ملفات خاصة

 
 
 

في مهرجان القاهرة السينمائي:

“دخل الربيع يضحك

أمير العمري القاهرة

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

لم أنزعج قط، كما حدث للبعض، من فيلم “دخل الربيع يضحك” الفيلم المصري المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الـ45، وأول الأفلام الروائية الطويلة لمخرجته الشابة نهى عادل.

نهى عادل تريد أن تتبنى أسلوبا سينمائيا مغايرا، لا يسير طبقا للسرد التقليدي الخطي، أو حتى المتعرج، لرواية قصة، بل تريد أن تجرب أسلوبا آخر، يقوم على الرصد شبه التسجيلي للمفارقات التي تولدها المواقف التي تضع فيها شخصيات فيلمها الكثيرة جدا. وهي تتبنى أسلوبا يذكرنا على نحو ما، بالأسلوب السينمائي للمخرج الفرنسي- التونسي الأصل عبد اللطيف كشيش في أفلامه الأولى على الأقل، مثل “كسكسي بالسمك” وهو الفيلم الذي كان بداية شهرته الواسعة في أوساط السينما الفرنسية.

تتلخص معالم هذا الأسلوب أولا، في استخدام الكاميرا التي تحصر الشخصيات طوال الوقت، في لقطات قريبة (كلوز أب)، باستثناء قلة نادرة من اللقطات، تكشف فيها عن بعض ملامح المكان، وخصوصا عندما تخرج إلى الشارع في مرة وحيدة، خارج المكان المغلق، الذي يدور فيه الجزء الثالث من الفيلم، في حين تقع سائر أجزاء الفيلم داخل أماكن مغلقة حيث تدور محادثات ومشاجرات في الأجزاء الأربعة التي يتكون منها الفيلم، ولا أقول “القصص” الأربع، لأن هذه الأجزاء لا تروي قصصا، بقدر ما تصور مواقف، وتعكس مشاعر، وتراقب الانفعالات في تطورها، والعلاقات في تدهورها، بين شريحة محددة لنساء الطبقة الوسطى الثرية.

ما يجمع بين الأجزاء الأربعة للفيلم أنها تتعامل مع شريحة معينة من نساء هذه الطبقة التي يخلط أفرادها في أحاديثهم، أطفالا وكبارا، بين اللغة العربية والإنجليزية، ويتظاهرون في علاقاتهم مع بعضهم البعض، بالثقة والثبات، ويتفاخرون بما حققوه وحصلوا عليه من مكاسب ومقتنيات مادية، بعيدة كل البعد عن الثقافة والفنون، ولكن تأتي لحظة ما تنكشف فيها تلك القشرة الزائفة المصطنعة التي تجمع بين هذه الشخصيات، وينشب الشجار نتيجة سوء فهم، أو سوء تقدير، وسوء نوايا كامنة في النفوس، بحيث يتضح لنا أن الصداقة المفترضة التي تجمع بين النساء، هي صداقة هشة، أو مصطنعة، لا تقوم على أي أساس حقيقي.

إنها علاقات نفاق وادعاء وتظاهر مع وجود الريبة وسوء الظن والطوية، والأنانية المفرطة، والميل إلى التدمير، تدمير الذات، وقصف الآخرين.

العنصر الثاني الذي يميز الأسلوب، هو استخدام الممثلين غير المحترفين، وإدارتهم مع إتاحة هامش كبير للارتجال والتعبير التلقائي والاندماج في الموقف، الأمر الذي يجعل الحوارات كثيرا ما تصل إلى درجة من الحدة، والاشتباك الذي قد ينتج عنه صراخ وضجيج وشتائم.. وكلها تعبر عن تلك الشخصيات النسائية التي تبدو من السطح كما لو كانت تتمتع بقدر من التهذيب والرقي الذي يتسق مع وضعها الاجتماعي، إلا أنها تكشف عن سلوك هابط، وغياب للقيم الإنسانية.

واقعية الشخصيات والحوار، تضفي مصداقية على المواقف التي نراها في الفيلم والتي تقسمها المخرجة على أشهر الربيع الأربعة (حسب فهمها للربيع بالطبع!) في ترتيب تنازلي يبدأ من شهر يونية، ويصل إلى شهر إلى مارس، مقتبسة من رباعية صلاح جاهين “دخل الربيع يضحك لقاني حزين”. هو تعبير تقوله احدى السيدات ويعكس شعورا بالشجن والنوستالجيا، لكنه يعبر أيضا عن المسار الذي يهبط من التفاؤل إلى الحزن، ومن التألق إلى الكآبة.

في القصة الأولى من الفيلم، أو الموقف الأول، الذي يعتبر مدخلنا الى الفيلم وهو مدخل مفاجيء، رجل عجوز وحيد ماتت زوجته من فترة، يقوم مع ابنه الشاب بزيارة جارتهما الأرملة وابنتها المطلقة الشابة، لإعادة قطتهما التي كانت قد فقدت طريقها في الخارج. ومن الحديث عن القطة، إلى الحديث عن الشعر والغناء الرومانسي، من عبد الحليم حافظ وليلى مراد وأم كلثوم، إلى أن يكشف الابن عن الهدف الحقيقي من الزيارة، أي رغبة الأب في طلب الزواج من الجارة الطيبة القلب. إلا أن رد فعل ابنتها يأتي حادا وعدائيا وفاضحا لأشياء كثيرة في الخلفية الشخصية للابن الشاب، فهي لا تتصور أن تتزوج أمها ولم يمض عامان فقط على وفاة الأب- الزوج، ليتصاعد القصف المتبادل وينتهي المشهد بمغادرة الرجل وابنه!

وفي الموقف الثاني أثناء الاحتفال بعيد ميلاد سيدة من سيدات المجتمع الراقي، في مطعم فندق من الفنادق الراقية، تجلس مجموعة من صديقات السيدة المحتفلة، ومن عبارات الود والادعاء والتظاهر واستعراض الثراء ينفجر الموقف، حينما تتصور صاحبة الاحتفال أن احدى صديقاتها تغمز عمدا ضدها بالحديث عن خيانة زوجها لها وزواجه من فتاة سورية.

ويدور الموقف الثالث داخل صالون تجميل صاحبته امرأة مترهلة محجبة متقدمة في العمر لا تتناسب شخصيتها الطيبة المستكينة قط مع طبيعة عملها، ومن الأحاديث الهادئة يتطور الأمر الى الشجار العنيف بين إحداهن وباقي النساء بعد أن تفقد إحدى فردتي القرط، فتتصور أن سيدة من الحاضرات سرقته.

وفي الموقف الرابع نرى سيدة تقيم حفلا لتزويج ابنتها، لينقلب الموقف الموقف من معالم الفرح الى مشاجرات تنتج عنها الدموع والاخزان..

وينتهي الفيلم في الموقف الأخير، بنوع من التفاؤل والأمل، أي بإمكانية التغلب على سوء الظن والتفاهم، عندما يشير الفيلم إلى انتصار الحب بين جيل الماضي الرومانسي على إحباطات جيل التدهور الحالي.

الفيلم شديد الواقعية، سواء في اختيار الشخصيات، أو الحوار، أو الأسلوب الذي ترصد فيه الكاميرا تعبيرات ومشاعر الشخصيات كما تنعكس على الوجوه في اللقطات القريبة، وهو أسلوب شديد الصعوبة أيضا، خصوصا في مرحلة المونتاج، حينما يصبح مطلوبا تحقيق السلاسة في الانتقال من لقطة لأخرى داخل المشهد نفسه، مع صعوبة تصوير الشخصيات المتعددة الكثيرة داخل اللقطة الواحدة أو الانتقال فيما بينها في اللحظة المناسبة لرصد انفعالاتها في سياق المشهد وتطوره، مع تداخل عبارات الحوار بحيث يصعب أحيانا تبين ما تنطق به الشخصيات، ولكن هذا ما يحدث عادة في الواقع.

تجربة سينمائية ذات نفس جديد في السينما المصرية، تستحق أن نرحب بها وندعمها ونقف وراء مخرجة هذا الفيلم في طموحها للتجديد واختبار أسلوب جديد في السرد، وسوف ننتظر في تشوق، لكي نرى فيلمها التالي.

 

####

 

الفيلم الفلسطيني “شكرا لأنك تحلم معنا

أمير العمري

شهد مهرجان لندن السينمائي الـ68، العرض العالمي الأول لفيلم “شكرا لأنك تحلم معنا” أو حسب عنوانه الإنجليزي Thank you for Banking with Us وهو الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة ليلى عباس.

الفيلم شجاع وطريف في موضوعه، ويتميز بنص سينمائي محكم، وشخصيات واضحة، وحبكة تتدفق في سلاسة. إنه يقدم عائلة فلسطينية في رام الله من الداخل، من دون أي محاولة لتجميل الواقع، بل على العكس، فالفيلم يبرز التناقضات والخلافات بين الزوج والزوجة، وبين الشقيقتين، وبين الأم والإبن، وبين المرأة والرجل عموما، ولكن كل هذه التناقضات تتفجر بعد أن يقع الحدث الذي سيؤدي إلى الكشف عن هشاشة العلاقات، ولكن في الوقت نفسه، إزاحة الخلافات بين الشقيقتين، وبروز التضامن الطبيعي بينهما، والسعي لتحقيق الهدف المشترك.

هذا الهدف يتمثل تحديدا في رفض التقليد الموروث الذي فرضته الشريعة الإسلامية، الذي يقضي بجعل نصيب الذكر من الميراثـ ضعف نصيب الذكر. والفيلم يحتج بوضوح على هذه التفرقة والظلم.

نحن هنا أمام فيلم لا يتحذلق ولا يفتعل الغموض أو التجريد كما نرى في الكثير من الأفلام (العربية) التي تعرض في مهرجانات السينما الأوروبية، بل لدينا قصة واضحة المعالم، وشخصيات تتحرك في سياق، ولا تحلق في الفراغ، وصراع، ثم كشف تدريجي عن ما يكمن بين ثنايا الموضوع ،من دون شعارات أو نبرة عالية، بل إن من أفضل ما يميز الفيلم أيضا حواره الذكي الذي يوصل لنا الفكرة في بلاغة واقتصاد، كما يكشف عن طبيعة الشخصيات التي نراها، من أول الشقيقتين إلى الخال والإبن، بل وحتى الأب الذي يرقد في بداية الفيلم على فراش الموت بعد أن فارق الحياة.

موت الأب هو المدخل الدرامي للفيلم. فإذا كان وجوده في الحياة لم يجمع بين الأبناء، فموته سيجمع بينهم، وهو أمر طبيعي، ولكن ليس لمجرد البكاء وتقبل العزاء بل هناك بعد آخر أهم وأكبر، هو الذي يدفع الحبكة إلى الأمام، ويجعل الفيلم ينتقل بين مفارقات الكوميديا، إلى سخونة الدراما الجادة.

هناك الشقيقتان: أولا مريم (كلارا خوري) وهي متزوجة منذ 20 سنة ولديها ولدان، ولكنها غير سعيدة مع زوجها، كما تشعر بالقلق على ابنها الأكبر “علي” الذي لا يهمل دروسه ثم ستكتشف أيضا أنه انقطع عن الذهاب إلى المدرسة. أما الشقيقة الأخرى (الكبرى) فهي “نورا” (ياسمين المصري) وهي في الأربعين من عمرها، لكنها تمردت على الزواج، وتعمل الآن في صالون لتجميل النساء.

مريم حانقة، غاضبة، مشغولة في أعمال المنزل وإعالة أسرتها، والقيام بكل الأعمال المنزلية المرهقة المطلوبة من الزوجة في المجتمع الذكوري، كما تحمل هم ابنيها وخصوصا “علي” المراهق العنيد. لذلك فقد أهملت التردد على والدها خلال فترة مرضه منذ أن أصيب بجلطة أقعدته إلى حين وفاته أخيرا.

أما نورا فقد واصلت الإقامة في منزل الأب، وهي التي رعته أثناء مر ضه. والآن يفتتح الفيلم بوفاة الأب، وتجتمع الشقيقتان أمام جثمانه. لكن بدلا من إبلاغ شقيقهما “أكرم” الذي هاجر منذ سنوات إلى أمريكا، تقترح نورا عدم إعلان خبر وفاة الأب قبل الحصول على مبلغ 165 ألف دولار الموجودة في حسابه بالبنك، واقتسامها معا، مدعية أن تلك كانت رغبة ابيها، وأنها اتفقت معه على ذلك، والهدف هو ألا يستولي شقيقهما أكرم على نصف المبلغ، طالما أنه على أي حال، سيكون من حقه الحصول على نصف ثمن المنزل.

يسلط السيناريو الضوء على شخصية مريم، التي نعرف أنها لم تكمل تعليمها ومازالت تحلم باستكمال تعليمها في الجامعة، وأنها وقعت في حب زوجها هذا وهي صغيرة، لكن هذا الحب ذبل خصوصا مع خيانته لهاـ بل واعترافه بإقامة علاقة مع فتاة تصغره كثيرا.

من هنا تبدأ المفارقات الكثيرة التي يمتليء بها الفيلم، خصوصا قيام نورا بتحرير الشيك وتوقيعه بما يماثل توقيع الأب، خصوصا وأنها صاحبة خبرة سابقة في التزوير كما تعترف، مثل الدرجات الدراسية في الماضي.

محاولات صرف المبلغ تنتهي إلى ضرورة حصول البنك على موافقة الأب، فإذا لم يكن ممكنا أن يأتي بنفسه بسبب حالتهن الصحية- كما تخبرهما نورا- يصبح مطلوبا أن يرد على الاتصال التليفوني الذي تجريه موظفة البنك، وهنا تبدأ رحلة ليلية في المدينة، للعثور على رجل يقبل القيام بدور الأب، لكي يجيب على الاتصال الذي سيأتي من البنك على هاتف الرجل المتوفي.

فكرة طريفة للغاية، ولكن الأهم هو أن ليلى عباس تعرف كيف تطورها وتدفعها إلى الأمام، مبقية على اهتمام المتفرج طوال الوقت، مع تطعيم الفيلم بشخصيات مساندة، لرجال، يتفقون جميعا على إدانة تصرف الشقيقتين اللتين تتحدان في الهدف رغم ما يكشفه الفيلم أيضا من تناقضات وخلافات مستقرة قديمة بينهما، كما يصور تصاعد رغبة مريم في الحصول على الطلاق.

من العناصر الفنية البارزة في الفيلم، التصوير الذي يظهر جمال مدينة رام الله، الشوارع والحدائق والمنازل، فالإنسان جزء من المكان، والمكان هنا أساسي، فهو جزء من فلسطين التاريخية التي يقطنها الفلسطينيون، وليست أرضا جرداء خالية.

ويتميز التصوير الليلي بلمسة واقعية من استخدام مصادر الضوء الطبيعي: مصابيح الإضاءة في الشوارع، كشافات السيارات.. وغير ذلك.

وترجع اللمسة الفنية التي تبرز بوضوح في جمال الصورة والاستخدام المحسوب للألوان، إلى مدير التصوير الألماني كونستانتين كروننج، علما بأن الفيلم من الإنتاج المشترك بين فلسطين وألمانيا وقطر، كما تلقى تمويلا ودعما من جهات عدة مثل صندوق مهرجان البحر الأحمر، ومهرجان الجونة، ومهرجان روتردام، والصندوق العربي للثقافة والفنون (بيروت).

تستخدم ليلى عباس اللقطات القريبة للوجوه، لتقريبنا من المشاعر المختلفة كما تنعكس عليها، خصوصا الشقيقتين، وتجسيد التناقض بين مظهرهما، سواء في الملابس أو طريقة تصفيف الشعر، وتحافظ على سلاسة الانتقال بين اللقطات القريبة والمتوسطة، والانتقال إلى المناظر العامة، بحيث لا يفقد الفيلم قط، الترابط، ولا يفقد المتفرج القدرة على المتابعة، ومن دون أن يفلت الإيقاع، فالمونتاج البارع يشبع كل مشهد بعيدا عن الاستطرادات والمبالغات، ولا ينحرف الأداء إلى الميلودراما بل يبقى محكوما، فالانتقال من مشهد إلى آخر يأتي في الوقت المناسب تماما.

هناك بعض المبالغات التي لا أتصور وجودها في الواقع مثل مستوى المنزل الفسيح المنظم الرائع الذي تقيم فيه مريم مع زوجها الذي يفترض أنه مجرد “سباك” (لم أكن أعرف أن الفلسطينيين يطلقون على السباك “مواسيرجي”!)، كما أن منزل الأب يبدو كأحد قصور الأثرياء.

وهناك أيضا بعض المشاهد الزائدة في الفيلم كان من الأفضل استبعادها لعدم أهميتها في السياق، مثل المشهد الذي تعود فيه “مريم” إلى بيتها بعد نجاحها في الحصول على قيمة الشيك، وتتمدد إلى جوار زوجها وتحتضنه في شوق وتودد بتناقض تماما مع كل ما سبق من إبداء رغبتها في الانفصال عنه، ثم نراه وهو يعرض عنها بشكل فظ. والواضح أن المشهد قصد به تبرير قرار مريم الانتقال للعيش في النهاية مع ابنيها في بيت والدها الراحل، وهو تبرير لم يكن له ضرورة أصلا.

يلمس الفيلم وجود الاحتلال الإسرائيلي ولو في مشهد عابر، عندما تمر المرأتان بالسيارة ليلا على عدد من الشباب الفلسطيني الذي يشعل إطارات السيارات ويسد الطريق، اعتراضا على الحصار الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على الانتقال من المدينة، بل إن “علي”، الابن الأكبر لمريم، سيعترف لها بأنه جزء من حركة المقاومة. ونحن نعلم بالطبع أن رام الله هي مقر السلطة الفلسطينية، لكن إسرائيل تنتهك باستمرار الاستقلال المفترض للمنطقة.

ومن طرائف الحوار أن مريم تخبر شقيقها “أكرم” في مكالمة هاتفية بعزمها على الطلاق، لكنه يستنكر ظهور هذه الرغبة بعد 20 سنة من الزواج، فتعلق هي ساخرة: وهل يجب أن أنتظر تحرير فلسطين أولا قبل أن أنال الطلاق!

والمؤكد أن ما يزيد من متعة المشاهدة، الأداء المتميز لمجموعة الممثلين جميعا، وأولهم بالطبع ياسمين المصري وكلارا خوري، اللتان يتآلف أدائهما بشكل شديد الإقناع والصدق، ويبدو قدر كبير من التفاهم والانسجام في ما بينهما، أو تلك “الكيمياء” التي تجمع بين شقيقتين رغم اختلافهما ومشاجراتهما المستمرة، وما يتبادلانه من اتهامات بينهما بسبب افتراق طريقيهما في الحياة، ثم كيف يقتربان من بعضهما البعض تدريجيا، لتظهر الصلة العميقة بينهما كشقيقتين وكامرأتين أيضا، تتمردان ضد الظلم الواقع على المرأة بسبب قانون الميراث، وتسعيان للإفلات من المأزق.

ويتميز أداء باقي الممثلين مثل أشرف برهوم في دور زوج مريم، وكامل الباشا في دور الخال، وآدم خاطر في دور علي، كلٌ في حدود الدور المرسوم في السيناريو، ولكن بعض هذه الشخصيات كان يقتضي أن يحظى بقدر أكبر من الاهتمام، فالواضح أن اهتمام السيناريو بالشقيقتين، طغى على الفيلم.

لابد أن أختتم هذا المقال، بتوجيه تحية خاصة إلى المخرجة الشابة الجميلة ليلى عباس، جميلة الروح والشخصية والحديث، التي وقفت قبل عرض الفيلم، وهي تقدم فيلمها لجمهور مهرجان لندن، فقرات بيانا مكتوبا بدقة بلغة إنجليزية سليمة وقوية ومؤثرة، أدانت فيه بكل جرأة ووضوح الفاشية الإسرائيلية، كما واستعرضت تاريخ استيلاء اليهود على كل أرض فلسطين منذ مائة سنة، وأشارت في جرأة، إلى الدور البريطاني، منذ وعد بلفور، إلى فرض الانتداب إلى تسليم فلسطين لليهود، وسرقة الأرض والتهجير والطرد الإجباري، وقالت إن تصوير الفيلم انتهى قبل أن تتداعى الأحداث الجارية في غزة والضفة، وأنها تريد أننا عندما نبتسم ونحن نتفرج ألا ننسى الأحداث الدامية التي تجري هنا، وأعلنت أنها ترفض تماما، أن يتخذ فيلمها حجة من قبل البعض في الغرب، لإدانة المجتمعات الإسلامية.

شكرا ليلى عباس.. نحن جميعا نحلم معكم باستعادة الأرض ولو طال الزمن!

 

موقع "عين على السينما" في

19.11.2024

 
 
 
 
 

حسين فهمي يُعيد لمهرجان القاهرة السينمائي هيبته السياسية

كمال القاضي

منذ رحيل الرئيس الأشهر لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الكاتب والمُثقف سعد الدين وهبه، لم يشهد مهرجان مصر الرسمي تفاعلاً يُذكر إلا بعد عودة الفنان والنجم حسين فهمي، لأداء دورة المهم كرئيس وقيادي للمرة الثانية، لفعاليات الحدث الثقافي السينمائي، الذي يُقام سنوياً في القاهرة، وتتوافد إليه أفواج الفنانين والمُبدعين من كل أنحاء العالم.

لقد أحدثت الدورة الخامسة والأربعين للمهرجان المذكور صدىً واسع النطاق على المستويين الفني والسياسي، إذ ركز رئيس المهرجان خلال الفعاليات التي استمرت نحو عشرة أيام على القضية الفلسطينية، مُستغلاً وجود كبار الشخصيات العالمية من فنانين وكُتاب وصحافيين ونُقاد للكشف عن مدى ارتباط الشعب المصري وجمهور المُثقفين، وجميع القيادات العاملة في الحقل الثقافي، على دعم الأشقاء الفلسطينيين في حربهم ضد الكيان الصهيوني المُتسلط، الذي لا يحترم أي قوانين أو مواثيق دولية ويستمر في طغيانه وجبروته بلا أدنى وازع من ضمير أو أخلاق.

لقد صعد الفنان حسين فهمي على المسرح في حفل افتتاح الدورة الرابعة والخمسين، مُرتدياً الكوفية الفلسطينية للتأكيد على دلالة القوة والتحدي، بإشارة مهمة وذكية لم تخف على الحضور رمزيتها، كإعلان واضح وغير مُلتبس لتمسك الجماعة الثقافية المصرية بالحق الفلسطيني والمقاطعة الأبدية لكل أشكال التطبيع الثقافي مع العدو. وبالفعل ترجم رئيس المهرجان حسين فهمي موقفه ترجمة فورية بإعلانه القوي والحاسم برفض أي دعم من الشركات التابعة للدول التي تقف مع إسرائيل، في خندق المواجهة والعدوان ضد فلسطين، في معركتها التاريخية في قطاع غزة وبقية الأراضي المُحتلة.

كما كان اختيار اللجنة العُليا للمهرجان السينمائي المصري الرائد للفيلم الفلسطيني «أحلام عابرة» ليكون عنواناً دالاً للتضامن مع الشعب الفلسطيني في ليلة الافتتاح، وقعا خاصا على الحضور، حيث تم تبليغ الرسالة على مرأى ومسمع من العالم كله، فقد نقلت وسائل الإعلام العربية والعالمية مقتطفات من حفل الافتتاح، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي بُمختلف أنواعها ومسمياتها أخبار الفيلم الفلسطيني المهم المُحتفى به، كبوابة عبور إلى بقية الفعاليات التي استمرت ما يقرب من أسبوعين وأحدثت أثراً ثقافياً كبيراً في الأوساط العربية والدولية.

ولم يكن فيلم الافتتاح وحده، العمل الذي تحمس له حسين فهمي وأصر على عرضه في المهرجان للتعبير عن حيوية السينما الفلسطينية وبقائها وتميزها، وإنما كانت هناك أفلام أخرى أخذت فرصتها في العرض والمشاركة والنقاش والتحليل، جاء في مقدمتها فيلم «حالة عشق» إخراج كارول منصور ومنى خالدي، وهو يوثق حياة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة رجل المبادئ الذي يحترم مهنته كطبيب ويمارسها بشكل إنساني بالغ التأثير.

وكذلك جاء الفيلم الفلسطيني «الإجازات في فلسطين» للمخرج مكسيم لندون عنواناً آخر لقوة السينما الفلسطينية وسحرها الإبداعي الفريد، في توصيل الرسائل السياسية ذات المعاني المُتعددة والعميقة، غير أن الاحتفاء والاحتفال بصُناع الأفلام الفلسطينية كان له أيضاً تفسيره الدلالي على تقدير الجمهور المصري والعربي للمُبدع الفلسطيني ودورة القتالي في الفترات العصيبة التي تُستنهض فيها كل الهمم وتُستغل فيها كل الأسلحة الإبداعية والفنية للدفاع عن القضية المصيرية العادلة، قضية الأرض والاستقلال والهوية وهو دور ليس غريباً على السينما الفلسطينية وصُناعها الذين حذا فنهم الاستثنائي النوعي الخاص حذو القضية في كافة مراحلها التاريخية فكان داعماً قوياً لها وفاضحاً لكل سوءات المُتراجعين المُتخاذلين المُفرطين.

وبالطبع لم تغب لبنان المُبدعة عن أجواء مهرجان القاهرة السينمائي، فقد كان حضورها برغم نُدرة أفلامها قوياً بمعناه الثقافي والسياسي والإنساني ففيلم «موندوف» الذي حظي بالمشاركة خلال الفعاليات ترك أثراً واضحاً لدى كل من شاهده، فالسينما اللبنانية بشكل عام لها جمهورها الخاص الذي يُدرك قيمتها وأهميتها ويعي دورها ورسالتها جيداً، ومن ثم فهي شديدة التأثير، على الرغم من قلة إنتاجها.

ولعل الشيء الذي ميز الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي على المستوى الفني وجود 194 فيلماً من 72 دولة حرصت جميعها على المشاركة والمنافسة على الجوائز، وما زاد من أهمية الدورة الفارقة هذا العام أنها تضمنت 37 عرضاً عالمياً من الأفلام الناطقة بلغات مُتعددة، وشملت 8 عروض دولية، بالإضافة إلى 119 عرضاً سينمائياً من منطقة الشرق الأوسط وافريقيا، ما يُعد تميزاً غير مسبوق يؤكد تطور المهرجان فكرياً وفنياً وسياسياً، حيث مثلت جميع الأفلام التي شاركت في الكرنفال الإبداعي الكبير طفرة على مستوى التعامل التقني والتوظيف الدقيق لقُدرات السينما وتأثيراتها البالغة.

 كاتب مصري

 

القدس العربي اللندنية في

19.11.2024

 
 
 
 
 

الفيلم التونسي " نوار عشيّة ".. رحلة لشاطئ السعادة المفقودة والموت المحتوم

مهرجان القاهرة السينمائي 45

القاهرة - سعد المسعودي

قضايا الهجرة والبحث عن الهوية عبر قوارب الموت التي تبحر في أعماق المتوسط وتلاقي مصير الموت، مازالت تشغل ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وتعددت الأساليب التي تعالجها السينما وموضوعها الهجرة من شواطئ شمال إفريقيا وما هي المعالجة الدرامية وشكل الصورة الحزينة التي تريدها السينما الأوروبية من أجل دعم مشاريع أفلام الهجرة.

فهناك العديد من الأسباب المختلفة التي تدعو للهجرة، على سبيل المثال، اضطرار اللاجئين إلى مغادرة وطنهم بسبب الحرب أوالاضطهاد، بالإضافة إلى أنهم غالبًا ما يكونون قد شهدوا بالفعل العديد من الأمور الصعبة وعاشوا مواقف مؤلمة في بلادهم، وهذا ما سنتعرف عليه من خلال الفيلم التونسي "نوار عشيّة " للمخرجة خديجة لمكشر، التي تأخذنا في قوارب الموت إلى شاطئ السعادة المفقودة والموت المحتوم لشباب يبحث عن ذاته ورغم أن الرحلة إلى أوروبا قد تكون طويلة وشاقة وربما تنتهي بالموت في عرض البحر ، وسينما الهجرة واللجوء إلى أوروبا تحولت ظاهرة بالغة الأهمية طوال العقد الماضي، خصوصاً بُعيد ما سمي الربيع العربي، لذلك لم يكن ممكناً صرف النظر عن واحدة من أكبر المآسي التي عصفت بمطلع القرن الحالي الهجرة إلى مناطق أكثر أمناً بحثاً عن وطن جديد.

و"نوار عشية" نوع من الزهور التي تنبت في العشية "المساء" وتموت في" الفجر" في الأحياء العشوائية، في إسقاط على أرواح الشباب التي تزهق في بيئة فاسدة والموت في سبيل تحقيق حلم الهجرة.

قصة الفيلم

فيلم "نوار عشية" روائي تدور أحداثه حول شخصية "دجو " وهو مدير صالة ملاكمة في حي "هلال" الفقير قرب تونس العاصمة يبحث عن بطل يتدرب في صالته القديمة، ويعثر على الشاب "يحيى" الذي يُظهر مهارات فطرية في الملاكمة، لكن "يحيى" يبحث عن حلم آخر ومشغول مع أبناء جيله بالبحث عن طريقة عبور البحر من دون علم عائلته الرافضة لهذه المغامرة، وهي الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والفيلم الذي يسلط الضوء على حياة طبقة مهمة من الشعب التونسي وهي الشباب الباحث عن العمل والمستقبل في بلاد مدخولاتها لا تكفي استيعاب أعداد الشباب الذي أنهى دراسته ولم يجد عملا فكيف بالشباب الذي ترك دراسته وأصبح بالشارع من دون أي أمل لهؤلاء الشريحة الأهم في المجتمع التونسي.

مشاهد البحث في القمامة عن بقايا المؤكولات ومنظر البيوت المهترئة وكأنها تعطي الضوء الأخضر للشباب بالبحث عن وطن بديل يؤمن لهم مستقبلهم ومع نجاح المدرب دجو من الوصول عبر تدريبات شاقة للملاكم "يحيى" بالحصول على بطولات محلية تنتهي ببطولة تونس للملاكمة حيث يحصد بطل الفيلم الجائزة الأولى ويصبح بطل تونس القومي للملاكمة، وهنا نتوقف كيف يصل بطل قومي إلى هذه المرحلة ويغامر بالهجرة ثم يموت في عرض البحر وكان أولى به أن يطلب من الحكومة الفرنسية أو أي دولة أوروبية لتسهيل سفره وتوفير كل احتياجته لحصد المزيد من البطولات، ثم إن مواضيع الهجرة المأساوية لها شروطها في الغرب فهو يسعى لإيجاد الدراما الحزينة لرحلة هؤلاء الشباب لأنه لايرحب بالهجرة غير النظامية ويفضل الغرب باختيار المهن والخبرة لكل من يصل إلى حدودها كما حصل مع هجرة الشباب الأوكراني الذي وجد كل الترحاب من توفير السكن والعمل فور وصولهم إلى أوروبا.

جماليات سينمائية

من أجمل مايميز الفيلم تلك اللقطات داخل الماء بما فيها موت "يحيى" من عدة زوايا إضافة إلى اللقطات الجوية، للمدينة تونس وإظهار البيوت الفقيرة عبورا إلى اللقطات الجميلة لطبيعة شاطئ البحر الذي ابتلع مئات الشباب بحثا عن الحرية كما أظهر الفيلم جمالية عالية في نقاء الصورة واستخدام الضوء لقصة مؤثرة عن موت أحلام الشباب من قلب تونس الخضراء.

صعوبات في انتاج الفيلم الأول

وتقول المخرجة التونسية "خديجة لمكشر" للعربية.نت في هذا الصدد: "بداية عملي كانت إنتاج أفلام قصيرة وهذه هي تجرتي الأولى لإنتاج فيلم روائي طويل، لذلك واجهت الكثير من العقبات والتحديات، بداية الفيلم كانت عن طريق الإحساس بالمشكلات التي يواجهها الشباب من خلال متابعتها لمواقع التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن قصة الفيلم كانت من وحي الخيال، ولكنها مستلهمة من الأحداث يعيشها الشباب حاليا.

ولفتت إلى أن فيلم "نوار عشية" دعم لبعض الرياضات المختلفة ومنها انتشار "الملاكمة" لأنها رياضة منتشرة وسط شباب تونس القاطنين في الأحياء الشعبية، ولأنها نوع من أنواع الدفاع عن النفس.

وأضافت مخرجة الفيلم "أردت استبدال مشاهد الغرق ومشاهد الموت والذي جعل من البحر مقبرة وذهاب العائلات إليه لقراءة الفاتحة على من فقدوه في عرض البحر إلى حالة رومانسية لطبيعة البحر وشواطئه الخلابة كملاذ آمن للعائلات والاستمتاع بجمال البحر بألوانه اللازاوردية وممارسة السباحة ومختلف الرياضات البحرية".

 

العربية نت السعودية في

19.11.2024

 
 
 
 
 

"أرزة" ليست شجرة بل امرأة لبنانية تقاوم وتفضح

يستعرض الفيلم المشارك في مهرجان القاهرة شوارع بيروت قبل الحرب الأخيرة ويطرح قضايا الطائفية والنزوح ونهب البنوك بلا مباشرة

نجلاء أبو النجا 

لم يخيب العمل الظنون بفعل اللهفة والحنين العاطفي نحو بيروت، بل جاء واحداً من أبسط وأفضل الأفلام التي عرضت بالمهرجان حتى الآن بشهادة الجميع، ونجح العمل في أن يضفي السعادة وسط المعاناة، حتى وصفه البعض بأنه أيقونة تستحق أن تمثل لبنان.

لم يكن الفيلم اللبناني "أرزة" الذي عرض بمهرجان القاهرة السينمائي منذ ساعات مجرد شريط سينمائي، بل رسالة من لبنان عبر المهرجان العريق في وقت شديد الحساسية بالنسبة إلى الجميع.

منذ المشاهد الأولى لـ"أرزة" عانق الجميع الاشتياق إلى بيروت وشوارعها وحكاياتها التي طغت عليها أحزان الحرب والخطر، ولم يخيب العمل الظنون بفعل اللهفة والحنين العاطفي نحو بيروت، بل جاء واحداً من أبسط وأفضل الأفلام التي عرضت بالمهرجان حتى الآن بشهادة الجميع، ونجح العمل في أن يضفى السعادة وسط المعاناة، حتى وصفه البعض بأنه أيقونة تستحق أن تمثل لبنان.

الفيلم من إنتاج المخرج المصري علي العربي، وبطولة دياموند بو عبود وبيتي توتل وبلال الحموي، بالاشتراك مع ضيوف شرف مثل فادي أبي سمرة، جنيد زين الدين، فؤاد يمين، إيلي متري، طارق تميم، هاغوب درغوغاسيان، جويس نصرالله، شادن فقيه، ومحمد خنسا. وكتبه فيصل سام شعيب ولؤي خريش، وأخرجته ميرا شعيب في أولى تجاربها السينمائية الطويلة.

دراجة مفقودة أم وطن؟

وسط هذا الانتقال السلس بين بطلة الفيلم "أرزة" وابنها "كينان" يمر لبنان بأحداثه وشوارعه البكر من دون تزيين أو تزييف، ونتعثر بمشكلاته العويصة التي تتفجر من دون أن نشعر بالرسالة المباشرة أو الخطابية التي قد يقع فيها معظم من يريدون إبراز قضية من هذا النوع.

يدور العمل حول "أرزة" وهي أم لبنانية لها ابن واحد وتعيش مع شقيقتها في هدوء، ولا يوجد لها زوج أو عائل، حيث تعمل في بيع الفطائر المنزلية، وتحاول كسب عيشها بالتعاون مع ابنها، فتقوم بشراء دراجة بخارية بالتقسيط لتزيد من حجم انتشار مخبوزاتها، لكن الدراجة تسرق منها فتصطحب "أرزة" الجمهور في رحلة مداها 90 دقيقة عبر شوارع بيروت وأزقتها وسطوحها ومناطقها الفقيرة والفارهة، في رحلة للعثور على دراجتها المسروقة.

يسيطر على الأحداث حلم الهجرة والنزوح لدى الشباب، فلا أمل لأحد إلا الخروج للبحث عن مستقبل أكثر أماناً ورفاهية، بخاصة أن الوطن لم يعد يبشر بالتقدم.

وفي الوقت نفسه، هناك اتجاه آخر تمثله "أرزة" المتمسكة بالعيش في بلدها مهما كانت الظروف والصعوبات، فهي تريد أن تعيش وتموت تحت شمس وطنها.

تلح الأحداث على كثير من القضايا، مثل الواقع الطائفي الذي تضطر "أرزة" للتعامل معه من أجل إعادة الدراجة، أو جلب مزيد من التعاطف والتعاون من بعض المتشددين طائفياً، وكانت المشاهد على رغم دسامة المحتوى تعرض بطريقة خفيفة وكوميدية من دون ضغط أو توجيه ملحوظ.

النجاة من فخ المباشرة

يتسلل العمل برفق إلى قضايا نسائية مهمة، مثل الأم الوحيدة التي يهجرها الزوج والسند ومصدر الرزق، فـ"أرزة" هجرها زوجها من دون أن يترك عنواناً بينما كانت تحمل طفلها الرضيع ولا تزال صبية لم تبلغ 18 سنة، ما اضطرها لتربيته وحدها من دون عون، وكان عليها أن تراعي صحته النفسية بجانب كل مسؤولياتها الأخرى، فاضطرت لتجميل صورة الوالد الغائب إلى أن يتم اكتشاف كل تلك الأكاذيب في لحظة كاشفة تصدم الابن.

جاء الفيلم لتعزيز كفاح المرأة اللبنانية ونضالها على كافة الأصعدة وسط ظروف حرب وفقر، وفي أعقاب ثورة وانقسامات. وتعددت الإسقاطات السياسية في كثير من المشاهد والجمل الحوارية مع التلويح بمآسي اللبنانيين الذين نُهبت ودائعهم في المصارف، وما ترتب على ذلك من تداعيات دمرت كثيراً من الأسر بأحلامها وأمانها.

كل نساء العالم

وقالت مخرجة الفيلم ميرا شعيب لـ"اندبندنت عربية"، إن رحلة الفيلم صاحبتها منذ سنوات طويلة تقترب من 8 سنوات، "وكانت بداية المشروع فيلم قصير في 2015 تم تحويله في 2017 إلى فيلم طويل، حتى وصلنا إلى 2022 فاستحال (أرزة) إلى فيلم روائي يرتكز على قصة مشوقة، وقد تعاونا مع المخرج المصري علي العربي الذي تحمس لإنتاجه على رغم أن الموضوع لبناني، وأصر على أن يكون الإنتاج عربياً لحبه للمشروع والفكرة بوجه عام".

وتابعت ميرا، "كان يشغلني تقديم لبنان بصورة طبيعية ومن دون تجميل أو رسائل مباشرة أو توجهات في صالح أي تيار سياسي أو ديني أو طائفي، وحتى المشكلات السياسية والاقتصادية الخانقة لم أرد أن أجعلها بطل الأحداث بل أحببت أن أعرض قصة الأم ومعاناتها والمشاعر الإنسانية التي تربط الأسرة والأصدقاء بالبلد والحياة الاجتماعية والشوارع والبيوت، وجعلتهم الأبطال الحقيقيين، وهم أشخاص قد نجدهم في كل دول العالم يمرون بالظروف الإنسانية نفسها بشكل أو بآخر، وكان من الممكن أن تكون (أرزة) أم مصرية أو سعودية أو مغربية تعاني المعاناة نفسها، لكن التفاصيل هنا مغايرة، والشوارع مختلفة، والمشكلات المحلية لا تتشابه بصرف النظر عن الإطار الأساسي وهو المشاعر والمعاناة والروابط العائلية وقضايا المرأة.

على رغم عرضه كثيراً من القضايا، ظهر بالعمل اهتمام خاص بقضايا التعدد الطائفي في لبنان، وكذلك قضية المرأة اللبنانية المعيلة. وهنا تقول مخرجة الفيلم "قصدت عرض مشكلة الطوائف التي يشهدها لبنان ولكن بطريقة كوميدية، من دون التدخل في السياسة بشكل مباشر". مضيفة "بالنسبة إلى مشكلات المرأة فقد قدمت (أرزة) كنموذج للمرأة اللبنانية المناضلة التي تعبر عن أمهاتنا والشخصيات النسائية في عائلاتنا، وهي امرأة بعيدة من الطائفية والسياسة، وهي أيضاً منتمية ومخلصة لعائلتها ووطنها وشعورها الحقيقي وأهدافها، ودؤوبة وقوية تسعى لتحقيق حلمها بإصرار".

شريط ذكريات ومدينة

وكشفت ميرا أنها صورت شوارع بيروت بعفويتها، ليشكل العمل شريط ذكريات للطرقات والبيوت والحارات، حيث مرت كاميرا الفيلم على معظم مناطق بيروت، من الرميل وبرج حمود والمنارة وصولاً إلى أنطلياس والأوزاعي وبدارو.

وقالت ميرا إن حب الناس أثناء التصوير كان حافزاً كبيراً على الحماسة والمواصلة على رغم صعوبة الظروف، كما كانت موافقة نجوم كبار ينتمون لطوائف مختلفة في الحقيقة على المشاركة في دعم العمل والثقة به والمساندة، نقطة فارقة. وقد ظهروا بشكل طبيعي وكأنهم يمثلون أدوارهم من واقع حياتهم اليومية ومناطقهم، وأحيوا هذه التعددية التي تتمتع بها بيروت.

وأشارت بطلة الفيلم الفنانة دياموند بو عبود إلى أن "الوضع الصعب الذي يمر به الوطن العربي، ولبنان وما يتعرض له، جعل الهموم ثقيلة ومفزعة، وربما تم تصوير الفيلم قبل الأحداث الأخيرة لكنه الآن يطرح نفسه كرسالة للعالم عن لبنان وشوارعها وبيوتها التي تتعرض للقصف، لهذا فعرض الفيلم في هذا التوقيت مهم جداً على رغم كل الألم والوجع".

وعن شخصية "أرزة" قالت إنها شعرت منذ قراءة السطور الأولى بأنها تعرف هذه السيدة، فهي تشبهها وتشبه آلاف السيدات العربيات، وكانت الحكايات بسيطة وعميقة والمشاعر صادقة بين الأبطال فخدمت الأحداث بشكل مترابط ظهر على الشاشة ونال الإعجاب، لأن الصدق كان العنصر الأساسي في كل مشهد وكلمة.

وكشف المخرج علي العربي منتج الفيلم أن أرباحه في دور العرض ستخصص بالكامل لمصلحة لبنان، مشيراً إلى أن أحداث الفيلم رسالة حب إلى بيروت وشعب لبنان الصامد أمام الحروب والانتهاكات الإسرائيلية، إضافة إلى أنه تكريم لقوة وروح الشعب الذي يعاني ويتحمل، وخص المرأة اللبنانية التي تتمتع بالشجاعة والأمل عبر التاريخ، وقد تم اختيار الفيلم ليمثل لبنان في الـ"أوسكار"، وقالت لجنة المهرجان إن اختيار العمل سببه أنه يعبر عن روح وصمود الشعب اللبناني.

"متل قصص الحب"

في سياق متصل يشارك بالمهرجان أكثر من فيلم لبناني، أبرزهم فيلم "متل قصص الحب" من تأليف وإخراج ميريام الحاج وإنتاج ميريام ساسين، بطولة جُمانة حداد وجورج مفرج وبيرلا جو معلولي.

وتدور أحداث الفيلم الوثائقي في لبنان، حيث تروي المخرجة في شكل مذكرات أربع أشخاص ما يعانونه خلال أربع سنوات مضطربة مرت على لبنان والأمة ومزقت استقرار الجميع، وسط محاولات للتحرر والخلاص ومعاني البقاء وكيف يمكننا الاستمرار في الحلم على رغم الانهيار.

وقد عُرض الفيلم في مهرجانين في كندا هما مهرجان "هوت دوكس" الكندي الدولي للأفلام الوثائقية، ومهرجان "دوكسا" للأفلام الوثائقية، كما تم عرضه أيضاً في مهرجان "رؤى" من الواقع السينمائي الدولي في سويسرا.

صحافية @nojaaaaa

 

الـ The Independent  في

19.11.2024

 
 
 
 
 

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

الفيلم يمثل مصر في المسابقة الرسمية بـ«القاهرة السينمائي»

القاهرةانتصار دردير

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يمثّل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 من 13 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ردوداً واسعة عقب العرض الأول له الذي أقيم، مساء الاثنين، حيث استُقبل بحفاوة كبيرة وسط ضحكات وتصفيق تواصل داخل صالة العرض.

«دخل الربيع يضحك» هو أول الأفلام الطويلة لمخرجته نهى عادل، ويروي 4 قصص قصيرة تنطلق في موسم الربيع، ويتّخذ من رباعية الشاعر الراحل صلاح جاهين «دخل الربيع يضحك لقاني حزين» عنواناً ومنطلقاً لأحداثه.

بطلات الفيلم اللواتي اصطففن على المسرح بوصفهنّ أكبر فريق عمل لفيلم بالمهرجان، اختارتهن المخرجة من غير المحترفات لكنهن تمتعن بـ«تلقائية ومصداقية مدهشة في الأداء»، وفق نقاد.

تقدّم المخرجة 4 حكايات بين الغضب والأحزان والدّموع المخفيّة وسط ضحكات بطلاته الظاهرة خلال فصل الربيع، لكن مع بداية ذبول الأزهار يأتي الخريف ليختتم القصص بشكل غير متوقع.

ترصد الحكايات قصصاً عن النساء، لتكشف عن علاقات تبدأ وردية ضاحكة مفعمة بالثقة والأمل، ومن ثَمّ تنقلب لمعركة مفاجئة بين أطرافها، يكشف فيها كلّ طرف أسرارَ الآخر المخفية، كما في الحكاية الأولى التي تجمع بين أم وابنتها وفي ضيافتهما جارهما المُسن ونجله، وفي الخلفية ينطلق صوت عبد الحليم حافظ في حفل الربيع، وتسود أحاديث ودّية بينهم، وما أن يُعلن الابن عن رغبة والده الكهل في الزواج من الأم، حتى تنطلق الابنة في هجوم حاد عليهم، وتعلو الأصوات، وتتبادل الاتهامات المخزية.

وبينما تحتفل مجموعة من الصديقات بعيد ميلاد إحداهن، تنقلب الحكاية الثانية نتيجة سوء فهم يكشف زيف الصداقة بينهن، ويفضح رأي كل واحدة منهن في الأخرى، وتتحول السعادة إلى حزن، وهكذا تتكرر النهايات الحزينة بصورٍ مختلفة في قصة تجري أحداثها خلال حفل زفاف، ورابعة تدور أحداثها داخل صالون تجميل.

تعتمد كل قصة على التصوير داخل «لوكيشن» واحدٍ، عبر لقطات مقرّبة تكشف كثيراً مما أخفته الوجوه.

ويرى الناقد رامي المتولي أن الفيلم يواجه خيارات صعبة وتفاصيل كثيرة ركّزت عليها المخرجة بأسلوب خاص بها حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً أن اللقطات القريبة تكون مصدر اهتمام كبيراً لأنها تتطلب تعبيرات في الوجه.

وعَدّ المتولي لجوء المخرجة للاستعانة بممثلات غير محترفات خياراً مهماً أسهم في خلق حالة تواصل مع الجمهور وفي تصديقه لهنّ، مشيداً بالمستوى الفني للفيلم والسيناريو الذي كتبته المخرجة بإحكام بوصفه فيلماً طويلاً يطرح 4 قصص، وكان لترتيب وضعهم دلالات مهمة، لتؤكد أن الإنسان عندما يتأزم ومهما كانت ثقافته سيتصرف بطريقة أبطالها نفسها.

واستعانت المخرجة بأغنيات عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وليلى مراد في خلفية مشاهد القصص الأربع، وأهدت لهم الفيلم كما أهدته لسعاد حسني وصلاح جاهين.

وأثبتت نهى عادل مخرجة الفيلم التي سبق أن قدّمت فيلمين قصيرين «مارشيدير»، و«حدث ذات مرة على القهوة» قدرتها على إدارة هذا العدد الكبير من الممثلين غير المحترفين بفيلمها الجديد «دخل الربيع يضحك»، وكشفت في تصريحات صحافية أن هذه القصص ظلت تطاردها منذ عام 2019 .

وأكدت تأثير الربيع العميق على رؤيتها؛ إذ تعدّه موسماً من التناقضات القاسية والحقائق والأسرار الخفية، وأنه كان وراء إلهامها في كتابة الفيلم، مشيرة إلى أنها تُقدّم حكايات فريدة شهدتها، وسمعت ببعضها، وربما كانت جزءاً من نفسها، عبر قصص النساء اللاتي التُقطت من منظور معقّد ومربكٍ.

الفيلم من إنتاج المخرجة كوثر يونس وأحمد يوسف، وذكرت يونس عبر تصريحات لها سعيها لتوفير منصة للأصوات النسائية وعدم تهميش أصواتهن في عالم غالباً ما يتجاهلهن، مؤكدة أن الفيلم يُزيل التّوقعات المجتمعية ليكشف عن التعقيدات الخفيّة، متحدياً مفاهيمنا عن السعادة، ويلتقط خيطاً مشتركاً من الضّعف والتناقض يوحدنا جميعاً، متطلّعة لمساهمة الفيلم في خلق مجتمع أكثر تعاطفاً وشمولاً.

وعَدّ الناقد طارق الشناوي الفيلم اختياراً موفقاً من المهرجان في ظل ندرة الأفلام الجيدة، مؤكداً أنه عرضٌ جديرٌ بتمثيل مصر، وقد وصفه بـ«آخر مرحلة في الحداثة» حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بصدد مخرجة قرّرت أن تقدّم الصّعب فنياً، باختيار أبطالها من هواة التمثيل حتى لو كان لبعضهم تجارب مسبقة، لا ينفي كونهم هواة، لذا منحتهن هامشاً مقنناً من العفوية».

ويشير الشناوي إلى أن القصص القصيرة يضمّها عنوان واحد يُعطي خطاً عاماً للمخرجة لتلتزم به، لكنه في النهاية يُعدّ فيلماً طويلاً؛ لأن الحكايات لها عمق واحد، وقد نجحت المخرجة المؤلفة في الحفاظ عليه كما الحفاظ على إطار خاص لكل قصة.

ويلفت الشناوي إلى أن «الفيلم قد يواجه مشكلة عند عرضه حيث اعتاد المشاهد المصري أن يذهب للنجوم الذين يعرفهم، وإذا تغاضى عن ذلك فسينتظر لكل حكاية نهاية محدّدة، وهو ما لا يحققه الفيلم».

 

الشرق الأوسط في

19.11.2024

 
 
 
 
 

بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي..

صناع مسلسل موعد مع الماضي يكشفون تفاصيله

إيناس عبد الله

      آسر ياسين: حاولت تقديم شخصية المنتقم بشكل غير نمطى

      محمود حميدة: هذا العمل جعلنى أتراجع عن قرار عدم المشاركة فى المسلسلات

      محمد علاء: شعرت بفرحة عارمة لاختيارى دور القاتل المأجور

      شريف سلامة: أسعى للتنوع منذ بداية عملى بالتمثيل.. وقبلت الدور لأنه مختلف

ربما لأول مرة فى تاريخ الدراما التليفزيونية بمصر والوطن العربى، يتم الاحتفال باقتراب عرض مسلسل على مدى يومين متتاليين، هذا ما حدث مع مسلسل «موعد مع الماضى»، المقرر عرضه يوم ٦ ديسمبر المقبل، على منصة نتفليكس العالمية، حيث تم عمل عرض خاص له ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى، وأقيم العرض بالمسرح الكبير بدار الأوبرا، وتم بيع تذاكره بالكامل، ورفع شباك التذاكر لافتة «كامل العدد»، وسار أبطال المسلسل، وهم فى كامل أناقتهم، على السجادة الحمراء، مثلهم فى ذلك مثل أبطال الأعمال الكبرى المشاركة فى مسابقات المهرجان، وهو الأمر الذى أثار حالة اندهاش كبيرة لدى البعض، خاصة أنه غير مألوف، ومعتاد فى مهرجان سينمائى، أن يُقام عرض خاص وسجادة حمراء لمسلسل تليفزيونى، وطالت حالة الإستغراب مدير «القاهرة السينمائى» نفسه، الناقد عصام زكريا، الذى حكى قبل بدء عرض الحلقتين الأولى والثانية للعمل على شاشة المسرح الكبير بدار الأوبرا، أنه كان مندهشًا من عرض المسلسل بالمهرجان، لغرابة الفكرة، لكن الذى بدد قلقه، وجعله يوافق على تنفيذها، أنه تذكر أثناء حضوره مهرجان فينسيا السينمائى وهو واحد من أهم المهرجانات السينمائية، كانت هناك عروض خاصة لثلاثة مسلسلات وليس مسلسلًا واحدًا، فى إشارة إلى حالة التكامل بين الأشكال المختلفة للفن، خاصة مع التطور الكبير الذى تشهده صناعة المسلسلات والتى أصبحت قريبة من صناعة السينما.

الغريب أنه لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل أقيم فى اليوم التالى للعرض الخاص، مؤتمر صحفى حضره مخرج المسلسل السورى سدير مسعود، برفقة ٩ من أبطال العمل الرئيسيين، فيما غابت الفنانة صبا مبارك، والتى لم تحضر العرض الخاص أو المؤتمر، أما عن الحضور فهم الفنانون محمود حميدة، شيرين رضا، آسر ياسين، شريف سلامة، هدى المفتى، ركين سعد، محمد علاء، تامر نبيل، ومحمد ثروت.

تحدث كل واحد منهم على أهم الأسباب التى دفعته إلى المشاركة فى هذا العمل وكواليسه، وكانت البداية مع الفنان محمود حميدة، والذى قال إنه اتخذ قرارًا منذ آخر أعماله التليفزيونية «نقل عام» إنتاج ٢٠٢٢، اتخذ قرارًا بعدم العمل فى الدراما التليفزيونية مرة أخرى، والتفرغ فى السينما التى يعشقها، لكن مع انتشار المنصات الرقمية، والاتجاه لإنتاج مسلسلات قصيرة الحلقات من ٦ لـ ١٠ حلقات فقط، بأسلوب سينمائى، تغيرت وجهة نظره، ولاقت التجربة قبولًا وترحابًا منه، فعدل عن قراره، ووافق على الاشتراك فى بطولة «موعد مع الماضى».

لكن حميدة فجر مفاجأة أنه كاد يتراجع مرة أخرى لكن لسبب مختلف، وقال: حينما عُرض المسلسل علىّ لم أكن أعرف أنه مأخوذ من فورمات لعمل مكسيكى، وهذا الأمر أزعجنى بشدة، لأنه طوال حياتى كنت أرفض إعادة تقديم أى عمل، سبق وقدمه غيرى، لكن لم أستطع الاعتذار، لأننى وقعت بالفعل على المسلسل، لكن عرفت بعد ذلك أن مسلسلنا مختلف تمام عن المسلسل المكسيكى، والذى تم عمل ٣ مواسم منه، لكن مسلسلنا تم تمصيره تمامًا وعمل جزء واحد فقط يضم ٨ حلقات، وكانت تجربة رائعة، تشجعنى على تكرارها، رغم أن موعد على الماضى تم تصويره على مدى عامين، وهو ما يؤثر بشكل كبير على أداء الممثل، لكن هنا يظهر الممثل المحترف المتمكن من أدواته والقادر على العودة للشخصية مرة أخرى مهما طالت مدة التصوير.

من جانبه اعترف الفنان آسر ياسين أن الشخصية التى يلعبها، وهى لشاب ينتقم ممن ظلموه هو وأسرته، سبق وتم تناولها فى أكثر من عمل، وأن هناك صورة نمطية لهذه الشخصية فى أذهان الناس، لكنه مع هذا العمل كان حريصًا تمامًا على تقديم أداء مختلف، وما شجعه على هذا الأجواء التى فرضها المخرج سدير مسعود بالعمل، ووجود هذا الكم الكبير من النجوم الكبار، وأدائهم المتميز الذى ينعكس على أى فنان يعمل معهم.

وأبدى آسر سعادته الكبيرة بالمسلسل وبتعاونه مع المخرج سدير الذى قدم تكنيكًا مختلفًا، وصورة مبهرة، وأظهر قدرة كبيرة فى إدارة العمل بشكل احترافى، وأثنى على اختياره الأبطال الشباب، الذين لعبوا نفس الأدوار، لكن فى مرحلة سنية مختلفة، وقال: «كان شيئًا غريبًا أن أشاهد فنانًا شابًا يلعب نفس دورى فى مرحلة أصغر، وهو شبهى بالفعل حينما كنت صغيرًا، وشعرت بأحاسيس غريبة، لم تكن مقتصرة على وحدى، بل طالت كل زملائى الذين كان لهم شبيها فى اللوكيشن مثل تامر نبيل الذى تم اختيار شاب شبهه تمامًا وهو صغير.

وتحدث مخرج العمل سدير مسعود موجهًا كلمة شكر لكل الفنانين والفنيين المصريين الذين تعاونوا معه، وقال إن الصورة المبهرة والديكورات والجرافيك وكل ما أثار إعجاب الجمهور الذى شاهد الحلقتين الأولى والثانية، صناعة مصرية خالصة، فلم يستعن بأى خبراء أو محترفين أجانب.

وكشف سدير عن أنه لم يشاهد النسخة المكسيكية للمسلسل، وتعامل معه على أنه مسلسل مصرى عادى، بعد أن نجح السيناريست محمد المصرى فى كتابة عمل متكامل برؤية مصرية، فلم يكن بحاجة إلى رؤية الفورمة الأصلية.

وقال إن الحلقات المقبلة ستشهد الكثير من المفاجآت، حيث سيظل المشاهد فى حيرة من أمره طوال الحلقات.

وعن تغير جلده فى أحداث هذا المسلسل قال الفنان شريف سلامه إنه منذ يومه الأول فى مجال الفن، وكان حريصًا على التنوع والاختلاف، والخروج من تصنيفه بنوعية محددة من الأدوار، فقدم شخصيات مختلفة على مدى مشواره الفنى تعكس موهبته وقدراته التمثيلية، وكان هذا سبب قبوله للعب دور على بمسلسل موعد مع الماضى، وهو مختلف تمامًا عن شخصية أحمد التى لعبها فى مسلسل كامل العدد بموسمين، وبصدد تقديم موسم ثالث، والذى حقق من خلالها نجاحًا كبيرًا.

وأبدى الفنان محمد علاء سعادته الكبيرة بدور القاتل المأجور بالمسلسل، وقال إنه كان كالطفل حينما عُرض عليه هذا الدور، حيث لم يصدق أن هناك مخرجًا يراه فى هذه المنطقة بعد عدد من الأدوار الرومانسية التى قدمها من قبل.

وأشار إلى أن هذه الشخصية صعبة للغاية، حيث إنها لرجل متبلد الأحاسيس والمشاعر، وعيونه مليئة بالجمود، وهو ما أرهقه فى التصوير، لكنه شعر بمتعة كبيرة أثناء تجسيدها.

أما الفنان محمد ثروت والذى يقدم الضحكة الخفيفة الوحيدة بالعمل فقال إن طبيعة دوره بالمسلسل تتيح له فرصة إطلاق إفيهات بين وقت إلى آخر، وهو ما يحبه ويميل له، وكان من الممكن أن تزداد مساحة الضحك بالعمل، حيث كان يقول إفيهًا أو أكثر بالمشهد الواحد، لكن المخرج كان يطلب منه عدم فعل ذلك، وتابع: «كل مرة أفاجأ بالمخرج يطلب منى إعادة تصوير المشهد دون الإفيه، رغم أنه كان يضحك على ما أقوله، وفى النهاية أنصاع لرغبته فهو قائد العمل».

واعترفت الفنانة هدى المفتى أنها لم تستطع تأدية مشهد وفاتها غرقا بالمسلسل، وقالت إنها رغم تعلمها رياضة الغوص قبل التصوير، لكنها لم تستطع أداء مشهد غرقها بالمسلسل، واضطر فريق العمل إلى الاستعانة بدوبليرة لتأدية المشهد بدلًا منها.

وقالت إن التصوير كان يتم فى أجواء غاية فى الصعوبة، حيث كان يتم التصوير فى شهر يوليو بالغردقة، وكان النهار شديد الحرارة، وشديد البرودة ليلًا، كما أن التصوير يتم بمركب داخل البحر، وكثيرًا ما تحدث ظروف خارجة عن الإرادة فيتعطل التصوير.

وقالت الفنانة شيرين رضا، إن التصوير تزامن مع الحادث المؤسف حينما التهم قرش أحد السائحين، وكانت هناك اجراءات صعبة انعكست على التصوير.

أما عن طبيعة دورها بالمسلسل فتكتمت شيرين وقالت إن أى حديث عن دورها حاليًا من شأنه أن يحرق كثيرًا من المفاجآت بالحلقات المقبلة، لأن شخصيتها غامضة لم تفصح عنها أحداث الحلقتين الأولى والثانية، ولم يعرف المتلقى إذا كانت أم مغلوبة على أمرها، تسعى للحفاظ على أسرتها، أم أن وراءها سرًا كبيرًا.

وعن دورها تحدثت الفنانة ركين سعد:أختار أدوارى بناء على الورق والشخصية فى المقام الأول، ودائمًا السؤال بالنسبة لى: «ماذا ستضيف هذه الشخصية لحياتى المهنية»، وفى الحقيقة العمل على مسلسل موعد مع الماضى هو إضافة كبيرة بسبب مجموعة النجوم المشاركين.

وعن التشابه بين دورها بهذا العمل مع أعمال أخرى لها، نفت وجوه أى تشابه، وقالت:

لم أشعر بالتشابه مع أى شخصية قدمتها من قبل، فشخصية ليلى فى موعد مع الماضى مختلفة فهى لفتاة تحب المواجهة والمغامرة.

وأخيرًا تحدث الفنان تامر نبيل عن دوره بالمسلسل موضحًا أنه من أصعب الأدوار التى قدمتها، فهى شخصية كتومة للغاية، ومشاعرها مكبوتة، وعليه معظم تمثيله بلغة العيون، فهو طوال الوقت يراقب من بعيد وغير مندمج فى الأحداث.

وتابع: «لكن صعوبة الشخصية لكنها ممتعة بكل انفعالاتها والتجربة بالنسبة لى كانت رائعة ومتميزة».

جدير بالذكر أن مسلسل «موعد مع الماضى» من إنتاج محمد مشيش، وإخراج سدير مسعود، وكتابة محمد المصرى، ويضم مجموعة من الفنانين، من بينهم آسر ياسين، محمود حميدة، شريف سلامة، شيرين رضا، ركين سعد، محمد ثروت، محمد علاء، تامر نبيل (شريف) وهدى المفتى (نادية) إلى جانب الفنانة صبا مبارك.

تدور أحداث المسلسل الذى يمتد على ثمانى حلقات، فى مصر؛ حيث يخوض «يحيى» رحلة محفوفة بالمخاطر لكشف الحقيقة وراء مقتل شقيقته نادية، ومع تصاعد الأحداث، تصبح كل الشخصيات مشبوهة، ولا شىء يبدو كما هو.

 

الشروق المصرية في

19.11.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004