كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

يوميات الشرق في مهرجان دبي السينمائي الدولي (6)

الافتراضي لن يصبح واقعًا في لعبة السينما

دبي: محمد رُضـا

مهرجان دبي السينمائي الدولي

الدورة الثالثة عشرة

   
 
 
 
 

«مولانا» عن التشدد وفيلمان لبنانيان يتناولان الذاكرة المتألمة

سوق الفيلم هي ذلك الحيّز من المهرجان الذي يتعاطى مع شؤون الصناعة والإنتاج والتجارة. وهي حلم قديم لدى إدارة مهرجان دبي تم إنجازه قبل بضع سنوات وتطوّر مع الوقت. ليس كبيرًا كما حال أسواق أخرى حول العالم، لكنه يجمع شركات عربية وعالمية تدرك أن عليها التواجد في هذه السوق إذا ما أرادت التفاعل مع الإنتاجات الحاصلة في هذا الجزء من العالم.

ليس كل السوق يتعاطى وتوزيع الأفلام، فهناك سوق صناعية توفر إحداها شركة «سامسونغ» لتشجيع انتشار السينما المشاركة في الحدث.

تبعًا لها، ولسواها من الشركات التي تتعامل مع تقنيات الديجيتال والعالم الافتراضي، سيكون هناك تطوّر مؤكد بالنسبة لهذا النوع من الأفلام التي يجلس أمامها المشاهد على كرسيه الوثير. يضع نظارته المزوّدة بأجهزة التقاط وبث وتركه أمام شريط تجريبي كناية عن ركوب عربة على سكة حديد «الرولر كوستر» (كتلك التي في ديزني لاند) فجأة أنت فوق هذا المقعد الموجود في عالمك الواقعي تعيش طلعات ونزلات العربة المتحركة بالسرعة القصوى. إنها ليست ذاتها التجربة الحية التي قد تخوضها إذا ما دخلت مدينة ألعاب، لكنها ستغمرك برد فعل قريب فتجد نفسك كما لو كنت فوق تلك العربة تمامًا ترتفع إلى قمة ما ثم تهبط بسرعة. بعض الذين جرّبوا هذا الإنجاز التقني كانوا يصرخون مذعورين كما لو كانوا فعليًا في عربة فعلية.

يقولون لنا إن السينما ستصبح هكذا: تدخل فيلم مغامرات تقع في أدغال الأمازون فتعيش ما يعيشه بطل الفيلم. أفعى كبيرة تزحف إليه، ذئاب تحيط به، رماح تمر فوق رأسه وفي كل حين تحل أنت، مشاهدا، مكان البطل.

الغالب أن هذه البدعة ستخلق خط سير موازيا، لكنها لن تؤثر على السينما التي نعرفها. لا شيء يمكن له استبدال العلاقة الوجدانية بين المشاهد والفيلم المعروض على شاشة غير نافرة. ثم من قال إن المشاهد يكترث لأن يحل محل البطل. إنه يريد أن يراه من بعيد ويتسلّى، ولو بصورة أنانية، بما يمر به بطل الفيلم من مشكلات ومخاطر.

{مولانا} المصري

الأفلام العربية التي تحتل في دورة دبي التي انتهت أمس بإعلان النتائج وبعرض فيلم Rogue One: A Star Wars Story موقع الصدارة بين كل المهتمين بعالم السينما والأفلام من جمهور ونقاد، لا تزال تعيش في رحى الواقع غالبًا ولا تتعامل، إلا في نحو محدود جدًا، مع الخيال الجانح أو الفانتازيا أو حتى الشكل ذاته من المغامرات التي تغري هوليوود بتقديمها بالأبعاد الثلاثة.

والواقع أن العدد الأوفر من الأفلام التي عرضت هنا تعاملت مع الواقع أو مع ما يماثله أو ما قد يستوحى منه. تعاملت مع النزاع الدائر في سوريا، وتعاملت مع الآمال المحبطة في تونس، ومع المتشددين في مصر ومع الأوضاع الاجتماعية في ريف المغرب. وحتى عندما نشدت تقديم رؤاها التي لا تنضوي تحت بند الواقع، لم تكن بعيدة عنه، كما الحال في «إنشالله استفدت» و«اسمعي». الأول كوميديا أردنية سوداء، والثاني دراما عاطفية لبنانية.

في الصلب نجد فيلم الفوز طنجور «ذاكرة باللون الخاكي»، كما تقدّم الحديث عنه قبل يومين. نجد كذلك فيلم «مولانا» للمخرج المثير دومًا للاهتمام مجدي أحمد علي. بينما الفيلم الأول (المسابقة) ينتقد نظام الأسد منذ بدأت مواجهاته الأولى، سنة 2008. مع المطالبين بالحرية والتغيير. يجد الفيلم الثاني مساحة كاملة للحديث عن المتشددين.

الرواية للكاتب إبراهيم عيسى، والمخرج أنجز منها فيلما يزلزل كثيرا من القناعات لكنه يعترف بأنه لو أقدم على تحقيق الرواية كاملة لحدث بركان من ردات الفعل. ما نشاهده على الشاشة هو سرد لحكاية مقلقة حول الداعي المعتدل الشيخ حاتم (يقوم به عمرو سعد) الذي لديه برنامج ديني أسبوعي يُبث من إحدى القنوات التلفزيونية بنجاح كبير. الشيخ حاتم أسس نجاحه على الانفتاح على التيارات والمشارب والآراء، وهو يعلم أن بعض الذين يدورون في حلقات التشدد (دور للممثل الجيد أحمد راتب) يتمنون لو أنه يسقط من موقعه بأي وسيلة.

يضخ الفيلم في حكايته موقف الحكومة منه التي تتمنّى له الفشل إذا ما استمر في عناده. فهو يرفض التعاون مع المسؤولين وانتهاج رغباتهم الدعائية التي يستفيد منها النظام ويحفر لنفسه طريقًا مستقلاً عن المتشددين وعن المسؤولين معًا.

الموضوع يسود في هذا الفيلم، لكن آلية العمل لدى مجدي أحمد علي ومعالجته الحكيمة في مجال الاقتباس الأدبي (ثاني اقتباس أدبي يقدم عليه منذ «عصافير النيل» عن رواية إبراهيم أصلان) ودرايته بالأوضاع وكيف ينسجها في أسلوب كلاسيكي يساعد العمل على تجاوز عراقيل سلبية أهمها ثقل الطرح المؤثر على المعالجة. المخرج مندفع لتقديم نقد حار وصادق، لكن قدرًا من الهدوء، والاكتفاء بالصورة عوض الكلمة، كان يمكن لهما تعزيز المنشود من هذا العمل المهم.

هاجس الحرب الذي لا ينتهي

في سياق مختلف تمامًا يتقدّم فيلمان لبنانيان عرضا في المسابقة ولفتا الأنظار، مجددًا، لموهبة مخرجيهما. الأول «نار من نار» لجورج هاشم، والثاني «اسمعي» لفيليب عرقتنجي.

«نار من نار» هو فيلمان في فيلم واحد. مخرج يصوّر، مع مطلع الفيلم ذاته، مشهدًا عاطفيًا من فيلمه. حكايات ذلك الفيلم الداخلي جزء من ركام وجداني وعاطفي يعيش في داخله ودواخل ممثليه. حين ينتقل «نار من نار» إلى الحياة الحاضرة (حيث تقع غالبية الأحداث)، يبقى المشروع الذي يقوم به المخرج (وجدي معوض) هاجسه لما حدث فيه خلال التصوير ولما ما زال يتفاعل من أفكار خرجت من سياقها القصصي الأول ويتداولها الحال الحاضر خصوصًا عندما يقع اللقاء بين المخرج وصديق قديم (فادي أبي سمرا) ليتطور إلى مناجاة صادقة ومهمّة يختتم الفيلم بها أحداثه.

المعالجة المتبعة هنا هي أعلى فنًا وأكثر عمقًا مما وفّـره المخرج قبل أربعة أعوام، عندما أخرج فيلمه الروائي الطويل «رصاصة طايشة». شيء من تاركوفسكي في هذا الفيلم عبر لقطاته لأقدام تسير. مياه. وحول مساحات ومسافات إلخ… وكثير من هواجس حرب مضت وشخصيات ما زالت حاضرة تعيشها في البال وتمزّقها الأسئلة التي لم يعد لها أجوبة.

إلى حد بعيد، يتفق فيلم فيليب عرقتنجي «اسمعي» مع هذا الوضع. شخصياته أيضًا نتاج حرب وإن كانت لم تعشها. الواقع الحالي (اللاجئون السوريون) يتسلل. التقسيم الطبقي والديني يلوح بيده. لكن «اسمعي» فيلم رومانسي في الأساس بين مهندس صوت درزي وفتاة مسيحية. إثر حادث سيارة، تدخل الفتاة الكوما وهم صديقها إعادتها للحياة عبر إسماعها أصوات الحياة وأصوات الذاكرة التي جمعتهما.

كما «نار من نار» هناك فيلم وسينما وذاكرة موجعة وبقايا حرب أهلية في البال ومسافة متعارف عليها ضمنًا بين الطوائف. لكن جل «اسمعي» هو ذلك النسيج العاطفي الذي يثمر عن حكاية حب متوترة تتداخل فيها أكثر من شخصية. يبدأ الفيلم كما لو كان سيعجز عن إثارة الاهتمام، لكنه من بعد نصف ساعته الأولى، يتبلور إلى عمل أكثر جدية مما بدا عليه.

####

جوائز للبنان ومصر

والأولى لفيلم عن الإيزيديين و«الدواعش»

دبي: محمد رُضـا

مزيج من العناوين والأسماء الفائزة شغلت نحو ساعة كاملة لتقديمها في حفل الاختتام الأخير لمهرجان دبي السينمائي الدولي الثالث عشر.

أفلام في أربع مسابقات هي المهر الطويل والمهر الإماراتي والمهر الخليجي والمهر القصير. لجان التحكيم الثلاث امتدت لتشمل «المهر الإماراتي» برئاسة المخرج يسري نصر الله ومسابقتي المهر القصير والمهر الخليجي القصير برئاسة المخرج الأوكراني سيرغي لوزنيتسا والمهر الطويل برئاسة المخرجة الألمانية أولريكي أوتينجر (يكتبها الدليل أولينغر). وهذه ارتأت الجوائز التي مُنحت على النحو التالي:

> المهر الطويل

هذه الجائزة لكل الأفلام الثمانية عشر التي تنافست من مختلف الدول العربية، بما فيها لبنان (5 أفلام) ومصر (4 أفلام) والعراق (فيلمان) والأردن وتونس (فيلمان)، وفلسطين، وفيلم مشترك الإنتاج لمخرجه السوري الفوز طنجور.

وهناك جائزتان رئيسيتان، واحدة للفيلم الروائي الطويل، والأخرى للفيلم غير الروائي الطويل. الأولى ذهبت لفيلم حسين حسن، وهو مخرج كردي سبق له أن عرض هنا «ذكريات منقوشة على حجر» عالج فيه مسألة التقاليد التي تمنع شغل المرأة في التمثيل. هنا يذهب إلى ما هو أكثر حضورًا في المشهد الحالي وهو مأساة الإيزيديين على أيدي تنظيم داعش المتطرف.

الثانية نالها فيلم ماهر أبي سمرا «مخدومين» عن الأيدي الأفريقية والآسيوية العاملة في المنازل وكيف يعاملها اللبنانيون.

اختياران معقولان لولا أن ذلك لم يمنح «نار من نار» الأكثر عمقًا وفنًا في سرده الروائي أي جائزة كما تجاهل «ذاكرة باللون الخاكي» من جائزة الفيلم التسجيلي. كلاهما جدير تمامًا بالفوز.

الفيلم اللبناني الذي فاز كان «ميل يا غزيل» لإيليان الراهب وهذا مُنح جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

جائزة أفضل مخرج ذهبت، وعن استحقاق للمصري محمد حماد عن فيلمه «أخضر يابس» (بعض المصفقين له كانوا قد هاجموه حين شاهدوه خلال هذه الدورة).

واللبنانية جوليا قصّار نالت جائزة أفضل ممثلة عن «ربيع» (مشترك بين لبنان وقطر ودولة الإمارات) وجائزة أفضل ممثل ذهبت إلى علي صبحة عن دوره في الفيلم المصري «علي معزة وإبراهيم» لشريف البنداري.

> المهر الإماراتي

توزعت هذه الجائزة حول المخرج ياسر النيادي، بصفته أفضل مخرج وذلك عن فيلمه القصير «روبيان» وأفضل فيلم قصير ذهبت إلى فيلم جيد التنفيذ والموضوع عنوانه «ممسوس» لشذى مسعود، بينما حظي الفيلم الروائي الطويل «الرجال فقط عند الدفن» لعبد الله الكعبي على الجائزة الأولى بين الأعمال الثلاثة عشر التي تنافست على المهر الإماراتي.

> المهر القصير

فاز التونسي مهدي البرصاوي بالجائزة الأولى عن فيلمه «خلينا هكا خير» وجائزة لجنة التحكيم ذهبت إلى اللبنانية مونيا عقل عن «غواصة» والجائزة الثالثة للفيلم السعودي «300 كلم» إخراج محمد الهليل.

هناك فوضى ملحوظة في حفل الاختتام كان المهرجان في غنى عنها. ليس أن التقديم كان سيئًا لأن إيقاعه كان سلسًا وجيدًا، لكن عوض إجلاس المرشّحين للفوز في مقاعد أمامية، تم توزيعهم في شتى أنحاء الصالة والبعض وقف خارجها ما استدعى انتظار الفائزين بعض الوقت كلما تمت مناداة أحدهم. في النهاية طلبت المقدّمة من جميع الفائزين الصعود مجددًا على المسرح لأخذ صورة تذكارية، لكن هؤلاء كانوا قد تشتتوا مجددًا والصورة تمّت بمن حضر.

الشرق الأوسط في

15.12.2016

 
 

"ذاكرة باللون الخاكي" للفوز طنجور: سينما البوح

نديم جرجوره

يبني المخرج السوري الفوز طنجور (1975) فيلمه الوثائقي "ذاكرة باللون الخاكي" ـ المُشارِك في مسابقة "المهر الطويل"، في الدورة الـ 13 (7 ـ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2016) لـ "مهرجان دبي السينمائي الدولي" ـ على مسألة اللون، ودلالته في نفوس السوريين، وعقولهم وأرواحهم. يتّخذه مساراً بصرياً لتبيان أحوال بلدٍ خاضعٍ لسطوة حاكمٍ مستبدّ، ولتفكيك ذاكرةٍ محمّلةٍ بصُوَر القمع والدم، وبحكايات الموت اليومي. ينطلق به من تاريخٍ مليء بالقهر والتمزّق والخراب، ويصل إلى راهنٍ يصنع حكايته بحراكٍ سلميّ، يُحوِّله النظام المستبدّ إلى حربٍ، يريدها لإبادة شعبٍ، وتدمير بلدٍ، والقضاء على اجتماعٍ بشري ـ إنساني.

بوحٌ غاضبٌ

الحكايات المروية على ألسنة خمس شخصيات، تمزج الذاتيّ البحت بالرواية العامة. تقول ماضيها وحاضرها بغضبٍ ووجعٍ، وبرغبةٍ في خلاصٍ حقيقي. تشير إلى معنى الاغتراب، وتنظر إلى أمكنتها الواقعية بعيونٍ متوترة ومتألمة، وبأملٍ في نهاية نفق الموت. ترسم معالم علاقة شخصية بمدنها وشوارعها وفضاءاتها الخاصّة، وتأخذ الكاميرا، ببوحها وحركاتها ونظراتها وذكرياتها، إلى ارتباط الأمس باليوم، بين أنقاضٍ تعكس المسار الواحد لنظامٍ واحد، يبدأ مع أبٍ مهووس بالقتل، ويستكمل مشروعه الدموي مع ابنٍ، يتفوّق على أفعالِ أبيه في ارتكاب الجُرم.

بين الشخصيات المنفية في بلاد اغترابٍ أوروبي وعربي، وأزمنة الماضي والحاضر والمقبل من الأيام، يُعيد "ذاكرة باللون الخاكي" تحديد بعض المتداول في العلاقة الصدامية بين شعبٍ وسلطةٍ، ويفتح أفق الحكاية على نواتها الأصلية، المرتكزة على اللون الخاكي، الذي يتحوّل إلى خيطٍ ممتد من سلوك تُمارسه السلطة، ويخضع له الشعب، قبل الانقلاب عليه، إلى إشارةٍ تؤكّد الجريمة، التي تبدأ بخنق الفرد في لونٍ واحدٍ، يمثّل جبروت الحاكم، ورغبته في التضييق الدائم على الناس، ويكاد لا ينتهي، مع أفعال القتل الفردي ـ الجماعي، من حماه (1982) إلى الحراك المتحوِّل إلى حربٍ (2011).

واللون، الذي يُصبح ركيزة درامية للحكاية السورية، يجعل الفيلم قراءةً بصريةً في أحوال أفراد، يرتبطون بعلاقات مختلفة بمخرجٍ شابٍ، يبدأ حكايته الشخصية من منطلقين اثنين: السينما ومجزرة حماه، فهو ابن الثمانينيات، بما في تلك المرحلة من تبدّلات ومخاطر، ومن تشديدٍ دموي لقبضة قاتلةٍ في الداخل السوري، فقط.

وإذْ يتحول اللون الخاكي إلى رمزٍ للتسلّط القامع والتدميري، فإن الثمانينيات السورية تلك عالقةٌ في أذهانٍ بعض الشخصيات أيضاً، بآثارها المختلفة، وصولاً إلى الحراك السلميّ، المفروضة عليه "حرب إبادة". فاللون الخاكي، كما يقول الرسّام التشكيلي خالد الخاني، "يحمي الاتّساخ ويُغطّيه"، مُشيراً إلى حضوره (الاتّساخ) في النفوس والأبنية والحياة، وإلى تجذّره في دواخل السوريين وعقولهم وأدمغتهم، مُلاحظاً أنه "يليق بنا". لكنه يؤكّد رفض كثيرين أن يخضعوا له، أو يقبلوه: "يجب وضع اللون الأبيض عليه، لتلوينه بألوانٍ أخرى". في حين أن الكاتب إبراهيم صموئيل يتذكّر اللون منذ سبعينيات القرن الـ 20، قائلاً إن "الحياة ليست بلون الخاكي، وليست بألوانٍ أخرى ثابتة، فهي مجموعة ألوان".

جوهر الحكاية

تفسيرٌ لمعنى اللون الخاكي في بلدٍ كسوريا، كفيلٌ باختزال جوهر الحكاية. لكن الحكاية، بقدر ما تمتلك خصوصية شخصية تتعلّق بالمخرج نفسه، تحاول أن تؤشِّر إلى حالاتٍ فردية وعامة، عبر أناسٍ يعرفهم الفوز طنجور، ويرتبط معهم بصداقةٍ، أو بأواصر قربى. فإلى جانب الخاني وصموئيل، هناك أماثِلْ ياغي (خالته)، وشادي أبو فخر، ومحمد السليم. وبالتوازي مع سرد ذاتي لأحوالهم وتفاصيل عيشهم في سوريا وخارجها، ولصورة دمشق ومعناها في نفوسهم وعقولهم، يتابع طنجور سيرة بلدٍ، تتوزّع على بداية الحكم الأسديّ (1970)، ومجزرة حماه، والحرب الوحشية التي تقضي على الثورة السلمية في أيامها الأولى، وتُكمِل فعلها العنفي لغاية الآن. وبين حكاياتهم الشخصية البحتة، وحساسيتهم إزاء أمكنتهم وراهن اغترابهم، يصنع طنجور شهادةً تمزج السينمائيّ بالسرديّ والشعريّ، وتضع الحكايات الفردية في صدارة المشهد، جاعلةً إياها مرايا بيئة واجتماع وأناسٍ.

""ذاكرة باللون الخاكي" يبقى أحد الأفلام الوثائقية القليلة، التي تنبش في سِيَرٍ فردية حكايات أعمّ وأعمق، محصِّنةً إياها من تلف النسيان، والتي تؤرِّخ، بصُوَر سينمائية عديدة، بهاء "الثورة اليتيمة""

والذاتي غير مُتوقِّفٍ عند روايات هؤلاء، وانفعالاتهم السابقة والآنيّة. ذلك أن النصّ ـ السينمائي والسرديّ ـ مستمدٌّ من حكاية المخرج نفسه، بدءاً من علاقته بالسينما، ودراسته إياها في بلدٍ ملفوظٍ من الخارطة (مولدوفيا)، والكتاب الوحيد الذي يتأبطّه في سفره، "رائحة الخطو الثقيل" لإبراهيم صموئيل، وتعرّفه إلى الآخرين في ظروفٍ مختلفة، بعضها مرتبطٌ بالسينما أيضاً (شادي). أيّ أن الذاتيّ الخاصّ بالمخرج، يترافق والذاتيّ الخاصّ بكل شخصية أخرى، أثناء توغّلهم جميعهم في أروقة البلد والذكريات والوقائع، وفي "متاهة" الاغتراب وملاذه وأسئلته المختلفة.

ورغم أن كلاماً تقوله بعض الشخصيات حول "أزمة" الاغتراب، أو حول أزمتها في الاغتراب، يُستشفّ منه شيئاً من ادّعاءٍ رومانسيّ إزاء أمكنةٍ وأناس، إلاّ أن "ذاكرة باللون الخاكي" يبقى أحد الأفلام الوثائقية القليلة، التي تنبش في سِيَرٍ فردية حكايات أعمّ وأعمق، محصِّنةً إياها من تلف النسيان، والتي تؤرِّخ، بصُوَر سينمائية عديدة، بهاء "الثورة اليتيمة" (كعنوان كتاب للباحث اللبناني زياد ماجد)، وجماليتها الإنسانية السلمية، وإجبارها على التحوِّل إلى حرب إبادة. يبقى الفيلم تعبيراً شفّافاً، في مشاهد ولقطات عديدة فيه، عن المواجهة والتحطّم معاً.

في الكلام المتداول على ألسنة بعض الشخصيات، ما يُشير إلى التباس المعنى، أو المبطّن في السلوك الفردي. فشادي، مثلاً، يؤكّد أن عدم حمله السلاح نابعٌ من عدم قناعته به، وليس بسبب الخوف، مشيراً إلى أنه وآخرين يواجهون الرصاص بصدورٍ عارية، وهذا ليس خوفاً. لكنه لن يقول أبداً سبب اغترابه. وأماثِلْ، المختفية عن الأنظار داخل سوريا قبل اغترابها، لمطاردتها من قِبَل أجهزة أمنية، لن ترتاح في فنلندا، مع أنها ترى صُوَر رئيس آخر غير حافظ الأسد، مشيرةً إلى شعور بالاختناق يلمّ بها في اغترابها، ومتوقّفة عند الإحساس بـ "أمانٍ" ما، ولو في ظلّ الخوف والموت.

استعادات بالصُوَر

ليست الحكايات المروية جديدة: الاعتقالات والتعذيب وممارسة أقذر الإهانات ضد أبناء البلد، وانفضاض السلطة عن حروبٍ ضد العدو، في مقابل انغماسها في حروبٍ ضد العرب، وضد أبناء البلد، أمورٌ معروفةٌ ومتداولةٌ، تماماً كأفعال النظام الأسدي في حماه وغيرها. لكن إعادة صوغها في بناء متماسك في سرده وإشاعته صُوَراً سينمائية، لقول شيء من واقعٍ وذكريات، يجعل الاستماع إليها (الحكايات)، أمام صُورٍ كتلك، محاولة إضافية لعدم النسيان. وهذا ما يؤكّده بعض الشخصيات أساساً، إذْ أن النسيان جريمةٌ أعنف من جُرم النظام.

اختلاط الشعريّ في صوت الراوي/ المخرج بلقطات سينمائية تتماهى بما تقوله الشخصيات، أو بما تصنعه الذاكرة من استعادات، أو بما يعكس ـ بصرياً ـ حالة أو لحظة أو انفعالاً؛ هذا الاختلاط جزءٌ أساسي من البناء الدرامي لـ "ذاكرة باللون الخاكي"، وتفعيلٌ لمعنى الصورة السينمائية في مقاربتها بشاعة واقع، ووحشية حالات، وقسوة متاهات. النبرة الهادئة في صوت الراوي/ المخرج لن تخفي مرارة الألم، وقسوة التمزّق، وجمال الغضب في انفعاله ومواجهته وسعيه إلى معنى حقيقي للحرية. واللقطات السينمائية تتساوى والشريط الصوتي، الذي يروي على إيقاعها ما يعتمل في القلب والروح والنفس، من أوجاعٍ وخبرياتٍ ولحظاتٍ. لقطات تُظهر شادي وهو يتعلّم المرادف الفرنسي لكلمات عربية تتعلّق بالحرية والثورة والأصدقاء، تماماً كالمخرج نفسه الذي يتلقّن المفردات الألمانية (لإقامته في فيينا) الخاصّة بالكلمات نفسها؛ أو اللقطة التي توازن بين تنظيف البندقية وتهيئتها للاستخدام، بقلم رصاص يُحضّره إبراهيم صموئيل للبدء بالكتابة؛ أو تلك التي ترافق صبياً في حقل واسع ومُضيء، تحضيراً لاغتياله قنصاً في النهاية؛ وقبلها لقطة البداية: صبي يرتدي زيّاً عسكرياً بلون الخاكي، يقف تحت المطر، وقطرات تتحوّل إلى لونٍ أحمر، قبل انتهاء هذه اللقطة بعتمة الشاشة المترافقة مع دوي إطلاق رصاصة.

"ذاكرة باللون الخاكي" شهادة توثيقية، تعتمد لغة السينما في مقاربتها أهوال المصائر الذاتية لأناسٍ يريدون خلاصاً لهم ولبلدهم، من طاغيةٍ يتفنّن بالقتل والتدمير والإبادة. شهادة تعتمد على الصُوَر السينمائية في بنائها الوثائقي، وتدفع إلى مزيدٍ من التأمَّل في أحوال راهنٍ، ومسارات ذاكرة.

*ناقد سينمائي من أسرة "العربي الجديد" 

العربي الجديد اللندنية في

15.12.2016

 
 

تواصل عروض المهرجان..

ومخرج عراقي يفوز بجائزتين في ملتقى دبي السينمائي للانتاج المشترك

دبي/ علاء المفرجي

عُقدت يوم أمس جلسة حوار مفتوحة مع الممثل الأميركي جيفري رايت والممثل الأسترالي لوك هيمسوورث، في مسرح مدينة الجميرا، ضمن فعاليات اليوم الخامس من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» بدورته الـ 13، وبالتعاون مع شبكة أوربت شوتايم (OSN). وأتاحت الجلسة للجمهور فرصة مشاهدة حلقة من المسلسل الملحمي «وست وورلد».

يصنّف المسلسل من فئة الخيال العلمي والإثارة التلفزيونية، وهو تابع لقناة «اتش بي او». تقع أحداثه في «وست وورلد»، وهو متنزه خيالي متقدم تقنياً تعيش فيه أندرويديات اصطناعية تدعى بـ «المضيفون»، تلبي رغبات الزوار الأثرياء الذين يطلق عليها اسم «الوافدون الجدد». يستطيع الوافدون الجدد فعل ما يريدون داخل المنتزه دون الخوف من انتقام المضيفين.

في تلك الأثناء شهد مسرح مدينة جميرا فعالية السجادة الحمراء والعرض العالمي الأول للفيلم اللبناني «محبس»، بحضور المخرجة صوفي بطرس، وفريق التمثيل: جوليا قصّار، وبيتي توتل، وعلي الخليل، وجابر جوخدار، وسعيد سرحان، ونيكول كاماتو.التقى صناع وعشاق السينما بمجموعة كبيرة من الموهوبين خلال اليوم السادس من فعاليات «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، حيث قدمت مجموعة قنوات "أو إس إن" وقناة "صندانس" جلسة حوارية مع نجمة هوليوود الشهيرة آندي ماكدويل

وناقشت ماكدويل المعروفة بأعمالها الكلاسيكية والأفلام المستقلة الأسطورية وكذلك عملها على خشبة المسرح والتلفزيون، تجربتها من خلال عملها في الأفلام المستقلة والتطور المهني في هوليود خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وناقشت كذلك بداياتها وعودتها لشاشة التلفزيون.

قدمت الحلقة النقاشية التي استمرت قرابة الساعة مقدمة قناة "بي بي سي" إيما جونز، وخلال حديثها في الجلسة كشفت ماكدويل عن نظرتها للسينما المستقلة.

فازت خمسة مشاريع سينمائية عربية بجوائز «ملتقى دبي السينمائي»؛ منصة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» للإنتاج المشترك، التي تقدّر جوائزها الإجمالية بـ50 ألف دولار، لدعم مشاريعهم السينمائية، وتكوين شبكات للتواصل مع الخبراء العالميين في القطاع السينمائي، ولمساعدتهم في إيصال أعمالهم إلى الشاشة الكبيرة.

تتضمن لائحة الفائزين بجوائز «ملتقى دبي السينمائي»، للعام 2016: المخرجة إليان الراهب والمنتجة لارا أبو سعيفان عن «العائلة الكبرى»، والمخرج عمر هفاف والمنتجة ماري بلدوشي عن «ما زالت الجزائر بعيدة»، والمخرجة دارين ج. سلاّم والمنتجة ديمة عازر عن «فرحة»، والمخرج مهند حيال والمنتجة هلا السلمان عن ««شارع حيفا»، والمخرج داود أولاد السيد والمنتجة لمياء الشرايبي عن «تودا»، والمخرجة هيام عباس والمنتجة سابين صيداوي عن «غبار الطفولة».

إلى جانب الجوائز النقدية، اختار «ملتقى دبي السينمائي» خمسة من صنّاع أفلام عرب، من المشاركين في الملتقى، للحصول على اعتماد مجاني في شبكة المنتجين في «مهرجان كان السينمائي»، وهي واحدة من أبرز أسواق الأفلام حول العالم، حيث تجمع أبرز صنّاع السينما، وأكثرهم خبرة، للتواصل المباشر مع خبراء الصناعة. الفائزون هم: المنتجة ديمة عازر عن فيلم «فرحة»، والمنتجة ولارا أبو سعيفان عن فيلم «العائلة الكبرى»، والمنتجة هلا السلمان عن فيلم «شارع حيفا»، والمنتجة كارول عبود عن فيلم «الحياة = شوائب سينمائية»، والمنتج خالد المحمود عن فيلم «مطلع الشمس» وهو أيضاً منتج مشروع «آي دبليو سي».

بصفته أحد مقومات «سوق دبي السينمائي»، التزم «ملتقى دبي السينمائي» بالاحتفاء ورعاية المواهب الناشئة في الوطن العربي، وازدهار مستقبل صناعة السينما في المنطقة، كما دعم الملتقى أكثر من 130 فيلماً، تنافست على أرفع الجوائز العالمية. وهذا العام، يقدّم «الملتقى» مجموعة جوائز نقدية تصل قيمتها إلى 50 ألف دولار، مقدمة من المؤسسات الإقليمية المرموقة. تتضمّن جوائز هذا العام جائزة «سيني سكيب» / جائزة الصف الأول، بقيمة 10 آلاف دولار، وجائزة «شبكة راديو وتلفزيون العرب» (إيه آر تي) بقيمة 10 آلاف دولار، وجائزة «مهرجان دبي السينمائي الدولي» بقيمة 25 ألف دولار، وجائزة «المنظمة الدولية للفرنكوفونية» بقيمة 5000 يورو، جائزة الشراكة مع «ترابيكا»، وجائزة «سوفوند».في هذا الصدد، قالت شيفاني بانديا، المدير الإداري لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي»: «تكمن أهمية البرامج مثل «ملتقى دبي السينمائي»، في دعمها للمواهب العربية الشابة، لتقدّم مشروعاتها المُبتكرة لقطاع عريض من الجمهور حول العالم المهتمين بالعالم العربي. أشعر بسعادة بالغة عند رؤية شغف هؤلاء الموهوبين لاغتنام هذه الفرص الذهبية بتحويل مشاريعهم السينمائية من الورق إلى العرض على الشاشة الكبيرة، حيث أنهم لا يستثمرون في مستقبلهم الواعد فحسب، بل أيضاً يساهمون في تطوير وإثراء صناعة السينما في المنطقة ككل».جاءت عملية اختيار الفائزين بجوائز «ملتقى دبي السينمائي» بناءً على استيفائهم معايير عدة، منها جودة الفكرة المطروحة، والقدرة على انعكاس تنوّع الأصوات والمدراس السينمائية في العالم العربي، على اختلاف مستوياتها، وجدوى المشاريع، والموهبة والقدرات التي يملكها الفريق من أجل تقديم المشروع المقترح، بالإضافة إلى مدى قدرة المشروع على جذب الشركاء العرب والدوليين. والفائزون بالجوائز هم: «العائلة الكبرى» المخرج: إليان الراهب، وفيلم «ما زالت الجزائر بعيدة» المخرج: عمر هفاف، وفيلم «فرحة» المخرج: دارين ج. سلاّم، وفيلم «شارع حيفا» المخرج: مهند حيال، وفيلم «تودا» المخرج: داود أولاد السيد، جائزة الشراكة مع «ترابيكا»: ايضا لفيلم «شارع حيفا» المخرج: مهند حيال، وفيلم «غبار الطفولة» المخرج: هيام عباس.

وتواصلت الى اليوم الاخير عروض المهرجان حيث يعود المخرج البريطاني بن ويتلي، الحاصل على عدة جوائز، الى «مهرجان دبي السينمائي الدولي» مع فيلمه الجديد «نار مجانية» ، بعد فيلمه الكوميدي «الرحّالة» الذي حصل على اعجاب النقّاد. الفيلم الجديد من بطولة بري لارسن، وآرمي هامر، وسيليان مورفي، ونواه تايلور. يروي الفيلم قصة جوستين التي تُرتّب اجتماعاً في مخزن مهجور بين عصابتين، لإتمام صفقة بيع أسلحة، وسرعان ما يتحول إلى تبادل لإطلاق النيران، مما يضع الجميع في لحظات تحبس الأنفاس للبقاء على قيد الحياة.  

يقدّم المخرج النيبالي ديباك رونيار فيلم الدراما «شمس بيضاء» ، الذي شارك في «محترف مهرجان كان»، ومن بطولة داياهانغ راي، وآشا مايا ماغراتي، ورابيندرا سينج بانييا. تدور أحداث الفيلم حول شاندرا الذي يعود إلى قريته النائية عند وفاة والده، بعد قرابة عقد من ابتعاده عنها، حيث يقابل شقيقه سوراج، الذي كان في الطرف الآخر إبان الحرب النيبالية. ورغم المأساة، يخفق الشقيقان في وضع خلافاتهما السياسية جانباً، ويترك سوراج شقيقه وحيداً، في مواجهة مع الشرطة، ومقاتلي حرب العصابات، وسكان القرية.  

تضيف المخرجة الأميريكة كيلي رايكارد إلى مجموعة «سينما العالم» فيلمها الدرامي الجديد «بعض النساء» من بطولة كريستين ستيوارت، وميشيل ويليامز، ولورا ديرن، وجيمس ليجروس وجاريد هاريس وليلي غلادستون. تدور أحداث الفيلم حول حياة ثلاث سيدات تتقاطع سوياً فى ولاية مونتانا، ويُعالج اللحظات الكبيرة والصغيرة التي تصنع حياة النسوة القويات المستقلات، اللواتي يبحثنَ عن سبل لفهم العالم من حولهن وصياغته. المخرج التايواني ميدي زي، يضع المُشاهد في أجواء مشحونة في فيمله الروائي الجديد «الطريق إلى ماندالاي» من بطولة كاي كو، وكي شي وو. يصور الفيلم رحلة ليانجينغ، واحدة من خمسة مهاجرين غير شرعيين، قطعوا طريق التهريب الممتد من بورما إلى تايلاند، عبر نهر ميكونغ، في مدينة تشيليك. طوال الرحلة كان مهاجر آخر، يُدعى غو، لطيفاً معها، وتجمعهما أقدارهما فيما بعد، ليبدأ الثنائي بادخار الأموال في تايلند، مع طموحاتهما المختلفة لبناء مستقبلهما الباهت.   

وفي اطار المهر القصير يتعاون المخرجان السوريان رنا كزكز وأنس خلف في الفيلم المؤثر «ماريه نوستروم»، الذي تدور أحداثه على شواطئ البحر المتوسط، حيث يواجه الأب السوري موقفاً صعباً يهدد حياة ابنته. يقوم ببطولة هذا الفيلم الممثلان زياد بكري وزين خلف.وينضمّ المخرج الفلسطيني مهدي فليفل بفيلمه القصير والمميّز (رجل يعود)، ويحكي خلاله قصة رضا، الذي يعود إلى منزله في المخيم بشخصية جديدة، بعد أن قضى ثلاث سنوات عالقاً في اليونان. لقد فشل رضا (26 عاماً) في الحصول على اللجوء والهرب بعيداً عن المخيم، بسبب ما فرضته الحرب السورية من قيود على عالمه، فقرّر العودة إلى المخيم والزواج من رفيقة دربه، للهرب من هذا الواقع المرير، رغم أنّ النتيجة قد لا تكون السعادة التي يتمناها.

المدى العراقية في

15.12.2016

 
 

مشروع يرتكز على التنقيب في المناطق المغلقة

«أسبوع ويومين».. تجريب خارج الأفكار المضمونة

دبي: مصعب شريف

تدخل بنا المخرجة وكاتبة السيناريو السودانية مروى زين، إلى الغرف المغلقة عبر فيلمها المصري السوداني «أسبوع ويومين»، الذي شارك في مسابقة المهر القصير بمهرجان دبي السينمائي.

ترصد زين عبر قصة «إبراهيم» الذي يؤدي دوره الفنان المصري عمر صالح، وزوجته «ليلى» تقوم بدورها الفنانة ياسمين رئيس، تقلبات المشاعر في الحياة الزوجية، خلال 9 أيام تعتبر من حياتهما، بالوقوف على معاناتهما خلال هذه الأيام من محاسن ومساوئ الحمل، ومشاعر التوتر والشك التي تراودهما، والقرارات الكبيرة التي يتعين عليهما اتخاذها.

اللغة البصرية المحتشدة بالترميز تعتبر الأداة الرئيسية لزين في فيلمها، ويقتصر الحوار على توصيف العلاقة وتدعيمها، ليضعنا أمام زوجين يتفقان على تأجيل الحمل إلى أن تأخر ما اعتادت الزوجة انتظاره كل شهر، يجعل شكوكها تتزايد بشأن «إبراهيم»، وإذا ما كان أخل بالاتفاق أم لا. ليدافع عن نفسه بأنه لا يزال على اتفاقه فيما تفضح سلوكاته والفيديوهات التي يشاهدها على الإنترنت نزعته الذكورية للسيطرة والإنجاب، وتعمد زين إلى وضعنا أمام التفاصيل لإيصال القصة من زوايا متعددة، حتى تختتم الفيلم بتنويه شعري يشير إلى أن مياه الحب بين الزوجين عادت لمجاريها بعد عودة المنتظر.

مروة زين، مخرجة سودانية مولودة في السعودية ومقيمة في القاهرة، درست الهندسة الكيميائية في جامعة القاهرة لمدة 4 أعوام، بعدها قررت الالتحاق بالمعهد العالي للسينما، ومنذ دراستها بالمعهد عملت كمساعد مخرج في السينما المصرية، وبدأت المشاركة في ورش عالمية، مثل «برلينالي تالنت» و«أكاديمية إدفا»، وأخيراً حازت دبلوم السينما الوثائقية من المعهد الوطني للسينما بالدنمارك، وخلال هذه الفترة، أنجزت 5 أفلام قصيرة من بينها «لعبة»، فيلمها الروائي الذي ترجم لأكثر من 5 لغات وعرض في 23 مهرجاناً عالمياً.

تقول زين ل«الخليج»، إن «أسبوع ويومين» الذي يشارك في مهرجان دبي هذا العام يعتبر ثاني أفلامها الروائية القصيرة، مشيرة إلى أنها سعيدة باختياره للمسابقة ضمن 15 فيلماً من جميع الدول العربية، وهي منافسة صعبة، وفيلم لم يتلق أي دعم للإنتاج إذ تحملت هي شخصياً 70% من تكلفة إنتاجه والباقي بالتعاون مع المنتج المصري سيف الدين محمود من «رد استارز فيلم».

وتضيف: «الفيلم مغامرة كبيرة مني، لأنه ليس من السهل على المخرج أن يعبر عن نفسه بشكل شخصي، وهي تجربة شخصية جداً وحميمية للحد البعيد، لأنك في هذه الحالة تعرض نفسك أمام الجمهور عبر الممثلين، وبالنسبة للموضوع فإنها تجربة معظم الأزواج، الذين يؤرقهم دائماً هذا السؤال، هل نريد أن ننجب أم لا؟ لأن الحيرة والتفكير هي التي تلوّن الأيام، لذلك يمكنني أن أقول إن (أسبوع ويومين) فيلم عن 9 أيام تبدأ بالحب وتنتهي به، لكن تتخللها حيرة وإرباك وتوتر وقلق». 

وتتابع: «في هذا الوقت، عملت على رصد هذه المشاعر دون أن أكون وقحة، لأني أتعامل مع موضوع لم يتحدث عنه أحد من قبل، وبالنسبة لهم الفكرة غريبة، لكن ما دفعني لدخول هذه المنطقة أنها جديدة، وصناع السينما في العالم معظمهم رجال، ودخول المرأة في المجال ما زال جديداً، ولو كان الموضوع عن مخاوف الرجل كان سيكون أسهل في المعالجة لأنه معتاد، لكن لأن الكاتبة امرأة والمخرجة مرأة، فهو موضوع ربما يبدو غريباً للناس. إنه سؤال عن الخيارات في النهاية».

ترى مروى زين أن مشروعها يرتكز على الخروج على القصص المضمونة، التي لا يعرف أحد نسبة نجاحها، مشيرة إلى أنها ترتكز على التجريب، لتضيف: «أحب أن أجرب وأن أعمل على موضوعات وأشكال جديدة، وأحب أن أكون صادقة لأن هذه تجربة موجودة وتحدث للجميع لكن لم يتحدث عنها أي إنسان، أنا أعمل على المسكوت عنه، وهو ما يثير انتباهي. حتى الفيلم السوداني الذي يعتبر أول فيلم طويل لي اسمه (جوانب الخرطوم المغلقة)».
عن مشاريعها المقبلة، تقول زين إنها تعكف على أول فيلم طويل لها، وهو عمل وثائقي يحمل اسم «الخرطوم أوف سايد»، وحاز منحة «آفاق»، و«سي إن إن» الفرنسية، مشيرة إلى أنها قطعت شوطاً طويلاً فيه، وتعرب عن أملها في أن تعرض أفلامها في وطنها السودان وأن تتغير الأمور فيه إلى الأفضل
.

####

عملان للاحتفاء بالنظرة الحرة وجماليات الحياة

عباس كيارستمي.. حضور الغياب في «دبي السينمائي»

دبي: «الخليج»

إن كانت السينما تبدأ بدي دبليو غريفيث وتنتهي عند عباس كيارستمي، حسب عبارة المخرج الفرنسي السويسري الكبير جان لوك، فإن مهرجان دبي السينمائي الدولي، لم يكن ليطوي صفحات أيامه المحتشدة بالفعاليات، دون أن يتوقف عند محطة عباس كيارستمي، المخرج الإيراني الذي نذر حياته للشاشة الكبيرة منذ العام 1970 وحتى رحيله في يوليو/تموز الماضي بباريس، بعرض آخر أفلامه «أعدني لمنزلي»، إلى جانب «76 دقيقة و15 ثانية مع عباس كيارستمي» العمل الذي يوثق لحياة رجل عمل طوال هذه الأعوام على أكثر من 40 فيلماً تنوعت بين القصيرة والطويلة.

كان كيارستمي، شاعراً ومصوراً ورساماً ومصمم غرافيك وسينمائياً قبل كل هذا، لتظل أفلامه حاضرة في ذاكرة السينما العالمية، هو صاحب «ثلاثي كوكر»، و«طعم الكرز»، و«ستحملنا الريح»، بالإضافة للكثير الذي نصبه رائداً في تيار مخرجي الموجة الجديدة في بلده، وهو تيار يضج بالشاعرية والعمل على قصص تتعلق بمواضيع فلسفية وسياسية، كانت فيها نظرة كيارستمي الحرة المتأملة والتي تغوص في الأعماق ميزة سينمائية نادرة تميز مشروعه الممتد.

السعفة الذهبية لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، كانت إحدى محطات كيارستمي المهمة، عبر فيلمه «طعم الكرز»، وقصة رجل يبحث عمن يساعده على الانتحار، الذي يخطط له بأخذ جرعة كبيرة من الحبوب المنومة لينام بعدها في حفرة، ويدفنه بعدها شخص ما، إلا أنه وأثناء بحثه عن هذا الشخص الذي يتولى مهمة الدفن يدير حوارات مختلفة وهو يتجول بسيارته في رحلة البحث، حوارات ممتعة بين الموت والحياة، يستخدم فيها من يحاولون إثناءه عن فكرة الانتحار طعم الكرز كدليل على أن في الحياة ما يستحق أن يعاش.

تتعدد محطات كيارستمي وتتنوع إسهاماته بشكل يجعل من الوقوف عليها والكتابة عنها أمراً أشبه بالمهمة المستحيلة، إلا أن صديقه المخرج والمصور الإيراني سيف الدين صمديان، يحاول أن يقول لنا في فيلمه «76 دقيقة و15 ثانية مع عباس كيارستمي»، إنه عبر السينما وحدها يمكننا الوقوف لدى محطة المخرج الإيراني، فصمديان معاون المخرج الراحل، حقق هذا الفيلم الوثائقي الرقيق المتبصر في أعقاب وفاة المخرج والفنان الإيراني البارز في باريس، وذلك باستخدام لقطات تتحدث عن مراحل عديدة من مسيرته الفنية الحافلة، يخلو الفيلم من أية مقابلات، وتعكس صوره بساطة كيارستمي مخرجاً سينمائياً تقنياً، وتظهر حسّ الدعابة لديه، وتقبله للعالم المحيط به ولا يعكس عنوان الفيلم مدته فحسب، بل عمر كيارستمي أيضاً: 76 عاماً و15 يوماً

ولم تتوقف لمسات الوفاء والاحتفاء في «دبي السينمائي»، بكيارستمي على عمل صمديان ليعرض المهرجان آخر أفلام الراحل القصيرة «أعدني لمنزلي»، الذي أنجزه قبل وفاته في جنوب إيطاليا. وهو عمل مبهر بدأ من فكرته الغريبة التي تبسط أمامنا الأزقة والمدرجات لبيوت جنوب إيطاليا، التي يعرض لنا كيارستمي جمالياتها في الفيلم من زوايا مختلفة عبر طفل يحمل كرته ويهرول للدخول إلى منزله فيترك الكرة عند مدخل المنزل الذي لم تكن ملامحه ومحيطه واضحة قبل سقوط الكرة عقب إغلاق الصبي للباب، لينقلنا كيارستمي مع الكرة لنطلع على جماليات العمارة الإيطالية القديمة المرتكزة على الأزقة والمدرجات، بزوايا تضعك فيها الصورة أمام تفاصيل جمالية حميمية تعمل على إعادة تعريف معنى البيت وتفاصيله، كل هذا عبر رحلة الكرة المتدحرجة من أعلى، لتقطع كل هذه الرحلة تبرز لنا تفاصيل حي إيطالي بأزقته التي تتداخل فيها البيوت والمدرجات بتبايناتها وآثار الأقدام عليها، فيما تبرز هذه البانوراما الحميمية كذلك الأثر الذي يتركه الزمن في المكان ما يحيلنا إلى علاقته بالإنسان.

####

«ورقة بيضا».. رصد إنساني لحياة بيروت الليلية

دبي: محمد حمدي شاكر

ضمن أكثر من 15 فيلماً لبنانياً مشاركاً في الدورة الثالثة عشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، تنوعت بين الروائية الطويلة والقصيرة، أجمع العديد من جمهور المهرجان على فيلم «ورقة بيضا» للمخرج الفرنسي هنري بارجيس، وبطولة دارين حمزة، وغبريال يمين، وحسان مراد، وألكسندرا قهوجي، وإدمون حداد، الذي يرصد الحياة الليلية في شوارع بيروت.

يتميز «ورقة بيضا» بكونه من الأعمال اللبنانية ذات الإنتاج الضخم، خصوصاً لتجاوز انتاجه المليوني دولار، الفيلم يرصد حالات إنسانية من الواقع اللبناني ويعتبر من أفلام الكوميديا السوداء، إذ يتناول قصة امرأة مدمنة (دارين حمزة) لا تنفصل عن صديقتها (ألكسندرا قهوجي)، لكنّ حياتهما الخارجة على عادات المجتمع وتقاليده، تقودهما إلى مغامرات وتوقِعهما في ورطات، فتجدان نفسيهما في قلب عالم العصابات الخَطير، على جانب آخر يلعب الفنان حسان مراد شخصية أحد الأشرار الذين يستقطبون النساء للانضمام إلى عصابتهم.

ولمعرفة شخصيات العمل وبعض من تفاصيله، تحدثنا إلى الممثل المسرحي والسينمائي غبريال يمين، أحد أبطال الفيلم. يقول: «أنا محظوظ جداً للمشاركة في هذا العمل، والذي يعتبر من الأعمال السينمائية ذات التكلفة الضخمة في لبنان، فهو إنتاج لبناني من الدرجة الأولى، إلى جانب أنه يناقش الواقع اللبناني بجرأة عالية، وبه العديد من الحالات الإنسانية وبعض الوقائع الغافل عنها المجتمع المحلي والدولي، وحاولنا رصدها من خلال العمل لإيجاد حلول».

وعن قلة الأعمال السينمائية اللبنانية التجارية والجماهيرية يقول يمين: «ينقصنا الدعم والإنتاج، وأيضاً الجمهور، ونجاح السينما يعتمد على الجمهور، ولو لدينا 5% من الجمهور المصري لأصبحت سينما لبنان الأقوى عربياً، خصوصاً أن كل المقومات متوفرة لدينا، ولكننا نحاول جاهدين المشاركة ولو بالمجهود في الأعمال السينمائية لانطلاقها عالمياً».

وينهي يمين حديثه بإعجابه من مشاركته في مهرجان دبي السينمائي لأول مرة، نظراً لكم الإيجابيات التي لاحظها منذ أول يوم في المهرجان وحفاوة الاستقبال من مسؤولي المهرجان، إلى جانب عالمية المهرجان.

من جانبه يقول الفنان حسان مراد: «العمل بشكل عام يتناول مجموعة من الموضوعات المختلفة، وعلى وجه الخصوص بيروت ليلاً، وما يحدث فيها، وأجسد شخصية رجل شرير يستقطب النساء ويقنعهن للعمل في أمور العصابة المختلفة، وأنا منذ القراءة الأولى للسيناريو وافقت مباشرة على الدور وأحببته كثيراً».

####

«الاختيار» مقاربة لقضايا الراهن الإماراتي

في فيلمها الروائي القصير تقارب المخرجة الإماراتية إيمان السيد قضية اجتماعية تتناول زواج المواطنين بأجنبيات، وترصد الآثار الاجتماعية والنفسية المترتبة على هذه الزيجات، عبر قصة «لورين» التي عاشت منذ ولادتها في أمريكا

بعد موت أبيها طلب منها أعمامها في الإمارات الحضور لنيل حصتها من الإرث الذي تركه والدها قبل وفاته. عندما تصل إلى الدولة تكتشف أن المال مُسجّل باسم عمها، وينبغي لها الزواج بابنه، للحصول على نصيبها، توافق في بداية الأمر لكن شقيقها الأصغر ينبهها إلى أن المال ليس كل شيء فتعرض عن الفكرة وتعود مع شقيقها إلى حياتهما الأولى. تخرّجت إيمان السيد في «جامعة زايد»، في مجال الإعلام. ثم اشتغلت على كتابة السيناريو، وتطوير قصصها إلى أفلام. تهتم بالمشاكل التي يواجهها المجتمع، بخاصة ما يتعلّق بالمرأة.

####

«جمال جانبي».. كامل العدد

حظي العرض الأول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لفيلم ويل سميث «جمال جانبي»، أمس الأول بإقبال جماهيري كبير، ونفدت تذاكر الفيلم قبل يومين من العرض.

ويروي الفيلم الذي أخرجه دافيد فرانكل، قصة هاورد إنليت (ويل سميث)، موظف الإعلانات الناجح في نيويورك، الذي تحطّمت حياته إثر تعرضه لمأساة، فينسحب من الحياة، رغم المحاولات الحثيثة التي بذلها أصدقاؤه لمساعدته، ويبدأ على نحو مثير للاستغراب بكتابة رسائل موجهة إلى «الحب»، و«الوقت»، و«الموت»، وما يثير الاستغراب بدرجة أكبر، أنه بدأ بتلقي الردود على هذه الرسائل، لتنطلق رحلته الشخصية بالعودة إلى الحياة، بعد أن أدرك ما يمكن للفقدان أن يقدّمه من بصيرة عاطفية

يضم فريق العمل عدداً كبيراً من أبرز الممثلين المرموقين، مثل كيرا نايتلي، في دور «الحب»، وجاكوب لاتيمور في دور «الوقت»، وهيلين ميرين في دور «الموت»، بالإضافة إلى إدوارد نورتون، وناوومي هاريس، وكيت وينسلت.

####

حكيم بلعباس يعالج علاقة الإنسان بالأرض

أطل المخرج المغربي حكيم بلعباس في «دبي السينمائي» بفيلمه الروائي الطويل «عرق الشتاء»، الذي يقارب قيمة ارتباط الإنسان بالأرض، عبر قصة «مبارك»، الذي يرفض بيع أرضه، عقب تورطه في قروض بنكية

تحمل عيدا زوجة مبارك، همّه في صمت. أما أيوب فيرعى غنم أبيه، ويحاور الحوريات، وجدّه لا يتوقف عن لفظ اسم زوجته رحمة

يتناول الفيلم أوضاع ذوي الإعاقة في المجتمع المغربي والمعاناة التي يتعرضون لها، ويشارك فيه الممثلون: أيوب خلفاوي وفاطمة الزهراء بالناصر وأمين الناجي.

الخليج الإماراتية في

15.12.2016

 
 

«العاصمة السوداء» أول المهر الطويل..

«والرجل عند الدفن» أفضل فيلم إماراتي

منصور بن محمد يكرِّم الفائزين في «دبي السينمائي»

تامر عبدالحميد (دبي)

كرَّم سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، الفائزين في مهرجان دبي السينمائي، والذي اختتم فعاليات الدورة الـ13 مساء أمس في مينا السلام «أرينا» دبي، بعد ثمانية أيام في من الشغف السينمائي الذي عاشه نجوم وصناع الفن السابع.

وحصد فيلم «العاصفة السوداء» الجائزة الكبرى عن فئة أفضل فيلم روائي طويل في المهر الطويل للمخرج حسين حسن.. وخطف الفيلم الإماراتي «الرجل عند الدفن» للمخرج عبد الله الكعبي جائزة أفضل فيلم في المهر الإماراتي.

وحضر ختام الدورة الـ13 من المهرجان التي تتضمن عرض 156 فيلماً، مختارة من 55 دولة، كوكبة من النجوم في سماء صناعة السينما العربية والعالمية، حيث حصدت الفعاليات إعجاب ضيوفه وزواره من مختلف أطيافه، بتشكيلة مميزة من الأفلام والاحتفالات الرائعة التي رافقت الحدث، بالإضافة إلى العروض الساحرة التي شهدتها السجادة الحمراء التي سار عليها نخبة من نجوم السينما العالمية والعربي، كما حازت الجلسات النقاشية، والندوات على اهتمام الجميع، بالإضافة إلى تكريم أفضل المواهب السينمائية المتميزة إقليمياً وعالمياً.

وأعلن «دبي السينمائي» خلال حفل توزيع جوائزه عن أسماء الفائزين بهذه الدورة، حيث حازت مجموعة واسعة من الأفلام المستحقة على الجوائز، حيث فاز ياسر النيادي ضمن مسابقة «المهر الإماراتي» بجائزة «أفضل مخرج» عن فيلمه «روبيان»، وحصلت المخرجة «شذى مسعود عن فيلمها «ممسوس» على جائزة أفضل فيلم إماراتي قصير.

وضمن مسابقة «أفضل فيلم قصير» فاز بجائزة لجنة التحكيم فيلم «صبمارين» للمخرج مونيا عقل، وبجائزة «أفضل فيلم قصير» فيلم «خلينا هكا خير» للمخرج مهدي البرصاوي، وحصل على جائزة «المهر الخليجي القصير» فيلم «فضيلة أن تكون لا أحد» للمخرج بدر الحمود، وفاز بجائزة لجنة التحكيم فيلم «300 كم» للمخرج محمد الهليل.

في مسابقة المهر الطويل حصل المخرجة إليان الراهب على جائزة لجنة التحكيم عن فيلم «ميّل يا غزيّل»، وفاز بجائزة أفضل فيلم غير روائي فيلم «مخدومين» للمخرج ماهر أبي سمرا، وفاز محمد حمّاد بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه «أخضر يابس»، فيما حصل علي صبحي على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم «علي معزة وإبراهيم»، وحصلت جوليا قصّار عن فيلمها «ربيع» على جائزة أفضل ممثلة وفي جوائز سامسونج للأفلام القصيرة حصل فيلم «في قوقعتك» للمخرجة إيلينا كوفالينكو على جائزة المركز الأول، فيما ذهبت جائزة المركز الثاني لفيلم «تذكرني» للمخرج نبيل شودري، بينما حصل فيلم «إنفينيتوم» للمخرج كيريل كريباك على جائزة المركز الثالث.

أما المخرجة إيمان السيد فحصلت على جائزة «استوديو الفيلم العربي لكتابة السيناريو» عن فيلم «بطانية»، فيما فاز خالد المحمود وإيمان العمراني وسعيد الظاهري وصابرينا البناي على جائزة وجوه مميزة من المهرجان.

والتزاماً بتعزيز نمو صناعة السينما المحلية والدولية، وزّع مهرجان دبي السينمائي الدولي عدداً من الجوائز لمجموعة مختارة من المبدعين تقديراً لجهودهم الاستثنائية في دعم المهرجان. وحصل فراج أشر على جائزة الصحافي الشاب عن اجتهاده في إعداد الأخبار من أرض المهرجان، وذلك بدعم من الصحيفة الرائدة في المنطقة «غلف نيوز».

فيما فاز ميشيل بوجناح بجائزة الجمهور من بنك الإمارات دبي الوطني، عن فيلم «أعمق المشاعر»، بناء على رأي جمهور مهرجان دبي السينمائي الدولي المتنوع.

وخطفت المخرجة دارين سلام الأضواء مع حصولها على «جائزة وزارة الداخلية لأفضل سيناريو مجتمعي، بقيمة 100 ألف دولار، نظراً إلى إلقاء فيلمها الضوء على المشاكل الاجتماعية بطريقة مُبتكرة وهادفة، وقدم لها الجائزة الرائد دانة حميد، مدير مكتب ادارة المشاريع والخدمات المشتركة مدير مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل بالانابة.

ووصلت حماسة المهرجان هذا العام إلى أوجها بحفل ختامي مميز، وأمسية ساحرة، مع العرض الأول والحصري في المنطقة للعمل السينمائي المرتقب، ورائعة المخرج والمنتج والكاتب الشهير غاريث إدواردز «روج وان: قصة حرب النجوم»، وهو أول عمل مستقل ومنفصل عن سلسلة أفلام «حرب النجوم» الشهيرة، والمغامرة الجديدة كلياً من إنتاج «لوكاس فيلم». يضم الفيلم كوكبة من أشهر النجوم العالميين، ومنهم فيليسيتي جونز، ودييغو لونا، وبن مندلسن، ودوني ين، ومادس ميكالسن، ويتحدّث عن مرحلة ما بعد تأسيس امبراطورية المجرة، حيث يخطط مجموعة من الثوار للقيام بمهمة بالغة الصعوبة، وهي سرقة المخططات الخاصة بـ «نجمة الموت»، وهو السلاح الفتاك الذي تمتلكه الامبراطورية ذو القدرة التدميرية العالية، وسيلهم الأبطال المحتملون الجمهور حيث سرعان ما سيكتشفون قدرتهم على تحقيق أشياء غير عادية تتخطى توقعاتهم.

وفي لافتة رائعة تعبر عن مدى عشقهم لهذه السلسلة من الأفلام، ارتدى الجمهور الذي حضر الفيلم الختامي «روج وان» ملابس شخصياتهم المفضلة لفيلم «حرب النجوم»، ما أضفى مزيداً من الإثارة على أحداث الليلة الختامية.

مظلة واحدة

وبمناسبة ختام الدورة الـ 13 من المهرجان، قال عبدالحميد جمعة، رئيس «دبي السينمائي الدولي»: على مدى الثمانية أيام الماضية، أمكن لنا من حصد إعجاب الجمهور، وأسر خياله، بالتشكيلة الرائعة المتنوعة لأفلام هذا العام، التي وحدت شرائح الجمهور بمختلف توجهاتها وثقافاتها، تحت مظلة واحدة، لتعزيز التعرّف على الثقافات والحضارات المختلفة.

فيما قالت شيفاني بانديا، المدير الإداري للمهرجان: انضمت دورة هذا العام من المهرجان إلى سلسلة النجاحات التي حقّقها خلال السنوات الماضية، حيث حفلت دورة هذا العام بالعديد من العروض المميزة.

اختيار

قدمت مسابقات المهر دعماً قوياً لتعزيز تميز الأعمال الفنية في العالم العربي وحول العالم، الأمر الذي أسهم في شهرة عدد من صناع الأفلام عالمياً، وذلك منذ انطلاق جوائز «المهر»، في عام 2006، وفي هذا الشأن، قال مسعود أمرالله، المدير الفني لـ «دبي السينمائي»: تزداد صعوبة المنافسة عاماً بعد الآخر، حيث يسعى صناع الأفلام بكل جهد للبحث عن رؤىً فريدة لعرض قصصهم المعاصرة، فيما ارتفعت معايير التقييم هذا العام، مع الاختيارات الممتازة للأعمال ذات الجودة العالية، وبالتأكيد صعب ذلك مهمة لجنة التحكيم لاختيار الفائزين بجوائز «المهر».

ونيابة عن «مهرجان دبي السينمائي الدولي» أهنئ الفائزين المستحقين الذين ساهمت رؤيتهم المبدعة في إثراء وإمتاع وتثقيف الجمهور عن طريق الأفلام، كما يفخر المهرجان بدعمه للمواهب العربية خلال رحلتهم نحو النجاح، كما أتقدم بالشكر الجزيل لجميع صناع الأفلام المشاركين الذين أثروا المهرجان بأعمالهم، كما أتمنى لهم جميعاً مستقبلاً مشرقاً، وأتطلع بلا شك لرؤية نجاحاتهم على المستويات العالمية».

####

«سفر الزمن»..

في «دبي السينمائي» الحدود المستحيلة للصورة

إبراهيم الملا(دبي)

هل ثمة حاجة للتأمل؟ وهل تستحق أمّنا الأرض أن ننحاز لها؟ وأن نذوب ونتجلّى في ملكوتها؟ ونخضع لشرطها القابع بين اليقظة الأولى والنوم الأخير، لأننا منها خرجنا وإليها نعود؟ وهل كل هذا الوجد الصوفي والعرفاني الذي يرتقى بالمتأملين، هو ارتقاء وسفر وترحال إلى سماء الروح، وإلى يوتوبيا الخلود وفردوس الأبد؟

تتلاطم هذه الأسئلة بلطف ورهافة في الفيلم الجديد للمخرج الاستثنائي تيرانس ماليك بعنوان «سفر الزمن» بنسخته المهداة لمهرجان دبي السينمائي في دورته الثالثة عشرة، وهو فيلم غير روائي شكّل تحدياً كبيراً لهذا المخرج المقلّ في إنتاجه، ولكنه ومع كل فيلم يقدمه يثبت للنقاد وعشاق السينما المستقلة أن انقطاعه الطويل دائماً ما يثمر عن علامات سينمائية فارقة، وعن أفلام ذات جماليات فارهة، وبصمة عبقرية في التكوين البصري المقترن بفلسفة الصورة وعمقها.

ووصف ماليك فيلمه قائلاً: «إنه أحد أعظم أحلامي»، وشرع في تنفيذه أواسط السبعينيات من القرن الماضي، ولكنه توقف بسبب انشغاله بأفلامه الروائية، وبسبب قصور الجانب التقني المتعلق بالمايكروسكوبات المقربة، والمناظير المتطورة، التي حالت دون تحقيق رؤيته الخاصة حول ولادة الكون ونظرية الانفجار العظيم، وظهور أشكال الحياة البدائية الأولى على كوكب الأرض.

استعان ماليك في الفيلم بالممثلة المعروفة كيت بلانشيت لتؤدي صوت الراوي بإيقاع بطيء ومتمهّل ضمن فواصل مشهدية ترتحل بالمشاهد إلى الأكوان البعيدة والمجرات، وتعود من خلال فواصل أخرى إلى الجسيمات المجهرية الدقيقة للكائن البشري، والكائنات الأخرى المحيطة بنا.

ويعزّز المخرج فكرة الفيلم من خلال الاستعانة باللقطات التي صورها في أواسط السبعينيات حول المجتمعات البشرية في المدن والأرياف، متنقلا من العهود الغابرة والكهوف والبيوت الأثرية إلى عصر الحداثة وما بعدها، مستخدماً صوراً ومشاهد التقطها بأسلوب «عين الطائر» ليصل إلى أعلى برج في العالم وهو برج خليفة في دبي، في مشهد بانورامي يجسّد النموذج الشامخ لآخر ما توصلت إليه البشرية من رؤى وإرادة وابتكارات تخترق قشرة المستحيل، وتعيد إلى معنى «إعمار الأرض» قيمته المنسية، وجوهره المفقود.

الإتحاد الإماراتية في

15.12.2016

 
 

المهر الإماراتي لـ «الرجال فقط».. والنيادي أفضل مخرج

«العاصفة السوداء» العراقي يفوز بـ «مهر دبي السينمائي»

محمد عبدالمقصود - دبي

فاز الفيلم العراقي «العاصفة السوداء»، للمخرج حسين حسن، بالجائزة الأهم في الدورة الـ13 لمهرجان دبي السينمائي الدولي، وهي جائزة أفضل فيلم روائي طويل، فيما حصلت الممثلة اللبنانية جوليا قصار على جائزة أفضل ممثلة، عن دورها في فيلم «ربيع»، وذهبت جائزة أفضل ممثل للمصري علي صبحي، عن دوره في فيلم «علي معزة وإبراهيم»، للمخرج شريف البنداري، فيما فاز محمد حماد بجائزة أفضل مخرج، عن فيلمه «أخضر يابس».

وأسدل مهرجان دبي السينمائي الدولي، الليلة الماضية، الستار على فعاليات دورته الـ13، التي عرضت بانوراما متنوعة، تضم نخبة من أفضل الأفلام العالمية والعربية.

وفي المساء الأخير للدورة رقم 13، جاءت دقائق حفل الختام كاتمة للأنفاس، انتظاراً لما ستؤول إليه قرارات لجان التحكيم المختلفة، التي ستصعد بمبدعي الأفلام الفائزة إلى منصة التتويج، والحصول على جوائز مهر دبي السينمائي في فئاته المختلفة.

وكرم سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم الفائزين بجوائز مسابقات المهرجان المختلفة، في مشهد اعتاد المهتمون بصناعة السينما في كل مكان ترقبه، ليكون بمثابة مسك ختام «دبي السينمائي». وذهبت جائزة لجنة التحكيم في الأفلام الروائية إلى المخرج إليان الراهب، عن فيلمه «ميل يا غزيل»، وحصد جائزة أفضل فيلم غير روائي وهو «مخدومين» لماهر أبي سمر. ومنحت جائزة أفضل فيلم في مسابقة المهر الإماراتي لـ«الرجال فقط عند الدفن» للمخرج عبدالله الكعبي، وفاز ياسر النيادي بجائزة أفضل مخرج إماراتي عن فيلم «روبيان»، بينما حصلت شذى مسعود عن فيلمها «مَمْسوسْ» على جائزة «أفضل فيلم إماراتي قصير».

وحصد الفيلم السعودي «فضيلة أن تكون لا أحد»، لمخرجه بدر المحمود جائزة مهر الأفلام الخليجية، وذهبت جائزة لجنة التحكيم لمواطنه محمد الهليل عن فيلمه «300 كم». كما اقتنص الفيلم التونسي «خلينا هكا خير» جائزة المهر القصير، فيما فازت اللبنانية مونيا عقل بجائزة لجنة التحكيم عن فيلمها «صبمارين».

وبعيداً عن جوائز المهر، كشف المهرجان عن بعض الجوائز غير الرئيسة؛ منها جائزة الجمهور التي ذهبت لفيلم «أعرق المشاعر» من فرنسا لميشيل بوجناح، وذهبت جائزة وزارة الداخلية لأفضل فيلم اجتماعي إلى الفيلم الأردني «فرحة».

وكرم المهرجان بعض الشخصيات، التي كان لها حضور فاعل في إنجاحه، بمنحها جائزة «وجوه مميزة»، التي ذهبت لخالد المحمود، وإيمان العمراني، وسعيد الظاهري، وصابرينا قناي.

وتلا إعلان الجوائز الحفل الختامي المخصص لضيوف المهرجان، وامتد حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، ليعلن ختامه إسدال الستار عن فعاليات الدورة الـ13 لـ«دبي السينمائي».

مسعود أمر الله: اغتنموا الفرصة

دعا المدير الفني للمهرجان، مسعود أمرالله، جميع المهتمين بصناعة السينما المحلية، إلى اغتنام الفرص المختلفة التي يقدمها دبي السينمائي، من أجل ترجمة أفكارهم ومواهبهم، وأيضاً تنمية أدواتهم، وفتح آفاق جديدة لمشروعاتهم.

وقال أمرالله، لـ«الإمارات اليوم»، إن «المهرجان يسعى إلى تقديم كل ما هو متاح لدعم الحراك السينمائي المحلي، في غمرة مظلته الواسعة التي تستوعب سينمائيين من مختلف أنحاء العالم، لكن تبقى هناك حلقات بحاجة إلى تكامل من مؤسسات أخرى، لتتعاظم الفائدة».

وأضاف: «سوف يمكن مجموع الجوائز المادية الثلاث، التي حصل عليها محمد حسن أحمد، على سبيل المثال، من إنجاز فيلم (مطلع الشمس)، ولكن يبقى تحويل محاولات الشباب عموماً إلى مشروعات ترى النور يحتاج مزيداً من الدعم من مؤسسات عدة، وهذا هو المؤمل».

النيادي.. سينما ومسرح وتلفزيون

الفائز بجائزة أفضل مخرج إماراتي ياسر النيادي لا يمكن قصر تجربته، على الرغم من أنه لايزال في منتصف العشرينات على مجال السينما فقط، إذ يشارك النيادي كل عام في أحد الأعمال المشاركة مهرجان دبي لمسرح الشباب.

وإلى جانب السينما والمسرح، شارك النيادي أيضاً في أكثر من عمل، لفت به الأنظار تلفزيونياً، خصوصاً دوره في مسلسل «خيانة وطن».

فعلها صاحب «الفيلسوف»

«فعلها صاحب الفيلسوف».. بهذه العبارة علّق أحد المخرجين الإماراتيين، بمجرد سماعه فوز فيلم «الرجال فقط عند الدفن» لعبدالله الكعبي بجائزة مهر الفيلم الإماراتي.

وكان ظهور الكعبي للمرة الأولى خلال «دبي السينمائي»، منذ نحو خمس سنوات، عبر فيلم «الفيلسوف»، الذي شكل حينها نمطاً إخراجياً مختلفاً، مؤشراً إلى أن مخرجه الذي حصل على درجة الماجستير في الإخراج من فرنسا، يحمل أدوات خاصة، أصقلها الدعم الأكاديمي.

جوائز «مطلع الشمس» استبقت ظهوره

استبقت ثلاث جوائز مختلفة لفيلم «مطلع الشمس» صناعة الفيلم بالأساس، ولم يعد يحول بين الفنان الإماراتي محمد حسن أحمد، وإنجاز أول أحلامه الروائية، المتمثلة في تحويل سيناريو «مطلع الشمس» إلى فيلم طويل، سوى أن يبدأ الشروع بطاقمه الفني، ثم يقوم مباشرة بتنفيذ تصويره.

ومن بوابة «دبي السينمائي»، حصد «مطلع الشمس» ثلاث جوائز مختلفة، لكل منها قيمة مادية مقدرة، ستجعل العمل على أبواب الدورة المقبلة من المهرجان، إذ حصد السيناريو جائزة «سي دبليو سي» للسيناريو، التي تقدر قيمتها بـ100 ألف دولار، بالإضافة الى جائزة إنجاز التي تدعم الأعمال السينمائية الشابة، فضلاً عن حصوله على الجائزة الكبرى، التي تخصصها وزارة الداخلية لأفضل سيناريو ذي محتوى اجتماعي، وقدرها 100 ألف دولار أيضاً.

الإمارات اليوم المصرية في

15.12.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)