ملفات خاصة

 
 
 

«عبده وسنية»… التجريب من أجل التجريب!

د. محمد البشير

البحر الأحمر السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

ولدت السينما تجريبية، وستظل كذلك ما ظل الضوء، فإرهاصات السينما ابتدأت بمغازلة الضوء والظل، وهذا ما يجعل التجريب هو الأساس الأول للإبداع، وعمود خيمتها الذي متى ما اهتز؛ أنذر بالخطر

التجريب يفتح أعيننا على أقصاها بمقدار ما يبذله المخرج من تحديق طويل؛ ليخرج بقرار يشاركنا فيه رؤيته للعالم، متيحاً بكرمه الجم استعارة عينيه للنظر طوال وقت الفيلم، وهذا ما يجعل السعادة تكسو محيا المخرجين؛ كلما شاركهم المشاهدون الوصول إلى الزوايا المختبئة في الفيلم. إن هذا ما يجعلنا نظل مدينين لكل المحاولات الأولى التي غزلت عباءة الفن السابع، وفتح آفاق جديدة لكل ما نشاهده اليوم، وغداً، وبعد الغد، فعجلة الإبداع السينمائي تدور، ما دام التجريب يقود لجديد.

إن اختبار كل فكرة؛ يقود المخرجين بجرأة لخوض مغامرات جديدة، فماذا عن العودة للخلف؟ 

إنه قرار لا يقل جرأة عن تجربة شيء جديد، فاستعادة القديم نوع من التجريب في عصر مختلف، وهذا لون مطروق على صعيد الفنون كلها، والسينما هاضمة الفنون، فلا مفر من الجرأة والالتفات للبدايات، ومغازلة ما غرسه الأوائل من الرواد، والامتنان لهم كما نشاهده عند كوينتن تارانتينو -على سبيل المثال- في فيلمه «حدث ذات يوم في هوليوود»، أو بالقرارات الإخراجية عند ألفونسو كوارون في فيلمه «روما» والعودة لسحر الأبيض والأسود الذي أكسبه بتكامل العمل -لا بخيار الألوان- التقدير الذي يستحقه.

 السينما الصامتة

هذه المرحلة التي أنطقت الجمهور ثناءً على ما يشاهدونه دون صوت، وحتى نكون منصفين، لم تكن صامتة تماماً، فالصمت المطبق ممل، وهذا ما جعل الأوائل يُدخلون الموسيقى وسيطاً معبراً أمام عجزهم عن تسجيل الحوار آنذاك، ولذلك من يراهن عائداً لهذا الخيار؛ نصفق له ابتداءً لجرأته على خوض تجربة بعد تشبع الجمهور برفاهية السينما على صعيد الصوت والصورة.

هذا ما فعله المخرج عمر بكري في فيلمه عبده «وسنية» الذي تم عرضه في الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي ضمن روائع عربية، وقد جاء في تعريف الفيلم على موقع المهرجان بأنه «تذكير رائع لقوّة الأفلام الصّامتة، حيث تمّ تصويره بلا حوار، وبالأبيض والأسود الدّراميّ» وهذا ما يحفز لرؤية مثل هذه التجربة في 100 دقيقة!

أفق الانتظار

الدخول بسقف مرتفع مضر دوماً، وخاصة حين يأتي التحفيز بختام تعريف الفيلم بما نصه «من المؤكّد أنّ جمهور جدّة سيتمّ أسره بهذا النّهج المبتكر لأسلوب سينمائيّ مغاير»، وبمعطيات تسوغ مثل هذا الانتظار مثل مشاركة محمد حفظي في إنتاج هذا الفيلم مع جازيل مارتينو، وانجي الجمال التي شاركت في البطولة أيضاً.

 محمد حفظي نجح في كثير من الأفلام التي نشاهدها مؤخراً، ونثني على مستواها الفني، وهذا ما يجعلنا مطمئنين للدخول إلى مغامرة بمشاهدة فيلم طويل من هذا النوع، فتجربة شابلن -إن كان الدافع لها الحنين- لم تعد فاعلة على الدوام، فقد عوضها روان أتكينسون في «مستر بين» بمقاييس هذا العصر، فهل العودة إلى السينما الصامتة وحده كافٍ؟ لا أظن، فمثل هذا الخيار رأيته في السعودية عام 2005 و2013 مع حداثة تجربتها، فقد جاءا الفيلمان القصيران: «القطعة الأخيرة» لمحمد با زيد، و «نص دجاجة» لعبدالله أحمد؛ حنيناً لشابلن والسينما الصامتة، ولكن أن يكون الفيلم طويلاً، وبهذا الإنتاج والتقديم، فلا بد أننا أمام تجربة تستحق!

المبالغة 

تعتمد الأفلام الصامتة على المبالغة في الإيماءات اضطراراَ للتعويض عن الصمت، وهذا ما يحفز الجمهور للضحك والسرور بما يقدمه شارلي شابلن وجيل الأوائل، وإن كان الأمر لا يتجاوز النستولوجيا لما مضى؛ غير أن معايير الكوميديا وقواعد اللعبة اختلفت بتقدم الزمن.  لم يكن عمر بكري من قام بالإخراج والكتاب والبطولة ناسخاً لكل ما جاء في السينما الصامتة، فشاربه أعرض من شارب شارلي شابلن، وأداؤه لم يكن مبالغاً كما هو حال شفتي شابلن، وإن كانت تلك الخيارات هي الوسيلة المنقذة للسينما الصامتة، وهذا ما جعل مرحلة الانتقال من تلك الحقبة لما بعدها صعبة على بعض الممثلين، بل ورفضها من قبل شابلن على سبيل المثال، أو السقوط في الحرج عند النطق كما حدث لجون جيليبرت، وهذا ما يجعل من النطق اختباراً حقيقياً للأداء، والاستعاضة بالصوت بدلاً من مبالغة الأداء.

الافتتاحية والختام

ابتدأت اللقطات جاذبة، وكأننا أمام فيلم «الأرض»، والحقل المصري، وتفاصيل المكان والإنسان، وهذا بحد ذاته مبشر بفيلم يستحق هذا الانتظار، ولكن بعد مضي الوقت، وسير الأحداث، يحق لي مشاهداً أن ألوم المخرج على خيار المئة دقيقة! إن هذا العصر لا يتقبل طولاً غير مبرر من أجل التجريب، وخوض هذا التحدي المقدّر، كان من الممكن أن يأسر المُشاهد في وقت أقصر، وألّا يجعل له (ولكن) التي تفسد جمال ما تم تقديمه.

عندما يطول السرد، وتمتد الرحلة، يضع السينمائي نفسه أمام خيار صعب، وهو من يعلم أن خيار الأفلام القصيرة عند شابلن أكثر من الطويل، فلماذا اختار أن يسلك الصعب أمام خيار أسهل يضمن متعة المشاهد؟ لماذا لم ينتصر للمُشاهد على تقديم نرجسية المخرج المشروعة فضلاً على الكاتب والممثل معاً؟  كان من الممكن في وقت أقل أن ينتصر المخرج والممثل والكاتب والمُشاهد، وأن يصون للتجريب مكانته كقلب نابض للسينما التي تحيا بمقدار ما تتدفق مثل تلك التجارب الرافدة في نهر الشاشة الفاتنة كل يوم.

يبقى لعمر بكري شكره على جسارته في اختيار هذا المسلك الصعب، وحتماً مثل هذه الجسارة كفيلة بتجارب واكتشافات جديدة وغير متوقعة. موقنين بأن خيار التجريب أولى من عدمه، لأن السينما دون تجريب؛ مآلها للتوقف دون شك، ولا سبيل لمزيد من النمو والإبداع إلا بهذا الخيار الصعب، ولا نجاح دون مغامرة تحتمل عدم تحقيق ذلك

 

####

 

«الذراري الحُمر».. هناك دماء دائمة في الطريق

أحمد بن حمضة

لا يدخر المخرج التونسي لطفي عاشور في فيلمه الجديد «الذراري الحُمر» (2024) وقتاً طويلاً في كشفه للحدث الرئيس الذي ستُبنى عليه بعدها كل رحلته، إذ يضعك مباشرة وبعد دقائق قليلة، أمام حدث صادمٍ وقاسٍ لأحد الشخصيات، الذي يتم قطع رأسه على يد جماعات إرهابية

يبدأ الفيلم، المشارك في المسابقة الرسمية للدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، بمشاهد تأخذنا في علاقة حميمية وودية ما بين الطفل «أشرف» وأبن عمه المراهق «نزار»، مطلين على حياتهما في رعي الأغنام، والسباحة وصعود قمة الجبل للتأمل والاستجمام. من هذه البداية الحميمية يتضح أن المنطقة التي يتواجدان فيها محظورة وخطيرة بسبب انتشار الألغام، إلا أن «نزار» يبرر وجودهما فيها بسبب قلة الماء والعشب في قريتهم البسيطة والفقيرة

تتغير الأجواء بشكل مفاجئ حين تهاجمهم مجموعة من الرجال، يعرف المُشاهد لاحقاً إنهم من جماعة إرهابية، يتعدون عليهما بالضرب، وعلى إثره يفقد «أشرف» وعيه. منذ هذه اللحظة يجعل المخرج ـ من خلال وجهة نظر أشرف ـ المُشاهد جزءاً من الرحلة التي سيخوضها الطفل لاحقاً.  باستعادته لوعيه، يحاول الطفل إيقاظ ابن عمه، الممد أمامه بعينين مفتوحتين وكأنه ينظر بهما إليه. في تلك الأثناء، يتحرك أحد الإرهابيين الواقف بينهما، لتنكشف الصدمة: رأس نزار مفصول عن جسده! يترك الإرهابيون أشرف حياً ليحمل رأس أبن عمه ويعيده إلى القرية وهكذا تبدأ رحلة درامية مؤلمة، نتابع من خلالها مَشاهد حمل الرأس بشكل تفصيلي من بداية محاولته وضعه في الحقيبة حتى عودته إلى القرية وسط أجواء من التوتر والأسى.

يأخذنا الفيلم، المستوحى من حدث حقيقي وقع في عام 2015 في جبل مغيلة بتونس في رحلتين؛ الأولى رحلة الطفل أثناء حمله لرأس أبن عمه والعودة به إلى القرية، وما يواجهه من صعوبات تظهر في محاولته النفسية المؤلمة لوضع الرأس في الحقيبة، إلى جانب انفجار لغم يقتل أغنامه، ما عدا خروفاً صغيراً يحمله معه إلى القرية وسط صدمة الجميع. الثانية، هي رحلة العودة إلى الجبل نزولاً عند رغبة الأم المكلومة والمصرة على استعادة جسد ولدها «نزار» لدفنه مع الرأس

 يمر أشرف بعد عودة الرأس، برحلة ذاتية ـ لعلها الرحلة الثالثة في الفيلم ـ  مليئة بالاضطراب النفسي والذكريات المؤلمة، إذ يظهر له نزار في رؤى ضبابية، أحياناً من بعيد وأحياناً قريباً منه، ليجسد ثقل الفقد والصدمة. تتداخل هذه المَشاهد مع ذكريات خاصة تجمعهما، ما يضيف عمقاً إنسانياً إلى القصة الصداقة والحزينة. رحلته الذاتية تميزت بجوانب بصرية، امتزجت فيها الأحلام والتأملات، مع تصوير بديع للحياة في القرية ومن داخل بيوتها وخارجها، مع حضور استدلالي للشجرة الباسقة وسطها، كرمز إلى شجرة الحياة وما يعنيه ذلك، لأهل القرية التي يلجأ إليها أشرف للتأمل  أو الجلوس مع واحدة من بنات عمومته، التي كان «نزار» يحبها، وكانت هي أول من عَلِم بموضوع الرأس، عند عودته من الجبل

خلال تلك الرحلات المؤلمة يواجه المخرج لطفي عاشور تحدياً متمثلاً  في الحفاظ على تماسك القصة واستمرارية جذب المشاهد حتى النهاية إليها؟.  بعد عودة الرأس إلى القرية لا جديد يحصل درامياً، لتبقى القصة تدور حول تخيلات أشرف وأحلامه، وصراعات العائلة مع الشرطة التي تكشف تخاذلهم، إلى الجدل الدائر بين أفرادها حول خطورة وصعوبة إرجاع الجسد، ثم قرارهم بالذهاب إلى الجبل. حتى الرحلة الثانية تبدو باهتة ولا تقدم شيئاً جديداً. رحلة خالية من المفارقات أو الأحداث المثيرة، لا تقدم سوى حدثاً واحداً طيلة زمنها الطويل. على عكس الرحلة الأولى المليئة بالخوف والدهشة وترقب ما سوف يحدث. اختيار المخرج لتقديم ما يحدث لاحقاً من منظور الطفل أشرف، بهدف فهم مشاعره وحساسيته اتجاه ما يمر به، أوقع الفيلم بنهايات متعددة، ولعل ذلك يعود لسيل التخيلات الكثيرة التي تُشعِر المُتفرج أحياناً بسبب طريقة تصويرها وما تحمله من معنى، أنها خاتمة طبيعية للفيلم، وأن لا حاجة بعدها لتقديم المزيد

أكثر سؤال تبادر إلى ذهني خلال مشاهدتي للفيلم وترسخ بعد انتهائي من مشاهدته، هو:  لماذا أراد المخرج وكاتب النص (لطفي عاشور مع نتشا دو بونشارة، درية عاشور، وسيلفان كاتونوا)  تقديم هذه القصة بالتحديد؟ لا شك أنها قصة مأساوية، فلا جدال حول ذللك، بالإضافة إلى كونها كما أشرنا رحلة تحمل في داخلها مأساة، سواء رحلة عودة الطفل إلى القرية حاملاً الرأس معه، أو رحلة الرجال لجلب الجسد. كل هذه المؤشرات تجعلنا نعتقد أننا سنشاهد فيلماً مختلفاً ومميزاً، وهذا ما يحصل بالضبط إلى حد معين! إذ بالرغم أن الفيلم يقدّم بعض اللحظات المميزة بفضل قوة الحدث وثراء القصة، إلى جانب جمال التصوير والخيالات التي عاشها الطفل، إلا أن الاستثمار الدرامي في الحكاية لم يصل إلى مستوى يجعلنا نرتبط بالكامل ببطله ومأساته. هذا التفاوت في تقديم القصة أضعف بعض الخطوط الدرامية، مثل خط محبوبة نزار الذي بدا في بعض الأحيان دخيلاً ومصطنعاً. إذ ما الداعي لذهاب البنت وبشكل عاجل، بعد معرفتها سبب مقتل حبيبها للصعود إلى الجبل واللحاق بالآخرين بالرغم من خطورة الوضع، وتخوف الجميع من الذهاب إلى هناك، بينما كل ما فعلته هو أنها صعدت بجسارة ودون خوف لمكان أخذ النقاش حوله من الرجال وقتاً طويلاً، كما أنه لم يضف بعداً على مستوى الحدث.

أفلام الرحلة عادةً ما تبدأ بحدث يغيّر مسار الشخصية، ليأخذنا معها في رحلة تحول وتطور. هذه الرحلات ليست مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل هي انعكاس داخلي للشخصية، حيث يحدث تغيير عميق يمس معه المُشاهد أيضاً، ليدرك معانيها أكثر ويتغيّر معها. فالرحلة، مهما كانت بسيطة، تأتي عادةً مكثفة ومليئة بالمعاني التي تربطنا بها على المستوى الإنساني. «الذراري الحمر»، لم يستثمر هذا المفهوم إلا بقدر التركيز على مأساة شعب تورط بوجود الإرهابين وبتخاذل حكومته. فيلم يجعلنا ننظر من خلال عين الطفل، بهدف الوصول إلى معنى مأساته ومأساة شعبه

يقترب نص «الذراري الحُمر» من الأسلوب التسجيلي، إذ لا يهتم بأن يجعلنا نشعر ونتغيّر بتحول البطل وشعوره، ولكن عوضاً من ذلك يجعلنا نفهم. نفهم أن الذبح والموت يمكن أن يُبرر باسم الجهاد والدفاع عن الوطن، وأن الحق ليس له وجه واحد في عملة الحياة، وبأن الكل يجر قرص الصواب باتجاهه لتضيع الحقيقة ويغيب المنطق دون أن نعرف من الذي هو على صواب، ومن هو المخطئ؟ ولكن وبالرغم من بعض النقاط التي أضعفت من قوته وتماسكه، إلا أنه  يقدم تجربة مميزة تستحق التقدير. إذ يتميز العمل بصرياً بأسلوبه الجمالي الذي أُشرنا إليه سابقاً، وبالسرد الذي نجح في جذبنا وتوريطنا عاطفياً مع الطفل أشرف، لنعيش مأساته ونحمل الرأس معه، وكأننا شركاء في الألم وفي الرحلة، كما أن طريقة اقترابه من موضوعه كانت مميزة، فعلى الرغم من السوداوية والمأساة التي تغلف أحداثه، استطاع المخرج أن يعالج القصة بأسلوب شاعري وحالم في كثير من اللحظات. هذا التوازن أتاح للمشاهد أحياناً الخروج من الأجواء المليئة بالدماء والدمار الروحي والنفسي، ليجد متنفساً بصرياً وشاعرياً يمنح القصة بعداً إنسانياً أكثر رحابة وتأثيراً.

 

####

 

«سنو وايت»… عندما يصبح العالم ساحرة شريرة

أندرو محسن

مُنذ قدم الأخوان جريم القصة الشهيرة «سنو وايت»، في كتابهما الذي ضم العديد من القصص الخيالية، تعددت المعالجات التي تناولت حكاية الأميرة «بياض الثلج» كما تُرجمت للعربية، الفتاة الجميلة التي تحقد عليها زوجة أبيها الشريرة التي تجيد فنون السحر الأسود فتضطر للهرب إلى الغابة حيث تقابل سبعة من قصار القامة تعيش معهم في سلام، حتى تجدها الساحرة وتجعلها تقع في سبات لا تصحو منه إلا عندما يجدها الأمير الذي يحبها.

في الحقيقة لا يمكن إحصاء القصص الخيالية التي يبحث فيها أمير عن الحب، وتبحث فيه الجميلة عن من ينقذها من مأساة ما: سندريلا والأميرة النائمة وسنو وايت، وحتى أميرة فيلم «شريك» (Shrek).

لكن المعالجة التي قدمتها المخرجة تغريد أبو الحسن في أول أفلامها الطويلة «سنو وايت» تختلف عن تلك المعالجات السابقة. إيمان (مريم شريف) امرأة عادية، تعمل في وظيفة حكومية روتينية، وتعاني من كونها قصيرة القامة. هذا المعاناة تبدأ منذ ركوبها الحافلة للذهاب إلى عملها ولا تنتهي بالنظرة المُدينة من خطيب شقيقتها، والذي يخشى أن يكون قصر قامتها شيئًا وراثيًا يصيب ذريته. وفي خلال هذه المنغصات الممتدة، تبحث إيمان عن الحب والزواج عبر موقع للتواصل، دون أن تعلن عن شكلها الحقيقي.

عالم ليس لها

يبدأ الفيلم بعدة مشاهد صامتة متتالية، نتابع فيها إيمان (مريم شريف) في رحلة ذهابها لعملها، وما تضطر لخوضه خلال تلك الرحلة اليومية، ليتسرب إلينا من خلال تلك المشاهد إدراكٌ لحجم معاناتها. تؤكد المخرجة على هذا الشعور باستخدام أكثر من طريقة، أبرزها تصوير إيمان من زاوية مرتفعة وهي تقف أمام السلم، بعد أن فشلت في ركوب المصعد، فتبدو هي صغيرة الحجم أمام السلم الذي لا يمثل تحديًا جسديًا فقط في مشوراها اليومي، بل نفسيًا أيضًا، كونها تشعر أنها مضطرة لصعوده لأن لا أحد يهتم بدورها في الدخول إلى المصعد.

تُلخص المخرجة تغريد أبو الحسن النظرة والمعاملة التي يحملها المجتمع لقصار القامة، من خلال تتابع البداية هذا، ثم لا تتطرق إلى هذا الأمر كثيرًا، إذ أن ما تود الحديث عنه ليس فقط ما يمكن أن يُدركه البعض، من التنمر أو عدم وجود أماكن مُعدة لقصار القامة، ولكن الأهم هو العبء النفسي الذي تحمله الشخصية نتيجة هذا العالم. وهكذا كان الاختيار الأول هو عدم تحويل الفيلم إلى مأساة مبالغ فيها، تستجدي تعاطف المشاهدين وتدفعهم للبكاء دفعًا.

قدمت المخرجة بطلتها إيمان في عملها بصورة مختلفة، فداخل مكتبها لا ينظر إليها زملائها بنظرة دونية، ولكن يعاملونها بطريقة طبيعية، في الأمور الصالحة والطالحة، فمشكلتها الرئيسية داخل العمل كانت تتعلق بعدم قدرتها على الحصول على سلفة وذلك لتضييقات إدارية وليس لكونها قصيرة القامة.

من خلال هذا، وخلال مدة الفيلم نجد أن المخرجة، وهي كاتبة السيناريو أيضًا، منحتنا نظرة قريبة عن شخصية البطلة وعالمها المحيط، لتفسح المجال فيما تبقى من مدة الفيلم لسنو وايت التي تبحث عن الأمير.

إيمان شخصية شديدة اللطف، وتحمل مسؤولية بيتها وشقيقتها بعد وفاة أبويها بلا كلل أو تذمر. شقيقتها على وشك الزواج وبالتالي لديها احتياجات مادية. هكذا تجد إيمان نفسها تحمل عبئًا ماديًا كبيرًا، بجانب العبء النفسي الذي يزداد في بحثها عن شخص يحبها دون أن ينظر لقصر قامتها كعيب. وبينما كانت سنو وايت تعاني من كراهية الملكة الشريرة لها، فإن هذا الفيلم لا يقدم لنا البطل الضد (شرير الفيلم) يف صورة الساحرة أو زوجة الاب، بل يصبح العالم هو من يطارد البطلة ويحاصرها ويحرمها مما تحب، العالم هنا هو الساحرة الشريرة.

قليل من الاختزال، كثير من الإطناب

من أفضل ما قدمه الفيلم في بدايته هو الاختزال، فبجانب ما ذكرناه عن الدخول في تفاصيل الشخصية سريعًا من خلال المشاهد المتتالية الصامتة، فإن السيناريو لا يتوقف بالشرح المفصل عند شخصياته؛ بل يجعلنا نكمل الاستنتاجات بأنفسنا. فنحن لا ندري الكثير عن قصة الحب بين شقيقتها (نهال كمال) وخطيبها (محمد جمعة)، بل نشاهد فقط مجيء أسرة الأخير لطلب يد الأولى، فندرك خلال المشهد وجود قصة حب بينهما. كذلك نجد عمي إيمان هما من يشهدان على هذه الخطبة، لنستنتج أنها يتيمة الأب والأم، وحتى عميها لا يحملان عنها أية مسؤولية.

هذا الاختزال الجيد يقابله إطناب وتكرار غير جيد على الإطلاق في مشاهد بعينها، وربما كان هذا هو أحد أبرز عيوب الفيلم. إذ نتعرف في الفصل الأول على أزمة الشخصية النفسية في بحثها عن الحب، والمادية في بحثها عن النقود لمساعدة أختها. من بعد هذا ندخل في رحلة غير قصيرة من تكرار المشاهد وحتى الحوارات بين وبين حبيبها الذي تحدثه عبر الإنترنت (محمد ممدوح)، في كل مرة يطلب رؤيتها وهي تسأله عما سيحدث إن وجدها لا تشبه المرأة التي في خياله. وعلى الجانب الآخر هناك تكرار أيضًا في مشاهد أخت إيمان وهي تسألها عما فعلته في شراء الثلاجة التي تنتظرها. جعل هذا التكرار الفصل الثاني أضعف نسبيًا من سابقه وتاليه، وربما كان يمكن إعادة النظر في بعض هذه المشاهد في المونتاج، خاصة والفيلم قائم بالكامل على شخصية واحدة وبالتالي لم يكن هناك خطوط أخرى تخفف من وقع هذا الطول الملموس لهذا الفصل.

لكن الفيلم يعود إلى مستوى أفضل في الفصل الأخير والذي شكل التحدي الأكبر لدى المخرجة. منذ البداية تحاول صانعة الفيلم الخروج من النظرة المعتادة أو الشكل المتوقع لفيلم عن شخصية قصيرة القامة، بالتأكيد توقفت عند الألم النفسي لتعامل كثير من الشخصيات لها، بما فيها أقرب الناس إليها؛ ولكنها اهتمت أيضًا بالتأكيد على أنها شخصية تمارس حياتها اليومية الطبيعية، وتبحث عن أبسط حقوقها مثل أي إنسان آخر، وفي هذا كسر للصورة النمطية المؤسفة التي شاهدناها في الكثير من الأفلام المصرية السابقة التي وظفت قصار القامة كمادة للتندر.

تأتي نهاية الفيلم بشكل ملائم جدًا لطبيعة الأحداث مع ميل واضح للمنطق والواقع، أكثر من الجنوح للنهايات الحالمة في القصص الخيالية، وهو بطبيعة الحال الأمر المناسب عندما نضع سنو وايت في عالم واقعي

ولا يمكن إنهاء هذه السطور دون الإشادة بالمجهود الذي بذلته الفنانة مريم شريف التي أدت دور إيمان لإتقان شخصيتها، إذ كان أفضل ما قدمته هو الصدق الذي يمتلئ به وجهها في مشاهد الفيلم، ورغم بعد الانتقالات في المشاعر التي جاءت بشكل حاد بعض الشيء أحيانًا، فإنها قدمت الكثير جدًا من المشاعر في دور ليس سهلًا على الإطلاق.

فيلم «سنو وايت» هو تجربة سينمائية مختلفة وجريئة تحسب لمخرجتها، خاصة وهو عملها الطويل الأول، وقد اختارت الخروج للشارع والتصوير في الكثير من الأماكن الخارجية لتنقل لنا أكبر قدر من مشاعر الشخصية.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

12.12.2024

 
 
 
 
 

كرم بريانكا وفيولا في حفل ختام دورته الرابعة ..

«البحر الأحمر السينمائي» يمنح جائزة اليُسر الذهبية للفيلم التونسي «الذراري الحمر» لِلمخرج لطفي عاشور

جدة ـ «سينماتوغراف» : إنتصار دردير

فاز فيلم ”الذراري الحمر“ للمخرج التونسي لطفي عاشور بجائزة اليُسر الذهبية لأفضل فيلم في المسابقة، وجائزة أفضل مخرج في الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في مدينة جدة التاريخية، وذلك خلال حفل توزيع الجوائز الذي أقيم مساء اليوم الخميس والذي شهد أيضاً تكريم الممثلة الهندية بريانكا شوبرا جوناس والأميركية فيولا ديفيس.

ذهبت جائزة اليُسر الفضية للأفلام الروائية الطويلة إلى فيلم ”إلى أرض مجهولة“ للمخرج مهدي فليفل، وهو فيلم درامي عن شباب فلسطينيين عالقين في حالة من المنفى الأبدي.

فيلم الذراري الحمر“ يتناول حكاية أشرف، راعي غنم يعمل مع ابن عمه المراهق نزار في شمال تونس يواجه ما لا يمكن تصوره عندما يهاجمهم إرهابيو تنظيم الدولة الإسلامية ويقطعون رأس ابن عمه نزار أمامه.

لا يملك أشرف خياراً سوى أن يأخذ الرأس إلى عائلته التي لا تستطيع فعل شيء: الإرهابيون يشكلون تهديداً مستمراً، بينما الشرطة غير مبالية بمشاكل الرعاة الفقراء. يركز والدا نزار على محاولة استعادة جثمانه لدفنه بشكل لائق، لكن أشرف لا يجد طريقة للتعامل مع صدمته، متشبثاً بالرؤى التي تراوده عن نزار والتي يستطيع خلالها التحدث مع شبح ابن عمه.“

كان سبايك لي هو رئيس لجنة تحكيم مهرجان دبي السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة لهذا العام.

وقالت تشوبرا جوناس عندما تم الكشف عن تكريمها، ”أشعر بالتواضع لتكريمي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وهو احتفال برواية القصص التي تتجاوز اللغة والحدود والفواصل الثقافية. لطالما آمنت بالقوة العالمية للترفيه في الجمع بين الناس، وأحيي فريق البحر الأحمر على التزامهم بعرض المواهب المذهلة وتنوع القصص التي تُروى حول العالم - ليس فقط داخل هوليوود أو بوليوود بل أبعد من ذلك بكثير“.

وهي واحدة من بين عدد كبير من النجوم الكبار الذين ظهروا خلال الدورة الرابعة من المهرجان، بما في ذلك سينثيا إريفو وميشيل يوه وبنديكت كومبرباتش ومايكل دوغلاس وكاثرين زيتا جونز وأوليفيا وايلد وإيميلي بلانت ونيك جوناس وإيفا لونغوريا.

** تعرف على قائمة الفائزين بجوائز الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، من خلال المنشورات السابقة على صفحة فيسبوك «سينماتوغراف» ..

 

####

 

مفاجأة ختام «البحر الأحمر السينمائي» ..

جوني ديب على السجادة الحمراء بصفته مُخرجاً

جدة ـ «سينماتوغراف»

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الذي يُعرف باستضافته لأبرز نجوم السينما العالمية، دعا هذا العام جوني ديب للمشاركة في مراسم الختام وتوزيع الجوائز، لكن بصفته مخرجاً.

حضر ديب المهرجان اليوم الخميس لعرض فيلمه الأخير "Modì: Three Days on the Wing of Madness".

العام الماضي، حضر جوني ديب المهرجان مع فيلم "Jeanne Du Barry" الذي شاركت السعودية في إنتاجه.

وأخرج ديب هذا الفيلم بعد غياب دام 25 عاماً عن الأفلام الروائية، كان آخرها "The Brave" عام 1997.

تدور أحداث الفيلم الجديد حول حياة الفنان الإيطالي أماديو موديلياني، مع التركيز على 48 ساعة محورية غيرت مجرى حياته بالكامل.

 

موقع "سينماتوغراف" في

12.12.2024

 
 
 
 
 

إبداعات سعودية تثري دورته الرابعة..

مهرجان البحر الأحمر السينمائي يشهد عروضًا حصرية

البلاد/ مسافات

شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الرابعة، الذي انطلق الخميس الماضي ويستمر حتى 14 ديسمبر الجاري، تقديم مجموعة من العروض السينمائية الحصرية والمتنوعة، جمعت بين الأفلام العالمية والعربية، لتبرز إبداعات المواهب السينمائية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وحظيت العروض السينمائية بحضور لنجوم السينما والفن من مختلف أنحاء العالم، حيث شملت العروض أفلامًا تُعرض للمرة الأولى عالميًا، وأخرى تُقدم أول مرة في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب عروض ثانية لأعمال سبق عرضها، وبرزت مشاركة المملكة بعدة أفلام روائية ووثائقية تسلط الضوء على تطورات صناعة السينما السعودية خلال الأعوام الأخيرة، ما يعكس النمو المتسارع لهذه الصناعة.

وفي مسابقة “روائع عربية”، جاء العرض الافتتاحي والعالمي الأول للفيلم السعودي الروائي “ليل نهار” من إخراج عبدالعزيز المزيني، وكذلك العرض العالمي الأول للفيلم السعودي “مركب فرسان: 128 كيلو عن بر الأمان”، بحضور المُخرج موفق علي العبيد وطاقم التمثيل، بالإضافة إلى مشاركة الفيلم الوثائقي القصير “عثمان في الفاتيكان”، ومدته 14 دقيقة، في العروض المقدمة ضمن مسابقة “رؤية جديدة”، وهو من إخراج ياسر بن غانم.

كما يُعرض ضمن مسابقة “رؤية جديدة” الفيلم الوثائقي السعودي القصير “الروشان”، الذي يمتد لخمس دقائق، وهو من إخراج محمد أوس، إلى جانب الفيلم الوثائقي “عندما يشع الضوء” للمخرج ريان البشري، بالإضافة إلى الفيلم الروائي القصير “كيموكازي” من إخراج عبدالرحمن بتاوي، ومدته 8 دقائق.

وفي “مسابقة البحر الأحمر السينمائي”، يبرز الفيلم الروائي الطويل “عايشة” للمخرج مهدي البرصاوي، إلى جانب الفيلم العراقي “أناشيد آدم” للمخرج عدي رشيد، وتشمل قائمة الأفلام العربية أيضًا “سنو وايت” من مصر، للمخرجة تغريد أبوالحسن.

أما في قسم “روائع العالم”، فتُعرض مجموعة من الأفلام العالمية البارزة، منها الفيلم الفرنسي-البريطاني “نحن نعيش في الزمن”، والفيلم الفرنسي “السيد أزنافور”، وفيلم “حالة من الصمت” للمخرج سانتياجو مارا، ويشارك أيضًا فيلم “سينما لوميير” بحضور المؤلف تييري فريمو.

ويُثري المهرجان عروضه بأفلام آسيوية وإفريقية؛ منها الفيلم الكوري الجنوبي “شخص ما”، والفيلم النيجيري “طريق الحرية”، كما يُعرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني “يلا باركور” ضمن “مسابقة رؤية جديدة”، في تأكيد لتنوع المنصة واحتضانها لقصص إنسانية من مختلف الثقافات.

يُذكر أن المهرجان يُشكل فرصة استثنائية لاستكشاف زوايا جديدة من عالم السينما، وتعزيز الحوار الثقافي عبر الأعمال الفنية المميزة التي تعرض على شاشته.

 

####

 

جوائز مركز السينما العربية وشركائه في الدورة الرابعة لسوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

البلاد/ مسافات

أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن مشروعات الأفلام الفائزة بجوائز سوق المشاريع في نسخته الرابعة، والتي تشمل 5 جوائز مادية وعينية يقدمها مركز السينما العربية واثنين من شركائه هما شبكة راديو وتلفزيون العرب (ART)، وMAD Solutions.

فاز بجائزة مركز السينما العربية والتي تتمثل في دعوتين للمشاركة في فعاليات روتردام لاب، ضمن النسخة المقبلة من مهرجان روتردام السينمائي الدولي، الأولى لمنتج مشروع سعودي وفازت بها المنتجة جواهر العامري عن مشروع دوري ميمي، والثانية لمنتج مشروع عربي غير سعودي وفازت بها المنتجة كريستيل يونس عن مشروع احتفال السوبرنوفا من لبنان.

جائزة راديو وتلفزيون العرب (ART) تتمثل في اتفاقية لحقوق التوزيع في العالم العربي. الجائزة الأولى 50 ألف دولار أميركي لمشروع فيلم سعودي قيد التطوير أو الإنتاج، ذهبت إلى مشروع لو خيّروني من إخراج لنا قمصاني، والجائزة الثانية 50 ألف دولار أمريكي لمشروع فيلم عربي قيد التطوير أو الإنتاج، ذهبت إلى مشروع كي طيح البقرة للمخرجة أسماء المدير من المغرب.

 

####

 

Solutions تمنح جائزتها السنوية في سوق البحر الأحمر السينمائي لمشروع الفيلم السعودي دوري ميمي

البلاد/ مسافات

فاز مشروع الفيلم السعودي دوري ميمي للمخرجة فاطمة البنوي، بجائزة MAD Solutions والتي تواصل دعمها للسينما العربيةللسنة الرابعة على التوالي من خلال تقديم جائزتها السنوية في سوق البحر الأحمر ضمن الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، و تتمثل الجائزة في تقديم خدمات الترويج والتوزيع في العالم العربي لفيلم روائي طويل بقيمة 50 آلاف دولار أميركي، وستتولى شركة MAD Distribution ، مهام التوزيع والمبيعات في العالم العربي، بينما تتولى MAD World مبيعات الفيلم في جميع أنحاء العالم.

يدور فيلم دوري ميمي حول مريم، فتاة تبلغ من العمر عشر سنوات تتعرض للتنمر في مدرستها الجديدة وتلجأ إلى الأستاذة لمياء، معلمة القرآن الكريم التي تتبناها وتكتشف موهبتها الموسيقية، وبينما تتنامى أحلام مريم، تواجه الأستاذة لمياء وطأة الوعود التي قطعتها في الماضي والتي تنذر بتغيير كل شيء. الفيلم من تأليف وإخراج فاطمة البنوي ومن إنتاج جواهر العامري.

فاطمة البنوي هي ممثلة وكاتبة ومخرجة سعودية مرموقة، ومؤسسة شركة ألف وادٍ للإنتاج. برزت فاطمة من خلال فيلم بركة يقابل بركة (2016) الذي يعد من أوائل الأفلام السعودية التي عرضت على الشاشة الكبيرة. قدمت أول أفلامها الروائية الطويلة بسمة عام 2024 ويعرض حاليا على منصة نتفليكس. اختارتها مجلة تايم ضمن قائمة قادة الجيل القادم، وهي عضو نشط في جمعية المسرح والفنون التعبيرية في المملكة العربية السعودية.

 

البلاد البحرينية في

12.12.2024

 
 
 
 
 

اختتام الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر.. و"الذراري الحمر" أفضل فيلم

جدة -محمد عبد الجليل

أسدل الستار على فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، الخميس، في مدينة جدة التاريخية، تحت شعار "للسينما بيت جديد"، فيما فاز الفيلم التونسي "الذراري الحمر" بجائزة "اليسر الذهبية" لأفضل فيلم طويل.

وقالت جُمانا الرّاشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، في كلمتها خلال حفل الختام: "نجد أنفسنا في مفترق طرق فريد بين الخيال والواقع، مساحة تتجاوز فيها الأحلام والحدود، وتثمر فيها التجارب المشتركة لغة عالمية"، مضيفة أن "الفيلم ليس مجرد وسيلة للترفيه، إنه فعل تحويلي من التعاطف، يدعونا للدخول في حيوات الآخرين، لنعيش نبضات ثقافات مختلفة، لنواجه معتقداتنا الراسخة، ولنتوسع في آفاق التجربة الإنسانية".

وأشارت إلى أنه "على مدار هذه الرحلة الرائعة، حققنا أكثر مما كنا نتوقع. معاً، أعدنا تشكيل الرؤى، وأزلنا الحواجز الثقافية، وأضأنا على قصص إنسانية مخفية، وخلقنا لغة عالمية من المشاعر والتواصل. ونحن نجتمع الليلة، محاطين بصناع أفلام مبدعين وشغفهم المعدي بالسرد القصصي، نتذكر أن المهرجان يمثل تحولاً عميقاً، فهو ليس مجرد احتفاء بالسينما، بل شهادة على قوة السرد القصصي في تغيير الحياة وتوحيدنا جميعاً".

وشددت على أنّ "رسالة المهرجان تكمن في تعزيز الأصوات التي غالباً ما تُهمّش، وإعادة تشكيل الواقع لخدمة من لم تُتح لهم الفرص، وخلق مسارات للمواهب الناشئة، وإعادة تعريف الهياكل التقليدية للسينما، فنحن هنا لنثبت أن القصص الاستثنائية يمكن أن تنبع من أي زاوية في العالم".

إحصائيات

واستعرضت جُمانا الرّاشد، نتائج الدورة الرابعة، حيث جرى تقديم 122 جائزة سينمائية، وأكثر من 300 عرض سينمائي، وإصدار 30 ألف تذكرة، واستقبال 530 ممثلاً دولياً من 85 دولة، والتعاون مع 142 منتجاً سينمائياً، فضلاً عن دعم المئات من صنّاع الأفلام الناشئين من خلال برنامج البحر الأحمر للأفلام.

وأضافت أنّ "المهرجان استضاف اجتماعات عالمية للنساء في صناعة السينما، وخلق فرص بحث وتمويل على الإنترنت، وبناء صناعة سينمائية تزدهر فيها النساء، فإننا نمهد الطريق لعصر جديد من صانعات الأفلام"، متابعة: "قمنا أيضاً بإعداد 25 حواراً ستظل أصداؤها تتردد في تاريخ السينما".

وقالت: "ونحن نقترب من عامنا الخامس، فإننا لا نحتفي بمجرد محطة زمنية، بل نلهم جيلاً من رواة القصص الذين سيؤثرون في كيفية رؤية الإنسانية لنفسها، سنواصل دعم المواهب الناشئة، وتعزيز السرديات المتنوعة، وخلق منصات محلية للقصص المحلية"، مضيفة: "نحن لا نصنع الأفلام فقط، بل نكتب الفصل التالي من الفهم الإنساني، إطاراً تلو الآخر، هنا، في البيت الجديد للسينما، دعونا ننطلق معاً في هذه الرحلة".

ووجهت الشكر لكل من شارك في تلك الرحلة، بقولها: "شكراً لكونكم جزءاً من هذه الرحلة الاستثنائية، وللمضي قدماً في دعم القوة التحويلية للسينما".

المكرمون

وشهد حفل الختام، الذي قدّمه قصي خضر وفاطمة البنوي، تكريم النجمة العالمية بريانكا تشوبرا، والتي وجهت في بداية كلمتها عقب استلام التكريم، الشكر إلى القائمين على مهرجان البحر الأحمر السينمائي، أبرزهم جمانا الرّاشد.

وقالت تشوبرا: "أريد أن أهنئ المهرجان، وأهنئ السيدة جُمانا الرّاشد، أنا أشعر بالامتنان لوجودي هنا للمرة الثانية، المهرجان مساحة مذهلة لصانعي الأفلام في جميع أنحاء العالم للالتقاء معاً".

وأضافت: "قابلت هنا زملائي في المهنة والمخرج العالمي سبايك لي، الذي طالما حلمت أن أعمل معهم، واستطعت أن أجري الأحاديث معهم حول السينما"، متابعة: "أود أن أقدم الشكر لعائلتي، لزوجي الذي يقف بجانبي هنا، ولوالدي وهو أول فنان عرفته في حياتي وفقدته عام 2013، لكنه مازال في قلبي، أنا ممتنة جداً لكوني جزءاً من هذه الصناعة الرائعة، وسأسعى للقيام بالمزيد من القصص التي تنال إعجابكم".

كما جرى تكريم النجمة الأميركية فيولا ديفيس، أيضاً خلال حفل الختام، والتي بعثت رسالة مؤثرة على المسرح، عقب تكريمها.

وقالت ديفيس إنّ "رحلتي كمحترفة كانت مليئة بالدهشة، فغالباً ما كان التمييز بسبب جنسي ولوني هو ما وقف في طريقي لتحقيق أهدافي"، متابعة: "لكن طالما أنني ناضلت كإنسانة، نضجت أيضاً كفنانة، فقد كان التحدي الأكبر بالنسبة لي أن أؤكد أنني أستحق الوجود، وأن أفضل هدية يمكنني تقديمها كفنانة هي أن أسمح للعالم برؤية أن الأشخاص الذين يشبهونني أيضاً لهم قيمة".

وأضافت: "يمكن للإنسان أن يترك شيئاً للناس أو أن يترك شيئاً فيهم، وما أريد أنّ أتركه في الناس هو عمل يجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم". وجاءت تلك التكريمات، احتفاءً بإنجازاتهما الكبيرة على الشاشة، ودورهما المؤثر في صناعة السينما العالمية.

"جائزة الشرق الوثائقية"

وفاز الفيلم الوثائقي "حالة من الصمت" للمخرج سانتياجو مازا، بالنسخة الثانية من جائزة "الشرق الوثائقية"، والتي تمنحها القناة التابعة لـ"المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام" (SRMG)، بالتعاون مع مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.

وتدور أحداث الفيلم، حول 4 صحافيين مكسيكيين، يخاطرون بحياتهم لتغطية "سياسات المخدّرات" العنيفة في بلادهم.

وتأتي "جائزة الشرق الوثائقية" ضمن التزام القناة بدعم صناعة الأفلام وتعزيز المواهب الناشئة في صناعة الأفلام الوثائقية، كما تسلط الضوء على الجهود المستمرة لتوفير منصّة تفاعلية لصانعي الأفلام لعرض قصصهم.

يُذكر أن هذه النسخة شهدت مشاركة واسعة ومتنوعة، شملت 7 أفلام من السعودية، والأردن، والمكسيك، وفرنسا، ومصر، ولبنان، وتركيا وغيرها.

وبدوره، قال محمد اليوسي، المدير العام لقناتي "الشرق الوثائقية" و"الشرق ديسكفري": "فخورون بتقديم جائزة (الشرق الوثائقية) للعام الثاني على التوالي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، حيث تعكس هذه الجائزة التزامنا الراسخ بدعم المواهب وتقديم محتوى أصلي وحصري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، مهنّئاً المخرج سانتياجو مازا على فيلمه الوثائقي المميز.

من جانبها، ثمّنت شيفاني باندايا مالهوترا، المديرة الإدارية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي "هذه الشراكة الاستراتيجية مع قناة الشرق الوثائقية، لتقديم جائزتها للعام الثاني على التوالي"، مشيرة إلى أن "هذه المبادرة تجسّد التزامنا الراسخ بدعم صُنّاع الأفلام الموهوبين، وتوفير منصّة رائدة لعرض أعمالهم وإبداعاتهم للعالم أجمع".

الجوائز

وفاز الفيلم التونسي "الذراري الحمر" للمخرج لطفي عاشور، بجائزة "اليُسر الذهبية" لأفضل فيلم طويل، كما حصل المخرج على جائزة "اليُسر لأفضل مخرج"، فيما فاز فيلم "إلى عالم مجهول" للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل، بجائزة "اليُسر الفضية".

ونال الفيلم المصري "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" إخراج خالد منصور، جائزة لجنة التحكيم، فيما حصل الفنان محمود بكر، على جائزة "اليُسر أفضل ممثل"، وذلك عن دوره في فيلم "إلى عالم مجهول".

أما الفنانة المصرية مريم شريف، حصدت جائزة "اليُسر لأفضل ممثلة"، عن دورها في فيلم "سنو وايت"، كما حصل عُدي رشيد، على جائزة "اليُسر لأفضل كاتب سيناريو"، وذلك عن فيلم "أناشيد آدم"، بينما فاز فيلم "لقتل حصان منغولي" بجائزة "اليُسر لأفضل مساهمة سينمائية".

وحصل فيلم "فقس" للمخرجين علي رضا كاظمي بور، وبانتا مصلح، على جائزة "اليُسر الذهبية لأفضل فيلم قصير"، فيما نال فيلم "العازر" للمخرج بيزا هايلو، جائزة "اليُسر الفضية لأفضل فيلم قصير"، بينما حصل فيلم "أطفال البرزخ" للمخرج أحمد خطاب، على تنويه خاص من لجنة التحكيم.

وفازت الممثلة الشابة رولا دخيل الله، بجائزة شوبارد للنجم السعودي الصاعد، أما جائزة العلا لأفضل فيلم سعودي من اختيار الجمهور، ذهبت إلى فيلم "هوبال" للمخرج عبد العزيز الشلاحي، أما جائزة العلا أفضل فيلم دولي، فاز بها الفيلم الفرنسي "جافنا الصغير".

فيلم الختام

واختتم فعاليات الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، فيلم Modì: Three Days on the Wing of Madness، إخراج جوني ديب، وذلك بعدما تلقى دعماً من مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، من خلال برنامج البحر الأحمر لتمويل الإنتاجات العالمية.

وتدور أحداث الفيلم، حول حياة الفنان الإيطالي أميديو موديلياني، خلال 48 ساعة عصفت بحياته، مجسداً سلسلة من الأحداث المثيرة والمضطربة في شوارع وأزقة مدينة باريس المتأثرة بأهوال الحرب العالمية الأولى.

ويجد Modi نفسه في مطاردة مع الشرطة، ورغم رغبته الشديدة في إنهاء مسيرته الفنية ومغادرة المدينة، إلا أن هذا القرار يلقى معارضة من قبل زملائه: الفنان الفرنسي موريس أوتريلو، والفنان البيلاروسي شايم سوتين، بالإضافة إلى ملهمته وعشيقته الإنجليزية، بياتريس هاستينغز.

ويلتمس مودي النصيحة من صديقه البولندي، وتاجر الفنون ليوبولد زبوروفسكي، لكن تصل الأحداث إلى ذروتها عندما يواجه جامع أعمال فنية قد يغير مجرى حياته.

ويجسد فيلم Modi، عودة لـجوني ديب إلى مشهد الإخراج السينمائي بعد انقطاعه لأكثر من 25 عاماً، جنباً إلى جنب بمشاركة كوكبة من النجوم العالميين، ريكاردو سكامارشيو، وأنطونيا ديسبلا، وستيفن جراهام، وبرونو جويري، وريان مكبارلاند، ولويزا راينيري وسالي فيليبس، بالإضافة إلى آل باتشينو الذي يجتمع مع ديب للمرة الأولى، منذ فيلم Donnie Brasco الصادر عام 1997.

 

الشرق نيوز السعودية في

12.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004