كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

عاشقا هوليوود... جاين فوندا وروبرت ريدفورد معاً في السينما والحياة

نديم جرجوره

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الرابع والسبعون

   
 
 
 
 

مساء الجمعة، 1 سبتمبر/ أيلول 2017، تمّ تكريم الثنائي الأميركي جاين فوندا (21 ديسمبر/ كانون الأول 1937) وروبرت ريدفورد (18 أغسطس/ آب 1936)، في الدورة الـ 74 (30 أغسطس/ آب ـ 9 سبتمبر/ أيلول 2017) لـ "مهرجان البندقية السينمائيّ الدولي (لا موسترا)"، بمنح كل واحد منهما تمثال "الأسد الذهبي" عن مجمل أعماله، وبعرض دولي أول (خارج المسابقة الرسمية) لـ "أرواحنا ليلاً"، للهندي ريتش باترا (1979)، رابع فيلمٍ سينمائيّ يمثّلان فيه معاً، في 51 عاماً، وذلك بعد The Chase (1966) لآرثر بن (1922 ـ 2010)، وBarefoot In The Park (1967) لجين ساكس (1921 ـ 2015)، وThe Electric Horseman (1980) لسيدني بولاك (1934 ـ 2008).

"أردتُ أن أمثَّل معها، مجدّداً، قبل أن أموت"، قال ريدفورد في حفلة التكريم؛ فكان ردّها: "أردتُ أن أُغرَم به مرة جديدة". وفي مقابل رغبته الشديدة تلك في مشاركتها فيلماً جديداً؛ لم تقل شيئاً عن السينما والتمثيل وصناعة الترفيه في هوليوود، بل اختارت أن تبوح بإحساس عاطفي، يُذكِّر بتصريحٍ لها أعلنته عام 2015، أسرَّت فيه بحبّها له، موضحةً ـ في الوقت نفسه ـ بما يلي: "لم يحدث أي شيء بيننا، إطلاقاً".

من جهته، قال روبرت ريدفورد إن "الأمور كانت سهلة دائماً معها، بسبب وجود حبّ وروابط بيننا"، مشيراً إلى أن المسألة متعلّقة بكيفية مقاربة كل واحد منهما لعمله، وبنظرته إلى الحياة. ولعلّ "أرواحنا ليلاً" ـ الذي أنتجته منصّة "نتفلكس"، وتعرضه على شاشتها في 29 سبتمبر/ أيلول الجاري ـ يعكس شيئاً من بهاء ذاك الحبّ الحاضر في حياتهما-، إذْ ذكّرت جاين فوندا أنها وإياه مثّلا الحبّ في شبابهما، "وها نحن اليوم نمثّل الحبّ القائم بين شخصين متقدّمين في السنّ".

فجديد ريتش باترا يروي حكاية أرملين يعيشان في بلدة أميركية صغيرة، ويُقرّران أن يتبادلا الزيارات ويلتقيان مراراً، "كي يملأا أوقاتهما الفارغة، ويواجها وحدتهما". لكنهما سيُغرمان أحدهما بالآخر، سريعاً: "هناك فرص قليلة تتيح إنجاز أفلامٍ، تثير اهتمام مشاهدين أكبر سنّاً"، كما قال ريدفورد تعليقاً على الفيلم، وعلى صناعة السينما المتوجّهة، بشدّة، إلى جمهور شبابيّ.

"إنه فيلمٌ عن الأمل"، كما قالت جاين فوندا، مضيفة ما يلي: "لن يكون الوقت متأخّراً أبداً إذا كان المرء شجاعاً، ومستعداً لمواجهة المخاطر والتحديات". لكنها لم تكتفِ بهذا، إذْ بدت متحمّسة للغاية وهي تُعلن، بصراحة ووضوح، عن حبّها لشريكها على الشاشة الكبيرة، مؤكِّدةً أنها ترغب في تمضية الوقت معه، وفي أن تُغرم به مجدّداً: "كنتُ دائماً مغرمة به في الأفلام كلّها التي حقّقناها معاً". والعمل المشترك بينهما دفع ريدفورد إلى القول: "جاين وأنا لدينا حكاية طويلة في السينما. التمثيل معها سهلٌ دائماً، والأمور تسير بشكل سلس وطبيعي وهادئ. لم نكن نحتاج إلى نقاشات كثيرة بيننا أثناء التحضيرات السابقة للتصوير، وهذا بقي حاضراً في عملنا الجديد".

في مقابل هذا كلّه، لم ينس صحافيون سينمائيون عديدون، تابعوا وقائع المؤتمر الصحافي الخاص بهما، بعض المشترك في تاريخهما، فأشاروا إلى أن لكل واحد منهما جانبين اثنين: الأول متعلّق بالنجومية والشهرة، والثاني مرتبط بالتزام سياسي واجتماعي، "يُذكِّر بنصف قرن من التاريخ الأميركي"، من حرب فيتنام إلى الحراك النضالي من أجل البيئة. 

في المؤتمر الصحافي نفسه، "بدت فوندا أكثر إشراقاً، وأكثر مباشرة، وأكثر هجومية. أما هو، فبدا أكثر ليونة، وأكثر تواضعاً، وأكثر تحفّظاً"، كما جاء في تقارير صحافية مختلفة، أضافت أنه، على الرغم من هذا، "كان هناك تواطؤ حنون وضاحك، مليء بالسحر والجاذبية". وبعد أن استعادت فوندا التجارب السينمائية الـ 3 بينهما، قال ريدفورد: "هناك حكاية قديمة لنا معاً، عبر الأفلام، أردتُ أن أكملها بأن أنجز فصلاً جديداً فيها، قبل أن أموت. منذ لقائنا السينمائي الأول، مع آرثر بن، نشأت بيننا علاقة سهلة وبسيطة وسلسة. لم نكن بحاجة إلى تفسيراتٍ. أحبّ كثيراً هذه القدرة على التفاهم بشكل عفوي ومباشر وسريع، ومن دون إطالة كلام. إنه أمر طبيعي جداً أوجد إيقاعاً بيننا عبر الوقت. خارج العمل، كان لدينا مشترك متنوّع في أمور الحياة".

أول فيلم لهما، "المطاردة"، كان بمشاركة تمثيلية لمارلون براندو أيضاً: في بلدة صغيرة في جنوب الولايات المتحدة الأميركية، ينتشر سريعاً خبر هروب بابر "بوبي" ريفز (ريدفورد) من السجن. وهو خبر سيثير خوف أهل البلدة من عودة هذا الشاب إليها، وهذا ما سيحصل بعد مغامرات مختلفة. لكن ليلة وصوله، كان أهل البلدة غارقين في سهرة صاخبة، ما سيُحوِّل اللحظة إلى مأزق دراميّ كبير. 

اللقاء الثاني سيكون "حافي القدمين في الحديقة": زوجان شابان، أحدهما متيّم بالآخر بشدّة، إلى درجة أنهما نسيا العالم. لكن "شهر العسل" هذا سينتهي، لتبدأ مشاكل الزوجية والعيش معاً تظهر، خصوصاً مع غياب كلّ توافق بينهما على أي حلّ. أما أصل المشكلة، فيعود إلى اهتمامها الزائد بتحسين جمالها لإرضاء زوجها، وإلى غرقه، أكثر فأكثر، في العمل، لجني مزيد من المال لإرضاء زوجته، فتتحوّل حكايتهما تلك إلى ما يُشبه "الكوميديا الهذيانية" الحادة.

أما "سائق الأحصنة الكهربائيّ"، فيتناول حكاية بطل العالم في الـ "روديو" خمس مرات، سوني ستيل، الذي بات في نهاية حياته المهنية، ما سيُعرِّضه لخضّات وتحديات وتجارب ومسارات مختلفة، بعضها لن يكون سهلاً أو إيجابياً.

العربي الجديد اللندنية في

05.09.2017

 
 

أحلام الأوسكار تداعب نجمات هوليوود بعد التفوق الواضح على الرجال

أمل مجدي

يبدو أن الحملات التي شنها عدد من صناع السينما من أجل تحقيق التنوع العرقي والجنسي في هوليوود، بدأت تؤتي ثمارها، وتتجلى نتائجها خلال موسم المهرجانات الحالي.

فبعد كثير من الدعوات التي تطالب بزيادة المشاركة النسائية في صناعة السينما سواء أمام أو خلف الكاميرات، ظهرت بوادر التغيير في مهرجاني تيلورايد السينمائي وفينسيا السينمائي الدولي.

ووفقًا لتقرير منشور على موقع Entertainment Weekly، فإن هناك عدد من الأفلام الجديدة تحمل توقيع مخرجات مميزات، منها First They Killed My Father من إخراج أنجلينا جولي، وLady Bird من إخراج جريتا جرويج، وFaces Places للمخرجة أجنس فاردا، وBattle of the Sexes الذي تشارك في إخراجه فاليري فارس.

إلى جانب أن البطولة النسائية تغلب على مجموعة من الأفلام وتتحكم بشكل أساسي في مسار الأحداث، منها The Shape of Water، وThree Billboards Outside Ebbing Missouri، وA Fantastic Woman، و Battle of the Sexes، وFilm Stars Don’t Die in Liverpool .

وفي السطور التالية، نرصد أبرز الممثلات اللاتي حصلن على تقييمات إيجابية من قبل النقاد خلال الفترة الماضية، ومن المتوقع أن تتردد أسمائهن في قائمة ترشيحات جوائز الأوسكار.

The Shape of Water

واحد من بين الأفلام المنتظر طرحها في دور العرض السينمائية، فيلم The Shape Of Water للمخرج المكسيكي جيليرمو ديل تورو، خاصة بعد حصوله على تقييم 100% على موقع Rotten Tomatoes.

تدور الأحداث في إطار خيالي خلال حقبة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة اﻷمريكية والاتحاد السوفيتي السابق، حول "إليسا" التي تعاني من الوحدة ولكن تتغير حياتها للأبد حينما تكتشف مع زميلتها "زيلدا" تجربة علمية شديدة السرية.

وتجسد شخصية "إليسا" الممثلة سالي هوكينز، التي ترشحت لجائزة الأوسكار في عام 2014 عن فيلمBlue Jasmine. ومن المتوقع أن تنال ترشيح هذا العام عن دورها المؤثر في الفيلم.

فيما من المرجح أن تترشح الممثلة أوكتافيا سبنسر لجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن شخصية "زيلدا". ويشار إلى أنها حصلت على التمثال الذهبي في عام 2011 عن فيلم The Help، وترشحت في الموسم السابق لجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم Hidden Figures.

Battle of the Sexes

يعد هذا الفيلم تمثيل جيد للواقع الحالي الذي تعيشه هوليوود اليوم، وسط مطالبة عدد كبير من الممثلات بتحسين أوضاعهن المادية وصورتهن على الشاشة.

يركز الفيلم على المباراة التي خاضتها لاعبة التنس المحترفة بيلي جين كينج أمام اللاعب بوبي ريجز عام 1973، تحت اسم "معركة الجنسين"، والتي كان هدفها إثبات أن الرجال متفوقون على النساء في لعبة التنس، وانتهت بفوز جين كينج عليه.

ونال الفيلم تقييمات إيجابية، ووصفه البعض بأنه فيلم عالمي جدير بالمشاهدة في مختلف أنحاء العالم. وفيما يخص الممثلة إيما ستون فقد ذكر موقع Awards Daily إنها إذا لم تكن حازت على جائزة الأوسكار في الموسم الماضي عن فيلم La La Land بالفعل، فكان سيصبح التمثال الذهبي من نصيبها هذا العام، ولكن المؤكد أنها ستكون واحدة من بين المرشحات الخمس المتنافسات على الجائزة.

Three Billboards Outside Ebbing, Missouri

بعد نجاح أفلامه السابقة على مستوى الجمهور والنقاد، يعود المخرج البريطاني مارتن ماكدونا، بعد غياب 5 سنوات بفيلم جديد تدور أحداثه في إطار دراما وتشويق.

وتدور الأحداث حول سيدة تدعى "ميلدريد هايز"، تتعرض ابنتها للقتل، وتمر فترة طويلة، دون أن تتمكن الشرطة من الوصول للجاني. فتتخذ خطوة جريئة، تتلخص في إقامة ثلاث علامات تؤدي إلى بلدتها مع رسالة مثيرة للجدل موجهة إلى مأمور شرطة المدينة.

واحتفى النقاد بأداء الممثلة فرانسيس ماكدورماند، التي تجسد دور الأم الحزينة على فراق ابنتها. وذكر موقع IndieWire أنه واحد من أفضل أدوارها، وقد تألقت وأبدعت في تقديم أبعاد الشخصية بصورة تكشف عن قدراتها كممثلة عظيمة.

يذكر أنها ترشحت لجائزة الأوسكار 4 مرات، ونالتها عام 1997 عن دورها في فيلم Fargo.

Film Stars Don’t Die in Liverpool

بعد عرض فيلم المخرج بول ماكجيجان، في مهرجان تيلورايد السينمائي، شبهه النقاد بفيلم My Week with Marilyn الصادر عام 2011، واعتبروا أنه لم يقدم أي جديد. ولكن ذلك لا يعني أن فريق التمثيل لن يتمكن من اللحاق بسباق جوائز الأوسكار في فئة التمثيل.

فقد نالت الممثلة آنيت بينينج تقييمات إيجابية على أدائها في الفيلم، ومن الممكن أن تكون أمامها فرصة الترشح لجائزة الأوسكار بعد سقوطها سهوًا الموسم الماضي الذي قدمت فيه فيلم 20th Century Women.

A Fantastic Woman

يعد فيلم المخرج التشيلي سيباستيان ليليو، واحد من بين الأفلام التي يتوقع النقاد ترشيحها لجائزة أفضل فيلم أجنبي هذا العام.

قصة الفيلم تشبه بطلته، فالممثلة دانيلا فيجا هي في الأًصل متحولة جنسيا، وأيضًا الفيلم يقتحم عالم المتحولين جنسيًا وينقل معاناتهم اليومية مع المجتمع غير المتقبل لحقيقتهم.

كما يأمل البعض أن تنال الممثلة فرصة الترشح في فئة التمثيل، خاصة وأنها قدمت أداء مذهل ينقل أزمتها الشخصية.

موقع "في الفن" في

05.09.2017

 
 

'الإهانة' أو'القضية 23' في مهرجان فينيسيا

العرب/ أمير العمري

عرض الفيلم اللبناني (بتمويل فرنسي) “الإهانة” في مسابقة مهرجان فينيسيا، و”الإهانة” هو الاسم الأجنبي للفيلم، بينما الاسم العربي المطبوع على الشريط في بداية الفيلم هو (القضية 23)، ولا شك أن الاسم الأجنبي هو الأفضل والأكثر تعبيرا عن موضوع الفيلم، بينما لا معنى للعنوان العربي للفيلم، لكنه اختيار كاتبه ومخرجه زياد دويري.

المخرج اللبناني زياد دويري معروف لدى جمهور السينما بأفلامه المثيرة للجدل، درس السينما في الولايات المتحدة وعمل مساعدا في التصوير في عدد من أفلام هوليوود من بينها أفلام تارانتينو الأولى، قبل أن يتحول إلى الإخراج ليقدم عام 1998 فيلمه الروائي الطويل الأول “بيروت الغربية” الذي يكشف، ولو على نحو غير مباشر، بعض ما علق بالذاكرة الشخصية لدويري نفسه خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي ألقت ومازالت، بظلال كثيفة على العلاقة المعقدة بين الطوائف اللبنانية المختلفة.

وبقدر ما أثار “بيروت الغربية” الاهتمام أزعج الكثيرين بجرأته، كونه قطع طريقا معاكسا لما كان سائدا خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو بالأحرى بالوجود الفلسطيني في لبنان الذي يشكل الفلسطينيون 10 في المئة من تركيبته السكانية.

عاد زياد دويري في فيلمه الثالث “الصدمة” (2012) ليصدم جمهوره العربي مجددا عندما اختار أولا تصوير جانب كبير من الفيلم في تل أبيب، وثانيا لتناوله موضوعا شديد الحساسية، أي العمليات الانتحارية التي يقوم بها الفلسطينيون داخل إسرائيل.

وكانت هذه المرة من نصيب سيدة فلسطينية علمانية عصرية متزوجة من جرّاح فلسطيني، متفوق وصل إلى أعلى الدرجات العلمية والمهنية في إسرائيل وحصل على تكريم من أعلى السلطات، يتمتع بعلاقات صداقة جيدة مع عدد من اليهود.

وكان فيلم “الصدمة” يطرح بعض التساؤلات المربكة دون أن يقدم إجابات عنها، وكان يحاول فهم سبب تحول سيدة فلسطينية، تتمتع بكل ما تتمع به سيدات الطبقة الوسطى الإسرائيلية، إلى انتحارية تفجر نفسها، فتقتل 17 شخصا بينهم عدد كبير من الأطفال داخل أحد مطاعم تل أبيب.

زياد دويري يتوسل لنيل الاعتراف به كواحد ممن يتصدرون السخرية والاستهزاء من (الظلم التاريخي) كما يفعل في فيلمه مرارا

بداية واعدة

يعود دويري بفيلمه الرابع “الإهانة” ليلمس مجددا الوضع الشائك للفلسطينيين في لبنان، فكرة الفيلم جيدة، وكان يمكن أن تصنع عملا شديد الجاذبية والتأثير، بل ويكمن في طياتها بعض معالم أسلوب دويري الذي يجنح عادة إلى السخرية السوداء، ويميل إلى تصوير عبثية “الحالة السياسية”، بحيث يلفت الأنظار إلى تفاهة وسخف وسطحية الكثير مما نتشبث به من مواقف، يمكن أن تكبر دون داع، لتكشف عن مأزق حياتي مباشر لا يسهل العثور على مخرج منه.

غير أن دويري الذي يبدأ فيلمه بداية واعدة يقع بعد ذلك في المباشرة والخطابة والنزعة التوفيقية المصطنعة دون أن ينجح في إخفاء انحياز واضح إلى طرف معين، يجعل من هزيمته نصرا، ومن تعصبه وتعنته نبلا، ومن رفضه المقيت قبول الآخر أمرا مبررا في ضوء ما تعرضت له “قبيلته” في الماضي.

لدينا شخصيتان رئيسيتان: “توني” (عادل كرم) اللبناني المسيحي صاحب ورشة إصلاح السيارات، و”ياسر” (كمال الباشا) عامل البناء الفلسطيني. الأول ينتمي بوضوح، كما نرى في المشهد الأول في الفيلم، إلى حزب القوات اللبنانية (المسيحي) اليميني المتطرف، يردد هتافات الحزب ويلوح بعلمه، وهو متزوج من زوجة جميلة هي “شيرين” (ريتا حايك) الحامل بابنته الأولى. يعمل ياسر بشكل غير قانوني لحساب شركة بناء لبنانية، فمحظور على الفلسطينيين العمل في لبنان، وهو موضوع لا يوليه الفيلم أي اهتمام.

وتنشأ المشكلة عندما يريد إصلاح ماسورة الصرف الخاصة بشقة توني، لكن الأخير يرفض السماح له ولزملائه بدخول شقته، فيضطر ياسر الذي يقوم بمعالجة المخالفات الموجودة في الحي، إلى إصلاح الماسورة من شرفة توني، فينتهي الأمر بأن يتدخل توني ويحطم ما قام به ياسر فيوجه له الأخير عبارة مهينة وينصرف، وهذه هي “الإهانة” المقصودة في الفيلم.

يصر توني على ضرورة أن يقدم له ياسر اعتذارا، ويتردد ياسر فهو يشعر بأنه تعرض للإهانة أيضا ولسوء المعاملة، توني يعرف أن “خصمه” فلسطيني، أي من أولئك الذين يكرههم ويرفض أصلا وجودهم في لبنان.

وعندما يذهب ياسر لكي يعتذر لتوني بضغط من مدير شركته، يرى توني يعرض شريط فيديو ويستخدم مكبرا للصوت في ورشته لبث خطاب مسجل لزعيم الكتائب اللبنانية بشير الجميل الذي اغتيل في بيروت عام 1982، وفي خطابه يشن الجميل هجوما عنيفا على الفلسطينيين ويطالب بطردهم من لبنان، ثم يتجه توني إلى ياسر ويقول له “ليت شارون مسحكم من على وجه الأرض”.

زياد دويري مخرج محترف جيد يعرف ما يريد من كل مشهد من مشاهد فيلمه، ويعرف كيف يقوم بتصعيد المواقف والانتقال من تفصيلة إلى أخرى، والتحكم في رسم ملامح الشخصيات

هذه “الإهانة” الأخرى لا تمثل قضية، لأن ياسر يقوم على إثرها بالاعتداء على توني ويكسر له ضلعين، أما “الإهانة” الأولى فيقوم توني بتصعيدها ليصل بها إلى القضاء، حيث يطالب بالحصول على اعتذار من ياسر وتعويض عن الإصابة، ولكن بعد رفض القضية يتم تصعيدها إلى المحكمة العليا لتتحول إلى قضية سياسية تشعل الشارع وتستقطب عناصر من حزب القوات اللبنانية الذي يساند توني ويعين له محاميا من الأكثر شهرة في لبنان، هو وجدي وهبة (كميل سلامة)، وتتطوع محامية شابة هي “نادين” (ديموند أبوعبود) التي يتضح أنها ابنة وهبة التي تختلف عنه كليّا من ناحية الموقف السياسي، فبينما يمثل هو اليمين المسيحي المتشدد تميل هي إلى اليسار الليبرالي المؤمن بعدالة القضية الفلسطينية.

ظلم تاريخي

سرعان ما يتحول الفيلم إلى ما يعرف بـ”دراما قاعة المحكمة”، حيث يتم تبادل المرافعات والاستماع لشهادة الشهود، وبالطبع تؤدي تطورات القضية إلى المزيد من الاستقطاب في الشارع، فالفلسطينيون يعبرون عن غضبهم وأنصار القوات اللبنانية يشتبكون معهم.

يبدأ فيلم “الاهانة” بأن يمنحنا الانطباع بأننا سنشاهد عملا ساخرا عبثيا، حيث تصبح “الإهانة” العابرة مفجرا للتوترات العميقة القائمة في لبنان، لكن تحويل الفكرة من هذا البعد الساخر إلى قضية جادة يقتضي تقديم أدلة وبراهين وشهود بما يفقد الفيلم الكثير من حرارته، ويجعله يميل إلى النمطية ويقع، وهذا هو الأخطر، في الخلل وانعدام التوازن في تصويره مأزقَ كل من توني وياسر.

محامي توني يستعين بشاهد، ضابط سابق في الجيش الأردني نراه عاجزا يجلس في مقعد المعاقين، يقول إنه كان يقدم الطعام للفلسطينيين في المخيمات، لكنه يزعم أن ياسر اعتدى عليه بالضرب المبرح بآلة حادة في خضم التداعيات التي أحاطت بأحداث “أيلول الأسود” في عمان عام 1970، مما أدى إلى إصابته بالشلل، ثم يصر المحامي على عرض شريط فيديو يصحبه بمحاضرة طويلة وسرد تاريخي بالتواريخ وأسماء العائلات لما وقع في بلدة الدامور إبان الحرب الأهلية اللبنانية، ويزعم أن قوات تمثل الجبهة اللبنانية الديمقراطية مع فصائل فلسطينية اعتدت وقتلت وشردت أسرا وعائلات مسيحية من البلدة، وكيف أن توني الذي كان في السادسة من عمره في ذلك الوقت، لا بد أن يكون قد تأثر بما شاهده مما تعرضت له أسرته.

تصبح قضية الفيلم إذن أن توني هو ضحية للعنف الذي تعرضت له عائلته من جانب الفلسطينيين، في حين أننا لا نشاهد في الشريط الذي يعرض أمام المحكمة سوى بعض السيارات المصفحة وفوقها عدد من المقاتلين يضعون الكوفية الفلسطينية ويلوحون بعلامة النصر، لكننا من الناحية الأخرى لا نرى شيئا من مذابح صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها القوات اللبنانية في حماية الجيش الإسرائيلي بقيادة شارون.

والخطاب الذي يتكرر في الفيلم مرات عدة سواء من جانب توني نفسه أو من جانب محاميه، وهو في الحقيقة خطاب الفيلم نفسه ورسالته، هو أن الفلسطينيين ينجحون دائما في القيام بدور الضحية، ويفلتون دائما من الحساب، ويجعلون العالم كله يتعاطف معهم وحدهم في حين أنهم ليسوا وحدهم الذين تعرضوا للتشريد والاضطهاد والعدوان، بل هناك الكثير جدا، عشرات الملايين في العالم من المشردين والذين تعرضوا للظلم.

وتتردد في الفيلم أيضا أفكار مثل: لماذا يخضع اللبناني للقانون بينما يفلت الفلسطيني؟ ولماذا تسمح السلطة اللبنانية بأن يحتمي الفلسطيني داخل المخيمات ويفلت من الحساب؟ وإذا كان الفلسطيني لاجئ في لبنان، فاللبناني (المسيحي) لاجئ في بلده.. وغير ذلك.

هذه المشاعر التي يتم التعبير عنها بقوة في الفيلم لا تهدف فقط إلى تبرير غضب توني، بل تنقل موقف ورؤية زياد دويري نفسه الذي يتوسل لنيل الاعتراف به كواحد ممن يتصدرون السخرية والاستهزاء من “الظلم التاريخي” كما يفعل في فيلمه مرارا، بل ويرى أن المعاناة في الجانب الآخر تتجاوز كثيرا معاناة الطرف الذي يستقطب الاهتمام والأضواء.

هنا مثلا يصبح توني نبيلا، أولا لكونه يدافع عن كرامته، حتى بعد أن يكون قد أخذ حقه بيده بعد أن اعتدى بالضرب على ياسر، ثم نبيلا لكونه اختار عدم إثارة موضوع الدامور حرصا على ألاّ يجعل القضية تتخذ طابعا سياسيا، بل أثارها المحامي بعد أن نقب واكتشف، ثم نبيلا لكونه تسامى على جرحه، وقام بإصلاح سيارة ياسر عندما تعطلت أمام ورشته، وعندما يتطلع بعد أن خسر القضية في اللقطة الأخيرة من الفيلم إلى ياسر، يبدو وكأنه يعرب له بطرف عينه عن سعادته بأنه خسرها لكي لا يواجه ياسر عقوبة السجن.

محاولة ملتبسة

في المحصلة الأخيرة وفي أفضل الأحوال يمكن النظر إلى فيلم “الإهانة” على أنه أحد تلك المحاولات الملتبسة المليئة بالثغرات، للدعوة إلى ضرورة توحيد الصفوف ومداواة الجراح القديمة وتجاوز ما وقع في الماضي من أجل أن ينهض لبنان.. وهو خطاب سطحي يسقط الفيلم في نوع من أعمال الدعاية العاطفية الساذجة.

من الناحية الفنية يتمتع الفيلم بصورة جيدة ومونتاج محكم وإيقاع متصاعد وكشف تدريجي عن التفاصيل، فزياد دويري مخرج محترف جيد يعرف ما يريد من كل مشهد من مشاهد فيلمه، ويعرف كيف يقوم بتصعيد المواقف والانتقال من تفصيلة إلى أخرى، والتحكم في رسم ملامح الشخصيات: كيف تتحرك، أين تقف من بعضها البعض، ما الذي يظهر منها في الكادر السينمائي وما الذي يختفي.

زياد دويري متأثر دون شك بسينما هوليوود، يريد أن يقدم أفلاما تتجاوز الحدود المحلية الضيقة، يعرف كيف ينتقل من المحكمة إلى الخارج، ويعرف كيف يستفيد من فضاء بيروت المدينة من خلال توظيف المناظر العامة المصورة من أعلى، وهو دون شك من أفضل المخرجين اللبنانيين قدرة على التعامل مع الممثلين، ولديه في هذا الفيلم مجموعة من أفضلهم على الإطلاق وأكثرهم حضورا وقوة وتماثلا مع الشخصيات التي يقومون بتجسيدها.

في بداية الفيلم تظهر عبارة تقول إن ما يصوره الفيلم لا يمثل سوى وجهة نظر صناع الفيلم وليس موقف الحكومة والسلطات اللبنانية، وهو ما يعد تحفظا مقصودا للإفلات من أي رقابة محتملة، لكن المؤكد أن الفيلم سيعرض في لبنان ولا شك أنه سيثير الكثير من الجدل.

ناقد سينمائي مصري

العرب اللندنية في

05.09.2017

 
 

علاقة ملتبسة بين الملكة فيكتوريا وشاب هندي مسلم

العرب/ أمير العمري

تنجح السينما في خلق عالم أشبه بالأحلام تتلاقى فيه المتناقضات وتتآلف في نسيج سردي سينمائي أخاذ. لكن الأفلام التي تتناول حقبا أو شخصيات تاريخية بناء على أحداث واقعية تجد نفسها بين شقي الحقيقة والخيال، وهنا يتوه المتلقي بين تقييم الفيلم بما قدمه من خيال أو بدرجة التزامه بالحقائق التاريخية التي ينقلها.

يبدو المخرج البريطاني ستيفن فريرز مولعا بشكل خاص بملكات بريطانيا، فبعد فيلمه الشهير “الملك” (the Queen) الذي قامت فيه هيلين ميرين بدور الملكة إليزابيث الثانية، وشاهدناه في دورة 2006 من مهرجان فينيسيا، يعود فريرز مجددا بفيلم جديد يعرض خارج المسابقة، عن أشهر ملكات بريطانيا الملكة فيكتوريا التي حكمت البلاد لمدة 64 عاما إلى أن توفيت عام 1901 عن 82 عاما.

لا يطمح ستيفن فريرز من خلال سيناريو فيلمه الجديد “فيكتوريا وعبدول” Victoria & Abdul الذي كتبه لي هول، لأن يروي سيرة الملكة فيكتوريا، ولم يكن هدفه الولوج إلى عصر السيطرة الاستعمارية البريطانية على الهند من خلال دراما تاريخية تلقي الأضواء على العلاقة المعقدة بين بريطانيا وشبه القارة الهندية. لا شك أنه يلمس تلك العلاقة على نحو ما، كما يصور ولو على استحياء المشاعر المعادية للوجود البريطاني في الهند التي عرفت بـ”جوهرة التاج”.

لكن موضوعه الأساسي موضوع أكثر حميمية وخصوصية، فهو يحاول فهم تلك العلاقة الملتبسة الغريبة التي جمعت بين الملكة فيكتوريا بكل عظمتها ومجدها، وشاب هندي مسلم، بسيط الحال، يدعى عبدالكريم (أو عبدول) يجد نفسه ذات يوم مطلوبا منه السفر على وجه السرعة إلى لندن لكي يقدم للملكة قطعة من العملة الذهبية التذكارية الجديدة تحمل صورتها.

يسافر عبدول مع رفيقه محمد الساخط على البريطانيين، ويتم تدريبه مع رفيقه على قواعد البروتوكول الملكية. ورغم تحذيره مرارا من التطلع إلى وجه الملكة وهو يقدم لها الهدية، يخالف عبدول التعليمات، وعندما تلتقي نظراته بنظرات الملكة تبدأ علاقة انجذاب غريبة غامضة من جانب الملكة إلى ذلك الشاب الوسيم الفارع الطول ذي العينين الواسعتين.

مراهقة متأخرة

فيكتوريا تشعر بالسأم والوحدة وترتد إلى نوع من المراهقة المتأخرة. تستدعي عبدول لتسأله عن الهند. يحدثها عن عظمة تاج محل وعن الطعام الهندي والسجاد الهندي وكيف دخل البلاد على أيدي ملوك الفرس، وعن مذاق ثمرة المانغو، وعن الشعراء العظام ويقرأ لها أيضا بعض الأشعار.

لقد عثرت أخيرا على من يخرجها من حالة الملل والعزلة والكآبة التي تعيشها داخل أسوار القصر، وينقذها من نساء الحاشية المتعجرفات ورجال البلاط الذين يحاصرونها ويحصون عليها حركاتها وسكناتها.

تطلب الملكة من عبدول أن يعلمها لغة الأورد، وتبدأ بالفعل في كتابة بعض العبارات، ثم تطلب منه أن يصبح معلمها أو مرشدها الروحي (مونشي). تمضي السنون، ويعود ابن الملكة أمير ويلز الذي بلغ السابعة والخمسين من عمره ومازال يتطلع صامتا إلى وراثة العرش، لكن فيكتوريا مازالت تعامله كصبي صغير وتناديه بـ”بيرتي” وترفض تدخله في شؤون القصر، كما تستنكر محاولته إفساد علاقتها بعبدول.

يكشف عبدول للملكة أنه متزوج، فتطلب منه السفر فورا والعودة بزوجته، فيعود ومعه زوجته وابنه ووالدة زوجته. ترتدي المرأتان العباءات السوداء والبرقع الأفغاني الذي نعرفه اليوم، والذي لم يكن له غالبا، وجود بين مسلمات الهند في ذلك الزمان.

لكنها الصورة النمطية الاكزوتية التي أراد ستيفن فريرز إبرازها لتجسيد التناقض بين عالمين. يستنكر رجال البلاط، خاصة طبيب الملكة، وجود عبدول. فكيف تستمع الملكة إلى هذا الصعلوك الهندي. يسعون للعثور من زميله محمد الذي يعاني تدهورا في صحته، على أي معلومات من ماضي عبدول يمكن استخدامها ضده. وعندما ترغب الملكة في منحه لقب الفروسية، يعترض رجال البلاط فكيف لرجل مسلم وملون أن يحظى بهذا الشرف الذي لا يناله سوى النبلاء.

يلمس الفيلم في مشاهد عديدة العنصرية البريطانية ويسخر منها بشدة، كما يعري بسخريته السوداء ومن خلال شكل صياغة المشاهد والحوار، النظرة الفوقية المتعالية إلى “الآخر”، ويهجو فكرة السمو الملكي بل والنظام البريطاني الطبقي كله. لكنه في الوقت نفسه، يجعل الملكة فيكتوريا شخصية متمردة على التقاليد العتيقة البالية، وأقرب إلى الروح “الثورية” المتمردة.

فغياب معرفتها بالهند ناتج عن منعها من الذهاب إلى هناك خشية على حياتها من الاغتيال، لكنها تريد أن تعرف وأن تتعلم، وهي تستهجن وترفض ما يتذرع به رجال القصر من حجج خاصة عندما يشيرون إلى ديانة بدول فتسأله عن الإسلام وعن القرآن، وتبدو وقد انبهرت بما يقوله لها عن عظمة الإسلام وتصر على تقريبه منها وترفع الكلفة بينهما، وتطلعه على مكنون نفسها. هنا يضيق كثيرا الفرق بين الإعجاب والانجذاب إلى الآخر، بشرقيته وملامحه الخاصة ومعارفه الواسعة المدهشة بالعالم، وبين الحب بالمعنى العاطفي.

هل وقعت فيكتوريا في حب عبدول؟ هل كان عبدول يستغل ذلك الانجذاب الملكي لصالحه ولخدمة أهداف خفية؟ كيف وهو الهندي القادم من بلد خاضع للاستعمار البريطاني، لا يعرب في أي موقف عن رفضه أو احتجاجه على سلوك البريطانيين، بل يعتبر عطف فيكتوريا عليه شرفا عظيما؟ إنه يبدأ بتقبيل قدم الملكة في حفل العشاء دون أن يُطلب منه ذلك، ثم يتمسك بدور الخادم الأمين مناديا إياها بـ”مليكتي”. وعندما تعلم أنه متزوج يقول لها إنه يعتبرها أغلى وأعز من زوجته؟

عالم الخيال

يخبرنا الفيلم في بدايته من خلال عبارة تظهر على الشاشة أنه “يعتمد على وقائع حقيقية… تقريبا”، ثم يخبرنا في نهايته أن ما شاهدناه يعتمد على ما جاء في كتاب هندي صدر في 2010 كشف الكثير عن تلك العلاقة من خلال مذكرات عبدول نفسه.

هذه دراما سينمائية مصنوعة بالدقة البريطانية الشهيرة من خلال بناء كلاسيكي يسير في اتجاه واحد ولكن من دون عقدة، ومن دون منحنيات في سياق السرد. إن تركيزه الأساسي على “الملكة” بكل تفاصيل حياتها داخل القصر، ملابسها وطريقتها الفجة في التهام الطعام، ثم وهي تغفو بعد أن تكون قد أفرطت في التهام الحلوى.

هناك براعة مدهشة أيضا في تصميم الملابس، واختيار مواقع التصوير داخل القلاع والقصور والحدائق، مع موسيقى تمزج بين الكلاسيكية الرصينة والموسيقى الهندية الشعبية. ولكن يبقى أكثر العناصر الفنية بروزا ذلك الأداء البديع من جانب جودي دنش في دور فيكتوريا.

إن دنش البالغة من العمر 82 عاما، حاضرة الذهن، تتمتع كعادتها بالقدرة على التقمص والتماهي مع الشخصية، تعرف متى وأين تتوقف عن الحديث وتنصت، تتسع عيناها في دهشة شبيهة بدهشة الأطفال أمام ما يرويه عبدول، تنتفض دفاعا عن عرشها أمام مؤامرة الحاشية التي أرادت عزلها بدعوى أنها أصيبت بالجنون ما لم تطرد عبدول، تتصدى لهم، وتتحول إلى نمرة هائجة، تثور في وجوههم، تسرد عليهم تاريخها منذ أن تربعت على العرش وما حققته من مجد لبلادها.

تمضي السنون، أربعة عشر عاما على تلك العلاقة الغريبة، يموت محمد رفيق عبدول، تتدهور صحة الملكة وتصبح مشرفة على النهاية، ترقد واهنة في فراشها يحيط بها رجال البلاط، تطلب أن ترى عبدول وأن تنفرد به للمرة الأخيرة. ويتأهب الأمير لوراثة العرش والفتك بعبدول.

قد لا يكون الفيلم قد نجح في سبر أغوار العلاقة القديمة بين بريطانيا والهند. وربما يكون قد عبر أيضا عن نوع من الحنين إلى ذلك العهد، لكنه في نقده للعنجهية والعنصرية البريطانيّتَيْن خاصة النظر إلى الشعوب المستعمرة والموقف

المتشكك التقليدي من المسلمين (هناك اتهامات في الفيلم بأنهم كانوا وراء تمرد قسم من القوات الهندية الخاصة للإنكليز وأنهم قتلوا أكثر من ألفي جندي بريطاني) قدم إسقاطات تجعل للفيلم أيضا أصداء معاصرة. لكن يبقى جوهر الاستمتاع بالفيلم في ذلك الخيال الفني البديع، والتعبير الإنساني عن ذلك التلاقي الروحي الغامض بين شخصيتين متناقضتين تماما، ولا يصلح بالتالي تقييمه من زاوية “تاريخية” الأحداث والوقائع. فالأفضل أن يبقى محصورا في عالم الخيال.

العرب اللندنية في

06.09.2017

 
 

البندقية ٧٤ - “أم!”: دارن أرونوفسكي يقدّم فيلماً مجنوناً يصدم بجرأته!

البندقية - هوفيك حبشيان - المصدر: "النهار"

 “أم!” للمخرج الأميركي دارن أرونوفسكي أضحى منذ الإعلان عن برنامج الدورة الرابعة والسبعين لـ #مهرجان_البندقية السينمائي (٢٩ آب - ٩ أيلول) أحد الأفلام المنتظرة جداً. أمس صباحاً، وقد تجاوز الـ”موسترا” منتصفه بقليل، شاهدنا هذا الثريللر، فكان في نظر العديدين عملاً صادماً يخربط المفهوم التقليدي لسينما الخوف، ومحاولة ناجحة للفت الانتباه بالنسبة إلى البعض الآخر. الآراء حول الفيلم تفاوتت حدّ التضارب، وهذا ليس سوى البداية (يخرج إلى الصالات عالمياً الأسبوع المقبل).

نحن من جانبنا، وقعنا تحت سحر الفيلم ونرى فيه ضربة معلم، على الأقل إخراجياً!

أرونوفسكي من السينمائيين الذين رفع البندقية على الراحات منذ عشر سنوات: في ٢٠٠٨ نال فيه “الأسد الذهب” عن “المُصارع” مع ميكي رورك، بعدها بعامين شارك بـ”البجعة السوداء”، ثم في الدورة التالية ترأس لجنة التحكيم.

مباشرةً بعد عرض “أمّ!”، أخبر أرونوفسكي الصحافة إنّه كتب السيناريو في خمسة أيام. كان في حال غضب شديد عندما وضعه. ظلّ يراقب ما يحصل من حوله في العالم ولا قدرة له على فعل شيء. “الملاك المدمّر” للويس...

لقراءة هذا الخبر، إشترك في النهار Premium بـ1$ فقط في الشهر الأول

 

06.09.2017

 
 

في مهرجان فينسيا.. جينفر لورنس‏:‏ شخصيتي في الأم مختلفة‏..‏ وأغمض عيني عندما أشعر بالخوف

رسالة فينسيا‏:‏ مني شديد

انضمت النجمة الأمريكية جينفر لورنس للمخرج دارين أرنوفسكي في رحلة عجيبة‏,‏ قدمت فيها شخصية غريبة عنهايملأها الخوف من كل شيء‏,‏ وتبحث عن الحب والعزلة بعيدا عن وحشية العالم‏,‏ فيلم‏Mother!‏ أو االأمب الذي عرض أمس في المسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا السينمائي الدولي تقدم فيه جينفر شخصية يعتبرها المخرج أرنوفسكي هي الأرض والطبيعة‏-‏ الكوكب الأم‏-‏ التي تعاني من كل الكوارث و أفعال البشر الشيطانية‏.‏

وشارك في هذه الرحلة النجوم خافيير بارديم وإد هاريس وميشيل فايفر, ويروي الفيلم قصة العلاقة بين زوجين اخافيير وجينفرب والغزو الذي يغير حياتهم عندما يحل طبيب وزوجته ااد وميشيلب ضيوفا عليهم بترحيب من الزوج الكاتب المعروف اخافييرب بينما تخشي الأم هذا الغزو الذي امتد لعدد أكبر من الأشخاص دمروا جزءا من المنزل, وتحقق الأم أمنيتها بالحمل ويعود زوجها للكتابة, وعندما تستعد للاحتفال معه علي انفراد, يهجم علي المنزل غزو جديد لمن هم من المفترض أن يكونوا معجبينه ويعتبر هذا المشهد أهم مشاهد الفيلم حيث تسعي جينفر للهرب من الهجوم الذي وقع عليها وعلي منزلها في نفس الوقت الذي تشعر فيه بأنها توشك علي وضع طفلها وتصرخ من الألم وتنتقل في جوانب المنزل في محاولة للهرب وهنا يستعرض مخرج العمل أرنوفسكي عددا من الكوارث التي تشهدها الأرض علي يد البشر ومنها الحروب وخطف النساء وبيعهم كالسلع والجماعات المتطرفة والفتن والتضحية بالبشر وغيرها من الشرور وتضع االأمب طفلها ويأخذه الزوج لعرضه للمعجبين ويلتهمونه أمام عينيها, ولا تتمالك نفسها فتقتل عدد بلور ثم تحرق المنزل بكل من فيه ويحملها الزوج طالبا منها منحه حبها من جديد فيقتلع قلبها قبل أن تتحول إلي رماد ويصبح القلب حجرا كريما.

من جانبه قال أرنوفسكي خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض الفيلم إنه يترك تفسير الرمزيات التي يقدمها الفيلم للجمهور, لكي يراها كل شخص كما يحلو له ويضع التفسيرات بنفسه ولكن من يريد التعمق في الأمر عليه أن يقرأ في الإنجيل عن االيوم السادسب وهو أحد الأسماء التي يسمي بها الفيلم في بداية العمل, مشيرا إلي أن هذا الفيلم تجربة غريبة بالنسبة له فهو الوحيد من بين أفلامه كلها الذي لم يستغرق وقتا طويلا حتي يقدمه, حيث انتهي منه في20 يوما فقط بخلاف أفلامه السابقة مثل ابلاك سوانب الذي استغرق منه10 سنوات حتي انتهي منه, مضيفا أن فكرة اماذرب جاءته من حالة الغضب التي لدينا جميعا بسبب كل ما نراه يحدث حولنا في العالم ونقف عاجزين عن مواجهته.

وأشار إلي أن الموسيقي تلعب دورا كبيرا في الفيلم وفي توصيل إحساس البطلة للجمهور وكأنه في مكانها ويشعر بنفس خوفها من هذا الغزو ومما يمكن أن يحدث لها وفقدها للإحساس بالامان للشعور بغزو الأرض, مؤكدا أن ما يحدث في أي مكان في العالم يؤثر علينا جميعا أيا كان مكاننا فما يحدث في بكين يؤثر علي إيطاليا وأمريكا وغيرها لأننا جميعا نعيش علي نفس الأرض.

وأكدت جينفر أن هذه الشخصية مختلفة تماما عما قدمته من قبل وشخصية المرأة القوية التي قدمتها في أفلامها السابقة ومختلفة أيضا عن طبيعتها, مضيفة أن من بين التفاصيل المهمة الخاصة بالشخصية هي أنها كانت تستمد قوتها من الأرض ومن هذا المنزل لهذا كانت تسير حافية القدمين, وفي كل موقف تشعر فيه بالخوف تغلق عينيها وتستند برأسها علي أحد جدران المنزل.

كما عرض أمس في القسم الرسمي خارج المسابقة الرسمية تجربة جديدة للنجم جيم كاري مع المخرج كريس سميث وهو فيلم جيم واندي العظمة خلفة قصة جيم كاري واندي كوفمان وهو أقرب لفيلم تسجيلي يضم مشاهد كواليس عن تقمص جيم كاري لشخصية اندي كوفمان أثناء تصويره لفيلم رجل علي القمر.

وحضر جيم كاري المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض الفيلم في عرضه العالمي الأول بمهرجان فينسيا, حيث قال إنه سعيد بهذه التجربة المختلفة مع مخرج شاب والتي أعادته لذكريات ومرحلة من حياته الفنية يعتز بها, مشيرا إلي أن كل الأفلام التي قدمها خلال مسيرته الفنية مهمه بالنسبة له لأنه يري في كل منها فكرة معينة مرتبطة بطريقة تفكيره في الأمور وهو ما يجعل كل الأعمال ذات أهمية بالنسبة لها مهما كانت تبدو تافهة, علي سبيل المثال فيلم الغبي والأغبي منه وافق علي تقديمه لأنه كان يريد من خلاله أن يقول إن الأبرياء لابد أن يفوزوا في النهاية.

وأضاف أن الأفلام الكوميدية الساخرة التي قدمها في بدايته وحققت له الشهرة كان يسخر فيها من كل شيء وأراد تدمير الصورة الهوليودية بالسخرية من الجميع خاصة القادة الكبار الذين يدعون أنهم لديهم إجابة لكل شيء والشخصيات المهمة مثل شيرلوك هولمز وكلينت استوود وغيرها كان يسخر منها بالكوميديا, مؤكدا أن الصدق دائما هو الأساس, مشيرا إلي فيلم القناع والمدينة التي يرتدي فيها الجميع أقنعة وبمجرد أن يكشف شخص واحد بصدقه زيف هذه الأقنعة تظهر علي الوجوه وتسقط ولا يستطيع أحد إخفاء حقيقته مرة أخري.

وأشار إلي أن نجم الكوميديا الراحل جيري لويس كان مثله الأعلي الذي ارتبط به منذ الصغر فهو أيقونة الكوميديا وكان عبقريا بطرق مختلفة ووفاته أثرت في العالم, مضيفا أن جيري لويس لم يكن الفنان الوحيد الذي تأثر به فقد تأثر بالكثير من الفنانين العظام سواء كانوا كوميديانات أو من فناني الدراما.

الأهرام المسائي في

06.09.2017

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)