ملفات خاصة

 
 
 

دخل الربيع يضحك فسقطت كل الأقنعة

محمود عبد الشكور

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

أسعدتني هذه التجربة السينمائية الطموحة، التي تمتاز بكثير من النضج والحيوية والإتقان، مع أن هذا الفيلم، وعنوانه " دخل الربيع يضحك "، والذي عرض في المسابقة الدولية لـ مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الخامسة والأربعين، هو العمل الروائي الطويل الأول لمخرجته ومؤلفته نهى عادل، ومن إنتاج المخرجة كوثر يونس، ولاشك عندي الآن، بعد أن شاهدت الفيلم، أنه من أفضل الأفلام المصرية التي شاهدتها قبل نهاية 2024 ، وأن مخرجته الشابة ستكون اسما مهما في عالم الإخراج والتأليف.

الفيلم، الذى استوحى عنوانه من رباعية شهيرة للراحل صلاح جاهين يقول مطلعها " دخل الربيع يضحك لقاني حزين"، يحقق نجاحه الفني أولا بفكرته اللامعة ، فالربيع كما هو معروف هو شهر البهجة والغناء وتفتح الزهور وحفلات عبد الحليم وفريد الأطرش، والأخير صاحب أشهر أغنية عن الربيع، ولكن الربيع فى مصر أيضا هو شهر العواصف والخماسين المتربة، وشهر أبريل مثلا ، وهو عز الربيع، هو شهر الغبار والأكاذيب" كما جاء فى رواية نجيب محفوظ "ثرثرة فوق النيل"، أى أننا أمام فصل هو مزيج من الجمال والقبح، فرحة وبهجة سرعان ما تتحول إلى عواصف، ثم يروق الجو، وقد تنزل أمطار قليلة أحيانا، تغسل التراب العالق فى الهواء.

نهى أخذت أحوال طقس الربيع المتقلب، ونقلتها ببراعة وذكاء إلى عالم الطبيعة البشرية المتقلبة والمعقدة، وسردت أربع حكايات مصرية نسائية عجيبة تحدث فى شهور الربيع الأربعة : مارس وأبريل ومايو ويونيو، تبدأ كل حكاية بثرثرة عادية لا معنى لها، وسط أجواء فرحة وأغنيات، ثم فجأة تسقط الأقنعة، وينكشف المستور عن القبح الإنساني، ويبدأ الصراع والردح ، وتنطلق الشتائم، وتظهر الفضائح، ثم تهدأ الأمور، بعد أن حدثت تعرية كاملة للنفوس وللضمائر.

هكذا تقوم "تيمة" واحدة بربط القصص الأربع، رغم انفصال كل حكاية بأحداثها المستقلة، وهذه "التيمة " هى "سقوط الأقنعة فى فصل الربيع المتقلب"، ثم تغلق نهى فيلمها بالعودة إلى الحكاية الأولى، لتمنحنا أملا فى شهر سبتمبر بأن الفرحة ما زالت ممكنة، وأن المشاعر الجميلة، يمكن أن تأخذ فرصة، فى فصل قادم، أكثر استقرارا من تقلبات الربيع.

ضربت الفكرة عدة عصافير بحجر واحد: فالحواديت نسائية مصرية بامتياز، فيها الخصوصية المحلية، ولكن فيها المعنى الإنسانى العام، عن تعقد البشر، وصعوبة السيطرة على تناقضاتهم، كما أن الفكرة فرضت شكلا صعبا تم ترجمته كتابة وتنفيذا بامتياز، بحكايات منفصلة الشخصيات، ولكنها متصلة ومتكاملة المعنى، كما فرضت حلا فنيا صعبا، تحقق أيضا بدرجة مدهشة من النضج، وهو الاعتماد على الحوار ، وعلى وحدة الزمان والمكان فى كل قصة، ولكن دون ملل، كما تحقق أيضا أمر آخر، هو ذلك المزيج الممتنع والصعب جدا، من الغناء والثرثرة والشجار والضحك والصراخ والبكاء، والمذهل بالنسبة لى أن تنجح نهي، مع فريق تقنى ممتاز، ومع ممثلين فى أدوارهم الأولى فى معظمهم، فى أن تتحكم فى "مود" كل حكاية، صعودا وهبوطا، وأن تضحكنا وتبكينا كيفما شاءت، وأن تفاجئنا أيضا بنهاية كل حكاية، مثلما يفعل كبار المخرجين، وأن نتقبل هذا التقلب الإنساني، ثم ننغمس معها داخل كل حكاية، فلا نستطيع الخروج منها، إلا بالانتقال إلى حكاية أخرى، وتبقى أخيرا كل الحكايات معنا فى الذاكرة، نتأملها، ونستغرب من أحوال الناس، وربما نخجل أيضا من تقلبات لا نراها، ولا نلاحظها فى داخلنا، وقد لا نفهمها أيضا.

ربما اختارت نهى حكايات النساء بالذات، لأنهن أكثر حساسية وتقلبا من الناحية العاطفية، ولأن من السهل اختبار تقلبات الفرحة والحزن والغضب فى قصص وطقوس معروفة تتعرض لها المرأة فى يوم زفافها مثلا، أو ربما لأن نهى كتبت عن تجارب ملهمة تعرفها.

لكن معنى الفيلم فى رأيى يتجاوز المرأة، إلى فكرة الظاهر والباطن عند البشر عموما، ولعبة الوجه والقناع، والصراعات الداخلية الصعبة التى تكمن فى داخلنا، مع الدراسة النفسية والاجتماعية البارعة للبشر، واختبار تأثير بعض العادات والتقاليد الاجتماعية على السلوكيات الغريبة، والمرأة بالذات تعانى من هذه التقاليد، وتتحدد مصائرها من خلال تلك العادات والتقاليد، وتقوم المرأة بدورها بمحاولة التكيف والتظاهر فى مواجهة تلك الضغوط، ثم سرعان ما يحدث الانفجار المتوقع، والذى تم تقديمه بدرجة مدهشة من التنوع والقوة.

لم يحدث أبدا أن كانت كل حكاية أقل من سابقتها، بل إن كل قصة تتكامل مع القصة الأخرى، وتقدم تنويعة على نفس التيمة، وصولا إلى نهاية أكثر تفاؤلا بعد هذه الجرعة المكثفة والمشاعر الصاعدة والهابطة، الرقيقة والقاسية، ففى الحكاية الأولى تتحول زيارة من جار عجوز وابنه إلى جارتهما العجوز وابنتها، من حديث لطيف ورقيق، إلى عنف لفظى مفزع، لأن ابنة الجارة ترفض أن يتقدم الجار العجوز للزواج من أمها، ويتحول الأمر إلى تعرية كاملة لخبايا النفوس، تجبر الجار العجوز وابنه على الانسحاب.

وفى القصة الثانية، يتحول عيد ميلاد سيدة ثرية متعالية، إلى فضيحة غير مقصودة، عندما تتسرع السيدة بالاعتراف بأن زوجها قد تزوج عليها سيدة سورية، وفى القصة الثالثة التى تدور فى محل كوافير شعبي، تتحول فرحة تزيين عروس، إلى إهانة مؤلمة لكل الحاضرات، وبالذات للعاملة التى تزين شعر العروس، بعد أن تعرضت للاتهام، بأنها سرقت خاتم العروس، ويتأزم الموقف أكثر عندما نعرف ، بعد خروج العاملة من المحل، أن ابنها هو الذى سرق الخاتم، ونهاية هذه القصة مفتوحة، فرغم ثورة الأم على ابنها السارق، وضربها له، إلا أنها تسير معه، دون أن نعرف هل ستعود إلى المحل لتسليم الخاتم من باب الأمانة؟ أم سيعودان إلى بيتهما بالخاتم المسروق انتقاما من إهانات ومذلة العروس؟

وفى الحكاية الرابعة، تحوّل آخر فى جلسة تصوير عروس، من الفرح والسعادة، إلى الشجار مع ضيفة جريئة، لا ترغب أم العروس فى وجودها، فتكشف الضيفة المستور عن عريس الفتاة، ثم تكشف الفتاة نفسها عن مفاجأة مدوية.

نعود فى النهاية إلى الحكاية الأولى بعد شهور، حيث يلتقى الجار العجوز مع جارته فى مطلع سبتمبر، تعرض عليه تذكرة لحفلة سيغنون فيها أغانى فريد الأطرش، فيقبل التذاكر بعد تمنّع، ويغنى مع جارته العجوز أغنية "الربيع"، فينفتح الباب لبداية جديدة، خاصة أن الجارة العجوز قد أحضرت معها قطا جميلا، لكى يتزوج من قطتها الوحيدة.

تفصيلات شديدة العذوبة، نسجت بإتقان فى مكانها، وصورت بكاميرا مختبئة متسللة، فمنحت الفيلم كله طابعا تسجيليا عفويا وتلقائيا، مع أن كل شيء تم التدريب عليه.

قالت لى كوثر يونس منتجة الفيلم، والتى شاركت بدور الضيفة غير المرغوب فيها فى الحكاية الرابعة، إن هذا المستوى من أداء الممثلين، لم يكن ممكنا بدون بروفات كثيرة، وقد توقعتُ أنهم استخدموا خمس أو ست كاميرات فى وقت واحد، لكى نرى مثل هذه الطبيعية والتلقائية والفوضى الحرة فى الانفعال فى كل المشاهد بلا استثناء، ولكن كوثر فاجأتنى بأنهم استخدموا كاميرتين فقط فى وقت واحد، ثم تم توليف المادة المصورة، وانتقالات الكاميرا المحسوبة، بمونتاج بديع قامت به سارة عبد الله، فتحقق هذا التنوع فى الجو والانفعال، وبأداء ممتاز حقا من كل الممثلين والممثلات.

وإذا جاز لى أن أشير إلى بعض التميّز، يمكننى الحديث بشكل خاص عن الرائع د. مختار يونس، والد كوثر، فى دور العجوز، الذى ذهب بحسن نية للزواج من جارته العجوز، والذى تتغير تعبيراته من الفرح إلى الحزن والشعور بالمهانة والخذلان، وكذلك أداء الممثلة التى لعبت دور السيدة الثرية فى عيد ميلادها، وصفاقتها وتعاليها على غريمتها، ثم اعترافها، وشعورها بالصدمة والضعف والهوان، بعد أن تسرعت وفضحت نفسها دون داع، ولا أنسى أيضا تميز كوثر يونس فى دور الضيفة غير المرغوب فيها، ونجاحها فى التنقل بين اللمسة الكوميدية والمواجهة الجادة والعنيفة.

أن تنجح مخرجة وكاتبة فى فيلمها الطويل الأول فى تقديم أربع قصص متكاملة بهذه الدرجة من البراعة، لهو أمر يدعو إلى السعادة والبهجة، ننتظر منك الكثير يا نهى، وشكرا لكل فريق هذا الفيلم البديع، الذى أكد لنا ما كنا نقوله بأن السينما المصرية بخير، طالما فيها كل هذه المواهب الحقيقية، فى فروع الفيلم المختلفة.

هذه التجربة الناجحة ترجمت حرفيا أيضا ما كنا نكرره بأن الأفلام ليست بالميزانيات الضخمة، ولكن بالرؤية ونضج المعالجة، وبتوظيف العناصر الفنية والممكنة بأفضل طريقة.

وقد حقق فيلم "دخل الربيع يضحك" كل ذلك بامتياز، مقدما نماذج مركّبة من القسوة والرقة والجمال والقبح فى مزيج متفرد، إنسانى جدا، وممتلئ ببهجة جميلة أغنيات كثيرة، وظفت فى مكانها ببراعة، ووسط طوفان من صرخات الغضب الساطع، ودموع المهانة والخذلان.

 

أكتوبر المصرية في

01.12.2024

 
 
 
 
 

الفيلم الروسي Philately..

رسائل الحلم والوحشة والانتظار

القاهرة -نور هشام السيف

هناك أفلاماً تأخذنا بعيداً عن واقعنا، لا لتسرد لنا قصصاً فحسب، بل لتغزل أمام أعيننا عوالم شديدة الرهافة، مليئة بالحب، الوحدة، والأحلام

الفيلم الروسي Philately، للمخرجة نتاليا نازاروفا، والحائز على جائزة الهرم الفضي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45، ينتمي إلى تلك الفئة النادرة التي تشبه الطوابع ذاتها: صغيرة، لكنها تحمل أوزاناً من الحكايات والمسافات.

حياة على هامش البريد

"يانا" بطلة الحكاية، والتي تقوم بالدور الممثلة الشابة ألينا خوجيفانوفا، تعيش في مدينة شمالية باردة، اعتاد والدها على جمع الطوابع، وواصلت هي المسيرة، تنتظر "يانا" أباها المفقود، لكنها لا تأمل العودة، تعمل في مكتب بريد، لكنها ليست مجرد موظفة في المكتب، بل أشبه برسالة لم تُفتح بعد، شخصية مليئة بالأسرار والألوان.

تعاني "يانا" من آثار شلل دماغي، سببت لها إعاقة بسيطة في طريقة النطق والسير، لكنها تحمل في داخلها عالماً مليئاً بالنقاء والبراءة، تبدو غريبة عن الآخرين، مثل طابع من دولة مجهولة في مكتب البريد، حيث تصطف الرسائل كأحلام مؤجلة، وجدت "يانا" عالمها.

الطوابع ليست مجرد صور صغيرة بالنسبة لها، إنها نوافذ تطل على أراضٍ بعيدة، على غابات ومحيطات، على حياة لم تعشها لكنها حلمت بها دائماً.

تمكنت ألينا من تقديم أداء مُتقن لشخصية معقدة تعاني من إعاقة جسدية وضعف في القلب، رغم أنها في الواقع ليست معاقة، هذا الانصهار الشديد في تقمص الدور، جعل الكثير من المتلقين يتجادلون حول حقيقة الممثلة.

في مشهد المقابلة التلفزيونية، وهو أحد أكثر اللحظات حساسية وعاطفية في الفيلم، حيث تُسأل "يانا" عن هوسها بجمع الطوابع، فتجهش بالبكاء بشكل مفاجئ قائلة: "هواية خالصة وممتعة ولا تلحق أي ضرر، بل تجلب السعادة التي نفتقدها في الحياة  في عالم صغير من الطائرات، المناطيد، الجغرافيا، سلسلة علماء، إنه عالم مثالي وجميل، يتناقض تماماً مع قسوة العالم الخارجي. الطوابع تحمل صوراً لأماكن لم نزرها قط، ونباتات وحشرات و مدن، وكأنها استثمار في أحلام بعيدة المدى نعوضها عن الواقع".

لم يكن الحديث هنا مجرد وصف لهواية، بل كان كشفاً عن مدى عمق الوحدة والضعف الذي تعيشه، البكاء جاء كرد فعل لا إرادي على حقيقة مؤلمة، وهي أن هذا العالم الذي تراه من خلال الطوابع، جعلها تدرك في منتصف اللقاء انه لا يمكنها الوصول إليه.

من جانب آخر، كشف انهمار دموعها انكساراً مؤقتاً لحاجز القوة التي تحاول إظهارها، و عن صراعها الدائم بين الرغبة في الهروب من نظرات الشفقة، وبين حاجتها العميقة للتواصل والقبول.

الطوابع و تفاصيلها هو مفتاح الحديث الأسهل و الأكثر إثارة حديث يتدفق كشلال من المعلومات والحكايات والأسرار، لا تجد "يانا" ضيراً أن تكون عضوة مع مجموعة أعضاء كبار في السن ينتمون إلى جمعية لمحبي الطوابع، وهم بالمناسبة أعضاء حقيقيون من نادي هواة جمع الطوابع المحلي في مدينة مورمانساك بشمال غرب روسيا، إلا أنهم وعلى الرغم من عدم احترافهم التمثيل، قدموا أداءً تلقائياً ومميزاً، في مشاهد الجمعية، حيث تعاني "يانا" الرهاب الاجتماعي، وتخجل من اعتلاء المنصة، بنظراتها القلقة التي تحمل الكثير من التساؤلات والهلع، لكن سرعان ما أدركت أن وجودها هنا يرسم لها  بطولة مؤقتة لشخصية تعيش على هامش الحياة.

برعت الممثلة ألينا في المزج بين ردود فعل طفولية مفعمة بالبراءة، وسلوكيات دفاعية عدائية تكشف خوفها من الشفقة أو السخرية، أضفت أبعاداً فكاهية للشخصية جعلتها أكثر إنسانية وقرباً من الواقع.

"بيتر".. البحر الذي عانق اليابسة

وسط هذا العالم الصغير، يظهر "بيتر"، البحّار الوسيم (يقوم بالدور الممثل ماكسيم ستويانوف) الفائز بجائزة أحسن ممثل في المهرجان، "بيتر" الشخصية التي تضفي الحيوية على حياة "يانا" المليئة بالعزلة، بدا وكأنه رياح عاصفة تسللت إلى مكتب البريد، لكن على الرغم من جاذبيته الواضحة، وعن كونه مختلفاً عن الزبائن العابرين بخفة ظله و ذكاء ردوده، إلا أنه يظهر كائن غامض، يعيش في توازن دقيق  بين الفضول والرغبة في العناية بشخص آخر، شخصيته لا تتسم بالكمال،  لكنه من خلال تفاعلاته مع "يانا"، يبحث "بيتر" عن شيء غير محدد، شيئاً يشبه العزاء أو النقاء.

لم يرَ في "يانا "تلك الغريبة، بل رأى عمقها، أعجب بنقائها، بحديثها الطويل عن الطوابع، بطفولتها التي كانت أشبه بملاذ من عالم بارد، يسألها بعد أن دفعه فضوله الشديد: لماذا أنت هكذا مختلفة؟.

لم يكن "بيتر" مجرد معجب، أو صياد يستدرج فريسته، كان يحمل قصةً دفينة: ابنته التي فقدها، والتي كانت تشبه "يانا" في حالتها المرضية، في هشاشتها وبراءتها، ومع ذلك تبقى علاقنه مع "يانا" في حدود منطقة غير محددة بين رغبة محتملة في الحب، وبين مسافة تتسع مع مرور الوقت.

الوجه الشرس للجمال

"فيرا" زميلة "يانا" في مكتب العمل (تقوم بالدور الممثلة إيرينا نوسوفا) تتباهى بجمالها الجذاب، دقيقة الملامح، دقيقة الأصابع، دقيقة الكلمات، نحيلة، مسننة الوجه، ممشوقة القوام، شعرت "فيرا"بالغيرة، كيف يمكن لفتاة ذات شكل متواضع، عرجاء وتعاني من قصور في القلب، أن تأسر اهتمام رجل مثل "بيتر"؟،  نرى لاحقاً  كيف تحولت الغيرة في السرد الدرامي إلى مكائد.

على الرغم من قسوة أفعال الزميلة، كانت هذه الشخصية جزءاً من رحلة "يانا" نحو فهم ذاتها وتحقيق استقلالها العاطفي، الشر الذي مارسته لم ينجح في كسر البطلة، بل ساعدها بشكل غير مباشر على مواجهة نقاط ضعفها واكتشاف قوتها الداخلية.

لغة الصوت والصورة

لا تستعرض المخرجة "نتاليا" عضلاتها الإخراجية حول مفهوم العزلة، بل استثمرت كل جهدها في لغة جسد الممثلين وانعكاس دواخلهم، دون استجداء مبتذل للعاطفة، ودون ترك السرد لمشاهد صامتة، كون المدينة ساكنة، الشخصيات محدودة، وسقف أحلامها أيضاً.

اعتمدت "نتاليا" بشكلٍ كبير على الضوء الطبيعي الذي يضفي شعوراً بالكآبة والبرودة في المشاهد الخارجية، تبدو السماء شاحبة، غارقة في أضواء رمادية باهتة حتى في أثناء ساعات النهار،  تعكس الغربة العنيفة التي تشعر بها البطلة وسط زحام زبائن المكتب.

على النقيض، نرى دفئاً حميماً في الإضاءة داخل غرفتها المنزلية، حيث تبدو المشاهد محاطة بألوان صفراء خافتة، بينما تهتم بشاي الكركرديه، وتردد دائماً أنه غني بالبوتاسيوم، هذا الدفء البصري تكتمل حميميته مع العالم الصغير المتمثل بألبوم الطوابع، لكنها أيضاً تُبرز ملء الفراغ الموحش، حيث يصبح ألبوم الطوابع هو بديل لألبوم العائلة، وبديل السفر، وبديل للشريك الحبيب، ألبوم الطوابع هو وسادتها الوثيرة، فراشها وملاذها الآمن.

وعندما تدخل شخصية "بيتر" إلى حياتها، تبدأ الإضاءة بالتغير تدريجياً، يظهر بيتر عادةً في مشاهد يغمرها غروب الشمس المنكسر أو الإضاءة الخلفية الناعمة، كما تبرز مشاهد البحر والسماء الليلية، كملاذ خيالي في حياة فتاة صدرت صورتها العدائية للآخرين وللجنس الخشن تحديداً، لكنها تلين تدريجياَ مع بيتر، وهنا تسود الإضاءة الزرقاء الناعمة التي تعكس الأمل والسكينة.

وعلى عكس السائد في الموسيقى التصويرية التي تعمل كنبض داخلي للشخصيات، خاصة لشخصية مثل "يانا"، حيث تعبر عن مشاعر لا تُقال بالكلمات، إلا أن الموسيقى في بعض المشاهد الخارجية رافقتها كلمات شعرية خالصة العذوبة، ونقلت بسحرها الخاص الانفعالات الجمالية للحن والإيقاع، أغنية قصيرة، تذهب وتجئ في مشاهد متقطعة، ترهف الأذن إلى نغمات ملائكية، وتولد شعور تناوب المتعة والمعاناة، السعادة والتعاسة، هذه المقطوعة الجمالية ختمت الفيلم بأن جعلت المشاهد يشارك معها الحب بكل الألم، ويشارك الألم بكل حب.

البريد الذي لم يصل

فيلم Philately هو تفاصيل صغيرة تُخفي خلفها حيوات كاملة، بين الطوابع التي تحمل صوراً لعوالم بعيدة، والبحر الذي يمتد بلا نهاية، و مكتب البريد الجاف حيث تتكدس الأظرف والصناديق.

كل لحظة في الفيلم، من ابتسامة خجولة إلى دمعة على الشاطئ، تشبه رسالة وُضعت في مغلف ولم تُرسل. كما لو أننا تلقينا رسالة مكتوبة بلغة لا نفهمها، لكنها تترك فينا أثراً لا يُمحى. الفيلم أيضاً يذكّرنا أن الحياة ليست في الرسائل التي نرسلها، بل في تلك التي ننتظرها دون أن تصل. وتبقى حكاية "يانا" الفتاة التي تخشى الحياة، لكنها تحلم بها بصمت.

 

الشرق نيوز السعودية في

01.12.2024

 
 
 
 
 

«دخل الربيع يضحك».. تجربة نسائية تحاكم فصل الزهور!

منى شديد

«دخل الربيع يضحك لقانى حزين.. نده الربيع على اسمى لم قلت مين.. حط الربيع أزهاره جنبى وراح.. وإيش تعمل الأزهار للميتين”.

.. من كلمات صلاح جاهين الحزينة عن الربيع، التى انطلقت منها فكرة فيلم «دخل الربيع يضحك»، وهو العمل الروائى الطويل الأول للمخرجة وكاتبة السيناريو نهى عادل، فى تجربة جديدة عبرت فيها عن مشاعر إنسانية وغضب مكتوم، من خلال أربع قصص لشخصيات نسائية تبدو مختلفة لكن تجمعها روابط دقيقة.. لها علاقة بالضعف الانسانى والعنف الدفاعى والبناء الدرامى الذى حافظت عليه المخرجة.

وكما تغنى جاهين بجمال الربيع فى أغنية سعاد حسنى «الدنيا ربيع والجو بديع”، جاءت أزهار نهى عادل الربيعية ذابلة، تخدعنا فى البداية بالألوان الزاهية التى تبدو مبهجة كما هو حال الشخصيات فى بداية كل قصة نبدأ معها المشهد وسط ضحكات وحوارات متدفقة، مرحها خادع لكنها تحمل بين طياتها مقدمات لكثير من التوتر الخفي، إذ تنقلب معه حالة المشهد تدريجيا مع تصاعد حدة الحوار، والكشف عن خبايا النفوس، وكلمات جارحة أشبه برياح الخماسين العاصفة التى تهب فى فصل الربيع محملة بالرمال والأتربة.

وتحمل كل قصة اسم أحد الشهور الأربعة لفصل الربيع لكنها تعود للخلف، حيث تبدأ القصة الأولى فى شهر يونيو بشرفة منزل سيدة راقية من سكان المعادي، تتعرض للإهانة بسبب انتقاد ابنتها الفج لضيوفها، عندما تعلم أن جارها الشاب جاء لطلب يد الأم لوالده المسن، وفى مايو تحتفل زازو بذكرى يوم ميلادها مع صديقاتها بمطعم عام يصبح زبائنه شهودا على معركة كلامية منفرة بينها وبين إحدى الصديقات.

بينما تقرر زبونة صالون تجميل فى «قصة أبريل» أن تحتجز العاملات والزبائن رهائن حتى تجد خاتمها الألماس المفقود، وتتهم بسرقته إحدى العاملات، وفى مارس تحتفل عروس مع «البرايد مايدز» فى أثناء الاستعداد لحفل الزفاف، بينما ترفض الأم حضور إحداهن لأنها مطلقة!

اعتمدت نهى عادل على ممثلين غير محترفين أغلبهم من أهلها وأصدقائها وشخصيات فى محيط حياتها، وبعض المشاهد التى شارك فى بطولتها شخصيات حقيقية بالمكان نفسه مثل المطعم وصالون التجميل، حتى إننا نتساءل أحيانا فى أثناء مشاهدة الفيلم عما إذا ما كان فيلما روائيا أم تسجيليا يتتبع واقع شخصيات حقيقية باعتبارها قصصا واقعية؟

ويؤدى شريط الصوت فى تلك القصص دورا كبيرا، إذ تخفف أصوات ليلى مراد وصباح وشادية وعبد الحليم وفريد الأطرش وسعاد حسنى من جفاف المواقف، ومع صوت فريد الأطرش فى «أوبريت الربيع»، وجملة «يبعت مع الربيع طيفه» التى يسمعها الجار د.مختار «يبعت مع الربيع صيفه»، نعيد التفكير فيما يمثله فصل الربيع، وهل صحيح أنه فصل الجمال أم أن دخول فصل الصيف هو الأجمل بعيدا عن رياح الخماسين والأزهار الذابلة؟

الفيلم أثار الكثير من الجدل فى أعقاب عرضه العالمى الأول فى الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولي، فطريقة السرد غير التقليدية والدراما التسجيلية، لا تُعتبر مُستساغة بالنسبة لمن اعتاد على الأفلام الروائية ذات القصة الواحدة، ببناء مقدمة ووسط ونهاية.

حصد الفيلم أربع جوائز فى تلك الدورة، وهى: جائزة الاتحاد الدولى للنقاد «فيبريسي» لأفضل فيلم، وجائزة صلاح أبو سيف لأفضل مخرجة (نهى عادل)، وجائزة المسابقة الدولية لأفضل فيلم مناصفة، وتنويه خاص للممثلة رحاب عنان.

 

الأهرام اليومي في

01.12.2024

 
 
 
 
 

Joy: The Story of IVF.. أو كيف تصلح الحقائق القديمة لإثارة الدهشة؟

القاهرة -عصام زكريا*

مثل البشر، بعض الأفلام صاخبة فنياً ومضموناً، وبعضها صاخب صوتاً بلا مضمون، وبعضها هادئ فناً ومضموناً يمر على المشاهد مرور الكرام، أما البعض الآخر فيحمل مضموناً قوياً ولكنه هادئ أكثر مما ينبغي، وهذه حالة فيلم Joy: The Story of IVF أو "جوي: قصة أطفال الأنابيب"، الذي بدأت منصة نتفليكس في بثه مؤخراً.

تحمل إحدى قصص الأديب يحيى الطاهر عبد الله عنوان "الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة"، وينطبق العنوان كثيراً على فيلم Joy.

يروي الفيلم واقعة علمية حقيقية طالما تكرر مثلها عبر التاريخ: عالم سابق لعصره يقضي حياته في اكتشاف أو اختراع شيء يفيد به البشرية، لكن بدلاً من التقدير يلقى التكفير، وبدلاً من المكافأة يتلقى الإهانة، وبعد أن يموت أو يشيخ يعاد إليه اعتباره، ويصبح بطلاً في عيون من كفّروه وأهانوه.

أبطال الأنابيب

من سقراط أول الفلاسفة إلى ابن رشد وابن سينا اللذين دافعا عن العقل والمنطق، إلى جاليليو الذي اكتشف أن الأرض تدور، إلى داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء، لطالما تعرض العلماء والمفكرون قديماً وحديثاً إلى شتى أنواع الاضطهاد والقتل أحياناً، قبل أن تدور عجلة الزمن فتنصفهم، قبل، وأحياناً بعد، فوات الأوان.

من هؤلاء ثلاثة مغامرون شجعان: عالم يسعى لعلاج مشاكل العقم في جامعة هارفارد، وجراح كبير صاحب مهارات استثنائية، وفتاة تعمل كممرضة تنضم إلى الاثنين في سعيهما إلى اختراع وسيلة غير مسبوقة تساعد النساء اللواتي يرغبن في الحمل، سوف يطلق عليها In Vitro Fertilisation أو "التخصيب داخل أنبوب"، والتي ستعرف لاحقاً باسم "أطفال الأنابيب".

يروي فيلم Joy قصة هؤلاء الثلاثي: د. روبرت إدواردز، والجراح باتريك ستيبتو، والممرضة جين بيردي، الذين واصلوا العمل على مدار عشر سنوات من 1968 وحتى 1978، رغم الفشل المتكرر واتهامات رجال الدين والصحافة والرأي العام لهم بالتعدي على قوانين الطبيعة والمشيئة الإلهية، وتشبيههم بالدكتور فرانكنشتين مخترع المسخ المرعب الشهير.

ما أشبه اليوم بالبارحة

فيلم Joy من إنتاج بريطاني خالص، حيث جرت وقائع القصة وحيث أثارت الجدل الأكبر، ومن إخراج بن تيلور عن سيناريو جاك ثورن، عن قصة سجل وقائعها كل من ريتشيل ميسون، إيما جوردون وشون توب.

وقد اختار صناع الفيلم من بين مئات الصفحات العلمية وعشرات الوقائع والشخصيات، أن يركزوا على شخصية الممرضة جين بيردي، رغم أنها من الناحية العلمية لم تساهم كثيراً في الاكتشاف والبحث، ولكن عرفت بإنسانيتها وإخلاصها.

ولعل كونها أنثى ساهم أيضاً في التركيز على دورها في كشف يهم النساء وأجسادهن وحريتهن، كما يبدو أن اختيارها يحركه أيضاً تلك المناظرات العنيفة التي تشهدها الولايات المتحدة والعالم حالياً حول حرية الإجهاض والحمل، والتي تستدعي مقولة "ما أشبه الليلة بالبارحة".

جوي.. أم جين؟

مع ذلك يشير اسم الفيلم، Joy، إلى شخصية أخرى، وهي أول طفلة تولد عن طريق الأنابيب، والاسم الذي يعني "فرح" بالإنجليزية، أطلقه الدكتور إدواردز على الطفلة بناء على طلب أمها، ولكن هذا الخط لا يستغرق سوى ثوانٍ في نهاية الفيلم ولا يسبقه تمهيد أو يتبعه استطراد.

كان يمكن أن يكون هذا خطاً درامياً قوياً، يركز على شوق النساء المحرومات من الأطفال إلى الأمومة، ومعجزة الإنجاب في حد ذاتها التي ساهم فيها فريق العلماء، ولكن ربما كان سيشتت الخط الرئيسي الذي يركز على جين بيردي

مع ذلك فإن Joy لا يسعى للإيحاء بأية إحالات تاريخية، ومن خلال سرده الواقعي البسيط، الذي يركز فحسب على الحدث الرئيسي، وهو مراحل تطور الفكرة العلمية منذ مولدها وحتى أصبحت أمراً واقعاً مقبولاً الآن في كل المجتمعات والثقافات بعد أن كان محرماً ومجرماً لسنوات طويلة.

هذه البساطة والتركيز على الأساسيات، بدلاً من التفاصيل الزائدة والخطوط الفرعية، ينحو بالفيلم نحو التجريد، ومن ثم يجعله نموذجاً لرحلة العقل البشري والثورة الصناعية في مواجهة الخوف من تحول هذا العقل والعلم إلى خرق لسنن الطبيعة والكون.

أصول الرعب!

ربما كانت قصة "فرانكنشتين" لماري شيلي هي أول عمل يسجل هذا الخوف، الذي يتجسد في هيئة وحش مشوه لا تستقيم الحياة مجدداً إلا بقتله في النهاية، ولعل أحدث عمل يتناول هذا الخوف هو فيلم Substance الفائز بجائزة سيناريو مهرجان "كان" الماضي، والذي يتحول فيه الهوس باستعادة الشباب إلى كابوس مرعب.

لا عجب إذن أن تطلق صحيفة Daily Mirror على الدكتور إدواردز اسم "فرانكنشتين"، ولكن العجيب هو ذلك الإصرار على الاستمرار رغم كل المعوقات: تحديات الابتكار نفسه التي تستغرق 10 سنوات من العمل اليومي في المجهول، وهجوم وملاحقة الصحافة، ورفض الهيئات العلمية الحكومية للفكرة، بجانب تحديات الحياة الشخصية التي تواجه الأبطال الثلاثة، وخاصة جين، التي تتبرأ منها أمها وترفضها الكنيسة كما ترفض هي الزواج، وتعيش وحيدة تعاني شخصياً من عدم قدرتها على الإنجاب، قبل أن تموت في بداية الثلاثينيات من عمرها بفعل السرطان، دون أن تستفيد من الابتكار أو تحظى بحياة عائلية.

مأساة خلف الإنجاز

تخبرنا عناوين الفيلم أن الدكتور إدواردز أصر حين حصوله على جائزة نوبل في 2010، أن يذكر اسم جين بجواره والدكتور ستيبتو، تقديراً للدور الكبير الذي لعبته في خروج الابتكار إلى النور.

ويصور الفيلم هذا الدور الذي يتمثل في الإيمان بالفكرة والمثابرة، ومساعدة النساء اللواتي يتبرعن لإجراء التجارب عليهن، بطمأنتهن مرة لتشجيعهن على خوض التجربة وتحمل آلامها، وتعزيتهن مرة حين تفشل المحاولة، في الوقت الذي تعاني فيه من مأساة تتجسد في عقمها من ناحية وفي العزلة التي تعيش فيها، بسبب انضمامها إلى فريق البحث (سيئ السمعة).

تلعب دور جين بيردي الممثلة النيوزيلندية الشابة توماسين ماكينزي، وهي ذات وجه جميل وغريب ملائم للأعمال التاريخية والخيالية، بينما يلعب دور الدكتور ستيبتو الممثل الإنجليزي الكبير بيل ناي، صاحب الملامح المميزة التي تجمع بين الصرامة والاستقامة، أما الدكتور إدواردز فيؤديه جيمس نورتون، ولعله أقل الثلاثة حضوراً، إذ يؤدي من منطقة واحدة في كل المواقف.

لا يمكن اعتبار جوي فيلماً عظيم القيمة فنياً، وهو حتى ليس مسلياً أو مشوقاً بما يناسب جمهور الترفيه، ومع ذلك هو فيلم مهم مثل موضوعه، يمكنك أن تشاهده كعمل "توثيقي" يقتطع فصلاً من قصة الصراع بين التقليد والتجديد، الاستقرار والابتكار، الإنسان في مواجهة التكنولوجيا، وهي قصة صالحة للتأمل دوماً، خاصة الآن ونحن على مشارف ثورة الذكاء الاصطناعي والروبوتات فائقة الإتقان.

* ناقد فني

 

الشرق نيوز السعودية في

02.12.2024

 
 
 
 
 

إصدارات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى:

حكايات نصرالله وعز مع «الفن السابع»

عائشة المراغي

منذ سنوات طويلة؛ اعتدنا مع كل دورة جديدة من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، أن يصدر عددًا من المطبوعات الخاصة بالسينما وصناعها، خاصة المكرمين، وقد صدر هذا العام ثلاثة كتب بالتعاون – لأول مرة – مع دار ريشة للنشر والتوزيع.

الكتاب الأول هو «مختارات الفن السابع» من إعداد د. ناجى فوزى، لإحياء ذكرى مجلة «الفن السابع» التى مثلت تجربة رائدة وغير مسبوقة فى الصحافة السينمائية المتخصصة فى مصر والعالم العربى، منذ صدورها لأول مرة فى ديسمبر 1997، واستمرت حتى أغسطس 2001، مقدمةً 45 عددًا، ذات رؤية مغايرة تهدف إلى تقديم الفن السينمائى بجميع جوانبه: التكنيك، التاريخ، التحليل، والأثر الثقافى، وذلك برئاسة الفنان محمود حميدة لمجلس إدارتها، بينما تولى محمود الكردوسى وأسامة عبد الفتاح رئاسة تحريرها على التوالى.

لا يكتفى الكتاب بجمع المقالات القديمة، وإنما يقدم رحلة توثيقية تعكس رؤية المجلة ورسالتها، عبر عدد من المواد البارزة التى قدمتها فى أبوابها وملفاتها الشهيرة، مثل: «الملفات الخاصة» التى تناولت موضوعات سينمائية معمقة كالرومانسية، وسينما الرعب، والأفيش السينمائى، وملفات عن شخصيات سينمائية بارزة مثل سعاد حسنى، «التحليلات النقدية» التى جمعت بين العمق الأكاديمى والأسلوب الجذاب، مما يجعلها مراجع مهمة للباحثين والمهتمين بالسينما، وكذلك «علاقة السينما بالفنون الأخرى» من خلال أبواب مثل أدب وسينما، الذى قدمه الأديب إبراهيم عبد المجيد، واستعرض فيه تأثير الأدب على السينما والعكس.

استعانت المجلة – كذلك – بفريق محترف لإخراجها بشكل بصرى جذاب، بدءًا من استخدام الورق الفاخر «الكوشيه»، وحتى الألوان التى تم توزيعها بدقة لتجنب إجهاد العين. كما كانت الصور التى تُعرض بكثافة فى المجلة، جزءًا أساسيًا من السرد، تعكس فلسفة المجلة فى تقديم «الصورة المتحركة» بحرفية وجاذبية، لا مجرد إضافات عابرة

ولأن «الفن السابع» تعدت فكرة المجلة، إلى كونها حلما جريئا فى وجه الواقع الصعب، فقد رفض القائمون عليها التخلى عن الجودة، سواء فى الطباعة أو المحتوى، حتى لو أدى ذلك إلى خسائر مادية. وأصر محمود حميدة، داعمها الرئيسى، على تجهيز المجلة وطبعها فى أفضل المطابع، حتى لو كلفه ذلك الكثير. لكن هذه الالتزامات جعلت الاستمرارية صعبة، فتوقفت المجلة فى أغسطس 2001، ورغم ذلك تركت أثرًا لا يُمحى فى النقد السينمائى، لمشروع ثقافى نادر فى الصحافة العربية، فهى تجربة اختارت أن تُظهر السينما كفنٍ متكامل، وأن تُعيد للصحافة السينمائية مكانتها

يعيد الكتاب التأكيد على أهمية الصحافة السينمائية الجادة، ودورها فى تشكيل وعى سينمائى عربى متكامل، كما يتيح للأجيال الجديدة فرصة التعرف على تجربة أثرت فى جيل كامل من النقاد والمهتمين بالفن السابع.

من المواد التى نُشرت فى الكتاب: «يا دنيا يا غرامي» لمحمود الكردوسى، حوار مع المخرج محمد خان أجرته هبة الله يوسف، «سينما ضد الأيديولوجيا» لمحسن ويفى، «الإنتاج السينمائي» لمحمود حميدة، «هكذا يُصنَع النجوم فى مصر» لأشرف غريب، «محمد فوزى موسيقارًا سينمائيًا» بقلم فرج العنترى، «غربة الكاوبوى» لمصطفى ذكرى، «رقصة فالس فى الفضاء» لياسر عبد اللطيف، «عتريس هو الحقيقة» لإبراهيم عبد المجيد، حوار مع كمال بكير أجراه أسامة عبد الفتاح، «التمثيل: الأبعاد النفسية» للدكتور خليل فاضل، «نظرة ما» لوليد الخشاب، «رواد وتجارب.. سنوات التكوين» للدكتور محمد كامل القليوبى، «والت ديزني.. عبقرية السذاجة» لعصام زكريا، «توجو مزراحي.. صانع النجوم الذى ما يزال أسيرًا لسوء الفهم» لناصر كامل، «مخاوف الغد فى سينما الخيال العلمي» لمحمد كامل مبارك، «شكسبير عاشقًا» لمصطفى درويش، وغيرها.

أما الكتاب الثانى فهو «سينما يسرى نصرالله.. حكايات ترغب فى احتضان العالم» الذى أعده أحمد عزت عامر، بمناسبة تكريم نصر الله بالهرم الذهبى لإنجاز العمر، ويتجزأ لثلاثة أقسام رئيسية؛ يتناول الأول منها «بورتريه لفنان يتشكل» منذ ولادته ومرورًا بقصة عشقه للسينما وأثر صاحب المومياء عليه وتمرده فى معهد السينما وغيرها من الحكايات، وصولًا إلى «ملامح سينما متفردة» وهى سينما الفرد المتمردة التى قدمها يسرى نصرالله، والتى يقدمها الكتاب تفصيلًا فى القسم الثانى تحت عنوان «الكتابة عن الأفلام» متضمنًا مقالًا عن كل فيلم، وهى «سرقات صيفية» 1988، «مرسيدس» 1944، «صبيان وبنات» 1995، «المدينة» 1999، «باب الشمس» 2005، «جنينة الأسماك» 2008، «احكى يا شهرزاد» 2009، «بعد الموقعة» 2012، «الماء والخضرة والوجه الحسن» 2016، و«قصاقيص صور» 2022.

بينما يعرض القسم الثالث «حوار طويل مع يسرى نصرالله» جاء فى مقدمته بقلم عامر: «فى المرة الأولى التى جلسنا فيها معًا، ذهبت بلا تحضير، فقط بذاكرتى من سينماه، بتصوراتى الخاصة وانطباعاتى، الكتابة دائما هى محاولة اقتراب من موضوعك، محاولة لا تنتهى فى الغالب، وأنا حاولت أن أقترب من يسرى نصر الله. كنت على علم بثقافته العريضة وبسعة اطلاعه، ومع ذلك كانت ردوده تفاجئنى دائمًا وتفتح لى أبوابًا وآفاقًا. كان الحوار بيننا مثل مائدة مفتوحة على كل شيء، على السينما والأدب والفلسفة والسياسة. مرتبكًا اقتربت محاولا أن أشتت ارتباكى بسؤال فضولى يغازل ثقافته، سألته عن الشخصيات الأدبية والسينمائية التى يشعر بقربها منه قرابة روحية وجمالية، أو تجمعه بها انشغالات مشتركة. أخبرنى أن كل أبطال دوستويفسكى قريبون منه. ذكر «بداية ونهاية» لنجيب محفوظ التى يراها حكاية عن العائلة. فاجأنى تعاطفه مع شخصية حسنين الروائية التى جسدها عمر الشريف فى نسخة صلاح أبو سيف السينمائية من حكاية محفوظ».

وبمناسبة حصوله على جائزة فاتن حمامة؛ أعدَّ رامى المتولى كتابًا بعنوان «حلم عز.. رحلة صعود إلى القمة» يستعرض فيه ملامح 27 عامًا استطاع خلالها أحمد عز أن يحقق نجوميته، وواصل صعوده ليصل إلى مصاف نجوم جيله، محافظًا على مكانته ومتفوقًا على كثيرين ممن سبقوه إلى المجال الفنى، رغم تحقيق بعضهم أرقاما قياسية، سواء فى شباك التذاكر أو على صعيد الشعبية الكبيرة. يضيف المتولي: «على مدار هذه الأعوام، وبخطوات واثقة، تعامل أحمد عز مع نفسه كنجم شباك، مدركًا جيدًا نقاط قوته، ومستغلاً إياها بذكاء كما عمل على تعزيز جوانب أخرى تتطلبها مهنته كممثل. ويبدو أن سنوات دراسته فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة عين شمس، ثم نجاحه واستقراره الوظيفى فى مجال الفنادق، لم يكونا إلا تمهيدًا لما هو قادم».

يشير المتولى إلى أن عز أدرك بذكاء فى بداياته نقاط قوة بارزة، كوسامته وصفاته الجسدية، وأدار إمكانياته وموهبته بشكل مدروس لتحقيق هدفه منذ طفولته، لكنه فى منتصف التسعينيات، كان مشتتًا بين ثلاثة مسارات تشكل مستقبله الوظيفى، بين تأمينه المستقبل المهنى فى مجال الفنادق، وعمله كعارض أزياء كخطوة للوصول إلى حلمه الأكبر بأن يصبح ممثلاً ناجحًا.

يركز الكتاب فى فصوله على أفلام أحمد عز، مع تداخل المسلسلات فى مسيرته؛ من خلال تحليل فيلموغرافيا عز عبر خمس مراحل، لكل منها سماتها ونقاط انطلاق وقوة، ويعقب كل منها بعض مما يتذكره عز عن تلك المراحل وما دار حولها من أحاديث فى جلسات التحضير لهذا الكتاب

 

أخبار الأدب المصرية في

02.12.2024

 
 
 
 
 

شاهدته لكم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الياباني "Snow Drop" وصمة العار المحيطة في المجتمع

البلاد/ طارق البحار

يعد فيلم "Snow Drop" للمخرج يوشيدا كوتا والذي شاهدته لكم في مهرجان القاهرة السينمائي مؤخرا إضافة حديثة إلى سلسلة الأفلام التي تتناول وصمة العار المحيطة في المجتمع الياباني للذين يستلمون اعانات اجتماعية، والتي يعتقد البعض أنها أمر مخزي.

يتم الاتصال بأفراد الأسرة الذين يطلبون المساعدة ويطلب منهم الكشف عما إذا كانوا قد حصلوا على أي مساعدة مالية، وتقوم الإدارة المشرفة على القضية بالتحقيق في العديد من الجوانب الفريدة لهذه المنفعة، مما يزيد الضغط النفسي على الأسر المحتاجة، التي تظن بأنها فاشلة، مما يدفعهم لعدم طلبها من الحكومة، على الرغم من رغبتهم فيها بشده.

الفيلم الذي عرض للمرة الأولى عالمياً ضمن فعاليات مهرجان أوساكا السينمائي الأسيوي، يقدم لنا فيه المخرج يوشيدا كوتا العديد من الأمثلة المؤثرة التي تحاول تجاوز الفقر وتجربة الشدائد التي نشاهدها من خلال"ناوكو" وعائلتها.

ولدت منذ أكثر من 33 عاما عندما ترك والدها الأسرة عندما كانت صغيرة، لكنه عاد إلى المنزل بعد 15 عاما، وبعد سنوات أصيبت والدتها بالخرف. لقد أُجبرت على الاعتناء بها في المنزل.

الفيلم ايجابي ومحبط في نفس الوقت، حيث ترتبط المرئيات والقصة عبر لقطات الكاميرا الدقيقة، وتنزلق عبر المشاهد بينما يتم سرد القصة الثقيلة للحوار بالكثير من الصدق والصدق من قبل الممثلين.

الممثلون مقنعون للغاية ويستحضرون التعاطف لدى الجمهور وهذا كان واضح للجميع من خلال حضور الفيلم.

موضوع العار، والمنعطف غير المتوقع الذي يتخذه الفيلم في الثلث الأخير، وتبديل الحالة المزاجية هي شيء نادرا ما يرى في عالم السينما اليابانية.

تعمل حركة الكاميرا على إضفاء الطابع الدرامي على المواقف وتطوق الشخصيات بصورة نشاهد خلالها بؤس العائلة، وكيف تتحول ناوكو ووالداها إلى رفقاء.

يكشف الجزء الأخير عن الدوافع وراء أفعالهم وخوف ناوكو من مواجهة حياة جديدة. هذا هو المكان الذي يأخذه "Snow Drop" إلى مستوى آخر ويحفر بعمق في النفس البشرية. يستخدم كوتا يوشيدا صورا بسيطة لإخبار فيلمه الواقعي، بدون مشاهد حشو أو لحظات زائدة عن الحاجة. حتى النهاية تتلاشى بتسلسل مؤثر لا ينسى لا يبالغ في الدراما، بل يترك مساحة للمشاهد لمعالجة الفيلم.

 

####

 

عرض في القاهرة السينمائي

Priyo Maloti للجميلة ميهازابيان شودري

البلاد/ طارق البحار

من أجمل المفاجآت في مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام عرض فيلم الممثلة البنغلاديشية الجميلة ميهازابيان شودري، والتي فازت بقلوب الجميع بأدائها الرائع في فيلمها الثاني " Priyo Maloti" أو "عزيزتي مالوتي".

ظهرت الممثلة في فيلم الدراما "Priyo Maloti" على الشاشة الكبيرة تحت إشراف Shankh Dasgupta، بدور البطولة الى جانب نادر شودري وآزاد أبو الكلام وشاهجهان سمرات ورضوي ريجو.

فيلم "عزيزتي مالوتي" هو عمل روائي يروي قصة مالوتي والتي تقدمها ميهازابيان، وهي ربة منزل هندوسية حامل تعيش في العاصمة دكا المزدحمة في بنغلاديش. تتعرض مالوتي بعد وفاة زوجها في حريق مدمر لمحنة كبيرة مع البيروقراطية، حيث تجد نفسها عالقة في متاهة متشعبة وحيدة بدون أي دعم، تشكك في مبادئها الأخلاقية وتستهدف هويتها الدينية، مما يهدد مستقبل جنينها، وسط مجتمع رجالي جدا.

بدأت ميهازابيان حياتها المهنية في مجال مسابقات الجمال وصعدت إلى الصدارة بعد فوزها بمسابقة ملكة الجمال البنغلاديشية في عام 2009، وتعد اليوم من أفضل الممثلات على الشاشة الصغيرة. لقد اكتسبت شعبية من خلال تقديم نفسها في شخصيات مختلفة إلى جانب جمالها.

تؤكد أن دخول عالم التمثيل، فلن تكون لديك رغبة تذكر في القيام بأي شيء آخر بشكل احترافي، "رغبتي هي أن أتوصل إلى المزيد من الفرص للقيام بعمل جيد في هذا المجال، والمشاركة في روايات قوية".

تقول "لم نتخيل أبدا أن قصة تستند إلى بنغلاديش سيكون لها صدى كبير على المسرح الدولي، هذا نجاح هائل لفريقنا." كما أعربت مهزابين عن أملها في أن تتاح الفرصة للمشاهدين البنغلاديشيين قريبا لمشاهدة الفيلم.

تم اختيار فيلم "Priyo Maloti" ، بطولة Mehazabien Chowdhury ، رسميا لمهرجان الهند السينمائي الدولي (IFFI) ، أحد أقدم وأعرق المهرجانات في آسيا.

 

####

 

شاهدته لكم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الياباني "Snow Drop" وصمة العار المحيطة في المجتمع

البلاد/ طارق البحار

يعد فيلم "Snow Drop" للمخرج يوشيدا كوتا والذي شاهدته لكم في مهرجان القاهرة السينمائي مؤخرا إضافة حديثة إلى سلسلة الأفلام التي تتناول وصمة العار المحيطة في المجتمع الياباني للذين يستلمون اعانات اجتماعية، والتي يعتقد البعض أنها أمر مخزي.

يتم الاتصال بأفراد الأسرة الذين يطلبون المساعدة ويطلب منهم الكشف عما إذا كانوا قد حصلوا على أي مساعدة مالية، وتقوم الإدارة المشرفة على القضية بالتحقيق في العديد من الجوانب الفريدة لهذه المنفعة، مما يزيد الضغط النفسي على الأسر المحتاجة، التي تظن بأنها فاشلة، مما يدفعهم لعدم طلبها من الحكومة، على الرغم من رغبتهم فيها بشده.

الفيلم الذي عرض للمرة الأولى عالمياً ضمن فعاليات مهرجان أوساكا السينمائي الأسيوي، يقدم لنا فيه المخرج يوشيدا كوتا العديد من الأمثلة المؤثرة التي تحاول تجاوز الفقر وتجربة الشدائد التي نشاهدها من خلال"ناوكو" وعائلتها.

ولدت منذ أكثر من 33 عاما عندما ترك والدها الأسرة عندما كانت صغيرة، لكنه عاد إلى المنزل بعد 15 عاما، وبعد سنوات أصيبت والدتها بالخرف. لقد أُجبرت على الاعتناء بها في المنزل.

الفيلم ايجابي ومحبط في نفس الوقت، حيث ترتبط المرئيات والقصة عبر لقطات الكاميرا الدقيقة، وتنزلق عبر المشاهد بينما يتم سرد القصة الثقيلة للحوار بالكثير من الصدق والصدق من قبل الممثلين.

الممثلون مقنعون للغاية ويستحضرون التعاطف لدى الجمهور وهذا كان واضح للجميع من خلال حضور الفيلم.

موضوع العار، والمنعطف غير المتوقع الذي يتخذه الفيلم في الثلث الأخير، وتبديل الحالة المزاجية هي شيء نادرا ما يرى في عالم السينما اليابانية.

تعمل حركة الكاميرا على إضفاء الطابع الدرامي على المواقف وتطوق الشخصيات بصورة نشاهد خلالها بؤس العائلة، وكيف تتحول ناوكو ووالداها إلى رفقاء.

يكشف الجزء الأخير عن الدوافع وراء أفعالهم وخوف ناوكو من مواجهة حياة جديدة. هذا هو المكان الذي يأخذه "Snow Drop" إلى مستوى آخر ويحفر بعمق في النفس البشرية. يستخدم كوتا يوشيدا صورا بسيطة لإخبار فيلمه الواقعي، بدون مشاهد حشو أو لحظات زائدة عن الحاجة. حتى النهاية تتلاشى بتسلسل مؤثر لا ينسى لا يبالغ في الدراما، بل يترك مساحة للمشاهد لمعالجة الفيلم.

 

البلاد البحرينية في

03.12.2024

 
 
 
 
 

الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأت أبداً»… أمنية أن يموت الديكتاتور

محمد عبد الرحيم

القاهرة ـ «القدس العربي»: حاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» على جائزة الهرم الذهبي في الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. يتناول الفيلم الأيام الأخيرة قبل سقوط حكم نيكولاي تشاوشيسكو، وهو من إنتاج عام 2024، ويبلغ زمن عرضه 138 دقيقة. الفيلم من تأليف وإخراج بوجدان موريشانو، في أولى تجاربه الروائية الطويلة.

البداية

في 16 ديسمبر/كانون الأول 1989 عندما تظاهر الناس في (تيميشوارا)، ضد قرار المحكمة بطرد القس الإصلاحي لاسزلو توكيس، ونقله إلى منطقة أخرى. وعلى خلفية تدني مستوى المعيشة وانهيار الاقتصاد، وكذلك انهيار النظام الشيوعي الأوروبي في البلدان الاشتراكية السابقة، اندلعت ثورة مناهضة للشيوعية. وفي 20 من الشهر نفسه، أُعلنت تيميشوارا أول مدينة خالية من الشيوعية في رومانيا، ثم اجتاحت الثورة العديد من مدن البلاد. وفي اليوم التالي اندلعت المواجهات في بوخارست. وخلال 4 أيام متتالية تواصلت الثورة والمواجهات بين الثوار والجيش والشرطة السرية، حتى سقط حكم تشاوشيسكو، وتم إعدامه في 25 ديسمبر 1989.

الفيلم

تبدأ أحداث الفيلم في الأيام الأخيرة لسقوط تشاوشيسكو، فالجميع يستعد للعام الجديد، وسط الانتفاضة في منطقة بعيدة عن العاصمة بوخارست، وحيث تواصل وسائل الإعلام (الصحف، الإذاعة، التلفزيون) التسبيح بحمد تشاوشيسكو وتزييف الحقائق، وتصف مدى الرخاء الذي لم تعشه البلاد إلا في ظل الرفيق الرئيس الحي. على هذه الخلفية السياسية تتحرك الشخصيات المتباينة، وتتضافر العلاقات في ما بينهم ولو من بعيد، كممثلين لفئات أو نماذج من الشعب.. عامل نقل أثاث، ممثلة مسرحية، طالب جامعي، مخرج تلفزيوني، ضابط في الشرطة السريّة، أم الأخير المتقدمة في السن.

الحكاية

مع بداية الاضطرابات والأنباء المتوالية عن الحياة السعيدة المستقرة، فقط في إذاعات الدول الغربية المجاورة، والتي يتم الاستماع إليها على استحياء ورعب تتواتر أخبار الثورة والقتلى، وخلال اليوم يتلقى (جيلو) عامل شركة نقل تعليمات من رئيسه بالذهاب إلى أحد المنازل لنقل الأثاث إلى عنوان آخر، هذا المنزل الذي تقرر هدمه مع منازل الحي بالكامل، حتى تتمكن الدولة من القيام بأحد مشروعاتها العظيمة ـ كتالوغ واحد لعظمة القيادة السياسية الحكيمة ـ وهنا يلتقي هذا العامل وساكنة المنزل العجوز (مارجريتا) التي تجاهد ألا تترك منزل ذكرياتها وتماطل في الرحيل، وتعطي العامل نقوداً ليشتري لطفله هدية عيد الميلاد، على أن يساعدها في تغطية النوافذ بعازل للصوت، نوافذ البيت الذي سيُهدم خلال يومين على الأكثر! وبالفعل يستجيب العامل، إلا أن تدخل ابن مارجريتا (إينوت) ونهره لأمه والرجل يوقف مهمة عزل الصوت هذه. مع ملاحظة أن إينوت هذا يعمل ضابطاً للشرطة السريّة، الجهاز الأمني المرعب في البلاد ـ أشبه بأمن الدولة أو الأمن الوطني في ثوبه الجديد ـ هذا الرجل مُكلف بمراقبة النشاط الطلابي في الجامعات، أو ما يُسمى بـ (الأعمال العدائية) من كتابات وأعمال فنية ضد النظام الحاكم، يترصد طالب الهندسة (لورينتو) وصديقه، حيث يقرر كل منهما عبور الحدود والفرار من الفردوس الأرضي المُسمى (رومانيا). لورينتو بدوره ناقم على أبيه (ستيفان) ويعتبره في عداد الأموات، لأنه ينهره دوماً على أفعاله خوفاً على مستقبله. وستيفان مخرج في التلفزيون الوطني ـ تلفزيون الدولة ـ يُعاني من مأزق في العمل، من الممكن أن يُنهي حياته المهنية، فهو يقوم بإخراج عرض وطني بمناسبة العام الجديد، وتهنئة الأب والعم نيكولا ـ الاسم الشعبي لتشاوشيسكو ـ وهو ما يُشبه (الزعيم الخالد) و(الأب القائد)، أو حتى (الرئيس المؤمن)، إلا أن الممثلة الأساسية في العرض ـ الذي لم يُعرض بعد ـ هربت وفرّت من البلاد، والخوف من إذاعة العرض وربما تظهر على شاشة دولة غربية تفضح النظام من خلالها، فكان لا بد من استبدالها بممثلة تقاربها شكلاً، وبعد البحث الطويل، وفي أجواء من التوتر والرعب، بفضل مسؤول الإعلام في الجهاز الأمني، يتم التوصل إلى (فلورينا) الممثلة المسرحية، التي تتصدر مجموعة قوى الشعب المتحالف ضد قوى الرجعية في الفقرة الدعائية، والتي عليها تأدية عبارات تمجد نجم رومانيا وبطلها الأوحد (الأخ الحي دوما) تشاوشيسكو، باعتباره (الابن الأكثر حباً للشعب)، فلورينا التي تستمع إلى الأحداث الحقيقية للثورة وحيدة ومرتعبة في منزلها، وهي من الناقمين على البطل الحي المشكوك في موته أو زواله.

السخرية

رغم الأحداث والأجواء القاتمة لتلك الأيام ـ لم تتغير الصورة بشكل مطلق حتى الآن ـ التي أكدها صانع الفيلم في الكادرات الضيقة والألوان القاتمة والضبابية في أغلب مشاهد الفيلم، إلا أن السخرية هي الحل السحري لمواجهة الثقة المطلقة لأي نظام ديكتاتوري، لأنه في الأساس خارج عن المنطق ويستدعي الضحك، لأن أصحابه في الغالب يعيشون حالة من الجنون، وبالتالي يثيرون الضحك. فما بالك بإنسان يتمثل دور الإله، بل ويصدق نفسه ويصدقه مَن حوله خوفاً أو تحقيقاً لمصالحهم، ويتعاملون معه على هذا الأساس، فالإله له منطقه الخفي غير المُبرر في أغلب الأحيان لمخاليقه، بينما لو تمثل الإنسان ذلك سيوضع في صف المجانين، وهي مقارنة ما بين العقل المطلق وانعدامه.

المأزق

الجميع هنا في مأزق، لن يُحل إلا بسقوط (إله المجانين).. فالمرأة العجوز بعد نقلها إلى شقة ذات حجرات ضيقة، تغادرها ليلاً عائدة إلى منزلها، وفي الطريق يحاورها سائق التاكسي الذي يعرف باقتراب إزالة الحي الذي تسكنه بالكامل، ويدعو لها الله بالحماية، فترد قائلة.. «إن الله نفسه لا يستطيع أن يحمي كنائسه». تذهب وترتدي ملابس لها ذكريات عزيزة، وتنام بعدما تستكمل وضع الشريط اللاصق مانع الصوت على زجاج النوافذ، لتتضح خطتها، بأن تشعل الغاز وتُنهي حياتها بإرادتها وقت هدم المنزل. كذلك يتم القبض على الشاب الجامعي وصديقه قبل عبورهما الحدود، فقد كانا مراقَبين منذ البداية، وقد تقرر سلفاً التضحية بصديق الشاب عديم الأهمية من قِبل أجهزة الأمن، أما ابن المخرج، فهو ورقة ضغط على الرجل من الأفضل استخدامها، وبالفعل يتم الإيعاز للمخرج بأن ابنه في خطر، وعليه كتابة التقارير في رفاقه لإثبات حُسن النوايا، وتشجعه زوجته على ذلك خوفاً على مستقبل ابنهما، بل تمليه تقريراُ نموذجياً، ليكتشف مدهوشاً أنها خبيرة تقارير، لتجده في الصباح قد قام بتمزيقه، وليواجه ابنه مصيره حسب مشيئة جهاز أمن الرئيس الحي. أما الممثلة التي لا تستطيع الرفض فحاولت البحث عن حلول أخرى كتشويه وجهها والعبث بصوتها حتى لا تصلح لأداء الدور، ليبدو الأمر خارجا عن إرادتها، فتذهب لجارها دائم الشجار مع زوجته وضربها، تستجديه أن يضربها ويشوه وجهها، فيرفض الرجل وتثور الزوجة لكرامتها ويطردانها، فتقوم بضرب وجهها وهي تردد كلمات تمجيد الطاغية، كذلك تأكل الثلج وتشرب كثيراً حتى تصيب أحبالها الصوتية، كي لا تخرج من شفتيها كلمات التمجيد الزائفة، وتذهب إلى التلفزيون في الموعد المحدد، مُتعللة بأنها سقطت على وجهها وأنها أصيبت بالبرد، فما كان الحل سوى الماكياج وشرب الشاي الساخن، وأخيراً الاختناق بالبكاء عند تأدية بروفة العرض التلفزيوني، الذي سيُذاع بعد دقائق من انتهاء خطاب الزعيم في أكبر ميادين العاصمة.

لا تثق بأحد ولا حتى سانتا كلوز

ونأتي إلى عامل نقل الأثاث، وهو صاحب الحدث الساخر الأهم ـ حكاية هذا الرجل كانت موضوع فيلم قصير للمخرج نفسه بعنوان «هدية عيد الميلاد» 2018، وهو الحدث الأساس في فيلم «العام الجديد الذي لم يأت أبداً». يعود العامل (جيلو) وقد اشترى بنقود عجوز منزل الذكريات هدية لطفله الصغير بمناسبة عيد الميلاد، وبينما يجد طفلاً يقوم بإشعال المفرقعات الاحتفالية، يعنّفه ويأخذها منه خشية فزع وإخافة المارة. وبالحديث مع طفله عن أمنياته، وماذا سيطلب من (سانتا كلوز) يطلب الطفل لعبة قطار، فيُجيبه الأب بأنه يعتقد أن سانتا سيُحضر له مجموعة من الأقلام الجميلة، ويطلب الطفل لأمه حقيبة جلدية جديدة، بدلاً من القديمة المتهالكة، كل ذلك في جلسة عائلية لطيفة، وفي الأخير.. ماذا طلب لأبيه؟ يجيب الطفل الذي كتب خطاباً لـ (سانتا كلوز) بأنه طلب بأن تتحقق أمنية أبيه، أن يرى (العم نيكو) ميتاً ــ لقب تشاوشيسكو ــ لا يستوعب الأب الأمر في البداية، ولكن الطفل يؤكد له، وأنه قام بوضع الرسالة ـ المدوّن بها عنوانه بالتفصيل كما علمته أمه متباهية حفظ عنوان المنزل وكتابته بدقة ـ في صندوق البريد، فيُصاب الأب بالذعر والهياج، ويصف طفله بالخائن، وكذلك زوجته. يحاول إجبار الطفل على تغيير الخطاب وذكر شخص آخر، لكن الطفل يحب هذا الشخص ولا يمكنه أن يتمنى له الموت. فيذهب الرجل إلى صندوق البريد ليغرقه بالمياة، حتى يزول الحبر المكتوب به خطاب الأمنيات المُميت.

العام الجديد

تأتي الأوامر للعمال، ومعهم (جيلو) بالذهاب إلى ميدان الاحتفالات، ضمن حشود التسبيخ بحمد (العم نيكو) الذي سيُلقي خطابه، موضحاً لشعبه الحبيب الطيب المهاود، مدى حكمة قراراته في ردع القِلة المندسة التي أرادت تشويه وتعطيل مسيرة الرخاء، بل يحمل جيلو صورة كبيرة للزعيم العجوز، ويقف خلفه أحد العمال، هامساً بأنها الفرصة المناسبة، فقط.. أي فعل سيُنهي الأمر. هنا يجد جيلو خلاصه الشخصي مرتعباً مما سينتظره جرّاء خطاب الطفل البريء، فيُخرج مفرقعات الأطفال التي لم تزل في جيبه، فيشعلها خلسه ويلقيها، ليظنها الحشد طلقات رصاص، فتقوم القيامة، وتنقل شاشات التلفزيون ما يحدث، واندهاش الطاغية، ومحاولته تهدئة الجميع، في مشهد يُشبه (بن علي) وكلماته المتكررة.. «أنا فهمتكم». لتبتسم الممثلة باكية بكاء الخلاص، وتنهض العجوز وقد انقطع الغاز عن المنزل، فلم تمت، فقد قامت الثورة وسقط تشاوشيسكو.

الذي لم يأت أبداً

ولكن.. إذا كانت هذه النهاية، فلماذا (لم يأت أبداً) هذا العام الجديد؟ وإن كان العنوان مُحير بعض الشيء، إلا أن الإجابة ساخرة بدورها، فالرجل الذي تولى الحكم بعد تشاوشيسكو كان أضل، وقد واصل ارتكاب المجازر باسم تشاوشيسكو، فإيون إيلييسكو ـ الذي لم يزل حياً ـ وزير الشباب في عهد تشاوشيسكو، قاد البلاد على رأس (جبهة الإنقاذ الوطني)، وكان أول رئيس منتخب لرومانيا الديمقراطية، (1990 ــ 1996)، وفترة أخرى (2000 ـ 2004). وقد تم التحقيق معه مؤخراً في 2019، لمقتل 862 شخصاً سقطوا برصاص عشوائي، إضافة إلى سقوط 2150 جريحا بين 22 و31 ديسمبر، أي بعد مقتل تشاوشيسكو نفسه، وقد أقرت النيابة بأنه «قام بعملية تضليل واسعة، من أجل الحصول على شرعية في نظر الشعب»، لكنه لم يُدن، ويشغل الآن منصباً في البرلمان، وهو الرئيس الفخري للحزب الاجتماعي الديمقراطي. فبالضرورة .. لا بد ألا يأتي العام الجديد أبداً.

 

القدس العربي اللندنية في

03.12.2024

 
 
 
 
 

يسري نصرالله: أفلامي ليست سياسية.. بل تعبر عن واقع الناس

المخرج القدير قال في تصريحات خاصة: نواجه أزمة في صناعة السينما في مصر

العربية.نت - محمد حسين

مخرج كبير له بصمة، أفلامه تعبر عن الناس وواقعهم، كرمته إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ45 بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، وفي حواره مع "العربية.نت" و"الحدث.نت"، تحدث المخرج الكبير يسري نصرالله عن سعادته الكبيرة بعد هذا التكريم والجمهور الذي حضر ندوته وعلاقته بمهرجان القاهرة. كما كشف عن سر اختياره لمجال السينما والإخراج، وكواليس أفلامه والصعوبات التي واجهها مع الرقابة، وسر خلافه مع نقابة المهن التمثيلية بسبب الفنانة عبلة كامل.

كما تحدث نصرالله عن مدرسته التي ينتمي إليها من خلال أفلامه، وأيضا عن حال السينما في مصر الآن، وعلاقته بالمخرج الراحل يوسف شاهين، ونصائحه لطلابه في الورش، وهل صنع أي فيلم في مشواره وهو غير مقتنع به.

- حدثنا عن شعورك بعد تكريمك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر؟

بالتأكيد سعادة لا توصف وخاصة عندما رأيت عددا غفيرا من الجمهور في ندوة التكريم باليوم التالي، سواء سينمائيين أو جمهور عادي، التكريم في مهرجان القاهرة له فرحة خاصة.

- وكيف هي علاقتك مع مهرجان القاهرة السينمائي؟

مهرجان القاهرة السينمائي هو مهرجان عريق وشهد العديد من الأفلام على مدار دوراته الـ 45، لذلك أنا سعيد بتكريمي من خلاله، وأشكر كل القائمين عليه وأيضا كل زملائي في صناعة السينما الذين خضت معهم الرحلة التي ما زالت مستمرة.

- ولماذا اختار يسري نصر الله مجال السينما والإخراج؟

تستطيع القول إن الوقت الوحيد الذي كنت أشعر فيه بالأمان والراحة النفسية هو وقت مشاهدة الأفلام، لذلك اخترت دراسة السينما في المعهد واستكمال المشوار، فأنا أعشق السينما ولا نستطيع الحياة بدون وجود هذا الجمال حولنا.

- الكثير يرى أن أفلامك بها آراء سياسية فكيف تراها؟

على العكس أنا أرى أن أفلامي ليست سياسية، ولكنها واقعية تعبر عن الناس وما يعيشونه، فأنا أحب أن أعيش مع حكايات البشر وتفاصيلهم، وأصنع أفلاما تعبر عنهم وليس مجرد أشياء وآراء نظرية، ولكن تفاصيل من حياتهم وكل هذه الحكايات كنت شاهدا عليها.

- وهل واجهت أي مشاكل بسبب أفلامك؟

بالطبع أتذكر فيلمي الأول "سرقات صيفية" عام 1988 حين اعترضت الرقابة على الفيلم بسبب ما أسمته أنه ضد سياسات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، غير أن العديد من النجوم رفضوا المشاركة في الفيلم بسبب ما يناقشه، وتم عرض هذا الفيلم في مهرجان كان بفرنسا وقد كان أول مشاركة لعبلة كامل ومحمد هنيدي، وقد حدثت العديد من المشاكل بيني وبين نقابة المهن التمثيلية بسبب إصراري على وجود عبلة كامل لإيماني بموهبتها وملاءمتها للدور، وهم يرون أنها غير نقابية وهناك بديل لها.

- وكيف ترى حال السينما المصرية الآن؟

مع الأسف نواجه مشكلات كبيرة في صناعة السينما الآن، فالعديد من المنتجين يرفضون الخروج من مناطق راحتهم ليصنعوا أفلاما مختلفة، وقد تخلينا عن العديد من الأشياء التي كانت تميز السينما المصرية، مثل الرقصات والأغاني والاستعراضات، حتى الأكشن أصبح تقليدا للأفلام الأميركية، يجب أن تكون لدينا قدرة على صنع أفلام مختلفة وفتح أسواق جديدة لنا ولكن هناك بعض التجارب في السنوات الأخيرة جيدة ومختلفة بالفعل.

- تعاملت مع المخرج يوسف شاهين فكيف كانت علاقتكما؟

تعلمت الكثير من يوسف شاهين، وأتذكر أن موقع التصوير كان ممتلئا بالبهجة ولم يكن يبخل عليّ بالشرح، فأتذكر أنني اختلفت معه ذات مرة في مسألة حول حدود الممثل وبعدها بأسبوع قام بمناداتي كي يشرح لي مقصده من خلال مشهد لنور الشريف، وقد كان هذا في فيلم "حدوتة مصرية"، كما أنه ساعدني حين فكرت أن أصنع فيلمي الأول "سرقات صيفية" ولم يبخل عليّ بنصائحه.

- وهل تقوم بنفس الشيء مع تلامذتك؟

بالتأكيد، أنصح كل تلاميذي في الورش بأن يصنعوا أفلاما بها روح، عليهم البحث عن تفاصيل الشخصيات وترك مساحة للمتلقين كي يتخيلوا، ويجب أيضا أن تكون المشاهد مكملة لبعضها لأن سرد القصة غير الفيلم.

- وهل صنع يسري نصر الله أي فيلم في مشواره وهو غير مقتنع به؟

لا، لم يحدث أبدا أن صنعت فيلما لا أشعر به، لأن هذا ضد مبادئي الفنية.

 

العربية نت السعودية في

03.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004