ملفات خاصة

 
 
 

«سنو وايت».. بطلة غير عادية بفيلم استثنائى تدعونا لنروى قصتها من جديد

خالد محمود

البحر الأحمر السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

أعترف أننى لم أر منذ فترة فيلما مصريا بهذا الإبداع والإبهار الفنى على الشاشة مثلما شاهدت فى فيلم «سنو وايت» والذى يطرح لنا واحدة من المخرجات الاستثنائيات، هى تغريد أبو الحسن التى إذا ما واصلت المشوار بنفس النبض، ستكون لها مكانة مختلفة، وهى بحق تشكل بفيلمها الروح الحديثة للسينما المستقلة المصرية.

تكمن جماليات الفيلم، الذى شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائى عرضه العالمى الأول فى تناوله لقصة شديدة الواقعية ونموذج لحياة قاسية وأيام بائسة بصورة أقرب إلى الحلم تصعد بك إلى قمة الحلم، وتملأ وجدانك بهجة فى أنك تستطيع أن تعيش وتشكل مسار أيامك كما تريد متخطيا مسألة الاستسلام لقدرك والنصيب وما شابه.

يدور الفيلم حول «إيمان» شابة من قصار القامة إذ يبلغ طولها 119 سنتيمترا، تبحث عن ذاتها كفتاة مرغوبة من حقها أن تحب وتتزوج بشكل طبيعى شأن أى فتاة أخرى، تلجأ لمواقع التعارف عبر الإنترنت لتتمكن من التعبير عن نفسها بحرية بعيدًا عن القيود والمظاهر الاجتماعية اليومية، وفى الوقت ذاته تصارع من أجل مساعدة زواج أختها الصغرى من خطيبها خالد، حيث يعيش الاثنان نفس الرغبة فى حب حقيقى.

تتبلور لحظات إيمان بين حلم وواقع قاس، نراها فى غرفتها سعيدة متمردة على حالتها الجسدية وهى تُخفى حجمها وتعوّض عن ذلك بضحكتها الكبيرة، وحوارها الجذاب عندما ينتج التعارف عبر الانترنت عن علاقة شاعرية مع عماد «محمد ممدوح» قال لها إنه يحبها، وعندما يلتقيان فى الواقع تصطدم برفضه كونها من الاقزام، وهنا تواجه صعوبة بسبب معايير الجمال التقليدية التى تفرضها الثقافة المجتمعية.

هى فى داخلها ترفض كونها قزمة، وأنها تنتمى لهذا العالم وترى أن الآخرين هم الأقزام بتصرفاتهم.

الفيلم غير عادى رغم أنه يتناول عالما قاسيا لأصحابه وقضية اجتماعية هامة حيث يعيش فى مصر ثلث قصار القامة فى العالم، إلا أنه لا يحاول نقل رسالة فحسب، بل إنه يتجاوز كل الصور المباشرة إلى صورة أكثر إلهاما للبشر، وأن عليهم أن يتمسكوا بالحلم حتى آخر نفس عبر تلك الحكاية التى عقب مشاهدة الفيلم ستدرك أنها حكايتنا جميعا.

فهذا النوع من القصص جذاب حقًا، مع تقنيات السرد الحديثة والشاعرية كأسلوب التناول الذى لجأت إليه المؤلفة والمخرجة، وكذلك جرأتها بتقديمها لفتاة قصيرة القامة فى دور البطولة، لمناقشة قصة حب تعيشها مسلطة فيها الضوء على تحديات وأبعاد الحياة اليومية.

فى الفيلم الاستثنائى الذى يجمع مزيجا «لايت» من الدراما والأسلوب الواقعى، نجد البطلة الشابة مريم شريف من قصار القامة تجسد شخصية إيمان ببراعة شديدة، وسلاسة واحترافية.. وأداء مبهر وساحر فى قلب القصّة. فى تفاصيل أدائها واقعية وبراءة ونظرات عيون تعرف متى تحزن ومتى تبتهج، متى تتجمد مشاعرها ومتى ترقص، إنها حقا أخذتنا إلى عالمها لنتأمل ونقرر أن نعيش وأن نتنفس.. إنها السينما التى نولد معها من جديد.

جسد محمد ممدوح دوره فى شخصية العاشق على الإنترنت دون افتعال، وكذلك صفوة فى دور أختها، وخطيبها محمد جمعة، كانا يشكلان ثنائيا مميزا، إلى جانب ظهور خاص للفنان كريم فهمى، والذى جسد دور النجم أو فتى أحلام إيمان وهنا لا أنسى مشهدا تخيليا لرقصتها معه، كانت مدهشة ومفعمة بالمشاعر، وشكّل نقلة خاصة فى شخصية بطلتنا التى بدت كأنثى متكاملة على موسيقى وكلمات أغنية وردة فى يوم وليلة.

أيضا كانت هناك مشاهد درامية مدهشة ولها دلالات فى تصويرها، وبراعة فى استدلالها منها مشهد والد الشاب قصير القامة وهو يحتضن صورة زوجته على أغنية لعبد الوهاب يتذكر قصة حبه وفراقها عنه برحيلها.

تمثل إيمان فى الفيلم صورة للمرأة المصرية ذات الإرادة القوية التى تسعى لتحقيق أهدافها. رسالتها هى التصالح مع النفس وقبول الآخر، لأنه حتى وإن كان هذا «الآخر» مختلفًا فى الشكل ففى نهاية اليوم يجمع بيننا نفس الاحتياجات والرغبات الإنسانية. والفيلم ليس مجرد عمل فنى وحسب، بل هو أداة لطرح قصة مجتمعية حقيقية، ربما تتعلق بالزّواج، والإعاقة، والأخوّة، وتفعيل نقاشات تلامس مواضيع قد يتجنب المجتمع عادةً طرحها.

وكما يقول منتج الفيلم الجرىء محمد عجمى، نؤمن بأن ثقافتنا مليئة بالقصص التى تستحق أن تُحكى والتى يغض المجتمع الطرف عنها سواء كانت قضايا تخص الفئات المهمشة أو قضايا لا يتم تمثيلها كما ينبغى.

وقد لاقى موضوع الفيلم تقديرًا دوليًا واسعًا، حيث فاز فى عام 2020 بجائزة صندوق الأمم المتحدة للسكان.

 

الشروق المصرية في

12.12.2024

 
 
 
 
 

مواجهة باتت حتمية.. قانون القوة أم قوة القانون؟!

طارق الشناوي

لدينا أفلام تعبر الحدود وتشارك فى المهرجانات وربما تحصل أيضًا على جوائز، ستكتشف أنها تمكنت من الإمساك بمعادلة إنتاجية خارج «الأبجدية» المتعارف عليها.

وهكذا جاء حلم أقصد فيلم «البحث عن منفذ للسيد رامبو»، ولد مجرد أمل جميل إلا أنه بعيد المنال، وعلى مدى 8 سنوات كانت الناقدة والكاتبة الصحفية ومبرمجة المهرجانات رشا حسنى تلتقط الخيط، مع المخرج الذى شارك أيضًا فى كتابة السيناريو خالد منصور يبحثان عن تمويل، ليضمنا تقديم المشروع كما حلما به، ثم انضم حالمون آخرون للفكرة حتى اكتملت وأصبح الفيلم سفيرنا فى العديد من المهرجانات بداية من (فينسيا) وصولًا لـ(البحر الأحمر) الذى تعلن نتائجه مساء اليوم.

الأحداث أغلبها ليلية، حتى تلك التى لا تسمح بوجود الليل، أخذت من الليل إظلامه وقبل ذلك مذاقه، ليضفى على (الكادر) ظلالًا نفسية توحى بالمأزق الذى يعيشه البطل، الشريط شحيح الضوء فى القسط الأكبر منه، وهو ما يمنح الفيلم خصوصية لتأتى لقطة النهاية والضوء يسيطر على الموقف، دلالة على امتلاك القوة.

أول انطباع يفرضه عليك العمل الفنى قبل رؤيته هو العنوان، فى البداية شعرت بأنه طويل أكثر مما ينبغى، لماذا لم يكتف المخرج بـ(رامبو)، أو على سبيل المداعبة (السيد رامبو)، أو من الممكن الاكتفاء بالمقطع الأول (البحث عن منفذ)، ليطرق العنوان كل الأبواب، لأنه يتيح لخيالك التحليق فى كل الأجواء.

بعد نهاية العرض تأكدت أنه لا بديل للعنوان كاملًا، إنه التمهيد الحتمى لكل ما سوف نراه على الشريط، ليؤكد أن المخرج لا يقدم شيئًا مجانيًا لا كلمة أو لقطة، عشوائية، خارج السياق، وهذا هو أحد أهم مفاتيح الإخراج و(الترمومتر) الذى تقيس به قدرة المخرج.

الشريط السينمائى يواجه جمهورًا باتت معاييره أخلاقية جدًّا بالمعنى المباشر للأخلاق، وقبل ذلك سوق سينمائية تتحكم فيها شركات توزيع لا ترحب بالاختلاف وتريد فقط تكرار نفس (الصنف).

هذا الفيلم يقف على الشاطئ الآخر، بعيدًا عن كل تلك المعايير، لديه أيضًا خيط جماهيرى، قادر على أن ينقل المتفرج إلى عالمه، المخرج يخلص تمامًا للفكرة، ويختار الموقف الذى يصنع خيطًا سحريًّا مع المشاهد.

ساعات محدودة هى زمن الفيلم واقعيًّا، مما يمنح الشريط جاذبية خاصة، لأنك تصبح مثل أبطاله تدرك أن كل دقيقة لها ثمن.

من أهم أسلحة االعمل أن المخرج خالد منصور شارك مع الكاتب محمد الحسينى السيناريو المنسوج بميزان من ذهب، يمزج اللحظة بالماضى، نتعرف على حياة الطفل حسن منذ الميلاد حتى الآن، اختيار عام جديد يتيح لنا الإحساس بالمراجعة العامة، ويعيدنا إلى جذورنا، البطل يستمع إلى أشرطة كاسيت مع والده الذى اختفى فى ظروف غامضة، تخلى عن مسؤوليته، وأصبح على (حسن) مواجهة الحياة وحيدًا.

اللقطات الأولى تقدم لنا العلاقة مع الكلب البلدى ونكتشف أن الكلب لديه أيضًا مساحته فى اللعب والدلع مع البطل (عصام عمر) الذى سبق أن تابعته فى العديد من الأعمال التليفزيونية، وجه جديد قادر على امتلاك عين المتلقى، ممثل عصرى جدًّا فى اختيار أدوات التعبير، تلقائى وعفوى بقدر ما يمتلك عقلًا يقظًا قادرًا على ضبط التعبير، أرى أن هذا الفيلم سيضعه فى مكانة خاصة بين (جانات) السينما المصرية.

ليس مهمًّا الحكاية بتفاصيلها، الأهم أن المخرج يجعلك جزءًا منها، الابن وأمه أسماء إبراهيم يواجهان وحشًا، صاحب ورشة يريد طردهما من البيت، ليستغلها فى إصلاح السيارات، يمارس كل العنف الذى يصل للسادية فى فرض سطوته على تلك الأسرة المسالمة فهم لا يملكون سوى التمسك بأول خيط فى الحياة وهو البيت، لمحات متعددة للعلاقة بين الأم وابنها وثالثهما الكلب الذى أصبح أحد أفراد الأسرة، تجعلك تتعاطف مع أبطال الحكاية.

انطلاق الشخصيات فى السيناريو مكتوب بحرفية عالية، أحمد بهاء الوجه الجديد صاحب الورشة توظيف رائع من المخرج لملامحه وأدائه المتمكن رغم أنها تجربته الأولى، ركين سعد الممثلة الأردنية أداء مقنع واختيار موفق جدًّا للمخرج وهى الشخصية المحورية التالية للبطل عصام عمر، الكلب يدخل طرفًا فى الصراع، عندما يدافع عن صاحبه ويعقر فى مكان حساس صاحب الورشة.

(السيد رامبو) فى النهاية سيتم إنقاذه فى لحظة مصيرية لأن سيدة مصرية (يسرا اللوزى) ستصطحبه معها خارج الحدود، وأيضًا (عصام عادل) ينتقم بيديه من صاحب الورشة، ويحصل على عقد بأحقيته هو وأمه فى البيت.

علينا مواجهة القوة بالقوة، الرسالة لو أنك عزلتها عن التفاصيل، تبدو مباشرة وتذكرنا مثلًا بفيلم (السفيرة عزيزة) عندما استطاع الشاب المسالم شكرى سرحان زوج سعاد حسنى أن يشبع الجزار عدلى كاسب ضربًا، الذى كان يريد الاستحواذ على ميراث شقيقته.

ما قدمه هذا الفيلم ودفع به لتلك المكانة هو تلك التفاصيل التى تمنحك زاوية رؤية مختلفة تطل بها على الحكاية، وتعيد قراءة الفيلم بعيدًا عن صرامة الحكاية، ولكن ظلالها، لتكتشف أن السيد رامبو ليس هو بالضبط الكلب رامبو وأن الشاب حسن يجسد أمامنا قضية عميقة عن علاقة المواطن بالقانون، والأب الذى اختفى فى ظروف غامضة ولم يتحمل المسؤولية ليس مجرد أب، ولكنه سلطة أدبية تخلت عن دورها.

عناصر الفيلم كلها أو أغلبها تخوض التجربة لأول مرة، ربما لديهم تجارب محدودة، رأيتهم فى هذا الفيلم مخضرمين: مدير التصوير أحمد طارق بيومى والمونتير ياسر عزمى وديكور مارك وجيه.

فيلم مشرف لنا بكل عناصره، وعلينا أن نسأل كيف نهيئ المناخ السينمائى فى مصر ليستقبل كل تلك الإبداعات؟.

ويبقى عنصر رئيسى داخل وخارج الفيلم، المطرب محمد منير، للمرة الثانية بعد فيلم الافتتاح (ضى) أجد صوت منير هو الباقى من حكايات الزمن، إنه الخيط السحرى الذى يعثر عليه البطل عنما يستمع إلى شريط كاسيت بينه وبين الأب الغائب، الاثنان توحدا على صوت منير.

استطاع منير منذ قرابة نصف قرن أن يصبح هو (الحدوتة المصرية) وليس مجرد مطرب لـ(حدوتة مصرية)، عندما نتحدث عن عمق مصر ووجدانها يتوهج على الفور صوت (الكينج)!.

 

المصري اليوم في

12.12.2024

 
 
 
 
 

"صيفي".. حكاية متمردة على أسوار الزمن والذات

جدة-نور هشام السيف

في عالم السينما السعودية الحديثة، تبرز تجربة وائل أبو منصور، بتجسيد قصة محلية على الشاشة بوعي وشغف الحكّاء.

يروي لنا فيلمه الروائي "صيفي"، المشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، في دورته الرابعة، حكاية ترتحل بنا إلى التسعينيات، حقبة متوترة وخصبة ثقافياً، تعكس أحلاماً وأوهاماً شقّت طريقها بين الأزقة الشعبية وسراديب أصحاب المال والتيارات الدينية.

السينمائيون السعوديون وأعمدتهم الثلاثة:(صحفي، كاتب، مخرج) أرسى وائل أبو منصور دعائمه الثلاثة في تكوين حكايته الروائية الثانية "صيفي"، إنتاج كلّ من: محمد الحمود، وشوقي كنيس والمعتز الجفري، بعد فيلمه الأول "مدينة ملاهي" عام 2020.

يُعيد وائل تأكيد ظاهرة المخرجين السعوديين الذين يكتبون أعمالهم، جاعلاً من نصوصهم امتداداً لرؤيتهم السينمائية، هذه الظاهرة تضفي على السينما السعودية روحاً مستقلة، حيث الكاتب والمخرج يتحدان لرسم عالم موحد. وهو الذي بدأ حياته المهنية كصحفي ميداني في كبرى المؤسسات الإعلامية العربية، حيث التقط بعينه تفاصيل البشر والقصص المختبئة خلف الكلمات. هذا التكوين الصحفي ظهر جلياً في أعماله، في التقاط الجوهر الإنساني في أبطاله

صيفي: بطل من ورق

"صيفي"، يقوم بدوره الممثل أسامه القس، ابن مدينة جدة وأزقتها الشعبية، صاحب المتجر المتواضع "شريط الكون"  ومسؤول عن فرقة شعبية لإحياء الأفراح، يتشبث بالاثنين كأنهما قارب نجاة من طوفان لا يرحم، إذ يجسد تلك المرحلة، بمحاولاته الفاشلة المتشبث بأحلام الثراء السريع، بمزيج من الجدية والسخرية، مررها أسامة بانسيابية شديدة كلما تشابكت خيوط العبثية في نسيج الحكاية. يخفي تصرفاته المترددة واندفاعاته الطائشة التي تقوده دائماً إلى مآزق أكبر، كمن يُحركه توق داخلي إلى الفرار من ذاته أكثر من فراره من خصومه.

"صيفي" هو نتاج عالم يمزج بين السذاجة والحيلة، بين الطموح والانكسار، بين المسالمة والاستسلام والبطولة الزائفة.

منذ لحظة اكتشافه للشريط المسرب الذي يدين رجل المال والسلطة "الشيخ أسعد"، يصبح الشريط مفتاح نجاته ومصدر هلاكه، فهل يسعى نحو الانتقام ممن حاصروه؟ أم أنه يحاول الهروب من صورته التي يراها منعكسة في مراياهم؟.

السعادة.. تعريف أسطوري

"السعادة إحساس مستمر بالهناء والرضا طوال الوقت. تعريف أسطوري، لكنه ضروري. واجب علينا أن نكون سعداء"، هذه الكلمات التي وردت على لسان إحدى الشخصيات، لا تقف عند حدود الفلسفة المجردة، بل تعكس التباساً جماعياً في مفهوم السعادة، التي تبدو كحلم بعيد المنال، بدفع الشخصيات إلى مسارات متناقضة تكشف هشاشتها الإنسانية.

من تلك الشخصيات هي المرشدة الروحية "رابعة" التي بادرت بالسؤال في جلستها التدريبية عن مفهوم السعادة،"رابعة" طليقة "صيفي"، تؤدي دورها الممثلة عايشة كاي،  الطامحة للشفاء الروحي، وتتعامل معه كمصدر رزق في منزل للإيجار، تعيش مع  شقيقتها الداعمة لها "رابية"،  تقوم بالدور الممثلة نورا خضرا، تتجادلان حول تحديد مخاوفهما من الغد، رغم ما يبدو عليها من تبسيط حول الأمان المادي، لغة المخاوف المكررة هي تتويج القدرة على الفهم المتبادل والتكاتف بينهما.

يحاول "صيفي" التكفير عن ذنبه بدفع مشروعهما المنزلي إلى تعاون مؤسسي مع إحدى الجمعيات الخيرية، في مشهد واحد تظهر فيه الممثلة عايشة الرفاعي مسؤولة الجمعية، وهي تحذر بحزم من ممارسات تأهيلية للمقبلات على الزواج بعيدة عن القيم والأعراف الإسلامية، يبرز هذا المشهد السمة العامة لمناخ الترهيب الديني في فترة التسعينيات، التي تدفع بالضرورة إلى الرياء، في الخط الموازي  تلمح شخصية "رابعة" الى مخاوفها من عودة صيفي ومقاومتها لمشاعرها نحوه.

عبرت  الممثلة عايشة، عن هذا الخوف والتوتر بحصار نفسي وشرود يصعب عليها الخروج منه. كون الفجوة بين صيفي وطليقته لم تكن في جوهرها صراعاً مادياً فقط، كما تحاول شخصيات الفيلم قوله من خلال عبارات شحيحة، بل خزان من الجراح لم تفسر.

الشرعية الضبابية

"مهدي" المستشار الديني للشيخ أسعد ويقوم بدوره الممثل حسام الحارثي، يمكن وصفه في سياق الفيلم المسؤول عن خيوط اللعبة، كونه أداة للنفوذ، مستخدماً سلطته المزدوجة في تقديم صورة القداسة وخدمة مصالحه الشخصية.

أما"زرياب" الذي يؤدي دوره الممثل براء العالم، نجد أنه لا يمثل في الفيلم مجرد عضو في فرقة تُحيي حفلات الزواج. هو كائن مهمش يحمل في داخله صراعاً نفسياً وفلسفياً عميقاً بين الولاء والخيانة منذ البداية.

في هذه الثنائية، يظهر "زرياب" على أنه شخص متردد في سعيه نحو الحفاظ على مكان يهيمن عليه "الشيخ مهدي"، يضغط "زرياب" على "صيفي"، طالباً منه تسديد المستحقات المالية  للفرقه، يتأرجح بين العطف على "صيفي" والخوف من فقدان مكانه في شبكة السلطة المترابطة حول "مهدي" و"الشيخ أسعد".

وهذا التردد ليس محض صراع نفسي عابر، بل هو صراع وجودي. تعزز ذلك في مشهد خاطف يفضح ضآلة  ذاته وتضخم إحساسه بالذنب، خلال محاولاته البائسة لإطفاء حريق من خلال تعبئة الدلاء من مياه البحر، "زرياب" لا يواجه "صيفي" بشكلٍ مباشر أو علني، بل يختار الخفاء والتمويه كوسيلة لإدارة اللعبة، وهو ما يعكس فلسفة التجنب التي تتأصل في البشر عندما يواجهون مأزقاً بين الحب والصالح الشخصي.

أما "صيفي" بملابسه المبقعة بعد نجاته من معارك عنيفة وهروب مستمر، يتجاوز الواقع الذي يعيشه من خلال المناورة الذكية بين أصدقائه وأعدائه و زوجته السابقة، محاولاً الحفاظ على علاقة مقبولة مع الجميع في الوقت ذاته. لكن هذا السعي لا يضمن له الراحة النفسية، حيث يبقى الثالوث (صيفي، زرياب، مهدي) في النهاية أسرى للشرعية الضبابية التي تفرضها الأوضاع المحيطة.

ما كان وما هو كائن

الانتقال من عالم الأشرطة إلى رائحة الزفر في سوق السمك يُظهر "صيفي" قسوة الواقع الذي لا يرحم، حيث يُجبر على الإذعان لمقتضيات العيش اليومية التي تتعارض مع حلمه في أن يصبح شخصاً ذو قيمة أعلى.

 لا تتسم لغة جسد "صيفي" في السوق خلال التعاطي مع الزبائن، بالسأم أو الخنوع، بل بفرط الحركة! هذا النشاط الزائد هو دفع لحيوية الشعور الهارب من مواجهة الفجوة الوجودية بين "ما كان" و"ما هو كائن"، ولكن هذا التجاوز للنفس لا يكون دائماً على النحو الذي يراه الإنسان في خياله.

ففي مواجهة الزفر، لا يستسلم تماماً، بل يحاول أن يجد له مكاناً جديداً في عالم يتطلب منه التكيف مع مكوناته والحدود التي يضعها أمام نفسه.

لعبة الأبعاد البصرية والنفسية

يستغل أبو منصور الأزقة الشعبية في جدة كخلفية لأحداث الفيلم، موثقاً نبض المكان والزمان.

في المكونات البصرية تتناغم الألوان والإضاءة، فتستخدم المساحات المظلمة لتخلق هالة من الغموض في المواقف التي يواجه فيها "صيفي" أزمة الوجود، مثل اختباءه في السيارة، أو تنكره بالنقاب، بينما تغمر الإضاءة أماكن الحلم والتطلع حيث تلتقي الشخصية مع رغباتها خاصة في منزل الشقيقتين، هذه التنقلات بين الظل والنور تتوازى مع تطور الأحداث وتكشف عن التضارب بين الأماني الشخصية والواقع الذي لا مفر منه.

ألوان الفيلم تتماوج بين دفء الأماكن الشعبية وبرودة اللحظات المليئة بالمطاردة والخطر. هذا التناقض يعكس صراع الشخصيات بين أحلامها وواقعها.

تبرز المشاهد  مع تناقض مثير بين البيئة الشعبية والموسيقى التصويرية الغربية التي وضعاها "مايك وفابيان كورتزر" في  إضافة نكهة خاصة على المطاردات.

تكمل الحكاية بمزيج من النغمات الغربية والمحلية، وكأنها ترجمة موسيقية لتناقضات الشخصيات بين الأصالة والمعاصرة.

فحين تتصاعد الموسيقى في النهاية، فإنها لا تحاكي انتماء المكان أو الهروب منه، بقدر ما تقفز على أزمات الشخصية وجموحها.

رحلة دون وجهة واضحة

تبرز شخصيات فيلم "صيفي" وهي محمّلة بالضبابية، كونها تفتقر إلى الجذور التي تمنحها عمقاً واستمرارية. فبعد مشهد الحريق لا نرى التحولات على مسببيه أو متضرريه، بل أغلقت دائرة المشاهد حول "صيفي" فقط، كما يظل الخلاف بين "رابعة" و"صيفي" كجرح مفتوح بلا تفسير، بلا جذور واضحة، وكأن الحكاية تمضي في مسارها دون الالتفات إلى الأسباب التي تشعل جذوة الصراع.

ورغم تنوع الشخصيات وتشابك علاقاتها، إلا أن أبعادها تظل غائمة، إذ تبدو شخصيتي "رابعة" و"رابية" كقطع من لوحة فسيفسائية لم تكتمل معالمها، مما يترك تساؤلات عالقة عن دوافعهم وقراراتهم.

يبقى الفيلم مليئاً بالصور الغنية واللحظات الأدائية المؤثرة وخفيفة الظل. قد تفتقر القصة إلى اكتمال البناء، لكن عالمها السينمائي يحمل روحاً إبداعية، تضع وائل أبو منصور في مصاف المخرجين السعوديين الذين يساهمون في تشكيل هوية سينمائية محلية و جذابة.

 

####

 

القائمة الكاملة لجوائز سوق البحر الأحمر 2024

كشف سوق البحر الأحمر، الذي يُقام ضمن فاعليات الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، عن فوز 9 أعمال مدعومة من قبل صندوق البحر الأحمر، منها عملين قيد الإنجاز، و7 مشاريع في مرحلة التطوير، حيث تهدف تلك الجوائز إلى تطوير وتمكين المشاريع الجديدة لعدد من صُنّاع الأفلام في العالم العربي وأفريقيا وآسيا.

وفي ظل منافسة شديدة شارك فيها 31 فيلماً روائياً و7 مسلسلات، قد توصّلت ثلاث لجان تحكيم، وهي: "برنامج سوق المشاريع والأعمال قيد الإنجاز، ومعمل المسلسلات لاختيار 9 مشاريع فائزة سيستفيد أصحابها من جوائز قيّمة سيمنحها صندوق البحر الأحمر إلى جانب العديد من الجوائز التي سيقدمها شركاء المهرجان

وشهدت نسخة هذا العام عرض 24 مشروعاً قيد التطوير من قبل صانعي أفلام من أفريقيا والعالم العربي وآسيا، جنباً إلى جنب مع 12 مشروعاً تم اختيارها لبرنامج لودج البحر الأحمر، وقد طوّرت هذه الأفلام من خلال ورش عمل مكثفة بالتعاون مع تورينو فيلم لاب (Torino Film Lab).

مستقبل مشرق لصناعة السينما

وبدورها، قالت شيفاني باندايا مالهوترا، المديرة الإدارية لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، في بيان صحافي: "تعكس جوائز سوق البحر الأحمر لهذا العام المواهب والإبداعات المذهلة التي تنبثق من السعودية والعالم العربي وأفريقيا وآسيا".

وأوضحت أن "هذه المناطق تزخر بسرديات قصصية آسرة، ونفخر بدعمها من خلال مبادرات كسوق البحر الأحمر، لنوفر منصة رائدة للازدهار والنمو. تهانينا لجميع الفائزين، نجاحكم شهادة على مستقبل مشرق لصناعة السينما في هذه المناطق التي تستحق المزيد من التقدير".

ومن جانبها، قالت هولي دانيال، مديرة سوق البحر الأحمر قائلةً: "شهدت هذه الدورة من سوق البحر الأحمر عدداً قياسياً من طلبات الاجتماعات للمشاريع المختارة. مما يُبرز الجودة الاستثنائية والكفاءة العالية للفرق المشاركة. ونتوجه بخالص الشكر لجميع شركائنا على دعمهم المستمر للسوق، ولجهودهم في رعاية ودعم هذه المشاريع المتميزة ودفعها نحو النجاح".

جوائز الشركاء 

وفاز الفيلم السعودي "دو ري ميمي" للمُنتج جواهر العمري، والفيلم العربي "احتفال السوبرنوفا" للمُنتج كريستل يونس، بدعم من مركز السينما العربية، للمشاركة في مهرجان روتردام للسينما العربية.

وفاز فيلم FUXI، إخراج Jiongjiong Qiu، بجائزة عينية بقيمة 32.5 ألف دولار، كما فاز فيلمي "ﻛﻲ ﻃّﻴﺢ اﻟﺒﻘﺮة" إخراج أسماء المدير، و"آسا، سمكة في وعاء" إخراج داليا نملش، بجائزتين عينيتين، بقيمة 5 آلاف دولار لكل منهما.

كما نال الفيلم الوثائقي "فاروق" إخراج هالكوت مصطفى، جائزة عينية، بقيمة 10 آلاف دولار، أما فيلم "فوكسي" كتابة وإخراج كيو جيونغ جيونغ، حصل على جائزة عبارة عن خدمات استشارية موسيقية بقيمة 10 آلاف دولار.

وحصد فيلما "لو خيّروني" إخراج لنا قمصاني، و"دو ري ميمي" إخراج فاطمة البنوي، بجائزتين على شكل حزم ترويجية بقيمة 12 ألف دولار، أما فيلم "كارت أزرق" إخراج محمد العمدة، فاز بجائزة عبارة عن حزمة خدمات سينمائية رقمية (DCP) بقيمة 8 آلاف دولار.

وفاز فيلم "الله غني" إخراج زافين نجار، بجائزة عينية قيمتها 10 آلاف دولار، أما الفيلم السعودي "لو خيّروني" إخراج لنا قمصاني، فاز بجائزة مالية قدرها 50 ألف دولار، كما فاز الفيلم العربي"ﻛﻲ ﻃّﻴﺢ اﻟﺒﻘﺮة" إخراج اسماء المدير، على جائزة مالية مماثلة.

كما فاز فيلم "دو ري ميمي" إخراج فاطمة البنوي، بجائزة مالية قدرها 50 ألف دولار، فيما نال الفيلم السعودي "حد" إخراج جمال كتبي، بجائزة مالية بقيمة 40 ألف دولار، مقدمة من أكاديمية MBC/ شاهد، كما قدمت جائزتان بقيمة 20 ألف دولار لكل من: فيلم "غمضي يا وردة" إخراج رولان حسن، و"كارت أزرق" إخراج محمد العمدة.

كما فاز فيلم "احتفال السوبرنوفا" إخراج جورج بيتر بربري وكريم غريب، و"الفائز يُعرفُ من البداية " إخراج جنات ألشانوفا، بجائزتين عبارة عن 10 آلاف دولار لكل منهما، أما فيلم "غمضي يا وردة" إخراج رولان حسن، نال جائزة نقدية بقيمة 50 ألف دولار.

وحصل "كارت أزرق" و"غمضي يا وردة"، على جائزتين بقيمة 50 ألف دولار لكل منهما، تشمل إعفاء من رسوم التوزيع، أما فيلم "دو ري ميمي" فاز بجائزة عينية بقيمة 25 ألف دولار، في شكل إدراج مجاني في مختبر تطوير المحتوى روتانا- سارد لمدة 6 أشهر، فيما حصل فيلم "حد" على جائزة بقيمة 50 ألف ريال رسعودي من قبل "إثراء".

جوائز سوق البحر الأحمر 

أما جوائز سوق البحر الأحمر للمشاريع قيد الإنتاج، وفيما يخص المنحة الخاصة بلجنة تحكيم سوق البحر الأحمر للمشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج، فاز فيلم "فوكسي" كتابة وإخراج كيو جيونغ جيونغ، بجائزة مالية بقيمة 15 ألف دولار، مقدمة من لجنة تحكيم البحر الأحمر للمشاريع قيد الإنتاج.

وفي منحة البحر الأحمر لمشاريع مرحلة ما بعد الإنتاج، بقيمة 40 ألف دولار، فاز بها فيلم "غوريا " إخراج وكتابة ليفان كوغواشفيلي.

أما جوائز معامل البحر الأحمر، مقدمة من لجنة تحكيم معمل المسلسلات، الأول فاز بها فيلم " ساريا عثمان " كتابة إسطفان خطار، بقيمة 10 آلاف دولار، و5 آلاف دولار لكل من "كولد كيس ون" كتابة نيثن لوكاس وهاري كريشنان، "جينيرشن أ" كتابة مونا أومبوغو.

وجائزة الإنتاج من لجنة تحكيم معامل البحر الأحمر بقيمة 70 ألف دولار، لمشروع من اللودج، مقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، فاز بها فيلم "كارت أزرق"، إخراج محمد العمدة.

وجائزة الإنتاج من لجنة تحكيم معامل البحر الأحمر بقيمة 50 ألف دولار، لمشروع من اللودج، مقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، فاز بها فيلم "ببو كالي " إخراج ليديا ماتاتا.

وجائزة الإنتاج من لجنة تحكيم معامل البحر الأحمر بقيمة 40 ألف دولار، لمشروع من اللودج، مقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، فاز بها فيلم "الصامتون" إخراج جواهين زنتار

وجائزة الإشادة الخاصة من معامل البحر الأحمر بقيمة 20 ألف دولار، لمشروع اللودج، مقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، فاز بها فيلم "غمضي يا وردة"، إخراج رولان حسن.

وفي جوائز سوق البحر الأحمر قيد التطوير، ذهبت جائزة الإشادة الخاصة من لجنة تحكيم سوق البحر الأحمر، والتي تصل قيمتها إلى 20 ألف دولار، ومقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، إلى فيلم "تَهْمينة" إخراج أبوزار أميني.

وجائزة التطوير من سوق البحر الأحمر وقدرها 30 ألف دولار، مقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، فاز بها فيلم "النار بالنار" إخراج مقبول مبارك، جائزة الإنتاج من سوق البحر الأحمر بقيمة 75 ألف دولار، مقدمة من لجنة تحكيم مشاريع السوق قيد التطوير، فاز بها فيلم "سرقة بيروت" إخراج كاتيا جرجورة.

وكانت لجنة التحكيم لجائزة المشاريع في مرحلة التطوير، تضم كلّ من إليسا فرنندا بيير، وجورج شوقير، ولويز بيلليكاود.

أما لجنة تحكيم جائزة المشاريع قيد الإنجاز، ضمت المخرجة ومديرة التصوير مارتكا راميريز إسكوبار من الفلبين، وكريستوف ليبارك، المدير التنفيذي لتظاهرة "نصف شهر المخرجين" ورئيس مهرجان السينما المتوسطية، وفيزال بواليفا، مخرج وكاتب سيناريو من المملكة المتحدة والمغرب.

فيما ضمت لجنة تحكيم معمل المسلسلات كلّ من: دييغو راميريز شريمب، المنتج التنفيذي لمسلسل FALCO الفائز بجائزة الإيمي في عام 2019، وجينيفر تشين، رئيسة Channel Zero Studios، ونادية طبارة، كاتبة سيناريو ومدربة إبداعية.

 

الشرق نيوز السعودية في

12.12.2024

 
 
 
 
 

تفاصيل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الرابعة

إنجي سمير

في ليلة ساحرة، اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، شهد الحفل الإعلان عن الفائزين بجوائز اليُسر بحضور عدد من الأسماء اللامعة في عالم الفن. وتوج المهرجان مسيرتي الممثلة العالمية فيولا ديفيس والممثلة والمنتجة بريانكا تشوبرا جوناس، تقديرًا لإسهاماتهما الاستثنائية في السينما. كما شهد أيضا تكريم ديفيس من قبل الكاتبة والمخرجة السعودية هناء العمير، بينما قامت النجمة سارة جيسيكا باركر بتقديم الجائزة لبريانكا تشوبرا، ليضاف هذا التكريم إلى قائمة النجوم الذين تم تكريمهم في الدورة الحالية مثل إميلي بلنت ومنى زكي وفين ديزل ومايكل دوجلاس وعامر خان.

جوني ديب نجم الختام

كان النجم العالمي جوني ديب نجم حفل الختام بعرض فيلمه "مودي: ثلاثة أيام على حافة الجنون"، حيث تولى إخراج العمل الذي دارت أحداثه خلال الحرب العالمية الأولى، يعكس قصة الفنان الإيطالي أميديو موديلياني الذي يسعى لإيجاد مكان لعرض فنّه في باريس وسط الظروف الصعبة التي يواجهها. يندرج الفيلم ضمن المشاريع المدعومة من برنامج البحر الأحمر لتمويل الإنتاجات العالمية.

وفي حديثها عن نجاح الدورة الرابعة، قالت جمانا الراشد رئيسة مؤسسة البحر الأحمر السينمائي: "هذا العام رحبنا بضيوفنا في بيت جديد للسينما في جدة التاريخية، حيث احتفلنا بقوة السينما من مختلف أنحاء العالم من خلال عرض 122 فيلمًا من 85 دولة، إضافة إلى استضافة العديد من اللقاءات الاستراتيجية والشراكات المؤثرة."

وأكد محمد بن عايض عسيري الرئيس التنفيذي المكلف لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي أن المهرجان شهد توقيع شراكات ومبادرات استراتيجية لدعم صناعة السينما المحلية والإقليمية، مما يعزز من مكانته كمنصة عالمية تدعم الإبداع السينمائي.

كما شهدت الدورة الرابعة للمهرجان حضور العديد من الأسماء البارزة من عالم الفن وصناعة السينما، مثل سارة جيسيكا باركر، جون بوييغا، ديف باتيل، عبدالله السدحان، نيك جوناس، أمير كرارة، ومي عمر، إضافة إلى عرض أفلام عديدة لأول مرة عالميًا وإقليميًا، مما يبرهن على تنامي حضور المهرجان في المشهد السينمائي الدولي.

توزيع الجوائز

شهد الحفل توزيع الجوائز، حيث حصد جائزة أفضل فيلم روائي طويل: فيلم "الذراري الحمر" للمخرج لطفي عاشور، وجائزة أفضل إنجاز سينمائي: منحت لـ قتل حصان منغولي إخراج تاو كيو، بينما حصد جائزة أفضل ممثل، الفنان محمود بكري عن دوره في "إلى عالم مجهول"، وأفضل ممثلة حصدتها

مريم شريف عن دورها في "سنو وايت"، وجائزة أفضل سيناريو ذهبت إلى عدي رشيد عن فيلم أناشيد آدم، وجائزة أفضل مخرج حصدها لطفي عاشور عن فيلم الذراري الحم، بينما أفضل فيلم طويل (فضية):

إلى عالم مجهول إخراج مهدي فليفل، أفضل فيلم طويل (ذهبية) الذراري الحمر إخراج لطفي عاشور، بينما ذهبت جائزة أفضل فيلم قصير (فضية)، لفيلم العازر من إخراج بيزا هايلو لمّا، بينما حصد جائزة أفضل فيلم قصير (ذهبية)، فيلم "فقس" إخراج علي رضا كاظمي بور وبانتا مصلح.

بينما منحت جوائز الجمهور لأفضل فيلم سعودي حيث ذهبت لفيلم هوبال إخراج عبدالعزيز الشلاحي، بينما فاز بأفضل فيلم دولي فيلم جافانا الصغيرة إخراج لورانس فالين

تأتي هذه الجوائز لتسليط الضوء على الإبداعات السينمائية التي قدمها الفنانون والمخرجون من مختلف أنحاء العالم، وتؤكد على أهمية مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي كأحد أبرز المهرجانات السينمائية التي تساهم في تعزيز المشهد الفني على الصعيدين المحلي والدولي.

 

####

 

المخرج الفلسطيني مهدي فليفل:

فيلم "إلي عالم مجهول" يركز على شخصيات قابلتها أثناء توثيق أعمال اللاجئين

إنجي سمير

يعرض فيلم "إلي عالم مجهول" للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل، في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية والذي ستبدأ غدا السبت حتى 21 ديسمبر الجاري بتونس.

وذلك بعد مشاركته في أكثر من 20 مهرجان سينمائي حول العالم، من العرض الأول عالميا له في الدورة الـ 77 لمهرجان كان السينمائي الدولي حيث نافس في مسابقة أسبوعا السينمائيين  Quinzaine ومهرجان البحر الأحمر السينمائي.

الفيلم يروي قصة المحاولات اليائسة لاثنين من أبناء العم الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل في أثينا لإيجاد وسيلة للوصول إلى ألمانيا. يدخر شاتيلا ورضا المال لدفع ثمن جوازات سفر مزورة للخروج من أثينا وعندما يخسر رضا أموالهما التي حصلا عليها بشق الأنفس بسبب إدمانه للمخدرات، يخطط شاتيلا لخطة متطرفة تتضمن التظاهر بأنهم مهربين وأخذ رهائن في محاولة لإخراجه هو وصديقه من بيئتهما اليائسة قبل فوات الأوان.

وأشار المخرج مهدي فليفل أنه يهتم بتقديم أعمال عن اللاجئين وعرضها بطرق مختلفة في أعماله، فهو نفسه لاجئ، ويروي من خلال أعماله قصة عاشها بنفسه تحيط به طوال حياته، مؤكدًا أن اللاجئين من كل مكان حولنا، وحلم الوصول إلى أوروبا، هو حلم مشترك بين الكثيرين.

وتابع قائلا: "يرتكز الفيلم على العديد من الشخصيات التي التقيتها خلال العقد الذي كنت أوثق فيه الأحداث، حيث يحاول بعض الشباب من مخيمات لبنان الوصول إلى أوروبا كما قدمت عدة أفلام، وكانت تُلقي الضوء على رجال يحاولون الوصول إلى أوروبا، وكانت هناك مصادر إلهام عديدة في الفيلم مثل أشعار محمود درويش وإدوارد سعيد، فقد افتتحت الفيلم باقتباس لإدوارد سعيد".

وكشف أنه يهتم كثيرًا بإضفاء الإثارة على قصصه السينمائية، حتى وإن كان الفيلم يستهدف العرض في المهرجانات وليس لديه فرص كبيرة في العرض الجماهيري، لأن الإثارة مطلوبة في الأحداث كي لا يمل المشاهد.

وعن عرض الفيلم في البحر الأحمر فقال: "جئت قبل عامين واستطيع أن أقول بالفعل أن هناك فرقًا، كنت أظن أنني قد أجد حوالي 10 أو 15 متفرجًا فقط في العرض الأول للفيلم، كنت سعيدا بردود الأفعال والحضور، فالعدد كان كبيرا ولم نكن نتوقع لك في عروض الفيلم، ولكن بيعت جميع التذاكر، وكم كان رائعا أن أشاهد الفيلم في العالم العربي وأن أرى تفاعل الجمهور مع الفيلم".

"إلى عالم مجهول"سيكون له ثلاثة عروض في أيام قرطاج السينمائية يوم 14 ديسمبر بقاعة L'Opera، ويوم 15 ديسمبر بقاعة ABC، ويوم 19 ديسمبر قاعة Elhambra Zephyr، الفيلم من إخراج مهدي فليفل بطولة محمود بكري وآرام صباح ومحمد الصرافة ومعتز الشلتوح ومنذر رياحنة ومحمد غسان.

 

الأهرام المسائي في

13.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004