الفيلم السعودي وسقف الحرية
الدمام
–
مكتب التحرير
هل يوجد سقف حرية لدى صنّاع الأفلام السعوديين؟ وهل هذا
السقف
-إن
وجد-
عائق
لتقدم الفيلم السعودي؟ أليس صانع الفيلم هو نفسه من يرفع سقف حريته فوق
رأسه؟ ثم
هذا ما يجب عليه أن يفعله لكي يناسب منتجه الثقافي المجتمع
الموجه إليه؟
كثيرا ما نسمع عن تدني سقف الحرية في الافلام السعودية وقد
تكون أشبه بشماعة يعلق عليها بعضهم تدني مستوى وكم الأفلام؛ والسؤال هو:
هل نحن جاهزون لسقف حرية عالي بلا قيود؟
في اليوم الرابع من مهرجان أفلام السعودية الخميس
30
مارس
2017م،
استمرت عروض الأفلام وجاء من بينها فيلم
"واحد"
من
إخراج حيدر الناصر، والذي تمحورت قصته حول المعاناة التي نعيشها بسبب
العنصرية المذهبية.
قضية
الفيلم عولجت بشكل جريء إلى حد قد يوقع المشتكين من سقف الحرية في موضع
الدفاع.
كذلك
يمكن القول عن فيلم
"فتاة
داعش"
للمخرج
عبدالمحسن المطيري الذي تدور أحداثه حول فتاة عربية تقوم بمغامرة لإنقاذ
صديقتها التي اختطفها تنظيم داعش الارهابي.
كذلك
الفيلم الوثائقي جليد الذي يحكي قصة أول سعوديين يغوصان في القطب الشمالي
المتجمد وأحدهما سيدة.
وفيلم
"مزبن"
للمخرج
عبدالرحمن جراش الذي سلّط الضوء بجرأة لها طابعها الخاص على
"خبايا"
أبناء
عائلة واحدة تُفضح جميعها في غرفة جدتهم.
بين قوانين المجتمع وعاداتهم تقاليدهم، وجد المخرجون أنفسهم
في مأزق
-قد
يكون لبعضهم وهمياً-
يعوقهم
عن إطلاق العنان لطاقاتهم الإبداعية، فما هي العوائق؟ خصوصاً وأننا نطالع
أفلاماً أنتجت في بلدان محافظة ظهر فيها الممثلون والأحداث بكامل قيود
مجتمعات تلك البلدان، وفازت بالأوسكار وغيرها من الجوائز العالمية، متغلبة
على الأفلام التي تحلّت بالحرية التي يطالب بها البعض.
محمد سلمان مخرج فيلم
"ثوب
العرس"
المشارك
في المهرجان، علق بأن مصطلح
"سقف
الحرية"
يجب أن
يكون بوجدان كل صانع أفلام يضعه هو بنفسه، سقف يراعي فيه ذائقة المشاهد
وعادته وتقاليديه.
وأضاف
"الإبداع
الصادق لا يعرف شكلاً واحداً ولا يتطلب أكثر مما يسمح به أي مجتمع على وجه
الأرض مهما كان متحفظاً، فلا يوجد سقف يحد الجمال، لكن مربط الفرس هو مقدار
إبداع صانع الأفلام نفسه.
أما الممثل يعقوب الفرحان فقد علّق بأن وجود سقف حرية ما هو
إلا دافع وتحد لتقديم أجمل الفنون، فما أعظم الإبداع الذي يكون ذكياً بما
يكفي لخدمة مجتمعه وتطوير رؤيته.
وأضاف
"عدم
توفر صالات سينما عائق كبير لأن وجودها يدفع عجلة الإنتاج، ونحن في المملكة
العربية السعودية نعتبر أمة كبيرة، ووجود الصالات سيجلب المستثمرين الذي
بقصد أو بدون قصد سيرتقون بمستوى صنّاع الأفلام".
الفنان سعد خضر، الشخصية المكرمة للدورة الرابعة للمهرجان،
يرى بأن ما لا يناسب المجتمع لا يعتبر ضروري الطرح، وأضاف
"بيني
وبين نفسي أقرأ وأنفذ أعمالاً بأجرأ حد ممكن، لكن هذا يقتصر على نفسي،
فعندما أعمل للتلفزيون أو للسينما المصرية، لم أكن أتخطى حدود ثقافتهم التي
يمكن لها أن تقنعهم.
الجرأة
التي لا ضرورة لها تفسد العمل الفني ومسيرته وقد تقف عائقاً في طريقه".
ويتوافق
معه محمد سلمان الذي أشار بأن
"العائق
الوحيد الذي يمكنه أن يعيق صنّاع الأفلام هو إيقاف مهرجان أفلام السعودية
أو عزوف الجمهور عنه، فالمهرجان منصة مهمة وداعمة بكل المقاييس".
####
لماذا نأتي إلى مهرجان أفلام السعودية؟
الدمام
-
مكتب التحرير
لماذا نأتي إلى مهرجان أفلام السعودية؟ الفجوة عميقة،
والملل يقتلنا، والفضول
يغمرنا.
لربما
تتكرر الوجوه في الأفلام ولكن الحضور إليها يضمن لنا أن نشاهد قصة مدهشة
أكثر من فيلم يقبع في إطار محدد قد تكررت مشاهده على مخرجه مئات المرات.
هل نأتي
إلى المهرجان لنشاهد الأفلام أم لنشاهد من يشاهدها؟ وهل لدى الفيلم السعودي
هوية تمثله أم أننا نجلس بين الجمهور في صالة العرض المظلمة وننشرح للتجربة
كأي تجربة غريبة عنا لكننا نقبلها لأنها مؤقتة؟ إذا لم تكن هوية الأفلام
السعودية تشبه هوياتنها، فلماذا نتجشم العناء؛ وعلى كل حال:
هل نحن
بالفعل في حاجة إلى دور عرض سينما؟!
في يومه الثالث الأربعاء
29
مارس
2017م،
يحاول مهرجان أفلام السعودية الإجابة على هذه الأسئلة في ندوة
"هوية
الفيلم السعودي، البوادر والتحديات"
التي
تستضيف د.
محمد
البشيّر، دكتوراه في النقد والبلاغة ورئيس لجنة تحكيم مسابقة السيناريو،
والمخرج بدر الحمود، والمخرج علي الكلثمي، والمنتج الإبداعي محمد سندي.
الدكتور محمد البشيّر ابتدأ حديثه بالاعتراف بأن هناك قطيعة
بين كتاب السيناريو والمخرجين أو المنتجين موضّحاً أن عدد لا يستهان به من
الأفلام يكون كاتبه هو مخرجه لأنه يرى بأن إخراج سيناريو حق هو أولى به.
الشاعرة
الدكتورة فوزية أبوخالد كانت من الحضور وتقدمت بتساؤل عن تخلي المخرجين
السعوديين عن الأدب المحلي ومنتجاته كالروايات والسير؛ وفي هذا الصدد يجب
أن نعترف بأن بعض المخرجين بدأوا ينحون هذا المنحى من خلال استحضار القصص
التراثية المحلية في بعض أفلامهم فالمخرج محمد سلمان شارك في المهرجان
بفيلمه
"ثوب
العرس"
الذي
فاز نصه بجائزة النخلة الذهبية في مسابقة السيناريو في الدورة الثالثة، وهو
يحكي عن قصة شعبية.
منسّق
مسابقة السيناريو ومدير مكتب التحرير بالمهرجان علي الدواء أشار إلى أن
لجنة القراءة التي اطلعت على السيناريوهات المشاركة أقرّت بأن الكثير منها
كان يحاول استنباط أفكار جديدة بالاعتماد على الموروث الشعبي والأدبي
المحلي؛ لذلك فإن الاستفادة من التراث الأدبي والتراثي بدأ يستحل مكانة عند
المخرجين وكتاب السيناريو.
وهنا
نسأل:
ألم
نركز نقدنا على المخرجين والمنتجين حتى نسينا كتاب السيناريو؟ الدكتور
البشيّر أشار إلى أن حل مشكلة عدم الارتباط الوثيق بين العمل الفني وجمهوره
المحلي بيد كاتب السيناريو لا غيره؛ فهل لدينا كتّاب أكفّاء لنحاسبهم كما
نحاسب المخرجين؟ ثم لماذا تركز إدارة المرجان منذ أطلقت نسخته الأولى عام
2008م
على تنظيم ورشة للسيناريو مع أن هذا الفن يمكن أن يعتبر من أقدم الفنون إذا
ما تذكرنا أنه مجرد ممارسة كتابه نستخدم فيها المخيلة والذاكرة ولا تحتاج
إلى معدات وفنيين ولا تخضع لرقابة
-غالباً-.
إجابة
على هذا التساؤل يقول مدير المهرجان الشاعر أحمد الملا بأنه
"نعم
لا زلنا نحتاج إلى ورش السيناريو لكن في هذه الدورة حرصنا على ألا تكون
دروساً للمبتدئين بقدر ما هي للتطوير ولذلك أطلقنا عليها اسم ورشة تطوير
القصة والشخصيات والهيكل، وكان أحد شروط القبول فيها أن يكون في حوزة
المسجّل نص سيناريو جاهز للتطوير".
عن سؤال مقدّم الندوة عن الجدلية بين القيمة الفنية
الثقافية والتجارة في الفيلم، حوّل المخرج بدر الحمود السؤال إلى المخرج
علي الكلثمي
"الذي
يستطيع من خلال أعماله على اليوتيوب أن يقدّم قصصاً مستساغة ورائجة لكنها
في نفس الوقت تحمل قيمة فنية عظيمة".
الكلثمي
أجاب
"بصراحة
لا أعلم كيف أفعلها لكني أعتقد بأنني استفدت من والدي الذي كان روائي
القبيلة الذي لا يزال يحكي قصصاً طريفة ولكنها تحمل العبر والحكم.
وأضاف الكلثمي
"القيمة
الفنية ليست هي الهم الأول للمشاهد وإنما التسلية والمتعة، واجب المخرج أن
يصل إلى المنطقة التي في المنتصف بين ما يسلي المشاهد ويرفع ذائقته".
البشير أشار إلى أننا لا يحب أن نحكم الآن على الأفلام فنحن
لا زلنا نحبو، إذا توفر بين يدينا عدد معتبر من الأفلام يمكننا أن نبدأ في
الانتقاء والحكم.
هل يصح
القول بأننا لا زلنا نحبو مع أن إدارة المهرجان صرحت قبل أسابيع من إطلاقه
بأن عدد المشاركات كان كبيراً وأنها قامت برفع معايير قبول المشاركات؟ أو
هل كان البشير يشير إلى عدم شياع الثقافة السينمائية في المملكة العربية
السعودية وانعدام دور السينما فيها؟ وإذا كان هذا هو الحال، فهل نحن بحاجة
فعلية لدور السينما وقد اكتسحت أفلام اليوتيوب والنيتفلكس العالم؟ عن هذا
السؤال أجاب الكلثمي بأن وجود اليوتيوب ضرورة لكنه لا يغني عن تجربة صالة
السينما الاجتماعية، بعكس مشاهدة الأفلام على الأنترنت التي تطوّر حس
الوحدة.
أما
البشيّر فقد أجاب على هذا السؤال بسؤال إذ قال:
"هل لنا
الحق في أن نسأل عن ضرورة وجود شيء ما فقط لأنه ترف؟ سنقول في البداية:هل
وجود السينما ضروري؟ ثم هل وجود الورود ضروري؟ ثم هل الطبيعة والجمال
ضروري؟ ثم الخضار والفواكه". |