ملفات خاصة

 
 
 

ترشيح مولانا وآخر أيام المدينة للمشاركة في مهرجان وهران للفيلم العربي

مني شديد

عن فيلم

«آخر أيام المدينة»

   
 
 
 
 

أغلق مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي منتصف مايو الجاري باب التقدم للمشاركة في دورته العاشرة المقرر إقامتها في الفترة من‏25‏ وحتي‏31‏ يوليو المقبل في مدينة وهران الجزائرية بمشاركة مجموعة من الأفلام من أنحاء الوطن العربي‏.‏

وتجري لجان المشاهدة حاليا عملها لاختيار الأفلام التي ستتنافس علي جائزة الوهر الذهبي لهذا العام; حيث تمر الأفلام بعدد من التصفيات ومن المقرر الإعلان عن النتيجة النهائية للأفلام التي وقع الاختيار عليها للمشاركة في البرامج المختلفة.

وعلمت الأهرام المسائي أن من الأفلام المصرية المرشحة للمشاركة في برامج الدورة العاشرة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي آخر أيام المدينة للمخرج تامر السعيد وفيلم مولانا للمخرج مجدي أحمد علي.

آخر أيام المدينة بطولة خالد عبد الله ومريم صالح وعلي صبحي وحنان يوسف وحيدر حلو وليلي سامي وسيناريو وحوار رشا سلطي وتامر السعيد, وتدور أحداثه في مدينة القاهرة عام2009, عن خالد المخرج الشاب الذي يحاول أن يصنع فيلما عن تلك المدينة وما تحمله من أحلام في الوقت الذي يعاني فيه من احتمالية أن يطرد من شقته, والمرأة التي يحبها تريد أن تهاجر خارج مصر, متذكرا في نفس الوقت أيام طفولته عندما كانت القاهرة مكانا أكثر إشراقا.

ومولانا بطولة عمرو سعد ودرة وريهام حجاج وأحمد مجدي وبيومي فؤاد ولطفي لبيب ورمزي العدل وأحمد راتب, عن رواية للكاتب إبراهيم عيسي وسيناريو مجدي أحمد علي, تدور أحداث الفيلم حول الشيخ حاتم الشناوي وعلاقته برجال السياسة وتأثيرها علي عمله وعلي حياته الشخصية.

وأعلن المهرجان عن تكريم عدد من الأسماء تتقدمهم الفنانة الراحلة كريمة مختار, والكاتب الجزائري الراحل مولود معمري صاحب رائعة الربوة المنسية, والممثل الجزائري حسان الحسني, والناقد السينمائي الراحل الفلسطيني بشار إبراهيم الذي ساهم في إثراء الساحة النقدية العربية.

الأهرام المسائي في

18.05.2017

 
 

ماذا لو لم تكن ” آخر أيام المدينة”؟

عايدة الكاشف

 “يعني بابا مُخرج، وانتي هتبقي مُخرجة، كدا أنا مينفعش أبقي مُخرج”، دا اللي مصطفي أخويا قالهولي لما عرف إني هقدم علي معهد السينما، قسم إخراج. ضحكت ساعتها وقولتله “ليه هي الدنيا هتتهد لو كلنا بقينا مخرجين؟”  “لا بس هنبقي عيلة مملة أوي”.

أخويا أصغر مني ب ٦ سنين. دخلت المعهد واتخرجت وعدت السنين وجه دوره هو للتقديم علي الجامعات. وبالرغم من استياءه وهو صغير لفكرة عمل العيلة بمهنة واحدة، لما تم ال١٦ سنة الفكرة بقت مقبولة بالنسباله أكتر.أما أنا، في سن ال٢٢ وقتها، ملاني الغضب والرعب، مش منه ومش خوفا من التنافس العائلي، بل بالعكس خوفا عليه من مهنة اللا مهنة،أو هكذا حولتها الدولة والصناعة التجارية في بلدنا. صممت وقتها إنه يدخل قسم تصوير، بمنطق أمومي وتقليدي جدا لواحدة عندها ٢٢ سنة. قسم تصوير معناه إنه هيتعلم حرفة، أدوات ملموسة تضمنله فرص عمل وبالتالي أجر دائم وإسم في الصناعة أيا كانت اختياراته إيه لما يكبر . أما الإخراج،  فمين يعلمهوله؟

معظم الناس بتعتقد إن العمل الإبداعي وخصوصا السينما هو هواية، أوعمل اختياري بالرغم من تقنين دولة ناصر للفنون كلها، من المعاهد الحكومية إلى النقابات الفنية، ثم ترسيخ السادات لتقنين الفنون بقانون ٣٥ لسنة١٩٧٨ اللي بيمنع أي شخص من ممارسة هذه الفنون طالما لم يكن نقابيا،وشروط الانضمام للنقابات الفنية هي علىأقل تقدير شروط مجحفة،ومع فساد الدولة تصبح شبه مستحيلة،إلا إذا كنت خريج أحد المعاهد الفنية الحكومية اللي عشان تنضملها غالبا هتحتاج لواسطة.

النقابات الفنية هي نقابات مهنية وليست عمالية،وبالتالي لا تضم عمال الشاريوه والاضاءة  اللي صناعة السينما معتمدة عليهم، لكن تضم النقابات اصحاب العمل، المنتجين، تحت شعبة مديرين إنتاج، فأصبحت النقابات مثال حي لتضارب المصالح والفساد الحكومي والتجاري، بينما على مخرج بختم النسر علي شهادته دفع غرامة لممارسته الكتابة، لأنها مهنة غير مهنته في نظر الدولة.

إذا، ما بين عامل الشاريوه اللي وضعه غير مقنن،والمنتج، صاحب العمل، اللي وضعه فوق القانون، أين موقع المخرج والسيناريست ومدير التصوير والآخرين، حتي النقابيين منهم؟ هل هم عمال أم أصحاب المهنة؟ فبلا منتج هم بلا عمل،وبوجود منتج هم عمال بحكم العقود القانونية.

دي إجابة مبسطة، بس كمان غير دقيقة لإختلاف أشكال الإنتاج. معتقدش إن فيها إجابة واضحة أو واحدة على السؤال ده، خصوصا مع تغير شكل الإنتاج السينمائي علي مر العصور، والأهم تغير شكل المنتج والموزع، من أصحاب ستديوهات وشركات خاصة إلى مؤسسات وإستديوهات ومعاملات حكومية إلى أصحاب شركات إنتاجية ودور عرض،وأخيرا النهارده رجال أعمال حرة، مالكين شركات إنتاج وتوزيع وشاشات عرض،وفي أغلب الأحيان المالك هو نفس الشخص، فنلاقي نفسنا قدام صورة نموذجية لاحتكار تجاري وصناعي بمباركة حكومية ونقابية تامة، فالمصالح واحدة،أو في رأيي المتواضع دا اللي هم فاكرينه. كأي نموذج رأسمالي بشراكة حكومية لابد من يوم معلوم،وأعتقد إن إحنا دلوقتي بنشهد سقوط النموذج دا،وأرقام شباك التذاكر وعدد الإنتاج الهزيل هو أقوى دليل،ولكن دا ما يعنيش إن النموذج دا مش بيتم إحياءه في ثوب جديد، مسلسلات رمضان مثلا.

لحد من شهرين كنت فاكرة إن نصحيتي أوإصراري إن اخويا يدرس تصوير هو الشيء الإبجابي الوحيد اللي عملته كأخت. مصطفي، ٢٢ سنة دلوقتي، أنجز أضعاف اللي أنا أنجزته فنيا وماديا وبنى لنفسه إسم كمساعد مدير تصور ومصور فوتوغرافي، لدرجة إن أنا اللي أكبر منه بـ ٦ سنين وحفيت في المهنة دي إسمي بقى تابع لإسمه، بل وغالبا قطاع الشباب اللي بيحتفوا بيه شافوا شغله وما شافوش شغل أبونا، رضوان الكاشف. وبالرغم من صغر سنه بدأت بالفعل العروض تنهال عليه لأنه يصبح مدير تصوير، إيمانا بموهبته.

لكني معملتش حساب اليوم اللي ييجي فيه مصطفي ويقول لي “أنا بفكر ابقي زيك” وهو وشه مهموم، مش فخرا بأدائي، لان أنا تقريبا عاطلة عن العمل بجدارة لكن استياء من جانب آخر.  “قصدك إيه؟” . “يعني أنا زهقت من السوق، عايز أعمل الحاجات اللي بحبها وبس. ”ضحكت زي ما ضحكت من سنين “اهلا وسهلا بيك لحزب الكنبة السينمائى” وجوايا كنت بتقطع وأنا بحاول أقنعه يصبر شوية ويستمر عشان مستقبله، بالرغم من إن أنا شخصيا باعمل عكس نصيحتي ليه ومتمسكة  باختياراتي.

يعني إيه صانع فيلم يقرر يشتغل بره السوق؟ يعني يبقي لوحده ضد الكل. من أول سيناريو غالبا هترفضه الرقابه، فيضطر إما يخوض معركة دستورية وسياسية في مواجهة الدولة بلا غطاء نقابي،لأن النقابه قانونا وعرفا هي الدولة، أو يمارس الرقابة على نفسه من البداية فيقتل جزء من إبداعه بنفسه؛ يبقي هو المنتج حتي لو مش دا اختصاصه؛ يقعد سنين يدور علي فلوس الإنتاج وغالبا بتكون مزيج من كل ما يملك وفتات من التمويلات غير الحكومية؛ يبقي محظوظ لو ممثلين محترفين وافقوا يخوضوا معاه التجربة،ولو لأ ، بيشيل مسئولية تدريب ممثلين غير محترفين، اللي بعد كدا بيكونوا سبب لعدم نجاح الفيلم، أو دا اللي السوق بيردده ساعتها.ولو نجح في كل دا فلازم يخوض معركة التصاريح اللي بتكون من الداخليةوالجيش وغيرها من مؤسسات الدولة بناءاً علي تبعية أماكن التصوير لمؤسسات مختلفة.ولو نجح، وخلص الفيلم، فلازم يرجع للرقابة تاني، اللي هي مش سياسية فقط ولكن اخلاقية أيضا.ولو نجح وعدى الفيلم من الرقابة، فلازم يلاقي موزع، وعادة،لأن الموزعين هما نفسهم المنتجين، بيرفضوا توزيع أفلام انتجت خارج عبايةالسوق.ولكن لنفترض ان فيه موزع تحمس، يبقى لسه فيه مهمة إقناع دور العرض اللي هي برضه غالبا بتكون تابعة للمموزعين اللي هما نفسهم منتجين. فحتى لو حصلت معجزة واستطاع المخرج المنتج في الحالة دي الاتفاق عن طريق الموزع مع بعض دور العرض، فالموزع الغير مقتنع بالفيلم واللي غالبا قِبله إما لأن السوق ميت أولإضافة سمعة فنية لنفسه كل فين وفين، مابيصرفش علىالدعاية،وبالتالي محدش بيعرف إن فيه فيلم اتعمل أصلا،ولا حد بيعرف بوجود الفيلم في دور العرض، فصاحب دور العرض بيشيل الفيلم بعد ٤ أيام بالكتير، دا لو مشالوش قبل كدا. ودا السيناريو الأكثر نجاحا، وحتي ساعتها المخرج مبيقبضش،لأنه بالعافيه لقى فلوس لإنتاج فيلمه. هل السينما أصبحت مهنة طبقيةولا طول عمرها كدا؟

إذا المخرج اللي قرر يتحرر من شروط السوق محكوم عليه بالفشل من قبل ما يكتب الفيلم أصلا. مثال: لو عدم وجود نجوم هو ذريعة السوق لعدم نجاح الأفلام، وذريعة النجوم لعدم قبول الأفلام دي هي عدم نجاحها، ودور العرض بتشيل الفيلم لأن مفيش جمهور، والجمهور مابيعرفش بوجود الفيلم أصلا لأن الموزع، اللي هو نفسه صاحب دور العرض، ماعملش دعاية، يبقي البيضة الأول ولا الفرخة؟

طيب ولو قررنا نشتغل جوا السوق وبشروطه وبشروط الدولة اللي مش بس مقتصرة علي الشروط الإبداعية، لكن كمان بتتضمن ساعات عمل غير إنسانية ومخاطر صحية بلا تأمين صحي وعدم مساواة في توزيع الأجور.

المعهد بيخرج ١٠ مخرجين علي الأقل في السنة، غير المخرجين اللي مادخلوش المعهد وبالتالي معظمهم غير نقابيين أو بيحاولوا يدخلوا النقابة، ودا عدد مهول، في مقابل منتجين يتعدوا علي الأصابع، رأسمالهم مرتبط بأعمالهم الحرة اللي مرتبطة بالسوق التجاري العام، مما يعني في وضعنا دا إن الفلوس بتقل مش بتزيد؛بالإضافة لدا عدد المواضيع اللي الدولة وبالتالي المنتجين مستعدين لدعمها برضوا يتعدوا علي الأصابع،  مما يعني إن الكاتب أو المخرج لازم يلغوا مليون فكرة ويعيدوا استهلاك أفلام المرحلة، ودا شيء غير ممكن إلا لو اعتبرنا إن كل المبدعين بمخ واحد،وهو بالظبط حلم أي دولة فاشية، ولكنه غير واقعي.

قبل الثورة كنت بشتغل مساعدة مخرج بين السوق التجاري والمستقل، ولما الثورة بدأت انسحبت من العمل التجاري  بعنطظة شديدة يقينا مني إن التغيير قادم علي كل الأصعدة، بل ولسذاجتي كنت برفض فرص العمل وأنا فاردة صدري،وبفخر بأبدي أسباب رفضي. ٧ سنين عدت علي الثورة وللأسف بتعدي عليا لحظات غضب مش قليلة تجاه اختياراتي وقتها ، مش اختيار الانضمام للحراك، لكن عنطظة المرحلة. مكنتش بفهم يعني إيه المخرج ممكن “يصدي” وأناصغيرة.. لو إنت مخرج فا انت مخرج. لكن بعد ٧ سنين من عدم التعامل بأدواتي إلا بهدف التوثيق ودا مختلف تماما عن العمل الفني، وصلني المعنى.

 “صاحب السينما أوفرله يقفل قاعة عرض بالكامل عن انه يعرض فيلمكم فيه” دا كان رد أحد المنتجين التجاريين ليا أثناء عملي علي توزيع فيلم “آخر أيام المدينة” للمخرج تامر السعيد، توزيع شركة زاوية. كان عنده حق.إحنا كنا بنحارب الطوفان لكننا اختارنا الحرب دي، إحنا صانعي أفلام، دي مهنتنا، ومفيش فيلم من غير جمهور،وبالتالي مفيش مفر من المعركة. ردود افعال المؤثرين في الصناعة وأصحاب دور العرض وتعنت الرقابة اللي انتهت بمنع الفليم بدون إصدار ورقة منع رسمية، ما كانتش هي المشكلة،وما كانتش مؤلمة لأنها متوقعة. المؤلم حقيقي،واللي كسرني أنا شخصيا كان ردود فعل بعض أصدقاءنا اللي هما نفسهم اختاروا العمل المستقل: “إنتم ليه تاعبين نفسكم كدا، أفلامنا جمهورها محدود، صغروا خططكم التوزيعية”. يوميها رجعت البيت قلبي مكسور. لو إحنا مش بس طموحنا قليل، لكن أصلا مقتنعين إن أفلامنا جمهورها ميتعداش جمهور المراكز الثقافيةوالمحافل الفنية، يبقي إحنا ليه بنضيع عمرنا ومجهودنا وصحتنا وبنصرف علي شغلنا لو شغلنا ملوش جمهور؟! إما إحنا غلط،أو الجمهور غلط.وأنابأرفض الفرضيتين. ناهينا عن إن دا لسان الدولة وأصحاب القوة في الصناعة والاتنين حاجة واحدة في معظم الأحيان.

مين الجمهور؟ وهل ال٩٠ مليون جمهور واحد؟ ذوق واحد؟ بأي منطق؟ وإمتي تم منح فرصة حقيقية لأي فيلم أنتج خارج السوق التجاري أصلا عشان نوصل للفرضية دي؟

قررنا نختبر الفيلم ونفسنا. وأثناء ما كنا بنخلق خطط الدعاية كنا بنعمل عروض لعينات من الجمهور ذات خلفيات وأعمار مختلفة. وكما توقعنا أكتر فئة تجاوبت مع الفيلم، كانت طلاب الجامعات الحكومية ودا يعني جمهور عريض جدا من حيث حجم الفئة دي، لو الجمهور عرف بوجود الفيلم وتحمس لدعايته. بدأنا نفكر إزاي نوصل بدعايتنا للطلاب. طبعا كان فيه مليون حيطة سد، من ضمنها إن اتحاد الطلاب مجمد،وإن العمل داخل الجامعة شبه مستحيل بسبب قيود الدولة الخ الخ، فبدأنا ندور علي طرق بديلة. لكن كان السؤال وبعد ما نوصلهم، هيروحوا انهي سينمات؟ هل طالب جامعي هيتحمس كفاية إنه يحوش ٦٠ ج، لو في مستطاعه أصلا، عشان يشوف فيلم، غير المواصلات اللي هيدفعها والمجهود اللي هيبذله عشان يوصل ٦ اكتوبر أو التجمع ؟ دي كانت السينمات اللي وافقت تاخد الفيلم.أما دور العرض القليلة الأكثر مركزية واللي في مناطق سكنية، رفضت الفيلم لأن عندها عدد شاشات محدود ومش هتغامر تدي شاشة منه لفيلم مش معروف أصحابه. بعدين يقولوا الفيلم ملوش جمهور.أي جمهور دا اللي إحنا بنتكلم عليه؟ وهل يعقل إن إحنا أصحاب الأفلام نقع في الفخ ونصدق إن إحنا مخرجين بلا جمهور؟

في أوروبا وأمريكا كتير من صانعي الأفلام المستقلة ما بيدخلوش المعركة دي اصلا مع السوق التجاري لأن فيه سوق بديل، سينمات “الارت هاوس” . سينمات صغيرة مهتمة بالصناعة البديلة. في معظم المدن السينمات دي متوفرة في أحياء كتيرة وتكلفة تذاكرها في مقدرة المواطن اللي دخله متوسط. أصحاب دور العرض دي مدركين إن أصحاب الأفلام البديلة ماعندهمش القدرة الماليةعلى حملات دعاية كبيرةوبالتالي بيعتمدوا علي the word of mouth بمعنى إنهم بيدوا للفليم فرصة زمنية في دور العرض،لأن الجمهور هيكتر علىالأسبوع التاني والتالت وهكذا. أما في مصر كلها ففيه سينما ارت هاوس واحدة، سينما زاوية في وسط البلد! وبالتالي معندناش حل تاني غير المعافرة مع أصحاب دور العرض الكبيرة علي شباك صغير جدا نتواجد من خلاله لأننا للأسف سينما بديلة بلا سوق بديل .شروط دور العرض المصرية لقبول فيلم مثل “آخر أيام المدينة” هو بيع ٤ آلاف تذكرة علي الأقل في الأسبوع الأول لكل شاشه أو هيتشال الفيلم. هدفنا كان ٨ شاشات. طيب هل يعقل ان مصر كلها وبعد جحافل المواطنين اللي ثاروا في ٢٠١١ مفيهاش ٤ آلاف شخص للسينما الواحدة نفسهم يشوفوا حاجة مختلفة ولو من دافع الفضول، في وقت عدد الإنتاج السينمائى المصري اصلا بيقل؟! ومن متابعة أرقام الشباك فمعظم الأفلام التجارية بتخسر خسارة فادحة، بعيدا عن أرباح بيع الافلام للقنوات التليفزيونية. مما يعني إن دايرة المال الخاصة بالسوق السينمائي فقط مابتكملش. الأسباب ممكن تعود إلا أن الجمهور زهق من اللي بيتقدمله أوإن تذاكر السينما أسعارها بقت غير منطقية، غير قلة عدد السينمات بعد إغلاق مئات دور العرض في القاهرة وشبه انعدامها في المحافظات؛الأولى انتصاراً لسينما المولات والثانيه للتعامل مع مواطني المحافظات علي إنهم مواطنين درجة عشرة،أو ببساطة السبب ممكن يكون ان رأس مال إنتاجالأفلام اكثر مما يحتمل السوق، فمن شبه المستحيل الربح فقط من شباك التذاكر. أيا كان السبب أوالأسباب، فدا كان سبب أدعى لخوض تجربة توزيع  فيلم“آخر ايام المدينة” بخطة دعاية ذكية وجديدة باستخدام أدوات  العصر المتاحة. أوعلىالأقل بالنسبة لي شخصيا كانت فرصة للعمل مع مجموعة شباب لتحقيق هدف ملموس في وقت كنت بلاقي فيه صعوبة شديدة في الاستيقاظ وترك السرير في بلد بلا مستقبل وبلا حاضر. تجربة توزيع فيلم “اخر أيام المدينة” كانت بالنسبة لي نفحة أمل بسيطة في إثبات وجودنا كسينمائيين، أمل اتفعص بعد سنة من العمل علي يد الرقابة بمنع الفيلمحتىإشعار آخر.

اتخانقت من سنتين مع أحد الممثلين الشباب التجارييين حول منح “الضبطية القضائية” لنقباء وبعض اعضاء النقابات الفنية. جزء من دفاعه عن القرار دا كان إن من هب ودب بقي بيمثل وإن الممثلين العرب بقوا بياخدوا أدوار أحق بيها الممثل المصري. أولا تاريخ المسرح والسينما المصرية، اللي هي كانت قلب الوطن العربي للفن بالفعل، كان قايم علي الفنانيين العرب، لو الواحد فقط رجع للتاريخ، لكن مش دا المهم، المهم إن فعلا فيهأزمة فرص عمل لآلاف من خريجي معهد الفنون المسرحية زيهم زي خريجي معهد السينما. المشكلة مش في مين بيشتغل أو جنسيته إيه، المشكله إن الدولةوالصناعة حاجرين علىآلاف المبدعين، وبالتالي لو المنظومة بأكملها رفعت الحجر الإبداعي علي كاتبي السيناريو والمخرجين، هيكون فيه مئات من السيناريوهات المختلفة وبالتالي من الشخصيات المختلفة اللي هتحتوي جميع أنواع الممثلين.بالاضافة لدا، لو الدولة أعادت إحياء دور العرض اللي اتقفلت، وكل  منتج أنتج ٣ أو ٤ أفلام بميزانيات متوسطة بدل فيلم أو اتنين بميزانية كبيرة، هيكون فيه عشرات من الأفلام المصرية  المختلفة اللي هتملى دور العرض  وهتخدم جميع أنواع الجمهور في بلد يسكنه الملايين، فهتعود بأرباح علي الجميع و هتتيح فرص عمل لخريجي و غير خريجي المعاهد الفنية، بمعني أصح العجلة هتدور. لكن ليه السوق السينمائي في مصر هيكون مختلف عن أي مهنة تانية أو منظومة تانية في بلدنا؟ اللا منطق يعم، و إتاحة حرية  الاختيار للمتفرج هو كابوس الدولة.

 ““كفاية زعل و ركزي في فيلمك” قالتلي أمي بعد منع فيلم تامر السعيد. “ولما أركز يا ماما هيحصل إيه؟” عدي شهر ونص و أناقاعدة بدون الوصول لشيء. فقط أسبوعين علي ميعاد رجوعي للقاهرة، بحاول جاهدة اني استرجع حماسي للفيلم الليبدأته من ٣ سنين، لكني كل يوم باصحى عشان أفشل. بيتملكني أحيانا شعور بالعدمية الكاملة بعد قراية أخبار مصر اليومية. هكمل الفليم إزاي؟ التصاريح هتيجي؟ هجيب بقية الفلوس منين؟ وبعد ما أعمل الفيلم؟ مين هيشوفه؟ وليه أصلا بعمل الفيلم؟ وبعد الفيلم دا هعمل إيه؟ ومع كل فيلم هجيب الفلوس للعمل نفسه منين وهاكل أنا منين؟ برجع أفتكر سذاجتي بعد أول يوم من الثورة، احساسي بان الدنيا كلها في قبضة ايدي وأضحك. عيش، حرية، عدالة اجتماعيه ما كانتش مجرد شعارات كبيرة، لكنها كانت تفاصيل، ولبعضنا الثورة كانت معناها “اخيرا سينما حلوة، سينما مننا وعننا، سينما بتاعتنا”.

أتمني إن تامر يلاقي فرحة في نجاح فيلمه خارج مصر، وأتمنى ىإن مصطفي ما يختارش يقعد جنبي على الكنبة ويلاقي حل وسط يمكن أنا ما لا قتهوش. وأتمنى إن أمي تتقبل إني غالبا مش هأبقي شخص مهم. وأتمنى إن سينما زاويه تبقي في كل حي في مصر.وأتمنى إن الجمهور يعرف إننا موجودين وبنحاول. وأتمنى أكتر من أي شيء إني أرجع أحس إن الدنيا كلها في قبضة إيدي. وأخيرا أحب أستعير جملة من أحد داعمين الفيلم “ماذا لو لم تكن آخر أيام المدينة؟!”

بالأحمر نفهم العالم لنغيرة في

15.05.2017

 

####

 

ملاحقة المسلسلات المصرية: السيسي خائن في "آخر أيام المدينة"

محمد حمدي هاشم

في أحد مشاهد الحلقة الرابعة عشرة من المسلسل المصري "لا تطفىء الشمس"، والذي كان يجمع بين أحمد مالك وميار الغيطي، ظهرت في الخلفية على أحد الجدران عبارة (cc خائن) مكتوبة بطلاء أسود. ويأتي تاريخ هذه العبارة بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، وخصوصًا بعد فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، بدأ الكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في طلاء الجدران بتلك العبارات التي تتّهم  عبد الفتاح السيسي بالقتل أو بالخيانة، هذه العبارات ملأت أغلب جدران الشوارع المصرية. ولأن مخرج المسلسل محمد شاكر خضير، اعتمد على التصوير في شوارع حقيقية فقد ظهرت هذه العبارة في الكادر دون قصد. وما يعلّل عدم قصده أن المشهد كان رومانسيًا كئيبًا لا يحتمل إقحام رسالة سياسية فيه.

ولكن لم يسلم المسلسل من الحملات التي تطاول أي شيء يحمل طابعاً سياسيّاً معارضاً. فقد قامت قناة الـ cbc بتقديم بيان تعتذر فيه عن هذا الخطأ غير المقصود، ثم قامت بحذف الحلقة من على قناتها في اليوتيوب ثم أعادت رفعها بعد حذف هذه اللقطة بالكامل.

لم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل قام المحامي، سمير صبري، برفع دعوى قضائية يطالب فيها بإيقاف عرض المسلسل. هنا، تجدر الإشارة إلى أن سمير صبري هو الذي رفع القضية الأخيرة التي تتّهم خالد علي المرشّح الرئاسي المحتمل بالفعل الفاضح في الطريق العام.

وإذا كان "لا تطفىء الشمس" يحتوي على شعار سياسي حقيقي حتى لو ظهر صدفة، فهناك مسلسلات أخرى لم تسلم من استياء السلطة منها، رغم عدم وجود شيء سياسي بها، حيث أصدر "المجلس الأعلى للإعلام" الذي شُكل حديثًا بقيادة الصحافي المنحاز للسلطة الحالية، والمدعوم منها، مكرم محمد أحمد، بيانًا في السابع من يونيو/ حزيران الماضي يعترض فيه على بعض الإسقاطات السياسية (طبقًا لوجهة نظره) ومن بينها مسلسل "خلصانة بشياكة"، وهو مسلسل كوميدي فنتازي هزلي بعيد عن السياسة تمامًا، قصّته تدور بعد نهاية العالم حيث تدور حرب بين معسكر الرجال ومعسكر النساء، وتضمن بيان "المجلس الأعلى"، في تحفظاته على المسلسل هذه الفقرة: (زعيم الرجال الديكتاتوري الذي يتلعثم في القراءة بلغة سليمة، ويعذّب معارضيه) واعتبر المسلسل هذه الصفات إشارة سياسية.

كما اعترض على وجود بعض الأمناء وضباط الشرطة المرتشين في مسلسل كلبش (رغم أن المسلسل في الأساس هدفه تقديم صورة جيّدة لرجال الشرطة وحصر مشكلاتهم في قلّة لا تذكر).

بدأ النظام الحالي خطة واضحة لعدم السماح، بمجرّد الاشتباه فقط، بوجود صوت معارض داخل الفن المصري، بداية من منع عرض مسلسل الكاتب بلال فضل "أهل إسكندرية"، وهو أحد المعارضين الشباب، وتواري الفنانة بسمة عن الأنظار، كما تم استهداف الفنان خالد أبو النجا بشائعات عن ميوله الجنسية بعد مطالبته بعزل السيسي.

انعكست توجهات الدولة المصرية، التي تكره السياسة، على الدراما التي ابتعدت عن السياسة تمامًا، وكأنه لم تمرّ أحداث كبرى على مصر في الست سنوات الأخيرة، فلا يوجد ذكر لثورة 25 يناير حتى ولو بالسلب أو 30 يونيو حتى لو بالتأييد الكامل لها، بل لا توجد سيرة هذه الأحداث من الأساس. وكأن الدولة المصرية (وهي التي تتحكّم في خروج الأعمال الفنية للنور أو لا)، تريد حذف كل الأحداث ذات الطابع السياسي والتي حدث فيها تحرك شعبي، حتى ولو لصالح السلطة الحالية، كما حدث في 30 يونيو من ذاكرة المصريين.

ويؤيّد هذه الفكرة منع الفيلم المستقل "آخر أيام المدينة" الحاصل على جوائز دولية، وعرض في الكثير من دول العالم والعديد من الدول العربية كلبنان وتونس، من العرض في السينمات بسبب ترديد شعار "يسقط حكم العسكر" في أحداثه.

ولكن هذا التضييق لم يمنع وجود بعض الإسقاطات السياسية في أعمال بعض المبدعين، ففي مسلسل "واحة الغروب" استغلت الكاتبة مريم نعوم فشل الثورة العرابية واتهام الثوار بالخيانة العظمى، في تحويل هذا الحدث التاريخي لإسقاطه على فشل ثورة 25 يناير، وتخوين المشاركين فيها. فقد تعرض محمود، الضابط الذي شارك في الثورة العرابية للتضييق، واضطر لنكران مشاركته في الثورة لكي لا يعدم. وما تبع هذه الأحداث من وصف حالة الذل والعبودية التي يعيشها المصريون بسبب فشل الثورة. هذا ما حدث فعلًا في الثورة العرابية، ولذلك لم يستطع أحد منع المسلسل واكتفت قناة DMC الناقلة للمسلسل بحذف هذه المشاهد.

يبدو أن السلطة الحالية قد نجحت في إحكام شباكها علي الدراما المصرية، واقتصرت الدراما المصرية في عام 2017 على القصص الاجتماعية البعيدة عن السياسة، أو الحكايات الشعبوية كمسلسلات مصطفى شعبان وسمية الخشاب وعادل إمام وابنه، أو مسلسلات الأكشن. أو مسلسلات الجاسوسية وقصص كفاح ضبّاط الشرطة، والتي تدعمها بطرق عديدة الجهات الأمنية.

العربي الجديد اللندنية في

23.06.2017

 

####

 
 

في لقاء مع راديو سوا:

تامر السعيد: 'آخر أيام المدينة'.. سكان القاهرة عشية ثورة يناير

المصدر: وكالات

بعد طول انتظار يبدأ عرض فيلم "آخر أيام المدينة" للمخرج المصري تامر السعيد، بعد أن شكك الكثير من النقاد بقدراته على إنجاز هذا العمل الذي يصور حالات الغضب والواقع اليومي لسكان القاهرة في ظل حكم حسني مبارك.

وقال السعيد في هذا الشأن: "أصدقائي كانوا ينظرون إلي بمزيج من الشفقة والسخرية عندما يسألونني عن مسار الأمور" بالنسبة للفيلم، "لكنهم بعد فترة توقفوا عن السؤال".

ورغم الانتقادات أصر السعيد على المضي قدما بمشروعه على الرغم من الشعور لوهلة بضياع الجهد الذي بذله لسنوات بفعل الثورة المصرية وما تلاها من أحداث شهدتها مصر.

وبعد ستة أسابيع فقط من الانتهاء من تصوير أحداث الفيلم، اندلعت ثورة 25 يناير في شوارع القاهرة.

وفي مشهد استشرافي صور على سطح مبنى مطل على ميدان التحرير الذي تحول بعد أسابيع مركزا للثورة، يشكو بطل الفيلم وأصدقاؤه العراقيون واللبنانيون من العنف والفشل السياسي والسوداوية التي يغرق بها العالم العربي.

وفيما كان السعيد يعمل على توليف فيلمه، كان العالم من خلف نافذة منزله ينقلب رأسا على عقب. فقد التقطت عدسته مشاهد لمدينة غاضبة منتفضة ترزح تحت ثقل الدعاية السياسية للعسكر والشرطة.

وقال السعيد الذي يعيش قرب ميدان التحرير "خلال 18 يوما من الاحتجاجات ضد نظام مبارك لم أشعر بالحاجة للتصوير". وأضاف "كنت أشعر بأني جزء من اللحظة. لكن تحت تأثير الآخرين، صورنا لفترة نصف يوم وشعرت أن الأمر خطأ".

صعوبة في التمويل

ولفت المخرج البالغ من العمر 44 عاما إلى أنه خلال سنتين من التصوير في الشوارع كان دائما يشعر بأنه يفعل الصواب، لكنه لم ير أنه يمكن استغلال هذه اللحظات كخلفية للعمل قبل فهمها.

وعرضت جهات داعمة غربية الأموال لإنجاز الفيلم لكنها اشترطت أن يتطرق فيه إلى الثورة.

وقال السعيد في هذا الشأن" "رفضت لأن ذلك سيكون بمثابة خيانة لنفسي وللفيلم الذي كان عن شيء في طور الانتهاء والثمن الذي يدفعه المرء عندما يكون من مكان كهذا".

فكرة الفيلم

وجاءت فكرة الفيلم بعد وفاة والد المخرج وفقدانه أصدقاء في الحريق الهائل الذي شهده مسرح مهرجانات بني سويف سنة 2005 وأودى بحياة 46 شخصا.

وقال: "كان مريعا تخيل أشخاص يحترقون في داخل مسرح من دون محاسبة أحد. هذا الأمر يروي كل شيء عن واقع السنوات الأخيرة من حكم مبارك. كان واضحا أن الوضع غير قابل للاستمرار".

وعندما بدأ تصوير الفيلم، كانت والدته تنازع أيضا وقد أقنعها بتأدية دور والدة الممثل الرئيسي خالد على فراش الموت. وتوفيت والدة المخرج في تشرين الأول/أكتوبر 2010 في الأسابيع الأخيرة من التصوير.

وفي مشهد يجسد تزايد النزعة الدينية في القاهرة، تغطي الوالدة رأسها عندما تخور قواها، في وقت تدعو ملصقات يصورها الفيلم الرجال لغض البصر عن النساء وتغطى عارضات بلاستيكية في المتاجر.

ولم ينطلق عرض "آخر أيام المدينة" في مصر على رغم نيله جوائز عالمية عدة بما فيها من مهرجان برلين السينمائي بسبب عدم سماح السلطات المصرية الحالية بعرضه بعد، غير أن السعيد يشدد على أن فيلمه ليس سياسيا، وهو مع ذلك يعاني تضييقا محليا في مصر حيث يتعذر على مخرج العمل وضع ملصقات ترويجية له.

 راديو سوا في

27.06.2017

 

####

 

«آخر أيام المدينة»... حكاية الحكايات

بسمة الحسيني

يأخذنا فيلم «آخر أيام المدينة» (إخراج تامر سعيد ـ تأليف رشا السلطي وتامر السعيد)، بعد دقائق قليلة من بدايته، في متاهة من الحكايات التي تلتفّ على بعضها، تتقابل، ثم تتقطع وتصطدم. الحكايات ليست متتالية، ولا تبدو للوهلة الأولى مرتبطة ببعضها بوضوح، ولكنها قبل أن ينقضي الثلث الأول من الفيلم، تكون قد نسجت حول المتفرج شبكةً لا يستطيع الفكاك منها، متاهةً ما أن يقترب من مخرجها حتى يجد نفسه يبدأ من جديد.

الحكايات كلها حزينة، ولكن الحزن الذي تتسم به من ذلك النوع الذي لا يدفع إلى البكاء، وإنما يقبض القلب ببطءٍ وعمداً، حتى تأتي تلك اللحظة التي لا يستطيع فيها المتفرج التنفس.

تدور هذه الحكايات حول خالد، مخرج الفيلم وبطله، ويدور هو فيها، محاولاً العثور على الموضوع الأساسي للفيلم الذي يصنعه، وفي استعارة موازية يبحث عن شقة لينتقل إليها. الاثنان صعبا المنال: الشقة المكونة من غرفة وصالة التي تشبه صورة محددة في ذهنه، والفيلم الذي يريده، والذي لا يستطيع أن يقرر ما إذا كان فيلماً عن أسرته وطفولته، أم هو فيلم عن مدينته وحكاياتها. يبدو خالد معظم الوقت حائراً تائهاً، يلفّ في الشوارع طوال الوقت في حركة لا تهدأ إلا قليلاً بجوار سرير أمه في المستشفى، ليعود مرة أخرى إلى الدوران.

جيلٌ مسجونٌ فعلياً أو معنوياً في مدنٍ مدَمَّرةٍ وقاتلةٍ

تقول حنان يوسف في مشهد بعد بداية الفيلم بدقائق، موجهة حديثها إلى ممثلة تقوم بتدريبها: «الأهم من الحفظ في الحكايات إن خيالك يبقى شغال، تبقي شايفة الصور. لو إنتي شايفة الصور كويس، الجمهور ها يشوفها كويس ... اللي بيسمع، بيرسم، بيعمل الديكور ويرسم الشخصية، بيشم الريحة». ربما كانت هذه الجمل مفتاحية للتعامل مع الفيلم، وربما تكون موجهةً أيضاً إلى المتفرج: «أنت مشاركٌ في صنع الحكايات». إذا تاه المتفرج في وسط الحكايات، عليه أن يعيد ترتيب خطواته، ليجد طريقاً آخر. هذا التيه، الذي يعززه أن معظم مشاهد الفيلم هي حركة سريعة في شوارع متشابهة، يخلق إحساساً لدى المتفرج بالاختناق والرغبة في إيجاد مخرج من هذه المتاهة. قد لا تكون صدفةً أن الفيلم يحمل تاريخ «ديسمبر ٢٠٠٩» السابق بعامٍ واحد على أجرأ محاولة للخروج من المتاهة.

ليس من الصعب على المشاهد أن يتورط في صنع حكاية فيلم «آخر أيام المدينة»، فكل العناصر موجودة وحيّة ومتاحة للخيال والتفكير. يمكن للمشاهد أن يصنع هذا الفيلم وهو يشاهده بأكثر من طريقة: يمكنه أن يهتم أساساً بشخصية خالد المترددة والعنيدة في الوقت نفسه، وأن يتتبع فشل علاقته بليلى واحتضار أمه، وتعثره في صنع فيلمه والعثور على شقة يسكنها، أو يمكنه أن يركز اهتمامه على حال القاهرة، وصورها الفاتنة المرعبة، وتناقضاتها المضحكة المبكية، أو يمكنه كذلك أن يفكر في الإطار السياسي والاجتماعي للفيلم ويحلل الدلائل الكثيرة في الفيلم على حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي والعنف المختزن والطافح في ممارسات الشرطة والمجتمع. هذه الاحتمالات وغيرها ممكنة، فطريقة السرد التي يتبعها الفيلم فيها أقل حدّ ممكن من الالتزام بسردية واحدة. ليس معنى هذا على الإطلاق أن الفيلم غير مترابط أو ممل، على العكس تماماً، فكل سردية لها منطقها المتماسك، ويمكنها الالتقاء بالسرديات الأخرى بسهولة. «آخر أيام المدينة» ليس فيلماً مسلياً ولكنه فيلم ملزم، لا يمكن للمتفرج أن يسمح لنفسه بأن يشعر بالملل خلال مشاهدته.

هذه الطريقة في السرد السينمائي هي أهم سمات الفيلم، وهي التي تجعل منه علامة هامة حقيقية في مسيرة السينما المصرية. لا يعني هذا أن الفيلم يجب أن يكون سابقة تتبعها أفلام أخرى بنفس الطريقة، ولكن يكفي أنه يقترح طريقة جديدة لصناعة فيلم روائي، وأنه نجح في أن يجعل هذه الطريقة ممتعة ومثيرة للخيال.

الملمح الفني الثاني الهام في الفيلم، هو استخدام أسلوب الأفلام الوثائقية. ورغم أن الفيلم لا ينفرد بهذا الملمح، فهناك تجارب كثيرة ناجحة في السينما العربية والعالمية فعلت نفس الشيء. ولكن ربما يكون تميّز الفيلم في هذا الاتجاه، هو عبر المزج بين الوثائقي والروائي في الشخصيات نفسها: شخصية خالد ربما تكون شخصية تامر السعيد مخرج الفيلم، فأمه في الفيلم هي أم تامر الحقيقية، وقصة والده حقيقية، ولكن «خالد» لديه قصصه الأخرى المتخيلة، ونفس الشيء تقريباً بالنسبة إلى شخصيات حنان ومريم وعلي وباسم وليلى، وحتى حسن وطارق اللذان اختار كاتب السيناريو أن يغير اسميهما الحقيقيين. وتأتي ذروة المزج بين توثيق الواقع وسرد المتخيل سينمائياً في فكرة الفيلم نفسها: طوال الفيلم، يبحث المخرج، ومعه المونتير نافذ الصبر والمصور المتذمر، عن موضوع الفيلم! هذا البحث واقعي وحقيقي، وهو في نفس الوقت متخيل نراه على الشاشة في سياق روائي.

ككل الأفلام الهامة، ليس فيلم «آخر أيام المدينة» خالياً من النقائص، فهنا وهناك كان يمكن الاستغناء عن مشهد ربما أبقاه المخرج لأنه وقع في غرام صورته، أو لأنه يصور حادثة طريفة لم يطاوعه قلبه على تركها خارج الفيلم، وهنا وهناك وُضِع مشهد في مكان قلق عطل فيه لثوان إيقاع الفيلم، ولكن لا يمكن أن يفوت المتفرج هذا الحرص على أن يكون الفيلم «جميلاً» بمعنى الكلمة. بالإضافة إلى التصوير البديع والنادر وجوده في السينما المصرية، وبالإضافة إلى شريط الصوت الذي يستحق وحده مقالاً من ناقد موسيقي متخصص، ويلفت فيه على الأخص استخدام الصمت، وجلاء وإتقان الموسيقى الآلية المسجلة وقدرتها على أن تتحول إلى عنصر شبه بصري، وبالإضافة إلى التصور الفني العام للفيلم، هناك أيضاً هذه التفاصيل الموحية المتكررة والمطرزة في الفيلم من بدايته إلى نهايته: زهور القرنفل البيضاء، النار، الطيور التي تجوب السماء، المانيكانات في فاترينات المحلات، نشرة الأخبار المنبعثة من الراديو. هذه التفاصيل موضوعة تماماً في أماكنها كمفاتيح لطرق قد يسلكها المتفرج في سعيه للخروج من المتاهة، أو لتذكيره بطرق قد سلكها بالفعل من قبل.

في الفيلم مشهدان يستحقان ذكراً منفصلاً: مشهد لقاء الأصدقاء الأربعة: خالد، باسم، حسن وطارق، الذي ينتهي بالدوران فجراً في سيارة نصف نقل في وسط القاهرة. عبر الحوار الشجي الذي يتبادله الأصدقاء الأربعة من شرفة تطل من علوّ فوق ميدان التحرير، تنفتح أمامنا الهوة: جيلٌ مسجونٌ فعلياً أو معنوياً في مدنٍ مدَمَّرةٍ وقاتلةٍ في الوقت نفسه. ماذا نملك أمام القبح والتدمير والقتل؟ لا شيء. حتى اللجوء إلى أوروبا لا يستطيع أن يفك أسرنا. في هذا المشهد الرائق، تتركز خلاصة يأس صانعي الفيلم وشخصياته الرئيسية: نحن هنا، ولا مفر.

المشهد الثاني هو حكاية حنان لقصة والدتها، اعتماد، وتدمير بيتها في الاسكندرية. يبدأ المشهد برفق مع سلم البيت وغرفه الأليفة الواسعة، ووجه اعتماد العجوز الجميل، وبعد هذه المقدمة الحنون، تأتي مباشرة، وبخشونة صادمة، مطارق الهدم. كان استخدام أغنية «يا جارة الوادي» من ألحان محمد عبد الوهاب وغناء نور الهدى من دون مصاحبة موسيقية في هذا المشهد موفقاً جداً لتخفيف صدمة الهدم وتعميق الإحساس بالفقد والخسارة.

ليس واضحاً ما إذا كان فيلم «آخر أيام المدينة» سيعرض في المدينة التي يحكي عنها: القاهرة، بعدما رفض «مهرجان القاهرة الدولي للسينما» عرض الفيلم بتفسيرات تبدو متناقضة لقرار عرض الفيلم ثم العودة عن هذا القرار. من وقتها، تحاول مجموعة من الموزعين المستقلين عرض الفيلم في مصر، لكن هناك حائط غير مرئي أقامته أجهزة الدولة يعترض هذا المسعى، فليس هناك منع رقابي ولا موافقة رقابية، وإنما دوامة من الإجراءات المظللة بالتهديد الصريح أو الخفي ضد صناع الفيلم. ومن المؤسف فعلاً ألا يُعرض هذا الفيلم في مصر، ليس فقط لقيمته الفنية الكبيرة، وانما حتى على سبيل «الفخر القومي» في وقت تعزّ فيه أسباب هذا الفخر، فهو حصد منذ عرضه الأول في «مهرجان برلين السينمائي» عدداً من الجوائز الدولية الهامة منها جائزة الكاليجاري في هذا المهرجان، والجائزة الكبرى وجائزة لجنة تحكيم الشباب لـ «مهرجان نانت لسينما القارات الثلاث»، وجائزة أحسن مخرج في «مهرجان بوينس أيرس الدولي»، وأحسن فيلم في «مهرجان الفيلم العربي» في سان فرانسيسكو، والجائزة الكبرى لـ «مهرجان نيو هورايزون» في بولندا. عرض الفيلم في مهرجانات عربية ودولية عديدة، تلاها العرض التجاري الأول في المنطقة العربية في «سينما متروبوليس» في بيروت، وسيليه قريباً العرض التجاري في فرنسا ثم بريطانيا، لكن أمر عرض الفيلم في مصر ما زال في أيادٍ خفية.

ربما لن يعرض «آخر أيام المدينة» في مصر قريباً، وبالتالي سيُحرم من مشاهدته الجمهور العادي الذي قلّما تتاح له فرصة اختبار تجارب فنية غير تلك التجارية السائدة، ولكن الأكيد أن الفيلم سجّل مرجعية فنية هامة في صناعة السينما في مصر والمنطقة العربية، وسيكون له تأثير على ذائقة صناع الأفلام الشبان مستقبلاً. من المؤكد كذلك أن الفيلم سيتاح يوماً للمشاهدة عبر الإنترنت لكل الناس، رغم الحجب والتجاهل، وساعتها سيجتذب عدداً أكبر كثيراً من المشاهدين مما تتسع له دور السينما العادية، مثله في ذلك مثل كل ممنوع.

*كاتبة مصرية وناشطة ثقافية

الأخبار اللبنانية في

30.06.2017

 
 

مهرجان وهران السينمائى يحتفى بالإنتاجات العربية فى دورته الـ10.. فيلم "آخر أيام المدينة" يمثل مصر.. وعرض خاص لـ"مولانا" بحضور إبراهيم عيسى.. وتكريم العلايلى وكريمة مختار وحسان بن زرارى ونادية طالبى من الجزائر

رسالة وهران ـ علا الشافعى

يحتفى مهرجان وهران فى دورته الـ10 والتى تعقد فى الفترة من 25 يوليو الجارى وحتى 31 من نفس الشهر، بإنتاجات السينما العربية المتنوعة، سواء فى مجال الأفلام الروائية الطويلة أو القصيرة والوثائقية، حيث أعلنت إدارة مهرجان وهران الدولى للفيلم العربى، أن المسابقات المختلفة بالمهرجان تضم 31 فيلما من أكثر من 12 دولة مشاركة. وتشارك فى المهرجان أفلام من الجزائر وتونس والمغرب ومصر والأردن وفلسطين والعراق ولبنان وسوريا والسعودية والبحرين وموريتانيا، ومنها «فى انتظار السنونوات» للمخرج الجزائرى كريم موساوى» وفيلم «آخر أيام المدينة» للمخرج المصرى تامر السعيد و«صنع فى العراق» لجاسم محمد جاسم «والأب» للمخرج السورى باسل الخطيب «والبحث عن السلطة» للمغربى بنسودة محمد، «وغدوة حى» للتونسى عاشور لطفى «والرجال فقط عند الدفن» للأردنى الكعبى عبد الله و«أوجيستيس ابن دموعه» للمخرج المصرى سمير سيف و«العشيق» للمخرج الجزائرى سى فوضيل عمار.

وقال مدير المهرجان إبراهيم صديقى: «إن عدد الأعمال التى تقدمت للمشاركة وصل إلى 500 فيلم تم اختيار منها 31 عملا سينمائيا ضمن المنافسة الرسمية فى فروعها الثلاثة، منها 11 فيلما فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة و10 أفلام فى القصيرة و10 أخرى فى الأفلام الوثائقية»، حيث إن أغلب الأفلام المشاركة تتناول قضايا الواقع العربى والتطورات المأسوية التى يشهدها.

ويكرم المهرجان هذا العام مجموعة من الفنانين، منهم النجم والفنان المبدع عزت العلايلى، والممثل الجزائرى حسان بن زرارى، والممثلة الجزائرية نادية طالبى، والمخرج الجزائرى موسى حداد، كما يكرم أسماء بعض من الفنانين الراحلين مثل الممثل الجزائرى حسن الحسنى والروائى الجزائرى مولود معمرى، والممثلة المصرية كريمة مختار والناقد الفلسطينى بشار إبراهيم.

وتقام على هامش المهرجان ندوة بعنوان «السينما وحقوق التأليف»، يقدمها المدير العام للديوان الوطنى لحقوق التأليف والحقوق المجاورة، سامى بن الشيخ، كما ينظم المهرجان أيضا ورش عمل فى مجالات متنوعة ومنها «الإخراج وتصميم المؤثرات البصرية وكيفية إنجاز فيلم من الكتابة إلى الإنتاج وعلاقة المخرج بالممثل أمام الكاميرا». ويرأس لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة المخرج التونسى فريد بوغدير، وتضم فى عضويتها الممثلة السورية جومانا مراد وكاتب السيناريو الجزائرى عزوز بقاق والممثلة الرومانية كريستينا فلوتور، والمخرج السودانى سعيد حامد، بينما يرأس لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية المخرج الفلسطينى ميشيل خليفى، وتضم فى عضويتها المخرج الجزائرى عبدالقادر مام، والباحثة السويدية فيكتوريا ميتشال، والمخرج الروسى نارليف خودزاكولى والناقد المغربى عبد الحق منطرش، أما لجنة تحكيم الأفلام القصيرة فيرأسها المخرج الجزائرى كريم طردية، وتضم فى عضويتها الممثلة اللبنانية مادلين طبر والممثل الكويتى داود حسين والناقدة المصرية علا الشافعى والممثلة الفرنسية جولى نيكولى.

وعلى هامش المهرجان تقام فعالية «عروض خاصة»، والتى يتم من خلالها عرض الفيلم المصرى «مولانا» للنجم عمرو سعد، والمخرج مجدى أحمد على، وعن رواية للكاتب إبراهيم عيسى، والذى يشهد عرض الفيلم مع الجمهور الجزائرى، ويشارك فى ندوة عن الفيلم بعد عرضه، وفى نفس البرنامج يعرض أيضا الفيلم السورى «بن باديس» للمخرج السورى باسل خطيب، والذى يشارك أيضا فى ندوة عن الفيلم مع السيناريست رابح ظريف والممثل يوسف سحايرى.

اليوم السابع المصرية في

24.07.2017

 
 

علا الشافعى تكتب:

"آخر أيام المدينة" مرثية للعواصم الكبرى والأرواح المتهالكة.. الفيلم الممنوع من العرض بمصر شهد حضوراً كثيفاً فى الدورة الـ10 لمهرجان وهران.. العمل يحكى عن 4 شخصيات تائهة تعانى الفقد والخوف

"الفيلم الممنوع فى القاهرة".. صارت هذه الجملة تتردد كلما ذكر فيلم "آخر أيام المدينة" للمخرج المصرى تامر السعيد، والذى يمثل مصر فى الدورة الـ١٠ ل مهرجان وهران السينمائى للفيلم العربى، والذى شهد حضوراً مكثفاً، أولا لأنه يمثل مصر، والثانى لأنه فيلم لمخرج شاب يملك طموحاً سينمائياًَ مختلفاً ومنع عرضه فى بلده مصر، الأمر الذى يجب أن نتوقف عنده ونسأل لماذا المنع؟.

الفيلم فى النهاية تجربة فنية خالصة.. ولن يذهب إليه إلا المهتمون بهذه النوعية من السينما، إذن لماذا المنع؟ هل لأن الفيلم يرصد الحراك السياسى فى الشارع المصرى قبل ثورة يناير وأقصد تحديدا حركة كفاية السياسية؟ وهو واقع وتاريخ لا يستطيع أحد أن ينكره؟ أم أنها بعض الهتافات فى شريط الصوت؟ وهى تفاصيل فى ظنى كان من الممكن حلها.. خصوصا أن الفيلم لا يقوم ببطولته محمد رمضان مثلا البطل الشعبى أو أحمد السقا صاحب الرقم القياسى فى الإيرادات بل يظل آخر أيام المدينة فيلم شديد الخصوصية وتجربة مهمة فى السينما العربية، يتلقاها ويتفاعل معها كل من يبحث عن الاختلاف فى السينما بعيدا عن السينما التجارية أو تلك المصنوعة جيدا.

«آخر أيام المدينة» يروى عن معاناة مخرج فى إنهاء فيلمه الذى صار عصيا تماما مثل العواصم العربية القاهرة، بيروت، بغداد، التى كانت تشهد فى تلك الفترة من انهيارات، أربعة شباب وهم باسم «باسم فيّاض» من بيروت، و«حسن» «حيدر الحلو» من بغداد، وطارق «باسم حجر» من بغداد، هرب من جحيم الإرهاب والتطرف ويعيش فى برلين، يلجأ إليهم ليساعدوه على إنجاز الفيلم كل من عاصمته فى محاولة أخيرة لاستكمال وإنهاء فيلمه المستحيل، وهنا تتداخل الحدود وتتماهى بين الفيلم الذى يرغب تامر فى إنجازه فعلا، الذى نرى مقاطع منه على الكمبيوتر وأثناء محاولة تركيب بعض مشاهده والفيلم الذى نشاهده يتفقون على تزويده بفيديوهات لا يمكن تحديد أين يبدأ أحدهما، ومتى ينتهى الآخر، تتداعى القاهرة أمام عينيه.. بل تشيخ بفعل الإهمال، الراديو يبثّ أخبارا عن إنجازات مبارك، مظاهرات «كفاية» أمام نقابة الصحفيين، من القاهرة تلك العاصمة شديدة الزخم وسيدة التناقضات إلى بغداد المكلومة وبيروت التى تمتلئ زيفا بحسب توصيف «باسم فياض».

الشخصيات الأربعة تائهة تعانى الفقد والخوف فى تلك المدن الراكدة التى تزحف وتآكل الأرواح خالد «السينمائى» يجسده خالد عبدالله وهو نموذج للمثقف العربىّ الصامت العاجز عن الفعل أو تغيير أى شىء هو فقط يكتفى بالرصد وتوثيق ما يراه بكاميراته التى تنافسه فى العجز وأحيانا الخوف راجع لقطات ضرب واحد من المتظاهرين بعنف وقسوة أمام عينه أو ذلك الزوج الذى يضرب زوجته على سطوح العمارة المجاورة ويسرق ما بيدها من ذهب وخوفه عندما رَآه الزوج يصورهم غير أنّه لا يملك إلا أن يقاوم من خلال محاولته لإنجاز فيلمه.. كل ذلك من خلال إطار بصرى شديد التميز والخصوصية وشريط صوت يضم جملا موسيقية مميزة ومحددة ويترك أصوات تلك المدن التى تأكل أرواح قاطنيها إضافة إلى لحظات الصمت الموظفة دراميا والتى تؤكد أن الانفجار قادم لا محالة، فيلم آخر أيام المدينة هو مرثية للعواصم الكبرى والأرواح المتهالكة.

تامر السعيد ذاته، درس الصحافة فى جامعة القاهرة، والإخراج السينمائى فى المعهد العالى للسينما، تخرّج عام 1998 مع مرتبة الشرف، مشبعاً بحصيلة أكاديميّة، تجمع بين البحث والروى والتوثيق. عمل كمخرج مساعد مع أسماء مثل سمير سيف فى «معالى الوزير» «2002»، وإبراهيم البطوط فى «إيثاكى» «2005». عمل ما بين إخراج الإعلانات والتدريس، ومن أفلامه التسجيلية المهمة «غير خدونى» «2004» الذى حصل على أفضل فيلم تسجيلى طويل، وجائزة «صلاح التهامى» من لجنة تحكيم الأفلام التسجيلية العربية المنبثقة عن اتحاد السينمائيين التسجيليين.

اليوم السابع المصرية في

31.07.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004