ملفات خاصة

 
 
 

"سلمى وقمر" في "البحر الأحمر السينمائي": التجربة الفردية مرآة للتجربة العامة

موجة أفلام سعودية تعود إلى حقبة التسعينات

نور هشام السيف

البحر الأحمر السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

تتجلّى حقبة التسعينات كثيمة مركزية في عدد من الأفلام السعودية المعروضة في أقسام مختلفة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، في دورته الرابعة.

تشكل هذه الحقبة لدى صنّاع الأفلام السعوديين محورا يلتقي فيه الخاص بالعام، الشخصي بالمجتمعي، وفي الدورة الحالية من المهرجان، أطلّت ثلاثة أفلام سعودية جديدة ("سلمى وقمر"، "صيفي"، و"هوبال") لتعيد بناء هذا العقد الزمني وتستخرج مزيجا من الذكريات والرمزيات.

حين أضاء قمر بيت سلمى

تأخذنا المخرجة السعودية عهد كامل في فيلمها "سلمى وقمر" (وهو من تأليفها أيضا) الذي عرض ضمن قسم "روائع عربية" والمدعوم من هيئة الأفلام، إلى عالمها في جدة التسعينات. عهد، التي درست التمثيل والإخراج في نيويورك وحققت نجاحات دولية كممثلة ومخرجة أفلام قصيرة، تستحضر في فيلمها الروائي الأول ظلالا من نشأتها. إذ يظهر الفيلم شغفها بسرد قصة تعكس تجربتها الإنسانية العميقة مع سائق العائلة، ومعايشتها صراعا داخليا بين الغياب الجزئي للأب وديناميكيات الأمومة.

تقدم عهد كامل قصتها بلغة بصرية حساسة، مستفيدة من تقنياتها المكتسبة، مع الحفاظ على جذور الحكاية في الواقع السعودي

يبدأ الفيلم الذي أنتجته منصة OSN بتقديم الطفلة سلمى (تؤدي الدور الممثلة الناشئة رولا دخيل الله) التي تعيش وحيدة في فيلا فسيحة تعكس العزلة العاطفية، مع والدين يشكلان صورتين متناقضتين للحياة: أم متوترة وحزينة من أصل لبناني-فلسطيني (تقوم بالدور رنا علم الدين) تحاول الحفاظ على تماسكها وسط شتات ذاتي متراكم، تقدم الأم كأيقونة حزينة، تعيش تناقضا مريرا بين دعمها المادي والمعنوي لأطفال فلسطين وعجزها عن زيارة وطنها الأم، والأب (يقوم بالدور الممثل ومغني الراب قصي خضر) كشخصية مؤثرة في تشكيل الجو العاطفي للعائلة الصغيرة. يمثل الأب الحلم والهدوء واللطف، فهو رجل يتوارى خلف مكتبه، ساهما في مقاطع أغنيات محمد عبد الوهاب، تستأنس سلمى معه في لحظات خاطفة وأوقات مقتصدة، هذا التناغم المتضاد يصنع بيئة نفسية تُغرق سلمى في عالم من الوحدة والتوق للمعنى

تقدم عهد كامل قصتها بلغة بصرية حساسة، مستفيدة من تقنياتها المكتسبة، مع الحفاظ على جذور الحكاية في الواقع السعودي، إذ أن علاقتها الشخصية مع مفهوم أحلام المراهقة والصراع الإنساني تتجلى في شخصية سلمى، ليبدو الفيلم مرآة تعكس رؤية عهد لسقف الطموحات البسيطة للفتاة السعودية آنذاك. منذ اللحظة الأولى حين تسأل الطفلة سلمى السائق السوداني قمر عن اسمه يجيبها بثقة: "لما جيت الدنيا كنت منور عشان كده أهلي سموني قمر". تتجلى البراءة المختلطة بصدمة الطفولة، حين تواجه سلمى أول تجليات التمييز غير المقصود بقولها: "انت بني!". 

نرى العلاقة بين سلمى وقمر مكتوبة بحساسية عالية، تتطور في مزيج من الصداقة والمودة، من الحنان والحزم، حيث يصبح قمر (يؤدي الدور الممثل السوداني مصطفى شحاته)، الوافد الذي جاء إلى السعودية بدافع العمل، رمزا للأمان والاستقرار في حياة سلمى. هنا يظهر ذكاء المخرجة في تقديم علاقة غير اعتيادية، تتجنب السقوط في الميلودراما، وتبني بدلا من ذلك جسرا إنسانيا بين شخصيتين منفصلتين اجتماعيا وثقافيا.

يعتمد الفيلم على بناء سردي هادئ يتناسب في بدايته مع جوهر العلاقة المركزية، التي تمثل استعادة إنسانية للفقد

مع الانتقال السردي إلى سلمى الصبية اليافعة، يحتفظ الفيلم بنبض التسعينات، عبر الديكور والملابس، وكذلك عبر لحظات عفوية كمغامرتها مع قمر في منطقة برية بعيدة لتجربة قيادة السيارة، وأغنيات تلك الحقبة التي تبادلتها مع حبيبها السري (يقوم بالدور الممثل مشعل تامر) الذي ينتظرها بسيارته خارج أسوار المدرسة ومغامراتهما معا أكثر من مرة للذهاب إلى محل الأيس كريم، أو تخطيطها للمبيت قرب البحر. جميعها محاولات جيدة لاستحضار أجواء الفترة التي تجسد نيل السعادة بالسرقات، لكن هل تم توظيفها جيدا في البناء الدرامي للفيلم؟

السرد والأداء بين ضوء وخفوت

يعتمد الفيلم على بناء سردي هادئ يتناسب في بدايته مع جوهر العلاقة المركزية، التي تمثل استعادة إنسانية للفقد: قمر الذي يفتقد عائلته في السودان، ويواسي نفسه عبر سماع شرائطهم الصوتية، يجد في سلمى ابنة رمزية له، بينما سلمى تبحث في قمر عن صديق يغنيها عن غياب والديها العاطفي أو حضورهما السلطوي. إلا أنه، وعلى الرغم من هذه العلاقة الأبوية المقنعة، يقع الفيلم أحيانا في شيء من البطء، حيث المشاهد الطويلة والاستغراق في تفاصيل تُبطئ الإيقاع، خاصة تلك التي ترصد التوتر بين سلمى ووالدتها.

يمكن التوقف أيضا عند الجوانب التي تشكّل ملامح الشخصيات الثانية بين فترتي الشباب ومنتصف العمر، إذ تتجلى نمطية الصورة الشكلية لمكياج التقدم العمري الذي بدا مجرد إكسسوار ارتداه الممثل مصطفى شليطا دون إضافة تصدير لإحساس النضج الشكلي و الروحي لأزمة منتصف العمر، إلا أنه على صعيد آخر قدم أداء متزنا في تصدير الأبوة غير المعلنة. قمر هو العمود الفقري للقصة، لذلك استمرت شخصيته نقية وخالية من أي تطورات عاطفية تجاه سلمى، مما عزز شعور المشاهد بواقعية العلاقة.

يظل قمر، بشخصيته الأبويّة، رمزا للرعاية والإخلاص في ظل حقبة التسعينات التي تعكس بعدا اجتماعيا بسيطا وحميما

في الوقت نفسه، نجد تفاوتا ملحوظا بين أداء كل من سلمى ووالدتها. رنا علم الدين الممثلة اللبنانية العائدة إلى التمثيل بعد انقطاع طويل، التي تؤدي دور والدة سلمى،  كان يمكن تعزيز دورها بمزيد من العمق الذي يتيح للمشاهد استكشاف دوافع الشخصية أو مشاعرها تجاه الفجوة المتزايدة بينها وبين ابنتها. فقد بدا أداؤها أسير النمط المسرحي، مما أفقد شخصية الأم تأثير جرحها النفسي. أما سلمى، وهي محور القصة التي تمتلك مساحة كبيرة على الشاشة، فقدمت أداء متماسكا نسبيا، خاصة في مرحلة تفتق مشاعر الرغبة و الانطلاق، لكن هذا وحده لم يعكس بشكل دقيق مراحل النضج أو الصراعات الداخلية. هذه الثغر جعلت بعض اللحظات الحاسمة تفقد تأثيرها الوجداني، خاصة مع وجود خطوط درامية واعدة لم تُستغل بالشكل الكافي.

سعت المخرجة إلى تسليط الضوء على علاقتها الشخصية مع سائقها محيي الدين عبر الإهداء الوارد في النهاية، محاولة الحفاظ طوال الوقت على رهافة الشخصيات، و يظل قمر، بشخصيته الأبويّة، رمزا للرعاية والإخلاص في ظل حقبة التسعينات التي تعكس بعدا اجتماعيا بسيطا وحميما، لتنقلنا إلى زمن كانت فيه الأغنيات والآيس كريم والمغامرات الصغيرة، تكفي لتشكيل عالم كامل.

 

مجلة المجلة السعودية في

10.12.2024

 
 
 
 
 

ثلاثون عاماً على «حرارة» مايكل مان

شفيق طبارة

مايكل مان (1943)، مخرج سينمائي غريب نوعاً ما. ابن مهاجر أوكراني، نشأ في شيكاغو، تخرج من مدرسة لندن للسينما، عمل لسنوات في تلك المدينة في صنع الإعلانات التجارية جنباً إلى جنب مع رايدلي سكوت وآلان باركر وأدريان لين. ثم في التسعينيات، استقر في لوس أنجلوس وكتب الحلقات الأولى من مسلسل «ستارسكي وهاتش» (Starsky & Hutch). أصبح من أصحاب الوزن الثقيل في التلفزيون كونه المنتج التنفيذي للمسلسل الشهير «ميامي فايس» (Miami Vice). حتى عام 1992، كان قد صنع أفلاماً عدة، من بينها «لص» (1981، «Thief») و«آخر الموهيكيين» (1992، «The Last of the Mohicans»). 

لم تثر هذه الأعمال كثيرين وقتها، ولكن مع الزمن أثبتت حضورها. على الرغم من موهبته التي لا يمكن إنكارها، وخبرته الهائلة، ومعرفته العميقة بالوسائط السمعية البصرية، فإن مايكل مان، الذي يضعه البعض بتهور شديد على نفس مستوى مارتن سكورسيزي أو بول توماس أندرسون، هو أدنى ببعض خطوات من مخرجي هذه الفئة، وغالبًا ما يخطئ بتقدير طموحاته، ويميل إلى المبالغة في السمات السطحية لأفلامه لمنحها مظهراً أكبر مما تحتويه. مع شغفه الكبير للسينما، سيكون من المناسب وضع مان في مكانه الصحيح: مخرج جيد، بأفلام مثيرة للاهتمام، وأخرى مقبولة، وفيلمين كلاسيكيين عظيمين، الأول «لص» والثاني «حرارة» (1995، «Heat»)، والأخير هو محاولة ناجحة من قبل المخرج للجمع بين السينما التجارية وسينما المؤلف.

بالنسبة إلى كثيرين، فإن «حرارة»، هو الفيلم الي يلتقي فيه اثنان من أعظم الممثلين في تاريخ السينما الأميركية وجهاً لوجه للمرة الأولى (شهدا منذ ذلك العام، انحدارًا لا يمكن إيقافه، مع بعض الاستثناءات). كانت رؤية روبرت دي نيرو وآل باتشينو في الفيلم نفسه، سببًا كافيًا لدفع ثمن التذكرة ومشاهدة الفيلم، بالإضافة إلى فال كيلمر، توم سيزمور، أشلي جود، جون فويت، ووس ستودي، والعديد من عظماء هوليوود إلى درجة أنّ سردهم جميعًا سيستغرق وقتًا طويلًا. انطلاقًا من حبكة أُنشئت في الأصل للتلفزيون، يعيد مايكل مان صياغة السيناريو ويثريه بشخصيات وقصص أخرى، ويصنع واحدًا من أهم الأفلام في مسيرته

بعد عملية سطو لسيارة مدرعة، انتهت بمذبحة، تنحرف القصة ببطء، وبالتالي تبتعد عن فكرة جريمة وعقاب، لنواجه نظرة أكثر عمقاً ونقداً للشخصيتين الرئيسيتين: المحقق فينسيت هانا (آل باتشينو)، الغريزي والمبالغ دائماً، واللص نيل ماكولي (روبرت دي نيرو)، البارد والقاسي. تتناوب الحبكة بين فريق من اللصوص يخطّط لسرقته التالية، وفريق الشرطة المكلف بإحباطها. وعلى الرغم من وجود بعض مشاهد الحركة المعقدة والمصمّمة بشكل مثالي، فإنّ الأكثر إثارةً للاهتمام هو الطريقة التي نفهم بها أنّ البطلين يشتركان في أشياء أساسية: الدقة في ما يفعلانه، التفاني، الكفاءة، فضلاً عن عدم الكفاءة في مجالات أخرى من الحياة.

يتعمق الفيلم في نفسية شخوصه، ويروي حياتهم وعلاقاتهم وأحاسيسهم وعواطفهم، وبالتالي يقدّم صورةً أوسع لوقت وزمان وتاريخ محدد: التسعينيات، إلى جانب موضوع أكبر من قصة قطّ وفار: الخوف الذكوري من الالتزام العاطفي، هشاشة علاقاتهم، وعبء الوحدة التي يعيشونها، وانفصالهم التام عن بقية العالم الحي.

في «حرارة»، الذي سوف نحتفل بمرور 30 سنة على إنتاجه السنة القادمة، والذي يُعرض حالياً في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، يخالف مان قواعد قصص المباحث التقليدية، أولاً في المدة (أقل من ثلاث ساعات بقليل)، وفي بناء القصة التي هي أقرب إلى ملحمة مأساة يونانية. تتجاوز قصة الفيلم حدود توتر الصدام، وتركز عدسة مان لفترة طويلة على الأحداث «الأخرى». يراقب ويدرس حياة أولئك الذين يتفاعلون مع أبطال القصة من الناحية الأنثروبولوجية.

من المشهد الأول، بين فينسيت وهانا وزوجته جوستين (ديانا فيرونا)، نرى مقدمة لعلاقة صراعية بين العمل والحياة الخاصة. فينسيت فرد متطرف ومطلق، خال من القدرة على أن يكون في الوسط، رجل صريح، يجد الحقيقة التي يبحث عنها ويحتاج إلى العثور عليها لتغذية حياته، فقط في الانخراط العاطفي الكامل، وفي الانغماس المطلق. فينسيت هانا، هو نوع من الأشخاص الذين لا يستطيعون التعبير عن مشاكلهم، وعليه أن يكتمها في داخله، لأنها تبقيه متيقظاً، «ليكون مستعداً دائماً للانطلاق».

إن هانا، رجل منغمس تمامًا في عمله، ويفتتن به، يصبح جزءاً منه، ويستوعبه، وبهذه الطريقة يسمح له بأن يدمره. في المقلب الآخر، نجد نيل ماكولي، ذلك اللصّ المحترف الجاد والهادئ. نادرًا ما يبالغ، نظرته تساوي ألف كلمة. يخفي وراء مظهره الخارجي البارد شغفاً متقداً بإيدي (إيمي برينمان). هناك عبارة يكررها ماكولي مرتين، يشير إلى حقيقة مفادها أنّ شخصاً مثله لا يمكنه السماح لشيء بدخول حياته إذا لم يستطع الانفصال عنه في غضون ثلاثين ثانية. هذا يشكل حجر الزاوية في وجود ماكولي.

وبالنسبة لمايكل مان، من الأهمية بمكان أن يجد ماكولي نفسه في مواجهة هذه الاحتمالية، في نقطة معينة، لفهم ما إذا كان متماسكاً مع نفسه أم أنّ الحب والعاطفة يمكن أن تجعله يتعثّر عند مفترق الطرق. وتجد هذه القصة بأكملها قصتها التوأم، مع فينسيت وزوجته.

«كل ما أنا عليه هو ما أسعى إليه»، يقول فينسيت بحزم بينما تتعافى ابنة زوجته في المستشفى بعد محاولة انتحار. قد تمر العبارة، المخفية في سحابة من المشاعر، من دون أن يلاحظها أحد، لكنها رصينة في تلخيصها لشخصيته. لا يكمن دافع فينسيت في الحتمية الأخلاقية للحماية والخدمة، كونه شرطياً، بل في الاندفاع الغريزي للصياد. والنتيجة هي نفس قاعدة ماكولي: العزلة التامة. لا يمثل هذان الرجلان وجهين لعملة واحدة – القانون والجريمة – لكنهما متحدان بقراراتهما الواعية والمدروسة لعزل نفسيهما.

إن مشاهد التشويق والحركة العظيمة في البناء والصوت مثل مشهد سرقة المصرف، تشكل قوة ثانية للفيلم. إن الحجم السينمائي للفيلم، الذي يضم مشاهد الحركة وإطلاق النار مذهلة، ومدينة لوس أنجلوس وطرقها وميناؤها وأحياؤها الممتدة مثل حبكات فرعية في الفيلم، والهواء الذي يترك حرًا في اللقطات القريبة، يسلط الضوء على التباين، ويجعل قصة الفشل الداخلي أكثر وضوحًا. يصور مايكل مان قصة أكبر من مجرد مطاردة، هي أشبه ببحث لا إرادي وغير واعٍ تقريباً بين رجلين ينتهي بهما المطاف إلى الاقتراب من بعضهما بطريقة حتمية. مان مخرج موهوب في بناء «الحدث». 

«حرارة» فيلم ضخم مخادع، مقياسه ساحق في الطول والعرض، بفضل نصه المشابه للنسيج، المحسوب بالملليمتر ولكنه طبيعي أيضًا. ولكن كل هذا الإنجاز الجمالي يخفي أعظم إنجازاته: القدرة على تصوير الفكر، وتصوير القرار البشري. يقول مايكل مان: ««حرارة» هو فيلم درامي، وليس فيلماً من نوع معين – أي بوليسي – إن حبكة المجرم والمحقق تختلف في البداية عن قصصهما الشخصية، ولكنها تندمج بعد ذلك في القرارات المصيرية التي يتعين على كل منهما اتخاذها».

في الفصل الأخير، بعد ما يقرب ساعتين ونصف من الفيلم، هناك مشهد حيث يقود ماكولي سيارته بصمت مع المرأة التي وقع في حبها، إيدي، نحو الحرية. لقد فشلت آخر سرقة له، والتي كانت لتكون الأخيرة على الإطلاق، لأن شريكًا قديمًا خانهم. لكن نيل تمكن من إنقاذ ماء وجهه وجلده، واقنع ايدي بالفرار معه، ويتجهان نحو المطار. في الطريق، تصله مكالمة، تخبره بمكان الخائن. يدير نيل عجلة القيادة ويحاول أن يكون طبيعياً «يجب أن أهتم بشيء ما، هناك وقت». 

في تلك اللحظة الصغيرة، تُحلّ الدراما الملحمية للفيلم، من عنفه المذهل إلى معضلاته الأكثر خفاءً، مع الحفاظ على التكوين الأمامي للقطة على مقصورة السيارة، بينما تدخل نفقاً مضاءً بضوء أبيض، يرسم وجه نيل ابتسامة لا تستمر إلا لبضع ثوانٍ، لتتحول بشكل خفي وعابر إلى تكشيرة مرارة. الطريقة التي يميل لها برأسه، والتعبير على وجهه، وإشارة يده، والسرعة التي ينطق بها سطره، والقرار الذي يتخذه، هو أسلوبه في قول الحقيقة. لقد كان كبرياؤه الجريح، وإحساسه الغريب بالعدالة، وتعطشه للانتقام، أقوى من إرادته.

 لقد كان أكثر قيمة بالنسبة إليه من حياة جديدة مع حبيبته. وبعد القضاء على الخائن، يلتقط الفيلم مشهدًا آخر من النقاء السينمائي المطلق عقب هذه الهزيمة الحيوية. يعود نيل إلى السيارة لمواصلة هروبه مع إيدي، في نفس اللحظة التي يصل فيها المحقق فينسنت لقطع هروبه. في أربعين ثانية، هناك سبع لقطات بدون حوار تكثف المأساة: الأولى، يلمح هانا نيل وتلتقي أعينهما. الثانية، يدرك نيل خطأه المميت، لا، لم يكن هناك وقت. الثالثة، ينظر نيل إلى إيدي، الآن نعم وفقاً للانضباط عليه التخلي عنها. الرابعة، تعيد إيدي نظرها، غير مصدقة في البداية. الخامسة، تخرج إيدي من السيارة وتنظر في عيني نيل وتتحدى قراره. السادسة، يستجيب نيل بالابتعاد عنها، وفقاً لقاعدة «ثلاثون ثانية». السابعة والأخيرة، تفهم إيدي كل شيء، تفهم أن حبها، كان خاضعاً لشرط، هذا الرجل البارد والدقيق مثل الأسلحة التي يستخدمها، لم يتمكن من التغلب على غروره الجريح.

غالباً ما يُذكر فيلم «حرارة» بمشهد الحوار الاستثنائي بين دي نيرو وباتشينو في مقهى في وقت متأخر من الليل. ولكن قبل تلك اللحظة الكلاسيكية من السينما الحديثة، هناك مشهد قصير للغاية يجسد الروح المأساوية للفيلم.

يعود هانا إلى منزله في الليل، لا أحد ينتظره. المطبخ عبارة عن مكب للأطباق المتسخة التي تراكمت على مدى أيام. وفي الطابق العلوي، تستعد زوجته، مرتدية ملابس السهرة للخروج، بدونه بالطبع. في صمت لائق، يعود هانا إلى المطبخ، ويفتح الصنبور، جاهزاً للتعامل مع المهمة، ويتوقف، لا يعرف من أين يبدأ. تتدفق المياه. يغلق هانا الصنبور، ينظر إلى ساعته، ويغادر المنزل. ينتقل المشهد إلى قمرة القيادة لطائرة مروحيّة تحلّق فوق الطريق السريع في مطاردة سيارة نيل. هنا مرة أخرى، يكمن جوهر الفيلم الدرامي. الرجال قادرون على تحريك الجبال والمخاطرة في حياتهم في ملاحقة أهدافهم، ومن ناحية أخرى، لا يستطيعون تحمّل ثقل العلاقات الإنسانية.

 

####

 

«أولاد ماليجون الخارقون».. أن تحلم أكثر!

أحمد بن حمضة

تعدّ الأفلام التي تتناول السينما كموضوع رئيسي بمثابة مرآة تعكس الشغف والعشق اللذين يعيشهما صُنّاع الأفلام والمشاهدون على حد سواء تجاه هذا الفن العظيم. تصبح هذه الأفلام تجربة استثنائية، خاصة لعشاق السينما الذين يكرّسون حياتهم لمتابعتها، أو لأولئك العاملين في المجال، الذين تتشابه تحدياتهم في إنتاج أفلامهم الأولى بغض النظر عن اختلاف الزمان والمكان، وكأن السينما كما هي  توحد الناس في قاعات العرض، توحد صُنّاعها في مصير مشترك مليء بالصعوبات والتحديات.

لا يمكن الحديث عن الأفلام التي تحتفي بالسينما دون الإشارة إلى الفيلم الإيطالي الشهير «سينما باراديسو» للمخرج جوزيبي تورناتوري، الذي يروي علاقة مؤثرة بين طفل ومُشغل أفلام، ويستعرض الأثر العميق للسينما على حياتهما. إلى جانب هذا الفيلم، هناك أعمال أخرى تتناول الأثر العاطفي والوجودي للسينما وتحتفي برموزها، مثل فيلم «هوجو» للمخرج مارتين سكورسيزي، و«الفنان»  لميشيل هازنافيسيوس، الحاصل على أوسكار أفضل فيلم. كما لا يمكن إغفال الفيلم السعودي «شمس المعارف» للمخرج فارس قدس.

تتميز هذه الأعمال غالبًا بأنها وسيلة للتأمل الذاتي لدى صُنّاعها، حيث يعبرون من خلالها عن نظرتهم الخاصة إلى فن السرد البصري والدرامي، وعن حبهم وشغفهم الذي لا ينتهي لهذا الفن الساحر.

فيلم «أولاد ماليجون الخارقون» (2024) للمخرجة الهندية ريما كاغتي، الذي يعرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، يمثل إحدى رسائل العشق التي تقدمها الأفلام للسينما نفسها. يعيد الفيلم تقديم قصص الكفاح، والتحديات، والنجاحات التي يواجهها صناع الأفلام، متشابكًا مع حكايات إنسانية تربطنا جميعًا، تمامًا كما تهدف السينما إلى فعل ذلك. يروي الفيلم القصة الحقيقية لناصر الشيخ، الرجل العاشق للأفلام الكلاسيكية، الذي يدشن مع شقيقه صالة سينما صغيرة في بلدة ماليجون، يعرضان فيها أفلامًا مشوقة ومتنوعة مثل أفلام تشارلي شابلن، وباستر كيتون، وبروس لي، لكن سرعان ما تواجه الصالة صعوبة في البقاء بسبب المنافسة مع الصالات الأخرى التي تعرض أحدث الأفلام الهندية.

 أثناء محاولاته لإيجاد حل للمشكلة، يكتشف ناصر قوة المونتاج وإمكاناته الهائلة. هذا الاكتشاف يلهمه فكرة تجميع مقاطع من أفلام مختلفة في فيلم واحد وعرضها في صالته. تحقق محاولته نجاحًا كبيرًا بين سكان القرية، إلا أن الحلم يتبدد عندما تداهم الشرطة الصالة وتغلقها بذريعة؛ عرضها أفلامًا مقرصنة.

رغم هذه الانتكاسة، يقرر ناصر بمساعدة أصدقائه إعادة تقديم الكلاسيكيات البوليودية عن طريق إعادة تصويرها. هذه الخطوة لا تحقق نجاحًا محليًا فقط، بل تفتح الباب أمام توزيع واسع لفيلمه. نجاح الفكرة يجلب له شهرة والمكانة الكبيرة، ولكن النجاح يغيره أيضًا، حينما يبدأ بالتنكر لجهود أصدقائه الذين ساعدوه في البداية، فيبتعدون لذلك عنه لموقفه منهم. ابتعاد الأصدقاء ومرض أحدهم يدفعه لتغيير سلوكه ويدفع الآخرين أيضاً للاتحاد مجددًا لصنع فيلم جديد يوحدهم ثانية.

يتميز فيلم «أولاد ماليجون الخارقين» بتعدد شخصياته وتشعب مساراتها، وربما لهذا يبدو في بدايته مشتتًا. فالبطل «ناصر»، الذي يسعى لتحقيق حلمه من خلال صناعة الأفلام، نجده  يمر بمراحل من الصعود أولًا ثم التعالي بعدها على من كانوا معه، وصولًا إلى فهمه لنفسه ومصالحة أصدقائه، تتداخل مع هذا، قصة حبه ورغبته بالزواج من حبيبته، والذي لم يتم بسبب رفض عائلته له، ما يدفعه للارتباط والزواج من امرأة أخرى.

 ثم تتوالى القصص الجانبية لأصدقائه، وبالتحديد صديقه الكاتب، وأيضًا علاقته الخاصة بصديقه المصاب بالسرطان، والتي تعتبر من أجمل خطوط الفيلم وأكثرها إنسانية وتحفيزًا لتعاطف المشاهد معها. وبعيدًا عن حرق نهاية الفيلم التي تجتمع فيها كل القصص الجانبية، والتي أضمن أن في ختامها سيخرج المُشاهد بحالة من المشاعر المختلطة بين الحزن والسعادة «الطائرة». أقول الطائرة هنا، لما تعنيه هذه الكلمة من معنى رمزي للطائرة داخل النص السينمائي، والمتأتي من ظهور وعبور الطائرات في السماء في أكثر من مشهد ما يثير رغبة لدى الصديق المصاب بالسرطان بركوبها والطيران على متنها. يجسد النص السينمائي رغبته،  في مشهد مؤثر تناغمت فيه الموسيقى والتصوير البطيء لتسجيل تلك اللحظة المؤثرة وتوصلها للمُشاهدين ليتحقق مسعى الفيلم في أن يجعلنا جميعًا جزءًا من الحالة الشعورية التي تعيشها الشخصيات وتمر بها

ربما في أفلام أخرى يدفع كل هذا السرد المليء بالأحداث والشخوص والأفكار نحو الضياع والتشتت، وتصبح عندها متابعته أشبه برحلة طويلة من التيه والملل، لكن رغم هذه البوادر من التشتت في بدايته، يأخذ الفيلم في النضوج والتماسك وتتضح لدينا أسباب تركيزه على بعض الشخصيات ودوافعها، كما لو أننا نمضي أول المشوار في شارع متسع ومليء بالسيارات إلى أن تضيق هذه المساحة تدريجيًا ويصبح مساره أكثر تنظيمًا وانسيابية، إضافة إلى أن السرد جاء مليئًا بالحيوية والفكاهة في العديد من مشاهده، من خلال استخدام المونتاج السريع والموسيقى التي كانت جزءًا مهمًا منه وليست عنصرًا خارجيًا كما هي العادة في الأفلام البوليوودية.

السينما بطبيعتها تأخذك في رحلة لا تنتهي، تعيد تشكيل مشاعرك وأفكارك. فمرة تجد نفسك في رحلة تشاف مع صديق، وأخرى تطير كبطل خارق، لتنقذ حبيبتك من قبضة وحش، ومرة تحارب الأشرار. السينما هي من يدفعك للانغماس والتوحد مع الشخصيات، تلاحقهم في لحظات الخطر، تشعر بدمعة تسيل من عينيك متعاطفًا معهم. السينما هي التي تحول أبسط الرغبات، مثل ركوب الطائرة، إلى تجربة حية تلامس مشاعرك وتجعلك تسافر بها إلى عوالم لا يمكن للخيال أن يحدها.

 

####

 

صيفي.. رحلة خلف وهم الثراء السريع

عبيد التميمي

هناك حنين خاص لدى السينما السعودية لفترة التسعينيات. ظهر هذا في عديد من الأفلام التي استقبلتها دور العرض في السنوات القليلة الماضية، وكأن همًا لتوثيق الماضي على شريط السينما يكتنف المبدعين السعوديين، ربما لتعويض زمن قل فيه عدد الأشرطة السينمائية المُنتجة، وندر فيها توثيق الحالة التي كانت تمور تحت السطح في المجتمع السعودي خلال تلك الحقبة المليئة بالتفاعلات المكتومة

أحدث تلك الأفلام، هو فيلم «صيفي» من إنتاج استوديوهات «تلفاز 11» والذي كتبه وأخرجه وائل أبو منصور من بطولة أسامة القس وبراء عالم وعائشة كاي ونور الخضراء وحسام الحارثي

يتحدث الفيلم عن «صيفي محمد»، رجل طموح يمتلك محل تسجيلات في جدة، ويحاول تكوين ثروة ضخمة عن طريق بناء علاقة طفيلية مع رجل الأعمال الثري «أسعد أمان» من خلال إدارة توزيع التبرعات الخيرية، ونشر الأشرطة الدينية الممنوعة، وإحياء الزواجات الجماعية لمن يتكفل أسعد أمان بتزويجهم

استطاع وائل أبو منصور أن يقدم واحدة من أجمل اللقطات التأسيسية في السينما السعودية، مقدمصا بداية مبشرة بصريًا في مشهد بديع لبطل الفيلم صيفي وهو أمام البحر بملابسه الداخلية وكأنه خارج من عراك لإنقاذ حياته، رجل تجرد من كل مقتنياته المادية والدنيوية ويحاول أن يغسل ذنوبه وهمومه في هدوء البحر وعزلته. تلوين الصورة البديع أمر نادر جديد على السينما السعودية وهو مؤشر مبشر جدًا

الجانب البصري المميز الآخر في الفيلم هو الديكور، الكادرات البديعة تندمج بشكل سلس مع العالم المبني بحرفية في الخلفية. يقدم الفيلم صورة غنية بالتفاصيل تعطي المشاهد انطباعًا واضحًا عن شخصية بطل الفيلم والفوضى التي يعيش فيها. يريد صيفي الهروب من هذه الفوضى العارمة والانتقال إلى الطبقة المخملية، يرتدي البشت والعقال في كل زواج يحضره أملًا في تكوين صورة مختلفة عن تلك التي اكتسبها. يريد أن ينظر له الناس بنظرة التاجر المستقبلي الذي يستعد للإنفاق بسخاء على من حوله، بينما الحقيقة أنه متورط في ديون لصالح أعضاء الفرقة التي تشارك في زفاف الزيجات التي يمولها صديقه رجل الأعمال ويشرف هو عليها، ما يشي بكونه شخص فاسد كذلك، ربما يكسب رزقه من الاحتيال

ربما التي استخدمتها في نهاية الفقرة السابقة تمثل محطة وقوف مهمة في تلقي هذا الفيلم، فهناك غموض يكتنف وظيفة صيفي وحقيقة كسبه للقمة عيشه. قد تكون المشكلة بقدرتي الاستيعابية، ولكن الفيلم انتهى وأنا في حيرة عن ماهية وظيفة صيفي فعلًا، واحتجت إلى مشاهدة بعض المشاهد مرة أخرى والحديث مع من شاهدوا الفيلم حتى أفهم القصة بشكل أفضل. كانت تشغلني أسئلة مثل كيف ارتبط صيفي بالمهدي (حسام الحارثي)، الرجل المتدين الذي يعمل معه على نشر التبرعات والأشرطة الدينية الممنوعة؟ لماذا يحتاج رجل أعمال ثري وصاحب نفوذ إلى أن يشمل صاحب محل تسجيلات في كل أموره وشؤونه حتى ينشر هذه الأشرطة؟ أليس من الأولى إعطاءه مبلغ مقابل توزيع الأشرطة فقط؟ 

حاول الفيلم فرض أشرطة الكاسيت كأداة سردية، وتاه بين هويتين لم ينجح في تقمص أي منهما. فهو في أحيان كان يحكي قصة درامية عن صاحب محل أشرطة وكيف آلت به الطرق إلى هذا الحال، وفي أحيان أخرى اكتسب الفيلم طابع غموض بوليسي لم يلائمه إطلاقًا.

القاعدة الدارجة في السرد البصري هي أنك يجب أن تُري المشاهدين القصة عوضًا عن أن تُكلف أحد شخصيات الفيلم بسردها لهم. هذه القاعدة تمتد إلى حد معين، لأنه من غير المنطقي ألا تشرح أهم العلاقات وأكثرها محورية. إنه ليس غموضًا حميدًا يحفز المخرج من خلاله المشاهدين على خلق تفسيراتهم الخاصة، بل غموض ناتج عن خلل في الكتابة، ولم يستطع الكاتب والمخرج توضيح تفاصيلها بالشكل الكافي.

من جهة أخرى، احتوى الفيلم على بوادر علاقة مهمة يمكن استكشافها والإبحار فيها، في تلك التي تجمع صيفي بصديقه وزميله زرياب (براء عالم)، المعاناة المشتركة التي تجمعهما واختلاف الأهداف جذريًا يخلق ديناميكية مهمة ومن الممكن استخدامها كمحرك للقصة. صيفي الذي يسعى خلف ثراء ومجد شخصي، مقابل زرياب الذي يحرص على تسديد مبالغ الفرقة الشعبية التي يعمل معها ولا يريد من الثراء سوى قوت يومه. عوضًا عن ذلك، أدخلنا الفيلم في دوامة غريبة قتلت من نسق الفيلم -البطيء بالأساس- حينما قدم شخصيتي عائشة كاي ونور الخضراء، حيث قرر صيفي أن يهجر كل أحلامه وقناعاته بشكل مفاجئ ويركز على هدف آخر لا يبدو أنه يمثله ولا يمثل ما قام الفيلم ببنائه والتجهيز له.

ففي الفصل الثالث من الفيلم، وبدون مقدمات أو مبررات، يهجر صيفي كل ما طارده في هذه الحياة ويعتنق أسلوب حياة أكثر بساطة وقناعة، خطوة في الاتجاه الصحيح لشخص أعماه الطموح والجري خلف الثراء، هي ليست خطوة مستحقة سرديًا لكنها في الاتجاه الصحيح لمصلحة الشخصية. لكن يقرر الفيلم الرمي بكل هذا النضج والتصالح مع النفس والحال في أواخره حينما يقرر صيفي العودة إلى الانتقام من أسعد أمان والمهدي، في منعطف سردي يجعلني أقف حائرًا أمام أزمة الهوية التي يعيشها صيفي أو من قام بكتابة قصته. ولم أر في هذا سوى كم هائل من المنعطفات العشوائية التي أخذتها القصة، كنت متأملًا بفكرة أكثر وعيًا من كون صيفي سوف ينتهي به المطاف في مكان انطلاقته، الشخص الطموح الذي يجري خلف الثراء بأي ثمن، هو نفس الشخص المستعد لتدمير كل من حوله في سبيل إرضاء غريزة انتقامه، كل المحاولات في تهذيب النفس واكتساب القناعة والسلام التي بذل الفيلم وقتًا طويلًا في إيصال صيفي إليها، تم نثرها في أدراج الرياح.

 

####

 

«ميرا ميرا ميرا».. فيلم قصير عن ضياع المعجم التعبيري

د. عبدالله العقيبي

يبدأ الفيلم القصير ميرا ميرا ميرا (٢٠ دقيقة) للمخرج خالد زيدان بأصوات طرق البلدوزرات التي تعمل في مهمة إزالة الأحياء العشوائية في مدينة جدة، ثم تنتقل الصورة مباشرة إلى الشاب سعيد -الذي أدى دوره بامتياز الفنان الجميل (إسماعيل الحسن)- وهو في غرفته يعاني من فقدانه لكلمات معجمه اللغوي غير كلمة واحدة، هي اسم الفتاة التي لا يعرفها (ميرا)، ونراه يحاول أن ينطق كلمات أخرى، لكن صوته لا يخرج سوى بـ(ميرا ميرا ميرا)، هذا الدخول إلى حكاية الفيلم من أجمل وأخطر ما يكون، سألت نفسي: بعد هذا الدخول، إلى أين ستأخذنا أحداث الفيلم؟ لكن زيدان يستمر ببراعة خلف هذا العالم (عالم الواقعية السحرية).

إنها حبسة البطل الكلامية، لكنها لا تشبه أي حبسة أخرى، حبسة تركت لسعيد كلمة واحدة فقط، لذلك سنلاحظ طوال العشرين دقيقة (مدة الفيلم)، أن هذه الكلمة المتبقية، سوف تدخله في مشكلة عاطفية مع زوجته، وفي عدم فهم من قبل جاره العجوز على الكرسي المدولب، وفي هروب طويل من أمه التي لا تظهر في أحداث الفيلم، لكن أخوه -الذي لعب دوره باقتدار الفنان (خالد يسلم)- سيخبره عن سؤال أمه المتكرر عنه، وسنلاحظ أيضًا أن نفس هذه الكلمة المتبقية من معجم البطل (ميرا) سينطقها سعيد بعدة أصوات تعبيرية، سيستخدمها في حالة التعبير عن الفهم، ،وفي محاولة الإفهام، وفي حالة الموفقة، وفي حالة الرفض أيضًا، لكنه سيضج بهذه الحياة، ويحاول أن يبحث عن الحلول لدى الأطباء وشيوخ الدين دون جدوى.

يجدر الإشارة هنا إلى أن الفيلم مأخوذ من قصة قصيرة بنفس عنوان الفيلم، للكاتب عبدالعزيز العيسى، الذي قام بكتابة سيناريو الفيلم أيضًا، وسنلاحظ بعد قراءة القصة القصيرة، أن الفيلم استمثر ثيمة القصة ليوظفها في فضاء مكاني معروف هو مدينة (جدة)، وسينقل كذلك الطاقة الخطابية للقصة إلى بعد رمزي مفتوح على التأويل، وهنا تكمن البراعة، فليس من السهل الذهاب بهكذا ثيمة إلى نهاية تقبل التأويل، ففضول المشاهد بطبيعة الحال سيتحفز لمعرفة مصير هذا البطل المسكين، الذي يعيش في مكان يوشك على الزوال، وعلى مصير مجهول تمامًا، لكن كاتب الفيلم ومخرجه سيقرران أن يأخذانا إلى بعد جديد، ونهاية عجيبة، فالطبيبة التي زارها سعيد بمعية أخيه، ستتصل به لتخبره بالمفاجأة الكبرى التي ينتهي عندها الفيلم، فهناك فتاة أخرى زارت نفس الطبيبة بسبب فقدان معجمها اللغوي، الذي لم يتبق منه سوى كلمة واحدة، هي اسم شاب لا تعرفه اسمه سعيد!

بتصور معين لهذا الشكل من قصص الواقعية السحرية، يمكننا أن نحيل الأمر إلى أن الذي يحدث في الفيلم هو وباء قذفت به الحياة في حلوق المقهورين، ولعل أشبه ما يمكن أن نحيل إليه في هذه الحالة، رواية (العمى) للعظيم جوزيه ساراماغو، وثيمة الفيلم يمكن أن تكون قريبة بالفعل، لكن تصاعد الأحداث سرعان ما تبعدنا عن تلك الثيمة؛ أعني الوباء، وتذهب بنا إلى بعد مركب، وأكثر تعقيدًا من سهولة توقع فكرة الوباء في رواية (العمى)، بل تذهب بنا إلى فكرة الوجود اللغوي للإنسان، فالبطل وتلك الفتاة التي تظهر في آخر الفيلم لم يفقدا قدرتهما على النطق تمامًا، بل نراهما يعيشان جحيمًا من نوع آخر، جحيم مخترع لغرض ما، جحيم أن يقتصر معجم الإنسان اللغوي على كلمة واحدة، بل اسم واحد!

إنه فقر من نوع جديد، فقر يحيل إلى الكبت لكن بشكل فانتازي وفني، فالبطل وتلك الفتاة في نفس المدينة، التي يعلو فيها صوت طرق البلدوزرات، ومنظر تلال الإزالة، لديهما جامع مشترك، وكل واحد منهما يعرف اسم الآخر بشكل لا إرادي، إنه جوع من نوع آخر، جوع يحيل إليه الفيلم دون أن يخبرنا بشيء ذي بال، ويحيلنا إلى نتيجة غرائبية رغم أن الواقع حولهما طبيعي تمامًا، وهذا النوع من الفقد هو المساحة الحرة التي يتحرك داخلها الفن، والسينما هي الفن الأكثر جدارة على تقديمه واللعب من خلاله، سواء اللعب بالصورة أو بالصوت أو بالحبكة الروائية قبل ذلك.

في فيلم (عثمان) الذي جمع المخرج والكاتب قبل ذلك، كانت السخرية اللاذعة حاضرة بقوة، والبعد التعبيري موجود كذلك، أما في فيلمهما الذي نتحدث عنه هنا ميرا ميرا ميرا فأعتقد أن المسيطر هو البعد الفلسفي، فالفيلم وجودي بامتياز، يعبر عن الوجود من خلال الفقد، وعن حرية الاختيار من خلال الإجبار، فوجود الثنائيات الفلسفية داخل الفيلم يمكن القبض عليها بسهولة، وهنا ملمح عجيب للغاية، يكمن في قدرتنا على ملاحظة الثنائيات دون أن يكون في مقدورنا القبض على المغزى منها، وكأننا أمام فكرة مجردة، أو لأقل أسئلة مجردة (ماذا لو لم يبق في معجمنا سوى كلمة واحدة فقط؟ ماذا لو لم يكن في مقدورنا أن نختار تلك الكلمة؟ ماذا لو كانت اسم لشخص لا نعرفه؟).

أتصور أن هذا النوع من الأسئلة، هو أحد أبرز أسباب وجود الفيلم السينمائي القصير، فهو القالب الفني الأجدر على حملها؛ أعني هنا حمل تلك الأفكار السينمائية وأسئلتها التي تحمل في جعبتها الطاقة الإيحائية للمفارقة على سبيل المثال، أو على البعد الشعري الذي يمكن أن يُقال من خلال عدد محدود من المشاهد، أو على فكرة فانتازية، تتعامل مع الوقع بسحرية لذيذة، لا يمكن تصديقها، لكن يمكن التعامل معها إذا تركنا للخيال فسحة معقولة، وكلما كان الفنان قابضًا على هذه الإمكانيات داخل فنه الذي يتعامل معه، كان أقدر على التعامل معه ببراعة، وهذا ما لمسته بشكل استثنائي لدى مخرج الفيلم وكاتبه، فمختبرهما الفني بلا شك مختبر ناضج، لأنه باختصار لم يسقطهما في مغبة التساهل، ولا في ويلات الاستعجال.

إننا مع فيلم ميرا ميرا ميرا القصير، أما حالة فنية تعبيرية تقول أشياء كثيرة، لكن بشكل تجريدي؛ أي دون الإحالة إلى بيان واضح وصريح، وهذا في حد ذاته وعي عميق لدى صنَّاع الفيلم بماهية الفن، وقدرته على فلسفة الوجود الإنساني الهش، الذي يمكن أن يتداعى بسبب فقد حاسة واحدة، أو ضياع الصوت، وبالتالي اضمحلال القدرة التعبيرية، التي من دونها يصبح وجود الإنسان وجودًا عدميًا، يشبه اللاوجود تمامًا.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

10.12.2024

 
 
 
 
 

ينافس ضمن مسابقة «البحر الأحمر السينمائي» ..

مراجعة فيلم | «سابا» للمخرج مقصود حسين هوية الإنسان والمكان في «دكا» عاصمة بنغلاديش

جدة ـ «سينماتوغراف» : إنتصار دردير

تنطلق شابة من بنغلاديش في مهمة لإنقاذ حياة والدتها، في هذا المزيج الصادق من الواقعية الاجتماعية والميلودراما، عُرض فيلم "سابا" ضمن المسابقة الرئيسية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الرابع.

تعيش سابا (مهزابين شودري) البالغة من العمر خمسة وعشرين عامًا مع والدتها المقعدة شيرين (رقية براشي) داخل شقة رثة، في برج شاهق غير مميز في دكا. عاصمة بنغلاديش - المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة وواحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض - هي مكان مظلم وفقير ولا يرحم.

الناس مثل (سابا) مكرسون لكسب لقمة العيش. البقاء على قيد الحياة هو ما يحدد وجود معظم سكان دكا. وتدرك (شيرين) هذا جيدًا، ومن الواضح أنها فقدت رغبتها في الحياة. حيث تؤكد أن الوجود لغرض التنفس فقط ليس حياة.

تقتصر حياة المرأة العجوز على مسكنها المتواضع، إلا عندما تتدهور صحتها، وتضطر سابا إلى استدعاء سيارة إسعاف. يخبر الأطباء الابنة أن قلب والدتها على وشك الانهيار، وأن أمامها شهرًا تقريبًا لإجراء عملية جراحية. تكلف العملية 300 ألف تاكا (حوالي 2000 جنيه إسترليني)، وهو مبلغ ضخم بالنسبة للأشخاص الذين بالكاد لديهم ما يكفي من الطعام.

تتوسل سابا إلى والدتها لبيع شقتها، لكن شيرين لا تتزحزح عن موقفها. تريد أن ترث ابنتها الشقة، وبالتالي تضمن استقرارها في المستقبل. وعلى العكس من ذلك، فإن الأولوية القصوى لبطلتنا هي بقاء والدتها.

الموضوع الرئيسي لفيلم سابا هو حب الأم والابنة اللامحدود. إن التزام سابا وشيرين ببعضهما البعض قوي لدرجة أنهما تؤذيان بعضهما البعض في بعض الأحيان. كادت سابا أن تتسبب في إصابة والدتها بنوبة قلبية أثناء إجبارها على إجراء جراحة في القلب. وشيرين متعجرفة وغير سعيدة لأنها ترغب في أن لا تكون عبئًا يمكن التخلص منه. إنها تفشل في فهم أن سابا، مهما كان العبء ثقيلًا، لا تزال تحبها وستفعل كل ما في وسعها لإبقاء والدتها على قيد الحياة. بعد أن خذلها الرجال والدولة ونظام الرعاية الصحية، ويجب على المرأتين المضي قدمًا للأمام معًا بطريقة ما.

تتوسل سابا إلى عمها للحصول على بعض المال، لكن توسلاتها لا تلقى آذانًا صاغية. اختفى والدها قبل عقود من الزمان، لأسباب لم يتم الكشف عنها أبدًا (ترفض المرأتان ببساطة مناقشة الموضوع بمزيد من التفاصيل).

لذلك تجد سابا وظيفة في مقهى صغير للشيشة. هذا مكان تحت الأرض، حيث يمكن للناس الانخراط في ملذات صغيرة. بنجلاديش بلد مسلم، ويُحظر على السكان المحليين تناول الكحول. تتعرف على المدير أنكور (مصطفى منوار)، الذي يتعاطف مع معاناتها. هناك شرارة رومانسية في الهواء. ولكن كيف يمكن للحب أن يثمر عندما يتعين على سابا أن تكرس كل وقتها للعمل وتغيير حفاضات والدتها؟

يرصد الفيلم مواضيع اجتماعيه على هامشه، فهذا مجتمع فاسد، حيث يتم تحديد الإنجازات الصغيرة من خلال قدرة المرء على دفع ثمن طريقته في الصعود. والدين يمنع الناس من استخلاص المتعة من حياتهم، كاد أنكور وسابا أن يتم القبض عليهما لحيازتهما زجاجة بيرة لأن الإسلام يحرم الشرب، ولا يمكنهما أن يلتقيا في منزله لأن ملاك الأراضي المتدينين لا يقبلون أن تتقاسم امرأة غير متزوجة ورجل نفس المكان. كما تلعب التفاوتات الاجتماعية دوراً في إدامة المساواة غير المجزية بين هؤلاء الناس: حيث تشير التقارير التلفزيونية إلى أن الأغنياء ما زالوا يتمتعون بنظام ضريبي منخفض. كما يثير الفيلم تأملاً وثيق الصلة: هل الحياة إلزامية؟، وهل يجب أن نجبر أحباءنا على البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة بعد أن تتلاشى رغبتهم في الحياة؟

يقدم المخرج مقصود حسين، الذي يخوض تجربته الأولى في الإخراج، عملاً سينمائياً قوياً يتأرجح بين الواقعية الاجتماعية الكئيبة والميلودراما التقليدية. الممثلون أقوياء للغاية، والفيلم يجذب المشاهدين طوال مدة العرض القياسية البالغة 95 دقيقة. القصة مألوفة، والسرد تقليدي، والنهاية متوقعة للغاية، لكن الجديد في العمل هو كواليس وخلفية مدينة دكا التي نادراً ما يتم تصويرها سينمائياً.

 

####

 

ينافس ضمن مسابقة «البحر الأحمر السينمائي» ..

مراجعة فيلم | «سنو وايت» لـ تغريد أبو الحسن سحر الحكاية المصرية في تميز أداء مريم شريف

جدة ـ خاص «سينماتوغراف»

«سنو وايت» فتاة مصرية قصيرة القامة تسعى إلى تحقيق حلمها بالحب والزواج، تمامًا كما تفعل أي فتاة أخرى، لكنها تواجه بعض الصعوبات بسبب معايير الجمال التقليدية التي تفرضها الثقافة المحيطة، يتناول هذه الحكاية فيلم مصري حظي بإعجاب الجمهور والنقاد، وينافس بقوة ضمن المسابقة الرئيسية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الرابع.

توازن مخرجة الفيلم تغريد أبو الحسن خلال (105 دقائق)، ببراعة بين مزيج معقد من الرومانسية وتمكين المرأة وزيادة الوعي بالإعاقة في فيلمها «سنو وايت»، العمل المنعش والمحبوب والذي يتوج بأداء رائع من بطلته مريم شريف.

هي بالفعل، قصة ذات قلب كبير تجعل الفيلم محبوب للجمهور، وينبغي أن يحظى بشعبية عالية بعد عرضه الأول في البحر الأحمر السينمائي.

إيمان (مريم شريف) قضت حياتها في محاربة تصورات الناس الذين يعرفونها بطولها؛ 119 سم، حيث تقضي أبو الحسن بعض المراحل الأولى من الفيلم في التأكيد على معاناة إيمان اليومية التي يتم تجاهلها بانتظام، وعدم رؤيتها، وعدم سماعها، أو دفعها بقوة بعيدًا عن الطريق.

طاولات محلات المتاجر ومقاعد الحافلات مرتفعة للغاية لدرجة أنها غير مريحة، وكل مجموعة من السلالم تبدو كأنها سلسلة جبال، وهناك مشاهد حيث بالكاد يظهر رأس إيمان في إطار ثابت.

هناك كذلك روح الدعابة والفهم في هذه اللحظات، ولكن أيضًا شعور بأن مخرجة الفيلم تريد معالجة القضية بسرعة قبل أن تتركها جانبًا، حتى تتمكن من التركيز على من هي إيمان وما تريده.

إيمان بالتأكيد رومانسية، على النقيض التام من عملها المكتبي الروتيني في أرشيف الدولة المترب، وتشير غرفة نومها إلى طبيعتها الحقيقية بألوانها الوردية الجميلة وظلال الفراولة وورق الحائط الزهري وغطاء السرير المنقوش.

شخصيتها الخيالية هي النجم المصري الوسيم كريم فهمي الذي يظهر في دور صغير بنفسه بروح رياضية. لديها أيضًا معجب متحمس عبر الإنترنت وهو عماد (محمد ممدوح) على الرغم من أنه لم يلتق بها أبدًا وملفها الشخصي في مواقع التعارف كان مقتصدًا في الحقيقة. عماد غير مدرك أنها شخص قصير القامة، وإيمان استخدمت كل الأعذار لتجنب الدردشة عبر الفيديو.

إيمان هي أيضًا مدافعة قوية عن أختها الصغرى، صفية (نهال كمال)، القادرة جسديًا، التي تلقت عرض زواج من خالد (محمد جمعة)، والدة خالد المتجمدة (صفوة) تطالب بثلاجة باهظة الثمن كجزء من المهر، وتسعى للحصول على بعض الطمأنينة بأن أي أحفاد لن يكونوا من ذوي القامات القصيرة. إيمان هي الوحيدة التي تسعى لاكتشاف ما تريده أختها.

تتجلى قصة سنو وايت في رؤية جذابة لشوارع القاهرة، والأسواق المزدحمة، والمتاجر، والشواطئ.

يتبنى الفيلم بشكل مرح بعض عناصر الكوميديا الرومانسية المألوفة، بدءًا من موسيقاه المرحة وصولاً إلى مكالمة هاتفية على الشاشة المنقسمة، إلى لحظات الحسم عند لقاء على ضفاف المياه وتسلسلات الأحلام.

تضيف تغريد أبو الحسن أيضًا عنصرًا تعليميًا، غالبًا ما يكون حول لقاء إيمان مع طارق (عمرو الديزل)، الساحر ذو البدلة الأنيقة الذي يعمل كمتطوع في نقابة الأقزام في الإسكندرية. يدعوها للانضمام إليهم. هو بمثابة بوق للمعلومات المفيدة ("فقط 3% من الأقزام يعملون"، "مصر تضم ثلث سكان الأقزام في العالم"، إلخ) ولكنه أيضًا يمثل تحديًا رومانسيًا لإيمان حيث يتعين عليها أن تقرر أين يكمن قلبها ومستقبلها.

الفيلم مبني على فكرة أنه عاجلاً أم آجلاً يجب أن تتصادم الأحلام الرومانسية مع الواقع القاسي.

ستضطر إيمان إلى كشف حقيقتها لعماد، وستحتاج صفية إلى اتخاذ قرار بشأن ما تريده من زواجها، ويُعاد تصنيف وتهميش كريم فهمي المرغوب فيه إلى مرتبة شخصية أحلام.

جزء من سحر «سنو وايت» هو الطريقة التي تتجنب بها المخرجة تغريد أبو الحسن النهاية السعيدة التقليدية، ليبقي التركيز على إيمان والقوة التي تكتشفها مرارًا في كونها صادقة مع نفسها.

 

موقع "سينماتوغراف" في

10.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004