كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

صناع مهرجان الجونة فى ندوة "اليوم السابع":

المهرجان مثال واقعى لتمكين الشباب والمشاركون معظمهم فى سن الـ35..

أدار الندوة علا الشافعى - أعدها للنشر على الكشوطى - هانى عزب

مهرجان الجونة السينمائي

الدورة الأولى

   
 
 
 
 

أغلب عروض الأفلام حملت شعار كامل العدد..

وخالد صلاح: شكرا صناع البهجة قدمتم جهدا يفوق الخيال

·       انتشال التميمى مدير المهرجان: المناصب لا تشغلنى وكان هدفى الأساسى إنجاح مهرجان الجونة

·       عمرو منسى: "أنجلينا جولى" و"ويل سميث" كانا ضمن ضيوف الدورة الأولى وسوء الحظ منعهم من الحضور

·       بشرى: أنسى ساويرس بركة المشروع وكان يحسم العديد من الأمور وهو الشعلة الحقيقة التى بسببها انطلق المهرجان

·       قضينا على فتن حاول البعض زرعها بيننا بالتفاهم والتناغم والإسراع فى تحقيق الحلم وروح الفريق أهم شىء تعلمناه

·       كمال زادة: أقمنا دور عرض فى 45 يوماً فقط وهي الآن مستمرة وتمثل انتعاشة كبيرة ومتنفسا سينمائيا جديد

·       المخرج أوليفر ستون وفوريست ويتكر لم يحصلا على أى مقابل مادى لحضورهما فعاليات المهرجان

·       تفاجئنا بحصول فيلم "فوتوكوبى" على جائزة أفضل فيلم عربى.. ولم نكن نعلم عن الجوائز أى شىء

أصداء عالمية واسعة حققها مهرجان الجونة السينمائى، ورغم أن المهرجان فى دورته الأولى، إلا أنه استطاع أن يبث البهجة فى نفوس متابعيه سواء من خلال شاشة on e الناقلة لفعاليات أو لجمهوره وضيوفه ممن حضروا المهرجان وأيامه الثمانية، حيث قدم المهرجان وصناعه نموذج يحتذى، من خلال ضخ لدماء جديد بمهرجان وليد صدر للعالم كله صورة مشرفة، تؤكد أن مصر قادرة على صناعة الفرحة والبهجة وتقديم مهرجان سينمائى ناجح، على كل المستويات سواء برنامج الأفلام وضيوفه والمكرمين أيضا.

"اليوم السابع" عقد ندوة صحفية لتكريم صناع البهجة، فريق عمل مهرجان الجونة السينمائى، ضمت مدير مهرجان الجونة انتشال التميمى ومؤسسى المهرجان بشرى وعمرو منسى وكمال زادة، وذلك تقديرا للجهد الكبير الذى بذل فى المهرجان والصدى العالمى الذى حققه، حيث وضع لبنة أساسية وحقيقية فى خريطة دعم صناعة السينما المصرية والعربية، وبات نافذة مهمة تطل منها مصر على العالم.

فى بداية الندوة رحب خالد صلاح رئيس مجلس ادارة وتحرير اليوم السابع خلال الندوة بصناع مهرجان الجونة، ووصفهم بفريق صناعة البهجة، مضيفا أنه شارك فى العديد من المهرجانات والمؤتمرات وأن ما شاهدناه وتابعناه فى الجونة السينمائى يحاكى الخيال خصوصا أنها الدورة الأولى من المهرجان، حيث قدموا شكلا للمهرجانات يحتذى به، ولذلك وجب علينا أن نعبر لهم عن فرحتنا بنجاحهم ونشكرهم ليس فقط على أنهم أحيوا صناعة السينما من جديد، وقدموا دما جديدا، لكن على أن المهرجان أبهج المنتجين ومن كان منهم متردد فى إنتاج أعمال جديدة أصبح الآن يريد أن ينتج، ومن كان يريد أن يتجه للدراما أكثر ويترك السينما أعاد تفكيره.

وأضاف خالد صلاح أن شكل السجادة الحمراء كان رائعا وأعطى شكلا مختلفا لمصر، وأن مصر "منورة وشيك" وقادرة على تقديم مهرجان جيد .

وأشار خالد صلاح إلى أنه يتفق مع المهندس نجيب ساويرس فى أننا ومن خلال الفن قادرين على تصدير الفرحة والجونة السينمائى خطوة فى دعم الصناعة وإعادة الروح وأن "المهرجان رسالة لمن يصدر لنا الخوف والإرهاب والدم ونحن نصدر الفرحة"، ووجه صلاح الشكر لمدير المهرجان انتشال التميمى وللنجمة بشرى وعمرو منسى وكمال زادة.

وأضاف صلاح أنه كمواطن جلس أمام الحدث وجسده يقشعر وكأنه يشاهد مباراة لمصر، خاتما حديثه قائلا "فرحتونا وإن شاء الله المهرجان يحصل على قيمته التى يستحقها ويحقق النتيجة والهدف منه، وهو دعم صناعة السينما وصورة مصر".

وإليكم نص الندوة

·       كيف استطعتم تقديم مهرجانا مشرفا بهذا الشكل يضاهى المهرجانات العالمية سواء فى تقديم الحفل المبهر للفنانة بشرى وأمينة خليل أو على مستوى الفعاليات والضيوف والندوات والمحاضرات؟

بشرى: الحالة التى ظهرت بها على مسرح المهرجان اكتسبتها من "وشوش الناس" وردود أفعالهم الحقيقية التى جعلتنى أشعر بالراحة والبهجة وبالتالى ظهر من خلال طريقة تقديمى للحفل، رسائل الشكر التى قدمها الضيوف على المسرح جعلتنى فى غاية السعادة وشعرت أن هناك حالة متكاملة تؤكد أن جميع من شارك فى المهرجان سواء مسئولين أو فنانين أو صحفيين اجتمعوا على إنجاح المهرجان، ومعظم النجوم الذين تواجدوا على السجادة الحمراء كانوا يجيدون التحدث بأكثر من لغة وهو شىء جيد للغاية، مثل هند صبرى وعمرو يوسف وكندة علوش وصبا مبارك وأمينة خليل ونيللى كريم، وهنا شيحة، وهناك الكثير من النجوم، وهو ما جعلنا نستطيع توصيل رسالة للغرب بأن هناك جيلا قادما من النجوم لديه الكثير من الثقافة والفن، وهنا يجب أن أشكر الإعلاميين الأجانب مثل "فريدون شهريار" الإعلامى الهندى، الذى كان يغطى المهرجان لصالح "بوليوود هنجاما"، والذى أشاد بالتنظيم.

انتشال: كنا نستطيع وبكل بساطة أن نستعين بفريق عمل من الخارج وسيكون ذلك سهلا، لكن الهدف الأساسى هو الاستعانة بشباب مصريين، وهناك أكثر من شباب كثيرون مصريون حصلوا على موقع مميز بإدارة المهرجان، والاستعانة بالخبرات الأجنبية كانت محدودة للغاية، حتى أننا تفاوضنا معهم على الأجر ووافقوا بالحصول على ثلث أجرهم الطبيعى ومنهم من كنا نفاصل معهم فى 200 دولار، وتعاوننا مع "zee" خبير السجادة الحمراء والذى أدار الفعاليات المقامة فوقها بدقة وبصورة مشرفة .

حرصنا أن تكون هناك أفلام مميزة فى طوال فترة فعاليات المهرجان، وكنا حريصين على أن تكون الأفلام فى المواعيد المحددة، مثلما تم وضعها فى الجدول ولم نغير ولا موعد من الجدول، بل تمت إضافة موعد آخر لفيلم "الشيخ جاكسون"، وكل الأفلام تم ارسالها فى الموعد المحدد، وجاء لى اتصال هاتفى من "هيام صليبى" من أكبر الشركات الموزعة في إيطاليا، حيث طلبت "بوستر" المهرجان لوضعه ضمن المواد الدعائية الفيلمية لفيلم "القضية 23" للمخرج زياد دويرى  الحاصل على جائزة الفضية بمهرجان الجونة وذلك يصدرها مقدمة الفيلم.

عمرو منسى: نجاح إدارة السجادة الحمراء لم يأت من فراغ لكن جاء نتيجة التزام الإعلاميين المصرين ومساعدتنا على تطبيق النظام، وهو ما أسعدنا وساهم فى الترويج للمهرجان بشكل جيد ولابد أن نوجه لهم التحية والشكر.

كمال زادة: أهم ما يميز المهرجان هو اختيارنا لفريق العمل كان يجب أن يكون يجمع بين أكثر من لغة، وذلك من أجل التسهيل على الجميع، حتى المركز الصحفى برئاسة الكاتب الصحفى خالد محمود كان مؤهلا لخدمة السادة الإعلاميين وتلبية رغباتهم فى إجراء حوارات مع النجوم وهو ما تم تنفيذه بالفعل.

·       منذ أن تم الإعلان عن اسم انتشال التميمى كمدير للمهرجان وجاءت العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام والبعض كان رافضا للفكرة فكيف تقبلتم ذلك؟

انتشال: كنت أعلم ذلك وهو أمر متوقع، وحينما دُعيت للمشاركة بالمهرجان كان من المفترض أن أكون رئيسا للمهرجان، لكنى طالبت أن أكون المدير الفنى للمهرجان، وذلك حتى لا يكون هناك أى حساسية فى هذا الأمر، لأنه كان أمامى مهمة واحدة تشغل ذهنى بعيدا عن المناصب وهى كيفية إنجاح المهرجان.

·       التوقعات جميعها كانت تشير إلى فوز فيلم الشيخ جاكسون لكن المفاجأة كانت فوز فيلم فوتو كوبى وهو ما يبعد لجان التحكيم عن فكرة التوازن والموائمات التى تنتهجها بعض المهرجان فما تعليقكم على ذلك؟

بشرى: تفاجأت بحصول فيلم "فوتوكوبى" على جائزة أفضل فيلم عربى، ولم نكن نعلم عن الجوائز أى شىء، ومن وجهة نظرى كنت أظن أن فيلم "القضية 23" للمخرج زياد دويرى هو من سيحصل على الجائزة.

انتشال التميمى: اتصل بى المنتج صفى الدين وهو منتج فيلم "فوتوكوبى" وذلك عقب أن علم أن فيلم "الشيخ جاكسون" سيتم عرضه عقب الافتتاح، وتحدث على أن هناك عدم كفاءة للفرص بين الفيلمين وأن عرض جاكسون فى الافتتاح سيساهم فى الترويج للعمل، لكنى أكدت له أن ذلك المعيار غير صحيح لأن هناك مصداقية وأيضا عمل لجان التحكيم يأتى بشكل منفصل تمام عنا، لأن أى خطأ أو تدخل فى قرار لجان التحكيم يمثل "نهاية أى مهرجان"، وهناك مقالات كثيرة تحدثت عن فوز "الشيخ جاكسون"، لكن لجان التحكيم كانت حرة وهناك 3 أفلام عربية حصلوا على جوائز لأن هناك قدرة على المنافسة مع الأفلام الأجنبية، وللعلم مؤسسة الفيلم العربى، قررت أن تقيم مسابقة الأوسكار وذلك عقب النجاح الذى حققه المهرجان، حيث جاء اختيار الجونة بدلا من إقامة المهرجان فى دبى أو أبو ظبى.

·       تم تطوير دور العرض بالجونة وأنشأ المهرجان شاشات عرض فما مصير تلك الدور بعد انتهاء الدورة الأولى وكيف استطعتم جذب جمهور يملئ كل شاشات عرض المهرجان؟

كمال زادة: أهم ما يمكن الحديث عنه فى مهرجان الجونة وتحضيراته هو إقامة سينمات نالت إعجاب الحضور لأن تجهيزها لم يقل شيئا عن التجهيزات العالمية، فضلا عن إقامة أكثر من دور عرض فى مدة 45 يوماً، وهى الآن مستمرة وتمثل انتعاشة كبيرة ومتنفس لدى الجميع سواء أجانب أو عرب بالجونة ويعرض بها حاليا أفلام جديدة.

بشرى: كل ما وعدنا به بالمهرجان تم تنفيذه مثل منصة الجونة السينمائية والتى أصبحت ملتقى للصناع وحدث العديد من اتفاقات على الأفلام وشهدت الندوات حضور كبير، والحقيقة أن كل هذا لم يكن متوقع على الإطلاق.

انتشال: هناك مجموعة أسئلة طرحت قبل انطلاق المهرجان وأهمها من أين ستحصلون على أفلام مصرية؟ لكن كنا نعمل فى صمت واتفقنا مع صناع الأفلام المصرية مثل فوتوكوبى والشيخ جاكسون منذ فترة طويلة للغاية، وسؤال آخر كان يوجه لنا وهو من أين سيأتى الجمهور لمشاهدة الأفلام ضمن فعاليات المهرجان؟ وكنا نؤكد دائما أن الأفلام التى يتم عرضها ستكون قادرة على جذب الجمهور، وهو ما حدث بالفعل بأن أغلب الأفلام كانت تحمل شعار "كامل العدد" فى المهرجان، والحضور الجمهور فى مهرجان الجونة، فاق أى مهرجان آخر ففى يوم واحد حضر عروض الأفلام نحو 1400 شخص.

·       لماذا فضلتم أن يكون اسم المهرجان هو مهرجان الجونة فقط دون إضافة كلمة دولى رغم أن المهرجان يضم العديد من الأفلام العالمية فى عرضها الأول؟

عمرو منسى: كانت هناك الكثير من التعليقات تقول لنا لماذا لم تضعوا كلمة دولى على اسم المهرجان، لكن كان الرد أن المهرجان بالفعل دولى واكتسب ذلك فى دورته الأولى، دون أن نضع تلك الكلمة على اسم المهرجان، وهو كان اقتراح من المهندس نجيب ساويرس بعدم وضعها لأن غالبية المهرجانات الكبرى لم تكتب ذلك مثل "كان" و"فينسيا".

بشرى: أهم شىء هو حديث الناس عن أن المهرجان عالمى بخريطة العمل ولا داعى أن نطلق ذلك على أنفسنا.

·       هل واجهتم صعوبات فى جلب الأفلام من الخارج خاصة أن صورة مصر فى الإعلام الغربى ضبابية إلى حد كبير؟

بشرى: تواجدنا فى مهرجانات كبرى مثل فنيسيا وغيرها كان له مفعول كبير، لأن التواجد عنصر مهم من مصداقيتك لأنهم شاهدوا جديتنا فى التواجد، والجائزة التى قدمها مهرجان الجونة فى مهرجان فنيسيا جعلتهم يشعرون أننا نعمل بجد وبشكل حقيقى، ووجدنا الكثير منهم يغيرون مواقفهم ورحبوا بالحضور لمتابعة فعاليات الجونة، رغم أن هناك الكثير منهم كان يتخوف من الحضور للشرق الأوسط.

وللعلم لم يحصل أى نجم على مقابل مادى لحضوره المهرجان فالمخرج أوليفر ستون لم يتقاضى أجرا وكذلك فوريست ويتكر، وحرصنا على عدم دفع أى مبالغ لضيف أجنبى، لأن هدفنا هو أن يتهافتوا على حضور المهرجان مثلما يحرصون على حضور مهرجان فينسيا وكان وغيرهم، وهناك العديد من النجوم مثل ناعومى واتس وأنطونيو بانديراس وغيرهم كانوا سيحضرون لولا انشغالهم بأمور أخرى فى آخر وقت وأتذكر كلمة رجل الأعمال أنسى ساويرس، الذى قال لى برافو إنك استطعت أن تجمعى بين نجيب وسميح فى مشروع واحد، واعتبره هو بركة المشروع حيث كان يحسم العديد من الأمور وهو الشعلة الحقيقة التى بسببها انطلق المهرجان.

عمرو منسى: فى الدورات المقبلة سيشهد المهرجان طفرة فى حضور الضيوف الأجانب فالنجم خالد النبوى تحدث معى وعرض مساعدته وأنه يريد دعوة عدد من النجوم العالميين، وكان من المفترض أن تحضر الدورة الأولى النجمة أنجلينا جولى والنجم ويل سميث وحجزنا لهم، لكن حدث سوء توفيق ولكن العام المقبل سيكون هناك أسماء أكثر، واعتبر الدورة الأولى تجربة لكل شىء تعلمنا منها ومررنا فيها بالكثير من التحديات أهمها تعرضنا للاستغلال ومحاولات شق الصف لكننا لم نكن نستمع أو ننساق وراء تلك المحاولات وصمدنا.

انتشال: نفذنا اتفاق مع مجلة "فاريتى" وهو أن تمنح جائزة فى مهرجان الجونة فى دورته الأول، وليس مجرد الحضور لتغطية فعاليات المهرجانات، فضلا عن اتفاقنا مع "فيستفال سكووب" الذى نص على عرض أفلامنا فى الفترة من 1 إلى 15 أكتوبر على خبراء من جميع أنحاء العالم، وأيضا اتفقنا مع "ستار بيز"، واتفقنا على ترشيح 4 أفلام عربية تدخل ضمن قائمة أفضل آسيوى ووجود 10 مستشارين من أهم نجوم العالم العربى بالمهرجان أفاد المهرجان بالطبع، رغم أنها مخاطرة كبيرة منهم بالتواجد فى مهرجان لا يزال يبدأ فى دورته الأولى، إلا أنهم كانوا على قدر من الثقة بأننا نستطع تقديم مهرجان جيد ومحترم، ولم يخشوا على أسمائهم بقدر أن يكونوا داعمين لنا وللمهرجان، ومنهم يسرا، وهند صبرى، ويسرى نصر الله وغيرهم.

·       ما هى الأسس التى اخترتم على أساسها المكرمين بالمهرجان؟

انتشال التميمى: اخترنا الزعيم عادل إمام من مصر واخترنا الناقد الكبير إبراهيم العريس، الذى ينتمى إلى السينما المستقلة وفوريست ويتكر الذى يوازن بين السينما المستقلة والعمل الإنسانى لنرضى جميع المستويات، مثلما حرصنا على أن يكون هناك أفلاما متنوعة ترضى جميع الأذواق.

·       ولماذا حرصتم على دعوة النجم التركى خالد أرغنش بطل مسلسل حريم السلطان رغم أن العلاقات التركية المصرية ليست فى أفضل حالتها؟

بشرى: كون العلاقات المصرية التركية ليست فى أفضل حالتها هذا هو أول سبب لدعوته لأننا المهرجان يرفع شعار سينما من أجل الإنسانية وبالتالى يجب أن يكون الفن بعيدا عن النزاعات السياسية، وهو نجم ومشهور وله شعبية وكان يهمنى حضوره ولم أتجاهله كما قال البعض لم أرحب به وأنا على المسرح لأنى أعلم أن المهندس سميح ساويرس سيوجه له كلمة إضافة إلى أننى تواجدت معه طوال اليوم قبل ختام المهرجان وكان على ألا أطول عدد الكلمات على المسرح حفاظا على وقت برنامج الحفل وقمت بتعريفه على المخرج أوليفر ستون لأنه يقوم بعمل كاستنج وفى حاجة لممثل فى نفس مواصفات خالد أرغنش، وطلبت منه أن يعود بالعام المقبل ويحضر زوجته وطفله للاستمتاع بالجونة، وأشكر السفير المصرى فى تركيا على سرعة استجابته لنا وتسهيل خروج تأشيرة دخوله مصر.

·       بعد كل هذا النجاح كيف تقيمون أنفسكم فى تجربتكم الأولى بالمهرجان؟

بشرى: حتى الآن لن نجتمع لنقيم المهرجان ولكن من المقرر أن يحدث تقييم لكل شىء من خلال اجتماع يجمع مؤسسى المهرجان، لنقيم أنفسنا على مستوى التنظيم كمؤسسة وكفريق عمل.

انتشار التميمى: سنقوم بإرسال أسئلة تحفيزية لكل المشاركين لتلقى ردود الأفعال والوقوف على العوائق التى قابلت المشاركين لنتفادى أى شكوى نتلقاها فى الدورة المقبلة، لأن أهم شىء أن تكون الدورة القادمة أكثر تنظيما، والحمد لله لدينا وقت للتفرغ أكبر لكن لابد أن نحافظ على نفس الحماس والوهج.

كمال زادة: نقوم حاليا بمناقشة التفاصيل الصغيرة المتعلقة بشاشة العرض المفتوحة، وسنكون حريصين على تجهيز قاعات الجامعة الإلمانية بتجهيزات أفضل تسهل على المشاركين عملية المشاهدة والمتابعة وتجعلها أكثر متعة.

بشرى: فى رأيى إننا فى حاجة إلى قصر للمهرجانات مثل مهرجان كان وفينيسيا وفندق ضخم، وأتمنى أن نستطيع مد قاعات للعرض فى الغردقة.

عمرو منسى: أتفق مع بشرى لابد من إنشاء فندق كبير لأنه من الآن هناك العديد من الأشخاص يريدون المشاركة فى الدورة المقبلة، وأتوقع أن يكون العدد أكبر فى الدورات المقبلة.

·       ما هى التحديات التى تواجهكم؟

انتشال التميمى: أمامنا تحد مهم وهو الجانب الترويجى للمهرجان، حيث نحتاج أن نتواجد بأسبوع الفيلم الأمريكى فى بداية نوفمبر، وكان من المفترض أن نكون فى مهرجان لندن ونحمل معنا فيديوهات ترويجية حول المهرجان، ومن المؤكد أننا يجب أن نتواجد فى مهرجان القاهرة وقرطاج ودبى، ومن الآن ننسق لوجودنا فى مهرجان برلين وكان وفينيسيا، أما الأفلام فلدينا فريق برمجة أثبت كفاءة وبالأخص المخرج أمير رمسيس الذى ساهم بشكل كبير البرمجة وأمور أخرى واعتبره جوكر المهرجان، لكننا نريد إضافة المزيد من المبرمجين المصريين لفريق البرمجة.

·       وما هى أصعب فترة مرت عليكم أثناء التحضير للمهرجان؟

· بشرى: أصعب فترة هى محاولات الفتنة أثناء وقبل المهرجان، وهى الفترة التى حاول فيها البعض التشكيك فى كفاءة كل منا، لكننا اعتمدنا على روح الفريق واجتهادنا وكل نزاعاتنا كنا نناقشها كأسرة واحدة والداخل بيننا خارج وقضينا على الفتن التى حاول البعض زرعها بيننا بالتفاهم والتناغم فيما بيننا والإسراع فى تحقيق الحلم وروح الفريق أهم شىء تعلمناه.

انتشال التميمى: كان هناك تداخل كبير فى مهامنا ورغم ذلك لم يتعصب أحد على الآخر وكل واحد منا كان مقدر لمجهود الآخر، ولولا تدخل بشرى وعمرو منسى فى أمور كثيرة بالمهرجان لكانت هناك الكثير من المشكلات حدثت، وأذكر أن عمرو منسى سألنى كام فيلم لدينا؟ فقلت له 7 أفلام وشعر وقتها بالخطر لكنى طمأنته وفى النهاية وصل برنامج المهرجان إلى 71 فيلما.

·       هل نجد فيلما يدعمه مهرجان الجونة ماديا خاصة للشباب خلال الدورة المقبلة؟

انتشال التميمى: مهرجان الجونة قدم لأول مرة على مستوى العالم منصة سينمائية وعادة المهرجانات، تبدأ تلك المنصة فى الدورة الثالثة وربما الرابعة ونحن نتعامل مع عائلة ساويرس وهى عائلة تهتم بالثقافة والفنون ولهم جوائز بأسمائهم فى مجال الشعر والسيناريو، وحققنا أيضا من خلال جسر الجونة نجاح كبير ومن المقرر أن نتوسع أكثر وأكثر فى الدورات المقبلة.

بشرى: مهرجان الجونة مثال حقيقى وواقعى لتمكين الشباب من حاضرهم لتكوين مستقبل أفضل، وكل المشاركين معظمهم فى سن الـ35، نعم استعنا بخبرات مثل رجل الأعمال نجيب ساويرس وانتشال لكن فى النهاية الشباب هم من قاموا بكل هذا النجاح . 

 ·       كيف ترون من يحاول الترويج لأن مهرجان الجونة سيكون فى مواجهة مع مهرجان القاهرة وأن الأمر ليس تنافسا وتكاملا بين المهرجانين وما هى حقيقة أن المهرجان ميزانيته مفتوحة؟

انتشال التميمى: لا أعتبر أن التنافس والتكامل شىء مضر بل هما عاملين مترابطتين ومن الممكن أن يكون ذلك محفز للآخر على المنافسة، لكنى أرى أن فشل مهرجان القاهرة يعتبر فشل لمهرجان الجونة والعكس صحيح، وحقيقة بعد اكتمال برنامج مهرجان الجونة أرسلنا افلام عربية وعروض عالمية أولى للعرض ضمن برنامج مهرجان القاهرة.

وأنا كشخص عادى بعيدا عن كونى مديرا لمهرجان الجونة أرى أن تمسك أى مهرجان سينمائى بصفته الدولية وهم كبير، لأن الاتحاد الدولى للمنتجين FIAPF ألغى شرط العرض العالمى الأول بعد التطور التكنولوجى، خاصة أن الأفلام كانت ترسل للمهرجانات على شريط أفلام 35 ملى، وبالنسبة لنا مهرجان الجونة لم ولن نقترب من مسألة الحصول علي الصفة الدولة، لأنى اعتبر تلك الصفة تتلخص فى قدرة المهرجان على جذب أفلام دولية كبيرة ومخرجين ومنتجين وموزعين، ولو لم يحضر كل ذلك للمهرجان يتحول البرنامج إلى برنامج عروض أفلام وأزعم أن كاتلوج مهرجان الجونة هو الأفضل فى المنطقة العربية بدون مناقشة.

كمال زادة: أحب أن أوضح أن ميزانية ليست مفتوحة كما يتخيل البعض، وكان هناك نظام مالى ولم نبخل بشىء على حساب المهرجان.

·       جمعتك جلسة بالفنان يحيى الفخرانى والنجمة الكبيرة نادية لطفى فهل تلك الزيارات لها علاقة بالمكرمين فى الدورة المقبلة من المهرجان؟

انتشال التميمى: بعدما عدت من الجونة ذهبت على الفور إلى الفنانة الكبيرة نادية لطفى وتوقعت أن تكون المقابلة لمدة ربع ساعة لكن جلسنا سويا لمدة ساعتين ونصف، وحكت لى تفاصيل المهرجان ومدى فرحتها وسعادتها بالمهرجان، وتحدثنا فى السياسة والأدب والفن، أما الفنان يحيى الفخرانى فكان يجب أن أقابله منذ سنوات، حيث جمعنا السفر سويا إلى نوتردام وبعدها أبو ظبى وحقيقة هو فنان غاية فى الاحترام .

اليوم السابع المصرية في

07.10.2017

 
 

الاحتجاج كتابة.. سينما أوروبا الشرقية الجميلة

الأم المخيفة  Scary Mother

كاظم مرشد السلوم

ما هو الامل والحلم الذي ترتجيه الام من تربية أولادها والاعتناء بأسرتها ، ما الذي تتوقعه بعد ذهاب الجمال والنشاط وتحولها الى آلة تعمل في خدمة العائلة ، ماذا يمكن ان تفعل أزاء تجاهل واهمال الجميع لها ، هذه الأسئلة تطرحها المخرجة الشابة انا اوروشادزه في فلمها الطويل الأول الحائز على الجائزة الكبرى لمهرجان سرايفيو السينمائي وجائزة العمل الأول في مهرجان لوكارنو .

العنوان
الام المخيفة ، عنوان مثير ، مغاير وصادم ، كون الفكرة العامة عن الام أي أم ، انها عطوفة وحنونة ومضحية ، فكيف يمكن ان تكون مخيفة ، العنوان اذن مدخل مهم لاكتشاف ثيمة الفلم وتفكيك محتواه .

الحكاية
مانانا أم من الطبقة الجورجية المتوسطة ، تثابر من اجل تربية أولادها والاعتناء بأسرتها بأفضل ما تستطيع ، هذه المثابرة تصطدم بالتجاهل واللامبالاة من قبل افراد اسرتها ، ولا تمتلك ردا ، او تستطيع عتباً ، فهي شخصية هادئة ، تبدو كمن تعودت السكوت والخنوع ، لكن الى متى يمكن ان يستمر ذلك ، خصوصاً وان لكل شخص طاقة تحمل تنفد في وقت ما .

تعود مانانا الى موهبة وهواية قديمة تملكها وهي الكتابة ، لكنها تكتب تحت تأثير الوضع النفسي الذي تعيش ، تكتب ما يشبه الكوابيس ، وهي الكوابيس الحقيقية التي تعيشها ، محولة خوفها وارتيابها الى رواية اباحية تفضح الكثير من اسرار العائلة وتصورتها عنهم ، الامر الذي يسبب للعائلة صدمة كبيرة ، يحرقون على اثرها ما كتبته ، بعد ان تقرأ لهم بعضاً من روايتها ، ولتبدأ هي مرحلة جديدة من حياتها ، مرحلة صادمة للجميع بما فيهم ابيها الذي دائما ما كان معجبا بكتابتها .

الاشتغال
كتابة سيناريو لمثل هكذا فلم يتطلب اطلاعاً ومعرفة بعلم النفس ومكنونات النفس البشرية ، والتفاوت الحاصل بين شخص وشخص اخر فيما لو مر بمثل هكذا ظرف ، ويخضع لإسقاطات وعوامل كثيرة ،منها الجانب الاجتماعي ، والثقافي ، والديني والأيديولوجي لهذا الشخص او ذاك ، وبالتالي نشاهد ان الكثير من النساء اللواتي يمرن بهذا الظرف ، يخضعن له ولا يدافعن عن انفسهن ، تبعاً لهذه العوامل ، فيما يقف البعض منهن بقوة ، خصوصاً النساء اللواتي يتوفرن على استقلال اقتصادي ، ويبدو ان أنا اور شادزه قد توفرت على المعرفة في هذا الجانب لذلك كتبت سيناريو يتماشى والحالة التي تناولتها ، وتبعاً لسوداوية الحكاية ، تشتغل أنا اور شادزه، على رسم مشاهد يطغى عليها اللون الرمادي ، وتعزز ذلك بزوايا وكوادر ضيقة ، تعمق إحساس المشاهد بالحالة النفسية التي تعيشها الام مانانا ، معظم الوقت الذي اختارته للتصوير هو شتاء جورجيا البارد ، العمارة السكنية التي تسكن فيها مانانا ، قديمة ويتطلب الوصول اليها اجتياز جسر حديدي ، يعبر عن طول المسافة وبعدها بين حلم مانانا وواقعها .

صاحبة المكتبة الذي ينتصر ل مانانا وضع ليكون حلقة وصل غير متماسكة بينها وبين عائلتها وهو الحالم بأن يمتلك دار نشر خاصة به ، فتجد مانانا فيه الملاذ الامن للهرب من واقعها ، فشخص مثله لا يستطيع مقاومة الرفض الذي تواجه.

ماذا يحدث لو

هذا السؤال المهم الذي يمكن ان يطبق على معظم الأفلام السينمائية ، يطرحه الفلم هنا ، ماذا يحدث لو ان أم وربة بيت افنت شبابها في خدمة عائلتها والنتيجة اهمال وتجاهل ، ماذا يحدث لو ان هذه الام تمردت على واقعها ، هل ستتسبب بتفكك عائلتها ، ماذا يحدث لو ان هذه الام وبسبب كل ذلك وصلت الى حالة من الجنون لا يمكن معالجتها ، ماذا يحدث لو ان دور النشر تبنت الرواية التي كتبتها والناتجة عن معاناتها وفضحت الكثير من اسرار عائلتها والمحيطين بها ؟

هذه الأسئلة طرحها الفلم ضمن تسلسل خطه الدرامي ، تاركاً المشاهد يفكر فيها ويجيب عنها ، من خلال تأويل النص المرئي للفلم ، ولكل تفسيره وتأويله الخاضع للأسقاط لثقافي والنفسي والمجتمعي الخاص به .

الام المخيفة فلم احتجاج نسوي على السائد من العلاقات والرتابة الناتجة عنها ، لا يمتلك المشاهد الا ان يتعاطف مع بطلته ، مفكراً في حال العديد من الأمهات اللواتي يعانين من المشكلة نفسها.

واحد من محاسن المهرجانات السينمائية انها توفر الفرصة لمشاهدة سينما مختلفة ، سينما اوروبا الشرقية وافريقيا واسيا ، حيث التجارب السينمائية الرائعة ، هذه الأفلام قد لا تتاح الفرصة لمشاهدتها ثانية الا ما ندر.

الام المخيفة

سيناريو وإخراج انا اوروشاوزة

تمثيل – ناتا مورفانيدزه ، ديمتري تايشفيلي ، راماز ازسيلياني

انتاج – لاشا خالفاشي

تصوير – منديا اسادزه

موسيقى – نيكا باسوري

الصباح الجديد العراقية في

08.10.2017

 
 

حوار|

صفي الدين محمود: شكرت انتشال التميمي على عرض "فوتوكوبي" بالجونة.. ومحمود حميدة كان المرشح الأوحد للبطولة

كتبه محمد قدري 

صفي الدين محمود منتج ذو طابع خاص، خاض التجربة الإنتاجية في ظروف صعبة وأنتج عدة أعمال تحدث عنه الكثير وشاركت في عدة مهرجانات ونالت جوائز أيضا، وأفلامه هي "نوارة" لمنة شلبي و"الأصليين" لخالد الصاوي، وأخيرًا "فوتوكوبي" للنجم محمود حميدة الذي عرض بمهرجان الجونة السينمائي بدورته الأولى.

كيف تختارون هذا النهج بعيدًا عن تيمة الأفلام الرائجة؟

نستهدف عمل أفلام يحبها الجمهور، من الممكن أن لا تلقى استحسانه حاليًا ويحبها بعد فترة، ونحرص أن تكون بها صبغة تجارية لكن بقيمة فنية تجعلني أشرف أن أقدمها، لكن ما المبرر أن أقدم فيلمًا تافهًا وربما لا يحصد الأموال أيضًا، ففي أفلامنا نتعاقد مع ممثلين لهم تاريخ جيد للقيام ببطولتها ومخرجين ومؤلفين لهم رصيد عند الناس.

تعاونت في "الأصليين" مع مروان حامد، وفي فوتوكوبي مع تامر عشري كمخرج وهيثم دبور كمؤلف للمرة الأولى لكل منهما، لماذا؟

لنا سياستنا في الشركة، فكان قرارنا أن نقدم فيلمين مع مخرجين ومؤلفين كبار ثم فيلمًا مع مخرج ومؤلف للمرة الأولى ثم نعيد الدورة مرة أخرى، حتى يكون لنا دور في تصعيد مخرج ومؤلف جديد ويقال عنا بعد فترة أننا ساهمنا في مساعدة جيل جديد.

ما الذي حمسكم لإنتاج سيناريو "فوتوكوبي"؟

كان المخرج تامر عشري هو البداية ولم يكن السيناريو هو البداية، فكنت مستهدفًا تامر عشري وأريد العمل معه وعندما سألته ما المشروع الذي تود العمل عليه فأجاب "فوتوكوبي" وبالمصادفة كان المؤلف لأول مرة فأشرت أن النوعية مختلفة عن ما قدمناه، فاللون جديد على السينما.

هل كان الفيلم جاهزًا قبل مهرجان الجونة، ولما لم تطرحونه تجاريًا في دور العرض؟

لا، لم يكن الفيلم جاهزًا وتسلمنا الموسيقى التصويرية قبل الفيلم ب12 يومًا فقط ولم نحدد قبل المهرجان أن نطرحه بالقاعات ودور العرض الآن.

لماذا شاركت بالفيلم في مهرجان الجونة تحديدًا؟

بالنسبة لي مهرجان الجونة نفس جديد للسينما المصرية، وأنا مهتم للغاية بأن تكون هناك مهرجانات سينمائية تقام في مصر، فكلما كثرت مهرجانات السينما كان ذلك في مصلحة السينما المصرية، فمهرجان القاهرة ومهرجان دبي مهرجانات كبيرة وعندما يكون هناك مهرجان ثالث يجب أن ندعمه فهذه المهرجانات أصلًا مقامة لدعمنا، وحين قدمت للجونة اكتشفت أن العرض هنا أفضل بكثير من العرض في دبي، فالقاهرة مهرجان كبير لكن أول عرض جاء إلي كان من الجونة من خلال المبرمج الذي أحترمه انتشال التميمي الذي اعتبره من أهم مبرمجي الوطن العربي وكان عندي ثقة شديد في أن فيلمي سيكون ضمن باقة من أفضل الأفلام وكان الاتفاق مع انتشال من فترة طويلة قبل الإعلان، وعندما رأى ملخصًا للموضوع قال إننا سنكون معه في المهرجان وهو ما تم بالفعل.

لشركتكم سياسة محددة في اختيار المخرجين والمؤلفين، ماذا عن الأبطال في "فوتوكوبي"؟

محمود فوتوكوبي هو محمود فوتوكوبي، محمود حميدة كان الاختيار الأول والأخير للدور، ودور صفية الذي قدمته الفنانة شيرين رضا ذهب لأكثر من نجمة لم يتحمسوا للعب في هذه المنطقة، وبشكل شخصي تحمست للنجمة شيرين رضا لتجسيد الدور، وطلبت منها أن تجسد دور سيدة في الـ60 فقالت فلتكن 75، فتحمست أكثر لها وما حدث معها في الفيلم إضافة لها كممثلة لتعلن عن نفسها كممثلة تستطيع أن تقدم اي عمل.

ماذا عن شعورك عند دخولك قاعة مسرح "المارينا" في عرض الفيلم الأول والقاعة التي تحتوي على أكثر من 1000 مقعد ممتلئة وهناك من ينتظر بالخارج؟

شكرت انتشال التميمي، لأن لولاه لم يحدث ذلك ولو كنت عرضت الفيلم في أي مكان آخر لم أكن أجد مثل هذا العدد من الجمهور، وشكرت كل منظمي مهرجان الجونة لأنهم أتاحوا لي الفرصة لكي يعرض فيلمي للمرة الأولى أمام هذا العدد وعلى الأقل نصفهم عبارة عن أهم نجوم السينما وصناعها لكن لو كنت أقمت عرضًا خاصًا للفيلم لم استطع أن أجمع كل هذا العدد من النجوم والبشر لمشاهدة هذا الفيلم، فأول شيء نظرت إليه أنني وجدت نفسي ماهرًا لاختيار مهرجان الجونة وليس مكان آخر.

ما الذي سيضيفه العرض في مهرجان الجونة للعرض التجاري بالسينمات؟

بالطبع الرؤية النقدية من خلال النقاد وكل الجماهير التي كانت متواجدة بالعرض الأول للفيلم لهم صوت هام وكل من قال كلمة في حق الفيلم ستفيده بالطبع حين عرضه بالسينما.

بماذا خرجت من التجربة ككل؟

أرى أن ناتج التجربة خرجنا بممثل كبير اسمه أحمد داش وممثل كبير اسمه علي الطيب، اعتقد أنهم خطوا خطوة كبيرة من خلال هذا الفيلم، وبالطبع الأستاذ محمود حميدة ترك بصمة جيدة بالفيلم وشيرين رضا قدمت صورة جميلة جدًا، والمخرج تامر عشري والمؤلف هيثم دبور متواجدين بجوار أفلام هامة للغاية ولست مهتمًا بأي مردودا آخر غير أن نكون متواجدين معهم.

هل هناك تجربة جديدة؟

نحن في الشركة سياستنا أن لا نعلن عن عمل إلا قبل البدء في تصويره بأيام فقط، فهناك مشاريع نبحث فيها ونعمل عليها حاليًا وسنتحدث عن تحديد موعد التصوير.

السينما.كوم في

08.10.2017

 
 

سلسلة من الأزمات والنجاحات تلاحق الفيلم

«الشيخ جاكسون».. البطل يخذل والجمهور ينصف

إيناس محيسن ـــ أبوظبي

وجّه المخرج المصري عمرو سلامة الشكر لجمهوره، عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، بعد أن نجح فيلمه الجديد «الشيخ جاكسون» في أن يحقق إيرادات مرتفعة بعد يومين فقط من طرحه في دور العرض السينمائي المصرية، إذ حصد في اليوم الأول 450 ألف جنيه، وفي الثاني حقق 900 ألف، ليصل إجمالي إيرادات الفيلم في يومين الى مليون و350 ألف جنيه، بما يعد مؤشراً الى قدرة الفيلم على تحقيق نجاح جماهيري يماثل ما حققه من نجاح عند عرضه على النقاد في مهرجانات مختلفة، وترشيحه ليمثل مصر في «الأوسكار» لأفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية.

نجاح «الشيخ جاكسون» سبقته سلسلة من المشكلات التي وصلت إلى حد الأزمات التي كان من الممكن أن تؤثر في استقبال الجمهور له؛ لعل أشهرها الانتقادات الواسعة التي واجهها بطل الفيلم أحمد الفيشاوي عقب تلفّظه بلفظ خارج على خشبة المسرح في افتتاح مهرجان الجونة السينمائي، إذ غطت موجة الانتقادات التي وجهت للفيشاوي وسلوكه، والحالة التي ظهر عليها خلال الحفل، على آراء النقاد حول الفيلم.

مجهود 100 شخص

أزمة الفيشاوي، دفعت مخرج الفيلم، عمرو سلامة، إلى أن يصدر بياناً، دعا فيه إلى الاهتمام بالفيلم الذي جاء ثمرة مجهود بذله أكثر من 100 شخص لثلاث سنوات لصنع «الشيخ جاكسون».

وأضاف سلامة أنه يعتبر الفيلم وكأنه أول عمل له، إذ جعله يحب السينما كما لم يحبها من قبل. وتابع المخرج في البيان: «هناك إحساس ينتابنا جميعاً بالإحباط وحتى القهر أن يتم هدم كل مجهودنا بسبب سلوك إنسان واحد، وهذا ليس بيان اعتذار مني أو من الفيلم، لأن الفيلم ليس مسؤولاً عن سلوك أحد العاملين فيه، والاعتذار يجب أن ينتظر منه شخصياً وليس منّا».

ورغم أن أزمة أحمد الفيشاوي كانت الأبرز لـ«الشيخ جاكسون»، إلا أنها ليست الوحيدة؛ ففور الإعلان عن ترشيح الفيلم لـ«الأوسكار» ممثلاً لمصر، أصدر المخرج مجدي أحمد علي، مخرج فيلم «مولانا» الذي كان مرشحاً بقوة لتمثيل مصر، بياناً يهاجم فيه اختيار اللجنة المسؤولة عن الترشيح لـ«الشيخ جاكسون»، متهماً اللجنة بالمجاملة للفيلم الذي لم يكن قد عرض بعد في دور العرض.

واستند مجدي أحمد علي إلى أسباب من أهمها أن «لائحة الجائزة تنص على أن الأفلام التي لها حق الترشح هي التي عرضت في دور السينما حتى 30 سبتمبر الماضي، وليس (التي سوف تعرض)، وبالتالي فإن التعجيل بعقد اجتماع اللجنة يوم 11 سبتمبر وبعد عرض خاص لفيلم بعينه يتعارض مع مفهوم التصويت الفردي والسري الذي هو قانون الأكاديمية، والذي تعد مخالفته سبباً كافياً لإهدار أي قرار ينتج عنه».

مسألة الجوائز

«الشيخ جاكسون» كان محل جدل أيضاً عند إعلان جوائز مهرجان الجونة السينمائي، إذ تساءل البعض عن خروج الفيلم دون جوائز وذهاب جائزة أفضل فيلم روائي عربي لفيلم «فوتوكوبي»، من تأليف هيثم دبور، وإخراج تامر عشري، وبطولة شيرين رضا. واعتبر البعض هذا الأمر إشارة إلى عدم قدرة «الشيخ جاكسون» على المنافسة في «الأوسكار». وعلى النقيض جاء الرأي الآخر الذي وجد في فوز «فوتوكوبي» شبهة مجاملة للفيلم وصنّاعه.

من جانبه؛ عبّر المنتج والسيناريست محمد حفظي، منتج «الشيخ جاكسون»، عن عدم انزعاجه من عدم حصول فيلمه على جوائز من مهرجان الجونة، مرجعاً ذلك إلى أن «مسألة الجوائز صعب جداً أن تتفق عليها أي لجنة تحكيم، لأن آراء اللجنة، غالباً ما تختلف وتتباين، ومن الممكن أن يؤثر رأي عضو في اللجنة، على بقية الأعضاء، وأنا أعتبر أن اختيار الشيخ جاكسون، ليكون فيلم افتتاح المهرجان، أكبر جائزة».

كذلك لم يسلم الفيلم من مواجهات مع الرقابة؛ إذ اعترض جهاز الرقابة على المصنّفات الفنية على اسم الفيلم، ولكن المخرج عمرو سلامة رفض تغيير الاسم، وسعى لإقناع الرقابة بالاسم والمشاهد التي تم الاعتراض عليها، لأنه «لا يمكن تغييرها»، حسب وصفه لها في ذلك الوقت.

فريق عمل

فيلم «الشيخ جاكسون» من بطولة أحمد الفيشاوي، ودرة، وأمينة خليل، وماجد الكدواني، وبسمة، وأحمد مالك، ومحمود البزاوي، ومن إخراج عمرو سلامة، وﺗﺄﻟﻴﻒ عمرو سلامة وعمر خالد.

علاقة مع أسطورة

تدور أحداث «الشيخ جاكسون» إلى يوم الخميس 25 يونيو 2009، حيث وفاة ملك البوب، ذلك الحدث الذي هز العالم الفني، خصوصاً محبّي هذا النوع من الفن والرقصات التي اشتهر بها، ولتكشف أن إمام المسجد في الفيلم كان يلقّب بـ«جاكسون» في سنوات الدراسة.

الإمارات اليوم في

10.10.2017

 
 

الفيلم الحائز جائزة سمير فريد وذهبية الجونة الأول

"أم مخيفة" والحد الفاصل بين الجنون والعبقرية

صفاء الليثي

حلم سكنها ككابوس مخيف، نادوجي هي تأكل السيدات الحوامل، لم تعد نينا بل ناندونج كما الحكاية الشعبية الآسيوية، وحش بمائة ذراع يأكل النساء بعد أن يغتصبهن. تقدمت بالفكرة إلى مركز الفيلم في جورجيا كفيلم قصير ولم تقبل فكرتها، عملت على الفكرة وطورتها وأصبح الحلم مشهدا فائقا في فيلم الفتاة التي لم تبلغ الثلاثين من عمرها ولكنها امتلكت وعيا بنفسية امرأة، ربة بيت، كاتبة مبدعة، تؤرق شطحات إبداعها أسرتها وخاصة الزوج، يمارس عليها قهرا فيحرقون ما كتبته، في مشهد أوجعني، في جردل وضع بالشرفة نشاهد الأسرة مجتمعة يحرقون النص، احتفال عائلي لزم أن تعود الأم بعده لتمارس دورها الوحيد والمقبول اجتماعيا. كجمهور ترسو رغبت بشدة أن تكون هناك نسخة أخرى من العمل، المخرجة بوعي لما يريده المشاهد، نعم هناك نسخة صورها الرجل صاحب المكتبة، وسيط الناشرين والمؤمن بعبقرية المؤلفة، معه نسخة، يلف بها على الناشرين، الجميع يرفضون، هذا جنون وإباحي، لا يستسلم، يبحث ويحضر مطبعة قديمة كانت ملقاة في النفايات، يقدمها لها هدية عيد ميلادها، العمل غير مكتمل، عليها أن تتفرغ لتكتب النهاية، يعد لها حجرة تخصها وحدها ويساعدها على الهرب لتتفرغ للكتابة، الزوج يلاحقها، يعنفها، يتشاجر مع الرجل، يفشل في أخذها بالقوة، يستسلم ويمضي بعد أن يهددها ( ستخسرين عائلتك) ، الكاتبة تسير بين منزلها والمكتبة على جسر للمشاة ، موجود بشكل طبيعي في البلدة ولكنه في السياق الدرامي جسرا رمزيا بين عالمين، تستغل المخرجة البناية بنوافذ مختلفة أقرب إلى نصف قبة، موقعا للمشهد الذي تحكي فيه حلمها ( فيلم المخرجة القصير) للزوج، هو عطوف يحضر لها غطاء سميكا يلفها من البرد، ولكنه عاجز عن فهم لحظات إبداعها، يتهمها بالجنون، في لقطة مشهدية يهرع الى الابنة (امك اتجننت) الفتاة نائمة وضوء يغمرها بينما الأب خلف حاجز موجود في المنزل طبيعيا فتظهر صورته يحجبها ضباب، يصلنا معنى عن حيرته وتشوش أفكاره في مقابل تفهم الابنة المحبة للقراءة لجنوح أمها. 

هل انتهى عرض المخرجة للقهر الذكوري الواقع على المرأة المبدعة، لا فالأب سيظهر، رجل ثري مسن مريض، يترجم، تتحايل عليه بطلب مراجعة نص لصديق لها، تعجبه الكتابة حتى مشهد يعبر عن مأساة أمها، زوجته التي انتحرت فيستشيط غضبا، تزوره وقد عقصت شعرها وبدت كأمها، يدرك الأب أنها الكاتبة ويحذرها بعنف أنه لن يترجم موت انتحار أمها. ها هو الأب أيضا، رغم إيمانه بعبقرية تأليفها، لا يوافق على أن تعبر بصدق عن قهره لأمها الذي دعاها إلى الانتحار. ينتهي الفيلم فجأة، هل ستطبع الرواية، هل سيقوم الأستاذ بالترجمة، الحكاية نفسها ليست بأهمية التعبير عن مشاعر مبدعة تجد نفسها مضطرة للتخلي عن أسرتها ومحيطها الاجتماعي كله لتتمكن من الكتابة. يعكس الفيلم وعيا بالنفس البشرية للمبدعة، ولزوجها العاطل من الموهبة، ولابنتها الحائرة والتي تواجه مشكلة أكبر من عمرها، تفهم للمترجم الأب الأناني رغم تفوقه، كل الأسرة مع أصدقائها في ناحية، وبعد الجسر هناك على الجانب الآخر صاحب المكتبة الداعم والمؤمن بضرورة تفرغها لكي يخرج فنها إلى النور. 

من بين أفلام المسابقة الأربعة عشر وجدت لحنة تحكيم جمعية نقاد السينما المصريين عضو الفيبريسي أنه الفيلم المستحق للجائزة، وفي الاعتبار عبقرية هذه الفتاة الخجول التي وجدناها منعزلة مع بطلة فيلمها ناتا مورفانيدزه ومع بطل فيلمها ديمتري تاتشفيلي الحاضرين معها . بعد تسليمها الجائزة أجريت مقابلة معها وعرفت منها حكاية فكرة الحلم كفيلم قصير، وكيف عكفت على الكتابة لمدة عامين، وبعدها كيف تقدمت به ليتم الموافقة على إنتاجه فجاءتها الموافقة بعد شهرين، شهرين فقط ، الدعم يكفي التصوير وبقي أن تحصل على دعم لما بعد الإنتاج، أنهت فيلمها وشاركت به مهرجان لوكارنو ليحصل على جائزة العمل الأول ، ثم على الجائزة الكبرى من مهرجان ساراييفو، وهاهي في الجونة تحصل على جائزة النقاد ونجمة الجونة الذهبية للفيلم الروائي الطويل من لجنة التحكيم الرسمية، بما يعني أن هناك إجماعا على تميز الفيلم واستحقاقه للجوائز.

 أنا أوروشاتدزه فتاة السابعة والعشرين ربيعا ابنة المخرج الجورجي الكبير زازا أوروشاتدزه المرشح للأوسكار مرتين، والدتها طبيبة نفسية. تعكف أنا حاليا مع أختها الأصغر على كتابة فيلمها الثاني، منطلقة من مجموعة مشاهد لم تربطها بعد في سياق واحد ، مما يبدو أنه طريقتها في الإبداع حيث تسكنها حكايات صغيرة وصور مبهمة تعمل على تطويرها لتكون عملا متماسكا تصوره في شهر، وتقوم بمونتاجه، أخبرتني أنها أنهت مونتاج الفيلم فقط في ثلاثة أيام مما يعني أنها دخلت التصوير بسيناريو محكم (شوتنج سكريبت) جاهز تماما للتصوير، تأتيها أفكار، تجترها، تطورها، تبنيها داخل سياق وتصور.

دولة جورجيا دولة صغيرة تعداد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، تقوم مؤسسات حكومية بها  بتلقي مشروعات الأفلام قصيرة وطويلة، تقرأها لجنة مختصة، المشروع الموافق عليه يعني أنهم سينتجونه. كانت هذه سياسة قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري في فترة تولاها السيناريست ممدوح الليثي، وبعيدا عما طال سمعته من اتهامات إلا أنه أنتج عددا من الأفلام السينمائية بميزانية محدودة، لم تكن بقوة الأفلام المنتجة سينمائيا للشركات الخاصة المصرية، ولم تصل لحجم ولا مستوى إنتاجات المؤسسة المصرية العامة للسينما ولا فيلمنتاج، ولكنها كانت منفذا لزيادة المنتج من أفلام السينما ، والآن لا يوجد إنتاج للمركز القومي للسينما  للبلد الذي وصل تعداد سكانه إلى تسعين مليون نسمة، البلد الذي يتفاخر بأن السينما بدأت لديه بعد شهور من بداية السينما في العالم. ولنعرف جيدا كيف تسير الأمور في مصرنا الحبيبة، سنجد أن الفيلم المصري الحاصل على جائزة أفضل فيلم عربي مقدمة من لجنة التحكيم الدولية يمثل العمل الأول لمخرجه تامر عشري والعمل الثاني لشركة خاصة ناشئة، تدعم الإنتاج الفني دون أن تتلقى دعما من أي جهة حكومية مصرية.

تشكلت لجنة تحكيم جمعية نقاد السينما المصريين التي يرأسها الناقد محسن ويفي من صفاء الليثي رئيسا وعضوية كل من أندرو محسن ومنال بركات في الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي الدولي الذي أسسه رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، في بلدة الجونة التي أنشأها أخوه سميح ساويرس، واختارا الناقد والناشط السينمائي العراقي انتشال التميمي مديرا فنيا له بعد خبرة بمهرجان أبو ظبي السينمائي، وأسندت مهمة البرمجة للمخرج أمير رمسيس، رأس المركز الصحفي الناقد خالد محمود وتحرير النشرة  إلى الناقد هاني مصطفى، نسق المخرج الشاب مصطفى يوسف منصة الجونة التي طورت ودعمت مشروعات في طور الإعداد وغير كاملة التجهيز. يطمح مهرجان الجونة ليملأ فراغا في مصر لما يجب أن يكون عليه مهرجان السينما كمؤتمر علمي كبير لكل السينمائيين.

جريدة القاهرة في

10.10.2017

 
 

نجاح مهرجان الجونة السينمائي

يعيد حسابات القاهرة الدولي

يبدو أن النجاح الذي حققه مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى المنتهية أخيرا مثل تحديا حقيقيا للعديد من المهرجانات السينمائية المصرية الحكومية، خاصة منها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يستعد لانعقاد دورته الـ39 في الفترة الممتدة بين 21 و30 نوفمبر المقبل.

العرب / القاهرة – قالت النجمة السورية كندة علوش على حسابها الشخصي في موقع إنستغرام إثر انتهاء انعقاد الدورة التأسيسية لمهرجان الجونة السينمائي “لم تقتصر الفرحة بنجاح مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى على القائمين عليه والمنظمين والعاملين فيه، بل امتدت لتكون فرحة لنا جميعا وإحساسا رائعا بحلم طالما حلمنا به ورأيناه يتحقق بأجمل صورة.. ريبيرتوار أفلام غني ورائع ومنوع، تنظيم، احترام، أناقة، دقة في المواعيد، حفلا افتتاح وختام رائعان، استضافة لأسماء سينمائية عالمية وعربية كبيرة”.

وقول كندة أيّده أكثر من نجم عربي ومصري حضر فعاليات الدورة الأولى للمهرجان السينمائي الخاص، فالقائمون على مهرجان الجونة السينمائي وضعوا ميزانية شبه مفتوحة للمهرجان، أكثر من أربعة ملايين يورو، كما استقبل المهرجان حوالي 700 ضيف أقاموا لمدة ثمانية أيام في منتجع سياحي بديع على ساحل البحر الأحمر.

ولم يقتصر نجاح المهرجان على البهرج فقط، بل تعداه إلى الدقة في اختيار الأفلام المشاركة ولجان التحكيم، وتحديدا إدارته الفنية التي أوكلت لأول مرة في تاريخ السينما المصرية للعراقي انتشال التميمي، في بادرة غير مسبوقة، تحسب لمؤسسي المهرجان رجلَيْ الأعمال المصريين نجيب وسميح ساويرس.

من هناك أثر النجاح الباهر لمهرجان الجونة السينمائي على برمجة مهرجان القاهرة السينمائي المرتقب، فأكدت ماجدة واصف رئيسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ العام 2015، أن المهرجان “يجدد شبابه مع حلول الدورة التاسعة والثلاثين سواء من خلال الدفع بكوادر شابة أو من خلال الاستعانة بوجوه جديدة لم تشارك في تنظيم المهرجان من قبل”.

وكلفت إدارة المهرجان في أغسطس الماضي ثلاثة من النقاد الشبان بتولي البرامج الموازية التي استحدثت قبل نحو ثلاث دورات، وتقام بالتزامن مع المسابقة الرسمية الدولية.

وقالت رئيسة المهرجان الذي تأسس في 1976 “جيلنا لديه خبرة بحكم التجارب والسنين، لكن علينا أن نصنع جيلا ثانيا وثالثا ورابعا حتى يستمر المهرجان”.

وأضافت “فلسفتنا في التغيير هي ضم عناصر جديدة إلى جانب عناصر الخبرة حتى نشكل مزيجا متميزا يدعم المرحلة الحالية، ويستطيع تحمل مسؤولية المهرجان في المستقبل”.

وعن بعض الانتقادات التي وجهت للمهرجان في دورته السابقة بسبب أمور تتعلق بالتنظيم وعدم دعوة أي من النجوم الأجانب البارزين، قالت واصف إن الدورة القادمة ستكون أفضل بكثير، لكن تبقى هناك حاجة ماسة إلى الشفافية من جانب وزارة الثقافة المصرية المنظمة للمهرجان وتطوير القوانين واللوائح المنظمة للمهرجان”.

وأضافت “في مصر لا نزال نعيش بتشريعات الستينات من القرن الماضي في مجالات عديدة وليس في مجال السينما فقط، رغم أننا اليوم في وضع اقتصاد السوق الحرة، لذلك نحتاج إلى إعادة النظر في مجموعة التشريعات التي تحكم السينما”.

وأكدت “إذا أردنا حقا التغيير والتطوير فعلينا بالبدء من القوانين التي تحكم صناعة السينما.. هذا ينطبق على المهرجانات وعلى الإنتاج وعلى التوزيع وعلى كل ما يخص هذه الصناعة”.

وفي المقابل يهدف مهرجان الجونة السينمائي، وفق تصريح مديره الفني انتشال التميمي في مقابلة تلفزيونية جمعته بالإعلامية المصرية منى الشاذلي في برنامج “معكم” على فضائية “سي بي سي”، إلى تأسيس مجموعة أستوديوهات في المنطقة تخدم صناعة السينما.

ولئن كانت مهرجانات القطاع الخاص، الجونة نموذجا، توفر ميزانيات ضخمة وشبه مفتوحة، فإن ميزانية أي مهرجان تقيمه الدولة، وفق واصف “تكون معلنة ومحددة منذ وضع ميزانية الوزارة”، وتضيف “بعد انتهاء كل مهرجان يقدم منظموه كشف حساب، فإما أن يواصل طريقه وإما ينتهي بسبب فشل التجربة، لكننا هنا نعاني إذلالا في الحصول على المستحقات والتمويل اللازم”.

واجتذب مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى عددا كبيرا من نجوم السينما المصريين والعرب والأجانب، إضافة إلى وجوه بارزة بمجالات الغناء والفنون الأخرى مما استدعى من الذاكرة لقطات مرور بعض فناني الصف الثاني والثالث على البساط الأحمر لمهرجان القاهرة السينمائي في دورته السابقة، وهو ما أثار غضب بعض السينمائيين.

وقالت واصف “نرسل الدعوات إلى منازل جميع النجوم وأؤدي عملي كما يجب.. حضورهم أو غيابهم أمر يرجع إليهم ويصعب التحكم فيه، لكننا أيضا نعمل في الدورة القادمة على تطوير وسائل تواصلنا مع النجوم والتأكد من مشاركتهم”.

ويعرض مهرجان القاهرة السينمائي في افتتاح دورته الـ39 الفيلم الأميركي “ذا ماونتن بتوين أس”، إخراج الفلسطيني هاني أبوأسعد وبطولة كيت وينسليت وإدريس إلبا، وتسعى رئيسة المهرجان لاستدعاء وينسليت لتكون ضيفة القاهرة السينمائي بعد تعذر حضور إلبا بسبب ارتباطه بتصوير فيلمه الأول كمخرج.

وقالت واصف “إذا استطاعت وينسليت الحضور سيكون شيئا رائعا.. أما إذا تعذر حضورها فلدينا الفيلم ولدينا هاني أبوأسعد الذي أكد أنه سيحضر المهرجان”.

وتفيد تقارير سياحية بأن نسبة الحجوزات بفنادق الجونة وصلت إلى 70 بالمئة في أكتوبر ونوفمبر، وذلك بعد نجاح المهرجان السينمائي الشهر الماضي، حيث شهدت مدينة الجونة بالبحر الأحمر انتعاشا وارتفاعا في معدل الحجوزات خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، وذلك كنتيجة إيجابية سريعة ومبشرة لإقامة فعاليات مهرجان الجونة السينمائي الدولي خلال الفترة من 22 إلى 29 سبتمبر الماضي، والذي لاقى تغطية إعلامية واسعة وترويجا فعالا لمقومات المدينة السياحية.

العرب اللندنية في

10.10.2017

 
 

مهرجان «الجونة» فى دورته الأولى:

أوليفر ستون النجم الذى أخفته غيوم السياسة!

كتب : عصام زكريا

فى دورته الأولى التى عقدت من 22 إلى 29 سبتمبر الماضى دشن مهرجان «الجونة» اسمه كواحد من أهم المهرجانات السينمائية الكبرى التى تقام فى مصر..الفضل فى ذلك يعود إلى كم الإنفاق غير المسبوق، الذى ربما يتجاوز ما تنفقه المهرجانات الأخرى مجتمعة فى عشر سنوات! والفضل فى هذا الإنفاق يعود كما هو معروف إلى «آل ساويرس»، «نجيب وسميح»، اللذين لم يدخرا قرشا يحتاج إليه القائمون على المهرجان.. وهما يشكران على ذلك بالطبع حتى لو كان هناك من يرى أن هذه الأموال كان يمكن إنفاقها بشكل أكثر ترشيدا على صناعة السينما المصرية أو دعم مهرجانات أخرى، وهو موضوع يطول النقاش فيه.

لكن الخلاصة أن المليارديرين رأيا أن صنع مهرجان من العدم وتمويله من الألف إلى الياء أكثر فائدة من دعم المهرجانات المصرية حتى لو كان بعدة ملايين أو بضع مئات من الآلاف، وبما أن نجيب ساويرس دعم منذ حوالى عشر سنوات مهرجان «القاهرة» ولم يكرر التجربة ثانية فلا بد أن لديه أسبابه التى جعلته يحجم عن دعم «القاهرة» أو غيره

ولد «الجونة» طموحا: جوائز مالية مغرية (يبلغ إجماليها200 ألف دولار)، ودعم مالى بعشرات الآلاف من الدولارات لمشاريع شابة تحت الإعداد، عشرات أخرى من آلاف الدولارات مقابل شراء حق عرض الأفلام، من بينها بالمناسبة أفلام لم يرها سوى عدد محدود من البشر، بما فى ذلك فيلم الختام، ومئات من الضيوف من مصر وخارجها، طائرات وفنادق ومئات السيارات الفاخرة للانتقالات داخل الجونة فقط

طموح آل ساويرس كبير، وهما بحسهما العملى، وحاسة البيزنس الهائلة التى يتمتعان بها، يريان ما لا يراه الآخرون، ويتصوران أن «الجونة» سيصبح مهرجانا دوليا كبيرا ونقطة جذب سياحية واستثمارية للمنطقة كلها خلال بضع سنوات، وهو أمر نتمناه معهما، حتى لو كان لدينا تصور آخر عن المهرجانات السينمائية وأولوياتها ودورها

ولد «الجونة» كبيرا، مما يذكرنا بمهرجانات عربية أخرى مثل «دبي» و«أبوظبي» وبدرجة ما «مراكش»، التى بدأت بطموح هائل تقلص بمرور السنوات، ونتمنى أيضا أن يدرس القائمون على «الجونة» هذه التجارب حتى لا يقعوا في أخطائها

أوليفر ستون.. بين السينما والسياسة 

فى برنامج خاص كان يحتاج إلى مزيد من تحديد معالمه عرض المهرجان أربعة أفلام منها فيلمان عربيان هما «باب الحديد» ليوسف شاهين و«الهائمون» للتونسى ناصر خمير، وهما فيلمان قديمان اختير ثانيهما لأنه جرى ترميمه حديثا، أما الأول فلا نعرف سببا لاختياره، والفيلمان الآخران اللذان يضمهما البرنامج هما آخر عملين للمخرج الأمريكى الشهير أوليفر ستون، وهما «سنودن» و«محاورات بوتين». 

الفيلمان تم اختيارهما فى إطار دعوة أوليفر ستون للمهرجان وقيامه بعمل «ماستر كلاس»، أو محاضرة فى السينما، جرت وقائعها صباح آخر أيام المهرجان، ولم يتم الإعلان عنها سوى قبلها بيوم واحد، مما يدل على أن قدوم ستون لم يكن محسوما حتى اللحظات الأخيرة

أوليفر ستون، بلا شك، هو أهم وأكبر اسم جاء إلى مهرجان «الجونة» الأول، سواء بقيمة الأفلام التى صنعها والجوائز التى حصدها عن هذه الأفلام، أو بحجم الشعبية التى يتمتع بها فى العالم كله، وكان يمكن الاستفادة من وجوده بشكل أفضل، غير أن هناك أسبابا بالتأكيد حالت دون ذلك، ربما تعود إلى المهرجان وربما تعود إلى ستون نفسه

ظهر أوليفر ستون كشهاب لامع فى سماء السينما الأمريكية فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كسيناريست أولا ثم كمخرج، وحصل خلال سنوات معدودة على ثلاث جوائز أوسكار، الأولى لأفضل سيناريو والثانية والثالثة كأفضل مخرج

من البداية اتجه ستون إلى صنع أفلام «مناهضة للنظام» فى الولايات المتحدة الأمريكية من شن الحروب الوحشية علي بلاد أخرى كما فعل فى ثلاثية فيتنام: «الكتيبة»، «مولود فى الرابع من يوليو» و«السماء والأرض»، التى تهجو بضراوة الحرب الأمريكية فى فيتنام، إلى التدخل السياسى السافر فى شئون بلاد أخرى كما فعل فى «سلفادور»، إلى مساوئ النظام الاقتصادى الرأسمالى فى «وول ستريت». 

بالتدريج تحول ستون إلى شخصية خلافية بسبب مواقفه المعارضة، وأصبح خصما لدودا للنظام بداية من أوائل التسعينيات، وبالتحديد مع فيلم «ج ف ك»، الحروف الأولى من اسم «جون فيتزجيرالد كينيدي»، الرئيس الأمريكى الذى تم اغتياله فى بداية الستينيات فى ظروف غامضة، لم تزل حتى الآن محور العديد من التخمينات ونظريات المؤامرة. تبني ستون فى فيلمه نظرية أن الاغتيال دبرته المخابرات الأمريكية وأصحاب المصالح، الذين أزعجهم ميل كينيدى لنبذ الحرب وجنوحه إلى السلام. بعد «ج ف ك» صنع ستون فيلما أثار قدرا أكبر من الجدل، وهو «قتلة بالفطرة» الذى يهجو فيه الإعلام الحديث والتنافس المحموم على جذب انتباه المشاهدين والقراء حتى لو كان من خلال صنع أبطال من مجرمين، واتهم الفيلم بأنه يروج للعنف وأن اثنين من السفاحين المهووسين كانا يقومان بتقليد بطليه

واصل أوليفر ستون استكمال مشاريعه النقدية للسياسة الأمريكية وقدم فيلمين آخرين عن رؤساء أمريكا، هما «نيكسون» و«دبليو»، والأخير كوميديا ساخرة من جورج بوش الابن، كما واصل نقده لنظام البورصة فى فيلمه «وول ستريت: المال لا ينام أبدا». 

وفى السنوات الأخيرة اتجه ستون لصنع أفلام وثائقية تضم حواراته مع بعض «أعداء أمريكا»، فصنع فيلما عن فيدل كاسترو، زعيم كوبا السابق، وفيلما آخر يضم حوارات مع زعماء أمريكا اللاتينية الذين لديهم مواقف معادية للتدخلات الأمريكية فى بلادهم، مثل هوجو شافيز رئيس فنزويلا السابق.  

وفى آخر أفلامه الروائية «سنودن» يروى ستون قصة المنشق الأمريكى المبرمج ومحلل المعلومات، إدوارد سنودن، الذى اختير فى سن مبكرة من حياته للعمل فى وكالة الأمن القومى الأمريكية، أحد أجهزة المخابرات الأمريكية، والذي يكتشف قيام الوكالة بالتجسس على الحياة الشخصية للجميع، من أعضاء الوفود الدبلوماسية وحتى الأفراد العاملين في المخابرات، بل وابتزاز بعضهم أحيانا، وهو ما يصيبه بصدمة نفسية وحيرة أخلاقية تدفعه للقيام بترك العمل في المخابرات والهرب خارج البلاد، وكشف ملفات تجسس مخابرات بلده أمام العالم، مما يعرض حياته للخطر ويصبح مطلوبا بتهمة الخيانة فى أمريكا.. حتى يجد مأوى له فى روسيا

فيلم «سنودن» روائى ولكن يمكن اعتباره «تسجيليا» لكونه يعتمد بالكامل على وقائع وشخصيات حقيقية مذكورة بالأسماء كما وردت فى الوثائق والكتب والمقالات التى صدرت عن سنودن وقصته.  

أثناء الإعداد لفيلمه سافر أوليفر ستون للقاء سنودن فى روسيا، التى ستصبح محطته التالية لصنع عمل جديد صادم وهو «محاورات بوتين». 

«محاورات بوتين» ليس فيلما مثل أعماله عن كاسترو وشافيز، ولكنه برنامج تليفزيونى مكون من أربعة أجزاء فى أربع ساعات، يضم حوارات بين ستون وبوتين تمتد عبر أكثر من عشر لقاءات خلال ثلاثة أعوام، من 2015 إلى 2017، يتحدث فيها الرئيس الروسى عن حياته ورحلته وسياساته، عن تاريخ روسيا الحديث، وعن حروبه فى الشيشان وأوكرانيا وغيرهما، وبالأخص عن علاقات بلده بالولايات المتحدة الأمريكية وتجاربه الشخصية مع خمسة رؤساء أمريكيين، بوش وكلينتون وبوش الابن وأوباما وترامب

تتطرق الحوارات عبر الأجزاء الأربعة إلى الخلافات بين البلدين، من سباق التسليح وشيطنة الآخر خلال الحرب الباردة التى امتدت حتى التسعينيات، عندما قرر حلف وارسو للبلاد الاشتراكية تفكيك نفسه فى الوقت الذى واصل فيه حلف الأطلنطى، ولم يزل، أعماله بمزيد من التوسع والعدوانية تحت قيادة أمريكا. يكشف بوتين فى أحد مشاهد الفيلم أنه عرض على الرئيس كلينتون مازحا انضمام روسيا إلى حلف الأطلنطى، وهو ما رحب به الرئيس الأمريكى، ولكن أعضاء الوفد الأمريكى توتروا وانزعجوا جدا من المزحة، لأنهم فى رأى بوتين لا يريدون بلدا قويا فى الحلف ينافسهم فى الانفراد بالقرار وفرضه على الآخرين

فى الجزء الرابع والأخير يتحدث بوتين عن أحدث أزمة بين البلدين، التى ثارت عقب الاتهامات التى وجهتها قيادات الحزب الديموقراطى الأمريكى، وعلى رأسهم المرشحة للرئاسة هيلارى كلينتون، لروسيا بتجنيد عدد من قراصنة الإنترنت للتجسس على اجتماعات الحزب ونشرها للتأثير على نتيجة الانتخابات

ينفى بوتين التهمة، ولكن الكاميرا تكشف توتره وكذبه. يتبنى ستون وجهات نظر بوتين على طول الخط، رغم محاولاته كمحاور وصانع أفلام أن يكون محايدا. بموضوعية يمكن أن يسأل المرء: لماذا يتبنى ستون قضية سنودن الذى كشف تجسس أجهزة الأمن الأمريكية على العالم، بينما لا ينتقد الروس بالدرجة نفسها بسبب تجسسهم على الأمريكان؟ 

هل معنى ذلك أن أوليفر ستون خائن، أو عميل، أو لا يحب بلده بالقدر الكافى، كما يتهمه الكثير من اليمينيين والمحافظين فى أمريكا؟ 

بالقطع لا، ولكن المسألة تتعلق بموقف الفنان وحقه فى انتقاد بلده من موقع حبه لها ورغبته فى أن تكون الأرقى حضاريا وأخلاقيا وإنسانيا، وليس فقط اقتصاديا وعسكريا. من حق السياسى أن يتخذ موقف الدفاع ونقد الآخرين على طول الخط، ولكن الفن والإعلام ليس من المفروض عليهما أن يتبنيا موقف السياسى، بل من واجبهما أن يتخذا موقف النقد الذاتى، لأن نقد الذات هو أول خطوة على طريق الإصلاح والتقدم للأمام

هذا الفهم لطبيعة الديموقراطية والحرية هو ما يسمح لأوليفر ستون ومايكل مور وغيرهما من السينمائيين المناهضين للحكومات الأمريكية بالعمل والنقد كما يرغبان، وهذا هو الفارق الكبير الذى يجعل أمريكا أكبر وأقوى بلد فى العالم، وليس روسيا أو كوبا أو فنزويلا

 • محاضرة فى الفيزياء!  

كما ذكرت أقيم لقاء فى آخر أيام مهرجان «الجونة» بين ستون وضيوف المهرجان، يفترض أنه «ماستركلاس»، لكن من الواضح أنه لم يتم التجهيز له مسبقا، فجاء فى شكل لقاء صحفى عادى أدارته المنتجة الأمريكية سارة جونسون رئيسة لجنة تحكيم الأفلام الروائية، وصديقة ستون، التى حاولت أن تدفع باللقاء لأن يكون بين أستاذ فى السينما وتلاميذ يشقون طريقهم فى المهنة، لكن ستون الذى عجزت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن ترويضه لم يكن ليقبل أن تقوم مديرة لقاء «غلبانة» أن توجهه

بمجرد دخوله قاعة اللقاء الذى عقد فى إحدى قاعات الجامعة الألمانية بالجونة، مزح ستون مع الحاضرين مشبها نفسه بأستاذ الفيزياء الذى جاء ليلقى محاضرة للطلاب فى الصباح الباكر. ولكن بمجرد أن وجهت إليه مديرة اللقاء سؤالها الأول عن الصعوبات التى واجهته فى بداية حياته الفنية، حتى انطلق دون توقف فى سرد محطات حياته ومعاركه السياسية، وتقريبا شغلت السياسة النصيب الأكبر من الحوار، باستثناء سؤال واحد عن كرة القدم الأمريكية والفساد الذي يتحكم فيها، وهو الموضوع الذى عالجه ستون فى فيلمه «فى أى يوم أحد»، أجاب عنه ستون، وسؤال ثان عن السينما لم يجب عنه

فى حفل الختام الذى عقد بعد اللقاء بعدة ساعات لم يتم استدعاء أوليفر ستون إلى المسرح ليتم تكريمه أو حتى ليحيي الجمهور كما حدث مع أسماء أقل بكثير مثل الممثل فوريست ويتيكر أو الممثلة والمغنية فانيسا ويليامز، ورغم أننى لا أعلم على وجه اليقين، إلا أن لدى إحساسًا أن الحساسيات الناتجة عن مواقف وتصريحات ستون السياسية وصلت مصر، وتركت غيمة من التوتر فى سماء المهرجان! •

صباح الخير المصرية في

10.10.2017

 
 

بوتين كما يراه أوليفر ستون ... الرجل الواقف خلف قناعه كرئيس

القاهرة - ماجدة موريس

غالباً ما يبدو الرئيس الروسي من خلال الشاشات الصغيرة نموذجاً للرجل الغامض، المحكم الحركة والإرادة، والذي يتمتع بوجه محدد الملامح ونادر التحول بين تعبيرات مختلفة تعكس مرونة الفكر والحركة معاً... وعلى رغم تلك الصورة الصارمة التي تصل إلى الملايين من المشاهدين، لا سيما المغرمين بتأمل أساليب الرؤساء في الحديث والحركة والتعبير بملامح الوجه وتعاريج الصوت، إلا أن هناك نوعاً من الجدل يثيره دائماً ظهور بوتين على الشاشات وحيرة المشاهد في تتبعه أو البحث عن منفذ ما مثير للدهشة في هيئته مثلما يحدث مع ترامب، وقبله أوباما، ومع غالبية زعماء العالم المهمين لدى الميديا التي تبحث عن أي زاوية للنفاذ إليهم من أبواب أخرى غير مواقعهم وسياساتهم. لهذا جاء فيلم «محاورات بوتين» لأوليفر ستون ليفتح الأبواب أمام صورة أخرى لهذا الرئيس الصارم المحايد الملاح.

مخرج شديد الخصوصية

أوليفر ستون ليس مجرد أي مخرج سينمائي وإنما هو أكبر الأسماء في السينما العالمية التي قدمت الأفلام الوثائقية والتسجيلية منذ بدأ عمله في السينما الأميركية بفيلمه القصير الأول «العام الماضي في فيتنام» عام 1971، وقبله كان ستون قد ذهب إلى فيتنام جندياً متطوعاً في الجيش الأميركي ليكتشف ما جعله ينجز هذا الفيلم ويبدأ طريقاً طويلاً في صناعة أفلام عدة تناقش وتحلل ما يحدث في العالم، ومسؤولية أميركا وطنه عنه، قدم «سلفادور» و «مولود في الرابع من يوليو» و «وول ستريت»، ومزج ما بين الروائي والتسجيلي في ما يخص تجسيد شخصيات حقيقة لعبت أدواراً مهمة في الكشف عن أخطاء وخطايا سياسية وبينهم أخيراً سنودن رجل المعلومات في وكالة الأمن القومي الأميركي الذي قطع علاقته بماضيه ليفضح سياسات المؤسسات الأميركية في انتهاك خصوصيات البشر في كل العالم. لكن شغف ستون الأكبر كان بالسياسيين، بخاصة أولئك الذين أثاروا جدلاً واسعاً واتخذوا خطوطاً مستقلة عن الواقع في فخ السياسة الأميركية، بل ناهضوها وبينهم زعيم كوبا فيدل كاسترو الذي رحل أخيراً، وزعيم فنزويلا هوغو تشافيز، ثم (بوتين) الذي جاء بمثابة التتويج لتلك الحوارات، فضلاً عن كونه– أي بوتين– لم يجرِ حوارات مماثلة من قبل، فإنه رحب باللقاء مع ستون لأكثر من مرة، وفي سلسلة نادرة من الحوارات سجلت وقائعها عبر 12 جلسة، على مدى عامين، وهو ما دفع أربعة من كبار الشركات المنتجة للسينما والتلفزيون لدعم هذه الحوارات إنتاجياً، بخاصة مع عرضها على شاشة «شوتايم» الشهيرة للمرة الأولى.

ولأن أوليفر ستون مخرج سينما بالدرجة الأولى، فقد جاءت هذه الحوارات بأسلوب يجمع بين القدرة على التعاطي مع كل مراحل حياة الرئيس الروسي، لا سيما تلك المجهولة منها تماماً، ومع الإبحار في آرائه السياسية، بخاصة تلك المثيرة للجدل، يتجدد دائماً مثل دوره في اختراق الشبكات الأميركية إبان معركة الرئاسة الأخيرة بين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، وأيضاً أسرار إدارته لروسيا بعد تفكيك الاتحاد السوفياتي، ليصل بها إلى موقع القوة العظمى الثانية بإرادة حديدية، وعلى رغم طول مدة المحاولات إلا أن جاذبيتها نابعة من قدرة ستون على مفاجأة بوتين بأسئلة تضرب في عمق روسيا، بما يحدث في سورية وغيرها من القضايا التي حاول ستون من خلالها الحصول على إجابات خارجة عن المألوف أو تصريحات مفاجئة أو ربما أربك ضيفه بالانتقال من زمن لآخر، ومن موقف لغيره إلا أنه– أي بوتين– كان دائماً مستعداً للإجابة التي يريدها، بنفس الهدوء ولمعة العين وشبه الابتسامة المخيم على وجهه.

نبوءة الأب

من جهة أخرى، تطرح المحاورات صوراً أخرى للرئيس الصارم، بداية من تاريخه الشخصي ودراسته وصعوده في ظل النظام الشيوعي مع جزء يخص مؤسسيه ومنهم لينين وستالين إلى صورة تذكارية نادرة لبوتين الشاب يجلس بجانب والديه المسنين وقد كتب الوالد على الصورة (ابني... الذي سيصبح يوماً رئيساً لروسيا)، ثم بداية صعوده إلى السلطة، وإصراره على التعامل مع العالم الخارجي ضد أوروبا في أزمة أوكرانيا والقرم. ومن طرائف الفيلم تلك اللمسات الصغيرة للرئيس أثناء الحوارات الطويلة كأن يحضر بوتين قدحين من القهوة له... ولستون، وأن يغير بذلاته مع التزام كامل بنفس الطراز والألوان المتشابهة الخارجية من درجات اللون الأزرق، أيضاً تلك النعومة والبساطة التي يقدر بها بوتين تعليمات المخرج في شأن اختيار الصوت وخلع أجهزته فور انتهاء الحوار، مؤكداً إدراكه التام لأهمية الحوارات والتزامه بتعليمات المحاور.

من الواضح أن هذه الحوارات أتت أشبه بنتاج طبيعي لجهد ودأب وإبداع مخرج مختلف صنع لنفسه قيمة كبرى بقدرته على فتح أبواب وملفات خشي الكثيرون منها أو على الأقل لم يقدروا أهميتها كجزء من تاريخ العالم لا بد من الحفاظ عليه... وهي رسالة مهمة أيضاً– أي هذه الحوارات– للسينمائيين والإعلاميين في العالم حول أهمية توثيق الأحداث المهمة والشخصيات المهمة في عالم سريع التغير، وربما الانقلاب.

بقي أن نذكر أن هذه «المحاورات» عرضها مهرجان الجونة السينمائي الدولي في دورته الأولى والتي عقدت في الفترة من 22 إلى 29 أيلول (سبتمبر) الماضي، وكان من ضمن مفاجآتها الجيدة، خصوصاً مع حضور أوليفر ستون ضيفاً على المهرجان وإلقائه محاضرة حول أفلامه ونهجه في صناعتها، فمن دون المهرجان وتأثير حضور ستون لم يكن أحد في بلادنا يستطيع رؤيتها، بخاصة أنها قدمت أثناء عرضها في المهرجان عبر شاشة (أون) المصرية الخاصة الداعم الإعلامي الأول للمهرجان.

الحياة اللندنية في

13.10.2017

 
 

«قضية رقم 23»!

مجدي الطيب

هذا الفيلم «مسؤولية كاتبه ومخرجه، ولا يعبِّر عن المجتمع اللبناني في واقعه الراهن»، عبارة لها مغزاها تصدرت «قضية رقم 23»، وكأنها مفروضة من الرقابة، التي وافقت على إجازة الفيلم الجريء، الذي يُنتظر أن يثير جدلاً في كل مكان يُعرض فيه، ويفجر كثيراً من التناقضات، بين من يراه ضد القضية الفلسطينية، ومن ينظر إليه بوصفه إعادة تقدير للموقف اللبناني، وإنصافاً لفئة ظُلمت طويلاً، وفضحاً لمنظمات تتاجر، وتؤجج الكراهية، وتُشعل الفتنة التي لعن الله من أيقظها!

أدرك المخرج زياد دويري، سليل العائلة اليسارية التي كانت تسكن بيروت الغربية، وتحمل العلم الفلسطيني من الصباح إلى المساء، حسب قوله، أن مرور أكثر من 25 عاماً على انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990) لا يعني مُطلقاً أن الملفات الساخنة أغلقت، والجراح القديمة التأمت، والنار المتأججة خمدت، ومن ثم راح يفتش عن الضحايا بين الجانبين اللبناني والفلسطيني، وعبر حكاية مشوقة وعذبة لا تخلو من حس سياسي ناضج، تبنى وجهة نظر مزجت بين الجرأة والصراحة.

كأي خلاف عابر بين جارين، كان ينبغي أن ينتهي النقاش العاصف بين «طوني» (عادل كرم) و»ياسر» (كامل الباشا)، خصوصاً أن سبب الخلاف تافه للغاية (قطرات ماء متسخ تتسرب من مزراب شرفة «طوني» لتسقط على رأس «ياسر» أثناء عمله في الشارع). لكن لأن ما حدث يجري على أرض لبنان، التي اكتوت بالحرب الأهلية طويلاً، وتعاني حالة احتقان مزمنة مُحملة بالتربص، والضغينة، والكراهية، التي تنتظر اللحظة التي تطل فيها برأسها، لأي سبب، حتى لو كان ساذجاً، لتصفي الحسابات القديمة، اتخذت المعركة بعداً طائفياً بالدرجة الأولى. فالشاب المسيحي «طوني» صاحب ورشة إصلاح السيارات، الذي يقيم في منطقة فسوح ذات الغالبية المسيحية في بيروت، ويأمل بأن تلد زوجته «شيرين» (ريتا حايك) طفله الأول، يدخل في جدل عبثي والمهندس «ياسر»، المكلف بإصلاح المرافق في المنطقة، يصل إلى حد تراشق الألفاظ، التي تنتهي بلفظة قاسية من «ياسر». لكنّ «طوني» يصعِّد الموقف، لرغبته في الانتقام من اللاجئ الفلسطيني المسلم المُقيم في أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان!

نتيجة «الإهانة» (عنوان الفيلم بالإنكليزية) لجأ «طوني» إلى مقاضاة «ياسر» في المحكمة، التي سجلت الدعوى في الأوراق على ذمة «قضية رقم 23» (عنوان الفيلم باللغة العربية)، وفي واحد من أكثر السيناريوهات تماسكاً، وتشويقاً، وإثارة، ينجز «دويري» و{جويل توما» نصاً سينمائياً يتحول فيه النزاع التافه إلى مواجهة عاصفة، في ساحة القضاء، لا يغيب عنها الإعلام الفاجر، الذي يتاجر بالقضية، وأطرافها، وبعدما يصبح الرأي العام طرفاً في الجدل، تصبح الفرصة مهيأة لفتح ملفات الحرب الأهلية، والنبش في الملفات الشخصية إذا لزم الأمر!

في مشاهد من الفيلم يبدو «دويري» منحازاً إلى المهندس الفلسطيني، الذي يأبى توظيف الإهانة الحقيقية التي وجهها إليه «طوني»، بقوله: «يا ريت شارون كان محاكم عن بكرة أبيكم»، في كسب النزال من الجولة الأولى، ورفضه أية متاجرة بقضيته من الإعلام أو المحامية «نادين» (ديامان أبو عبّود). لكن سرعان ما تتعادل الكفة بالنظر إلى المأساة التي يحملها «طوني» على كتفيه، فالشاب، الذي نوه السيناريو بذكاء إلى انتمائه إلى حزب «الكتائب»، وإيمانه بأفكار بشير الجميل القائد العسكري للقوات اللبنانية، وإدمانه الاستماع إلى خطبه المتلفزة، هو ابن بلدة «الدامور» المسيحية، التي تمكّن مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية، من اجتياحها، خلال الحرب الأهلية، بسبب سيطرة مسلحي الكتائب عليها، وقتل المئات من سكانها، وهو ما تسبب في ثورة الانفعال الشديد، التي انتابت «طوني» كما قال محاميه «وجدي وهبة» (كميل سلامة) في دفاعه!

من دون شعارات زاعقة أو خطب رنانة أكد الفيلم، على لسان شخصياته الرئيسة، أن «الحرب الأهلية انتهت عام 1990 لكنها ما زالت باقية في العقول»، وأن «الاعتذار ليس نقطة ضعف بل مسحة أخلاق»، كما أن «لا أحد يحق له احتكار المعاناة»، في إشارة إلى الفلسطينيين، الذين لا ينبغي لهم النظر إلى أنفسهم بوصفهم أنهم الوحيدون «المشردون في الأرض»، وأن «تسليط الأضواء على قضيتهم وحدهم فيه ظلم لأطراف أخرى». لكنه شدّد في المقابل على أن «الإهانة» ليست مجرد كلمات عابرة، وإنما استهداف لهوية شعب، وتاريخ قضية.

وفي أعقاب مواجهة ساخنة بين «طوني» و{ياسر» انتهت باعتذار الأخير، وأيقونات لها دلالاتها، مثل: هطول المطر، وكأنه ينظف الأدران، والعلم اللبناني وهو يرفرف، وعودة «طوني» إلى بلدته الدامور بعد غيبة متعمدة، يتبادل الطرفان اللدودان نظرة تفاهم، وصفح، وغفران، ويبدو الكل سعيداً في مصالحة وطنية عبثية، وكأنها النهاية السعيدة في أفلام الأبيض والأسود!

الجريدة الكويتية في

13.10.2017

 
 

فيلم «قضية رقم 23»: التعرية والسباب قبل المصالحة

حسام فهمي

قد تفكر في البداية أنك تشاهد فيلما عن مشاجرة اعتيادية بين رجلين، ولكنك وبمرور الدقائق ستشعر بما هو أكبر من ذلك. هذه المشاجرة البسيطة تكفي لبدء حرب أهلية، كما تكفي لطرح أسئلة عن المصالحة وطي الصفحة، مشاجرة بسيطة تكفي لتعرية مجتمع بأكمله، كما تكفي لصنع فيلم ممتع ومؤثر، هذا درس سينمائي/إنساني قادم من لبنان.

تعرفت على «زياد دويري» من خلال فيلمه الأول «بيروت الغربية»، الذي كتبه وأخرجه عام 1998 عقب عمله كمساعد تصوير لبضع سنين في الأفلام الأولى للمخرج الأمريكي «كوينتن تارانتينو»، كان «بيروت الغربية» فيلما شخصيا للغاية عن زياد، فقد روى من خلاله حكايته كطفل نشأ وسط أجواء الحرب الأهلية اللبنانية، حيث يسود الانقسام شوارع بيروت، ويجتمع الجميع في بيت «أم وليد» بين فتيات الهوى.

بهذه البداية الدرامية الشخصية ذات اللمحة الساخرة صنع زياد لنفسه طريقاً وطريقة، كان فيلما شخصيا، ولكنه كان إنسانيا ومؤثرا لدرجة أنه ظل عالقاً بذهني طوال كل هذه السنين، وخصوصا عقب مرورنا في مصر بلحظات استقطاب شعبي وكراهية دفينة مشابهة، والآن وبعد ما يقرب من العشرين عاما يعود زياد دويري مرة أخرى لسرد حكاية الحرب الأهلية التي انتهت دون أن تنتهي.

سياق إنساني: كراهية تحت الرماد

أن تشعر أنك متصل بما تشاهده، أن تتفهم ما يمر به أبطال الحكاية، وأن تشعر في بعض الأحيان أنك متورط فيما هم فيه من صراع، هذا هو النجاح الأكبر لفيلم سينمائي. هذا ما يميز كل الأفلام التي تظل عالقة بذاكرتنا، أنها تدور عن مشاعر وتجارب إنسانية يمكن لأي شخص أن يفهمها ويتصل بها، بغض النظر عن جنسية صناعها، لهذا السبب مثلا تنجح حكايات الإيرانيين في الوصول للأوسكار، لهذا السبب أحببنا «بيروت الغربية»، ولهذا السبب كان ترشيح لبنان لفيلم «قضية رقم 23» موفقا لتمثيلها في مسابقة الأوسكار القادمة في فئة أفضل فيلم أجنبي.

تدور حكاية فيلم دويري الجديد عن مشاجرة اعتيادية للغاية يمكن أن تحدث كل يوم بين رجلين، ولكنها لا تمر نتيجة رواسب كثيرة ظلت مشتعلة تحت رماد مجتمع تظاهر بأن حربه الأهلية قد انتهت، الفيلم بالأساس كان من الممكن ألا يحدث لو أن البشر يعاملون بعضهم البعض بصفتهم بشرا، لا أكثر ولا أقل، ولكن هذين الرجلين قد حُملا بتصنيفات عدة جعلت من مشاجرتهما البسيطة حادثة وطنية ودينية، فأحدهما لبناني والآخر فلسطيني، أحدهما مسيحي والآخر مسلم، أحدهما منتمٍ لحزب القوات اللبنانية والآخر يحيا في مخيم لاجئين.

قد يختلف وقع هذه التصنيفات على أذنك تبعاً لقدر معرفتك عن تاريخ الحرب الأهلية اللبنانية، ولكن الخبر الجيد أنك من الممكن أن تشاهد الفيلم دون أن تعرف حرفا واحدا عن هذا البلد وأهله، ولن ينتقص هذا من إحساسك بالتجربة الإنسانية التي يعرضها الفيلم. تستمر المشاجرة في التطور، تستمر الإهانات، تستمر التعرية، ومعها نصل لأنه لا مصالحة قبل المصارحة، ولا سلام اجتماعيا دون أن يسترجع الجميع حقوقهم في التعبير عن معاناتهم.

من منا لن يشعر بتورطه في معضلة تصنيف البشر بديانتهم وجنسياتهم وانتماءاتهم السياسية، زفرات المصريين في قاعات عرض مهرجان الجونة السينمائي أثناء بعض المشاهد الصادمة كانت دليلا على التأثر، بكاء جمهور مهرجان فينسيا كان دليلا آخر.

السباب الحقيقي والإهانات التي تعبر عن كراهيتها دون خجل سقطت كأمطار باردة على مخيلة جمهور الجونة الذي اعتاد على سينما مصرية مصطنعة مخففة وباردة، هؤلاء البشر لا يخفون مشاكلهم بقبلة منسوخة بين رجلي دين، ولا بخطابات شوفينية عن وطن يمنح صكوكه للجنرالات ومن والاهم ويخوّن كل من يخالفهم، هؤلاء بشر لا يخفون مشاعرهم، وهذا فيلم لا يخفي أن أزمة بلاده تكمن في أن من يحكمونها هم في الأساس أمراء الحرب الأهلية.

سينما ممتعة: سرد تشويقي وصورة بيروتية

كتب زياد دويري برفقة زوجته «جويل توما» سيناريو الفيلم الذي اتخذ عنوانا مغايرا بالإنجليزية هو «The Insult» أو الإهانة، اعتمد الزوجان على جر المشاجرة اللفظية التي حدثت بين طوني (ميكانيكي لبناني)، وياسر (مهندس فلسطيني) إلى المحكمة، كتب زياد وجويل، اللذان تربيا بخلفيات متضادة، عما حدث في الحرب الأهلية اللبنانية دفوعات عبر فيها كلا الطرفين عن معاناته، دفوعات اختلط فيها الروائي بالتاريخي، ولكنها في النهاية نجحت في كشف متتالٍ وتدريجي لرحلتي البطلين.

تتكشف الصورة شيئا فشيئا وفي نفس الوقت لا يتركنا زياد بتقنيته الإخراجية المتميزة محاصرين داخل قاعات المحكمة، على العكس تماما فهو يضيف لحبكته ما يجعلنا في حركة دائمة بين شوارع وحارات بيروت، مع حضور دائم للحظات الغروب بأشعة شمس حمراء، يصاحبه في ذلك شريط صوت بديع يجمع بين لحظات كلاسيكية ولحظات ذات إيقاع سريع.

وهكذا بين سرد تشويقي وصورة تحمل كادرات مرتبة بعناية وألوان يغلب عليها الدفء وشريط صوت يفاجئنا طوال لحظات التواءات الحبكة يضع زياد دويري حكايته داخل إطار سينمائي بديع لا يقل بأي حال عن أي إنتاج أمريكي أو أوروبي، يمتع جمهوره في نفس اللحظة التي يطرح فيها أسئلته.

من سجون الاحتلال إلى شاشة السينما

أريد أن أشكر الشعب الفلسطيني، لولا مشاهدتهم لي على خشبة المسرح في فلسطين طوال 30 عاماً لما سمع بي زياد دويري ولما كنت هنا الآن.

هكذا خرجت كلمات الممثل الفلسطيني المسرحي «كامل الباشا» عقب فوزه بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «قضية رقم 23» ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي العريق. كامل الباشا الذي أسرنا بأدائه الرزين وتجسيده المتقن كان وللمفاجأة يقدم ظهوره الأول في فيلم سينمائي حقيقي.

لم يكن بإمكان حكاية زياد وتقنيته وحدهما أن يصنعا فيلما ناجحا، ولم يكن لكل هذا أن يكتمل إلا بمجموعة من الأداءات التمثيلية المتميزة، فعلى جانب نتابع صراعا بين «عادل كرم» في دور طوني وكمال الباشا في دور ياسر، الرجلان يظهران كنقيضين في البداية، ولكننا نكتشف كم تشابهمها كلما عرفنا أكثر عن حكايتهما.

وعلى جانب آخر نتابع صراعا آخر بين محاميي الطرفين، «كميل سلامة» في دور المحامي الكبير وجدي وهبة، و«دميانة بو عبود» في دور المحامية الشابة الذكية ندين، ومن خلف كل هذا الصراع تظهر زوجتا البطلين كأكثر من يحاول طي صفحات الماضي ومعاملة البشر كبشر دون تصنيف.

يظهر الرجال إذن كذكور متناحرة أنانية، وتظهر النساء في ثوب عقلاني يحاول إيقاف عجلة الكراهية قدر الإمكان، لينتصر الفيلم لشخصياته النسائية الثانوية حتى وهن يدرن في فلك قصة الرجال.

هذا الفريق التمثيلي اللبناني المتميز كان سيفتقد عضوه الفلسطيني الوحيد «كامل الباشا» الذي قضى عامين من عمره في سجون الاحتلال، لولا أن قادته مثابرته ومجهوده وجمهوره الفلسطيني إلي عين زياد دويري، ليصبح كامل بتجسيده لشخصية ياسر سفيرا جديدا لبني وطنه على شاشة السينما، وليطرح علينا سؤالا آخر؛ هو: «يا ترى كم ممثل فلسطيني عظيم آخر لازال في سجون الاحتلال؟»

زياد دويري: الفن والفنان

قبيل عرض فيلم «قضية رقم 23» بأيام قليلة في بيروت تم إلقاء القبض على زياد دويري في لبنان، وتم التحقيق معه متهما بالتطبيع مع العدو الصهيوني، وذلك بسبب قيامه بتصوير بعض من مشاهد فيلمه السابق «الصدمة» في تل أبيب خلال عام 2012، تم إخلاء سبيل زياد عقب ذلك، وبعدها بأيام أتى لزيارة مصر وحضور مهرجان الجونة، حيث حصد جائزة جديدة في حفل الختام، وهي نجمة الجونة الفضية ليحل فيلم «قضية رقم 23» في المركز الثاني في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان.

قد يكون زياد شخصا مثيرا للجدل، ظهر هذا حتى عقب عرض الفيلم هنا في مصر، تابعت ردود فعل مختلفة لدرجة أن أحد الصحفيين اتهمه بشكل مباشر بأنه منحاز لحزب القوات اللبنانية ضد اللاجئين الفلسطينيين في حكايته!

لكنني مازلت مقتنعا بضرورة فصل تقييمنا للفن عن تقييمنا الشخصي للفنان، وبعيدا عن كل هذا الجدل فقد حضرت تصفيقا مستمرا لدقائق عقب عرض الفيلم، وشاهدت دموعا أيضا، هذا فيلم إنساني مؤثر، يطرح أسئلة أكثر مما يطرح أجوبة، يحتاج لأفق متسع وخيال أكثر من احتياجه لقياس تاريخي دقيق، هذا فيلم يستحق المشاهدة، والنقاش.

موقع "إضاءات" في

13.10.2017

 
 

الشيخ جاكسون تاه بين التوقع والإحباط

حنان شومان

حين يذهب المشاهد لمتابعة فيلم سينمائى يكون متأثراً بنسبة ما حتى قبل مشاهدة الفيلم بعدة أشياء لا علاقة لها بالفيلم ومستواه الفنى بشكل مباشر، فمثلاً لو قرأ آراء إيجابية أو سلبية عنه، وكذلك تاريخ أبطال العمل وصُناعه فى ذهن المشاهد فلو أن صُناع العمل لهم سمعة فنية جيدة أو سيئة يؤثر ذلك على المشاهد حتى قبل المشاهدة سلباً أو إيجاباً، إضافة لعناصر أخرى مصاحبة كالمزاج العام أو الحالة النفسية، واختصاراً فإن الأفلام السينمائية ووجهة نظرنا عنها تتأثر بعوامل عدة قد لا تكون جزءا من تكوين الفيلم ذاته، ولكن تبقى بالتأكيد الكلمة الأخيرة بعد مشاهدة الفيلم.

ولا أستطيع أن أدعى أنى مختلفة عن بقية المشاهدين غير أنى مدركة لمثل هذه التأثيرات وأزعم أنى أحاول فى تقييمى لأى عمل فنى أن أحيد مثل هذه التأثيرات.

الشيخ جاكسون فيلم لعمرو سلامة مخرج شاب قدم أربعة أفلام قبل هذا الفيلم حازت تقدير فنى واحترام جماهيرى دون نجاح مدوٍ وهى أسماء، وزى النهارده، وفيلم لامؤاخذه ،وصنع فى مصر، إذاً نحن أمام مخرج صاحب سمعة جيدة، وصرح بكثير من التصريحات السابقة على العرض التى توحى بأن كل ما مر من أعمال له لا يُقارن بجاكسون، ثم تم اختيار الفيلم للعرض فى افتتاح مهرجان  الجونة، ما يعنى أنه فيلم متميز ، ثم رشحته لجنة اختيار الأفلام ليمثلنا فى جائزة الأوسكار رغم كثير من اللغط حول الأمر، وكل تلك العوامل وضعتنى أمام توقع مسبق بفيلم جيد للمشاهدة .

وبالفعل ذهبت لمشاهدة الفيلم ولكن للحق خاب جداً توقعى، ومن فرط خيبة التوقع ذهبت لأشاهده مرة ثانية لعلى أكون قد وضعت له توقعا أكبر، ولكنى وجدت نفسى عند ذات الرأى.

يحكى الشيخ جاكسون عن شاب متطرف الفكر والتصرفات ويستعرض حكايته منذ كان طفلاً من خلال ما يحكيه هو عن نفسه لطبيبة نفسية، ويبدأ الفيلم بوفاة مايكل جاكسون الذى كان يمثل للفتى حلماً، فكأن وفاة جاكسون استدعت الذكريات، وتتداخل ذكريات البطل ما بين الطفولة، ثم بدايات الشباب، وصولاً إلى حياته الحاضرة، ويرسم لنا الفيلم صورة للأب لعلها الأكثر وضوحاً فى السيناريو رغم أن التغير الذى أصابه فى المشهد الأخير له تغير غير منطقى، أما شخصية البطل فأفضل فتراتها كتابة وتمثيلاً كانت المرحلة التى مثلها أحمد مالك.

فى أفلام السينما الجيدة لا شىء أو حدث أو شخصية يجب أن يتواجد دون داع درامى، وشخصية نور أو الطبيبة النفسية تقع فى هذا الإطار  هل دورها وُضع لمجرد أن تكون وسيلة لكى يحكى البطل حكايته وكونها امرأة أخطأ البطل الذهاب اليها فى المرة الأولى ظناً أنها رجل فهل كان من المنطقى أن يعاود الرجوع لها ؟

قصة الشيخ جاكسون ببعض ملامحها قد تكون تكررت فى حياة كثير من الشباب مابين الصبا والكبر، وما بين الحلال والحرام وما بين حب الحياة والخوف من الموت، ولكن السيناريو تعامل معها بلا عمق، وبلا روح، وبرتابة وصلت للملل فى بعض المشاهد، فبدا وكأنه خطاب مؤثر لأحد الدعاة الجدد صوته مرتفع ولكنه بلا روح، ولو فكرت فيه قليلا لزال أثره.

أحمد مالك وماجد الكدوانى هما أفضل عناصر الأداء وبالتأكيد لأن أدوارهما هى الأفضل فى الطرح الدرامى رغم بعض الثغرات، أحمد الفيشاوى ممثل موهوب جداً ولكن دوره فى هذا الفيلم لم يحمل له جديد، أمينة خليل دور بلا أثر لأنه مكتوب بلا أثر، محمود البزاوى ممثل ثقيل الحجم ولكن نفس ما قيل لأمينة يقال له، سلمى أبو ضيف درة وياسمين رئيس،  وجود قصير ولكن أداء مؤثر.

نعم نحن بحاجة لعشرات من الأفلام التى تناقش فكرة التدين وعلاقة الإنسان بربه ومجتمعه، لأنه أمر فى المقام الأول إنسانى وفى المقام الثانى حاجة مجتمعية وأفضل من يستطيع سبر أغوارها هو الفن وخاصة السينما، ولنا فى بحب السيما مثال سينمائى رائع متكامل لطرح فكرة التطرف والتدين والحياة والموت حتى من خلال طفل صغير، فهل لم يحظ باحتفاء كاف لأنه كان عن نموذج مسيحي؟

من حق عمرو سلامة مخرجاً وكاتبا للسيناريو أن يعتبر جاكسون هو أفضل أفلامه ويبقى لى الحق فى أن أعتبره أقلهم مستوى فنى كتابة وإخراجاً، ومن حق من اختاروه ليمثل مصر فى الأوسكار أن ينحازوا له، حتى لو عاد خالى الوفاض كما يحدث معنا دائماً رغم أنى أتمنى له النجاح لمجرد أنه فيلم مصرى.  

اليوم السابع المصرية في

13.10.2017

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)