كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

محمد حماد: السينما بوابة من بوابات الخلود

فيلم «أخضر يابس» عما يفعله الزمن بنا

حوارمحمد سيد عبد الرحيم

مهرجان دبي السينمائي الدولي

الدورة الثالثة عشرة

   
 
 
 
 

حاورته “القاهرة” قبل حصوله على جائزة أفضل مخرج بمهرجان دبي السينمائي الدولي

أثار المخرج محمد حماد الجدل حينما دخل حقل السينما عبر كتابته لفيلم «الجنيه الخامس» والذى أخرجه المخرج أحمد خالد وذلك بسبب جرأة فكرة الفيلم واستمر حماد فى إثارة الجدل حينما أخرج فيلميه القصيرين «سنترال» و«أحمر باهت» وذلك لجرأتهما فى كشف المسكوت عنه فى مجتمعنا وأخيرا عاد حماد بعد غياب 7 سنوات لعادته الأثيرة وهى إثارة الجدل لكن لسبب مختلف هذه المرة وذلك بعد اشتراك فيلمه الأول والطويل فى مهرجان لوكارنو السينمائى بعد غياب السينما المصرية عن المهرجان لمدة 17 عاما بالإضافة إلى مشاركته فى مهرجانى «نامور» و«ستوكهولم» السينمائيين. عن فيلمه «أخضر يابس» وعن مشاركته بالمهرجانات المختلفة والمشكلات التى واجهته أثناء صناعة الفيلم دار الحوار التالي:

·        عرض فيلمك القصير الأول «سنترال» بعام 2006 وبعدها بثلاث سنوات عرض فيلمك القصير الثانى «أحمر باهت» 2009 وأخيرا فيلمك الطويل الأول «أخضر يابس» بعام 2016.. لماذا هذه القطيعة بين كل فيلم وآخر خاصة بين فيلمك القصير الأخير وفيملك الطويل الأول؟

أعمل بالسينما بشكل مستقل وهو ما يعنى أننى أنتج أفلامى بنفسى وذلك يتطلب وقتا طويلا لتدبير تكاليف الإنتاج اللازمة. لكن ومن ناحية أخرى، أخرجت بالفعل فى هذه الفترة مجموعة من الأفلام التسجيلية والدعائية وأيضا إعلانات ولكنى لا أعتبر هذه الأعمال ضمن مسيرتى الفنية بل مجرد محاولات لتدبير تكاليف إنتاج فيلم «أخضر يابس». وحينما استطعت – بشكل ما – تدبيرها تفرغت لصنع الفيلم وهو ما استغرق ثلاث سنوات كاملة. وخلال هذه السنوات – بين محاولة تدبير تكاليف الإنتاج وصنع الفيلم – أصبت بحالة من الاحباط جعلتنى أفكر فى تغيير حياتى وعدم العمل بالسينما.

·        ما سبب هذا الاحباط؟

سببان؛ أولهما: الواقع السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى البلاد الذى لا يشجع على العمل والإنتاج خاصة بعد ثورة 25 يناير ففقدت بذلك الرغبة فى التعبير وفضلت وقتها أن أعيش حالة من الهدوء والسلام النفسى بعيدا عن كل شيء حتى السينما. ثانيا: حينما وافقت على إخراج أفلام تجارية ولكننى تراجعت لأننى كنت أريد أن أقوم بما أريد وقتما أريد. ولذلك عزمت على إنتاج فيلمى بنفسي. بالتأكيد طريقة الإنتاج هذه صعبة للغاية بل تستغرق وقتا طويلا إلا أننى أحب هذا النوع من المغامرة ولذلك تحمست لعمل الفيلم. وأعتقد أن المغامرة والرهان على العمل هما اللذان يدفعان الفنان إلى صنع فن متميز.

·        هل تعتبر السينما فنا أم فنا وصناعة؟

بالتأكيد فن وصناعة. لا تنس أننى أنتجت فيلم «أخضر يابس» بنفسى وبالتعاون مع خلود سعد ومحمد الشرقاوى وهو ما يعنى أننى كنت أعمل على الفيلم بروحين وبعينين عين على الفنيات وعين على نفقات الإنتاج. وقد دفعنى هذا التركيب إلى البحث عن حلول بديلة «إبداعية أو فنية» لصنع الفيلم والتى كانت فى أغلب الأوقات أفضل من الحلول المعتادة.

·        ماذا عن الجمهور.. هل فيلمك مقدم لجمهور محدد؟

بالتأكيد. المخرج يجب أن يكون قادرا على الإجابة عن أربعة أسئلة أساسية وهي: ماذا يريد أن يقول؟ ولماذا؟ وكيف؟ ولمن؟ إذا لم يستطع المخرج الإجابة عن هذه الأسئلة فلن يكون العمل واضحا للجمهور. أؤمن تماما أنه لا يوجد فيلم للجميع حتى فيلم Titanic الذى تخطت عائداته المليار دولار لم يجتمع عليه كل مشاهدى السينما وذلك لأن لكل فيلم جمهوره حيث تجد مثلا جمهورا متعطشا لأفلام المخرج الفنلندى آكى كوريسماكى أو أفلام المخرج الإيرانى أصغر فرهادى خاصة فيلمه A Separation الذى تكلف نصف المليون دولار فقط إلا أنه لاقى نجاحا كبيرا فى أوروبا وأمريكا وذلك مقارنة بميزانيته المحدودة.

·        كم استغرق تصوير فيلم «أخضر يابس»؟

استغرق 28 يوما متقطعة وذلك بسبب ظروف الانتاج.

·        ما نوع الكاميرا التى صورت بها الفيلم؟

كاميرا سونى ايه 7 اس. لكنى قمت بالتعاون مع مدير التصوير محمد الشرقاوى بالعديد من التجارب للوصول إلى الصورة الموجودة فى الفيلم. لكن التجربة الأهم بالنسبة لى هى استخدامنا عدسات شبه أثرية – أى أن أحدا لم يستعملها منذ زمن طويل – وذلك لتوصيل الدراما بالصورة عبر الكاميرا والعدسات وغيرها من العناصر البصرية الأخرى.

·        هل تعمدت عدم استخدام ممثلين محترفين أم جاء ذلك لأسباب إنتاجية؟

تعمدت ذلك تماما حيث كان بإمكانى الاستعانة بنجوم فالكثير من النجوم يحبون هذه النوعية من المغامرات السينمائية والفنية إلا أننى قررت أن استعين بممثلين غير محترفين.

·        لماذا؟ وكيف كان اختيارك لهم؟ وكيف تعاملت معهم؟

فى البداية فكرت فى الاستعانة بنجوم وممثلين محترفين ولكنى عدلت عن الأمر وقررت أن يعتمد الفيلم بأكمله على غير المحترفين «أمام الكاميرا وخلفها». وشعرت أن شرط وصول قصة الفيلم بصدق إلى المتلقى يكمن فى ألا يكون لدى المتلقى أى انطباع مسبق عن هؤلاء الممثلين الذين يشاهدهم على الشاشة. فأنا شخصيا – وهو أمر يمكن أن تعتبره غريبا بالنسبة لصانع أفلام – استغرق وقتا طويلا حين أشاهد فيلما حتى أستطيع أن أفصل بين شخصية الممثل فى الفيلم وشخصيته المحفورة فى ذهنى ولذا قررت أن أتلافى أى لبس وأستعين بممثلين غير محترفين. وكان الأمر فى غاية الأهمية ليس فقط لإيهام المتفرج لكن لإيهامى أنا أيضا كصانع للفيلم وذلك حتى أستطيع أن أندمج فى الفيلم ومع الشخصيات تمام الاندماج. ولهذا قمنا ببروفات طويلة أغلبها فى أماكن التصوير «معايشة» وهو أمر صعب حيث يمثل فى الفيلم حوالى 15 ممثلا رئيسيا والذين كانوا يقومون ببروفات شبه يومية ولمدة ثلاث ساعات فى اليوم ولفترة طويلة فى الأماكن الحقيقية التى صورنا فيها.

·        هل دفعك ذلك لعمل تغييرات فى السيناريو أثناء البروفات أو التصوير؟

أنا مقتنع تماما أنه يمكن تعديل السيناريو فى أى وقت خلال عملية صنع الفيلم وأن المسودة الأخيرة للسيناريو هى النسخة الأولى للفيلم بعد المونتاج. أنا أكتب سيناريو الفيلم ثم أعاين أماكن التصوير فأعدل السيناريو حسبما وجدته ثم أختار ممثلين فأعدل فى السيناريو ونقوم ببروفات فأعدل فى السيناريو والحوار حسب قدرات الممثلين وكل هذه التعديلات تساعد على تطوير السيناريو وهذه التعديلات اعتبرها نضوجا ليس فقط للفيلم بل لى أنا شخصيا.

·        من أى جهة بالتحديد؟

من الناحية المهنية والإنسانية. فى بداية حياتى المهنية كنت أميل إلى صنع أفلام زاعقة مثل «سنترال» وخفت ذلك بداية من «أحمر باهت». لكنى الآن أختار اللحظة الأكثر هشاشة بحياة الشخصية التى أصنع عنها الفيلم. وهى لحظة صادقة تكشف الشخصية وهى نفسها اللحظة التى تدفعنى لصنع الفيلم خاصة علاقة الشخصية بالزمن وما يفعله الزمن بالناس بشكل عام.

·        هل هذا له علاقة بعنوان الفيلم؟

بالتأكيد. التيبس له علاقة بالزمن فتغير الفصول هو سريان للزمن حيث يتغير الزرع من الاخضرار إلى التيبس. وهذه الأشياء هى التى تهمنى فى هذه الفترة لا القضايا الكبرى. فالفارق بالنسبة لى بين الفيلم الطويل والقصير هو أن القصير يعتمد على موقف أو لحظة يتم رصدها وتقديمها للمتفرج بينما الفيلم الطويل هو رحلة شعورية للبطل عبر مواقف مختلفة وكيفية تعامل الشخصية مع هذه المواقف.

·        ما الذى جذبك فى الممثلة هبة على لتختارها لتكون بطلة فيلمك؟

ما دفعنى للإيمان بهبة كممثلة هو إحساس داخلى أن بداخلها ممثلة متميزة تشبه كثيرا شخصية بطلة فيلمى وفى رأيى ان أى شخص يمكن أن يكون ممثلا.

·        لكن ألا يعنى ذلك بذل مجهود مضاعف من قبلك مع الممثلين؟

بالتأكيد. لكن يوجد ما يعوض هذا المجهود وهو هذه التلقائية التى يتميز بها الممثلون غير المحترفين وعلى المخرج أن يقتنص هذه التلقائية فى الأداء. أيضا على المخرج أن يبنى علاقة إنسانية مع الممثلين لكسر الحاجز بينهما وهو جزء ممتع جدا فى صناعة الأفلام وعلى أن أؤكد لك أننى أصنع أفلاما لأنى أستمتع بذلك.

·        تظهر أفلامك اهتماما كبيرا بقضايا المرأة. أفلامك الثلاثة أبطالها امرأة حيث تتناول مشكلاتها فى المجتمع.. ألا تعتبر قضايا المرأة من ضمن القضايا الكبرى فى المجتمع؟

اهتمامى بالمرأة ينبع من أنها أكثر درامية من الرجل فهى أكثر تحملا للضغوط من الرجل رغم شيوع العكس. فهى تواجه تغيرات داخلية «فسيولوجية» وخارجية «مجتمعية» أكثر من الرجل. ومن ناحية أخرى لقد تربيت فى وسط نساء ببيت جدتى ومع أمى بالإضافة إلى أخواتى البنات بل فى فترة من فترات حياتى كنت أعمل فى مصنع حيث كل العاملات فيه من النساء وقد أثر ذلك على وعلى تفكيرى وخبراتى وتكوينى وأيضا زاد من اهتمامى بتفاصيل الأشياء.

·        هل تهتم بكتابة هذه التفاصيل فى السيناريو أم تبرزها أثناء إخراجك للفيلم فقط؟

أبرزها فى كل مراحل صنع الفيلم. ما يشغلنى فى الأساس هو الدافع الدرامى خاصة الدافع الدرامى للمرأة والذى أراه ينحصر فى الشعور بالأمان. وهو ما يمكن تعميمه على المجتمع ككل حيث يبحث أفراده الآن عن الأمان وهو ما يعكس أيضا حالة الشك التى تكتنف أفراده حيث يشك الجميع فى الجميع ولا يآمن أحد لأحد. والشك حالة أثيرة لدى صناع السينما وذلك لتوليدها دراما متصاعدة قادرة على جذب المشاهد وهو ما نجده مثلا فى أفلام المخرج الأمريكى مارتن سكورسيزى مثل Goodfellas وCasino.

·        بدأت العمل على الفيلم منذ عام 2013 أى بعد ثورة 25 يناير بعامين ليستمر صنع الفيلم أثناء اندلاع ثورة جديدة وهى 30 يونيو.. هل أثرت هذه الأحداث السياسية وما صاحبها من تغيرات فى مناح شتى على عملية صنع الفيلم؟

بالتأكيد. لكن أريد أن أؤكد لك أن صناعة أى فيلم تتطلب أحيانا الابتعاد عن العالم الخارجى وأحيانا أخرى الانخراط الكامل فى هذا العالم. لكن وبشكل عام أفضل العزلة والابتعاد عن وسائل التعبير كالصحافة والإعلام وحتى مواقع التواصل الاجتماعى وذلك كى أستطيع التعبير أفضل عبر الوسيلة التى أحبها وهى السينما التى أعتبرها بوابة من بوابات الخلود.

·        ماذا عن تجربة مشاركة الفيلم فى مهرجانى «لوكارنو» و«نامور»؟

أهمية المهرجانات بالنسبة لى تكمن فى عرض فيلمى على الموزعين القادمين من دول مختلفة لفتح سوق جديدة خاصة أن سوق مصر مغلقة على نوعية معينة بسبب الموزعين وأصحاب دور العرض الذين يفرضون ذوقهم على السينما. وبالتالى يجب على صناع السينما فى مصر أن يجدوا متنفسا فى السوق الخارجية بعيدا عن الموزعين المصريين الذين أعتبرهم مثل جماعة الإخوان المسلمين التى ترى أن حكمها هو الحكم الوحيد الصائب وأن أى رأى آخر هو رأس خاطئ بالضرورة.

·        ماذا عن الصورة فى فيلمك التى نجد فيها اختيارا لألوان وإضاءة وحركة كاميرا وممثلين ذات أسلوب متميز ومختلف؟

حاولت فى فيلمى صنع فيلم واقعى بنكهة شاعرية وذلك عبر عدة عوامل كاستخدام ممثلين غير محترفين وعدم وجود حوارات كثيرة وذلك لأنى أفضل ما يمكن أن أطلق عليه السينما المتقشفة فأنا أكره البهرجة والاستعراض وما يمكن تسميته بالمحسنات البديعية وأراها مجرد مراهقة سينمائية.

·        كيف نفذت ذلك فى فيلمك؟

أولا عبر بروفات المعيشة التى تحدثنا عنها من قبل. وهو ما يجعل الممثلين والفنيين يعيشون الحالة ويصنعون فيلما واقعيا عبر اندماجهم فى واقع حكاية الفيلم بشخوصها وأماكنها.. الخ. وهو ما يجعل إيقاع الفيلم نفسه واقعيا وإيقاع الفيلم هو أهم شيء فى الفيلم وفى السينما بشكل عام ولذلك فالشعر أقرب الفنون فى رأيى إلى السينما. ومن ناحية أخرى أهتم كثيرا بشريط الصوت وذلك لتأكيد إيقاع الفيلم. وجدير بالذكر أننى كنت أذهب إلى أماكن التصوير وأمكث فيها لفترات طويلة حتى أستوعب البيئة الصوتية لهذه الأماكن. ولا تنس أن الإيقاع يتعلق تمام التعلق بالزمن والزمن فى حد ذاته هو فكرة أساسية فى الفيلم. فالشخصية الرئيسية فى الفيلم «إيمان» لا تعيش فى الحاضر بل ربما تعيش فى المستقبل أو فى الماضى أى أنها مصابة بنوع من القلق الوجودي. ولذلك استخدمت عدسات لا يستخدمها صناع السينما الآن حتى أصل إلى الصورة الموجودة فى الفيلم والتى تحاول أن تجعل الزمن أمرا مبهما.

·        لماذا قررت استخدام هذه العدسات ولم تقرر أن تصنع هذه المؤثرات البصرية المطلوبة فى مرحلة ما بعد التصوير؟

لأنى أحب الطرق التقليدية وأقدرها. بل اننى كنت أفكر فى تصور الفيلم بكاميرا 16 ملى وهو ما يتوافق مع فكرة الواقعية التى أسعى إليها باستمرار.

·        أخيرا.. هل تعتبر نفسك ضمن تيار السينما المستقلة فى مصر؟

أفضل مصطلح تمويل ذاتى على سينما مستقلة لأنه توجد أفلام ضخمة الإنتاج ومستقلة. لقد قررت تمويل الفيلم ذاتيا حتى أكون متحكما تمام التحكم فى موضوع الفيلم وطريقة صنعه وتوقيت عرضه. وبالتأكيد واجهتنى الكثير من الصعوبات والتى أتمنى تلافيها فى أفلامى القادمة إذا ما وجدت شخصا أو مؤسسة مستعدة لتمول فيلمى بهذه الشروط.

####

مهرجان دبي السينمائي ..

ودرس في اختيار فيلم الافتتاح

مجدي الطيب

*باستثناء «ناجي العلي» و«الطريق إلى إيلات»لا تعرف مهرجاناتنا السينمائية فيلم الافتتاح الذي يتبنى «إستراتيجية» أو يمرر رسالة !

يخضع قرار اختيار فيلم الافتتاح، في بعض المهرجانات السينمائية العربية، إلى شيء من العشوائية؛ والكثير من الارتجالية، التي تُفصح عن نفسها في اختيار «اللحظة الأخيرة» أو «الوقت الضائع»، وغالباً ما تلعب «المجاملة»، وربما «البزنس»، دوراً كبيراً في الاختيار، ومن ثم يأتي الفيلم بمثابة «سد خانة»، ودائماً ما يكون من دون طعم أو لون، وتفوح منه رائحة ما، نظراً لأن الكل يتعامل مع فيلم الافتتاح بوصفه عبئاً ثقيلاً ينبغي التخلص منه !

مرات قليلة تلك التي خرجت فيها مهرجاناتنا عن «تخبطها»، واختارت فيلم الافتتاح، بناء على «استراتيجية»، وجرياً وراء رسالة ما تسعى إلى تمريرها؛ مثلما حدث في الدورة الخامسة عشرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، التي افتتحت في 2 ديسمبر عام 1991 بفيلم «ناجي العلي» تأليف بشير الديك وإخراج عاطف الطيب، وفيلم «الطريق إلى إيلات» تأليف فايز غالي وإخراج أنعام محمد علي، الذي اختير ليكون فيلم افتتاح الدورة الثامنة عشرة، وفي الواقعتين نلاحظ أن قرار الاختيار كان يقف وراءه «رئيس مهرجان» هو في الحقيقة «رجل دولة»، وسياسي من طراز رفيع هو الكاتب الكبير سعد الدين وهبة، وفي ما عدا ذلك ظل «فيلم الافتتاح» مجرد حلية تُرصع أول ليالي مهرجاناتنا، وفقرة في مراسم الافتتاح ليس أكثر !
توقفت عند هذه الظاهرة، وأنا أتابع أحداث فيلم «الآنسة سلون»
Miss Sloane، الذي اختير ليكون فيلم افتتاح «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في دورته الثالثة عشرة (7 – 14 ديسمبر 2016)، وأدركت أن الخلل الذي أشرت إليه؛ في ما يتصل بافتقار مهرجاناتنا السينمائية العربية إلى الفيلم / الرسالة، قد جرى تجاوزه في أكثر من دورة من دورات «مهرجان دبي السينمائي الدولي» على امتداد تاريخه؛ فعلى سبيل المثال تم افتتاح الدورة العاشرة ( 6 – 14 ديسمبر 2013) بالفيلم الفلسطيني «عمر»، الذي ندد بالدور القذر لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، في ما يتعلق بممارسة أشكال شتى من الضغوطات النفسية والجسدية لإجبار الشباب الفلسطيني على الخضوع لها، ووضعهم أمام خيارين كلاهما مر : السجن أو الخيانة. ومع انطلاق الدورة الحادية عشرة (10 – 17 ديسمبر 2014) اختير فيلم «نظرية كل شيء» ليكون فيلم الافتتاح، في احتفاء واضح من إدارة المهرجان بالعلم والعلماء (السيرة الذاتية لحياة عالم الفيزياء الفلكية ستيفن هوكينج، الذي يُنظر إليه بوصفه واحد من أعظم العقول الإنساني الباقية على قيد الحياة) . وفي الدورة الثانية عشرة (9 – 16 ديسمبر 2015) تجلى الهم الإنساني للمهرجان في اختيار فيلم «غرفة» ليكون فيلم الافتتاح، ليس فقط لأنه مأخوذ عن رواية تصدّرت قوائم المبيعات، بل لأنه قدم وثيقة مناهضة للقمع والكبت والقهر وانحاز للحرية (أم معزولة في «غرفة» مع ابنها الذي لم يعرف يوماً العالم الخارجي، وفجأة بات مُجبراً أن ينفتح عليه، ويُصبح جزءاً منه) .

«الآنسة سلون»

يمكن القول، إذن، ومن دون مبالغة أن قرار اختيار فيلم الافتتاح في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»؛ لا يخضع لارتجال أو عشوائية من أي نوع، بل تحكمه «إستراتيجية» صارمة، ورؤية واسعة،وهو ما عبر عنه، بوضوح، اختيار فيلم «الآنسة سلون» (127 دقيقة)، ليفتتح أعمال الدورة الثالثة عشرة؛ فالفيلم الذي أخرجه البريطاني جون مادن توغل في منطقة جديدة تماماً على السينما العالمية، عندما اختار أن تكون بطلته «الآنسة سلون» - جسدت شخصيتها الممثلة جيسيكا شاستين – عضو في إحدى جماعات الضغط، التي تضع نصب عينيها الفوز بالضربة القاضية على منافسيها، والإطاحة بكل ما يقف في طريقها، من تحديات، واستخدام قانون ودستور الولايات المتحدة الأمريكية بالشكل الذي يكفل لها الوصول إلى مآربها الشخصية، تحت مظلة الحرية والاقتصاد الحر، قبل أن تواجه بعقبة صعبة تكاد تهدد حياتها، وليس مسيرتها وحلمها فقط، مع اكتشافها أن منظومة الفساد أكبر من التخيل، وأن «حاميها حراميها»؛ سواء أكان «سيناتور» بارز في «الكونجرس»، أو جماعات ضغط مناوئة تعمل لحساب أباطرة اقتصاد، وتجار سلاح !

وضع كاتب السيناريو جوناتن بريرا يديه على جماعات التأييد المعروفة باسم «جماعات الضغط» أو «اللوبي» وفي قول آخر .«جماعة الحملات» أو «جماعات المصالح»، التي لا تتورع عن توظيف كل أنواع الأسلحة لحشد الرأي العام، والتأثير عليه، من أجل تهيئته لاستقبال قرار سياسي أو اقتصادي، وفيما تجاهل الفيلم «الجماعات» التي تتكئ على مواقف عقائدية ركز جل اهتمامه على الدوافع السياسية ذات الصلة بالنوازع الأخلاقية، ونجح من خلال الشخصية الرئيسة مادلين إليزابيث سلون في تفكيك هذه الجماعات، التي تُحاكي «جماعات الإسلام السياسي»، في دناءتها، وحقارتها، ووضاعة أساليبها، ونهجها «البرجماتي»، الساعي إلى تحقيق مصالحها، من دون النظر إلى أي اعتبارات إنسانية أو اجتماعية. وهناك أيضاً الاتهامات المتبادلة بالتلاعب، وارتكاب جرائم فساد وغش ورشوة، وليس غريباً – والحال هكذا – أن يُطلق على «جماعات الضغط»، التي تمثل تهديدًا على النظام الاجتماعي، وصف «المتطرفون المحليون» !

الطفيليون الجدد

بالطبع سجل الفيلم أن «جماعات الضغط» تُعد جزءاً من آلية العمل السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن صلاحياتها وسلطاتها مكفولة، وفقاً للدستور، الذي يفصل بين السلطات والنظام الفيدرالي، لكن ثمة إدانة وتعرية – في المقابل - للقوانين التي مكنت هذه «الجماعات» من التلاعب بصناع القرار السياسي الأمريكي طمعاً في تحقيق أهدافها، وهو ما يقدم الفيلم مثالاً بسيطاً له عبر «الآنسة سلون»، التي كانت وسيطة لرشوة بين الحكومة الاندونيسية وعضو في الكونجرس لإثنائه عن تمرير قرار يحظر إبرام صفقة زيت نخيل أندونيسية، وغض الطرف عن فضح الصفقة حتى اللحظة التي واجهت فيها «سلون» خطوات تمرير قانون يبيح حمل السلاح، وامتلاكه، لكل مواطن في الولايات المتحدة، ووقتها حق عليها العقاب، والتهديد، الذي وصل إلى التفتيش في حياتها الشخصية، التي لم تخل من زلات، كواحدة من البشر؛ فالفيلم لا يلقي الضوء على كواليس ما يجري في «الكابيتال هول»، من سن قرارات تحتية، وتمرير مصالح شخصية، وإنما يكشف بشاعة «المجتمع الرأسمالي»، وهشاشة المجتمع الأمريكي القائم على الخداع، والتآمر، والألاعيب !

جرأة فيلم «الآنسة سلون» في تأكيده أن المجتمع الأمريكي وصل إلى درجة من الاهتراء يستحيل معها أن تسود قيم أخلاقية نبيلة، كالشرف والاحترام والمنافسة المشروعة، وقوله، من دون مواربة، أن «من يريد العيش في مجتمع كهذا عليه أن يكون طفيلياً ويتعامل معه بمقاييسه الانتهازية والتآمرية»، ونضج المعالجة تكمن في تقديم بطلته كامرأة من لحم ودم، تخطيء وتصيب، وتخون وتتعاطف، وتسلك طرقاً مشروعة وأخرى غاية في الانحطاط، وربما تبدو سوية في مظهرها لكنها – في جانبها الخفي – شيطانة، وعاهرة إذا لزم الأمر، لكنها تُساق إلى المقصلة، تحت شعار حماية المجتمع الأمريكي من الفساد والمفسدين، وتُدرك بدورها «قانون اللعبة»، وتُحكم حبائلها على رقاب «جلاديها»، وتُحقق انتصاراً جديداً تنقذ به رقبتها من إعدام كان في انتظارها، وتم تخفيفه إلى حكم بالإيداع في إصلاحية اجتماعية غادرتها بعد أن ردت للمجتمع حقه المغتصب !

جريدة القاهرة في

13.12.2016

 
 

«مولانا» يسرق الكاميرا!!

طارق الشناوي

حرصت وأنا فى طريقى لمهرجان (دبى) أن أستعيد فى الرحلة قراءة رواية (مولانا)، كُنت موقنا بحكم خبرة السنين أنها ستصبح الحدث الأبرز، فهى تعزف على الجرح النازف فى عالمنا العربى، والذى اتسعت توابعه لتصل إلى أطراف العالم، حيث صار الإسلام مرتبطا بمرض (الفوبيا)، أى الخوف الشديد، الشخصية المحورية هى رجل الدين الذى أحالته الفضائيات لرجل دنيا ودولة، وأصبح أمام كاميرا الفضائيات مجرد سلعة يتم تداولها فى الأسواق، وفرض له قانون العرض والطلب الحرص على دفء العلاقة بصاحب الفضائية وأجهزة النظام، وقبل وبعد كل ذلك بالجمهور الذى يلعب الدور الأكبر فى تأكيد نجوميته وارتفاع أجره المليونى.

عندما تقرأ للكاتب الكبير إبراهيم عيسى مقالا أو رواية أو تراه فى برنامج، أنت فى كل الأحوال تلمح شخصية تملك كاريزما تسيطر على المشهد، روحه لها خصوصية ودائرة جذب، تختلف أو تتفق فى عدد من آرائه هذا بديهى، ولكنه فى النهاية سواء تابعته فى مقال أو رواية، يُمسك بقلمه ويكتب أبجديته ويرسم صورته. كل الشخصيات تنطق بروح عيسى، وهكذا ستجد فى الرواية كما فى الفيلم مذاق صحفى يعلو على الحدث ويتجاوز أحيانا المنطق الأدبى والدرامى، فهو لديه رأى يريده أن يصل للناس، مستخدما كل الأسلحة فى الدفاع عن وجهة نظره، وأولها السخرية.

البعض يعتقد بنظرة متعجلة ومباشرة أن عيسى استلهم الداعية (حاتم الشناوى)، بطل الرواية، من شخصية نجم الفضائيات والأقرب لروح الشباب فى الألفية الثالثة عمرو خالد، بالفعل هناك تفاصيل خاصة تجمعهما، مثل لعب الكرة، ومصاحبة عدد من نجوم التمثيل الشباب، والاقتراب من السلطة، وروحه التى يبثها على الشاشة والتى تُظهر للناس وجه الإسلام الأكثر تسامحا بديلا عن خطاب الوعد والوعيد بالنار وعذاب القبر، وهو رأى به قدر لا يُنكر من الصحة، ولكن عيسى عاصر أيضا السنوات الأخيرة فى زمن دولة متولى الشعراوى، صاحب الحضور الطاغى، غير المسبوق، وتعرضت مؤسسة (روزا اليوسف)، التى ينتمى إليها، بسبب انتقادات عيسى للشعراوى، للكثير من الضغوط مارسها الشيخ وأتباعه، الشعراوى فى جيله استطاع أن يستحوذ- ولايزال- على قلوب الملايين، وأتصوره كان- ولايزال- هو الأول إعلاميا، حتى بعد أن غيبه الموت، فلاتزال صورته وصوته يملآن الفضاء ويتمتعان بمصداقية استثنائية لدى الجمهور، والاقتراب بالنقد للشعراوى كان- ولايزال- من المحاذير والمحظورات.

هناك تفاصيل خاصة يعرفها عيسى بحكم أنه داخل الدائرة الصحفية، مثل كيفية سيطرة الدولة فى نهاية زمن مبارك على الشعراوى، استفاد منها عيسى مع إضافة بعض التغيير، ولكن تظل أفكار عيسى وأسلوبه فى الحكى تُمسك بقبضة من حديد على الرواية، فهو لم يختف وراء الداعية بقدر ما كان يقرأ جزءا من أفكاره، وهو أيضا كان حاضرا وبنفس الدرجة على الشاشة، ليس فقط لأنه كتب الحوار، ولكن كان هو الترشيح الأول لأداء دور حاتم الشناوى، ولهذا ستجد أن بطل الفيلم عمرو سعد سيطرت عليه روح عيسى، وفى كثير من اللقطات كان يبدو وكأنه يحاكيه فى الواقع، مثلما فى مشاهد أخرى كنت أرى أحمد زكى يطل علينا لا شعوريا فى أدائه، ورغم ذلك فإن هذا الدور فى مشوار عمرو هو الأهم، وربما سيصبح هو الأكثر جماهيرية بالنسبة له، بعد فيلميه مع المخرج خالد يوسف (حين ميسرة) و(دكان شحاتة).

الرواية أجرأ وأمتع وأصدق من الفيلم، تلك حقيقة، لأن المخرج مجدى أحمد على تعامل مع دولة برغم أنها لا تفرض قيودا على نشر الرواية، لا توجد رقابة تحول دون النشر، لأنها تعتمد بعد ذلك على القانون الذى يمنحها القدرة على ملاحقة الكاتب وسجنه، ومصادرة الكتاب، بينما فى السينما، الدولة تستطيع المنع والمصادرة قبل التصوير، ولهذا ربما أغفل أشياء فى السيناريو قد تثير غضب الدولة أو مؤسستى الأزهر والكنيسة، شكلت خطا رئيسيا فى الرواية بأنهما يعملان ويلعبان لصالح الدولة، والأمر ليس له علاقة بحماية الدين. الأحداث جاذبة وغنية وثرية أيضا، الداعية الوسيم يملك مفاتيح قلوب الناس، ويبدو دائما حاضر البديهة ابن نكتة، السيناريو تعمد ألا يقدم فعل الزنا للشيخ الداعية ولا لزوجته التى أدت دورها دُرة، حيث يعترف لها زوجها بأنه وقع فى ارتكاب المعصية مع الفتاة (ريهام حجاج)، التى لعبت دور ممثلة مغمورة وفاشلة جندتها الأجهزة للسيطرة عليه، وتعترف زوجته هى أيضا بأنها ارتكبت نفس الفعل مع الطبيب الذى كان يعالج ابنها، الاثنان تعرضا لضعف بشرى يتوافق مع الشخصية، وأرى أن الحذف جاء هذه المرة ليس لأسباب رقابية لا لخوف من غضب الأزهر، ولكن بسبب حرص المخرج على صورة الشيخ، لأن الرسالة التى قدمها المخرج للمشاهد، وبرغم تنازلات الداعية، ستجد أن المشاهد عاطفيا منحاز إليه، بل هو يكافئه فى النهاية، عندما تعود زوجته إلى مطار القاهرة وبصحبتها ابنه الوحيد، الذى تابعناه وهو يغرق فى حمام السباحة ويفقد الوعى بعد أن فقد الأكسجين الذى يغذى المخ، فكان كما يقول الشيخ جزءا منه قد مات، ولكن تأتى النهاية منحة بعد المحنة ابنه يتحرك على قدميه ويضع يده على كتف زوجته، نهاية سعيدة تذكرك بأفلامنا فى الخمسينيات.

يبقى عدد من الرسائل المهمة، وهى أن هناك موقفا تتبناه الرواية والفيلم يرفض تكفير الآخر، ويؤكد أن الجنة ليست حكرا على المسلمين كما يقول الخطاب الدينى الشعبى والرسمى، بل ملكوت السماء يتسع للجميع ولا يفرق بين الأديان، ومن يكفر أيضا لا يمنع عنه رحمة الله، لم يغفل أيضا السخرية من الشيخ المخضرم الذى ينتمى إلى مدرسة النقل وليس إعمال العقل، وأدى دوره أحمد راتب، وهو يتبنى حديث إرضاع الكبير، بينما حاتم الشناوى يشهر به فى الفضائيات.

التنصير والأسلمة وكيف أنها لعبة، ولهذا حرص على يقدم الشاب الذى أدى دوره بألق أحمد مجدى وينتمى لعائلة الرئيس الأسبق، مما يمنح الأمر بالطبع بُعدا سياسيا، كما أنه أحاله فى النهاية إلى متطرف إسلامى يفجر الكنيسة، فهو ينتقل بين الأديان بلا وعى ولا إيمان، على الجانب الآخر، هناك المسيحية التى أشهرت إسلامها لأنها حصلت على الثمن، ولا تملك ثقافة الاختيار بين الأديان.

الشيعة أيضا لهم نصيب، من خلال الشخصية التى أداها رمزى العدل فى أول ظهور سينمائى له، وهو صوفى (حسينى)، وكان يعلم أن ابن الرئيس (جلال) عولج عصبيا فى مستشفى، بينما يتم إعداده لكى يصبح هو الرئيس، ولهذا كان التخلص منه ضرورة سياسية.

الداعية لا يستطيع أن يقول كل ما يعتقد أنه الصواب والحق، ولكنه على الجانب الآخر يناضل كى لا يضطر أن يقول ما يراه خطأ، هذا هو مفتاح شخصيته فكريا.

لجوء المخرج إلى الشرح الكثير فيما يتم تداوله من أفكار مثل المعتزلة، وغيرها، وفى نفس الوقت لا يستطيع أن يملأ فراغ الأسئلة، لأنه محكوم أولا بزمن الفيلم وثانيا بقانون الدراما الذى يتناقض مع الإسهاب فى قضايا خلافية، وكذلك الأحاديث النبوية وتحريم كل من أبوبكر وعمر عليهما السلام تجميعها، وهو ما يوحى بظلال من الضبابية حول مدى صدق هذه الأحاديث مع كثرة (العنعنة) فى رصدها، أى أنها مأخوذة من شخص إلى شخص مما يفقدها بالتأكيد الكثير، والفارق بين سنة للرسول وعلينا اتباعها وأخرى لا يمكن أن نجاريها لأن الزمن سبقها، وغيرها من القضايا التى لا يمكن حسمها فى شريط سينمائى، وهذه الحوارات بالقطع برغم محاولات المخرج تقليصها إلا أنها أثرت سلبا على إيقاعه.

هذا هو الفيلم السادس الروائى لمجدى أحمد على فى مشوار 20 عاما، بدأه بأفضل أفلامه وأكثرها جماهيرية (يا دنيا يا غرامى)، وابتعد قرابة 7 سنوات بعد (عصافير النيل) أقلها جاذبية وجماهيرية، ليعود مع (مولانا)، والفيلم لا شك به حس شعبى، من الواضح أن مجدى التقطه وحرص على تأكيده، مجدى بتكوينه كمخرج يقدم رؤية كلاسيكية فى التعبير السينمائى وفى السرد الدرامى ككاتب سيناريو، اللغة السينمائية تطورت عما توقف عنده مجدى، ولكن لا بأس فهذا هو منهجه فى التعبير.

وعلينا قبل أن نغادر محطة (مولانا) أن نُفكر بصوت مسموع، هل انطلاق الفيلم من منصة (دبى) سيشفع له رقابيا، عند عرضه جماهيريا قبل نهاية هذا العام؟ المفروض أن الفيلم حصل على موافقة الرقابة المصرية للعرض فى المهرجان، وهذا يعنى أنه قطع نصف الطريق للعرض العام، من الممكن أن تغضب الكنيسة أو الأزهر هذا وارد جدا، وفى هذه الحالة ستصبح الكرة فى يد الدولة، وهو المشهد الروائى الذى لم يتضمنه الفيلم عندما أشار إلى أن الدولة لو أرادت من الكنيسة والجامع الصمت فلن تسمع لهما صوتا، ولو كانت ترى أن من صالحها الغضب ستزكى النيران، المشهد المحذوف من السيناريو هو الذى سوف يحدد فى الأيام القادمة مصير الفيلم.

قلب القبطى مولع نار!

فى فيلم (مولانا) جاء الاعتداء الحقير بتفجير الكنيسة فى العيد لتتناثر جثث الضحايا، ويتكرر الأمر على أرض الواقع وفى يوم ميلاد الرسول ليضع السفاحون الإسلام مقابل المسيحية، وهكذا تجاوز الواقع قذارة الخيال، استمعنا فى الفيلم إلى هتاف (قلب القبطى مولع نار.. مش ح يهدى غير بالنار)، وهى نفس النيران التى تشتعل، ولاتزال، فى قلوب المصريين بعيدا عن الهوية الدينية، فقدوا الثقة فى الإعلام الذى صار تابعا لها، لديهم إحساس بأن الفضائيات لن تقول الحقيقة إلا كما تريدها الدولة، وهكذا دفع الثمن ثلاثة من المذيعين المشاهير رغم اختلاف توجههم الإعلامى والسياسى والثقافى، فلا يمكن مثلا أن تقول إن الرسالة أو المذاق أو التوجه الذى تتبناه لميس الحديدى هو ما تمارسه ريهام سعيد أو أحمد موسى، ولكن لحظة الغضب لا تملك فيها المفاضلة، لو شاهد الغاضبون وائل الإبراشى وعمرو أديب ومعتز الدمرداش وغيرهم فلا أتصور سوى أن النتيجة واحدة، من السهل أن نقول مجموعة من البلطجية اعتدوا على المذيعين ونستريح ونريح، ولكننا نخاصم الحقيقة، التى باتت ماثلة أمامنا، وهى أن الناس لديها قناعة، قبل وبعد المأساة الدموية، أن الإعلام هو صوت النظام، وعندما يعلو منسوب الغضب لا يستطيع تمييز الفروق بين الأصوات والوجوه.

توجه النظام الآن يؤكد أنه لم يعد يرحب سوى بالصوت الواحد وأنه ينتقى ويختار فقط من يضمن ولاءهم، وأن عددا من الإعلاميين صاروا الآن فى بيوتهم رغم أنهم من مؤيدى ثورة 30 يونيو وكانوا من أكثر الأصوات المباركة لصعود السيسى، ولكن غير مسموح بالخلاف مع السلطة فى أى هامش حتى لو تضاءلت المساحة، الإعلام فقد الكثير من مصداقيته وسيظل كذلك، وستنتعش فى المقابل مصداقية الإعلام الموازى على اليوتيوب والفيس وتويتر مخرجة لسانها للدولة.

(مولانا) الرواية والفيلم يتناول شيخ الفضائيات الذى لا يستطيع أن يقول الحقيقة ويتمنى فقط ألا يتورط فى الترويج للضلال، وهى مع الأسف لم تعد فقط مأساة الشيخ حاتم الشناوى!!

tarekelshinnawi@yahoo.com

####

عمرو سعد: صنعنا «مولانا» بضمير..

خدمة للبلد والدين (حوار)

كتب: علوي أبو العلا

أكد الفنان عمرو سعد أن تجديد الخطاب الدينى هو قضية الساعة وأن هذا هو سبب حماسه لتقديم فيلم مولانا عن رواية إبراهيم عيسى وسيناريو وإخراج مجدى أحمد على، وقال «سعد» فى حواره لـ«المصرى اليوم»: الفيلم قدمه صناعه بضمير وطنى ودينى فى نفس الوقت وأن شخصية الداعية «حاتم الشناوى» هى الأهم فى مشواره واضأف أنه كان متخوفا من تقديم العمل نظرا لخطورة القضية التى يعالجها وأعرب عن سعادته بردود الفعل التى حققها الفيلم عقب عرضه بمهرجان دبى السينمائى مؤخرا وأنه لايتوقع حصوله على جائزة ويكفيه الحفاوة التى وجدها الفيلم من الجمهور لدرجة أن لوائح المهرجانات تنص على إقامة عرضين لكل فيلم واضطرت إدارة المهرجان لإقامة عرض ثالث للفيلم بعد الاستقبال الجماهيرى غير المسبوق للعمل.. والى نص الحوار:

ما رأيك فى ردود الفعل بعد عرض الفيلم فى مهرجان دبى ؟

- سعيد للغاية بعرض الفيلم ولم أتوقع مطلقا الاحتفاء والاحتفال بصناع العمل، فنحن حققنا أعلى حضور فى المهرجان وسعادتى الكبرى بكل ما كتب عن الفيلم، وردود الفعل بعد العرض كانت هائلة وأكثر من رائعة، فهناك احتفاء شديد وتفاعل كبير مع الفيلم لدرجة أنه كان هناك اتفاق بين المهرجان وشركة الإنتاج على عرضه مرتين لكن المهرجان طلب إقامة عرض ثالث نتيجة الحضور الجماهيرى الكبير على الفيلم وطلب منها أيضًا طرحه فى السينمات بدبى فمدير المهرجان أكد لى أن قاعة العرض امتلأت عن آخرها ووصل عدد المشاهدين فى المرة الواحدة لـ1200 وهو أكبر رقم يحضر فيلما فى المهرجان.

وما أكثر ما حققه الفيلم على المستوى الجماهيرى؟

- التأثير النفسى للفيلم مشرف، فـ«مولانا» أحدث صدمة للجمهور، من قوة الإعجاب الشديد به وجرأة الموضوع، فما أسعدنى هو أننى شاهدت ضحك وبكاء الناس فى نفس الوقت، بالإضافة إلى الاهتمام الإعلامى من جميع وسائل الإعلام لدرجة أن هوليوود ريبورتر أكدت فى أحد تقاريرها عن المهرجان وأفلامه أن «مولانا» سيعيش لأنه عمل يصلح لكل الأزمنة.

هل تتوقع حصولك على جائزة من المهرجان؟

- لأ، ومش هتوقع أنا خلاص حصلت على جائزتى من الجمهور ومن الحفاوة والاستقبال، فأنا اطمأننت أن الفيلم أخد أحسن جائزة من استقبال وحفاوة واتفقت مع كل أبطال العمل أن ما أحدثه الفيلم فى المهرجان هو أكبر جائزة حصلنا عليها، ولو لم أحصل على جائزة يكفى ردود الفعل، ولو حصلت على جائزة فلهم كل الاحترام والتقدير.

وهل سيتم طرح الفيلم تجاريا خلال إجازة نصف السنة؟

- حتى الآن هذا هو الموعد المحدد له وهناك آراء تنادى بطرحه فى أى وقت لأنه فيلم جماهيرى فنحن كان اهتمامنا فى العمل تقديم الناس وليس السلطة كما قيل لأننى أعرف جيدًا أن الناس محور التغيير.

وهل أنت راض عن الصورة النهائية للفيلم؟

- أمنيتى حاليا للفيلم أن يشاهده أكبر عدد من الناس لأن الفيلم تم صنعه بضمير بداية من كل الناس التى عملت عليه تجاه البلد والدين وأقسم بالله الفيلم يخدم البلد والدين، فأنا اعتذرت عن الفيلم من قبل لأنه مسؤولية كبيرة وعظيمة ودخلنا قبل تنفيذه فى جدل شديد.

هل كنت تخشى من تقديمه؟

- بالعكس لكن تقديم موضوع مهم جدًا وخطير ومؤثر، فأنا لا أخاف من تقديم أى دور لأننى قدمت فى أوقات سابقة أدوارا لم يسبق تقديمها، لكن عندما تقدم دورا عن الدين فهنا كان لا بد من الوقوف مع نفسى، لأنه لو نجحت مصر فى تغيير الخطاب الدينى وإحيائه وتعليم الناس الدين الوسطى الصحيح سيتم معها تغيير أشياء كثيرة فى حياتنا، وفى الفيلم نشتبك مع الخطاب الدينى والفيلم بصورة عامة ليس إسقاطا على داعية أو شيخ فقط، ولكن هناك أشياء أعظم من ذلك يقدمها العمل، فأنا أقدم الخطاب التراثى وعلاقة الناس والسلطة، ونقدم المسيحيين والسنة والشيعة والفيلم يتحدث عن كل المسكوت عنه وما تعرفه الناس وتقوله فى غرفها المغلقة، ولا تتحدث عنه علانية فى الإعلام أو السينما.

وهل ترى أن هذا الوقت هو الأنسب لتقديم أعمال سينمائية عن الخطاب الدينى؟

- نحن نحتاج الآن وفى هذا التوقيت تحديدًا لعشرات الأعمال الفنية والدرامية والسينمائية للحديث عن الدين لأكثر من 20 عاما مقبلة، فيلم «مولانا» لا يكفى بمفرده فنحن مازلنا نحتاج للكثير والكثير.

ما الوسائل التى اعتمدت عليها فى الفيلم لعدم الدخول فى مغالطات دينية؟

- قدمنا الفيلم بضمائرنا فكنا نهتم بكل حرف يقال فى الدين، وفى بعض الأحيان كنا نعيد المشاهد لو نسيت حرف «الواو» فى الكلام أو المشهد خوفًا من تغيير المعنى فى الحوار، ففى كل آيه قرآنية كانت تقرأ كنا نتأكد من نطقها الصحيح ونهتم بكل تفاصيل الأحاديث وأسانيدها.

وهل استعنتم بمشايخ حقيقيين فى العمل؟

- استعنا بعدد كبير منهم، وأيضًا قبل تصوير الفيلم بـ4 أشهر جلست مع شيوخ كبار، وذاكرت الفيلم جيدًا، وقرأت العديد من كتب الفقه، وسيرة «ابن هشام» ووجدت أن غالبية الكتب الأصلية ليست صعبة على أى إنسان لأن يطلع عليها، ويقرأها، ولكن علينا بذل المجهود لفهمها ومعرفة التراث الدينى وتاريخنا وكل ما كتب عنه، فأنا بالفعل أخذت فترة كبيرة وطويلة فى التحضير للفيلم.

وأيضًا وفى مقدمة ما استعنا به وكان المرجعية الكبيرة لنا القرآن، ومن جماله عندما تستسلم له بمشاعرك وعقلك ستفهمه، وسينير لك الله عقلك لاستيعابه.

وماذا عن الزمن فى أحداث الفيلم؟

- قررنا فى الفيلم عدم ذكر أزمنة معينة لا قبل مبارك ولا بعده لأن ما يعنينا فى فيلم «مولانا» عدم وجود عصر فما يهمنا هو توجيه رسالة للجميع للتوعية بالخطاب الدينى وغيره فى رحلة صعود حاتم الشناوى، فكان الأهم بالنسبة لى هو الناس وليس زمنا سياسيا معينا وهذا الأهم.

قلت بأن شخصية الداعية «حاتم الشناوى» الأفضل فى مسيرتك؟

- الشخصية بالفعل أعتبرها الأفضل فى مسيرتى الفنية لأننى أقدم من خلالها رسالة قوية للناس، فدائما أتمنى أن يشاهد الفيلم أكبر عدد من الناس لرسالته القوية لكن عندما انتهيت منه شعرت أن ضميرى وقلبى أصبحا فى راحة كبيرة لأننى قدمت رسالة أخلاقية مهمة جدًا وهو ما كنت أحلم به منذ أن كنت طفلا وقبل دخولى مجال التمثيل منذ الصغر، فعندما كنت أذهب لصلاة الجمعة كنت أحلم بتقديم هذا النوع من الأعمال السينمائية التى تتحدث عن الدين والخطاب الدينى.

وما هى أفضل رسالة تقدمها فى فيلم «مولانا»؟

- لو تعتقد أن دينك هدية وتريد أن تهديه لشخص آخر غير مؤمن به ولم يأخذ هذه الهدية ما الداعى لقتله، فإذا كان لديك شىء جميل غير موجود عند شخص آخر فهو ضحية ومسكين، من أين جاء العنف والدم الذى نعيشه، لأن الخطاب الدينى غاب عنه كما أن وجود الأسرة والأب الذى كان يجمع أطفاله ويحكى لهم الحواديت والقصص من الماضى والأساطير كان ينمى خيالنا، وأيضًا حضن الأب والأم قديمًا أخرج أطفالا لديهم إحساس وحب واستيعاب، وجعله من الصعب أن يمسك «طوبة» يضرب بها زميله وليس سلاحا يقتل به غيره، هذه أكبر رسالة أردت تقديمها من فيلم «مولانا»، لذلك أتمنى من كل الفنانين وكل شخص يتمتع بجماهيرية أن يهتم بذلك وأن يأخذ كل منهم مسؤوليته فى خندقه، أنا أعرف التمثيل وهذا موقعى لذلك كل منا فى مكانه يحاول بقدر الإمكان أن يتحمل مسؤولية نشر الخطاب الدينى الصحيح، فهناك الكثير يحاولون ولكننا نحاول أن نقدم الأكثر.

وهل تتوقع أن يحقق العمل إيرادات عند عرضه جماهيريا؟

- راض بما سيحققه الفيلم من إيرادات فأنا قلت بأن الأهم هو أن يشاهده أكبر عدد من الناس ولم أفكر فى غير ذلك.

قلت بأن الفيلم رسالة وفى نفس الوقت هناك من يشكك فى أن الفن رسالة؟

- الفن رسالة والترفيه رسالة والضحك أيضًا رسالة فهناك ناس تعيش «مغمومة» لو دخلت فيلم سينمائى وضحكت لمدة ساعتين وخرجت مبسوطة وذهبت تانى يوم لأشغالها وهى تشعر بقدر من السعادة هذا هو المراد من رسالة الفن، وهو موضوع خطير لم نأخذ بالنا منه لأن وقتها هذا الشخص الذى أسعده الفيلم وذهب لعمله سينتج لأن بداخله طاقة كبيرة أخذها من مشاهدته للفيلم، فكل عمل يسعد المشاهدين والناس ويقدم لهم قيمة ويعلمهم شيئا ويدخل الضحك على شفاههم هو أكبر رسالة، فحتى الآن نشاهد أفلام إسماعيل يس بعد أكثر من 50 سنة على إنتاجها وتحقق لنا متعه وتجعلنا فى راحة، من غير السينما والدراما كيف ستكون حياتنا، فالشخص الذى لا يشاهد الفن ولا يسمع المزيكا ولا يشاهد كرة القدم تحس أنه مريض وغير عادى، من منا لا يشاهد فيلما يجعله يبكى ويؤثر فيه، الفن إنسانية فلو شاهدت فيلما سينمائيا وأثر فى وأضحكنى لا أستطيع أن أقتل، فالفن يخرج لنا إحساس الإنسان، روح الإنسان «الفاضية» تسبب العنف، ورسالة الفن هى ملىء هذه الروح.

بعد تقديمك «مولانا» هل ستتوقف عن مشروع مسلسل «بشر مثلكم».

- ليس شرطا أن أكون قدمت «مولانا» وأصرف نظر عن مسلسل «بشر مثلكم» لأن العملين مختلفان، فهو عمل قائم حتى الآن ومحتمل تنفيذه، فى أى وقت ولكن مازلنا نحتاج الكثير من الخطاب الدينى فى أعمالنا.

المصري اليوم في

13.12.2016

 
 

مجدي الطيب يكتب ل "المحروسة من دبي:

«المُختارون» خيبوا الآمال .. ونسفوا التوقعات!

صامويل جاكسون : مدير أعمالي منعني من التعليق على انتخاب "ترامب"!

وسط أجواء خيم عليها التفاؤل الزائد، وفي ظل رهانات سادتها الثقة المُفرطة، استقبل مدرج مدينة جميرا العرض الأول للفيلم الإماراتي «المختارون» إخراج علي مصطفى، الذي قال مسعود أمر الله آل علي المدير الفني للمهرجان إن فيلمه الأول «دار الحي» عُرض في المهرجان عام 2009، بينما بدأ صاحب فيلم «من ألف إلى باء» حديثه للجمهور بأنه يتحدى من خلال فيلمه الجديد السينما العالمية، في إشارة إلى النص والتصوير والإنتاج، لكن سرعان ما جاءت النتيجة مخيبة للغاية، بعد أن وعد الفيلم بالكثير، وأسفرت التجربة عن فتات قليل !

يُحدثنا فيلم «المختارون» (الإمارات العربية المتحدة / 100 دقيقة) عن «المُنذر» الذي يُحذر «شعيب» (سامر المصري) سائق الشاحنة من «أصحاب الرَّايَاتِ السُّودَ»، الذين سيعيثون في الأرض فساداً وفوضى، ويعمل الرجل بالوصية، ويلجأ – مع ابنه «عيسى» وابنته «مريم» (لاحظ الأسماء) وحفنة من البشر للاحتماء بحظيرة مصنع مهجور لأجنحة الطائرات، ونتهيأ - على الفور – لمتابعة تجربة مثيرة ومشوقة تطرح رؤية سينمائية مُبدعة عن الأحداث السياسية والدينية التي تمر بها المنطقة، ولا يغيب عنها الإسقاط على تنظيم «داعش»، الذين قيل إنهم المعنيون بوصف «أصحاب الرَّايَاتِ السُّودَ»، لكن باستثناء الحديث ذو الدلالة عن حرب المياه،والتجويع، والخيانة و«الفوضى المنظمة» يصنع المخرج المبهور بالسينما الأمريكية فيلماً سطخي المضمون؛ محوره  «البقاء للأقوى» كتكئة لانتقاء «المُختارون»، الذين يستحقون النجاة، والأجدر بحكم الأرض !

كانت الساعات القليلة الماضية من عمر «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، قد شهدت جلسة الحوار المفتوح التي نظمها المهرجان  مع ضيفه الممثل الأمريكي الشهير صامويل جاكسون، الذي منحه المهرجان «جائزة تكريم إنجازات الفنانين»، وحرص على حضورها جمهور غفير امتلأت به جنبات مسرح مدينة جميرا، وكشف «صامويل» من خلالها عن انبهاره بزيارة دبي، ومهرجانها السينمائي، وتطرق إلى علاقته بالتمثيل، الذي لم يكن يتوقع أن يشكل حياته، كون عائلته خططت لأن يكون طبيباً، وأكد على أهمية الدور الذي ينبغي أن تلعبه السينما في حياة الدول والشعوب، وعند سؤاله عن رأيه في انتخاب «ترامب» رفض التعليق، وبرر هذا بأن مدير أعماله طلب منه الامتناع عن الإدلاء برأيه، ورداً على سؤال تقليدي عن رده حال وصول عرض يجمع بينه ونجوم السينما الهندية «بوليوود» قال إنه «لا يُمانع»، ونوه إلى فيلمه الذي انتهى من تصويره مؤخراً، وشبه معاناة المسلمين في العالم بأنها  «تشبه معاناة السود»، ومن ثم فهو دائم التنديد، في أفلامه وفي حواراته، بالعنف والعنصرية، وعدم المساواة بين البشر أو تصنيفهم حسب اللون والجنس أو العرق والديانة !

في سياق مختلف، ومع إطلالة صباح السبت بدأت أولى عروض الأفلام المصرية المشاركة في مسابقة «المهر الطويل» بالعرض  العالمي الأول للفيلم الروائي الطويل «مولانا» المأخوذ عن قصة للكاتب ابراهيم عيسى كتب لها الحوار السينمائي بينما كتب السيناريو وأخرجها مجدي أحمد علي. والطريف أن إبراهيم عيسى حضر ندوة الفيلم لكنه رفض اعتلاء المنصة مع أسرة الفيلم : المخرج محدي أحمد علي، عمرو سعد، درة، أحمد مجدي وريهام حجاج بالإضافة إلى مدير الندوة مسعود أمر الله آل علي المدير الفني للمهرجان، مثلما رفض الإجابة على أية أسئلة تخص الفيلم، تاركاً المهمة للمخرج وكاتب السيناريو !          

مصر المحروسة في

13.12.2016

 
 

بالصور| استقبال حماسي لـ "علي معزة وإبراهيم"

في عرضه العالمي الأول بـ "دبي السينمائي"

كتب: سحر عزازى

شهد العرض العالمي الأول لفيلم "علي معزة وإبراهيم" للمخرج شريف البنداري في مهرجان دبي السينمائي الدولي، استقبالا حماسياً من النجوم والجمهور والنقاد، وخلال الندوة التي أعقبت العرض وشارك فيها صناع الفيلم.

قبل بدء العرض، وقف الحضور دقيقة حدادا على أروح الشهداء ضحايا حوادث التفجيرات الأخيرة في مصر، وتضمن الحضور فريق عمل الفيلم المخرج شريف البنداري والمنتج محمد حفظي وأبطال العمل علي صبحي، أحمد مجدي، ناهد السباعي، والمؤلف أحمد عامر إلى جانب النجوم العرب ضافر العابدين، باسم سمرة، خالد أبو النجا، بشرى، أحمد داود، فاطمة ناصر، درة، المخرج محمد قبلاوي رئيس مهرجان مالمو للسينما العربية، المخرج مجدي أحمد علي، المنتج طارق الجنايني والمنتج هاني أسامة مدير عام شركة The Producer، والنقاد يوسف شريف رزق الله، طارق الشناوي، أحمد شوقي، هوفيك حبشيان، انتشال التميمي، علي وجيه، مجدي الطيب، ليان الشواف وصفي الدين محمود المدير التنفيذي لشركة ريد ستار.

وعن النوع الذي ينتمي له الفيلم أضاف البنداري: "من البداية أدركت أن هذا الفيلم لا يشبه الأفلام التجارية وهو أيضاً ليس كالأفلام المستقلة التي لا تهتم كثيراً بعنصر الترفيه، لكني كنت أراه في منطقة وسط أعتقد أنه يجب أن يتواجد بها العديد من الأفلام، ومن مرحلة السيناريو وجدت فيلمي بهذه المنطقة، حيث تمتزج الواقعية الشديدة جداً مع السحر".

وعن إطلاق الفيلم في دور العرض، قال المنتج محمد حفظي: "نخطط لإطلاق الفيلم في دور العرض المصرية خلال شهر فبراير المقبل بعدة مدن، لكننا لم نحدد الموعد بعد، كما نسعى لعرضه أيضاً في الخليج ونتمنى أن نعرضه في بلاد عربية أخرى".

وعن مرحلة الكتابة، قال المؤلف أحمد عامر: "الفيلم أخذ وقتاً طويلاً في الكتابة لأنه احتاج تفكير طويل في تكوين الشخصيات وشكل وبناء الحكي، وقد وصلت نسخ السيناريو إلى 17 نسخة".

الوطن المصرية في

13.12.2016

 
 

الأفلام السعودية في مهرجان دبي السينمائي: مخرجون مبدعون.. وآخرون تائهون

فيلم «أيقظني» فشل في تصوير مشاعر بطلته

دبي - رجا المطيري

عرض مهرجان دبي السينمائي خلال اليومين الماضيين ستة أفلام لمخرجين سعوديين، ترواحت في قيمتها بين الجيد والرديء، وفي شكلها بين أفلام بسيطة تروي حدثاً بسيطاً بوعي وإدراك، وبين أفلام مركبة تذهب نحو الجانب الشكلي الجمالي؛ بعضها ممتاز والبعض الآخر تائه لا يعرف ما الذي يريده. وهنا قراءة لهذه الأفلام، مرتبة من الأفضل إلى الأسوأ:

بدر الحمود.. الأكثر نضجاً

رغم بساطته الشكلية إلا أن فيلم "فضيلة أن تكون لا أحد" يعد الأفضل والأعمق والأذكى ليس بين الأفلام السعودية فقط بل أيضاً بين مجمل الأفلام الخليجية التي عرضت في مهرجان دبي السينمائي. يروي الفيلم قصة رجل –يؤدي دوره إبراهيم الحساوي- يقف في عرض الطريق بحثاً عن سيارة تلتقطه وتوصله إلى وجهته، فيقف له شاب –يؤدي دوره مشعل المطيري- ويركب معه، وينشأ بين الاثنين حوار صريح حول أدق تفاصيل حياتيهما.

الفيلم عبارة عن مشاهد "حوار" طويلة بين هاتين الشخصيتين، وعلى مستوى الشكل الخارجي لا يبدو أن الفيلم يقدم أبعد من اثنين يقولان لبعضهما أحاديث عابرة، لكن بدر الحمود يذهب لمنطقة أعمق تدور في قلب "الحوار" ذاته؛ يديره بذكاء، ويجعله ميداناً للحدث، تتطور من خلاله الفكرة حتى تصل إلى مستوى النضج مع لحظة النهاية التي تلتقي هي الأخرى مع عنوان الفيلم "فضيلة أن تكون لا أحد".. أي أن تكون شخصاً مجهولاً بالنسبة للآخر حتى تستطيع أن تبوح بأسرارك العميقة بصراحة وبلا خوف.

محمد سلمان.. يفكك الأسطورة

في فيلمه المعنون بـ"ثوب العرس"، يذهب المخرج محمد سلمان نحو أسطورة شعبية في المنطقة الشرقية تقول إن "المرأة التي تفصل ثوباً في ليلة زفاف ابنتها.. تموت"، مصوراً حكاية أم تعمل "خياطة" في حي شعبي، وتسمع أن اثنتين من نساء الحي انتهت حياتيهما بعد تفصيلهما لـ"ثوب العرس"، لتدخل البطلة بسبب هذه الحقيقة المفزعة في صراع داخلي، نظراً لأنها هي الأخرى تستعد لتفصيل ثوب في زواج ابنتها القريب، وستواجه بالتالي خطر الموت.

يعد محمد سلمان أحد أفضل المخرجين السعوديين في الفترة الأخيرة، بمواهبه الفنية المتعددة التي تشمل الرسم والتأليف الموسيقي والعزف كذلك، وقد انعكست مهاراته هذه في شكل السرد الجريء الذي اختاره لفيلمه هذا والذي استغل فيه كل محتويات الكادر، من صورة وصوت وإضاءة ولون وموسيقى، ليقول المعنى عبر مسارات مركبة ومتناغمة يندر أن نشاهدها في فيلم سعودي، خاصة في "ألوان" الصورة التي جعلها تحكي جانباً مهماً من المعنى، خاصة بين اللونين الأخضر والأحمر وما لهما من دلالات نفسية وجمالية. سيناريو الفيلم فاز بالجائزة الذهبية في مسابقة السيناريو في مهرجان أفلام السعودية، وهو من تأليف شابة سعودية صغيرة تدعى زينب الناصر، ونفذه المخرج محمد سلمان بشكل جمالي جيد، رسم من خلاله معاناة المرأة التي تريد الانعتاق من وهم هذه الخرافة لكنها مع ذلك –وبلا وعي ربما- ترضخ للواقع. والفيلم رغم دخوله منطقة سردية جريئة، وتمكنه من إدارة فكرته بشكل واع، إلا أنه مغرق في محليته ولم يكن دقيقاً في تعريف الأسطورة التي يتناولها ومدى أهميتها بالنسبة للشخصيات التي تسبح في فضاء الحكاية، وهذا له أثر في إدراك المتفرج لأهمية الحدث الذي يجري أمامه وللخيارات الجمالية التي اختارها المخرج.

محمد الهليل.. "300 كم" بلا هدف

تمكن المخرج محمد الهليل من صناعة أجواء جميلة في فيلمه "300 كم" لكنها –للأسف- افتقدت للهدف. يروي الفيلم قصة شاب –يؤدي دوره خالد صقر- يقوم بتوصيل امرأة مع طفلها الصغير إلى وجهة بعيدة تستغرق 300 كم. وفي الطريق لا يجري شيء بين الاثنين، حتى تصل المرأة إلى وجهتها.. ثم لا شيء أيضاً. لم يقل الفيلم من هذين؟ وإلى أين يتجهان؟ ولماذا يذهبان في هذا الاتجاه؟. وهذه عناصر مهمة في بناء الحدث –أي حدث- ولا يمكن إخفاؤها عن المشاهد إلا إذا كان هذا الإخفاء متعمداً من المخرج ولهدف محدد، لكن هذا لم يحدث أيضاً.

ملاحظة أخرى تتعلق بأسلوب التصوير الذي اتخذه المخرج، حيث نرى محمد الهليل وهو يعتمد على التصوير المتحرك من داخل السيارة، فالكاميرا تجلس في الغالب في مقعد الراكب الأمامي وتتابع الشخصيات من هذه الزاوية، فتتحرك حيناً باتجاه السائق، وتلتف حيناً آخر باتجاه المرأة الجالسة في المقعد الخلفي، كما تلاحق الشخصيات الخارجية التي تقترب وتبتعد من السيارة بحسب حالة الحدث. هذه الطريقة في التصوير مضللة ويشعر معها المتفرج أن ثمة "شخصية" ثالثة في المشهد وأنه ينظر بعينيها الآن وليس بعدسة الكاميرا التي يفترض أن تكون محايدة. وعندما يشعر المتفرج بهذا الشعور فإنه حتماً سيتوه عن الغاية الفعلية التي يريدها المخرج، وهذا خلل كبير في التعبير. هناك قانون غير مكتوب يقول إن الكاميرا في أي فيلم الأصل فيها أن تكون ثابتة وأن لا تتحرك إلا لهدف، ولو أن المخرج محمد الهليل التزم بهذه القاعدة المهمة من قواعد "لغة الصورة" لربما أصبح لفيلمه شأن أفضل.

وعلى أي حال، ورغم هذه الملاحظات، يظل الفيلم جميلاً ويغري بالمشاهدة حتى النهاية، واحتوى على لقطات مميزة، خاصة لقطة الختام "المدهشة" التي دمجت بين سيارتين سائقهما واحد بلا قطع، والتي كانت رغم جمالها وصعوبة تنفيذها بلا هدف هي الأخرى!. فما هي دلالة هذا الدمج وما هو معناه بالنسبة للمعنى العام للفيلم؟.

"مدينة تسمى ثيوقراطية"..

جمال الشكل

من حيث الشكل يعتبر هذا الفيلم أكثر الأفلام الخليجية إتقاناً، أظهر من خلاله المخرج جهاد الخطيب إمكانيات كبيرة تبشر بمستقبل مخرج واعد وجاهز لصناعة الأفلام باحترافية. الضوء، القطع الناعم، زاوايا التصوير، والصوت وجميع التفاصيل الدقيقة في الصورة ظهرت هنا بشكل مثالي جداً. لكنه مع ذلك يفتقر للروح رغم أنه يتحدث عن هموم سينمائية تتعلق بصاحب دار عرض للأفلام محبط من واقعه.

السذاجة عنوان "البجعة العربية"

يذهب المخرج فهد الجودي إلى قضية المرأة في فيلمه "البجعة العربية" مصوراً قصة فتاة مبتعثة لأميركا تدرس الطب وتحلم بأن تصبح راقصة باليه. وقصة كهذه لا يكفيها فيلم مدته عشر دقائق حتى تظهر بشكل مقنع للمتفرج ومنصف للشخصيات. إن الحدث في الفيلم القصير له عناصر محددة ولا يمكن التقاط أي حكاية وحشرها في هذا القالب الصغير، وإلا سيصبح الفيلم مختزلاً وناقصاً بشكل واضح، وهذا ما فعله الجودي في فيلمه حيث اضطر لاختزال القصة ولجأ إلى التنميط الجاهز للشخصيات كي يتغلب على مأزق الوقت، فجعل الشاب –أخو الفتاة- شيطاناً بالمطلق لا يتورع عن ضرب أخته بمطرقة حديدة، وجعل الفتاة حالمة يستحوذ عليها حلم الرقص، كما اضطر للقفز ثلاث سنوات للأمام لإظهار نجاح الفتاة في تحقيق حلمها. هكذا فجأة، قرر المخرج مصير شخصياته ونفذه دون اعتبار لاقتناع المتفرج بتقلبات الحكاية التي تجري أمامه.

"أيقظني".. تجربة سيئة

لم توفق المخرجة ريم البيات في فيلمها الجديد "أيقظني" في تجربة سيئة شكلاً ومضموناً. تروي البيات هنا قصة سيدة تعاني بين رغباتها وبين متطلبات محيطها، وذلك في قالب حاولت أن يكون أقرب للقصيدة –ربما محاكاة لأسلوب المخرج الأميركي تيرنس مالك- لكن دون نجاح. حيث ظهر الفيلم مفككاً مهلهلاً بلا ترابط وبلا سياق وبلا معنى في كثير من مشاهده. شخصيات تظهر فجأة وتختفي فجأة دون تسويغ لوجودها ولأهميتها للحدث، ومشاهد رقص، ورجل يصيح "اقتلوها"، ونار كبيرة تشتعل في العراء، قد تبدو كلها ترجمة حرفية لمشاعر صاخبة تغلي داخل "المرأة/ البطلة" لكنها ظهرت تماماً مثل "ترجمة غوغل" مفككة وبلا سياق يجمعها وفق نغمة واحدة متناسقة.

الرياض السعودية في

13.12.2016

 
 

في «سينما العالم» بمهرجان دبي:

«المواطن الفخري» و«حيوانات ليلية» كوميديا سوداء وغموض سردي

دبي ـ إبراهيم الملا

تواصل جمهور الدورة الـ13 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، مساء أمس الأول، مع عرضين من العيار الفني الثقيل، ضمن برنامج «سينما العالم»، جاء الفيلم الأول من الأرجنتين بعنوان «المواطن الفخري»، مصحوباً بصيت إعلامي كبير، بعد فوز الممثل الرئيس في الفيلم ــ أوسكار مارتينيز ــ بجائزة أفضل ممثل بمهرجان فينيسيا الإيطالي قبل أشهر من الآن.

أما الفيلم الثاني: «حيوانات ليلية» فجاء من الولايات المتحدة بتوقيع المخرج توم فورد، أحد المبدعين القلائل الذين جمعوا بين الإخراج السينمائي وتصميم الأزياء، وهو الفيلم الثاني لفورد بعد فيلمه الطويل الأول «رجل أعزب»، المتوّج بجوائز عديدة في المهرجانات الدولية التي شارك بها.

سخرية داكنة

يتناول فيلم «المواطن الفخري» للمخرجيْن الأرجنتينييْن غاستون دوبارت، وماريانو كون، وفي قالب روائي طغت عليه الكوميديا السوداء والسخرية الداكنة، قصة الكاتب دانيال مانتوفاني، الذي هجر قريته الصغيرة سالاس في الريف الأرجنتيني عندما كان في العشرين من عمره، بعد وفاة والدته، واختار أوروبا، ومدينة برشلونة الإسبانية تحديداً للإقامة، والتفرغ لكتابة القصص والروايات الساردة لتفاصيل وذاكرات الطفولة والمراهقة والشباب في قريته البعيدة تلك، وبعد أربعين عاماً من النتاجات الأدبية الوافرة، وذات الخصوصية اللاتينية المشحونة بالعاطفة والحنين والنقد والتهكم، يترشح مانتوفاني للفوز بجائزة نوبل للآداب، حيث يفتتح المشهد التأسيسي في الفيلم على اللحظة التي يلقي فيها كلمته في مراسم التتويج بالعاصمة السويدية ستوكهولم، ومع انتهاء خطابه يتشكل لدينا انطباع مباشر حول شخصية مونتافي، المتمردة على بروتوكولات التكريم الثقافية الموسومة بالنفاق والمحاباة، وهو ما يتوضّح لاحقاً وبقوة في المشاهد التالية للفيلم، عندما يتلقى دعوة لزيارة بلدته سالاس، بعد خمس سنوات من حصوله على جائزة نوبل، كي يتم تكريمه وتقليده ميدالية المواطن الفخري، بالإضافة للمشاركة في احتفالات المدينة بُعيد تأسيسها، حيث يتردد مونتافي في تلبية الدعوة، لكنه يتخذ القرار الذي وصفه بالأصعب في حياته، عندما يسافر وحيداً إلى أرض طفولته، واكتشاف التغيرات الثقافية والاجتماعية التي طرأت على البلدة، بعد أربعين عاماً من الغياب، والانقطاع الحسي عن كل ما كان يجمعه بأقربائه وأصدقائه هناك.

قسّم مخرجا الفيلم الأجزاء السردية في العمل إلى أربعة أجزاء، فيما يشبه فصولاً لرواية بصرية محكمة، جمعت بين السخرية والرصانة، وبين الحنين الملتبس والصدمة الذاتية، وامتاز الفيلم أيضاً بأداء قوي وجامح من قبل الممثل أوسكار مارتينيز، ولم يخل هذا الأداء من عفوية طاغية، ومن استرسال مروّض، وموظف جيداً لخدمة المسار المتدرج لأجزاء الفيلم الأربعة، نحو الذروة الصادمة والموجعة في النهاية.

جرائم مزدوجة

أما فيلم (حيوانات ليلية) للمخرج توم فورد فيتناول، ضمن مناخ سردي غامض، وذي مستويات مركّبة ومتماوجة، قصة الفنانة سوزان ــ الممثلة آيمي آدامز ــ التي تملك صالة عرض فنية في لوس آنجلوس، وتفاجأ بمخطوط رواية يرسلها زوجها السابق الذي انفصلت عنه قبل 19 عاماً، ومع قراءتها لأولى صفحات الرواية، يبدأ المخرج بإقحام المشاهد في الحيّز الدموي والمخيف للرواية، وسط انتقالات مشهدية متناوبة بين واقع الحياة الذي تعيشه إيمي، وبين الصورة التخيلية في الرواية، تتشكل الحكاية الثالثة في الفيلم حول العلاقة القديمة بين سوزان وطليقها إدوارد ــ الممثل جايك غيلنهال ــ وتبدو البصمات الأنيقة للمخرج واضحة بين هذه المستويات السردية الثلاثة المتراوحة، بين الحقيقة والافتراض واستعادات الذاكرة.

تزخر الرواية بصور لاهثة، وحبكة مثيرة، تتناول قصة عائلة مكونة من أب وزوجته وابنته، تقوم عصابة من المجرمين بمطاردتهما ليلاً في الطريق السريع، حيث تنتهي هذه المطاردة الضارية بهروب الأب من قبضة العصابة، وقتل الأم والبنت، بعد الاعتداء عليهم بوحشية، وفي الجانب السردي الآخر من الفيلم نتلمّس الطبقة الخشنة من العزلة التي تعيشها سوزان، على الرغم من ثرائها.

تقرر سوزان في النهاية العودة إلى طليقها، وسرد روايتها الخاصة، بعد كل هذه السنوات الطويلة من الصمت والأسى وسوء الفهم. لكن خاتمة الفيلم تأخذنا إلى مسار آخر مفتوح على التأويل من خلال لقطة واسعة وذكية يعتمدها المخرج، حيث تتمدد فيها العزلة المحيطة بسوزان، وكأنها تقبع وسط محكمة غير مرئية، تشارك بها حشود من الذكريات المرة، وأكثر من شاهد يضع أخطاءها القديمة على طاولة النقاش والتشريح، لأنه وكما قال طليقها مرة: «عندما تحب شخصاً، يجب أن توجه كامل اهتمامك له، لأنك إذا فقدته، لن تعثر عليه أبداً».

####

شاهد: «مسرح الحرب» فيلم وثائقي يسلط ضوءا جديدا على سوريا

دبي ـ الوكالات: «سينماتوغراف»

عندما حمل مجموعة من الأصدقاء كاميراتهم في شوارع العاصمة السورية دمشق لتوثيق الانتفاضة السورية عام 2011 لم يتخيلوا أن تخرج الأحداث عن نطاق السيطرة لتغير حياتهم إلى الأبد.

وكانت عبيدة زيتون – وهي مقدمة برامج إذاعية تراودها أحلام كبيرة لبلادها – مفعمة بالأمل في الحرية عندما بدأت تصور المظاهرات التي اندلعت ضد الرئيس بشار الأسد في مارس آذار 2011. بعد خمسة أعوام تعيش زيتون الآن لاجئة في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن.

وزيتون هي واحدة من المحظوظين فمعظم أصدقائها لم يخرجوا من سوريا أحياء.

وتبدو معظم مشاهد القتل والدمار التي وثقتها زيتون في مسقط رأسها بالزبداني شبيهة بشكل مخيف بالصور التي تخرج من المعركة في حلب هذا الأسبوع حيث كسرت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها أخيرا مقاومة المعارضة لينال الأسد أكبر انتصار له في الحرب الأهلية.

وتقول زيتون في سرد الفيلم بينما تراقب الكلاب وهي تأكل نعجة نافقة وسط مشاهد الموت والدمار بسبب الحرب إن ما يبقى هو “الجريمة”.

وفيلم “مسرح الحرب” الذي أقيم عرضه الأول في الشرق الأوسط هذا الأسبوع في مهرجان دبي السينمائي هو وثائقي مزعج يجمع لقطات صورت داخل سوريا بين عامي 2011 و2013 ويأخذ المشاهد في رحلة تبدأ بالحماس والثورة وتنتهي بخيبة الأمل واليأس.

في أحد المشاهد في بداية الفيلم يجلس الأصدقاء معا في شقة بدمشق وهم يدخنون الحشيش ويتحدثون عن الثورة. يقول أحدهم إنه عندما يأتي عام 2014 سيكون الجميع أحرارا بينما يرد آخر بأنه عندما يأتي 2014 سيكون الجميع أمواتا.

ويتجسد التأثير المروع للفيلم مع تورط المشاهدين عاطفيا في حياة حسام وهشام وربيع وأمل وأرغا وهم مجموعة من الشبان السوريين المفعمين بالحياة الذين يقعون في الحب ويلعبون موسيقى الميتال ويذهبون للشاطئ وتراودهم أحلام كبيرة لينتهي كل هذا بشكل مأساوي.

تقول زيتون لصديقتها لولو في تركيا بعد أن اكتشفتا أن هشام الذي اختفى لسنوات بعد اقتياده من نقطة تفتيش لقي حتفه في السجن بسبب التعذيب المتكرر إنها كانت حب حياته.

أما ربيع وهو عازف موسيقي تقول زيتون إن نظرته للحياة تسع الكون فقد اغتيل في سيارته. وعثرت شقيقته عليه ميتا وحاولت بشكل يائس أن تعيد جبهته التي تناثرت أشلاؤها إلى وضعها الطبيعي لعلها تعيده إلى الحياة.

وتعاونت زيتون مع المخرج الدنمركي أندرياس دالسجارد الذي ساعدها في إخراج هذا الفيلم بعد الاجتماع معه في تركيا وعرض اللقطات عليه.

وقال دالسجارد في دبي “أتمنى أن يشاهد العالم بأسره الفيلم وأن يفهم بشكل أعمق ما الذي يتركه السوري النازح وراءه. ما الذي يحملونه بداخلهم وما هي التجربة الشعورية التي يمرون بها.”

وأضاف أنه على النقيض من التغطية الإعلامية التي تحيد عاطفة المشاهد فإن الفيلم الوثائقي مهم لأنه يضيف وجها للمأساة ويكشف قصة خلف الألم.

ويقول “أرى الصور من حلب والكل في جميع أنحاء العالم يرى الصور من حلب لكن لا توجد صلة إنسانية. إنها تدمر حواسنا. فقط عندما نبدأ في فهم بعضنا البعض ونتواصل على مستوى إنساني أعمق يمكن أن تعود حواسنا إلى الحياة.”

####

«دبي السينمائي» يحتفي بالجيل القادم

من الكتّاب مع «جائزة الصحافيين الشباب»

دبي ـ «سينماتوغراف»

أعلن «مهرجان دبي السينمائي الدولي» عن فوز فراج أشر بجائزة «الصحافيين الشباب» للعام 2016، وذلك بعد أن أكّد جداراته للفوز بلقب هذا العام. وقدّم أخباراً مميزة ورائعة وأثبت موهبته الصحافية من خلال كتابته لتقارير يومية عن المهرجان، بإشراف من «جلف نيوز تابلويد»، الملحق الإنجليزي الأكثر توزيعاً على مستوى دولة الإمارات، حيث. ونتيجة لذلك، سيحصل فراج على فرصة تدريب مع فريق عمل «جلف نيوز».

وشملت المنافسة، إلى جانب فراج سبعة طلاب موهوبين آخرين، تم اختيارهم للمشاركة في هذا البرنامج الذي امتد طيلة أسبوع كامل، ووضع القلم والورق في معركة أمام الحواسيب المحمولة والهواتف الذكية والحواسيب اللوحية ومدونات الفيديو لإظهار مهاراتهم وبراعتهم الصحافية. وقدم الطلاب المشاركون تقاريرهم الإخبارية مباشرة من مقر المهرجان بإشراف من صحيفة «جلف نيوز»، الأكثر قراءة في دولة الإمارات، حيث شارك الطلبة بتغطية البيانات الصادرة عن المهرجان والعروض السينمائية وأحداث السجادة الحمراء مع مشاهير العالم.

وفي معرض تعليقه على نتائج المسابقة، قال عبد الحميد جمعة، رئيس «مهرجان دبي السينمائي الدولي»: «يسعى مهرجان دبي السينمائي الدولي إلى تسليط الضوء على المواهب الشابة من مختلف أنحاء المنطقة، من مخرجين موهوبين أو ممثلين مميزين أو صحافيين بارعين. وتقدم شراكتنا مع «جلف نيوز تابلويد» دعم لجميع الكتّاب الشباب المهتمين في مجال الصحافة والترفيه وتجربةً ثمينة لكسب الخبرة في مجال الكتابة الصحافية والتغطيات الإعلامية، كما أود أن أهنئ الفائز وأشكر المرشحين النهائيين على كل جهودهم الطيبة مع تمنياتي لهم جميعاً بمستقبل مُشرق».

وقال محمد المزعل، مدير تحرير صحيفة جلف نيوز: «أنا فخور جداً لمشاهدة علاقتنا المتواصلة مع مهرجان دبي السينمائي تفرز هذه المواهب الشابة بإمكاناتها الكبيرة، ونتطلع قدماً لمساعدتهم على صقل مهاراتهم في صالة التحرير ومنحهم المنبر، للتألق في مجال الإعلام».

من جهته قال ديفيد تيوسنغ، محرر ملحق «تابلويد»، التابع لصحيفة «جلف نيوز»: «أحببت عمل المشتركين هذا العام، خاصة طريقتهم في تغطية الجوانب المختلفة للمهرجان، من التحدث مع من تواجدوا خلف الكواليس أو مع النجوم على السجادة الحمراء، ونحن متحمسون لانضمام فراج إلى فريقنا ومساعدته لتحقيق انطلاقته الكبرى في مهنة الإعلام».

سينماتوغراف في

13.12.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)