صناع الفيلم اللبنانى المرشح للأوسكار يكشفون كواليسه
لـ«الشروق»..
«أرزة» يظهر للعالم عدم استسلام المجتمع فى مواجهة تحدياته
حوار ـ محمد عباس:
استقبل جمهور مهرجان القاهرة فيلم «أرزة»، الذى يعرض ضمن
مسابقة آفاق السينما العربية، بترحاب كبير، وأثنى عليه النقاد الذين توقعوا
فوزه بإحدى الجوائز نظرا لجودته الفنية.
الفيلم الروائى «أرزة» للمخرجة ميرا شعيب يشكل تجربة خاصة
لصناعة، فهو إنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، ويلعب بطولته دياموند
بوعبود، وبيتى توتل، وبلال الحموى، وضيوف العمل فادى أبى سمرة، وجنيد زين
الدين، وفؤاد يمين، وإيلى مترى، وطارق تميم، وهاجوب درغوجاسيان، وجويس
نصرالله، وشادن فقيه ومحمد خنسا.
ويحكى الفيلم قصة الأم المكافحة «أرزة» التى تسرق سوار
أختها لشراء دراجة نارية لابنها ليتمكن من توصيل فطائرها، والتى تمثل مصدر
دخلها الوحيد، وتتعرض الدراجة للسرق، فتقرر الأم جر ابنها فى جولة بجميع
أنحاء بيروت بحثًا عنها، وتتنكر وتغير لهجتها من أجل إيجاد الدراجة، ويعكس
الفيلم صورة اجتماعية وسياسية لواقع متأزم.
التقت «الشروق» مخرجة الفيلم ميرا شعيب، والمؤلف لؤى خريش،
وبطلته دياموند بو عبود، ليرصدوا شهادتهم ورؤيتهم للعمل.
•
دياموند بوعبود: الفيلم يكسر الصورة النمطية للمرأة
اللبنانية
تشارك الفنانة اللبنانية دياموند بوعبود للمرة الثانية فى
فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى؛ حيث تعرض لها الدورة الـ45 فيلم
«أرزة» ضمن منافسات المسابقة العربية، وهو الفيلم الذى ينافس باسم لبنان
على جوائز الأوسكار.
وعن مشاركتها مرة ثانية بمهرجان القاهرة قالت دياموند:
سعيدة بعودتى مرة أخرى لمهرجان القاهرة، بفيلمى «أرزة» والمرشح لجائزة
الأوسكار، فعرض الفيلم بأحد أهم المهرجانات الدولية، وأهم وأعرق مهرجان
عربى يمثل شيئا كبيرا وخاصا بالنسبة لى.
ما الذى حمسك للمشاركة فى فيلم «أرزة»؟
ــ أعجبت بسيناريو الفيلم منذ أول مرة قرأته فيها، وتأثرت
كثيرا به وأحببت شخصية «أرزة» وتفاصيلها وما يظهر من خلالها، كما أحببت
طريقة كتابة السيناريو الذكية لفيصل سام شعيب ولؤى خريش مؤلفى الفيلم،
وطرحهما للقضية بشكل جذاب وذكى، يعبر عن الشعب اللبنانى وعن تاريخ لبنان،
وعن المرأة التى تشبه تكوين لبنان باختلافه وتشابكه وتكاتفه، لذلك كان من
المهم بالنسبة لى أن أعبر عن هذه الحالة فى الفيلم، خاصة بعد إبدائهم ثقة
كبيرة فى قدرتى على تقديم الشخصية.
ما القضية الرئيسية التى يظهرها الفيلم؟
ــ الفيلم مهموم بالمرأة اللبنانية الحقيقية ومشاكلها ويكسر
الصورة النمطية للمرأة اللبنانية فى عيون العالم، من خلال امرأة تجول مع
ابنها الشوارع بحثا عن دراجته التى اشترتها له ليساعدها فى توصيل الطعام
الذى تصنعه لزبائنها، و«أرزة» بطلة الفيلم تمثل المرأة اللبنانية التى
نعرفها كلنا فى لبنان وتشكل جزءا كبيرا من المجتمع اللبنانى، فهى المرأة
العاملة التى تعول أفراد أسرتها، وتصمد أمام الحياة بكل صعابها، ولا تتنازل
عن رغبتها أو الأشياء التى تريدها، ولا تساوم عليها، وتصر على أن تأخذ حقها
كاملا ولا تفرط حتى فى جزء صغير منه، ودائما ما تكون رأسها عالية ومرفوعة
فى السماء بكل عزة وفخر، وهى تجسد المرأة التى يعرفها كل المجتمع اللبنانى
ويفخر بها.
كيف تعاملتى مع تفاصيل شخصية «أرزة»؟
ــ الشخصية لم تحتج إلى كثير من التحضير، خاصة وأن «أرزة»
هى مثال للمرأة اللبنانية التى نقابلها فى كل مكان، فى السوق، فى البقالة،
فى المدرسة، فى الجهات والمصالح الحكومية، كما أن الشخصية وتفاصيلها كانت
مكتوبة بشكل أكثر من رائع، وتحدثت كثيرا مع المخرجة ميرا شعيب لمعرفة
التفاصيل التى تريد إظهارها فى الشخصية، وقمنا بالعديد من البروفات قبل بدء
التصوير الفعلى.
الكثير من الفنانات يخفن من تقديم دور أم لشاب مراهق، كيف
ترين هذا الأمر؟
ــ لم يخيفنى أن أقدم دور أم لشاب فى سن المراهقة، خاصة وأن
بطلة الفيلم تزوجت بسن صغيرة جدا وأنجبت ابنها فورا، كما أنها بسبب الظروف
التى مرت بها لم تستطع أن تعيش طفولتها لذلك نجدها خلال تعاملها مع ابنها
أنها طفلة مثله وأن الحياة وقفت بالنسبة لها عند سن صغيرة.
متى انتهيت من تصوير الفيلم؟ وما الصعاب التى واجهتك أثناء
العمل عليه؟
ــ انتهيت من تصوير الفيلم منذ عامين، والفيلم لم يكن به
صعوبات، لأننا كنا سعداء جدا بتصويره، فنحن صورنا الفيلم فى 24 يوما، كانت
بمثابة رحلة ومغامرة، وتجولنا بشوارع بيروت وانتقلنا من منطقة لمنطقة سويا
لتصوير المشاهد، ونشأ بيننا ترابط قوى؛ جعلنا جميعا على قلب رجل واحد ونعمل
على الفيلم بإخلاص، وتغلبنا بذلك على جميع العقبات والصعاب حتى إننا لم
نشعر بها، لنخرج الفيلم بأفضل صورة نتمناها، وذلك بالرغم من تعرضى للإصابة
مرتين وكسر فى قدمى أثناء تصوير الفيلم، وكانت الأصابة الأولى فى أول يوم
تصوير، وقررت المخرجة وقف التصوير حرصا على راحتى، لكنى رفضت وصممت نستكمل
العمل، فأنا أحب الالتزام جدا فى التصوير وتعلقت بالشخصية، وتانى إصابة
كانت فى آخر يوم تصوير.
زوجك الفنان هانى عادل شاركك فى فيلم «أرزة» بوضع الموسيقى
التصويرية للفيلم.. صفى لى كيف كانت الكواليس؟
ــ هانى قرأ السيناريو وشاف الفيلم قبلى بعد التصوير عشان
يعمل المزيكا، حب الفيلم وأدائى جدًا، وتحمس أكثر للعمل، وكان حريصا على
تقديم موسيقى تشبه الفيلم وطالعة من الشارع اللبنانى، فقام ببحث كبير ورجع
لموسيقى السبعينيات فى لبنان والأغانى اللبنانية، وعمل عليها بشكل كبير،
لأنه يفهم الفيلم والشخصيات وأبعادها، ونجح فى أن يجعل المشاهد يشعر أن
الموسيقى لها دور كأى شخصية من شخصيات العمل، مش مجرد ألحان حلوة فى الفيلم.
شاركتِ قبل ذلك هانى عادل وفرقته «وسط البلد» فى أغنية «ع
الوعد» وكانت من فكرتك.. ما الذى حمسك لها؟
ــ كنت معهم بالصدفة فى الاستوديو، فجأت لى الفكرة، وكتبت
شعرا نثريا بشكل سريع باللهجة اللبنانية، وقرأته لهم فأحبوها جدًا، وطلبوا
من لشاعر عمار مصطفى، ليعيد كتابتها باللهجة المصرية لتظهر بالنسخة الأخيرة
التى سمعها الجمهور.
هل دائما تأخذى برأى هانى عادل فى اختياراتك لأعمالك
الفنية؟
ــ بالطبع، نحن دائما ما نتحدث فى كل صغيرة وكبيرة، وأثق فى
رأيه جدا، وهو أول من أسأله فى كل شىء.
•
المؤلف لؤى خريش: أرغب دائما فى صنع أفلام تظهر المجتمع
اللبنانى كما نراه فى الحقيقة
يحرص الكاتب والسيناريست اللبنانى لؤى خريش على حضور
فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى منذ عام 2018، ولكن تأتى زيارته هذا
العام مختلفة، حيث يشارك فى المهرجان بفيلمه «أرزة»، وفى لقائه مع «الشروق»
يكشف خريش عن فكرة الفليم، وسر اختياره جعل بطولة الحكاية لامرأة لبنانية؟
وكيف تحول به من عمل قصير على فيلم روائى طويل؟
منذ متى بدأت رحلتك مع الفيلم ومن أين جاءت الفكرة؟
ــ الفكرة طرحها فيصل سام شعيب شقيق مخرجة الفيلم، وهى
مستوحاة من فيلم إيطالى كلاسيكى يدعى «سارق الدراجة
The Bicycle Thief»،
وفى العمل الإيطالى يشترى أبطال الفيلم دراجة هوائية وتسرق، من هذه الفكرة
انطلقت قصتنا، ولكننا اتفقنا على تقديمها بشكل مختلف مع بطلة امرأة وليس
رجلاً، فنحن دائما مشغولين بقضايا المرأة ونهتم بتوظيفها فى أعمالنا، لتكون
فى فيلم «أرزة» امرأة تشترى موتوسكلا لابنها ليساعدها فى عملها وتتم سرقته.
ما الذى أضفتوه بالفيلم من تجاربكم الشخصية؟
ــ أردنا أن نصنع فيلما يظهر المجتمع اللبنانى مثلما نراه
بتعدده واختلافه الذى لا نراه فى السينما، ونحن دائما ما نكتب عن المجتمع
اللبنانى، والمرأة اللبنانية بشكل خاص، ونحرص على تناول كل الصعوبات
والتحديات المجتمعية التى تواجهها، ورغبتها فى مساعدة عائلتها وعدم
استسلامها، ومن خلال تجربتنا الخاصة، جعلنا بطلة «أرزة» تحاول تحسين ظروف
معيشتها حتى لا يهاجر ابنها، وهى معاناة تشبه تلك التى عشنها عندما تركنا
لبنان أثناء فترة المراهقة، وكنا سنقدمه كفيلم قصير، ولكن بعدما بدأنا
الكتابة اكتشفنا أنه من الأفضل أن يكون عملا طويلا.
ما الذى تغير فى تحضيرات الفيلم بعد تحوله من فيلم قصير إلى
طويل؟
ــ الفيلم لم تتغير القصة كثيرا، ولكن كانت الصعوبة فى
العثور على طريقة سرد القصة، وتحويلها لفيلم طويل أتاح لنا وضع كل التفاصيل
التى نريد إظهارها به، وإضافة المزيد من التطورات على القصة والسيناريو،
وجعل المشاهد يكتشف خبايا بيروت من خلال الفيلم.
ما الصعوبات التى واجهتكم أثناء تصوير الفيلم؟
ــ صعوبات التصوير تمثلت فى توقيت التصوير، فنحن بدأنا
التصوير بأكبر أزمة اقتصادية تشهدها لبنان، عقب أزمة انفجار مرفأ بيروت،
لكن حماس فريق العمل ساعدتنا فى تخطى هذه الأزمات.
كيف ترى مشاركتك بمهرجان القاهرة؟
ــ هذه ليست أول مرة لى بالمهرجان، فأنا حريص على الحضور
سنويا منذ عام 2018، وألتقى دائما بصناع السينما وأشارك معهم التفاصيل
والمعلومات وأكتسب منهم الخبرات، فشعرت بفخر كبير عند حضورى للمهرجان بفيلم
من صناعتى.
•
المخرجة ميرا شعيب: الاعتماد على العنصر النسائى فى العمل
أهم شىء بالنسبة لى
تعيش المخرجة اللبنانية ميرا شعيب حالة خاصة مع عرض فيلمها
«أرزة» فى القاهرة السينمائى، والذى يمثل أول عمل روائى طويل لها على
الشاشة الكبيرة، وفى لقائها مع «الشروق»، تكشف مراحل رحلتها مع الفيلم،
وأسباب اعتمادها على العناصر النسائية بشكل أساسى، كما تتحدث عن لحظات
عاشتها بين ترشيح الأوسكار والعرض فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى.
كم من الوقت استغرق التحضير للفيلم؟ وما الذى أحببت تطويره
فى الفكرة؟
ــ عندما حدثنى فيصل ولؤى عن الفيلم، بدأنا العمل عليها على
أساس أنه فيلم قصير، ولكن بعد فترة وجدنا أنه يحتاج إلى مساحة سرد تجعل منه
فيلما طويلا، وكنت أذهب لورش عمل بأمريكا ومختلف المهرجانات العربية، وأعرض
سيناريو الفيلم، وأحصل على التعليقات حول الكتابة والفكرة، والتى ساعدتنا
كثيرا فى تطوير الفيلم، وأنا بدأت معهم رحلة الفيلم من البداية، فهم كانوا
بالغرفة المجاورة لى بالمنزل عندما بدأوا العمل على الفكرة، وكنت أسمع
أفكارهم وآراءهم بشكل دائم، كما أننى فى وقت التحضير للفيلم كنت أعيش فى
لبنان، وكنت أحتك كثيرا بالجيل الذى بدأ ينشأ والذى هو جمهور السينما، وما
الذى يريد هذا الجمهور رؤيته؟ وما الأفكار التى تدور فى رأسه؟ وكنت أنقل
هذا لمؤلفت العمل.
دائما ما يكون هناك رهبة فى أول فيلم روائى طويل حدثينى عن
هذه المرحلة؟ وما شعورك بمشاركة الفيلم فى مهرجان القاهرة؟
ــ التجربة كلها كانت مخيفة، خاصة فى أول يوم بالتصوير،
فهناك ما يقرب من 60 شخصا، يسألك على أشياء، ويجب عليك دائما أن يكون لديك
إجابات لهذه الأسئلة، كما أنك تتعامل مع ممثلين كبار، وتريد أن تكسب ثقتهم
ليستمعوا إلى توجيهاتك، وهو ما قولته لهم فى البداية أن أهم شىء بالنسبة لى
الثقة بيننا، ففى النهاية الفيلم يكتب باسم المخرج وأنا لن أرغب فى إظهار
أى منهم بطريقة لا يريدها، وكنا نتبادل الآراء وأفكارهم حول الشخصيات، وهذه
الأشياء هى التى مكنتنا من إخراج الفيلم بأفضل صورة.
وعن مشاركة الفيلم بالمهرجان، الفيلم تم اختياره للمشاركة فى العام السابق،
لم تسعنِ الفرحة، خاصة وأن السينما العربية دائما ما تنطلق من مصر، فما
بالك بعرض الفيلم الطويل الأول لك فى أحد أهم المهرجانات العالمية، وأهم
مهرجان عربى، وعندما تم تأجيل المهرجان العام السابق، شعرنا بخيبة أمل
كبيرة، وكان وقت حزين كثيرا بالنسبة لنا بأن نخسر فرصة كهذه، وعندما حدثونا
مرة أخرى هذا العام تضاعفت فرحتنا، فنحن كبرنا على السينما والتلفزيون
المصرى، ومصر هى أم شىء عندما يتعلق الأمر بالسينما.
كيف وجدت ردود الأفعال على الفيلم بعد عرضه فى المهرجان؟
ــ ردود الأفعال كانت طيبة جدا وسعدت كثيرا بها، وباستقبال
الجمهور للفيلم، وأظن أن إنسانية القصة السبب فى انجذاب المشاهدين للفيلم.
وكيف ترين ترشح الفيلم للأوسكار؟
ــ ترشيح الفيلم للأوسكار، أثار مشاعر متناقضة لدينا ما بين
الفرح والفخر بالإنجاز والحزن على ظروف الحرب والأوضاع الصعبة بلبنان،
ولكننا هدفنا فى النهاية تقديم بيروت وشعبها بالصورة التى تربت عليها،
وتوصيل رسالة أمل فى أفلامى.
الفيلم يتحدث عن قضية نسائية.. هل هذا كان سببا فى اختيار
معظم طاقم العمل من النساء؟
ــ أكثر من 90% من العاملين على الفيلم هم من النساء، وهذا
الأمر كان مهما جدا بالنسبة لنا، فنحن نعلم مدى صعوبة حصول المرأة على فرصة
فى صناعة السينما فى لبنان، وما التحديات التى تواجهها، وهذا أيضا ليس فى
لبنان فقط ولكن فى أغلب العالم، وأنا كان لدى أمنية عندما أستطيع أن أقدم
أفلاما، أن يكون للمرأة مكان به، سواء أمام الكاميرا أو خلفها لعدة أسباب،
أهمها إن المرأة لا تقل كفاءة عن الرجل، بل بالعكس وتحمل أفكارا إبداعية
كثيرة، فمثلا مديرة تصوير الفيلم، هى ليست لبنانية، ولكن عندما جاءت أضافت
لى زوايا ورؤى مختلفة عما لدى، على سبيل المثال كل يوم أرى انقطاع
الكهرباء، واعتدت على الأمر ولم أكن سأذكر هذا بالفيلم، ولكنها كان لها
رؤية مختلفة بوضع هذا الأمر فى الفيلم خاصة وأننا نجسد بيروت كما هى فى
الحقيقة، وكان لها حس مختلف فى رؤية حتى الشوارع والمحال التجارية الموجودة
بها. |