لأن الأكثر ضعفًا هو الأكثر شراسة عادة.

على مستوى اللغة السينمائية لا يمكن إغفال عنصر التمثيل الذي يعتبر الحامل الرئيسي لكل عناصر التجربة دراميًا وبصريًا، فكما سبق وأشرنا أن كادر مهدي لا يكاد يخلو من شخصية، لا يوجد اعتناء بتكوينات جمالية في ذاتها ولا شمس تشرق أو مدينة سابحة في ذهب الغروب. بل على العكس، ثمة ما يمكن اعتباره تعمد لأن تبدو المدينة بجدران قبيحة مشوهة، مرسوم عليها بالجرافيتي الساذج أو طلاء الجدران الباهت والمتأكل أو المموه، كأننا في سراديب وحارت مُنهكة أو عالم سفلي – وهو التصور الإغريقي الأقرب لرحلة أبطال مهدي

وكما حكى مهدي في لقائه مع جمهور مهرجان البحر الأحمر، فقد استغرق عامين ونصف من أجل الاستقرار على كل من محمود بكري، ربيب آل بكرى العائلة السينمائية الفلسطينية الأشهر، لأداء شخصية شاتيلا، بينما جاء لاعب الاسكيت والمونتير آر. إم في صدفة قدرية ليستقر في دور رضا، ويصبح كلا الشابين – في العشرينات من عمريهما- هما الثنائي الرائع الذي وصل بالشخصيتين الرئيستين إلى تخوم التسجيلية، فدرجة التقمص روحيا وجسديا لحالة الشتات والتخبط والحركة العشوائية دون بوصلة أو دليل بدت وكأنها بالفعل رصد لحياة الشخصيات وليست تمثيلا أو تشخيصا يعاد بنائه دراميا وأدائيا بهذا الشكل الصادق والحقيقي جدا.

 

####

 

«يوم سعيد».. اللعب مع الأحلام

د. عبدالله العقيبي

قبل أكثر من سنتين بدأت المكالمات تمتد وقتًا أطول بيني وبين المخرج المبدع محمد الزوعري، كان دائمًا يقول لي إنه سوف يفعلها ويقدم فيلمه القصير الأول، وكان يحفزني على مواصلة كتابة فيلمي الذي يتغير ويتبدل بعد كل مكالمة

في اليوم الحادي عشر من ديسمبر الجاري، عُرض فيلم الزوعري «يوم سعيد» ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر الدولي بمدينة جدة، وتسنت لي مشاهدته، ولا أستطيع أن أخفي فرحي البالغ بفيلم الزوعري، ولا بمنجزه الأول والجميل، الذي فيه طاقة ولطف تشبه صانعه، إخراجًا وكتابة

خلال مكالماتنا الطويلة كان الزوعري يطالبني بتوصيات من عالم القصة والرواية، ويعود بعد قراءة ما رشحته بدهشة فنان. ولذا، كنت أظن أن الزوعري سيذهب بفيلمه الأول ناحية الحس الأدبي، لكنه فاجأني بذهابه ناحية الكوميديا، لكنها كوميديا مختلفة، كوميديا داخلها دراما وفلسفة وجغرافيا خاصة بالمكان (الرياض)

استطاع الزوعري خلال فيلمه الأول أن يقدم لي بشكل شخصي -وللمشاهدين كما أعتقد- حكاية رمزية عن الشخصية النموذجية لشاب يعيش يوم عمل عادي في فضاء مدينة الرياض اليوم. تلك الشخصية المأخوذة بالعمل والإنتاج، ستواجه في خضم يوم العمل هذا حقيقة الطاحونة أو الخلاط الذي وضع البطل نفسه فيه بكامل إرادته، لذلك سيتحول إلى شخصية مراوغة، يناور الحياة كما تراوغه. الجميل أن شخصية (سعيد) بطل الفيلم – الذي قام بدوره عبد الحميد العمير باقتدار- شخصية مركبة وسريعة في اتخاذ قراراتها، لذلك كان أجدر شيء يمكن أن يحدث بين سعيد ويومه هو أن يتعاملا مع بعضهما بهذا القدر من الخفة والسخرية

تسرق الحياة من سعيد يومه وأحذيته، فيسرق منها بالمقابل سرعتها، لا عداوة بين بين سعيد وبين يومه، بل لعب متبادل، والزوعري يثبت حالة اللعب هذه عبر التلاعُب بالمشاهد، ليجعل اليوم بالكامل يومًا حلميًا، يصحو منه البطل ليعد فطوره الخفيف بنفسه ويلقي التحية على زوجته وعلى اليوم السعيد كذلك، لكنه سيترك وجودًا للمسبحة التي كانت في حلم اليوم السابق. هذا النوع من التلاعب رغم تقليديته إلا أنه ظهر بشكل لطيف يجعلنا كمشاهدين نعاود النظر في الحكاية، ليس بكونها حلمًا مر وانقضى، لكن كحقيقة متروكة للسؤال الفلسفي الكبير: من منا يقود الآخر اليوم أم نحن؟ 

لقد استفاد الزوعري من قراءة القصص، واستفاد كذلك من عمله الطويل في إخراج الإعلانات التجارية، فقدم لنا باقتدار صورة طبق الأصل للواقع اليومي داخل جغرافيا مدينة الرياض، وهو بهذا الفيلم يقول للمشهد الفني المحلي (أنا موجود)، فالصورة الرائعة التي قدمها، والمتعة التي صنعها من خلال قصته اللطيفة تدل على موهبة قادمة بقوة، وهذه ليست نبوءة بقدر ما هي معرفة دقيقة بالمختبر الذهني الذي يعمل داخله الزوعري بجهد وجمال واستمتاع.

في الآونة الأخيرة بت متأكدًا من أن المخرجين الشباب يمارسون نوعًا من التجريب في أفلامهم القصيرة، حتى أصبح الفيلم السعودي القصير مساحة ممتازة لتجريب المهارات الإخراجية، وكأن الفيلم القصير ليس إلا دورة تدريبية ستضاف لاحقًا لسيرتهم الذاتية، وهذه المساحة رغم رحابتها وقلة التوقع منها على مستوى الطموح إلا أنني أجدها مساحة جيدة للتفكير في الفن أيضًا، أعني إعادة التفكير في الفن ذاته، ليس على مستوى الكتابة والإخراج، بل على المستوى الفلسفي، كنوع من إعادة النظر والتحقق من جدوى فن السينما، لأن الهدف الحقيقي من التجريب يجب أن يكون أبعد من التفكير في اختبار الأدوات الفنية، التجريب في ظني يشبه إعادة التحقق من كل شيء، ابتداء من الفن نفسه وجدواه، ومن خلال تجربتي الشخصية في متابعة الجميل محمد الزوعري أجد أنه يسير في الطريق الصحيح، لهذا أنا سعيد جدًا بتجربته الأولى «يوم سعيد»، وأقول له بكل محبة: يومك سعيد يا زوعري.     

 

موقع "فاصلة" السعودي في

13.12.2024

 
 
 
 
 

ختام تدعمه "قوة السينما" لمهرجان البحر الأحمر في جدة

تكريم خاص لنجوم عالميين واحتفاء بمشاركة 122 فيلماً من 85 دولة

نجلاء أبو النجا 

في حفل ختام الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر في جدة جرى تكريم الممثلة العالمية فيولا ديفيس والممثلة والمنتجة بريانكا شوبرا تقديراً لمسيرتيهما الفنية المتميزة وإسهاماتهما الاستثنائية في صناعة السينما.

اختتمت الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة فعالياتها بعد عرض عشرات الأفلام من جميع أنحاء العالم. ووسط تجمع كبير من صناع السينما العربية والعالمية خلال الأيام الماضية بدا الوجود الجماهيري كثيفاً لدرجة أن الندوات والجلسات الحوارية والعروض حملت لافتة كامل العدد طوال أيام المهرجان.

مهرجان مميز توجه مشاركة نجوم عالميين أقاموا جلسات حوارية ناجحة شملت الحديث عن خبراتهم السينمائية والفنية على مدار أعوام مضت، ولعل أبرزهم مايكل دوغلاس وكاترين زيتا جونس وفيولا ديفيس وسارة جيسكا باركر وأندرو جارفيلد واميلي بلانت وبريانكا شوبرا وجيرمي رانر وإيفا لونغوريا وأوليفيا وايلد وعامر خان وبيندكت كمبرباتش ومنى زكي والمخرجون سبايك لي ومايكل مان ومحمد سامي والنجوم السعوديون إبراهيم الحساوي ومشعل المطيري، وغيرهم من النجوم وصناع السينما في العالم.

تكريم خاص

في حفل ختام الدورة الرابعة للمهرجان جرى تكريم الممثلة العالمية فيولا ديفيس والممثلة والمنتجة بريانكا شوبرا، تقديراً لمسيرتيهما الفنية المتميزة وإسهاماتهما الاستثنائية في صناعة السينما. وقدمت الكاتبة والمخرجة السعودية هناء العمير الجائزة التكريمية للنجمة فيولا، بينما تولت النجمة سارة جيسيكا باركر تقديم الجائزة لبريانكا.

وعرض في الختام فيلم "مودي: ثلاثة أيام على حافة الجنون" للمخرج والممثل العالمي جوني ديب وهو أحد المشاريع السينمائية المدعومة من قبل برنامج البحر الأحمر لتمويل الإنتاجات العالمية. ويروي الفيلم قصة تدور أحداثها في شوارع باريس خلال الحرب العالمية الأولى.

وسيعرض فيلم "رجل أفضل" وهو السيرة الذاتية للمغني العالمي روبي ويليامز، من إخراج وتأليف وإنتاج مايكل غرايسي، كفيلم ختامي لليلة الأخيرة من المهرجان، غداً السبت.

قوة السينما

بدورها، قالت رئيسة مؤسسة البحر الأحمر السينمائي جمانا الراشد، "استقبالنا هذا العام جاء في موقع مهرجاننا الجديد في جدة التاريخية. ضيوفنا من جميع أنحاء العالم في جدة، واحتفينا معاً بقوة السينما بعرض 122 فيلماً من 85 دولة، كما استضفنا مجموعة واسعة من اللقاءات، وعقدنا كثيراً من الاتفاقيات الاستراتيجية، والشراكات الواعدة ضمن فعاليات سوق البحر الأحمر. يأتي ذلك التزاماً منا بتعزيز مستقبل مشرق لصناعة السينما في المنطقة، وفتح آفاق جديدة للإبداع والتميز السينمائي".

وكشف الرئيس التنفيذي المكلف لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي محمد بن عايض عسيري، أنه خلال الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عقدت عديد من الشراكات والمبادرات التي تهدف للارتقاء بمشروعات مهمة محلياً وإقليمياً، وتدعمنا ثقة كاملة بأن هذه الجهود ستثمر في الدورات المقبلة عن مزيد من الإسهامات البارزة التي ستترك بصمة حقيقية في صناعة السينما الحديثة.

وقال عسيري، "التنوع الغني في الأفلام بالدورة الرابعة عكس حجم النمو المتسارع للمهرجان، إذ ارتفع عدد الدول المشاركة إلى 85 دولة. ونعمل جاهدين على زيادة هذا العدد في دورة 2025".

كانت لجان التحكيم في المسابقة الروائية الطويلة مشكلة من المخرج العالمي سبايك لي رئيساً وعضوية توبا بويوكوستن وميني درايفر ودانيال داي كيم وأبوبكر شوقي، واختير الأفضل من بين 16 فيلماً روائياً شاركت في المسابقة الرسمية. في حين قيمت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، المكونة من حمزة جمجوم وراماتا تولاي سي وكي- شي وو، الأفلام المعروضة في المهرجان.

جوائز متنوعة

وحصل على جائزة الشرق لأفضل وثائقي وقدرها 10 آلاف دولار فيلم "حالة من الصمت" إخراج سانتياغو مازا. بينما فازت بجائزة "شوبارد" للموهبة السعودية الصاعدة رولا دخيل الله.

وحصد فيلم "جافانا الصغيرة" إخراج لورانس فالين، جائزة الجمهور من فيلم "العلا" لأفضل فيلم دولي. بينما حاز فيلم "هوبال" جائزة الجمهور من فيلم "العلا" لأفضل فيلم سعودي وقدرها 50 ألف دولار، وهو من إخراج عبدالعزيز الشلاحي.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، حصل فيلم "العازر" من إخراج بيزا هايلو على جائزة اليسر الفضية لأفضل فيلم قصير، وقدرها 12.5 ألف دولار. كما نال فيلم "فقس" للمخرجين علي رضا كاظمي بور وبانتا مصلح جائزة اليسر الذهبية لأفضل فيلم قصير وقدرها 25 ألف دولار.

الأفلام الروائية

وتعد مسابقة الأفلام الروائية الطويلة هي أبرز وأهم المسابقات بالمهرجان، وفاز فيلم "لقتل حصان منغولي"، إخراج تاو كيو بجائزة اليسر لأفضل إنجاز سينمائي.

وكانت جائزة اليسر لأفضل ممثل من نصيب الممثل الفلسطيني محمود بكري عن فيلم "إلى عالم مجهول" من إخراج مهدي فليفل.

وفازت المصرية مريم شريف بجائزة اليسر لأفضل ممثلة عن فيلم "سنو وايت" إخراج تغريد أبوالحسن، وشارك في بطولة الفيلم كريم فهمي ومحمد ممدوح ومحمد جمعة. والفيلم يتناول للمرة الأولى في السينما قضية قصار القامة، وما يعانونه على المستوى النفسي والاجتماعي وتلعب البطولة في سابقة لم تحدث فتاة طولها 119 سم وتدور الأحدث حول معاناتها في مواصلة حياتها الطبيعية كامرأة لها طموح وأحلام.

وحصد الفيلم العراقي "أناشيد آدم" من إخراج عدي رشيد جائزة "اليسر" لأفضل سيناريو وهي 10 آلاف دولار. كما فاز بجائزة اليسر لأفضل مخرج التونسي لطفي عاشور عن فيلمه "الذراري الحمر".

أما الفيلم المصري "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" فبطولة عصام عمر، وإخراج خالد منصور ففاز بجائزة "اليسر" من لجنة التحكيم وقدرها 10 آلاف دولار. وفاز الفيلم الفلسطيني "إلى عالم مجهول"، إخراج مهدي فليفل بجائزة "اليسر" الفضية للفيلم الطويل وقدرها 30 ألف دولار.

واقتنص جائزة اليسر الذهبية لأفضل فيلم طويل وقدرها 100 ألف دولار الفيلم التونسي "الذراري الحمر"، إخراج لطفي عاشور. ويروي الفيلم قصة رحلة مؤثرة في نفسية طفل يعاني في منطقة حرب، وهو الفيلم الروائي الثالث لعاشور، وعرض للمرة الأولى في مهرجان لوكارنو في سويسرا.

سوق البحر الأحمر

في الوقت نفسه، أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي أسماء الفائزين بجوائز سوق البحر الأحمر لدورة 2024، وتنافس فيها 31 مشروعاً روائياً وسبعة مسلسلات، واختيرت تسعة مشاريع فائزة، منها مسلسلان من قبل لجان تحكيم متخصصة.

ويهدف سوق البحر الأحمر إلى دعم المشاريع السينمائية الجديدة من العالم العربي وأفريقيا وآسيا، وتكمن أهميته في كونه منصة رائدة للتبادل والشراكات بين السينما السعودية والعالمية، ويهدف إلى تعزيز الإنتاج المشترك والتوزيع الدولي مع التركيز على دعم المشهد السينمائي المحلي والإقليمي.

وفي مشاريع قيد التطوير فاز أكثر من سيناريو ومنهم فيلم "النار بالنار" لمقبول مبارك وحصل على جائزة التطوير وقدرها 30 ألف دولار. وحصل على جائزة الإنتاج وقدرها 75 ألف دولار فيلم "سرقة بيروت" لكاتيا جرجورة. أما جائزة الإشادة الخاصة وتصل إلى 20 ألف دولار ففاز بها فيلم "تهمينة" لأبوزار أميني.

مشاريع قيد الإنجاز

أما في قسم مشاريع قيد الإنجاز، ففاز بمنحة مرحلة ما بعد الإنتاج وقدرها 40 ألف دولار فيلم "غوريا" لليفان كوغواشفيلي. وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة 15 ألف دولار فيلم "فوكسي" لكيو جيونغ جيونغ.

ونال فيلم "لو خيروني" للنا قمصاني جائزة شبكة راديو وتلفزيون العرب المقدرة بـ50 ألف دولار، كما فاز بجائزة "ماد سوليوشنز" فيلم "دو ري ميمي" لفاطمة البنوي وقدرها 50 ألف دولار. وأخيراً كانت جائزة الإنتاج وهي 70 ألف دولار من نصيب فيلم "كارت أزرق" لمحمد العمدة.

صحافية @nojaaaaa

 

الـ The Independent  في

13.12.2024

 
 
 
 
 

تحويل رواية «جحيم العابرين» إلى عمل سينمائي تخرجه السعودية هناء العمير

الرياض ـ «سينماتوغراف»

أعلنت "استوديوهات MBC" الذراع الإنتاجية لـ "مجموعة MBC" عن تحويل الرواية الأكثر مبيعاً "جحيم العابرين" للكاتب السعودي أسامة المسلم إلى فيلم سينمائي من إخراج السعودية هناء العمير.

في هذا السياق قام أسامة المسلم بكتابة السيناريو نفسه المقتبس عن روايته، علماً أنه من المزمع للفيلم المرتقب أن يدخل حيّز الإنتاج في النصف الأول من العام القادم 2025، حيث سيتم تصوير مشاهده في المملكة العربية السعودية.

يأتي هذا التعاون بين استوديوهات MBC وأسامة المسلم لإنتاج فيلم روائي طويل في سياق شراكة بين الطرفين تهدف إلى تحويل روايات أخرى لـ المسلم إلى أعمال درامية وسينمائية ويجري العمل حالياً على الإعداد لها، على أن يعلن عن تفاصيلها لاحقاً.

وكان اسم أسامه المسلم قد برز في السنوات الأخيرة باعتباره واحداً من الروائيين المتميزين في المملكة العربية السعودية، حيث اتخذ لنفسه خطاً أدبياً خاصاً وأسلوباً مختلفاً في الكتابة، فأبدع في أنماط الرعب والفانتازيا والتشويق، وحظي بإشادة كبيرة من القراء ودعم جماهيري واسع في السعودية والعالم العربي، لذا تحظى معظم الفعاليات الأدبية التي يشارك فيها بحضور جماهيري غير مسبوق.

كما تعد مخرجة العمل هناء العمير واحدة من ألمع صنّاع السينما السعودية، وقد انضمت إلى استوديوهات MBC في شهر إبريل الماضي لتشغل منصب مدير الإبداع الفني، رافعةً بذلك من رصيدها الإبداعي وخبرتها الواسعة واسمها اللامع كإحدى السعوديات الأكثر تألقاً في قطاع الإخراج وصناعة السينما.

في هذا السياق قالت هناء العمير: "لطالما أحببت إخراج أعمال سينمائية مقتبسة من مصدر آخر أخلق حواراً معه من خلال عملي، لذلك فأنا سعيدة جداً بالتعاون مع الكاتب السعودي أسامة المسلم الذي تشكل شعبية أعماله الواسعة في العالم العربي تحدياً لأي مخرج، خاصة وأنه يقدم نوعاً مختلفاً في الكتابة الإبداعية حيث التشويق والغموض والرعب والموروث الأسطوري والشعبي يحتل مساحة واسعة من كتاباته."

وأضافت: "أرجو من خلال صناعة هذا العمل فتح آفاق جديدة في الساحة السينمائية السعودية".

بدوره عبر المبدع أسامة المسلم عن هذا التعاون بقوله: "سعيد جداً بهذا العمل الأول مع مجموعة MBC والذي سيكون بداية لسلسلة أعمال قادمة تخوض في عالمي الكبير الذي بنيته على مدى 10 أعوام وله جمهور كبير من القراء عبر الوطن العربي والمتحمسين لرؤية قصصهم المفضلة على الشاشة".

يذكر أن التحضيرات للفيلم المزمع إنتاجه عن رواية جحيم العابرين تجري على قدمٍ وساق، إذ من المنتظر أن يشق الفيلم طريقه إلى صالات السينما السعودية والعربية قريباً، ليختزل بين طيّاته كل ما تحمله الرواية الأصلية من أحداث مشوقة وانعطافات متسارعة تبقي المشاهد في حالة من الترقب في انتظار المشهد الأخير.

 

####

 

لماذا فازت بطلته بجائزة أفضل ممثلة؟ ..

«سنو وايت» فيلم ملهم ومحفز عن قصار القامة و سر نجاحه (مريم شريف)

جدة ـ «سينماتوغراف» : إنتصار دردير

هي من قصار القامة، جميلة وذات كاريزما جذابة تغري خاطبها على الإنترنت دون أن تكشف عن إعاقتها، في فيلم «سنو وايت» الراقي والملهم، والذي فازت بطلته بجائزة أفضل ممثلة في المسابقة الرئيسية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الرابع.

إيمان (مريم شريف) شابة ذكية وفصيحة وذات إرادة قوية. إنسانة ساحرة، تملك ابتسامة عريضة ونظرات تحمل دلالات وضحكة مُعدية، لكنها في الواقع وعلى الشاشة من الأقزام.

تعيش إيمان مع شقيقتها صفيّة (نهال كمال) في شقة للطبقة المتوسطة، في أحد شوارع القاهرة المزدحمة.

تخطط شقيقتها لحفل زفافها على خالد (محمد جمعة)، وهي بحاجة إلى دعم إيمان العاطفي والمالي أيضًا. وذلك لأن أهل زوجها المستقبلي (خاصةً والدة خالد الجشعة وغير المرغوبة) تطالب بشراء ثلاجة بسعر خيالي كجزء من المهر.

لكن إيمان لا تستسلم بسهولة. فهي تريد أن تطمئن على سلامة أختها قبل أن تمد يدها إلى جيبها. فهي حريصة على إثبات أن المرأة تساوي أكثر بكثير من مجرد جهاز في مطبخ.

وفي الوقت نفسه، تبحث إيمان عن شريك مناسب لها عبر الإنترنت. يصبح عماد (محمد ممدوح) مفتونًا بالمرأة الغامضة، على الرغم من أنه لم يرَ سوى صورة واحدة لها (صورة وجه حقيقية ملتقطة بعناية من زاوية تخفي ملامحها القزمة). تدعي أن كاميرتها معطلة، بينما تماطل بلا نهاية في لقائهما الأول في نهاية المطاف. وعلى الرغم من ثقتها الزائدة بنفسها (فهي ترى نفسها سنو وايت، ومن هنا جاء عنوان الفيلم)، إلا أنها تشعر بالرعب من أن يتخلى عنها خاطبها عندما يكتشف أن طول قامتها لا تتجاوز 119 سم.

يعدها عماد بأن حبه لها صادق بغض النظر عن مظهرها. يدور جزء كبير من السرد حول السؤال عما إذا كان عماد سيقبلها بالفعل كما هي، أم أن الحقيقة القاسية ستحطم أحلام إيمان الرومانسية.

إيمان التي تؤديها (مريم شريف) لذيذة المشاهدة. إنها جميلة وممتعة وإنسانية بعمق، ومفعمة بالحب لتعطيه، لكن لديها أيضًا مطالبها.

فهي تتجنب إمكانية الزواج المدبّر، وكذلك تتجنب تقدم قزم لطيف في مثل سنها تقريبًا.

تنجح المخرجة تغريد أبو الحسن في خلق شخصية متعددة الأبعاد. ورغم إدراكها للتحديات التي يواجهها الأقزام (خاصة النساء)، إلا أن المخرجة لا تضفي طابع الضحية أو الغرابة على بطلتها.

وهذه ليست المرة الأولى التي تعمل فيها المرأتان معًا. فقد لعبت شريف أيضًا دور البطولة في فيلم أبو الحسن القصير ”فستان سهرة“ (2020).

التقزم منتشر في مصر. ووفقًا لإحدى شخصيات الفيلم، فإن ثلث ”الأقزام“ على كوكب الأرض يسكنون هذه الدولة. وهم يتمتعون ببعض الضمانات، مثل الحصص في مكان العمل والنقابة. ومع ذلك، فإن أقل من 3% منهم لديهم وظيفة رسمية، كما أنهم ممنوعون من قيادة السيارات - وهو حظر يفتخر رئيس النقابة بتجنبه في سيارة ذات دواسات معدلة. إيمان هي واحدة من هؤلاء الأشخاص: فهي تعمل بكامل طاقتها بوظيفة جيدة في أرشيف حكومي وبأجر شبه لائق.

تساعد حالة البهجة في الفيلم والموسيقى في رفع وتيرة ما كان يمكن أن يكون دراما اجتماعية متقلبة المزاج.

تحب إيمان أن تطلق شعرها الطويل وترقص أمام المرآة داخل غرفة نومها الملونة التي تشبه غرفة الأميرات في الرويات الخيالية.

فيلم ”سنو وايت“ ملهم ومحفز ومضمون لرسم الابتسامة على وجه المشاهد، ونجحت بامتياز(مريم شريف) في تقديم شخصيتها داخل العمل الذي حملته بكفاءة على كاهلها. وبالإضافة إلى ذلك، فهو أيضًا نظرة تأمل جادة للغاية حول التحيز والتمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاصة من قصار القامة.

 

####

 

شارك ضمن مسابقة «البحر الأحمر السينمائي» ..

مراجعة | «بين و بين، في مكان آخر من الحدود» فيلم جزائري بارع بصريًا وتقنيًا مع ملاحظات

جدة ـ «سينماتوغراف» : إنتصار دردير

يصوغ مهربو البنزين ومخرج الفيلم داخل العمل علاقة غير متوقعة في سعيهم للهروب من مأزقهم الوجودي - فيلم الإثارة الصحراوي الجزائري «بين و بين» للمخرج محمد الاخضر تاتي، يتناول ذلك مع كثير من التحديات، حيث يتعمق في تعقيدات الأسرة، والصّداقة، والبقاء اليوميّ. وقد تم عرضه ضمن المسابقة الرئيسية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الرابع.

يختلط "سعد" صانع الأفلام الملتزم والهادئ مع مهربين على الحدود الشاسعة بين تونس والجزائر.

المشهد رهيب وقاحل ومن المستحيل عملياً مراقبته. ربما لهذا السبب يتمتع المجرمون في الغالب بحرية التنقل بين البلدين العربيين حيث يجلبون الوقود والعملة والمؤثرات العقلية (الملقبة بـ”الحلوى“).

يعمل أفراد هذه العصابات داخل مركباتهم الخاصة وبأعداد كبيرة في كثير من الأحيان، مما يشكل موكباً افتراضياً من السيارات، ويتم نقل البضائع داخل غالونات كبيرة مرئية بوضوح للمارة.

هذه منطقة قليلة السكان. لا يمكن رؤية السلطات في أي مكان. في هذه الأرض التي ينعدم فيها القانون، فإن القرويين الذين تحولوا إلى مجرمين هم من يكتبون القوانين.

تدور معظم أحداث القصة على أربع عجلات، حيث يتدافع الرجال لتمرير بضائعهم عبر الحدود. "فتحي" هو الشخص المسؤول، وهو رجل مطلوب من قبل الشرطة. يعيش مع عائلته داخل كوخ غير مستقر. لديه علاقة عاطفية مع عائلته وشركائه على حد سواء. ويقيم علاقة مع "سعد" غير المتطفل. نوع من الأخوة التجارية. يحاول المخرج جمع المال لفيلمه القادم. وتشير تجربته مع المهربين إلى أنه يقوم أيضًا بتطوير فكرة الفيلم.

يهدف العمل الروائي الطويل الثالث للمخرج الجزائري محمد لخضر تاتي إلى التعليق على الترابط بين الرجال وديناميكيات صناعة الأفلام، مع إضافة بعض الإثارة والتشويق، ويستمرّ توتّره بفضل مؤثّرات صوتيّة متقلّبة.

وفي الوقت نفسه، يتأمل سعد في ديناميكيات السلطة في صناعة الأفلام: ”أشعر بالحرية والقمع في آن واحد، وهذا ما أريد أن يكون عليه فيلمي“.

إنه مسعى سينمائي ذو طموحات فنية كبيرة - وغير محققة في الغالب -. لأنه لا يؤسس مخرج الفيلم وشريكه في الكتابة جون بيار موريون سردًا مبشّرًا. فسيناريو الفيلم فوضوي، والمؤامرة بالكاد مفهومة.

حتى عنوان الفيلم مربك، إن لم يكن طنانًا. تشرح إحدى الشخصيات أن كلمة ”بين وبين“،إشارة إلى الأشخاص العالقين في مكان مجهول وغير قادرين على المضي قدمًا.

يُفترض أن في هذا إشارة أيضاً إلى أن المهربين وصانع الفيلم عالقون في حالة من الجمود وفي حالة انتقالية دائمة، وبالتالي يبقى السؤال، لماذا عنوان آخر فرعي للفيلم ”في مكان آخر من الحدود“، ولماذا يمتلك هؤلاء الأشخاص ضبعًا أليفًا.

من ناحية أخرى، فيلم ”بين وبين“ بارع بصريًا وتقنيًا. يتماشى التصوير السينمائي الكئيب للصحراء مع الشخصيات الكئيبة. بعض الصور جميلة حقًا، مثل منظر طبيعي يتباهى بالجبال الوعرة والصدوع والطرق الترابية والمنازل المصنوعة من الحجارة، واللقطة العريضة للأراضي المنبسطة في المشهد الأخير مثيرة للإعجاب بشكل خاص.

تسعى الموسيقى التصويريه المتنافرة بلطف (مثل اللحن المتكرر في الدقائق الأخيرة) إلى جذب الجمهور من خلال ضخ القليل من التوتر في الفيلم. وهي مهمة بالغة الأهمية دون وجود قصة معرفية.

لكن الغريب أن الفيلم يُفتتح ويُختتم بعناوين باللغة الفرنسية، دون ترجمة إلى الإنجليزية أو العربية. فهل هذا الأغفال متعمد، أو أسلوبًا فنيًا يهدف إلى تعزيز الغموض. وفي كلتا الحالتين، للأسف لم ينجح الأمر.

 

موقع "سينماتوغراف" في

13.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004