كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

افتتاح تقليدي مع غياب النجوم في مهرجان برلين السينمائي الـ69

أمير العمري

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والستون

   
 
 
 
 
 
 

فيلم "تعاطف الغرباء" يجعل المشاهد يخرج وهو يشعر بالسعادة والارتياح بعد أن تم توفيق الحلول لجميع المشاكل بقوة الحب.

افتتحت، مساء الخميس، الدورة الـ69 من مهرجان برلين السينمائي (البرليناله) أحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم، بعرض فيلم “تعاطف الغرباء” للمخرجة الدنماركية لون شيرفيغ المشارك في المسابقة الرسمية، ولكن من دون نجوم السينما الأميركية المعتاد حضورهم في افتتاح المهرجان.

برلين – بعد أن شاركت المخرجة الدنماركية لون شيرفيغ مرات عدة في مسابقة مهرجان برلين من قبل، كانت آخرها عام 2009 بفيلم “تعليم” من بطولة كاري موليغان الذي مضى لحصد عدد من ترشيحات الأوسكار بعد عرضه في برلين “البرليناله”، تعود شيرفيغ مجددا بفيلمها “تعاطف الغرباء”The Kindness of Strangers الذي افتتح الدورة الـ69 من المهرجان.

إنتاج مشترك

الفيلم من الإنتاج المشترك بين الدنمارك وكندا والسويد وفرنسا وألمانيا، أي أنه نموذج للتعاون السينمائي الأوروبي، ولكنه مصمم على غرار الأفلام الأميركية التي تروي قصة إنسانية يتقاطع في ثناياها عدد من الشخصيات التي تشترك في المعاناة بأشكال مختلفة، في سياق إنساني ومن أجل توصيل رسالة مفادها أنه من الممكن التغلب على الصعاب إذا تعاطف “الغرباء” مع بعضهم البعض في مجتمع نيويورك الشاق الذي لا يرحم أحدا!

هذا النوع من الأفلام يطلقون عليه في اللغة الإنكليزية feel good movies، أي الأفلام التي تجعل المشاهدين يخرجون وهم يشعرون بالسعادة والارتياح بعد أن تم توفيق الحلول لجميع المشاكل، وانتهت كل الصراعات بحلول موفقة بقوة الحب وتحققت بالتالي النهاية السعيدة، ومن هناك يذهب الجميع سعداء إلى بيوتهم وهم يتطلعون في أمل، إلى لقاء أشخاص مُشابهين لابد أن “نيويورك” أو غيرها من المدن “المتوحشة” تزخر بهم، لكننا لا نراهم لأننا لا نريد أن نرى الوجه الجميل الذي يكمن وراء القبح والاستغلال والآلة الرأسمالية الجهنمية الهائلة التي تطحن الجميع!

المخرجة الدنماركية لون شيرفيغ شاركت في العديد من المرات في مسابقة مهرجان برلين من قبل، لتعود مجددا بفيلمها {تعاطف الغرباء} الذي افتتح الدورة الـ69 من المهرجان

ويراهن الفيلم الناطق باللغة الإنكليزية على السوق الأميركية، وهي السوق الأكبر في العالم، وتدور أحداث قصته في نيويورك (رغم أن الفيلم صوّر في نيويورك وكوبنهاغن وتورونتو)، ولكن هناك مطعما روسيا في المدينة هو محور الأحداث، إن جاز القول إن هناك أحداثا في هذا الفيلم تعاني بوضوح من غياب “الحبكة” الدرامية، ويكتفي السيناريو بعرض الشخصيات وأزمتها من دون صراع حقيقي في ما بينها.

المطعم الروسي يمتلكه “تيموفي” الذي ورثه عن أبيه المهاجر الأصلي، ولكنه لا يمتلك القدرة على إدارته، بل ولا يزال ينطق الإنكليزية بلكنة روسية، يتحرك حركات عصبية مضحكة، ويتخذ لنفسه مكانا بجوار باب المطعم ليكون في استقبال الزبائن، يستضيف بين آونة وأخرى، فرقة موسيقية روسية تغني الأغاني الروسية القديمة. وفي الفيلم الكثير من الثرثرة حول الطعام الروسي والغناء الروسي واللهجة الروسية والكافيار والفودكا، وغير ذلك.

أما المدير الحقيقي للمطعم فهو “مارك” (يقوم بالدور الممثل الجزائري  الأصل طاهر رحيم) الذي كان في السابق قد انحرف عن جادة الطريق وانحرف في طريق الجريمة وقضى فترة في السجن، لكنه تاب وأناب واستقر حاليا وحقق نجاحا في إدارة المطعم، وأصبح لديه أيضا شقة جميلة تتسم بالذوق السليم.

لكن الفيلم يبدأ ويستمر لفترة طويلة مع “كلارا” (تقوم بدورها زو كازان حفيدة المخرج الأرميني الأصل إيليا كازان).. وهي زوجة شابة فرت بولديها من زوجها ضابط الشرطة الغليظ العنيف “ريتشارد” وذهبت إلى نيويورك حيث تهيم على وجهها مع طفليها الجائعين، تبحث عن مأوى وتحتال بشتى الطرق لتسرق الطعام والملابس، وعندما تلجأ لوالد زوجها، أي جد طفليها لكي يوفر لها المأوى مؤقتا، يرفض كما يرفض إعانتها ببعض المال، فتلجأ تارة إلى قضاء الليل في السيارة، وتارة أخرى في ملاجئ المشردين.

هذا الوصف للحالة النفسية والحياتية البائسة لكلارا وولديها، يستغرق زمنا طويلا على الشاشة، ويسقط الفيلم في التكرار والإعادة والاستطراد في تصوير معاناة تلك الأسرة الصغيرة من موقف إلى آخر، وهو ما يصل أحيانا إلى ذروة الميلودراما التي يقصد منها استدرار الدموع، بل ويبدو الفيلم في هذا الجزء كما لو كان ينتمي إلى سينما الماضي، أي إلى تلك الأفلام التقليدية القديمة التي كانت تصوّر قسوة الحياة في مجتمع نيويورك ذي الإيقاع السريع والتفاوت الطبقي الذي يسحق الفقراء، وكيف يضطر الفقراء والمهمشون خاصة القادمين من خارج المدينة، أي من “الغرباء” عنها، للأكل من القمامة أو للسرقة وممارسة أشياء أخرى (يمكننا هنا مثلا تذكر فيلم “راعي بقر منتصف الليل” Midnight Cowboy لجون شليزنغر، بطولة جون فويت وداستين هوفمان، من عام 1969 ولكنه كان أفضل وأعمق وأكثر أصالة كثيرا من فيلمنا هذا).

ويعاني “تعاطف الغرباء” أيضا من وجود الكثير من المصادفات واللقاءات المفتعلة التي تجمع بين (الغرباء)، أي الذين ينتمون -غالبا- إلى خلفيات عرقية وثقافية مختلفة وإن كان الفيلم لا يسلط الضوء عليها كما كان ينبغي.

مبالغات

تتبدى المبالغات العاطفية المقصودة لاستدرار المشاعر عندما تكتشف كلارا أن ولدها الأصغر “جود” قضى الليل خارج المنزل، وقد تجمد من البرد خاصة وأن معظم أحداث الفيلم تقع في فصل الشتاء مع انتشار الجليد في المدينة، ويكون “جيفري” هو الذي يسارع ليحمله بعد أن يتصل بالإسعاف لنقله إلى المستشفى.

أما جيفري، فهو شاب نشيط لكنه يفشل من عمل لعمل آخر، ويظل يبحث عن عمل دون أن يستقر له مقام في أي عمل، وبسبب تأخره في دفع الإيجار يجد نفسه مطرودا من شقته الصغيرة، ويلجأ مثل كلارا إلى التطفل على مؤسسات الرعاية الاجتماعية الخيرية، إلى أن يحصل على عمل في المستشفى مع “أليس”، وفي الأخير ينتهي به الأمر حارسا على باب المطعم الروسي.

أما أليس، فهي أقرب إلى قديسة، فهي تعمل ممرضة في قسم الحالات العاجلة كما تدير حلقة للعلاج النفسي عن طريق البوح أمام الآخرين تفريغا للمشاكل وسط المجموعة أو ما يعرف بـ(Group Thearpy) وليس مفهوما كيف يتفق طب الحالات العاجلة مع الطب النفسي، لكن هذا ما تفعله أليس التي تعمل أساسا بشكل تطوعي لحساب مؤسسة خيرية تابعة للكنيسة.

ولكن الطريف أن الكثير من الشخصيات التي تظهر في الفيلم تشترك في هذه الحلقة العلاجية ومنها مارك وصديقه المحامي “جون بيتر”، وهو الوحيد الذي يتردد اسمه الكامل في الفيلم، وهو الذي سيحسم في ما بعد لكلارا قضيتها ضد زوجها الذي يطاردها حيث يريد استعادتها واستعادة ولديه منها، ولكنها تظل تهرب باستمرار خشية من بطشه، وهو الذي لا يتورع عن الاعتداء البدني العنيف على والده في المشهد الوحيد من مشاهد الفيلم الذي يتسم بالعنف، بينما في باقي أجزاء الفيلم تشيع الرقة وبعض اللمسات الكوميدية التي تتجسد في بعض المواقف والتعليقات.

مارك سيقع في حب كلارا وتقع هي في حبه، وجون بيتر سيجد رفقته في أليس التي كانت تعاني من الوحدة القاسية، وزوج كلارا سيسجن بسبب جريمته وتنتهي بالتالي مشاكلها معه بعد أن تنتقل للعيش مع مارك وتوّدع فكرة مغادرة نيويورك والعودة من حيث أتت، وتيموفي صاحب المطعم الروسي سيدرك أنه لا يجب أن يفرض على زبائن المطعم شراء الكافيار ويعتذر لمارك عن وضع الملاعق الصغيرة على كل الموائد، وبالتالي يستقر الجميع في المدينة القاسية وتتحقق لهم السعادة بفضل مساندة بعضهم البعض.

وهي الرسالة الإنسانية البسيطة والساذجة التي يسوّق لها الفيلم في عصر الانهيار المالي واستمرار نهب الأثرياء للفقراء وإزاحة الملايين منهم إلى الأحياء الهامشية. ولا يجب أن ننسى أن كل ما نشاهده في الفيلم يحدث في مانهاتن، حي الثراء والمال والتضخم الهائل في أعمال شركات النهب المالية والبنوك!

ملاحظات حول الأداء

رغم الأداء الجيد لمجموعة الممثلين بشكل عام إلاّ أن الكيمياء كانت مفقودة بين طاهر رحيم وزو كازان، بل إن الدور بدا غير متناسب مع تكوين وشخصية طاهر رحيم، لكنه كان مطلوبا للقيام بأحد أدوار “الغرباء”.

ورغم براعة زو كازان إلاّ أنها بدت في الثلث الأول من الفيلم أقرب إلى البلاهة بابتسامتها الدائمة التي تكشف عن أسنانها البارزة وبوجهها الطفولي الغريب، وبما لا يتناسب مع الوضع المأساوي الذي ينقله الفيلم لنا.

جسدت الممثلة الإنكليزية أندريا ريزبرو شخصية “أليس” ببراعة من خلال دور الفتاة التي تبدو من الظاهر قوية حكيمة قيادية، لكنها تعاني داخليا من الهشاشة والوحدة والشقاء، وربما كان الأداء الأفضل في الفيلم هو أداء الممثل الانكليزي المخضرم بيل ناي في دور صاحب المطعم الروسي “تيموفي” وإن لم يتمكن تماما من تقمص اللهجة الروسية، لكنه كان لطيفا وجاء أداؤه مرحا ومعبرا ومقنعا.

محاولة التخاطب بين الأجيال

تعاطف الغرباء” (وهو اجتهادنا الشخصي في الترجمة) هو مزيج من الفيلم الرومانسي والميلودرامي والكوميدي، ونسخة نيويورك التي صنعتها المخرجة بالتعاون مع مدير التصوير سباستيان بلينكوف والتي تمثل تجربته الثالثة في العمل معها، هي نسخة متخيلة بالطبع.

صحيح أننا نشاهد الكثير من اللقطات لناطحات السحاب الشهيرة في مانهاتن، وربما أيضا بعض الشوارع والتقاطعات المألوفة، لكنها تظل صورة خاصة بلون شيرفيغ عن عالم نيويورك.

هناك تميز في الصورة وجماليات الصورة بفضل لمسات مدير التصوير، خاصة في المشاهد الخارجية التي تجمع بين الظلال والعتمة والنور، تريد أن تجسد أجواء العزلة والوحدة وعدم الشعور بالأمان الاجتماعي والاضطراب الذي يسيطر على جميع شخصيات الفيلم التي تبحث عن الراحة والأمان، ربما من خلال بحثها عن “الآخر”، وساهمت موسيقى الفيلم التي أعدها الكندي أندرو لوكنغتون، في تعميق الشعور بالتوتر الداخلي، والسمو والارتقاء في لحظات الشعور بالتحقق العاطفي.

خلال الأيام القادمة ستتبين ملامح مسابقة الدورة 69 من المهرجان، وستصبح معالم المنافسة بين أفلام الدول المختلفة أمامنا حتى نستطيع أن نقدر مستواها بشكل عام، وهي مجموعة الأفلام الـ17 التي اختيرت للمسابقة من بين المئات من الأفلام حسب تصريحات مدير المهرجان ديتر كوسليك الذي يعتبر الدورة الحالية الأخيرة بالنسبة له، بعد 18 عاما قضاها في العمل على نقل هذا المهرجان إلى مصاف المهرجانات الأرقى في العالم.

كاتب وناقد سينمائي مصري

العرب اللندنية في

09.02.2019

 
 
 
 
 

"برلين" الـ69 بلا مفاجآت..

أفلام متوسطة القيمة وتظاهرة للعاملين بالسينما بسبب الأجور| صور

برلين - علا الشافعي

بدأت عروض المسابقة الرسمية للدورة الـ69 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، في التاسعة صباحا بتوقيت برلين بقصر البرينالة، وهي العروض التي تشهد حضورا جماهيريا كبيرا، إلا أن أغلب الأفلام التي عرضت لم تشكل أي مفاجأة للحضور وجاء معظمها متوسط القيمة على المستوى الفني.

وعرض فيلم "مُحطّمة النظام" للألمانية نورا فنجشايدت، والذي يدور حول أزمة مُراهقة ألمانية تبحث عن الأمان والحب، والعودة إلى والدتها التي حُرِمَت منها، وشخصيتها المتمردة على نظام وتقاليد لا تطيقهما، والفيلم رغم أنه يناقش قضية شديدة الأهمية ترتبط بمرض نفسي يتعلق بطاقة الغضب والتي تولد العنف، الذي قد يؤدي إلي القتل في بعض الأحيان، إلا أن أحداثه شهد تطويلا، وكان من الممكن أن تتم إعادة مونتاج بعض المشاهد لضبط الإيقاع أكثر، إلا أن الطفلة التي جسدت شخصية البطلة "بينى" تملك موهبة وحضورا طاغيا، وعرض في الثانية ظهرا فيلم "برحمة الرب" للفرنسي فرانسوا أوزون قصة الاعتداء الجنسي لقساوسة على الأطفال، وهو الفيلم المأخوذ عن قصة حقيقية، وفي الثالثة والربع عرض الفيلم المنغولي المشارك في المسابقة الرسمية أيضا، وهو بعنوان "وندونج"، والفيلم من إخراج الصينى وانج كوان آن، تدور أحداثه حول تحقيق في جريمة قتل امرأة منغولية، وجدت جثتها عارية في أحد السهول المنغولية، يقوم به شرطي عديم الخبرة.

وفي إطار بانوراما برلين، وتحديدا مسابقة الأفلام الوثائقية عرض الفيلم "الدانماركي _الفلسطيني" عرب ويسترن للمخرج عمر الشرقاوي، والفيلم أقرب إلى الديكو دراما، واستغرق الشرقاوي في الإعداد له وتصويره ما يقترب من ١١ عاما، ويتناول الفيلم بشكل إنساني ما يعانيه أبناء المهاجرين العرب من أزمة تتعلق بالهوية، حيث يرصد عمر الشرقاوي (من أب فلسطينى وأم دانماركية) من خلال سيرة عائلته، الكثير من القضايا الإنسانية الشائكة، وشهد الفيلم حضورا كبيرا من النقاد العرب والجمهور من مختلف الجنسيات، كما حضرت عائلة المخرج والتي شاركت في أحداث الفيلم العرض، وبعد الفيلم طرحت العديد من الأسئلة على عمر وبعض من أفراد عائلته.

وعلى هامش فعاليات المهرجان نظم العاملين في مجمع سينما ماكس والذي يشهد جزء كبير من عروض المهرجان المختلفة مظاهرة احتجاجية لتدني مستوى أجورهم، ليس ذلك فقط بل إن بعضهم رفع لافتات ضد شبكة "نتيفليكس"، والتي يرى بعض العاملين في صناعة السينما أنها تشكل تهديدا حقيقيا لهم خصوصا بعد أن دخلت مجال الإنتاج السينمائي ولم تكتف بالدراما التليفزيونية فقط.

بوابة الأهرام في

09.02.2019

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي (3): تراجع الإقبال على صالات السينما في أوروبا يشيع القلق في برلين

تحية لرئيس المهرجان في نهاية رئاسته

برلين: محمد رُضا

صفَّق الحضور ووقفوا تحية لدييتر غوسليغ، رئيس مهرجان برلين السينمائي الدولي، وذلك في حفل الافتتاح، أول من أمس (الخميس). عادةً ما ينال دييتر التحية عبر قنوات مختلفة، لكن هذه المرّة كانت التحية ذات تميّز خاص، إذ إن الدورة هي الأخيرة لرئيسها الذي تسلّمها قبل 18 سنة ودأب على إجراء التحسينات والتطويرات إلى أن بلغ المهرجان ما بلغه من شأن.

ليس أن مهرجان برلين كان ثانوياً أو محدود التأثير والأثر سابقاً، بل دائماً ما كان السجال الرائع بين تيارات السينما فناً وسياسة. انطلق بعد الحرب العالمية الثانية وتعاقب عليه عدد من الرؤساء وألوف الأفلام التي اعتبرته، أيام انشطار ألمانيا إلى جزأين، المكان الأمثل لعرض أعمال تعكس الأوضاع الاجتماعية والسياسية لشرق وغرب أوروبا على حد سواء.

هذا الدور تكلل في السبعينات واستمر قوياً حتى من بعد توحيد ألمانيا. ما قام به دييتر هو محاولة الاستمرار في لعب هذا الدور، وفي الوقت ذاته توسيع رقعة ما يعرضه المهرجان من أفلام، ورفع مستوى حاجة العالم إليه بإنشاء سوق فيلم أوروبية تحتل اليوم مكانة كبيرة بين أسواق العالم السينمائية.

في اعتقاد المنتجين والموزعين وباقي أصحاب العلاقات والأعمال السينمائية، يحتاج العالم إلى نشاط هذه الأسواق. وبانتشار خبر مفاده أن الإقبال على صالات السينما في خمس دول أوروبية رئيسية هبط بمقدار 3 في المائة عما كان عليه في عام 2018، فإن وجود السوق البرلينية مهم لتجديد طاقة هذه السوق، إذا ما كان ذلك ممكناً. لكن ما يمكن الاستناد إليه هو ما تشي به الأرقام: فلأول مرّة تعجز بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا عن حصد رقم يتجاوز مليار دولار من تلك الأسواق. المبلغ المسجل هو 965 مليون دولار. البلد الأكثر انتكاساً بين هذه الدول إيطاليا، حيث بلغ مستوى انحسار المشاهدين 5 في المائة عما كان عليه في العام السابق.

هذا الهم ما عاد بعيداً عن السينما كفن كما قد يتصوّر البعض. ما فائدة إنجاز أفلام لن تصل إلى صالات السينما إذا ما استمر منوال الهبوط على ما هو عليه، أو إذا ما استمر منوال الانتشار الكاسح لمنظومات البث المباشر؟! كيف سيكون الوضع بعد خمس أو ست سنوات عندما تجد المهرجانات من الصعوبة تأمين أفلام تستحق التنافس على جوائزها؟

افتتاح الغرباء

فيلم الافتتاح، «لطف الغرباء» للمخرجة الدنماركية لون شرفيغ يلتف على بعض العقبات التي تحيط بالفيلم الأوروبي وتعيق تسويق معظمه. المخرجة التي كان المهرجان منحها جائزة التحكيم سنة 2001 عن فيلمها الأول «الإيطالية للمبتدئين» كتبت سيناريو فيلم تقع أحداثه في مدينة نيويورك حاولت فيه توفير نظرة لوضع مدينة حافلة بالغرباء ومتعددي الهويات بالإضافة إلى المولودين أصلاً هناك.

بطلة الفيلم أميركية اسمها كلارا (زوي كازان) كانت هربت مع ولديها من منزل الزوجية. نفهم من خلال العرض أن الزوج كان عنيفاً معها بحيث لم يعد بالإمكان تحمل نزوات عنفه. هي الآن في ضاحية مانهاتن ذات المستوى الاجتماعي الراقي، لكنها لا تملك ما يكفي لإطعام نفسها أو ولديها

تزور محلات بيع الثياب لتسرق ما يناسبها وعلى الحفلات المقامة لتناول الطعام، وإذا لم يكن تبحث في قمامات بعض المطاعم. وأحد هذه المطاعم تعود إدارته إلى مارك (طاهر رحيم). هذا لديه خلفية مختلفة لكن وضعه المهني ناجح.

تبقى العلاقة بينهما سطحية حتى عندما تحاول المخرجة توطيدها. هناك برود داخل أوصال هذا الفيلم ناتج عن أن الكهرباء ليست من الطاقة بحيث تغطي كل الشخصيات، خصوصاً أن كلارا تبقى محوراً لأكثر من علاقة ورابط. الشخصيات التي تتعرف عليها كلها تحمل فوق أكتافها مشكلاتها الخاصة التي إذا ما أضيفت إلى مشكلات كلارا فإن الناتج هو توفير عالم تتلاطم فيه الشخصيات المنتمية إلى قاع الحياة كما لو أنها كائنات من فصيل مختلف.

هذه الغاية، النبيلة في جوهرها، تخفق في إيداع رسالاتها على النحو المطلوب لكي تترك التأثير المطلوب لها. كثرة الشخصيات وتعلقها جميعاً بحبل ممدود في فضاء المدينة يجعل من غير الممكن الاعتناء بكل تلك الشخصيات ومشكلاتها بسوية أو وحدة سياق. نعم، هي شخصيات تحاول أن تساعد بعضها طوال الوقت، ولديها الرغبة في تعاضد عاطفي خالص من الشوائب، لكن كل هذا لا يصنع من الفيلم «الموزاييك» الإنساني المنشود، وإن كان يروّج له.

 

####

 

جنيفر لورنس لـ«الشرق الأوسط»:

الموهبة تحتاج لأفلام مختلفة عن القتال والمعارك

قبل ثلاثة أشهر سرّب أحد المتصلين إنتاجياً بفيلم جنيفر لورنس الجديد «دارك فينكس» خبراً بأن الفيلم سوف يشترك في مهرجان برلين المقام حالياً. هذا لم يكن وارداً عندما بدأ العمل على هذا الفيلم في منتصف سنة 2017، وبعد أن انتهى التصوير في مطلع العام الماضي غاب المشروع في طيّات مرحلة طويلة (ولا تخلو من المصاعب) من مراحل ما بعد التصوير، خصوصاً أنه من أفلام الفانتازيا التي تأتي مصحوبة بكثير من المؤثرات الخاصة.

وحسب مصدر في شركة «فوكس» الموزعة، فإنها فضّلت التأني على إنجاز هذا الفيلم وتهيئته للعرض على أن ترميه في سوق صيف السنة الماضية. والآن إذ بات الفيلم جاهزاً للعرض، فإن الشركة ليست بصدد عرضه خارج المسابقة، لا في «برلين» ولا في سواه.

حسب المتحدث، فإن «فيلماً كهذا قد يكون حدثاً ترفيهياً كبيراً، لكنه لا يحتاج لمهرجان لكي ينجح، بل يكتفي برصيد ممثلته وبهواة النوع الذي ينتمي الفيلم إليه».

في حوار مع «الشرق الأوسط» تتناول بطلة الفيلم جنيفر لورنس بعض جوانبه، وتعود معنا قليلاً لمسيرتها في صنف الأفلام الفانتازية وعما إذا كانت مكترثة للانتقال مجدداً إلى ناصية الأفلام التي - قد - تصلح للمهرجانات العالمية فعلاً.

> «دارك فينكس» ينتمي إلى سلسلة «رجال إكس». هل هو بداية سلسلة متفرعة كما كان حال «وولفرين» مع هيو جاكمان؟

- في المبدأ هذا صحيح. «دارك فينكس» هو فرع من شجرة «رجال إكس» والشخصية التي أؤديها هي شخصية «ميستيك» التي مثلتُها في تلك السلسلة. لكن لا أدري في هذا الوقت إذا ما كان هذا الفيلم الأول سيكون بداية سلسلة مختلفة. من المبكر التأكيد على الرغم من أنني أتوق إلى ذلك.

> شخصية «ميستيك» في «رجال إكس» (أو «رجال ونساء إكس» كما كان من الأفضل ربما أن يكون العنوان) في تلك السلسلة هي شخصية بطولية تتمتع بقدرات خارقة لكنها تعمل ضمن المجموعة. هل هي منفردة هنا بنفسها؟

- نعم، لكنها ليست منفردة فقط، بل منشقّة.

> عن «رجال إكس»؟

- نعم، ملخص الفيلم هي أنها تحوّلت من امرأة تساعد المجموعة في إحقاق العدالة وفي المهام المستحيلة التي تسند إليها، إلى طائر خارج فصيلته. هي وصلت إلى قناعة من أن الدور السابق لا يمكن أن يأتي بنتيجة في عالم فوضوي وتقرر أن تنتقل من الخير إلى الشر.

> لا وجود لباقي الشخصيات في هذا الفيلم إذن؟

- لا هم موجودون... مايكل فاسبيندر وصوفي تيرنر وجسيكا شاستين وجيمس ماكفوي... كلهم هنا.

> هل تؤثرين الابتعاد عن الأفلام الدرامية أو الكوميدية هذه الأيام لصالح أفلام مثل سلسلة «رجال إكس» و«ألعاب الجوع»، أو مثل «رد سبارو» في العام الماضي؟

- لا تستطيع أن تقول ذلك. ربما الأفلام التي أقوم فيها بلعب أدوار القتال والقائمة على الفانتازيا هي الأكثر رواجاً وبالتالي تسترعي الاهتمام الإعلامي أكثر من سواها. لكني لم أنقطع عن تمثيل أفلام درامية، خصوصاً أن هذه الأفلام تتيح لي التنفس طبيعياً وهي لا تتطلب العمل الشاق نفسه الذي تتطلبه تلك الأفلام.

> هل يمكن لأفلام الفانتازيا المليئة بالمؤثرات أن تفيد الممثل - وأنا أقصد أي ممثل - على صعيد صقل موهبته كفنان؟

- هذا سؤال جيد. من الظاهر أن هذه الأدوار لا تتيح مجالاً واسعاً للممثل لكي يقدّم أداءً يستحقّ الجوائز عليه أو تصقل له موهبته التي هي في غالب الأحوال العنصر الرئيسي الذي أوصله إلى الشهرة. لكن لا يمكن الحديث بالتعميم هنا. الأفلام التي هي من صنف أفلامي التي ذكرتها أو من صنف «سوبرمان» و«ذا أفنجرز» مصنوعة للترفيه، والممثل فيها عليه ألا يتوقف لكي يقدّم ما يصطدم أو يتعارض مع ذلك الهدف. هل تصقل هذه الأدوار موهبتي؟ أشعر بأنها تفعل ذلك، لكني لست واثقة (تضحك). الموهبة تحتاج لأفلام مختلفة عن أفلام القتال والمعارك.

> هل حدث لك أن حاولت تقديم مشاهد تتطلب منك توفير موهبتك الخاصة كممثلة في أفلام «رجال إكس» و«ألعاب الجوع»؟

- نعم. في البداية، ووجدتُ أن ما أقوم به ليس هو المطلوب. أقصد أنه من غير المناسب أن يقوم الممثل بتعميق درجة أدائه لمجرد أنه يريد أن يعود إلى السبب الذي من أجله بات ممثلاً. سيبدو ذلك غريباً وغير ملائم ويتعارض مع ما يتطلبه الفيلم. شعرت بالخجل عندما حاولتُ ذلك. كذلك ليس هناك الوقت الكافي لتقديم أي شيء آخر غير المطلوب مني ومن الآخرين تنفيذه.

> هل تتطلب هذه الأفلام التحضير المسبق كممثلة؟

- لا. ليس بالنسبة لي على أي حال. لكن أعلم أن البعض يقوم بالتدريبات قبل التصوير. التدريبات التي أقوم بها هي في الأفلام الأخرى التي لا علاقة لها بشخصيتي في هاتين السلسلتين. أرى أنه من واجبي إتقان ما أمثله، لأنها أفلام مختلفة بالطبع عن السائد وتتطلب كل جهد ممكن من الممثل المشترك فيها. أيضاً التدرّب على مشاهد في تلك الأفلام الدرامية يعيدني من جديد إلى الشعور بأنني ممثلة تمتثل لشروط العمل وتحترمها. وخصوصاً من بعد سنوات العمل على الأفلام الأخرى، لا يمكن لي أن أقفز من نوع يتطلب جهداً بدنياً إلى نوع يتطلب إتقاناً درامياً من دون فرصة بينهما تتيح لي التأقلم من جديد.

> في زمن قصير نسبياً انتقلت من ممثلة تلقف النقاد عملها في فيلم «وينتر بوون» Winter’s Boone)) إلى النجاح التجاري في سلسلة «رجال إكس». هل تفضلين الأفلام الفنية على التجارية أو العكس؟

- الأفلام الفنية للإبداع والأفلام التجارية للمال (تضحك)... أفضلهما معاً.

> إحدى المسائل المثيرة فيما يتعلق بالعمل في مسلسل ما هو أن الممثل يعود إلى شخصيته ذاتها مرّة بعد مرّة. هل هناك وسيلة لتقديم ما هو جديد ضمن المسلسل الواحد؟

- هناك قيود تمنع الممثل من الاغتراب في تلك الأدوار عما قام به سابقاً. الشخصية هنا مرتبطة بمنهج وسلوك واحد لا يتغير، لأنه سيخلق هوّة بين مسلسل وآخر. ألا تعتقد؟ لكن التكرار ليس مخيفاً في هذه الحالات، بل المواصلة في تقديم المستوى الجيد ذاته.

أقصد أن ما يشغل بال الممثل هو الدفاع عن النمط الواحد وليس تغييره. لكن مع «دارك فينكس» هناك مجال لما تذكره. شخصية «ميستيك» في «رجال إكس» ليست شخصيتها تحديداً في هذا الفيلم، لأن الفرصة هنا متاحة لتقديم الجانب الآخر من تلك الشخصية.

الشرق الأوسط في

09.02.2019

 
 
 
 
 

جنيفر لورنس نجمة هوليوود: «التنوع يصقل الموهبة»

د ب أ

اعتبرت نجمة هوليوود جنيفر لورنس، أن الأفلام الدرامية تتيح للممثل فرصة للإبداع، قائلة إن مثل هذه الأفلام تتيح لها "التنفس طبيعيا"، لكنها لا تقلل من الربح المالي للأفلام التجارية.

وشددت لورنس، في حديث على هامش مهرجان برلين المقام حاليا لصحيفة"الشرق الأوسط"اللندنية، نشر اليوم السبت، على أهمية التنوع لصقل موهبة الممثل.

وعما إذا كانت تفضل أفلام الفانتازيا على الدرامية، أجابت: "ربما الأفلام التي أقوم فيها بلعب أدوار القتال والقائمة على الفانتازيا هي الأكثر رواجا، وبالتالي تسترعي الاهتمام الإعلامي أكثر من سواها".

وذكرت "لكني لم أنقطع عن تمثيل الأفلام الدرامية، خصوصا أن هذه الأفلام تتيح لي التنفس طبيعياً، وهي لا تتطلب العمل الشاق نفسه الذي تتطلبه تلك الأفلام".

وأقرت بأن أفلام الفانتازيا "لا تتيح مجالاً واسعاً للممثل لكي يقدّم أداء يستحق الجوائز أو تصقل له موهبته التي هي في غالب الأحوال العنصر الرئيسي الذي أوصله إلى الشهرة. لكن لا يمكن الحديث بالتعميم هنا".

وأضافت: هل تصقل هذه الأدوار موهبتي؟ أشعر بأنها تفعل ذلك لكني لست واثقة، الموهبة تحتاج لأفلام مختلفة عن أفلام القتال والمعارك".

وبسؤالها عما إذا كانت تفضل عموما أفلام المغامرات والفانتازيا على الدرامية، أجابت لورنس: "الأفلام الفنية للإبداع والأفلام التجارية للمال ... أفضلهما معا".

الشروق المصرية في

09.02.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2019)