كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

سمير فريد... نصف قرن من الكتابة والصراع والابتسام

كتب إبراهيم العريس

عن رحيل الأستاذ وعميد النقد السينمائي

سمير فريد

   
 
 
 
 

بعد شهور من رحيل الكاتب والناقد السينمائي المغربي مصطفى المسناوي في القاهرة، وشهور أقل من رحيل محمد خان ونبيهة لطفي السينمائيين والكاتبين أيضاً، وبعد أيام من رحيل الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم في دبي، ها هو سمير فريد، الكاتب والناقد السينمائي المصري يُسلم الروح بعد معاناة مع المرض استمرت قرابة السنتين. ولئن كنا لمناسبة رحيل هذا الذي يُعتبر عميد النقد السينمائي العربي، نشير إلى نقاد وسينمائيين آخرين سبقوه في الآونة الأخيرة إلى الرحيل، فما هذا إلا لأن سمير فريد نفسه كان قد جعل دائماً من حياته ومن القاهرة التي يحب ومصر التي ما كان ذِكْرُها يغيب لحظة عن باله، نوعاً من مجمع للرفاق والأصدقاء. ومن هنا، كان كل موت بالنسبة إليه موتاً شخصياً يلتهمه تدريجاً... حتى التُهِم هو كلياً في نهاية الأمر.

كان سمير فريد واحداً من الأوسع شهرة والأشمل معرفة بين هؤلاء القوم الذين اختاروا ذات يوم تلك المهنة التي لا يزال كثر يجهلون ما هي ولماذا وُجدت أصلاً. مهنة النقد السينمائي، وهو ظل حتى لحظاته الأخيرة يحاول أن يشرح الموضوع، محوطاً بحفنة من أصدقاء كان أمرّ ما يمرّه أنهم يختفون واحداً بعد الآخر من دون أن يكون أي منهم قد حقّق واحداً من أحلامه، أو حتى عرف ما هي تلك الأحلام.

ربما من أجل هذا عمد قبل عامين ونيّف، ما إن لاحت له الفرصة، إذ سُلِّم رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي، إلى تجميع أولئك الأصدقاء، من تبقّى منهم على أي حال، محاولاً مرة أخيرة أن يفهم لماذا هم هنا؟ ولماذا هم رفاق؟... وماذا بعد؟ مهما يكن، هو لم يعوّل على هذا السؤال كثيراً، فبعد أسابيع من اختتام تلك الدورة القاهرية أدرك سمير أن نهايته حانت، فالداء الخبيث بدأ يتمكّن منه. ولسوف يقول إن المعارك التي جوبه بها والصراعات والأكاذيب التي قوبل بها نجاحه المدهش في تحقيق تلك الدورة، هو ما دفعه إلى الغضب والاكتئاب وعجّل مرضه وموته. فسمير فريد لم يكن من الذين يحبّون الصراعات. كان من الذين يذهلهم أن يكتشفوا يوماً أن ثمة من يكرهونهم. ويومها، بسبب نجاحه المهرجاني كثر كارهوه وكثر ذهوله... حتى اليوم الذي شعر فيه أن ثمة داءً خبيثاً يعتصره (ترى أولم يكن محمود درويش، صديقه، يقول للذين يحبهم: إياكم في عالمنا العربي والنجاح، فهو سيجلب لكم المآسي والكوارث!).

قبل ذلك لم يكن سمير فريد يريد من الدنيا سوى أن يعيش للسينما، وفي السينما، وحبذا لو يكون رفيقه في مساره هاملت الشكسبيري الذي كان حلم حياته أن يؤفلمه يوماً.

وعلى الأقل، منذ رفع سمير فريد النقد السينمائي في مصر والمشرق العربي إلى مرتبة الفنون الجميلة، وتحديداً يومها، إلى صفحات مجلة «الطليعة» القاهرية، والذين يعرفون هذه المطبوعة المهمة يدركون النقلة التي أحدثها الناقد الشاب آنذاك في عالم النقد السينمائي الذي كان قبلها مجرد «خبريات» و «انطباعات». لقد مضى على هذا نصف قرن لم يهدأ سمير خلاله لحظة. في السينما ومعاركها. في السياسة وتعرجاتها. في التجمعات العربية وفي أوروبا. يكتب. يجمع الناس من حول الفن السابع. يصدر الكتب. يشجع الشبان والشابات الجدد، سواء كانوا مخرجين أو نقاداً... مصريين أو عرباً آخرين.

كل هذا بات اليوم مجرد ذكرى. لكن أغنية بجعته أُنشدت في القاهرة قبل شهور حين اجتمعنا لنكرم صديقنا الكبير الذي كنا نعرف أنه سيرحل قريباً، وكان هو يعرف. لم نقل له ذلك، وهو لم يقله. ظل مبتسماً شاكراً مساجلاً، بل حتى لم يفته في لحظات أن يتحدث عن مشاريع مستقبلية، ثم يتذكّر ويصمت مبتسماً... وخصوصاً بابتسامته الطيبة الماكرة التي في بيروت أو في القاهرة، في «كان» أو في دمشق أو مراكش، كانت ترتسم على وجهه دائماً لتقول شيئاً. لعله حبه الدائم للسينما. وحبّه الدائم للناس. ولعله سؤاله عن فلان أو فلان... هذا كله قالته الابتسامة قبل شهور قليلة في القاهرة، لكنها بدت وكأنها تتساءل أيضاً بشيء من الأسى: لقد هُزمنا، أليس كذلك؟

هزيمة سمير فريد الكبيرة كانت في موته وسط أسئلة كثيرة معلقة حول العالم العربي الذي كان يحبه بشغف، هو الذي كان يفضل الأجوبة على الأسئلة. واليوم، إذ تسحب قافلة الموت سمير فريد بدوره، نشعر تجاه ذلك بالحزن المرير، ولكن بكثير من الانكسار أيضاً!

الحياة اللندنية في

06.04.2017

 
 

سمير فريد والمخرجات العربيات

محامى المبدعات وكبير قضاة فن السينما

بقلم: صفاء الليثى

«إلى اسم صديقتى المخرجة والكاتبة نبيهة لطفى (1937-2015)» هكذا يهدى سمير فريد كتابه، أفلام المخرجات فى السينما العربية، كنت شاهدة على العلاقة الجدلية التي ربطت بينهما، نبيهة المقدرة والمعجبة تنتقده دائما وجها لوجه وهو يقابل نقدها بابتسامة ودعابة، مخرجة وناقدة أيضا مع ناقد تفرغ كلية للنقد السينمائي، منحه كل وقته ومنحه النقد التقدير الذى يستحقه وآخرها تكريم مهرجان برلين بمنحه جائزة الكاميرا عن دوره فى النقد السينمائي كأول ناقد عربى يحصل على هذا التكريم.

يبدأ فريد كتابه بمقدمة عن نوعي النقد، الأول المباشر فور عرض العمل الفني والثاني نقده بعد فترة وإعادة اكتشافه، يؤكد أنه لا تراتبية بينهما ولا بديل لأحدهما عن الآخر. يميل فريد دوما إلى تحديد المفاهيم والدقة فى ذكر تاريخ ما كتب لأهميته لتحديد الفوارق بين نقد المراجعات السريعة وبين نقد الدراسات. وينتهى إلى أن الكتاب يضم ملامح نقدية مع أفلام المخرجات فى السينما العربية طوال 30 سنة من 1985 إلى 2015. بادئا بالبحث المعنون صورة المرأة فى السينما العربية مستعرضا فيه مراحل تطور السينما وتطور الحركة النسائية فى مصر، مستشهدا بما كتبته الدكتورة سامية الساعاتى من أنه ما دامت الظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المعاصرة باقية كما هى عليه، فإن المكانة الاجتماعية للمرأة المصرية المعاصرة ستبقى كما هى عليه أيضا، ثم يؤرخ سريعا لدور المرأة فى التمثيل والإخراج والإنتاج وكيف أنهن انتزعن فرصة الإخراج بالإقدام على الإنتاج لأنفسهن. يمضى الناقد فى دراسته مستعينا بالعديد من المراجع بلغت 19 مرجعا مركزا على المرأة فى السينما المصرية مع المرور عليها فى أفلام عربية.

وباستعراض عناوين مقالات الكتاب المجمعة ومنها، من عزيزة أمير إلى إيناس الدغيدى، الذى ينتهى بأن عنوان فيلمها «الباحثات عن الحرية» عنوان يدل على موضوعه، فلا توجد فى مصر والعالم العربى اليوم مشكلة أكبر من مشكلة البحث عن الحرية للنساء والرجال معا. آراء سمير فريد قاطعة ودائما هناك ربط بين العمل الفنى أو الموضوع الذى يتناوله بالسياق السياسى والاجتماعى المعبر عن وقت صدوره بحيث تصلح مقالاته لدراسة عن علاقة المنتج الفنى بقضايا الوطن فى مرحلة ما. وليس أدل على ذلك إلا من تكرار كلمة صورة المرأة العربية فى عناوين أكثر من مقال. يقدم فريد المخرجة جوسلين صعب ويصغها بأنها لبنان الحقيقية عبر عرضه لفيلمها «غزل البنات» مقال مكثف عن لبنان والسينما وجيل الحرب الذى أدهش المخرجة وحاولت التعبير عنه. بالطبع يذكر تاريخ نشر المقال فيقدم للقارئ المتخصص خدمة تفيد فهم الرأى فى سياقه التاريخى. تمضى العناوين وأتوقف عند مقاله عن فيلم أسماء البكرى «شحاذون ونبلاء» الذى يصفه بمحاولة لتجسيد الأفكار المجردة، كتبه عام 1991 بعد عرض الفيلم ولكنه عدله بعد رحيلها مباشرة ويبدؤه بالتعريف بها، تخرجها فى الآداب وعملها مع يوسف شاهين، وينتهى فيه إلى عرض فكرة مدى صلاحية النص الأدبى للتعبير عنه فى السينما، فى رأيه أن رواية ألبير قصيرى لا تصلح للسينما لأنها لم تصل بعد للتعبير عن الأفكار الفلسفية المجردة إلا فى عدد محدود من الأفلام ومخرج واحد هو اندريه تاركوفسكى. سمير فريد لا يكتب فقط من أجل ممارسة النقد بل يقوم مع كل مقال بمساندة العمل خاصة إذا صادف تعنتا من سياسة التوزيع وما أسماه مهازل دور السينما فى مصر فعن فيلم هالة خليل «قص ولصق» كتب أنه محاولة للخروج من النفق المظلم الذى تعيش فيه السينما المصرية منذ عقد من الزمان. وينتهى إلى القول، هذا فيلم حقيقى ومصرى حقيقى وسينما حقيقية، جريدة الجمهورية 2007. ساند سمير فريد طالبة معهد السينما هبة يسرى وفيلمها «المهنة امرأة» حين منعته عميدة المعهد من العرض وكانت مقالته القوية فى جرية المصرى اليوم أكتوبر 2005 عاملا للانتباه إلى فيلم وصفه بأنه عمل فنى وإبداع يأتى بالحرية وليس بالمنع. ويستمر فريد فى تناول أفلام قصيرة علامات فى هذا النوع الذى برزت فيه مخرجات عديدات منهن مخرجة أسانسير المستقل هديل نظمى، حتى أنه كتب مقالا تعريفيا بالفيلم وبحركة السينما المستقلة ثم مقال مساندة ضد منع الفيلم الذى حصد جائزة بالخارج بينما منعته عقليات أمنية فى الداخل فكان مقاله القوى الأسانسير بين ذهب روتردام وسيف الأمن. وهكذا يمكنك من قراءة عنوان المقال أن تستنتج ما يهدف إليه وتتحمس لقراءة المرافعة التى يقدمها محامى المبدعين القدير الناقد السينمائى سمير فريد. تجده يصف فيلم المخرجة تهانى راشد «البنات دول» بأنه حدث فى السينما التسجيلية المصرية، ويتابع بالدفاع عما أسماه شرف السينما التسجيلية. ينتهى إلى الربط بين تهانى راشد وهبة يسرى رغم الاختلاف العمرى، فهما ليستا من الجيل نفسه ولكنهما من الاتجاه نفسه الذى يجعل للكاميرا عينا ثاقبة تكشف المستور وتنبه وتحذر. الكتاب بقطعه الصغير شديد الدسامة يربطه نسيج واحد من الانتصار للفن الجيد والتنبيه إلى صناعه، فيلم واحد صفر الذى يصفه بأنه حدث يعلن مولد كاتبة جديدة ومخرجة كبيرة، مريم نعوم وكاملة أبو ذكرى. و«هرج ومرج» علامة جديدة للسينما المصرية المستقلة ومخرجته نادين خان. ينتهى الكتاب بمقال عن فيلم المخرجة هالة لطفى «الخروج للنهار» وصورته على الغلاف تعنى مقدار تحمس فريد لفيلم وصفه بأنه تحفة من روائع السينما تتاح لجمهورها فى مصر. ويذكر أنه شاهد الفيلم أثناء المونتاج، وفى عرضه العالمى الأول قبل عرضه العام بالقاهرة فى سينما زاوية ويصفها بأنها أروع زوايا السينما فى مصر. مقالات سمير فريد درس فى المراجعات، كيف يورد المعلومات والرأى، وكيف يصرح بانحيازه، سواء للعمل أو لصاحبه أو حتى لسياسة التوزيع التى تحمست لعرضه فى لغة مكثفة تعكس خبرة الكتابة فى الحافة التى يقدرها والتى تفخر بانتمائه لها صحفيا متخصصا فى النقد السينمائى، يعرف الفارق بين مقال يكتبه بحماس وفى عجالة وقيمة دراسة متأنية أو مقالات تالية بعد مشاهدات عدة كما مقالاته المتتالية عن «الخروج للنهار» كل بزاوية مختلفة تعكس فهما لفن السينما وانحيازا للراقى منها.

انهض فلن تفنى، لقد نوديت باسمك، لقد بعثت، شادى عبد السلام فى المومياء الذى عرض بفينيسيا عام 1970 ومنذ اللحظة تصادق المبدع والناقد فى علاقة ندية يحتاج فيها كل منهما الآخر، تاريخ طويل قطعه سمير فريد متابعا لأفلام السينما مصرية وعربية وعالمية، محاميا عن روائعها وعن قضايا صناعها.

جريدة القاهرة في

06.04.2017

 
 

رحيل سمير فريد كبير نقاد السينما العرب

درس المسرح ومارس السينما وكتب في الفن والسياسة

لوس أنجليس: محمد رُضا

برحيل سمير فريد يوم أول من أمس (الثلاثاء)، بعد أشهر طويلة من المعاناة، إثر إصابته بمرض السرطان، يغيب الموت أحد آخر الأحياء من الجيل الذي حمل شعلة النقد السينمائي باكراً.

إنها ستينات القرن الماضي: سمير فريد وفتحي فرج وسامي السلاموني وعلي أبو شادي ويوسف شريف رزق الله ومصطفى درويش وكمال رمزي ورفيق الصبّان وبضعة شبّان آخرون، أنعشوا الحركة النقدية السينمائية في القاهرة مباشرة بعد الجيل الأسبق الذي بزغ في الأربعينات والخمسينات. وأضحوا الخط الموازي لانتعاش مماثل في السينما المصرية في ذلك الحين ناتج عن توفير الدولة أسباب نهضة الفيلم المصري، ولاحقاً، عن تصدي عدد من المخرجين الجدد لمسيرة السينما المصرية ومدّها بدم جديد.

في كتاباته، حرص الناقد المعروف على مستوى العالم العربي، كما في الغرب، على اللجوء إلى أسلوب سهل وعميق. رسالته كانت تقديم الفيلم، سواء أكان معه أو عليه، مفندا الأسباب التي دعته إلى تبني رأيه فيه. ومع أنّه من النقاد الذين حرصوا كثيرا على شرح الموضوع وتوفيره بالبحث أكثر من الاهتمام بالجوانب الفنية الصرفة، إلا أنّه التزم أيضا بالثقافة الفنية ككل وأمّ الكتابات ذات المنهج التاريخي وبرع فيه.

ولد سمير فريد سنة 1943 في القاهرة، وتخرج في قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1965، لكنه سريعا ما بدأ الكتابة في السينما عوض المسرح، ونجح في استقطاب الاهتمام منذ ذلك التاريخ أولا في جريدة «الجمهورية»، وبعد ذلك في جريدة «المصري اليوم»، حيث التزم بتقديم زاوية يومية. على الرغم من أنّ حجمه الثقافي الكبير في الكتابة السينمائية المتخصصة فإنّه نوّع في كتاباته خلال السنوات الأخيرة، متناولا شؤونا سياسية وتاريخية واجتماعية وفنية شتّى. لكنه كان لا يزال صاحب القلم اللامع والرأي الكاشف كلما تناول فيلما أو عملا سينمائيا بالنقد.

أحيط سمير فريد دوما باهتمام كبير أينما حل، وهو كان موضع ترحيب من مهرجانات ومؤسسات ثقافية عربية وعالمية. وفي فبراير (شباط) الماضي، تم إهداؤه تكريما خاصّا في مهرجان برلين السينمائي استحقه بلا ريب. وسبق له أن نال جوائز تقديرية في مهرجانات دمشق وقرطاجة ودبي، وله العدد الأوفر من الكتب السينمائية بين النقاد.

ابتسامته الملازمة ونبرته الهادئة، غالباً، وانفتاحه على الآخر، من بين المميزات الأخرى التي جعلته ناقدا موثوقا ومثيرا لإعجاب من جاء من بعده. وعلاوة على كل ذلك، امتلك الناقد الراحل أرشيفا كبيرا في منزله يحتوي على مئات الكتب المتخصصة، وما لا يحصى من المقالات النقدية لسواه. مكتبة يدرك من يطّلع عليها الباع الطويل لصاحبها في المضمار الذي اختار التعبير عنه في كل لحظة من حياته.

الشرق الأوسط في

06.04.2017

 
 

في جنازة الأب الروحي للنقد في مصر..

صناع السينما يعزون أنفسهم

والنجوم ينعون سمير فريد علي مواقع التواصل

عادة ما نذهب إلي الجنازات لنعزي أهل المتوفي‏..‏ اليوم نعزي بعضنا البعض فسمير فريد يخصنا جميعا بهذه الكلمات البسيطة لخص المخرج أمير رمسيس الحالة العامة التي شهدتها جنازة الناقد الكبير الراحل سمير فريد مع خروج جثمانه من مسجد مصطفي محمود بالأمس وسط أحبابه وتلاميذه ليصل إلي مرقده الأخير في مقابر العائلة بالإمام الشافعي‏.‏

عقب صلاة ظهر الأمس شيعت الجنازة في حضور وزير الثقافة حلمي النمنم وعدد كبير من صناع السينما والشخصيات العامة ومنهم خالد عبد الجليلرئيس الرقابة علي المصنفات الفنية والمركز القومي للسينما والمخرج خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي ورجل الأعمال نجيب ساويرس والمنتج محمد حفظي والمخرجيسري نصر الله والمنتج محمد العدل والنقادكمال رمزي,وعلي أبو شادي ويوسف شريف رزق الله وأحمد شوقي والسيناريست سيد فؤاد رئيس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية والمنتجة ماريان خوري والأمير أباظة رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي والفنانة سلوي محمد علي, والسيناريست مصطفي محرم, والمخرجين كريم حنفي وإبراهيم البطوط وأحمد رشوان وأمير رمسيس وياسر عبد النعيم والناقد العراقي انتشال التميمي والشاعر زين العابدين فؤاد والكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس, ومجدي الجلاد ويحيي قلاش نقيب الصحفيين السابق.

وتقدم الجنازة ابنه الكاتب الصحفي محمد سمير وحفيده حسن الذي يقترب في الشبه إلي حد كبير من جده الراحل خاصة في مرحلة الشباب, وقررت الأسرة أن يقام العزاء في مساء السبت المقبل بمسجد عمر مكرم في ميدان التحرير.

ونعي عدد من الفنانين الناقد الراحل علي صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي; حيث قال عنه الفنان خالد النبوي علي فيس بوك كان الأستاذ سمير فريد ثالث ثلاثة أدين لهم بفضل واتعلم منهم وأنصت حين يكتبون.. رحمه الله ورحم سامي السلاموني وسمير نصري.

وقالت هند صبري علي صفحتها في تويتر# سمير_فريد الناقد المحب.. لم يستعمل قلمه أبدا إلا لإنصاف الجمال بكل نزاهة, الوحيد الذي رأيه يمسك بشكل شخصي, لأنه رأي واحد من العيلة# وداعا.

وكتب الفنان والمطرب محمد محسن اليوم فقدت مصر قيمة فنية كبيرة, وداعا الناقد الفني الكبير الأستاذ سمير فريد, وكتب خالد أبو النجا لن أنسي كلامه, جمل بسيطة مازلت أسمعها بصوته من عقل مؤرخ وقلب ناقد فني, قبل كل شيء فنان صادق, لم أسعد برأي كما سعدت برأيه في حسين بفيلا69.

وكتب الفنان الكبير نبيل الحلفاوي في تويتر كانوا فرسانا ثلاثة من جيلنا يصولون ويجولون في عشق الفن السابع, ثقافة وتثقيفا ونقدا وفعاليات, غادرنا مبكرا العزيز سامي السلاموني, ورحل اليوم فارسنا الثاني سمير فريد, رحمهما الله, وأطال لنا في عمر ثالثهم يوسف شريف رزق الله.

وقال المخرج يسري نصر الله سمير فريد وقف مع السينما والسينمائيين, ومعايا كصديق وكناقد, مع السلامة يا سمير وكتب المخرج شريف البنداري ببالغ الحزن والأسي أنعي الناقد السينمائي المصري الكبير سمير فريد, الذي ساهم في دعم الكثير من أبناء جيلي من السينمائيين المصريين والعرب, وكتب الفنان عمرو واكد رحل اليوم رجل عزيز ومحترم وملهم وأحد أهم نقاد السينما في مصر, وداعا سمير فريد وإلي رحمة الله.

وأصدرت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي برئاسة د. ماجدة واصف والناقد يوسف شريف رزق الله المدير الفني, بيانا تنعي فيه الأب الروحي للنقد السينمائي ببالغ الحزن والأسي فقيد الثقافة السينمائية العربية الناقد الكبير سمير فريد, الذي وافته المنية بعد رحلة عطاء طويلة, كان خلالها المثال والنموذج للناقد صاحب المشروع; الذي احترم نفسه, وأخلص لمهنته, وآل علي نفسه أن يضع النقد السينمائي في المكانة التي تليق به. وظل طوال عمره معتزا بنفسه, مستقلا بذاته, حريصا علي تنمية قدراته, وتطوير أدواته, فضلا عن توسيع دائرة ثقافته, ووعيه, مشاركا في قضايا الشأن العام, وعنصرا فاعلا في دائرة التأثير الثقافي حتي استحق, بحق, لقب عميد النقاد السينمائيين العرب.

كما نعته إدارة مهرجان دبي السينمائي الدولي بكلمات قصيرة علي الصحفة الرسمية للمهرجان في تويتر جاء فيها وداعا سمير فريد, الناقد المصري الكبير الذي قدم الكثير للسينما العربية وكرمناه علي مسيرته الحافلة في دورتنا العاشرة في2013.

ويذكر أن مجلس إدارة جمعية نقاد السينما المصريين قرر مؤخرا بالإجماع إطلاق اسم فريد, أحد مؤسسي الجمعية, علي جائزة الجمعية التي تمنحها جميع لجان تحكيمها في المهرجانات المصرية المختلفة, تكريما لدوره التاريخي في إثراء الثقافة السينمائية في مصر والعالم العربي والتأسيس لحركة النقد.

الأهرام المسائي في

06.04.2017

 
 

رحيل سمير فريد:

الناقد الذي أثرى الثقافة السينمائية وآمن بالربيع العربي

محمد عبد الرحيم - القاهرة ــ «القدس العربي»:

«مازلت مؤمناً بأن الثورات التي حدثت هي ربيع، رغم كل المآسي التي حدثت وما زالت تحدث، وأرى أنه ربيع بسبب أنه فكرة تنطوي على إرادة في التغيير الحقيقي، خصوصاً أن هذه الثورات كانت حرة لم ينظمها أي حزب أو فرد، وأشبه هذا الربيع بسقوط جدار برلين، الذي كان الهدف الرئيسي منه الرغبة في التغيير، فهذه الثورات كانت تهدف بالأساس إلى الرغبة في التغيير الحقيقي والرغبة في الحرية». (من كلمة سمير فريد في المجلس الأعلى للثقافة، للاحتفاء بمؤلفه، «سينما الربيع العربي»). 

لم يفصل الناقد الراحل سمير فريد (1 ديسمبر/كانون الأول 1943 ــ 4 أبريل/نيسان 2017) في كتاباته، سواء المؤلفات أو المقالات الصحافية، ما بين النقد السينمائي والمناخ السياسي، ودائماً حتى في مؤلفاته التأريخية للسينما المصرية والعربية يجد أن العمل السينمائي، ما هو إلا تعبير كاشف عن الحقبة السياسية، وبالتالي الاجتماعية التي جاء في سياقها، ما يستدعي دوماً أن تقرأ كتاباته وفق منظور أكثر عمقاً، وليس مجرد متابعة نقدية في صحيفة. من هنا كان صوت الرجل المختلف والأكثر تأثيراً كصوت ناقد للسينما في مصر والعالم العربي. ويبدو ذلك حتى في كلمته الأخيرة عند تكريمه في مهرجان برلين الـ67، وهو يُشير إلى خطورة السينما العربية ومشكلتها، «أنا من جيل شهد حرب 67 وفشل الاشتراكية وفشل الانفتاح ما جعله ينغمس في السياسة. الأنظمة العربية تخشى السينما لأنها أكثر تأثيراً على مختلف فئات الجمهور. والمشكلة لا تكمن في وجود المبدعين أو الإبداع إلا أنها تتمثل في علاقة الحكومات العربية بالسينما».

ما بين السياسي والفني

لا نمتلك إلا النظر من خلال الرؤية السياسية للفن السينمائي عند التعرض لكتابات سمير فريد، سواء نقداً أو تأريخاً، محاولاً الكشف عن نضالات الفنان المصري والعربي، من خلال أعماله السينمائية، أو مواقفه من السلطة. ففي كتاب «تاريخ نقابات الفنانين في مصر» يستعرض فريد نضال الفنان المصري في مواجهة السلطة، وتداعيات قانون 103، حيث يتناول تاريخ نقابة السينمائيين في مصر، منذ أول تجمع للفنانين في مصر، عام 1912، وتأسيس جمعية أنصار التمثيل عام 1913 حتى تأسيس نقابة ممثلي المسرح والسينما في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1943، وتأسيس نقابة السينمائيين بعد أسبوعين من تأسيس هذه النقابة، كما يناقش الحدث الأهم في ما يشبه التوثيق، وهو إضراب الفنانين ضد القانون رقم 103، هذا الإضراب الذي استمر من 11 يوليو/تموز 1987 إلى 6 سبتمبر/أيلول 1987. 

الأمر نفسه يؤرخ له الناقد الراحل ــ الظرف السياسي وتداعياته ــ من خلال مؤلفه «تاريخ الرقابة على السينما في مصر»، الذي لم يكن بدوره سوى تاريخ أشكال السلطة السياسية وأهدافها. وما بين المنع والإباحة استعراض لتاريخ سياسي واجتماعي يمكن من خلاله الكشف عن الأفكار والصراعات التي كانت دائرة بين فنان السينما والرقيب ممثل السلطة. ومحاولات التحايل على هذه السلطة من قِبل الفنان، التي كانت له بالمرصاد طوال تاريخ السينما المصرية وحتى الآن.

المرأة والسينما العربية

ويأتي كتاب «أفلام المخرجات في السينما العربية»، وهو الكتاب الأخير الذي أصدره سمير فريد، ضمن إصدارات سلسلة كتاب الهلال، في نهاية عام 2016، حيث يستعرض الراحل في مقدمة بحثية مطولة دور المرأة في السينما المصرية والعربية، خاصة صورتها في أفلام المخرجين والمخرجات، ومدى تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على هذه الصورة، وهل انتصرت المرأة للمرأة حينما بدأت تتحدث بلسانها وتخرج أفلاماً، ليصل المؤلف إلى النظرة الذكورية المسيطرة بالأساس في العديد من هذه الأعمال، وحصر المرأة دوماً في دور يماثل دورها في الوعي الشعبي، بخلاف بعض التجارب القليلة قياساً بتاريخ السينما الطويل. ثم يتعرض بالنقد إلى العديد من الأعمال السينمائية وثائقية كانت أو روائية، التي تواءمت أو خرجت عن هذا الإطار الموروث، منها على تباين جمالياتها السينمائية.. «غزل البنات» لجوسلين صعب، «إيقاع الحياة» لعطيات الأبنودي، «امرأة واحدة لا تكفي» لإيناس الدغيدي، «صمت القصور» لمفيدة تلاتلي، «طيارة من ورق» لراندة شهال، «فدوى طوقان» لليانه بدر، «شحاذون ونبلاء» لأسماء البكري، «أحلى الأوقات» لهالة خليل، «المهنة امرأة» لهبة يسري، «البنات دول» لتهاني راشد، «سلطة بلدي» لنادية كامل، «هلأ لوين» لنادين لبكي، «الخروج للنهار» لهالة لطفي، والعديد من النماذج اللافتة في السينما العربية. فما كان يشغل الرجل هو قضية الحرية في مجتمعات لا تعرف عنها شيئاً ولا تؤمن بها، ما جعل هذه الكتابات والمؤلفات أشبه بمسيرة تأريخية للفن السينمائي وعلاقته الوثيقة بالمناخ السياسي الفاسد الذي يحياه المواطن العربي، فناناً كان أو مجرّد متلق يحب السينما ويحلم من خلالها.

بيبلوغرافيا

سمير فريد من مواليد القاهرة في 1 ديسمبر 1943، تخرج في قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1965، ثم بدأ العمل الصحافي في جريدة «الجمهورية» عام 1964. وظل حتى أيامه الأخيرة يكتب في جريدة «المصري اليوم» مقاله الأسبوعي تحت عنوان «صوت وصورة».

يعد أحد مؤسسي جمعية نقاد السينما المصريين، التي أطلقت اسمه على جائزتها تكريماً لدوره في إثراء الثقافة السينمائية في مصر والعالم العربي. كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورتين متتاليتين في 2013 و2014. أصدر الكثير من المؤلفات في النقد والتأريخ السينمائي، منها: «أضواء على سينما يوسف شاهين، تاريخ الرقابة على السينما في مصر، الواقعية الجديدة في السينما المصرية، صفحات مجهولة من تاريخ السينما المصرية، شكسبير كاتب السينما، تاريخ نقابات الفنانين في مصر، السينما العربية المعاصرة، أدباء مصر والسينما، قضايا سياسية على شاشة السينما، سينما الربيع العربي، وأفلام المخرجات في السينما العربية، الصادر في نهاية العام الفائت».

حصل على العديد من الجوائز المرموقة في مصر والعالم، منها .. ميدالية مهرجان «كان» الذهبية عام 2000. جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002. الجائزة التقديرية في النقد السينمائي في مهرجان نيودلهي، وآخر هذه الجوائز كانت في فبراير/شباط الماضي، حيث فاز بجائزة «كاميرا البرلينالي» في مهرجان برلين الأخير، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تكريم شخصية صحافية عربية على مدى تاريخ المهرجان.

القدس العربي اللندنية في

06.04.2017

 
 

الفنانون ينعون مؤرخ السينما المصرية سمير فريد

فايزة هنداوي - القاهرة – «القدس العربي» :

يقام غدا في جامع عمر مكرم في القاهرة عزاء الناقد السينمائي المصري سمير فريد، الذي رحل عن عالمنا يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز 73 عاما بعد صراع شرس مع مرض السرطان، استمر لعامين ثم شيعت جنازته بعد ظهر الأربعاء بحضور كثير من السينمائيين والمهتمين بالسينما نظرا لأهمية الفقيد في عالم السينما حتي أنه لقب بـ»مؤرخ السينما المصرية».

ولد الراحل في القاهرة عام 1943، وتخرج من قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1965، وعمل في جريدة «الجمهورية» في الأعوام من 1964 إلى 2003، وأسهمت إصداراته المهمة التي تجاوزت الخمسين كتاباً مؤلفاً ومترجماً بالعربية ولغات أخرى في إثراء المكتبة الثقافية العربية، بالإضافة إلى دوره الكبير في تأسيس الكثير من المهرجانات المصرية والعربية، والجمعيات السينمائية، فضلاً عن مشاركاته الفاعلة في لجان السينما، وعلى رأسها عضويته في اللجنة الدولية لكتابة التاريخ العام للسينما في الأمم المتحدة عام 1980، ورئاسته لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة والثلاثين. وكان محل تكريم وحفاوة كبيرين في المحافل السينمائية العالمية، مثل مهرجان كان الذي منحه ميدالية «كان» الذهبية في آخر دورات القرن العشرين عام 2000، والجائزة التقديرية في مهرجان أوسيان في الهند، و»جائزة تكريم إنجازات الفنانين»، التي منحها له مهرجان دبي السينمائي عام 2012، فضلاً عن فوزه بجائزة الدولة للتفوق في الفنون التي استحقها في مصر عام 2002، كما كرمه مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ67، بأن منحه «كاميرا البرلينالي» التقديرية، ليكون أول ناقد عربي، وأول شخصية مصرية، عربية، وأفريقية، يفوز بالجائزة، مذ أن بدأت في العام 1986، وتذهب إلى «شخصيات ومؤسسات ساهمت على نحو متفرد في فن الفيلم».

وقبل وفاته بساعات قررت جمعية نقاد السينما المصريين تكريمه بإطلاق اسمه على جائزة الجمعية التي تمنحها جميع لجان تحكيمها في المهرجانات المصرية، فيما جاء تكريمه بعد أن أعلنت الجمعية أن سمير فريد يستحق هذا التكريم، نظراً لدوره التاريخي في إثراء الثقافة السينمائية في مصر والعالم العربي، فيما تبحث إدارة مهرجان الإسماعيلية وكثير من النقاد والسينمائيين تكريمه في الدورة الجديدة من المهرجان، وإهدائها لروحه.

وقال الناقد السينمائي طارق الشناوي إن فريد هو أكثر ناقد عربي طاف بمهرجانات العالم منذ منتصف القرن الماضي، تحديدًا بمهرجان كان، والذي سافر إليه في فترة الستينيات، بعد سنوات قليلة من إنطلاقه في الأربعينيات من القرن المنصرم.

ويؤكد أنه كان ناقدا موضوعيا دائمًا، ولديه مادة أرشيفية حاضرة، يمكنه استدعاءها في أي لحظة، وهذا أمر هام جدًا للناقد، كما أنه كان حريصًا إلى آخر لحظة، على متابعة عمله بشغف كبير، ورغم ظروفه الصحية، في الفترة الأخيرة إلا أنه كان يتابع باهتمام ما يحدث في سينما العالم.

وأشار الشناوي إلى أن سمير فريد له العديد من الدراسات الهامة، التي ستعوض فقدانه عن الساحة النقدية، منها كتاب «سينما المغرب العربي»، والذي يعد إطلالة هامة لهذه السينما، وكتاب آخر هام عن الراحلة، «فاتن حمامة»، بتكليف منها، وأيضًا عن الكاتب والناقد، صبحي شفيق

وقال السيناريست مصطفى محرم، إن سمير ناقد من طراز فريد من الصعب تعويضه في الوقت الراهن، مشير إلى أنه أثرى الثقافة السينمائية بمقالاته وكتبه، وكان يعتبر من نجوم النقد على المستوى العربى والعالمي

وأصدر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي برئاسة ماجدة واصف بيانا ينعي فيه فريد جاء فيه: «الناقد الكبير سمير فريد، الذي وافته المنية بعد رحلة عطاء طويلة، كان المثال والنموذج للناقد صاحب المشروع، الذي احترم نفسه، وأخلص لمهنته، وآل على نفسه أن يضع النقد السينمائي في المكانة التي تليق به. وظل طوال عمره معتزاً بنفسه، مُستقلاً بذاته، حريصاً على تنمية قدراته، وتطوير أدواته، فضلاً عن توسيع دائرة ثقافته، ووعيه، مُشاركاً في قضايا الشأن العام، وعنصراً فاعلاً في دائرة التأثير الثقافي حتى استحق، بحق، لقب عميد النقاد السينمائيين العرب».

القدس العربي اللندنية في

07.04.2017

 
 

رؤية

أندرو محسن يكتب :

سمير فريد.. حضور لا يقدر عليه الغياب

شخصيات نادرة التي نجد الجميع يرثيها بمقدار الحزن نفسه، الناقد السينمائي الراحل سمير فريد واحد من هذه  الشخصيات.

من المريح والمطلوب دائمًا وجود شخص مثل سمير فريد في أي مهنة، هذا  الارتكان لوجود أستاذ حتى وإن لم يكن حاضرًا دائمًا ولكن يكفي الشعور بأنه موجود عند الحاجة إليه في أي رأي قاطع. أستاذية سمير فريد في النقد  السينمائي أمر من النادر الخلاف عليه، فعلى اختلاف بعض النقاد معه في عدة آراء إلا أن هذا لا يمنع أن تظل قامته رفيعة وسطهم دائمًا، وهذا لأن الدور الذي قدمه سمير فريد لحركة النقد السينمائي في مصر ليس بالقليل، لا نبالغ إن قلنا أن جميع  أجيال النقاد التالية لسمير فريد مدينة له بالفضل الأكبر، بعبارة أخرى، يمكن التأريخ للعديد من المراحل الأهم في حركة النقد السينمائي في مصر بقول: “قبل سمير فريد وبعد سمير فريد”.

بينما كانت الصحافة الفنية حاضر بالفعل في نهاية الستينيات من القرن الماضي حينما بدأ الأستاذ عمله الصحفي، فإن مصطلح ناقد سينمائي لم يكن موجودًا بشكل رسمي كما هو اليوم، بل هناك فقط ناقد فني يمارس النقد في كل الفنون من سينما ومسرح وغناء، لكن سمير فريد كان يرى أنه يجب أن يكون هناك ناقد سينمائي تحديدًا وليس مجرد صحفي فني أو ناقد فني، وإصراره على الدفع باتجاه هذه التغيير ظهر بأكثر من شكل.

بداية من الخلاف مع أسرته الذين كانوا يصرون على أن يسبق اسمه لقب صحفي في حين كان يصر أن يكون لقبه ناقد سينمائي، مما جعله يستغل نعي جده ليكتب في النعي ناقد سينمائي ليؤكد أمامهم أنه لن يتخلى عن هذا اللقب. لكن المواجهة الأهم كانت مع الوسط الصحفي في مصر الذي كان الكثيرون فيه يفضلون لقب ناقد فني على ناقد سينمائي”.

يعد أحد أهم ما قدمه سمير فريد للحركة النقدية في مصر هو السعي لإنشاء جمعية نقاد السينما المصريين بداية من عام 1969 هذه الجهود التي كللت بالنجاح في عام 1972 بإنشاء الجمعية ثم تسجيلها في العام نفسه ضمن الاتحاد الدولي لنقاد السينما. وما أخر ظهور الجمعية للنور هو الخلاف السابق نفسه، فقد رأى الكثير من النقاد آنذاك استخدام لقب ناقد فني فيما أصر سمير فريد ومعه آخرون على ناقد سينمائي إلى أن نجحوا في إنشاء الجمعية والحفاظ على هذا اللقب، لهذا نقول أن كل من يحمل لقب ناقد سينمائي حاليًا مدين بالجزء الأكبر من الفضل للأستاذ الراحل.

اللافت للنظر بالأكثر لأستاذية سمير فريد ليس هو اعتراف الأجيال التالية له بفضله، ولكن كذلك في إعلان الكثير من أبناء جيله أنفسهم بالدور الريادي له، فهناك من يذكر أنه كان يُحضر كتالوجات المهرجانات التي يحضرها ويترجمها، وهناك من يؤكد على تشجيعه الدائم للآخرين لحضور المهرجانات الدولية الكبرى.

لهذا لا يعد غريبًا أن يكون اسم سمير فريد يعني مرجعًا لكل ما يخص تاريخ جمعية نقاد السينما المصريين وكذلك مرجعًا لعدة مهرجانات دولية كبرى بكل تفاصيلها، هذا بجانب معرفته بالكثير من التفاصيل التحضيرية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لدوراته الأولى، وبلفظ مرجع هنا نعني مرجعًا بالفعل، كل من تعامل مع سمير فريد كان يرى فيه هذه القدرة المدهشة على استعادة أدق التفاصيل من أحداث وأسماء وتواريخ وذلك حتى آخر أيامه.

كل ما سبق هو جزء مما قدمه سمير فريد للنقاد، لكنه كأستاذ حقيقي لا يترك بصماته لدى تلاميذه فقط بل يمتد تأثيره إلى العلم نفسه، علم وعالم السينما هنا. شهد تيار المخرجين الجدد الذي بدأ مع الثمانينيات مقاومة وهجومًا بسبب ما قدموه من رؤية واقعية دون تجميل للواقع المصري آنذاك، فرأى البعض أن ما يقدمونه هو تشويه لمصر، بينما كان سمير فريد من أوائل الداعمين لهذا التيار من خلال مقالاته النقدية، هذه المقالات كانت بمثابة دفعة معنوية لصناع هذه الأفلام بالإضافة لنافذة هامة لمشاهدي السينما لتعريفهم بجماليات هذه الأفلام، وربما لا يدرك الكثيرون مما يستخدمون تعبير الواقعية الجديدة للتعبير عن هذه الأفلام أن سمير فريد هو من أطلق هذا المصطلح عن هذه الأفلام ومخرجيها ليصبح حتى اليوم هو الاسم الرسمي لهذه الحقبة الهامة في تاريخ السينما.

بجانب هذا الدور الهام، كان هناك دورًا آخر لعبه من خلال الشركة العالمية للتليفزيون والسينما المملوكة لحسين القلا، عمل سمير فريد طوال 20 شهرًا مع القلا، ومع بداية عملهما قال فريد للقلا إذا أردت أن تكون أقوى منتج في مصر عليك التعاقد مع هؤلاء المخرجين وكان يعني بهؤلاء كلًا من عاطف الطيب وخيري بشارة ومحمد خان وغيرهم، وهو ما كان بالفعل ليخرج من خلال هذا التعاون عدد من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية.

ربما لا يدرك الكثيرون قيمة النقد السينمائي وتأثيره هنا في مصر، ولكن التميز الذي كان عليه الأستاذ كان أكبر من ألا يلفت الأنظار، ليس في مصر فقط بل في العالم أيضًا، وكتكريم أخير يليق بقيمة سمير فريد، منحه مهرجان برلين كاميرا برلين”  وهي جائزة تكريمية يمنحها المهرجان للأشخاص أو المؤسسات الذين تركوا بصمة هامة لديهم، وفي كلمتهم عنه كتبوا: “كخبير في السينما، كانت آرائه مطلوبة في كل أنحاء العالم لا نعتقد أن هناك أي ناقد سينمائي في العالم يطمح لأن يكون هذا ما يكتبه عنه أحد أهم مهرجانات العالم، الرحيل بعد هذا التكريم كان أفضل نهاية سينمائية سعيدة تليق بالأستاذ.

على الرغم من الفراغ غير العادي الذي سيتركه رحيل سمير فريد إلا إن الغياب أمام كل هذا الحضور الاستثنائي الذي تركه سيبقى غيابًا خافتًا.

حسين القلا”: منتج فلسطيني أسس الشركة العالمية للتليفزيون والسينما في منتصف الثمانينيات ومن خلالها أنتج عددًا من الأفلام ودعم مخرجي هذه الفترة مع تيارة الواقعية الجديدة، مثل خيري بشارة (يوم مر يوم حلو) وداود عبد السيد (الكيت كات) ومحمد خان (أحلام هند وكاميليا).

موقع "إعلام.أورغ" في

07.04.2017

 
 

خالد عبد الجليل ناعيا سمير فريد:

"كان داعم لكل السينمائيين الشباب"

كتبسحر عزازى

نعى الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشؤون السينما، رحيل الناقد والمؤرخ السينمائي سمير فريد، الذي وافته المنية الثلاثاء الماضي بعد صراع مع المرض، قائلا: "من أهم النقاد في تاريخ السينما المصرية، مؤرخ كبير وله دور في دعم الحركة السينمائية والعديد من المؤلفات في السينما، فضلا عن أنه من النقاد المصنفين على العالم ومن أكثر النقاد الذين كتبوا بالعربية ومصنف دوليا".

وأضاف عبدالجليل لـ"الوطن": "كل كلمة كتبها تعلمنا منها وتتلمذنا على يده وتعلمنا السينما بفضله وكان له دور دائم داعم لكل السينمائيين الشباب سواء كانوا كتاب أو مخرجين حتى في العمل العام أو غيره، وفي آخر منصب تولاه وهو رئيس لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي كان من أهم دورات المهرجان على الإطلاق".

واختتم: "رحم الله الأب والأخ كان بالنسبة رفيق رحلة ليس مجرد ناقد سينمائي كنت برجعله في كل كبيرة وصغيرة سواء في عملي العام أو بعد تخرجي من معهد السينما".

أمير رمسيس عن سمير فريد:

أحببت السينما من كتاباته ووفاته خسارة كبيرة

كتبسحر عزازى

وصف المخرج أمير رمسيس خبر وفاته الراحل سمير فريد الذي وافته المنية مساء الثلاثاء الماضي، بأنه مفجع، قائلاً: "نحن أحببنا السينما من قراءة مقالاته وكتبه كانت من أوائل كتب السينما التي أضيفت إلى مكتبتي ومنها كتاب "الوقائع الجديدة في السينما المصرية" في المرحلة الثانوية، فكتاباته كان لها دور في تحويل مسار حياتي للسينما".

وأضاف "رمسيس" لـ"الوطن": "خسارة كبيرة لينا كلنا، وأتذكر أن لم يفوت مشاهدة أي فيلم لي سواء كان له عرض خاص أم لا، "بالصدفة بلاقيه داخل السينما يتفرج عليه"، حريص طول الوقت أن يقول رأيه، شخص مهم في حياتنا، ومن أكثر أفلام التي أثنى عليها "يهود مصر"، واختاره في تصنيف السينما الذي كان يقوم به ضمن أهم 10 أفلام تم انتاجها في السينما المصرية".

وتابع: "لم يكن شخص انطباعي دائما كتاباته في الخارج "الفيلم ده حلو أو وحش"، من القلة الذين لديهم القدرة على قراءة الفيلم بمعنى تحليله كناقد وليس كشخص متفرد برأيه مثل النغمة السائدة حالياً، لذا كتاباته كانت مهمة بالنسبة لنا كمخرجين".

واستطرد: "دائم نتعلم منها بصلة كبيرة لنا في الحركات السينمائية الجديدة فبداية معرفتنا بأي مخرج جديد يبدأ ظهوره من "كان" أو "برلين"، كانت عن طريق ما يكتبه عنه سمير فريد، فتح لنا بوابات كبيرة نحو السينما العالمية، هو خسارة إنسانية قبل أن تكون سينمائية".

الوطن المصرية في

07.04.2017

 
 

سمير فريد: أبوّة الحب.. لا الوصاية

كيف صاغ الناقد الكبير علاقته بالسينما الجديدة

روان الشيمي

فارق عالمَنا في الأيام الماضية الناقد السينمائي الكبير سمير فريد، عن عمر 73 عامًا، بعد صراع مع المرض.

رغم الصراع المرير، لم يتوقف فريد، حتى أسبوعين مضيا، عن كتابة عموده في جريدة «المصري اليوم»، الذي أخذ اسم «صوت وصورة»، ما يشهد على شغفه بالسينما الذي تواصل لآخر لحظة.

ولكن شغفه بالسينما له دلالات أخرى كثيرة؛ الكثير من الظواهر السينمائية التي نعدها راسخة الآن يعود رسوخها لجهده في التعريف والتبشير بها. تاريخيًا، كان فريد واحدًا من القلائل الذين اهتموا بفيلم «المومياء» لشادي عبد السلام، في وقت كان هذا النوع من السينما شديد الغرابة بالنسبة لجمهور السينما وصناعها على السواء، كما يعود له الفضل في صياغة اسم «الواقعية الجديدة»، التي ينتمي لها مخرجو الثمانينيات مثل محمد خان وعاطف الطيب وخيري بشارة وغيرهم، وانتهاء بالسينما المستقلة الحالية ودفاعه الحار عنها عبر الكتابة عنها في مقالاته.

يشهد هذا على أمر آخر؛ شغفه بالسينما الجديدة وقدرته على متابعتها. بجانب كلاوس آدر، رئيس اتحاد جمعيات النقاد العالمي، حاور «مدى مصر» صناع ونقاد سينما شبابًا، شهدوا جميعًا بقدرته على مخاطبة السينمائيين الجدد، وعدم انعزاله، كما يفعل نقاد في مكانته، في قوقعة السينما التجارية والمكرسة، والأهم من كل شيء، كيف استطاع الناقد الكبير أن يفعل هذا بالحب، لا من أي منطق سلطوي أو وصائي.

كلاوس أدِر:

يكتشف السينما ولا يحكم عليها

في التكريم الأخير لفريد، في الدورة السابقة لمهرجان برلين السينمائي، الذي حصل فيه على جائزة الكاميرا، قال كلاوس أدِر، رئيس اتحاد جمعيات النقاد العالمي والصديق الشخصي لفريد إن الأخير «ينتمي لجيل من المثقفين يتفاعلون مع النقد كفرصة لاكتشاف السينما وطبيعتها ولغتها، وليس كقاضي يحكم ما إذا كان الفيلم جديرًا أم لا وواصل: «قد يبدو ما أقوله قديم الطراز، لكن كتابة سمير  عن الأفلام على مدار 38 سنة تظهر حبه وشغفه بالسينما. في هذه الأفلام كان يبحث عن تجاربه وعن إحساسه بالحياة

وأضاف أدر لـ«مدى مصر» أن «حجم أنشطة سمير فريد التي تدعم السينما لا تصدق، فقد كرس حياته للأفلام، وكان يتعامل مع السينما بمنتهى الاحترام والفضول والحب العميق، كناقد وكمؤرخ وكمبرمج. كان سفيرًا لنا للسينما العربية، بالإضافة لتوثيقه ذاكرة السينما المصرية. لقد فقدنا شخصية مهمة في الثقافة العربية، كما فقدنا صديقًا شخصيًا. »

أحمد نبيل:

في التحرير، أجمل مكان في مصر

تعرف المخرج أحمد نبيل، المسؤول عن تنفيذ برنامج مكتبة الإسكندرية للسينما، على سمير فريد في إطار عمل الأخير مستشارًا للمكتبة في شؤون السينما. غير أن علاقتهما امتدت لأبعد من عملهما سويًا في المكتبة، حيث كان فريد بمثابة معلم وأب روحي لنبيل، كما كان بالنسبة للكثيرين من أبناء جيله من السينمائيين والنقاد.

يقول نبيل لـ«مدى مصر» إن لقب «عميد النقد العربي» الذي ارتبط بفريد ليس مبالغًا فيه إطلاقًا: «هو في قامة نجيب محفوظ ويوسف شاهين، وغيرهم من اللي اتكرّموا عالميًا وما أخدوش حقهم من التكريم في مصر».

«الموضوع ماكانش معرفته بالسينما، بس ثقافته الواسعة جدًا في جميع الفنون والمواضيع، ودا كان منعكس على مقالاته وأرائه الواضحة في ثورة يناير مثلًا. أنا فاكر لما كلمته في الـ18 يوم، قال لي: أنا في أجمل مكان في مصر

يضع نبيل يده على واحدة من أهم مميزات فريد، كونه «قدر يكون عايش في 2017 ويستخدم أساليب التواصل الموجودة مع الأصغر منه. من الناس القليلة في جيله اللي قدرت تتعامل مع ناس مختلفة عنها أو مختلفة معاها. كل جيلنا في القاهرة وإسكندرية كان بيفرح جدًا لما أفلامنا تعجب سمير فريد،  ودا بالحب مش من مكان سلطوي. كان بيحترم وجهة نظر الصغار سنًا، وعشان كدا كان دايمًا معاصر للتاريخ».

يتذكر نبيل جملة كان فريد يكررها طول الوقت، وبمفادها فدرجة حرية الشعوب تقاس بمدى قدرتها على مشاهدة نفسها على الشاشة: «طول الوقت كان بيربط دور المثقف بدوره في المجتمع».

كان فريد من مؤسسي «المهرجان القومي للسينما»، وأدار واحدة من دورات مهرجان الإسماعيلية في التسعينيات، بالإضافة لواحدة من أكثر الدورات فعالية في تاريخ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي: «نظرته للمهرجان السينمائي بتتلخص في إن المهرجان لازم يدعم السينما في المكان اللي هو فيه؛ يخدم جمهور مدينته زي ما بيخدم الحركة السينمائية الموجودة على مستوى الدولة».

هالة لطفي:

الفيلم قبل مشاهدته ليس هو نفس الفيلم بعدها

تعرفت المخرجة هالة لطفي على فريد سنة ١٩٩٦، بينما كانت تعمل بجريدة «الدستور» كناقدة سينمائية. كلمها في التليفون وفال لها إنه رشحها كأحسن كاتبة صحافية لهذا العام، «قال لي انتي كدا حتقعدينا في البيت يا هالة

تضيف هالة لـ«مدى مصر» أنه كان محركًا لصناعة السينما في أفلام الكثيرين من توفيق صالح ويوسف شاهين وشادي عبد السلام، حتى الجيل الحالي من السينمائيين الشباب، وذلك بحضوره مونتاج أفلام كثيرة قبل انتهاء العمل فيها: «كانت دايمًا فيه نسخة قبل سمير فريد ونسخة بعد سمير فريد، وكان بعد كدا يروج للفيلم في الصحافة والمهرجانات».

عندما بدأ فيلمها الأخير «الخروج للنهار»، يُعرض بالمهرجانات، في عام ٢٠١٣، لم يكتب عنه فريد، رغم أنه شاهده قبلها في نسخه غير المكتملة، وإنما انتظر حتى يبدأ عرضه في دور العرض، ليكتب عنه في عموده اليومي خمس مقالات متتالية، بهدف دعمه وتشجيع الجمهور على رؤية الفيلم.

«كان فاهم دوره وبيعمله بكل إخلاص؛ إنه يدعم المخرجين الصغار المسحوقين في الأسواق. دوره وتأثيره مهم. مفيش حد سمير ماطمّنوش ومادعموش. كان ضهر للمخرجين ودايمًا واقف مع الناس،  مش مع المؤسسات أو الدولة». تشير هالة لكونه أدار أهم دورة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهي دورة 2014 التي يطلق عليها بعض السينمائيين «دورة سمير فريد»، وكان أول رئيس مهرجان ينشر ميزانية المهرجان، لإيمانه بالشفافية.

«كان ضد الرقابة ومناصر للحرية الكاملة وقاد كتير من المعارك»، تقول لطفي مضيفة ألا أحد في مصر أو العالم العربي كان بمثل ثقافته السينمائية: «كان حريص في برلين إنه يشوف أفلام المصريين قبل المهرجان، وطلب مني أكون حلقة وصل بينه وبين المخرجين اللي عارضين أفلام هناك

تختم هالة قولها بأن فريد كان بمثابة أب للسينمائيين، ولكن أيضًا أخ وصديق: «يهزر ويضحك ويدلع فيك، وحضنه مفيش حاجة كدا في الدنيا

تامر السعيد:

واجه «الصناعة» بأن الأفلام المهمة تأتي من خارجها

تعرف المخرج تامر السعيد على سمير فريد في «قصر السينما» بجاردن سيتي. كمعلم له، كان كل ما يقوله مبهرًا بالنسبة له.

وقتها، كما يحكي السعيد لـ«مدى مصر»، لم يتخيل أن اليوم سيأتي ويكتب عنه فريد. كان هذا عن فيلم قصير للسعيد باسم «يوم الإثنين»، استُبعد من مهرجان الإسماعيلية في دورته سنة 2005، بعد أن فاز بجائزة في المهرجان القومي للسينما. كتب فريد وقتها منتقدًا المهرجان، بالضبط كما فعل بعدها بـ12 عامًا في أزمة «آخر أيام المدينة».

«كان عنده تواضع وكرم في السينما كبار جدًا. ماكانش بيرفض يقابل أي حد أو ينقد فيلم أي حد يطلب منه دا، حتى لو مخرج صغير عامل فيلم قصير».

مثله مثل أحمد نبيل، يرى السعيد أن دور فريد يوازي دور يوسف شاهين في السينما، حيث سمح الأخير بوجود سينما المؤلف، بعد أن كان المخرج موظفًا في الاستوديو، بحد وصفه، هذا ما حدث مع فريد الذي ابتعد، مثله مثل سامي السلاموني وغيرهما، بمجال النقد السينما عن «الصحافة الفنية» أو «صحافة النجوم» التي كانت سائدة وقتها.

يضيف تامر أنه جعل النقد عبارة عن إعادة قراءة للفيلم من منظور شخص بإمكانه قراءة مستويات الفيلم المختلفة وفهم لغته ومشاركة هذه التجربة مع المشاهدين. نقده لفيلم مثل «المومياء» لشادي عبد السلام يجعلنا نرى كيف يمكن للنقد السينمائي، إذا كان واعيًا بمسؤوليته، أن يحقق مكانة لأفلام بعينها لم تكن لتتحقق دونه.

ظل فريد في حالة بحث عن السينما الجيدة حتى عندما حقق المكانة التي حققها. يذكر تامر له مقالًا كُتب في آخر 2016 عدّد فيه إنجازات السينما المستقلة خلال هذا العام، وقال فيه إن السينما المستقلة هي أمل السينما المصرية: «دي خطوة مهمة، إنه يبقى فيه ناقد بيواجه صناعة السينما بإنه الأفلام القيمة طالعة من براها، مش من جواها».

رشا حسني:

حس دعابة في كل المواقف

ولدت الناقدة السينمائية رشا حسني لتجد مكتبة والدها متخمة بقصاصات مقالات سمير فريد بجريدة «الجمهورية»، بما تحتويه من معلومات ليس عن السينما المصرية فقط، بل عن نظيرتها العربية والعالمية كذلك. تقول لـ«مدى مصر»:

«أستاذ سمير كان نافذة نظر منها شباب الستينيات والسبعينيات لأكبر وأهم مهرجانات العالم، مثل كان وبرلين وفينسيا، وظل على دأبه في متابعة الجديد حتى الشهر الأخيرة من حياته، قبل اشتداد المرض عليه».

لدى رشا ما تحكيه عن حس الدعابة لدى فريد. آخر ذكرياتها معه كانت في مهرجان برلين السينمائي الدولي، في دورته السابعة والستين، وكان حاضرًا ليكرَّم من إدارة المهرجان التي منحته جائزة الكاميرا، ليكون بهذا أول ناقد عربي ينال هذه المكانة: «قابلته قبل تكريمه بيومين وعبرت له عن سعادتي بحصوله على هذا التكريم، كما حكيت له عن محاولاتي المستميتة للحصول على دعوة لحضور حفل التكريم وفشلي في هذا، ليجيبني بمنتهى الود والتواضع: معلهش، عدد الدعوات محدود جدًا، ثم يضيف بابتسامة: علشان فيه غدا

في حفل ختام المهرجان كان اللقاء الأخير بينهما، ولم تنقصه الدعابة أيضًا: «كانت المخرجة هالة لطفي قد طلبت مني أن أهنئه باسمها على هذا التكريم وأن أرسل له حضنًا وقبلة على كل خد. أخبرته بهذا فرد ممازحًا: غيبًا كدا؟ فين؟ أنا ما أخدتش حاجة. وقبلني وحضنني حضنًا عطوفًا وضحكنا كثيرًا».

رامي عبد الرازق:

التعارف عند الحلاق

التقى الناقد السينمائي رامي عبد الرازق بسمير فريد في 2001، من 16 عامًا، عند حلّاق في شارع شريف، أسفل «جمعية نقاد السينما»: «طلعنا بنحلق عند نفس الحلاق»، يحكي رامي لـ«مدى مصر» مبتسمًا.

كانت صدفة لطيفة وقتها. تعرف عليه رامي وأخبره أنه يحضر عروضًا في جمعية النقاد من باب الهواية.

في المهرجانات كان بيبقى عندنا وقت أطول؛ نتمشى ونحضر أفلام ونتكلم بين الأفلام. مش قادر أقول كم الحواديت والمعلومات والخبرات والاشتباكات والرؤى. كان بيتجلى بشكل غريب في أروقة المهرجانات

في 2005 بدأ رامي يكتب عروضًا للأفلام في جريدة «المصري اليوم»، ويشاء القدر أن تكون عروضه مجاورة لعمود فريد في نفس الصفحة: «دا كان عامل لي سعادة كبيرة، إن مقالي يبقى جنب مقال واحد من المعلمين الأساسيين بتوعي. وقابلته عند الحلاق برضه وشاورت له على المقال بتاعي فقراه في لحظتها وعجبه».

رامي خريج قسم اللغة العبرية بكلية آداب جامعة عين شمس: «لما عرف اني خريج عبري انبسط جدًا. وسألني ازاي بكون بافهم في السينما، وباعرف عبري، وماكتبش عن الأفلام الإسرائيلية؟ وكل ما كان يشوفني كان يسألني عن أخبار العبري ويقولي إني خسران كتير بسبب عدم اهتمامي بالسينما الإسرائيلية. الموضوع دا فضل دايمًا في باله».

في 2007 وعلى منصة إحدى الندوات التي كان يديرها، قال إنه يؤمن بأن كل جيل من السينمائيين يولد معه جيل من نقاد السينما. وقتها طلب رامي أمام الحضور للتعليق على بعض الأفلام. ومن هنا بدأت العلاقة بينهما تتوطد أكثر، بدآ يسافران لحضور مهرجانات في الخارج.

يسترجع رامي فترات السفر خارج مصر، واصفًا إياها بأنها شكلت أمتع الأوقات له مع سمير فريد: «كان بيبقى عندنا وقت أطول؛ نتمشى ونحضر أفلام ونتكلم بين الأفلام. مش قادر أقول كم الحواديت والمعلومات والخبرات والاشتباكات والرؤى. كان بيتجلى بشكل غريب في أروقة المهرجانات. في القاهرة بيكون مشغول بحاجات أخرى، لكن في المهرجانات مفيش حاجة بتبقى شاغلاه غير السينما».

يتذكر رامي أحد الحكايات التي حكاها له في 2012، وقت حكم الإخوان، في مهرجان سالونيك باليونان: «قال لي إنه مش خايف على نفسه، لكن خايف على المكتبة بتاعته. كانت مكونة من 14 ألف وثيقة. وكان نفسه يعمل منها سينماتك زي بتاع فرنسا».

«فضل يحكي لي ذكرياته، وأنا قلت له إن لازم اللي بيقوله دا يتحطّ في كتاب. فقال لي طيب إيه رأيك في برنامج؟ شوف مموِّل، وانت تسألني في الحلقة وأنا أجاوب».

بسبب انشغالات الحياة، لم يُنفذ هذا الاقتراح، وضاعت فرصة خروج البرنامج للنور، يتذكر رامي بحزن.

كريم حنفي:

يرفع الحجاب بقوة

اللقاء الأول للمخرج كريم حنفي به كان في مكتب المنتج والمخرج محمد سمير، في عام 2014، حيث ذهب كريم بترشيح من سمير والناقد جوزيف فهيم، ليعرض عليه «نسخة عمل» من فيلمه «باب الوداع»، أي نسخة تحوي مونتاجًا مبدئيًا ولكن بلا تصحيح ألوان ولا مكساج. بدآ المشاهدة سويًا، وبعد المشاهدة أخذ فريد يهنئه بالفيلم. «ساعتها كان أخد قراره بأن الفيلم يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة قلت له إن الفيلم صامت ويمكن مايصلحش، فقال لي إنه أخد القرار خلاص. هو شاف الفيلم، فشافني، ببساطة كدا يحكي كريم قصة تعرفه عليه لـ«مدى مصر».

أخذ كريم يعمل على النسخة النهائية للفيلم لمدة أشهر، ولم يطلب فريد منه، ولو لمرة واحدة، أن يشاهدها مرة أخرى، ولا أن يتدخل فيها.

بعدها حوربت الدورة بعنف، وحورب اختيار «باب الوداع» تحديدًا، كما يقول كريم، لكونه فيلمًا صامتًا، وكان فريد يقابل هذا بدعاية ومرح.

مش أي حد عجوز وطيب وبيساعدك تحس إنه أبوك. كانت علاقتي به علاقة صداقة بتاخد شكل (الرفقة النبيلة)؛ إنت حبيبي وأنا حبيبك طالما بتحب السينما

كان فريد أصلًا هو من تدخل لترشيح محمد سمير ليكون مديرًا فنيًا للمهرجان، ولترشيح جوزيف فهيم ليكون المسؤول عن ترشيح الأفلام في المهرجان. «بعد ما الفيلم اتحارب، سمير فريد ابتدي يسميني أنا وسمير وجو فهيم (العصابة). احنا التلاتة ماكناش مكرسين ف صناعة السينما، وهو حطنا في قلب مركز مهرجان القاهرة

«كنت قلت له إني عاوز أروح بالفيلم ف مهرجان فينسيا، فقال لي إنه ممكن يكلم مدير المهرجان بس هما مش هياخدوه، وبالكتير هيعرضوه في مسابقة (مخرجي العمل الأول)، وكلم مدير المهرجان فعلًا، ومهرجان فينسيا اعتذر فعلًا، فقال لي خلاص يبقى الفيلم يمثل بلده هنا في مهرجان القاهرة». في نفس الوقت، أراه فريد مقالًا كتبه منذ سنوات طويلة، يحصر فيه المخرجين المهمين الذين لم يعرضوا أفلامهم بمهرجان فينسيا، مثل كيروساوا مثلًا، «كإنه حطني مع أهم مخرجي العالم بالجملة دي»، يضيف كريم.

كان فريد أبًا لكل السينمائيين الشباب الذين عمل معهم أو التقى بهم، ولكن أب بلا ميول وصائية: «مش أي حد عجوز وطيب وبيساعدك تحس إنه أبوك. كانت علاقتي به علاقة صداقة بتاخد شكل (الرفقة النبيلة)؛ إنت حبيبي وأنا حبيبك طالما بتحب السينما. طول الوقت كان يعرف إنت بتحلم بايه، ويعرف يحبك ويحب أحلامك ويدافع عنها ويكرس لها. لما ماتسألش عنه، هو يسأل عنك، حتى وهو بياخد كيماوي. كان بيرفع الحُجُب بينك وبينه بقوة».

جوزيف فهيم:

حقيبة مليئة بالكتب

منذ عشر سنوات أرسل فريد فاكسًا للناقد جوزيف فهيم وهو الآن من مبرمجي مهرجان «كارلوفي فاري» و«أسبوع النقاد» في مهرجان برلين عندما اقتبس فهيم كلامًا منه في إحدى مقالاته في  جريدة «دايلي نيوز إيجيبت» باللغة الإنجليزية. كتب له فريد أنه يتابعه من فترة ومعجب بكتاباته.

بعدها، يحكي فهيم لـ«مدى مصر»، التقيا في برنامج عروض أفلام قصيرة، وأعطاه فريد حقيبة مليئة بكتبه ليطّلع عليها: «بعد كدا كل أسبوع كان يكلمني وندردش عن مقالتي، وبعدين علاقتنا اتطورت لصداقة، فكنا بنروح نشوف أفلام مع بعض ومهرجانات ونحضر قعدات عشا مع زوجته وعائلته».

في إطار عملهما سويًا في دورة عام 2014 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تابع فهيم الهجوم الذي مورس عليه في الصحف وقتها، ورأى أثره السلبي على صحته النفسية والجسدية: «عمري ما شفته تعبان و مجهد للدرجة دي

في إطار تأريخه و بحثه الدائم في السينما، يضيف فهيم، فقد كان مستوعبًا دائمًا للمواهب السينمائية الجديدة، كأحمد عبد الله وإبراهيم البطوط وهالة لطفي وغيرهم، وكان كريمًا في مساندته لهم، حتى بعد أن يكتب عن أفلامهم، حيث كان يعرفهم على أشخاص في الصناعة ويرشحهم لمهرجانات وغير ذلك.

رغم قربهما من بعض، إلا أنهما لم يكونا يتفقان على كل شيء، ولم يمنع هذا الاحترام. كان فريد دائم الانتقام لنظام مبارك، يقول فهيم، ووقف في صف الثورة «مع إنه، مثله مثل العديد من المثقفين، وقف مع السيسي، وكنا دائمي الاصطدام بخصوص هذا الأمر، إلا أنه أصبح بعد فترة ناقدًا لسياساته، فقد كان دائمًا على يسار السلطة سياسيًا، ويظهر هذا في مقالاته في (المصري اليوم) التي كان يتناول فيها قضايا سياسية إلى جانب تلك السينمائية».

مدى مصر في

07.04.2017

 
 

سمير فريد: خمسون عنواناً في الفن السابع وتاريخه

سليمان الحقيوي

يدين النقد السينمائي العربي لسمير فريد (1943 – 2017) بجملة أشياء من بينها عمله برفقة نقّاد آخرين على تغيير رؤية الناس والصحافة إلى الكتابة النقدية حول السينما وتخليصها من الاتجاهات التي كانت ترى فيها امتداداً للتحرير الفني المتتبّع لهوامش الفن السابع وبريقه.

كان يصرّ على تصنيف كتاباته ضمن مجال النقد السينمائي ووصفه هو بالناقد السينمائي، كتابه الأوّل "سينما 65"(1967) الذي ضم بين دفتيه مقالات متفرقة، جاء للدفع بهذا الهدف المعلن إلى الأمام، فصدور الكتاب حقّق لسمير فريد غايته وصارت المكتبة العربية ترى في النقد السينمائي جاراً لأنواع نقدية أخرى عتيدة كانت مسيطرة لوحدها على اهتمام القارئ مثل النقد الأدبي والمسرحي.

ساهم صاحب "الصراع العربي الصهيوني في السينما" (1992) عن طريق مقالاته التي كانت تنشر في صحيفة "الجمهورية" المصرية وغيرها من الصحف، في وضع مبادئ لقراءة الأفلام منهجياً وبنظرة تحليلية، وهكذا صار النقد السينمائي يجد لنفسه مكاناً بين ما يكتب عن الفن ويزاحم أجناس الكتابة الأخرى على صفحات المجلات والجرائد.

خطّ اتجاهاً مهمّاً عبر الاعتناء بتاريخ السينما العربية"

من ناحية أخرى، يدين النقد السينمائي العربي لمنجز سمير فريد، الذي تجاوز خمسين عنواناً، وضع بها اليد على نقاط أساسية تعود نتائجها على السينما وجمهورها على حد سواء. منجز يجمع بين مجالات عديدة أولها تاريخ السينما، فهو إلى جانب مقالاته الغزيرة كان يقوم بعمل موازٍ لا يقلّ في أهميته عن الكتابة عن الأفلام، إذ خطّ اتجاهاً مهماً هو العناية بتاريخ السينما المصرية والعربية، وفي هذا السياق جاءت كتبه "الواقعية الجديدة في السينما المصرية" (1992) الذي جمع دراساته التي تتبعت المنحى الواقعي في السينما المصرية، وكتابه "السينما العربية المعاصرة" (1998) وكتاب "تاريخ الرقابة في على السينما في مصر" (2002) الذي اشتغل فيه على فترة طويلة من عمر السينما المصرية وعلاقته بالرقابة (1904-2001)، وكتاب "فصول في تاريخ السينما المصرية" (2002) الذي تتبع فيه السينما المصرية منذ نشأتها مروراً بتيارها الواقعي وصولاً إلى السينما التجارية.

كما اهتم فريد أيضاً في كتاباته بتقاطعات الفن السابع بغيره من الفنون من خلال كتب مثل: "نجيب محفوظ والسينما"(1990)، "أدباء مصر والسينما" (1999)، و"أدباء العالم والسينما" (2004)، و"شكسبير، كاتب السينما" (2002).

أما اهتمامه بالسينما الأوروبية فقد أثمر مشروعاً مهماً في أربعة كتب تحت موضوع واحد "السينما في دول الاتحاد الأوروبي" (2004)، ويمكن النظر إلى هذا العمل الكبير نظرة شمولية كونه توجّه إلى أربعة من أهم المباحث التي تهمّ علاقتنا بالسينما الأوروبية. في الجزء الأول منه "التاريخ والتيارات والأنواع" تطرّق إلى إنتاج الأفلام الروائية الطويلة، وخصّص الجزء الثاني "أعلام الإخراج السينمائي" لأهم الأسماء الأوروبية المعروفة في الإخراج وفق معايير الأهمية ودون النظر إلى الجنسية، كما التفت إلى التجارب التي لم تنل التقدير الكافي في الكتابات النقدية وكذلك التجارب السينمائية الشابة. أمّا في الجزءين الأخيرين "المؤسّسات السينمائية" و"الأسواق والشركات والاستوديوهات"، فقد سدّ بهما فراغا كبيراً في المجال السينمائي العربي هو مجال الاهتمام بالتسويق والمؤسسات المشتغلة بالسينما.

ستظل مسيرة سمير فريد ملهمة لأجيال ونقاد جاؤوا بعده، مسيرة غزيرة لم يفارقها الطموح ولا الجدية. ولم يعكر صفوها سوى لحظات قليلة مثل رئاسته لـ"مهرجان القاهرة السينمائي" في فترة عصيبة قبل فيها الرجل أن يساهم في إنقاذ سمعة المهرجان. لكن كانت هناك أحكام جاهزة تنتظر أي اسم لترميه بسهام النقد. سوى ذلك فلا شيء يمكن أن ينال من مسيرة ناقد كان يعيش للسينما ويفكر بها.

كان عمر سمير فريد 23 سنة عندما حضر لأوّل مرّة "مهرجان كان السينمائي" سنة 1967، وكان المهرجان يبلغ حينها دورته العشرين؛ الدورة نفسها التي شهدت فوز فيلم "بلو آب" لـ مايكل أنجلو أنتونيوني بالجائزة الكبرى. الوصول إلى هذا المهرجان في سنّ مبكرة كان يعني أنه اختار رهاناً صعباً، وقد جعلته هذه البداية يحبّ السينما ولا ينبهر بالسينمائيين. وستستمرّ علاقته بمهرجان كان دون انقطاع حيث شارك في كلّ دوراته لمدّة 45 عاماً.

الرقم 67 سيتكرّر في مهرجان آخر مهمّ في مشواره، فهي الدورة التي كرّم فيها "مهرجان برلين السينمائي" سمير فريد بـ"جائزة "كاميرا البرلينالي" في شباط/ فبرابر الماضي، وهو حدث لا يتكرّر كلّ دورة، إذ وضع هذا التكريم السينما المصرية والعربية في دائرة الضوء عن طريق النقد، وليس عن طريق فيلم أو ممثّل أو مخرج مثلما جرت العادة.

التكريم من جهة ثانية، جاء ليعترف بناقد قضى أكثر من نصف عمره في الكتابة عن السينما وأحوالها والتنقّل بين مهرجانات العالم للكتابة عنها وعن تفاصيلها، وأبرز ما في هذا التكريم أنه جاء أثناء حياته وليس بعد رحيله كما تجري العادة في العالم العربي.

العربي الجديد اللندنية في

07.04.2017

 
 

الرجل الأنيق

بقلم نيوتن

لم أعرفه عن قرب إلا فى السنوات القليلة الماضية. رغم أنه كان من كُتاب «المصرى اليوم» منذ اليوم الأول لصدورها. كنت ألتقى به مصادفة هنا أو هناك. فى هذه المناسبة أو تلك. نتبادل التحية. الاحترام. اقتربت منه أكثر فى السنوات الأخيرة. كنا نلتقى ظهر كل يوم جمعة. كان دائما زينة المجلس الذى نلتقى فيه.

ثقافة أنيقة. ملبس أنيق. اختياره للكلمات أنيق منمق. بعد أكثر من لقاء بكيت ندماً على الأيام التى لم أكن أعرف فيها سمير فريد عن قرب. لم يتخلف مرة عن أن يتحفنى بهدية من مكتبته. هدية أدبية تاريخية لا تقدر بثمن. آخرها كتاب. لاحظت إهداء على صفحته الأولى. كان إهداء لوالده، رحمه الله. هنا أدركت قيمة الهدية والتضحية التى تصاحبها. صورت الكتاب وأعدته إليه. تقبله بسعادة. شعرت أن ضميره ارتاح.

المرة الثانية التى بكيته فيها صامتاً عندما علمت بنبأ رحيله. فبيننا أمور معلقة لم تنته. تركنى فى حيرة من أمرى. بقيت مذهولاً لليوم الأول. اليوم الثانى حاولت الاتصال بولده محمد سمير فريد. صحفى نابه. أخذ حسن الخلق عن أبيه. حاولت الاتصال على مدى يوم كامل. لم أتمكن. «الرقم لا يجيب» اكتشفت بعد ذلك أننى كنت أطلب رقم سمير فريد نفسه. للأسف لم يجب.

سمير فريد من جيل عاصر أحداث مصر الكبرى. فهو من مواليد ديسمبر ١٩٤٣. جيل اتسم بالانضباط فى العمل. الالتزام فى الحياة. يعرف قيمتها وقيمها على نحو أفضل من الأجيال التالية. لذا كانت الدقة شعاره. والإتقان مذهبه. وهكذا كان سمير فريد. لذا ترك بصمته.

كنت من قرائه. فهو أكبر من ناقد سينمائى. فكثيرا ما استمتعت بكتاباته فى الثقافة. فى الأدب.عن الحياة والناس. كان صاحب عين فاحصة. مدققة. بالفعل كان يتمتع بموهبة كبيرة. فضلا عن أنه صاحب إنتاج غزير.

تميز سمير فريد عن باقى النقاد السينمائيين بأن له أسلوبه الخاص. الذى جعله يصل للعالمية. فهو المصرى العربى بل الأفريقى الوحيد الذى وصل للمهرجانات العالمية الكبرى مثل كان وبرلين. تم تكريمه فى كليهما.

أما بعد يا صديقى سمير...

يقينا سنتواصل. يقينا سنلتقى. فى وقت معلوم. سنتبادل الأحاديث ذاتها. سنضحك من القلب كما كنا نضحك كل يوم جمعة. فالمسألة مسألة وقت لا أكثر. سأحظى به من جديد.

المصري اليوم في

07.04.2017

 
 

سمير فريد .. الذي فقدناه

زكي مصطفي

رحل يوم الثلاثاء الماضي أحد أبناء جريدة الجمهورية العظماء. الناقد السينمائي الكبير "سمير فريد". لكنها لم تفقده. فقد ترك لنا إرثاً نقدياً رائعاً تزخر به صفحات كل الاصدارات الفنية في مصر والوطن العربي. مرجعاً يمكن التعامل معه بأكاديمية وحرفية. وبتلقائية. فلم يكن سمير فريد ناقداً تقليدياً حافظاً لبعض مصطلحات الأدوات المستخدمة في العمل السينمائي فحسب. ولم يكن باحثاً عن صنع اسم بالصدام مع السينما وصناعها من خلال رؤاه النقدية. وإنما كان دائماً يبحث عن الموضوعية في الفكر والنقد لكل عمل يتعرض له بالنقد. وكان قلمه نظيفاً ومهذباً لا يستخدم ألفاظاً تسيء إلي من ينتقده أو للعمل الذي يعرضه.

مدرسة "سمير فريد" تخرج منها أغلب النقاد المتواجدين الآن علي الساحة برغم ندرة النقاد السينمائيين بالأساس. كان يرفض الاستاذية بمعناها التقليدي. وكان كل من يقترب منه يعرف كم تواضعه وبساطته وعطائه. فلم يبخل يوماً علي أحد بالمساعدة والمساندة في أي معلومة يريدها أو أي توجيه يفيده.

سمير فريد تسلل لمجال النقد السينمائي برفق حيث سبق دخوله هذا المجال اهتمامه بكل أنواع الثقافة والمعرفة. وكان لهذه الثقافة تأثير واضح علي أسلوب كتابته وأفكاره. وكان دائماً ما يحب الكاتب الفرنسي والفيلسوف "جان بول سارتر" مما جعله مؤمناً بشدة بالحرية. والاستقلال بالرأي. والالتزام بما يراه صحيحاً. والوقوف إلي جانب الإبداعات الجديدة.

وكانت كتاباته سواء مقالاته أو كتبه علي قدر بساطتها علي قدر ما تحمل من عمق ووعي في آن واحد. فاستطاع بذلك أن يكسب قارئاً عادياً وقارئاً نخبوياً. وربما لذلك حقق الناقد الكبير الراحل سمير فريد المعادلة الصعبة في جذب قراء غير متخصصين لقراءة مقالات متخصصة.

بدأ "سمير فريد" العمل في مجال الكتابة الصحفية بجريدة الجمهورية في الستينيات وتخصص بالنقد السينمائي عام 1965. وكان دائماً ما يشغله تاريخ الأفلام وتاريخ السينما نفسها. وعدم وجود أي كتب أو قواميس دالة تؤرخ لصناعة السينما في مصر. فقام بإصدار كتابه الأول "سينما 65" في محاولة وخرج الكتاب علي شكل دليل سنوي عن السينما في مصر. وهكذا بدأ فريد مشوار التآريخ للسينما في مصر بتأليف عدة كتب. تلت "سينما 65". بهدف "فرض معاملة النقد السينمائي كمقالات في النقد الأدبي. ومقالات النقد المسرحي علي الواقع الثقافي المصري". كما يقول في كتابه "دليل الأفلام المصرية".

وبرغم معايشة "فريد" لكل الأحداث السياسية والوطنية الكبري منذ الستينيات وحتي اليوم حرص علي ألا يربط كتاباته النقدية بتلك الأحداث وكان لا يري ضرورة لأن يربط الناقد كتاباته بالسياسة ليصنع ضجة ما حول عمله وفي نفس الوقت كان يعرف جيداً بعيداً عن النقد أهمية وتأثير السينما علي الواقع السياسي والعكس.

كانت القضية الكبري التي تشغله وتعد أزمة حقيقية تقف أمام حرية الابداع من وجهة نظر شيخ النقاد السينمائيين سمير فريد هي "الرقابة" فكان يري أن الرقابة تمثل مشكلة للإبداع لأن الفنان يضطر إلي أن علي الرقيب ليظهر مدي موهبته. مما يؤثر أحياناً علي العمل الفني. وكان حريصاً بشدة عن الدفاع عن حرية الابداع والتعبير.

الواقعية الجديدة

وفي كتابه "الواقعية الجديدة في السينما المصرية" الذي أصدرته له الهيئة العامة للكتاب وهو واحد من أهم الكتب التأسيسية التي أعلنت ظهور تيار سينمائي جديد تبلور في بدايات الثمانينيات من القرن الماضي من خلال مجموعة من الكتاب والمخرجين مثل: خيري بشارة وبشير الديك وداود عبدالسيد ومحمد خان وسعيد الشيمي وغيرهم من كتاب ومخرجين. ضم الكتاب مجموعة من المقالات التي نشرها "سمير فريد" عن ذلك التيار السينمائي الجديد. فمن أهم المقالات التي احتواها الكتاب هي مقالات عن أفلام مثل: "الحريف" و"الطوق والأسورة" و"أحلام".

ولكن كان من أهم كتبه ثلاثة كتب هي "أدباء العالم والسينما" و"شكسبير كاتب السينما" و"نجيب محفوظ والسينما".

والعديد من الكتب الأخري التي تعد علامات في تاريخ النقد السينمائي والفني ليصبح اسم "سمير فريد" محفوراً من نور في تاريخ النقد الفني المصري الحديث.

تكريمات وجوائز

والجميل في الأمر أنه علي الرغم من أنه حصل علي تقديراً يناسبه تماماً سواء محلياً أو ودولياً. رغم تأخر هذه التكريمات قليلاً عليه. ويكون آخر تكريم له تكريمه في الدورة الأخيرة في "مهرجان برلين السينمائي" بمنح سمير فريد "كاميرا البرلينالي" التقديرية في حفل خاص في فبراير الماضي.

كما حصل علي جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلي للثقافة سنة .2002 وحصل أيضاً علي ميدالية مهرجان كان الذهبية بمناسبة الدورة الأخيرة في القرن العشرين سنة 2000 وتم تكريمه في مهرجانات: نيودلهي ودبي. وشارك في اصدار ثلاث مجلات سينمائية من .1969 صدر له أكثر من 60 كتاباً.

رحلة عطاء طويلة قضاها الكاتب والناقد الفني الكبير سمير فريد منذ بداية عمله في المجال الصحفي في الستينيات وحتي آخر نفس في حياته. وكان دينامو لا يهدأ في مهرجانات السينما سواء المحلية أو العالمية. وخاصة مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الإسكندرية. وكان يصل به الأمر أحياناً أن يسافر المهرجانات الدولية علي حسابه الشخصي حرصاً منه علي متابعة كل ما هو جديد وهام في عالم السينما العالمية وكأنه حريص علي أن يستمر تلميذاً في مدرسة الحياة السينمائية لا يكف عن تعلم أسس الصناعة وكيفية إدارتها حتي يستطيع الكتابة عن تفاصيلها دون جهل بما يحدث من قفزات هائلة في هذا العالم الساحر.

ولد في القاهرة أول ديسمبر 1943 ودرس بالمعهد العالي للفنون المسرحية ثم تخرج من قسم النقد في المعهد عام .1965 عمل صحفياً وناقداً سينمائياً في جريدة الجمهورية عام .1964 لقب بعميد النقاد السينمائيين العرب. وكان له مقال يومي في المصري اليوم تحت عنوان "صوت وصورة".

المساء المصرية في

08.04.2017

 
 

بعد تكريمه في الدورة الأخيرة

مهرجان برلين السينمائي الدولي ينعي رحيل سمير فريد‏..

ومدير المهرجان‏:‏ فقدت صديقا قديما

مني شديد

أصدرت إدارة مهرجان برلين السينمائي الدولي مساء أمس بيانا تنعي فيه رحيل عميد النقاد السينمائيين العرب الراحل سمير فريد‏,‏ الذي رحل عن عالمنا في‏4‏ ابريل الجاري بعد صراع طويل مع المرض‏.‏

وتضمن البيان تصريحا شخصيا من مدير المهرجان ديتر جوسلينج يعبر فيه عن علاقته الوطيدة بالراحل وحزنه علي فقده قائلا برحيل سمير فريد فقدنا صوتا مهما من العالم العربي, كان التزامه وشغفه بالسينما لا مثيل له, ومع وفاته فقدت أيضا صديقا قديما.

وجاء في البيان أن الراحل سمير فريد كان يحظي بتقديرا كبيرا باعتباره خبير في السينما ويؤخذ برأيه ونصائحه في جميع انحاء العالم, ولكونه ناقدا سينمائيا مرموقا ربطته بمهرجان برلين السينمائي الدولي علاقة امتدت لعقود من الزمن, وفي فبراير الماضي قامت إدارة المهرجان بتكريمه ومنحه برلينال كاميرا التي تمنح لثلاث شخصيات مهمة في مجال السينما يشعر مهرجان برلين انه مديون لهم بشكل خاص.

وذكر البيان نبذه عن تاريخ سمير فريد ومسيرته المهنية, وعن بدايته مع المعهد العالم للفنون المسرحية في أكاديمية الفنون, ثم عمله في جريدة الجمهورية بداية من1965 التي استمر عمله بها لما يقرب من38 عاما, وخلال هذه الأعوام شارك أيضا في تأسيس المهرجان القومي للأفلام القصيرة والوثائقية في1970 والمهرجان القومي للسينما عام1971, كما ساهم في تأسيس جمعية نقاد السينما المصرية في1972, واصبح عضوا في الاتحاد الدولي للنقادFIPRESCI عام1970, وكان عضوا في العديد من لجان التحكيم في مهرجانات دولية ومحلية مختلفة, وكان مراسلا لمجلة فاريتي الأمريكية لعدد قليل من السنوات, وألف أكثر من60 كتابا عن السينما العربية والعالمية.

يذكر أن عزاء الراحل سمير فريد يقام مساء اليوم في مسجد عمر مكرم بميدان التحرير.

الأهرام المسائي في

08.04.2017

 
 

زحام شديد بعزاء الناقد سمير فريد فى مسجد عمر مكرم

كتب على الكشوطى

شهد عزاء الناقد الراحل سمير فريد زحاما شديدا بمسجد عمر مكرم بالتحرير، الأمر الذى أدى بمقرئ العزاء إلى قراءة آية أو آيتين من القرآن الكريم لإعطاء المساحة للمعزين ممن قدموا واجب العزاء للخروج من المسجد، لإتاحة الفرصة لمعزين آخرين لا يجدون مساحة داخل المسجد للجلوس وتقديم واجب العزاء، والذى شهد حضور العديد من السينمائيين والمخرجين والمثقفين من أجيال مختلفة.

وحرص على الحضور لتقديم واحب العزاء المخرج مجدى أحمد على وأسامة منير والمخرجة ساندا نشأت، وحسام عيسى وزير التعليم العالى السابق، وعماد غازى وزير الثقافة الأسبق، والمصور السينمائى محمود عبد السلام، والنجمة ليلى علوى، والنجم خالد النبوى، والإعلامى عمرو الليثى، والناقدة ماجدة موريس، والكاتب الكبير وحيد حامد وبشير الديك.

كما حضر أيضا كل من وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور، والناقد يوسف شريف رزق الله مدير مهرجان القاهرة السينمائى، وماجدة واصف رئيس مهرجان القاهرة، والإعلامى مجدى الجلاد، والنقاد على أبو شادى، وليالى بدر مسئولة الإنتاج بشركة روتانا وعزة الحسينى مدير مهرجان الأقصر، والدكتورة غادة جبارة الاستاذ بمعهد السينما، والدكتورة رحمة منتصر استاذ المونتاج، ومسعد فودة نقيب السينمائيين، والناقد الأمير أباظة، والكاتب يحيى قلاش، والكاتب الصحفى عادل السنهورى، والنقاد صفاء الليثى، وأحمد سعد الدين، وخالد محمود، وتستقبل السيدات بالعزاء زوجتا الراحل وشقيقته حمدية فريد.

وحضر فى وقت سابق كل من وزير الثقافة حلمى النمنم، والدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما رئيس المركز القومى للسينما، والمخرج أمير رمسيس، والدكتور محمد العدل والسيناريست سيد فؤاد والناقدة علا الشافعى، والكاتب الصحفى مصطفى بكرى، والمخرج خالد يوسف.

آخر تكريم دولى للناقد الكبير من مهرجان برلين السينمائى فى دورته الماضية، حيث منحه المهرجان كاميرا برلين، فيما أصدر المهرجان نعيا خاصا نعى فيه الناقد الكبير باعتباره واحدا من أهم النقاد المصريين والعرب، وله العديد من المؤلفات السينمائية.

الراحل قد بدأ مشواره بجريدة الجمهورية، إضافة إلى نشره العديد من المقالات والدراسات فى المطبوعات العربية والدولية، وله عمود ثابت بجريدة المصرى اليوم بعنوان "صوت وصورة"، وسمير هو أحد أبرز جيل النقاد العرب الكبار، وزامل كل من الراحلان سامى السلامونى وقصى درويش، وعلى أبو شادى كمال رمزى وإبراهيم العريس.

تخرج فريد فى قسم النقد فى المعهد العالى للفنون المسرحية 1965، كما حصل على جائزة الدولة للتفوق فى الفنون من المجلس الأعلى للثقافة 2002، وعلى ميدالية مهرجان كان الذهبية بمناسبة الدورة الأخيرة فى القرن العشرين سنة 2000 وشارك الراحل فى إصدار 3 مجلات سينمائية، وله أكثر من خمسين مؤلف، منها "الواقعية الجديدة فى السينما"، وتاريخ الرقابة فى السينما المصرية".

اليوم السابع المصرية في

08.04.2017

 
 

سمير فريد.. السيرة أطول من العمر

بقلم: حسن أبو العلا

قبل حوالى أسبوع كنت قررت الكتابة عن الناقد الكبير سمير فريد لكننى تراجعت فى اللحظة الأخيرة، خشيت أن يفسر البعض ما سأكتبه بأنه مرثية فى وداع الأستاذ والمعلم الكبير وهو مازال على قيد الحياة، كنت أبحث عن طريقة لكى أقول له «أنا باحبك يا أستاذ»، ربما قلتها له تليفونيا وفى لقاءات مختلفة جمعتنى به، لكنى هذه المرة كنت أريد أن تصله وهو على فراش المرض، بعد أن فشلت جهودى فى زيارته بالمستشفى، وفقا لتعليمات الأطباء بمنع الزيارة.

رحل سمير وهو يعرف أنى أحبه، رحل وهو ينتظر أن أذهب إليه بمطبوعات مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة، طلبها منى بصوت واهن فى آخر مكالمة تليفونية بيننا، قلت له «يا خبر يا أستاذ هاجيبهالك لحد عندك»، واتفقنا على اللقاء بعد أن يتعافى من تأثير جرعة العلاج الكيماوى، لكن القدر كان أسرع مما كنت أتخيل.

عرفت الكاتب والناقد الكبير سمير فريد، وأنا طالب صغير، وأسكن فى أعماق ريف محافظة الدقهلية، عرفته مثل الملايين من عشاق السينما الذين يقرأون مقالاته بجريدة الجمهورية، وقعت فى غرام كتبه، وكانت بعض مقالات الأستاذ صادمة بالنسبة لى لجرأتها وخروجها عن المألوف، وأذكر أنه كتب مقالا ينتقد فيه فيلم «زوجة رجل مهم» وكيف أن السيناريو يتحامل على شخصية الضابط التى قدمها أحمد زكى، وكان رأى الأستاذ مختلفا عن أغلب الآراء التى قرأتها فى نقد الفيلم، وأذكر أيضا أننى وقعت فى غرام أفلام لم أشاهدها لمجرد أننى قرأت مقالا نقديا عنها بتوقيع سمير فريد.

عرفت النبيل سمير فريد عن قرب فى سنوات حياته الأخيرة، وجمعتنى به عشرات اللقاءات التى يتحدث فيها عن ذكرياته ومعاركه الصحفية فى مطلع شبابه، كنت أجلس أمامه مفتونا بقدرته على الحكى، مندهشا من تواضعه الشديد فى زمن ظهر فيه العديد من الأقزام، كنت ألتقى الأستاذ إما فى مكتب الصديق المخرج الكبير خالد يوسف أو مكتب الصديق السيناريست سيد فؤاد أو دار الأوبرا المصرية، بخلاف مكالمات شبه يومية أغلبها يتعلق بمقالاته فى «المصرى اليوم» بحكم عملى سكرتيرا للتحرير، لكن سرعان ما كنا نعرج إلى مناقشات عامة لا علاقة لها بالمقال أو السينما.

كنت أسمع عن نبل وعطاء الكاتب والناقد الكبير من جميع المحيطين به، وكيف يساعد المشروعات السينمائية الطموحة، ولمست ذلك عن قرب فى دعمه الكبير لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وعندما بدأت مع زملائى فى مهرجان أسوان لأفلام المرأة التحضير للدورة الأولى أدركت أن كل ما قيل عنه كان قليلا من كثير يستحقه، فما الذى يدفع ناقدا كبيرا تحتفى به مهرجانات الشرق والغرب لكى يشغل نفسه بمهرجان وليد لم يكن أحد يدرى وقتها إن كان سيخرج إلى النور أم لا، كنت لا أصدق نفسى وهو يتصل بى تليفونيا ليعطينى بعض النصائح الخاصة بالتنظيم واختيار الأفلام، وكنت أطير من الفرح عندما يشيد ببعض اختياراتنا فى المهرجان، لكن من يعرف سمير فريد جيدا ستزول دهشته سريعا «فهكذا هم النبلاء الذين عز وجودهم».

مات سمير فريد. نزل فارس النقد السينمائى العربى من فوق جواده. بكيته كما بكيت أبى، رحل قبل أن أقول له مجددا «أنا باحبك يا أستاذ»، لكنه سيظل فى قلبى وقلب كل الذين عرفوه عن قرب، وسيبقى فى ذاكرة كل قرائه من عشاق السينما من المحيط إلى الخليج، وسيظل صوته يتردد فى أذنىّ كما كان يأتينى عبر التليفون «إزيك يا أبوعلى».. أستاذ سمير «مع السلامة» فالسيرة أطول من العمر.

####

حكايات السبت.. «سمير فريد»

بقلم: محمد السيد صالح

لم أكن أعرف أن ما قام به الناقد الكبير الراحل سمير فريد فى مناسبتين مختلفتين بإهدائى كتبًا له أو من مكتبته تكرر مع غيرى. وجدت اأصدقاءً وزملاء فى صالة التحرير أو أمام مسجد مصطفى محمود ونحن ننتظر جنازته يقولون نفس الشيء: رحمه الله كان يتواصل بكتبه مع جميع الأسرة الصحفية.. حتى مع شباب لا يعرفهم.. مجرد شباب كتبوا أشياء أعجبته. وأحب أن يعطيهم معلومات إضافية فى نفس الموضوع أو مكافأة لما كتبوه. كنت كثيراً ما أساله عن رأيه فى مسيرتنا. ما نقوم به فى عملنا اليومى. أشكو إليه صعوبات نواجهها هنا وهناك. كانت تجربته فى التحمل وفى المنع وهو فى قمة تألقه بـ «الجمهورية» درساً لنا. «إنه لا صعوبات جديدة علينا فى الصحافة المصرية»، كان ينصحنا بوسائل مبتكرة فى التغطية. هو ينتمى لمدرسة تعلو فوق المواقف الشخصية أو السياسية. كان يركز فى عمله، فى ندوة سيتحدث فيها، أو فيلم سيشاهده، أو مهرجان يسافر إليه. حكى لى أمام ابنه وصديقى محمد سمير- وقد دعانى لعشاء فى أحد المراكب السياحية بمناسبة رئاستى لتحرير الصحيفة - حكى لى كيف سافر وهو صغير السن لتغطية مهرجان كان لأول مرة.. وكيف تولد لديه منذ اليوم الأول الموقف السياسى فى الفن. حيث كانت إسرائيل قوية هناك. حافظ الرجل على نفسه وعلى مبادئه، وظل فى نفس الوقت محافظًا على مكانته، باعتباره المصرى والعربى الوحيد الذى تتم دعوته سنويًا بشكل رسمى إلى «كان».. قلت له يومها مقاطعًا: بسبب «عقلك السياسى».

عاتبت زملائى فى قسم الفن، وكان الأستاذ سمير فريد قبل عامين قد كتب مقالاً فى «المصرى اليوم» فى زاويته اليومية «صوت وصورة» عن وجود فيلم مساند لـ «بشار» فى مهرجان الإسكندرية. كانت الظروف السياسية مختلفة عن الآن، ولم يكن زملائى قد توصلوا للفيلم. رحم الله سمير فريد، وعزاؤنا للعائلة، خاصة للزميل والصديق محمد سمير.

المصري اليوم في

08.04.2017

 
 

سمير فريد: ناقد فى محراب السينما

كتبالمصري اليوم

بين حبه للسينما والتزامه بالموضوعية والمهنية، أسس الناقد الراحل سمير فريد مدرسة خاصة في النقد السينمائى القائم على المشاهدة والتحليل للأفلام من مختلف الاتجاهات الفنية في العالم، ليصبح عن حق موسوعة سينمائية ينهل منها عشاق السينما ودارسوها ومتابعوها، بلغة وكتابة سلسلة اقتربت من القراء والمتخصصين على حد سواء، وساهمت في تخريج أجيال من النقاد تولت راية النقد من بعده. لم يبخل «فريد» على أي من السينمائيين، مخرجين وكتابا وفنانين ونقادا، بأى معلومة، ولم يدخر جهدا في مساعدة الجميع داخل مصر وخارجها، وكان أكثر واجهة سينمائية شرفت النقد والسينما المصرية والعربية بشكلٍ جعله عن جدارة عميداً للنقاد العرب على مدى العقود الخمسة الماضية، وأكبر معبر عن معشوقته الأولى السينما،والظروف التي تخرج فيها الأفلام وصناعتها في عدد من دول العالم، ليقدم وعيا ونقدا مميزا عن تلك الأفلام، وبخاصة في مصر، وقف إلى جوار صناعها ومبدعيها ليكون لسان حالهم والمعبر عن أعمالهم بقلمه ومهنيته. سمير فريد اسم خُلِّد في ذاكرة النقد السينمائى، وعلى المستوى الإنسانى قبل المهنى يبقى «فريدا» في أعين متابعيه ومحبيه

عزاء الناقد الراحل يجمع كافة الأطياف السياسية والفنية والصحفية

حضور كبير لمختلف الأطياف شهده عزاء الناقد الراحل سمير فريد، ليعكس قيمة عميد النقاد العرب واجتماع محبيه وتلامذته وأصدقائه في عزائه الذي أقيم أمس الأول بمسجد عمر مكرم، وشهد العزاء إقبالاً كبيرًا من الشخصيات السياسية والثقافية والفنية والسينمائية، والإعلامية، وذلك لتقديم واجب العزاء لأسرة الراحل، بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير، يتقدمهم كل من الكاتب الصحفى محمد سمير، رئيس التحرير التنفيذى لمجموعة «أونا الإعلامية» وحسن سمير، خبير البورصة، نجلى الناقد الراحل عميد نقاد السينما العرب سمير فريد.

يوسف رزق الله: صداقتنا استمرت 50 عاما

قال الناقد يوسف شريف رزق الله إن صداقته بالناقد والكاتب الراحل سمير فريد تعود لأكثر من 50 سنة، وبدأت تقريبًا عام 1963 في جمعية الفيلم، وتوطدت بعد ذلك من خلال نادى القاهرة للسينما، وبعد أن أسسا جمعية نقاد السينما المصريين مع الناقد فتحى فرج وآخرين وهى مستمرة ونشطة حتى الآن.

ماجدة موريس: جعل للنقد في مصر قيمة

قالت الناقدة ماجدة موريس إن الناقد الراحل سمير فريد لن يُعوَّض كإنسان، ومثقف، وناقد، وإنه كان أحد أبرز الناس الذين جعلوا النقد السينمائى له قيمة في مصر، بالإضافة إلى أنه شجع كثيرين من الشباب على حب السينما، وأن يتعمقوا فيها ويحاولوا العمل النقدى.

####

يوسف رزق الله: صداقتنا استمرت ٥٠ عاما

سعيد خالد

قال الناقد يوسف شريف رزق الله إن صداقته بالناقد والكاتب الراحل سمير فريد تعود لأكثر من ٥٠ سنة، وبدأت تقريبًا عام ١٩٦٣ فى جمعية الفيلم، وتوطدت بعد ذلك من خلال نادى القاهرة للسينما، وبعد أن أسسا جمعية نقاد السينما المصريين مع الناقد فتحى فرج وآخرين وهى مستمرة ونشطة حتى الآن.

وأضاف لـ«المصرى اليوم»: «سمير كان الأول من جيلنا الذى سافر وحضر مهرجانات عالمية، وبدأت رحلته مع مهرجان (كان) عام ١٩٦٧، وبعدها بعامين تقريبًا شجعنى على ضرورة السفر إلى جانبه، ومنذ عام ١٩٧٢ ونحن نسافر سويًا إلى برلين كان، استمرت رحلاتنا إلى هناك حتى رحيله». وتابع: «عملنا معًا وقتما كان فى جريدة الجمهورية، وكان رئيسًا لتحرير جريدة أسبوعية متخصصة فى السينما، وكنت وفتحى فرج نشاركه الكتابة فيها، واستمرت قرابة ٣٠ عددا وتوقفت بعدها». وأضاف «رزق الله»: سمير فريد كان دائما ما ينسق معى فى تبادل الكتالوجات الخاصة بالمهرجانات، وكنا دائما ما نلتقى بمجرد عودة أيامنا من مهرجانات حتى نتبادل الكتالوجات، وآخر مكالمة جمعتنا كانت قبل دخوله إلى المستشفى بيومين، وقتها تواصلت معه أكثر من مرة دون رد، وطلب من زوجته أن تتواصل معى وتخبرنى أن الموبايل كان صامتا، ولذلك لم يقم بالرد على الهاتف، وأكدت لى أن «سمير» يبلغنى أنه أحضر لى كتيبات وكتالوج مهرجان برلين الأخير، حتى يستفيد منه فى مهرجان القاهرة السينمائى، وفى المقابل يطلب منك كتالوج مهرجان شرم الشيخ، وأرسلت بعدها السائق الخاص بى ليخبرنى أنه دخل المستشفى، وذهبت لزيارته وقبلت يده، ولم نجلس طويلا وقتها.

وأكد «رزق الله» أن الراحل سمير فريد رشحه لخلافته فى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى، مشيراً أنه كان محبا للسينما حتى أنفاسه الأخيرة، ولم يكن يفضل حضور عروض الأفلام الصباحية فى المهرجانات لأنها تكون مبكرة فى الثامنة صباحًا، وكان يحضر أفلام الحادية عشرة، وكنا دائما ما نتبادل الآراء عن الأفلام، وكل التكريمات والتقديرات التى نالها يستحقها وأكثر من ذلك، وآخرها تكريمه بمهرجان برلين.

####

ماجدة موريس: جعل للنقد فى مصر قيمة

هالة نور

قالت الناقدة ماجدة موريس إن الناقد الراحل سمير فريد لن يُعوَّض كإنسان، ومثقف، وناقد، وإنه كان أحد أبرز الناس الذين جعلوا النقد السينمائى له قيمة فى مصر، بالإضافة إلى أنه شجع كثيرين من الشباب على حب السينما، وأن يتعمقوا فيها ويحاولوا العمل النقدى.

وأضافت «موريس» فى تصريحات خاصة لـ «المصرى اليوم»، أن كثيرين من النقاد مدينون لفضل الراحل، بسبب حبه الذى وصفته بأنه «بلا حدود» لمهنته واحترامه لها وقدرته على تبسيط أعمق الأفلام، حتى يتسنى للقارئ العادى أن يستوعبها.

وأشارت إلى أن «فريد» قدم إنجازا بديعا وحبّب الأجيال بعده فى أنهم يقومون بالنقد ويكتبون عن السينما، بل حبب المشاهد فى كيفية أن يحب السينما كثقافة وفن راق.

وتابعت: «كنت بشوفه لما بييجى لنادى السينما، كنت زميلته، فاكتشفت أن هذا هو المثل الذى يجب أن أحتذى به، وهذه هى المسيرة التى يجب أن أكون مثلها وأقتدى بها، لأنه فعلا شخص يحترم المهنة ويرتقى بها ويعمل كل شيء من أجلها، وإنجازاته كثيرة، ستظل مكتوبة من حروف من نور تاريخيًا، لأنه صنع الكثير».

وأضافت: «أتذكر أن أول دعوة جاءت إلى حتى أقوم بالكتابة، وكنت صحفية جديدة بهدف أن أتعمق فى عملى كانت من الراحل، عندما أقام أول جريدة متخصصة فى السينما وكانت فى جريدة الجمهورية، وقتذاك». وأوضحت أنها تلقت منه دعوة للكتابة فى الجريدة عن السينما والتليفزيون، وأن هذه أول دعوة تتلقاها فى حياتها تعطيها ضوءا بأن الأبواب مفتوحة أمامها، وأن اجتهادها له قيمة، واصفة إياه بالأمر البالغ الأهمية فى بدايات حياتها المهنية، وبعدها ذهبت لنادى السينما، وأشارت إلى أنه فى جمعية النقاد كان الراحل من أبرز الكتاب الذين يكتبون فى نشرات النادى، فكان هذا «مؤشرا» جيدا جدًا لوجهة نظرها فى الأفلام، وكانت تطابق بين ما تكتبه وما يكتبه حتى تقارن وتتعلم منه.

####

محمد سمير فريد يكتب:

شكراً يا أبى

«صحفى!.. إيه اللى يخليك تختار المهنة المتعبة دى؟».. كان هذا هو أول رد فعل من والدى ــ رحمه الله ــ فى حوار دار بيننا بعد حصولى على الثانوية العامة، عندما أفصحت له لأول مرة عن المهنة التى قررت أن أعمل بها.

ناقشنى والدى بهدوئه المقنع المعتاد حول رغبتى فى الالتحاق بكلية الإعلام قائلاً: «أنا شايف إنك تدخل كلية تقوى لغتك علشان تعظم الاستفادة من سنوات دراستك للغة الفرنسية، وكل ما تحتاجه لممارسة الصحافة موجود فى البيت هنا» ــ مشيرا إلى المكتبات التى تشغل كل حائط فى منزلنا ــ «فالصحافة ليست دراسة فقط وإنما ثقافة وقدرة على الحكم على الأشياء». وأضاف: «وإذا أردت بعد دراستك أن تعمل بالصحافة فسيكون معك سلاح إضافى هو إجادتك للغتين أجنبيتين.. وأنت حر فى قرارك».

كان هذا هو الدرس الأول والوحيد المباشر من أبى فى مهنة الصحافة. وقبل دخولى كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وأثناء دراستى وبعد تخرجى تعلمت منه آلاف الدروس غير المباشرة فى الحياة، والتى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمهنة.

تعلمت من أبى أن العدل هو القيمة الأولى فى الحياة، وبالتالى فى المهنة. تعلمت منه أن الدقة والبحث هما أساس «تحقيق» العدل، وبالتالى أساس العمل فى المهنة.. تعلمت أن «الحوار» الهادئ والكلمات المباشرة هما الطريق الأمثل لـ«توصيل المعلومة». وأن «الاستقصاء» فى الدراسة والجهد يقود إلى «عناوين» الحقائق. تعلمت منه أن الإنصات والاستيعاب هما السبيل لمعرفة «بروفايل» أى شخص تقابله. وأن «الخبر» اليقين لا يأتى إلا إذا أبعدت أهواءك وميولك الشخصية.. وإذا أخطأت فلابد من «التصويب والاعتذار»، ورغم ذلك فإن «حق الرد مكفول» دائماً. تعلمت من أبى أن الاجتهاد والعمل بإخلاص وقول كلمة الحق والعمل من أجل قيمة العدل دون النظر لأى مكاسب أو خسائر وقتية قد يقودك إلى أعلى المناصب، ولكن الأهم أنه سيحقق لك الاحترام والسمعة الطيبة التى ستستمر من بعدك فى الدنيا، والأكثر أهمية أنك ستلاقى ربك مطمئناً.

وهذه باختصار كانت «القصة الصحفية» لما تعلمته من أبى رحمه الله وإن كانت فى صورة «مقال».. شكرا لك يا أبى.

** كان أول قراراتى عند عملى بالصحافة اختيار «محمد سمير» كاسم صحفى دون لقب «فريد»، وذلك خوفاً على كاتب هذه السطور إذا نجح فى مجاله أن يُنسب نجاحه لاسم والده.. وخوفاً على أبى أن أسىء إلى هذا الاسم الكبير إذا فشلت.

والآن بعد ٢٧ عاماً من العمل بالصحافة، أقوم بتغيير هذا الاسم فى «المصرى اليوم» الجريدة التى أفتخر بالانتماء إليها والمساهمة فى تأسيس مدرستها الصحفية مع العديد من الزملاء الذين شرفت بالعمل معهم حتى وصلت فيها إلى منصب رئيس التحرير فى عام ٢٠١٢، آملاً أن أكون قد حققت نسبة ضئيلة من النجاح تستحق أن أنتسب صحفياً إلى هذا الاسم الشامخ مصرياً وعربياً ودولياً «سمير فريد».

####

طارق الشناوى يكتب:

مظاهرة حب فى حضرة الأستاذ!

قبل رحيل الجسد كان يقف على القمة منفردا ومتفردا بالتكريم الذى ناله من مهرجان عالمى عريق، حيث منحته إدارة مهرجان برلين كاميرا (البرينالة)، فى سابقة هى الأولى، وظلت هذه اللقطة الثابتة تصاحبه، وهو ممسك الكاميرا كأول ناقد يحصل عليها فى تاريخ المهرجان، وكأنها تتويج لمشوار حافل تجاوز خمسة عقود من الزمان، وبالمناسبة غير صحيح أنه لم ينل تكريما فى بلده، «سمير» كُرم فى مصر، فكان أول ناقد مصرى قبل أكثر من عشر سنوات ينال جائزة الدولة للتفوق، فى اعتراف نادر من الدولة بأن النقد السينمائى يستحق تقييما وتقديرا، بالتأكيد عطاء «سمير» كان يتيح له أن يرشح لجائزة الدولة التقديرية، وهى أعلى من جائزة التفوق، وأتصور أن نقابة السينمائيين كانت تفكر جديا فى ذلك، لولا أن إيقاع القدر كان أسرع.

لم تكن هذه هى فقط مشاهد الذروة (الماستر سين) فى مسيرة سمير، ما رأيناه، مساء أمس، فى سرادق العزاء، كان بمثابة ذروة أخرى وتتويج له إشعاع خاص، إنه الحب الذى عبرت عنه كل الأجيال من النقاد والصحفيين والفنانين الذى تواجدوا فى السرادق، لا أقول للعزاء ولكن، وكل بطريقته، أردنا التأكيد على أن سمير لايزال حاضرا، كانت روحه المهيمنة على السرادق فى (عمر مكرم) تؤكد أنه لايزال بيننا.

من الذى جمع بين كل الأطياف الفكرية والسياسية؟ إنه وبلا شك الحب، ولكن العمق الذى يتكئ عليه هو التقدير، أعلم بحكم تواجدى فى الدائرة أن عددا ممن حضروا العزاء اختلفوا كثيرا وليس فقط قليلا مع سمير، فى عدد من آرائه، أنا شخصيا كثيرا ما عبرت بالقول والكتابة عن تلك الاختلافات، بل وفى المواجهة أيضا، إلا أن ما تبقى هو الحب، كثير من الرسائل المتبادلة بيننا على التليفون، والتى أحتفظ بها، تؤكد ذلك، ولكن لأنها تظل فى عداد الرسائل الشخصية فسوف أكتفى بأن تظل فى قلبى وليست للنشر. كثيرا ما أحاول أن أتذكر المرات التى التقينا فيها على الطائرة مثلا، حيث يصبح أمامنا متسع من الوقت لتبادل الآراء، أجد أن رفيقنا الثالث هو الكتاب، سمير قارئ جيد جدا، أظنه كان يتمثل مقولة الأستاذ كامل زهيرى، وهو بالمناسبة أحد أهم الكتاب الذين ارتبط بهم سمير، وأعتبره فى أكثر من مقال فى مكانة الأستاذ، لزهيرى مقولة شهيرة (اقرأ كأنك تعيش أبدا واكتب كأنك تموت غدا)، أتصور أن سمير فريد كان يلتزم بالجزء الأول فى حكمة الأستاذ ويقرأ فعلا كأنه يعيش أبدا، وهى قراءة موسوعية ولا يفوته مقال فى جريدة، مهما كانت محدودية انتشارها، تناول فيلما أو ظاهرة فنية لتجده وقد قرأه، كما أنه وبنفس النهم قفز فوق هذا السور وقرأ كثيرا فى الأدب والسياسة، ومن الممكن أن يسارع بالتليفون أو برسالة للتنبيه لمعلومة، ولا يمتنع أبدا عن أن يرحب على الجانب الآخر بأى معلومة تصل إليه، وأظن أن كل من حضر تذكر كلمة كتبت عنه فى مقال لسمير، وهكذا وقف على باب السرادق مئات يترقبون المشاركة فى مظاهرة الحب، ولهذا وبإيقاع سريع لم يزد زمن قراءة القرآن عن خمس دقائق وبعدها يصدق الشيخ حتى يسمح لآخرين، برغم أن المقرئ لم يكن يتمتع بصوت جميل، أغلبنا لم نكن نريد مغادرة السرادق لأننا حرصنا على أن نظل أكبر فترة ممكنة فى حضرة الأستاذ، الكل كان يعزى نفسه قبل أن يعزى ويصافح ابنيه محمد وحسن على باب الجامع، وبعد ذلك حرصت على أن أعزى الصديقين الأقرب إلى سمير، الناقدين الكبيرين كمال رمزى وعلى أبوشادى، الثلاثى يشكلون قوة ضاربة فى الحياة السينمائية، ولم يسلم الأمر أيضا من خلافات فى الرؤية، خاصة بين سمير وعلى، ورغم ذلك ستجد أن الحب هو الأبقى. البقاء للكلمة، سمير لم يكن يرحب كثيرا باللقاءات التليفزيونية، ولهذا فإن تراثه المكتوب هو الذى سنحتفظ به للأجيال القادمة، كتابات سمير فى (المصرى اليوم) فقط تصل إلى نحو ٢٠٠٠ مقالة لم تترك موقفا سينمائيا أو أدبيا أو سياسيا إلا وهناك رأى ورؤية، وهى تستحق منا- زملائى وأنا- تحليلا يليق بالذى كنا وسنظل فى حضرته!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

10.04.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)