ملفات خاصة

 
 
 

«هوبال»..

تفكيك نفسية الطائفة وثمن الجاذبية المرتفع

أحمد شوقي

البحر الأحمر السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

إذا ما سمعت قصة موضوعها الرئيسي عن فتاة مصابة بمرض الحصبة الذي يكاد ينهي حياتها لعدم توافر علاج، ستفترض في الأغلب أن الأحداث تدور في ماضٍ سحيق، قبل اكتشاف مصل الغلوبيولين المناعي الذي بدأ استخدامه لعلاج المرض منذ ثلاثينيات القرن العشرين. لكن عندما تُخبرك عناوين الفيلم أننا نتحدث عن السعودية عام 1990، من هنا تبدأ الجاذبية في «هوبال»، أحدث أفلام المخرج عبد العزيز الشلاحي.

أسباب ترقب الفيلم كثيرة، على رأسها كونه أول أفلام المخرج منذ فيلمه الرائع «حد الطار» الذي قدمه عام 2020 ليصير واحدًا من أفضل الأفلام السعودية على الإطلاق، واستمرار للشراكة مع المؤلف الموهوب مفرج المجفل الذي كتب الفيلمين، وأول ظهور للمخرج بعدما أنجز مسلسل «خيوط المعازيب» الذي أعاد ترتيب أوراق الدراما السعودية في شهر رمضان الماضي، مقدمًا حكاية ذات طابع روائي سينمائي، مستمد بالكامل من التراث الثقافي لمنطقة الإحساء العريقة التي نادرًا ما شوهدت على الشاشات.

إذا أضفنا لذلك موضوع «هوبال» المأخوذ عن قصة حقيقية، وقعت مطلع التسعينيات عندما آمن كبير عائلة أن نهاية الزمان قد اقتربت، وأن الساعة على وشك القيام، فقرر أخذ عائلته بالكامل إلى الصحراء واعتزال الحياة المعاصرة الكافرة، بل ومقاطعة من يجرؤ من أبنائه على أن يتمرد على قراره أو يتواصل بأي صورة مع العالم المعاصر.

ربما يكون هذا الملخص هو أقوى نقطة انطلاق امتلكها فيلم عربي خلال العقد الحالي عمومًا، فلا أذكر فيلمًا يمكن لموضوعه أن يكون جاذبًا بهذا القدر في صورته المجردة. لكن التحدي الذي يفرضه اختيار أي حكاية ذات قصة فائقة الجاذبية (ما يُسمى في علم السيناريو High Concept) يتمثل في أن يأتي الفيلم مكافئًا للتوقعات الدرامية التي يفرضها ملخصه، وكأن صانع الفيلم يُلزم نفسه بأن يأتي بعمل يناظر جاذبية الفكرة، وإلا تكون النتائج محبطة مهما ارتفع مستواها عن أفلام أخرى

فأين يقع فيلم عبد العزيز الشلاحي على هذا الميزان الممتد بين الروعة والرداءة؟ هذا ما سنحاول التفكير فيه خلال هذا المقال.

إحكام بصري وتعقد بشري

يرسم الشلاحي عالم «هوبال» البصري بإحكام مُذهل، ليقدم مع مدير التصوير محمود يوسف لوحة سينمائية لا تكتفي بالجماليات الواضحة (رغم صعوبة التصوير في الصحراء عمومًا)، وإنما يمتد أثرها إلى الدراما، برسم هذا العالم الهجين الذي يجتمع فيه الماضي والحاضر معًا: بشر يحاولون العيش بقواعد عمرها قرون بينما حياتهم ترتبط رغمًا عنهم بتقنيات العصر. فيمكن للجد ليام (إبراهيم الحساوي) أن يرفض علاج الكفار ويضحي بأحد الأحفاد ليكون مضربًا للمثل، لكنه لن يستغنى أبدًا عن شاحنة نقل المياه التي لن تستمر الحياة دونها، ولن يمكنه في 1990 أن يُنقّب عن حفنة مياه كما كان الأسلاف يفعلون.

يتضافر عنصرا الصورة وبناء الشخصيات هنا لتعميق تلك المفارقة التي قد لا ندرك للوهلة الأولى مدى آنيتها. المفارقة بين السعي للقطيعة مع الحاضر واستحالة التخلي عن أدواته. قد يبدو الأمر بعيدًا عندما نفكر في رجل مهووس هرب بعائلته في التسعينيات، لكن لنفكر فيمن يفعلونها يوميًا بصورة أقل تطرفًا: من يسبون الحداثة ويلعنون الحضارة ويحاولون فرض الماضوية عبر أدوات بعد حداثية؟ هل تذكر هذا الشيخ الذي يبث مقاطعه عبر كل منصات التواصل الاجتماعي ليطالب أتباعه بمجافاة عصرهم والاحتماء بما مضى؟ يُمكنك إن فكرت قليلًا أن تراه في أحكام ليام غير المنطقية.

يكشف النص هنا (على الأقل في تأسيس وتمايز الشخصيات) عن الحاجات النفسية التي تقف وراء أحكام الجد، ووراء انصياع أو تمرد الأبناء والأحفاد عليها. بل يحاول أن يفكك الديناميات النفسية التي تحرك أي طائفة Cult ذات طابع عقائدي في التاريخ المعاصر: المؤسس الذي يلوذ بالأسطورة ليكوّن سلطة لا يملك أدوات حيازتها في الظروف الطبيعية، والأتباع المنقسمين بين بسيط العقل يؤمن بدافع الحب، وبراغماتي يجدها فرصة سانحة للاستفادة، وضعيف غير مقتنع لكنه لا يرغب في مواجهة الكل، ومتمردين يُحكم عليهم بأن يعيشوا ملعونين من أقرب الناس إليهم، فقط لأنهم امتلكوا الشجاعة لأن يكونوا كالطفل الذي خالف الجميع وقال «لكني أرى الامبراطور عاريًا»، في حكاية الدنماركي هانس كريستيان أندرسن الشهيرة.

معضلة فك الشفرات

غير أن قيمة الأفكار التي يحملها «هوبال» تتصادم مع معضلتين في تلقي الفيلم، ربما كان لهما دورًا في أن يكتفي صناعه بالاحتفال بعرضه العالمي الأول في قسم غير تنافسي بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، بينما كان الفيلم يمتلك على مستوى الموضوع والعناصر ما يكفل له عرضًا أول أكبر في أحد المهرجانات الرئيسية.

المعضلة الأولى هي التشابك الشديد للشخصيات لحظة بدء الأحداث. نظريًا، اختار المؤلف والمخرج نقطة بداية ساخنة تقع في مطلع الفصل الثالث من تجربة تلك العائلة إذا ما رتبنا وقائع الماضي زمنيًا. فإذا كان الفصل الأول يبدأ بقرار الجد بالهجرة للصحراء، والثاني بقرار أحد الأبناء أن يتمرد ويترك الجميع، فإن مرض الحفيدة يُشكل مطلع الفصل الختامي الذي تنتهي فيه التجربة كلها.

بالمعايير النظرية قد تكون هذه نقطة انطلاق مثالية، لكن حقيقة الأمر أن الفيلم يضع مُشاهده من اللحظة الأولى في متاهة كبيرة، تختلط فيها الشخصيات والأسماء والعلاقات، فنحتاج وقتًا حتى نكتشف مَنْ زوجة مَنْ، ومَنْ ابن مَنْ، ثم وقتًا آخر لنلاحظ الفروقات بين تكوين الشخصيات، ثم ثالثًا لنفهم وقائع الماضي التي وصلت بالجميع إلى تلك النقطة، فلا يحدث ذلك إلا بانتصاف زمن الفيلم تقريبًا.

لا توجد أزمة بطبيعة الحال في انتهاج سردٍ غير معتاد، بل على النقيض فإن عرض القصة بترتيبها المنطقي كان سيحولها قصة طائفة أخرى كالتي تحترف شبكة «نتفليكس» تقديمها في المسلسلات، لكن الأمر يحتاج لضبط دقيق حتى لا يتسبب التعقيد في غموض زائد يُصعّب تجربة المشاهدة، ويحوّل نشاط الجمهور العقلي من التفكير فيما يطرحه صانع الفيلم من أفكار عميقة إلى محاولة فك الشفرة وسد الفراغات وفهم القصة في مستواها الأول.

تجدر الإشارة هنا لأن الأمر قد يكون مرتبطًا بثقافة كاتب السطور التي تختلف نسبيًا عن صنّاع الفيلم، فقد يكون فارق اللهجات أو تفسير بعض الإشارات سببًا في الأزمة (التي تكررت خلال مشاهدتين للفيلم)، وأن مشاهدًا سعوديًا قد يفهم العلاقات بشكل أيسر وأسرع، لكنها نفس الأسباب التي جعلت في الأغلب هذا الفيلم القيم لا يجد مساحة للعرض على جمهور دولي واسع في مهرجان أوروبي.

الشخصيات كاستعارات

المشكلة الثانية تتعلق بالفصل الختامي للفيلم، والذي ينحاز إلى الأفكار على حساب الحكاية. لن نُسهب في الشرح حتى لا نكشف الأحداث أو نفسد تجربة المُشاهدة على من يقرأ المقال، لكن من المعلوم بداهةً أن التجربة ستبوء بالفشل وأن أحكام ليام ستسقط عاجلًا أم آجلًا، لكن المسار الذي سيُنهيها هو الموضوع.

مفرج المجفل وعبد العزيز الشلاحي يختاران أن يكون «هوبال» استعارةً، أن تحمل مصائر أبطالنا رؤية لسيرورة تاريخية حتمية، يتمكن فيها الأحفاد من كسر استسلام الآباء، والتحرر من هوس الأجداد، لكن بعد أن يدفعوا ثمنًا غاليًا جرّاء ما اقترفه أسلافهم، حتى لو اقترن هذا الاختيار الفني بعدم إغلاق بعض الأقواس دراميًا، أو باختفاء شخصية رئيسية بشكلٍ مباغت لا يُمكن تفسيره إلا بمنطق الحلم، أو بالانحياز لنهاية تبدو أقرب لمَثَلٍ يُضرب من حكاية تُغلق عضويًا. وإذا كانت المفارقات حاضرة في حياة البشر عمومًا، فإن حكايتنا قد بدأت بقرار كبير، وكانت تستحق ألا تنتهي بمفارقة.

في سياقٍ آخر كان من الممكن تَقَبُّل هذه النهاية لو كان الفيلم قد منحنا الوقت الكافي لتلقي شخصياته كاستعارات ووضع كل منهما في موضعٍ فكري يلائمها، لكن التعقُّد الذي يلامس التغريب في نصف الفيلم الأول يجعلنا أمام تجربة مشاهدة مُقسّمة إلى ثلاث فترات: في الأولى نحتار لفك الشفرة وفهم الحكاية وأبطالها، الثانية نفهم أخيرًا ونبدأ في التماهي مع هؤلاء البشر وتعقدهم، قبل أن تأتي الثالثة لتتجاوز التعقد وتتعامل معهم كرموز، يُمثّل كلٌ منها تيارًا أو نوعًا من البشر في تجربة الطائفة، وهو تبسيطٍ مُخلٍ لما نسجه صنّاع الفيلم أنفسهم من تركيب إنساني يميز أبطال حكايتهم.

وفي النهاية

رغم المعضلتين، يبقى «هوبال» فيلمًا كبيرًا، في جديته التي لا تأتي إلا من صنّاع لا يتعاملون مع فنهم أو تراثهم باستهانة، في جودة عناصره التي تجعله واحدًا من أمتع التجارب البصرية الحديثة في السينما العربية، ومن هفواته التي تليق بقيمته، فهي هفوات من يريد أن يصنع فيلمًا حقيقيًا مغايرًا، فإن أصاب له أجران، وإن أخطأ له التقدير ولنا الحسرة على تجربة كانت كل عناصرها قادرة على إنجاز ما هو أكثر اكتمالًا.

 

####

 

«الحُلُم بالأُسُود»… رقصة زوربا في عصر الدعاية

يزيد السنيد

كيف تتناول قضايا ومفاهيم قاتمة وثقيلة دون أن تفقد بعض من جمهورك؟ هذا السؤال القديم قِدم الفلسفة والفن، جاهد المبدعون والفلاسفة وأهل الفن الأول «المسرح» كي يجدوا له حلاً سوى الكوميديا فلم يفلحوا، والكوميديا لم تخذلهم أبدهم، فلا تزال هي القادرة على طرح أكثر الأفكار تعقيداً بأقرب السبل إلى قلوب وعقول الجماهير، وهو ما أدركه المخرج والكاتب البرتغالي باولو مارينو بلانكو عند العمل على فيلمه «الحُلُم بالأُسُود Dreaming of lions» المعروض حاليًا ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي المقامة دورته الثالثة في جدة تحت شعار «للسينما بيت جديد». 

يصنف الفيلم البرتغالي ضمن قائمة أفلام الكوميديا السوداء، والتي تتعاطى مع قضايا وجودية وحتمية مثل الموت والمرض والتقدم في العمر، تلك القضايا والأفكار القديمة قدم الازل، ولكن في قالب معاصر تمامًا يحاول الإجابة عن سؤال: كيف يستجيب عصرنا هذا الذي تشيّأ وتُسلّع فيه كل الأفكار والمشاعر مع مسائل كالموت والمرض والاحتضار؟ 

لا شك أن سيادة الرأسمالية وقيم النيوليبرالية التي باتت تحكم العالم لا بد وأن تحضر عند حديثنا عن روح عصرنا هذا، فالبطلة جيلدا التي تعاني مرضًا عضالًا يقودها للموت ببطء، هي ببساطة لا تريد أن تعيش المعاناة والألم اللذان يفصلانا عن مصيرها المحتوم. هذه الجدلية بين المعاناة والموت ستكون حاضرة طوال الفيلم، حيث سنلحظ لفتة ذكية قدمها المخرج بطريقة رائعة أو لنقل أتقن الصنعة، بعيدًا عن جمالية الفن وتقييمه، وهو أمر لا يعنيني كثيرًا، حيث أن التقييم دائمًا يأخذ طُرقًا مختصرة كما أنه يحجب عنا رؤية الحقيقة كاملة.

ولكني في استعراضي للفيلم سأتخذ منهجًا يقترب من الظاهراتية، أي قراءة ظاهر الأشياء، ويبتعد عن حصر الوعي في مقولات منطقية أو حتى شعورية، بالمختصر هذا الفيلم ينتمي بجدارة لما أسميه «تيار الشعور»، واعتمد المخرج والكاتب فيه على رافعة الكوميديا لتقديم قضيته الكبرى، أو كما يقول: «الضحك هو وسيلتي الدفاعية لتحمل الحياة»؟ 

نلحظ منذ بداية الفيلم خروج بلانكو عن طريقة المونتاج التقليدية واللقطات المعتادة، لكن هذا ليس بالحدث الجديد نظرًا لتاريخ السينما، لكن المهم هو رانه على ما أراد إيصاله للمتفرج، ودفعه إياه إلى أن يُدرك مباشرةً أننا لا نشاهد الواقع اليومي المعتاد على الشاشة، إنما نحن نسبح ونغرق داخل وادي من المعاناة مغطى بجبالٍ من الضحك.

جيلدا تكسر الجدار الرابع منذ بداية الفيلم، وهذه الإشارة الأولى لعدم واقعية الحدث، وبعده تتوالي الإشارات حتى وإن لم تكن بنفس المباشرة، كما ما نرى عليه حبيبها الجديد الذي التقت به في منظمة «الانتقال السعيد الدولية» وهو حانوتي يجمّل الجثث، فنحن نجده يتحدث مع الأموات. هو لا يعاني مثلها من علة جسدية تجعله متعلقًا بالموت وساعيًا إليه؛ فقط نشاهد شابًا يتحدث مع الأموات، وهذه الإشارة الثانية التي يرسلها المخرج للمتفرج، فكانت النتيجة التي خرجت بها هي أن جيلدا وحبيبها لا يمكن أن نعتبرهم شخصيتين مختلفين كما أنهما ليسا من الشخصيات القائمة بذاتها، بل هما انفعالان مختلفان يعكسان قلق الإنسان من مصيره.

 ثمة جدلية صلبة يصعب تجاوزها وهي إرادة الحياة مقابل إرادة الموت. كلتاهما ليستا منفصلتين كما قد نتصور، فهما متلازمتان لدى كل إنسان. تحدث كل من فرويد ودالي ولويس بونويل عن سمةٍ عجيبة لدى الإنسان، وهي رغبته المستعرة للعودة للرحم الأمومي، إن الرحم يجسد حياة السكون والصمت الأبدي وعدم خوض معاناة الحياة وتقلباتها، ومن أجل أن نعود لا سبيل لنا غير الموت.

جيلدا وحبيبها لا يهربان من الموت، بل يهربان إليه من المعاناة والاضطرار إلى تحمل ضربات القدر. تلك هي المعادلة الصعبة للوجود البشري، وهي أنه لا يملك خيارًا غير تحمل الألم أو تطوير ما يساعده على العيش، وهنا يأتي الحل الذي يقدمه المخرج وهو حلٌ بات شائعًا في الفلسفة والأدب والفن بشكل عام منذ بداية القرن العشرين، وهو الضحك رغم الألم والمعاناة، ولا أدل على ذلك مثل ما قدمه لنا الروائي كازانتزاكس في شخصيته الأشهر زوربا.

 في المحصلة، يعد فيلم «الحُلُم بالأُسُود» فيلمًا للضحك في وجه الحياة، لترسيخ الضحك كأداة فعالة للعيش السعيد وتحمّل الألم.

ومن حيث تقنيات التصوير والاعتماد على التلاعب الزمني في المونتاج وتداخل الكادرات والشخصيات، كل ذلك يضع المتفرج مباشرةً أمام تيار شعور المخرج ذاته وهو الكاتب أيضًا. في نهاية المطاف ما رأيناه ليس العالم في ذاته، بل هو مرآة المخرج التي تعكس العالم. هل نعتبر هذه المرآة صحيحة أم لا؟ أترك إجابة هذا السؤال لكم. إلا أنني سأضع علاماتٍ على الطريق قد تساعدنا على أن نهتدي لجوابٍ، لا أقول إنه بالضرورة جواب صحيح، لكنه جواب – في نظري- مُقنِع؛ وهو أن المتأمل في الفن المعاصر من حيث الشكل والمضمون يستشف ذلك التعطش الغريب نحو الخلاص، ثمة شعور قوي بالفراغ الروحي إن جاز التعبير، هناك استلاب واغتراب وسعي حثيث نحو لقمة العيش، كما أن هناك حروب لا تهدأ.

جيلدا بطلة الفيلم المصابة بالسرطان التي تحتضر ببطء، لا تبتعد عن كونها رمزًا للحضارة التي نعيشها، فتاريخ الحضارات حتى اليوم استعمل كل الأدوات الممكنة من أجل عيشٍ سعيد، كما أن جيلدا جرّبت كل الطرق حتى تنهي حياتها. نحن المعاصرون نحمل إرث تاريخٍ طويل، جرّب واستعمل كل ممكناته ولم يبق لنا من كل وسائل المقاومة غير الضحك والرقص.

 

####

 

«هوبال»… ثراء البادية وفقر التبني السينمائي

عمر آل عبد الهادي

يُمثل التراث السعودي بالنسبة للسينما أرضًا بكرًا لم تُحرَث بعد، ويعود للشعر الفضل في حفظ هذا التراث الثري بالقصص والأساطير، لكن يظل هناك الكثير مما لم يختزنه أو يعبر عنه الشعر في تلك الثقافة الشعبية المليئة بالقيم والمعارف والفنون والحرف. هذا الزخم الثقافي يجعل استلهام الموروث السعودي في الأعمال الفنية وسيلة لإبراز الأصالة واستحضار عبق وسحر الماضي.

في مقال سابق، تناولت قراءة الأغنية المحلية في الفيلم السعودي، مشيرًا إلى استخدامها كجزء أساسي من الثقافة السعودية. هذا الجانب الثقافي برز بوضوح في أفلام مثل: «هجّان «لأبو بكر شوقي، الذي استوحى قصصًا شعبية قد تكون غير حقيقية لكنها تحمل واقعية واضحة، مما يرسّخ أهمية الحفاظ على هذا الإرث وإبرازه في السينما.

الثقافات الفرعية أو ثقافة الجماعات المميزة داخل المجتمع السعودي ظهرت بشكل لافت في أعمال سعودية مثل «مندوب الليل» للمخرج علي الكلثمي، و«نورة» للمخرج توفيق الزايدي، الذي نجد تشابه بسيط وظريف بين ثيمة «نورة» والفيلم السعودي الجديد «هوبال». وحتى «حد الطار» لعبد العزيز الشلاحي. هذه الأفلام نجحت في تسليط الضوء على مجتمعات تحمل سمات خاصة ومختلفة عن السائد، مستغلة كون السينما أداة رئيسية لرواية الحكايات غير المروية في المجتمعات. وفي هذا السياق، يبرز فيلم «هوبال» كتجربة تعكس ثقافة مختلفة في ظل ظروف اجتماعية وزمنية تتباين عن المألوف.

من قلب جدة القديمة -البلد-، وفي مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الرابعة، يُعرض فيلم «هوبال» للمرة الأولى. الفيلم من إخراج عبد العزيز الشلاحي وكتابة مفرّج المجفل، الذي سبق أن تعاون مع الشلاحي في ثلاثة أعمال سابقة، ويعد «هوبال» رابعها.

 يروي الفيلم قصة عائلة تعيش في البادية، ويلتزم أفرادها بتعاليم والدهم الذي يحرّم عليهم الانتقال إلى المدينة. إلا أن الظروف تضطرهم في النهاية إلى الذهاب، مما يؤدي إلى تصاعد الصراع الأسري.

من جماليات البادية التي انعكست في فيلم هوبال هو التأصيل الثقافي البارز في تفاصيل العمل، بدءًا من عنوانه «هوبال»، الذي يشير إلى طريقة النداء الخاصة بين الإبل وصاحبها، والمعروفة أيضًا بحداء الإبل. هذا العنصر الثقافي ظهر جليًا في عدة مشاهد، أبرزها تلك التي جمعت شخصية «ليّام»، التي أداها ببراعة الممثل «إبراهيم الحساوي»، مع المغاتير -الإبل ذات اللون الفاتح- مما يجسد عمق العلاقة الفريدة بين الإنسان والإبل في تراثنا.

كما رأينا أيضًا عندما تتبع «عسّاف» أثر جده «ليّام»، أو خلال التعرف على أثر «شنار» بالقرب من شاحنة الماء، في إشارة إلى علم القيافة، الذي اشتهر به العرب والبدو لفهم الطرق وتتبع الآثار. هذه التفاصيل تُظهر مستوى العناية في تقديم ثقافة البادية وتاريخها ضمن إطار سينمائي يعكس هويتها.

عدائية المؤثرات البصرية

يعتبر قرار استخدام المؤثرات البصرية من أصعب القرارات التي يمكن أن يتخذها المخرج، حيث إن استخدامها بشكل قليل لكن واضح قد يُضعِف تفاعل المشاهد مع الجو العام للفيلم، فكيف سيكون الحال إذا تم استخدامها بشكل مفرط، إذ تظل هناك دائمًا لحظة شك في واقعية ما يُعرض على الشاشة، مهما بلغت جودة التنفيذ. وهذا الأمر بالطبع لا يشمل الأفلام التي تتطلب بطبيعتها استخدام المؤثرات البصرية، كأفلام الخيال العلمي على سبيل المثال ظهرت المؤثرات البصرية بشكل لافت في ثلاث مشاهد: الأول في بداية الفيلم عند ظهور الطيور وهي تأكل جيفة الكلب، والثاني داخل الخيمة مع العقرب في مشهد «ريفة»، والثالث في حلم «عسّاف». عند تحليل هذه المشاهد جميعها، يتضح أن استخدام المؤثرات البصرية لم يكن ضروريًا إلى حد يبرر تأثيرها السلبي على الفيلم. كان بالإمكان الاستغناء عن بعض المشاهد لصعوبة تنفيذها مثل مشهد الطيور، وتغيير تفاصيل حادثة «ريفة» لتجنب استخدام العقرب، وهو العنصر الذي أضعف المصداقية، تضحية الورق أسهل من التضحية على الكاميرا. وفي المقابل، نلاحظ تميز مشهد «عسّاف» مع الخنفساء، والذي أثبت أن الواقعية أحيانًا تكون أكثر تأثيرًا وارتباطًا بالمشاهد.

الكتابة السينمائية.. لا الروائية

رغم الجهود الواضحة التي بذلها المجفل في كتابة شخصيات متعددة وذات تفاصيل متداخلة، إلا أن هذه العمق لم يخدم القصة السينمائية -بطبيعتها البصرية والزمنية المحدودة- بشكل فعّال. بدت الشخصيات أحيانًا مثقلة بتعقيداتها التي لا تحتويها مساحتها على الشاشة، دون تسلسل منطقي في قوس الشخصيات، مما يشتت المشاهد بدلًا من تعزيز ارتباطه بالقصة.

 ويمكن تفسير خشونة سرد الأحداث من زاويتين، الأولى تتعلق بالسيناريو نفسه: هذا القصور أثّر على تصاعد التوتر الدرامي الذي يُفترض أن يُبقي المشاهد متصلًا بالأحداث، فالتركيز على كتابة شخصيات جاء على حساب الاهتمام بالبناء الدرامي الكلي للعمل

كما لم ينجح الفيلم في ترجمة تعقيد الشخصيات إلى بناء متماسك يخدم القصة. بدا أن الفيلم لم يتمكن من توزيع المساحات الزمنية بشكل متوازن بين الشخصيات والأحداث. غياب الانسيابية في الربط بين المشاهد، بالإضافة إلى الانتقالات غير المدروسة وغير المطلوبة بين مراحل القصة، جعل بعض المواقف تبدو مفككة. كان من الممكن أن يلعب المونتاج دورًا رئيسيًا في تنظيم هذا الكم من التفاصيل وضبط إيقاع السرد، إلا أن المشاهد افتقرت إلى التماسك الذي يربطه ببنية القصة العامة.

لي صاحب ما فتق البيت بي ويقولا عذبه طرد الهوى والطماحي

برزت في الفيلم مواهب شابة قدمت أداءً لافتًا في شخصيات مثل «عسّاف»، الذي لعب دوره حمد فرحان، و«بتّال»، الذي أداه حمدي الفريدي. وساهم النص بشكل كبير في إظهار هذه الشخصيات بالمستوى المطلوب

من جهة أخرى، شاهدنا شخصية «صيته» التي جسدتها ريما فهد، حيث ظهر في أدائها شيء من التكلف في بعض المشاهد. هذا الأداء يمكن أن يُنسب إلى قرارات المخرج، الذي ربما لم يوجه الممثلة بالشكل الكافي لتجنب هذا التكلف في الأداء. أما بالنسبة لشخصية «سرّا»، فقد لوحظت المبالغة في لغة الأعين حتى في اللحظات البسيطة، بالإضافة إلى طمس نهاية الحروف واستخدام الإخفاء الصوتي -في علم الصوتيات- لتسهيل تقديم اللهجة، ولكن الأثر الناجم عن هذا هو سلب لجمال اللهجة في الفيلم. هذه التفاصيل أفقدت الأداء جانبًا من الترابط اللغوي والواقعية، ويملك تأثير على الإقناع الكلي للشخصية. مثل هذه النقاط تسلط الضوء على أهمية التوجيه الدقيق للممثلين من قبل المخرج وإتقان العناصر الفنية لتحقيق أداء مقنع.

 

####

 

«أنت الكون»… تأمل هادئ في الاحتياج الكوني للرفقة

أحمد بن حمضة

من يشاهد فلم «أنت الكون U ARE THE UNIVERSE»، المعروض حاليًا ضمن برنامج مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024، سيلاحظ أوجه الشبه بينه وبين فيلم «قمر Moon» للمخرج دنكن جونز، من ناحية الموقع العام للأحداث، وكذلك في التركيز على شخصية واحدة تعيش في عزلة ضمن عالم فسيح فوق قمر قد يكون هو قمر الأرض، او قمر لكوكب آخر بعيد. في فيلم «قمر» لا يسلي وحدة البطل «سام روكويل» سوى برنامج ذكاء صناعي متكلم «أدي الدور صوتيًا كيفين سبايسي» يشكل شريكًا استثنائيًا في الحوار والتفاعل وإلقاء النكات. الخط نفسه يتكرر في فيلم «أنت الكون»، وبشكل عام يشترك الفيلمان في محاولاتهما استخدام الخيال العلمي أسئلة فلسفية وإنسانية عميقة تتعلق بالذات، والهوية، والوحدة، والاحتياج.

ومثل غيره من أفلام الخيال العمي التي تدور أحداثها أو جزء منها في الفضاء، يظهر في الفيلم بجلاء تأثره بـ«أوديسا الفضاء 2001: A space Odyssey» لستانلي كوبريك، ويظهر هذا التأثير في تحية واضحة قدمها الفيلم لأوديسا الفضاء من خلال استخدام مقطوعة من أوبرا «هكذا تكلم زرادشت» لريتشارد ستراوس، التي استخدمها كوبريك في افتتاح مشاهد أوديسا الفضاء.

«أنت الكون» هو أول فيلم طويل للمخرج الأوكراني «بافلو أوستريكوف». في الفيلم، يعيش البطل وحيدًا فوق قمر تابع لكوكب المشترى، يتسلم النفايات النووية ويطلقها بعيدًا في الفضاء، يرافقه في عمله روبوت ذكي. وعلى الرغم من عزلته يؤنسه الأمل بالعودة لأحبائه في كوكب الأرض، ولكن فجأة ينفجر كوكب الأرض قاضيًا على آماله بالوطن والرفقة

لا يهتم الفيلم بتقديم مبرر أو سبب لانفجار الكوكب، مكتفيًا بمتابعة الأثر حيث تعيش الشخصية وقد انقطعت روابطها مع العالم. يتعامل البطل ببرود وإنكار مع الكارثة، ويستمر في ممارسة روتينه اليومي إلى أن يكتشف فيما بعد أنه ليس الناجي الوحيد، إذ تتواصل معه امرأة فرنسية من مكان بعيد. يتطور التفاعل بينهما من حديث غريب بين غرباء إلى علاقة تنمو تدريجيًا، ليقع الرجل في حبها ويقرر المخاطرة بحياته لإنقاذها، رغم صعوبة المهمة وخطورتها. ومن هنا تبدأ رحلة مليئة بالتحديات والمخاطر.

فلم «أنت الكون» تميز كعادة هذا النوع بالمقارنة البصرية بين اتساع الكون وضخامته، في مقابل وحدة البطل وضعفه وضآلته، إضافة لتمكن الفيلم من لمس المشاعر الأساسية للجنس البشري، مثل الاحتياج الحاد للاتصال بالآخرين في مواجهة الوحدة والعزلة المفروضة عليه، إذ لا تكفي الآلة في سد فجوة المشاعر البشرية والاحتياج العاطفي التي نحملها جميعًا

 رغم اعتماد الفيلم على بطل واحد طوال الوقت، وبمشاركة صوتية فقط من الروبوت الذكي والمرأة، إلا أنه استطاع ان يتجاوز زمن عرضه من دون أن يصيب المشاهد بالملل أو فقد الانتباه، وكان هذا تحديًا حقيقيًا لنجاح الفيلم، فلم ينفلت الإيقاع إلا لبضعة مشاهد في منتصفه.

ومع أن الفيلم بشكل عام يطرح فكرة نهاية العالم، إلا أنه لا يركز على أهمية هذا الحدث إلا من جانب استثمار فكرة وجود فرد وحيد في عالم متسع، وطريقة تعاطيه مع هذه الأزمة، من خلال خلق علاقة إنسانية ولو كانت بعيدة مع فرد آخر، جسد الفيلم هذا المفهوم من خلال عدة مشاهد اتضحت من خلالها صورة هذا التعلق الإنساني من خلال وضع البطل في مواقف ينقطع فيها الاتصال بينه وبين غيره، فنراه في حالة مضاعفة من الهشاشة والحساسية

هنا نتوقف قليلًا لنشيد بأداء الممثل «فولوديمير كرافشوك»، إذ نقل بحساسية عالية حالة البطل الذي يجد نفسه في مواجهة المطلق، ويحمل فلوديمير الفيلم على كتفيه وحيدًا، فنحن لا نرى غيره على الشاشة وإن سمعنا صوت الحبيبة أو الروبوت الذي حضر بأداء صوتي حيوي وساخر أضفى روحًا خففت من قتامة أجواء العمل الذي يستغرق في مفاهيم الوحدة والنهاية والموت

بالرغم أن الفيلم تجاهل تقديم نوع من الخلفية البسيطة على الأقل عن البطل وعلاقاته بالأشخاص الذين فقدهم على الأرض، فحتى بعد موت الجميع لم يتضح هذا الأثر بشكل جلي على البطل، مما جعل الشخصية تبدو منفصلة تمامًا عن ماضيها وكأنها فعلًا كائن غير مرتبط بأي شيء على الأطلاق، حتى عندما حاول الروبوت الذكي أن يتكلم حول أثر نهاية كوكب الأرض على البطل، وبأنه بتجاهله له يعيش نوع من النكران.

مع ذلك استطاع الفيلم أن يستثمر حالة التواصل الجديد مع إنسان آخر بشكل يوضح كيف أننا فعلًا نحتاج لشخص ما لنتحدث ونتواصل معه حتى ولو بشكل بسيط. إذ أن الفيلم عبارة عن رحلة بسيطة من أجل انقاذ من نحب، هذا على الأقل ما يظهر، ولكنها فعلًا هي رحلة من أجل انقاذ أنفسنا من براثن الجوع النفسي والوحدة القاتلة.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

08.12.2024

 
 
 
 
 

منى زكي: "رحلة 404" تأجل 11 عاماً.. وأحمد زكي تمنى الموت أمام الكاميرا

جدة -محمد عبد الجليل

قالت الفنانة منى زكي، إنّ فيلمها الأخير "رحلة 404" واجه مصيراً مجهولاً لمدة 11 عاماً، "بسبب انشغالي والمخرج هاني خليفة بمشاريع فنية أخرى طيلة هذه الفترة، فضلاً عن عدم حماس المنتجين لتنفيذ الفيلم، إذ كان لديهم تخوفاً كبيراً من تقديمه، رغم إعجابهم الشديد بالموضوع، وذلك لاعتقادهم أنه عملاً ليس جماهيرياً وسيغضب المُشاهدين".

وجاء ذلك خلال حديثها في ندوة تكريمها بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، في دورته الرابعة، والمُقامة حالياً حتى يوم 14 ديسمبر الجاري، والتي أدارها الناقد والصحفي السعودي أحمد العياد.

وأضافت منى زكي، أنّ "الفيلم ظل عالقاً إلى أن قرر المنتج محمد حفظي تبني المشروع، وكان بالنسبة لنا طوق نجاة حقيقي، كونه الوحيد الذي تحمس لاستكمال الحلم القديم".

وحول النجاح الذي حققه الفيلم في دور العرض داخل وخارج مصر، وفوزه بعدد من الجوائز، قالت: "الفيلم به حالة فلسفية ومليء بالحوار الداخلي بين الشخصية والله تعالى، وأعتقد أن الجميع يعيش هذه الحالة بين ذاته وربه، لذلك الجمهور تفاعل مع الأحداث بشكلٍ حقيقي، وهو الأمر الذي انعكس على شباك التذاكر وحجم الإيرادات".

هاني خليفة

وأشادت منى زكي، بتعاونها مع المخرج هاني خليفة، في هذا العمل بعد تجربتهما السينمائية عام 2003، في فيلم "سهر الليالي"، والذي يعد محطة فارقة في رحلتها الفنية، قائلة: "مخرج مميز بدرجة كبيرة، ويحب الممثل الذي يعمل معه جداً، وهذا أبرز ما يميزه بالنسبة لي، خصوصاً طريقته مع الممثلين، وقدرته على خلق شخصية جديدة من وجدان الممثل، وأن يكون الأداء واقعي وطبيعي دون أي افتعال".

وأشارت إلى أن "هاني خليفة يفهم جيداً في النصوص السينمائية، ويخلق منها مشاعر وأحاسيس، ففي فترة تصوير (سهر الليالي) كنا في سنٍ صغير، لكنه كان مهتماً للغاية بالتمثيل والمشاعر، ويساعد الممثل، لدرجة أن يبكي أحياناً وراء الكاميرا، فهو مخرج حساس جداً، كما كان يمنح الفرصة للممثل بالتجريب أكثر من مرة في تقديم المشهد".

وتابعت "الأمر اختلف تماماً في (رحلة 404)، وذلك نظراً للخبرات الكبيرة التي اكتسبها على مدار العقدين الماضيين، فلم يسمح لنا بالتجريب، ويتمسك بتقديم الأداء الذي يتخيله فقط، فهو كان مدركاً لكل شيء يريده من الممثل على مستوى التمثيل والأداء والمشاعر".

مدارس إخراجية 

وتحدثت منى زكي، خلال ندوة عن أبرز المخرجين التي تعاونت معهم على مدار رحلتها الفنية الممتدة منذ أكثر من 25 عاماً، فقد كانت بدايتها السينمائية مع المخرج أشرف فهمي، في فيلم "القتل اللذيذ" مع الثلاثي ميرفت أمين، وإلهام شاهين وسمير صبري.

وكشفت كواليس تجربة التجربة، بقولها: "كنت صغيرة وقتها، ولديّ رهبة شديدة تجاه المخرج، كونه شديد العصبية، فلم أرغب في مواجهته داخل اللوكيشن، وكانت هناك حالة قلق نوعاً ما.

أما المخرج شريف عرفة، واصفة إياه، بقولها: "احترافي وملتزم جداً في مواعيده بالظبط، ويعمل في اللوكيشن لمدة 12 ساعة فقط، فهناك أجواء تنظيم وترتيب في المكان".

وأشارت إلى تعاونها مع المخرج يسري نصر الله في فيلم "احكي يا شهر زاد"، قائلة: "وقتها كنت في الثلاثين من عمري تقريباً، ولدىّ رغبة داخلية بالتوقف عن تقديم دور الطفلة أو الفتاة الصغيرة الرقيقة، لاقتناعي بأن كل مرحلة عمرية لها ما يناسبها من أدوار معينة، وأتذكر وقتها أنه كانت هناك رهبة أيضاً تجاه المخرج".

واستكملت "الفيلم كان نقطة تحول كبيرة بالنسبة لي، والكاتب وحيد حامد أشاد بي وقتها، وقال لي: (يا منى أنتِ كبرتي وبتعرفي تتكلمي كويس، وهتعرفي تدافعي عن أي مشروع قدمتيه وبتحبيه)، وهذه الكلمة لازالت عالقة في ذهني حتى الآن، واستفدت منها كثيراً، وأطبقها في انتقاء العروض الفنية، وأختار المشروع الذي أنجذب له مهما كانت فكرته مختلفة".

وأبدت افتقادها الشديد لأعمال المخرج محمد ياسين، التي سبق وتعاونت معه في فيلم "دم الغزال" ومسلسل "أفراح القبة"، قائلة: "صاحب خبرات فنية ضخمة، ويهتم بأدق التفاصيل، ويدرك جيداً ما يريده من المشروع الذي يعمل عليه، ولديه طريقة خاصة، ويستطيع عمل خطة لكل شخصية داخل العمل، حتى لو لم يكن لديه السيناريو كاملاً، فهو مخرج عظيم، وأتمنى أن يعود مجدداً بعمل جديد".

وأكدت أن "العنصر المشترك بين كل المخرجين الذين تعاونه معهم، هو الشغف والالتزام، وأعتقد أن هذا الأمر هو سبب نجاح أي مشروع".

مدرب تمثيل

وكشفت منى زكي، أسباب حرصها منذ سنوات طويلة، على التعاون مع مدربين تمثيل والتعلم طوال الوقت، موضحة أن الأمر بدأ معها قبل سنوات خلال زيارتها إلى أميركا، وقررت وقتها الاشتراك في ورش تمثيل من وقتٍ لآخر، مما يساعدها على اكتساب المزيد من الخبرات واكتشاف مناطق جديدة في التمثيل.

وقالت إنها قررت التعاون مع مدربين تمثيل في مصر، بدلاً من السفر إلى أميركا خصيصاً لهذا السبب من وقت لآخر، مؤكدة أنها تطرح الأمر على المخرج التي تعمل معه، قبل الاشتراك مع مدرب تمثيل، "المخرج له الحق الكامل في المعرفة، ويأذن لي من عدمه، وحقه أن يتناقش معي في الأمر، ويطرح مفهومه وإحساسه تجاه الشخصية، حتى نعمل في النهاية على نفس الفكر والطريقة الذي يريدها".

وتابعت "إذا رفض المخرج، رغبتي في الاستعانة بمدرب تمثيل، أستجيب له فوراً، واضطر وقتها لمذاكرة الشخصية مع نفسي، لكن عموماً لم أقابل حالة الرفض حتى الآن"، مشددة على أهمية التعاون مع مدربين تمثيل، "أحب أتعلم طرق مختلفة، في دراسة الشخصية، واستحضار تاريخها، والتركيز على أدق التفاصيل، وغيره، الأمر الذي يساعدني في تقديمها بشكلٍ احترافي وواقعي".

فيلم "حليم

واستعادت منى زكي، كواليس أبرز أعمالها الفنية، لاسيما المشاريع التي تعاونت فيها مع الفنان الراحل أحمد زكي، بداية من فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة"، حيث تعرضت لحادث بعد يومين فقط من تلقيها عرضاً بالمشاركة في الفيلم، وأصيبت بكسور في الظهر، وظلت في المنزل لمدة 8 شهور كاملة.

وأردفت: "كان أظن أنه سيتم استبعادي من الفيلم، نظراً لإصابتي، لكني فوجئت باتصال من الكاتب وحيد حامد بعد 8 شهور تقريباً، ويبلغني بأن فريق العمل لازال في انتظاري لحين إتمام الشفاء، وأنا لم أتخيل ذلك بالطبع، وتعجبت من كم الأخلاق والعطاء والحب من صُنّاع هذا الفيلم".

ولفتت إلى تجربتها مع أحمد زكي في فيلم "حليم"، قائلة: "سألتهم وقتها لماذا وقع الاختيار عليّا تحديداً في ذلك الدور، وأجابني أحمد زكي، وقال لي: (أنتِ عملتي دور ابنتي مرة، وظهرتي في دور زوجتي مرة أخرى، وأرغب في أن نُظهر علاقتنا الحقيقة للجمهور، بأنني نجم كبير وأنتي معجبة بي)، وشعرت فعلاً أن هذه علاقتنا الحقيقية".

ورأت أن تجربة فيلم "حليم"، كانت قاسية جداً، نظراً لتدهور الحالة الصحية للفنان أحمد زكي آنذاك، وسيطرة المرض عليه، قائلة: "المرض وحش جداً، كان يتمنى أن يموت أمام الكاميرا".

ولفتت إلى حبها الشديد أيضاً للفنانة سعاد حسني، واصفة إياها بـ"الأيقونة والأسطورة"، لافتة إلى أنها طلبت من إدارة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ترميم فيلم "شفيقة ومتولي" وعرضه ضمن برنامج الأفلام المرممة، "كان لدىّ إحساساً داخلياً بأن تلك الخطوة، ستكون بمثابة تكريم للثلاثي سعاد حسني، وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز، وأن تكون هناك فرصة للجمهور أن يشاهد الفيلم في نسخة مرممة.

ورفضت منى زكي، الحديث عن فيلمها المرتقب "الست" إخراج مروان حامد، والتي تجسد فيه شخصية أم كلثوم، حيث انتهت من تصويره مؤخراً، قائلة: "غير مسموح لي الحديث عن الفيلم في الوقت الراهن، خصوصاً وأنني لست الوحيدة في هذا المشروع".

 

الشرق نيوز السعودية في

08.12.2024

 
 
 
 
 

نبيلة عبيد توجه رسالة لـ منى زكي بعد تكريمها فى «البحر الاحمر» |فيديو

حنان الصاوي

وجهت الفنانة نبيلة عبيد رسالة قوية للفنانة مني زكي بعد تكريمها فى مهرجان البحر الأحمر.

ونشرت نبيلة فيديو علي صفحتها الشخصية.. قائلة .."رسالة من جوة القلب مبرررروك يامني من جوة قلبي .. انتي ممثلة كويسة جدا وتستاهل اكتر من كده".

جائزة "اليسر الفخرية" للفنانة مني زكي

وكان مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي كرم في حفل افتتاح الدور الرابعة النجمة منى زكي، وحصلت على جائزة "اليسر الفخرية" من المهرجان.

رفضت الفنانة منى زكي الكشف عن تفاصيل فيلمها الجديد “الست”، الذي تقدم فيه شخصية كوكب الشرق أم كلثوم، والمقرر عرضه خلال الأشهر المقبلة.

وخلال جلستها الحوارية ضمن فعاليات  "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024"، والتي أدارها الإعلامي السعودي أحمد العياد ,مازحت منى الصحفيين الحاضرين في الجلسة، بما يخص رفضها بإدلاء تصريحات عن فيلم "الست" وقالت: "ليس مسموحًا لي الحديث عن الفيلم بسبب أمور إنتاجية"، مضيفة ممازحة: "وكمان عشان أتشتم مرة واحدة مع العرض".

مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي

ومنذ بداية انطلاق حفل افتتاح الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، بمدينة جدة، ووسط تواجد عدد كبير من النجوم المصريين والعرب والعالميين، شهد الحفل حضورًا لافتًا من أبرز النجوم وصناع السينما العالميين، وتنوع الحضور بين شخصيات بارزة في صناعة السينما من مختلف أنحاء العالم، الذين توافدوا للمشاركة في المهرجان.

وتألق النجوم المصريون خلال حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي بإطلالات مميزة ومتنوعة، حيث اختاروا تصاميم أنيقة وراقية، وقد لفتت إطلالاتهم الأنظار، ومن أبرز النجوم المصريين الحاضرين في المهرجان: منى زكي وأحمد حلمي، نبيلة عبيد، لبلبة، نادية الجندي، يسرا، إلهام شاهين، أمينة خليل، بشرى، أحمد داش، ليلى علوي، آسر ياسين، ياسمين صبري، أروى جودة، إيمي سمير غانم وحسن الرداد، محمد فراج وبسنت شوقي، ماجد المصري، طه دسوقي، مي عمر، يسرا اللوزي، والمخرج محمد سامي.

ويحتفي مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (5 – 14 ديسمبر 2024) بعرض أفضل إنتاجات السينما العربية والعالمية في مدينة جدة؛ عروس البحر الأحمر، حيث ينطوي البرنامج السينمائي للمهرجان على فئات وأقسام متنوعة من الأفلام من جميع أنحاء العالم، تبدأ من الكنوز السينمائية الدفينة المرمّمة بأحدث تقنيات العرض، وتنتهي بأفلام المواهب الواعدة. كما يستضيف المهرجان نخبة من المواهب الفنّية وصنّاع الأفلام ومحترفي الصناعة من العالم العربي وباقي أرجاء العالم عبر منصّته، جنبًا إلى العديد من مسابقات الأفلام في الفئات الطويلة والقصيرة، مع احتضان الحفلات الموسيقيّة، واستضافة العديد من الندوات وورش العمل التي تهدف إلى دعم وتنمية وتشجيع المواهب الصاعدة.

 

####

 

سلسلة من الفعاليات.. ملخص اليوم الثالث من مهرجان البحر الأحمر| صور

حنان الصاوي

شهد اليوم الثالث من مهرجان البحر الأحمر السينمائي سلسلة من الفعاليات والأفلام التي تحتفي بالصناعة السينمائية المحلية والعالمية؛ مستضيفًا عددًا من الحوارات مع عدد من النجوم كالممثلة منى زكي، والممثلين التركيين المشهورين إنجين ألتان دوزياتان ونورغول يشيلتشاي.

كما شهدت الشاشة الكبيرة عروضًا حصرية على الصعيد الإقليمي والدولي لعددٍ من الأفلام للمواهب السينمائية الفريدة، من أبرزها العرض الأول لفيلم "هوبال"، وفيلم "سكر: سبعبع وحبوب الخرزيز "، وفيلم "توليف وحكايات على ضفاف البوسفور ".

الجلسات الحوارية

وتضمن اليوم الثالث من المهرجان جلستين حواريتين مع ألمع نجوم العالم العربي، من بينهم منى زكي، ضيفة الشرف، والنجمة المكرمة في المهرجان لهذا العام.

وناقشت النجمة المحبوبة خلال جلستها عدة محاور من بينها، سعادتها بالنجاح الكبير لفيلم "رحلة 404" واصفةً هذا النجاح "بالصدفة الجميلة"، كما تطرقت إلى الشخصيات التي تطمح لأدائها في أعمالها المستقبلية، مؤكدة حرصها الدائم على تقديم أدوار متنوعة تتحدى قدراتها وتظهر فنّها، وأعربت عن فخرها وامتنانها للتكريم الذي حظيت به من قِبل مهرجان البحر الأحمر.

كما تضمنت الجلسات الحوارية جلسة حصرية مع النجمين التركيان الأكثر شهرة إنجين ألتان دوزياتان ونورغول يشيلتشاي، ناقشا خلالها أدوارهما المميّزة، الّتي أسرت قلوب المشاهدين العرب، ومسيرتهما المهنيّة، واستراتيجيّاتهما للحفاظ على اهتمام الجمهور، وكيف يعتزمان تحسين صورتهما العامّة.

أفلام السجادة الحمراء بحضور نجوم العالم العربي

استقبلت السجادة الحمراء في اليوم الثالث من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2024 نخبة من نجوم السينما وطاقم عمل ثلاثة أفلام تُعرض لأول مرة عالميًا، منها الفيلم السعودي، "هوبال"، إخراج عبد العزيز الشلاحي، والفيلم المصري، "سكر: سبعبع وحبوب الخرزيز"، إخراج تامر مهدي، الذي صاحب عرضه فعاليات ترفيهية للأطفال، بحضور كوكبة من نجوم العالم العربي.

بالإضافة للعرض الأول في العالم العربي للفيلم الوثائقي الفرنسي "سينما لوميير"، إخراج تيري فيرمو، والفيلم ذات الإنتاج المشترك "توليف وحكايات على ضفاف البوسفور"، إخراج زينة صفير.

كما شهد المهرجان أيضًا العرض الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأفلام "لقتل حصان منغولي"، وفيلم "أغنية سيما"، والعرض الأول لدول مجلس التعاون الخليجي لفيلم "الفستان الأبيض" وفيلم "نابولي – نيويورك".

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

08.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004