كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

نوارة

بقلم: سمير فريد

عن فيلم

«نوارة»

ومخرجته

هالة خليل

   
 
 
 
 

تعتبر هالة خليل من مخرجى السينما الذين لا تحركهم لصنع الأفلام سوى دوافع داخلية فكرية وفنية من القلب والعقل وكل الحواس. وهذا ما يبدو من أفلامها الخمسة القصيرة والثلاثة الطويلة، وكلها روائية، التى أخرجتها منذ تخرُّجها فى معهد السينما عام ١٩٩٢.

وأفلام هالة خليل من الأفلام الواقعية التى لا تقطع مع جمهور السينما السائدة، ولا تخضع له فى نفس الوقت. وواقعية الفنانة فى فيلميها الطويلين الأوَّلين «أحلى الأوقات» ٢٠٠٤، و«قص ولصق» ٢٠٠٦، امتداد أصيل للواقعية الكلاسيكية والواقعية الجديدة فى السينما المصرية.

وفى فيلمها الثالث «نوارة» (١٢٢ دقيقة) الذى عرض لأول مرة فى مسابقة مهرجان دبى السينمائى الدولى عام ٢٠١٥، وفازت منة شلبى بجائزة أحسن ممثلة عن دورها فيه - تقدم فيلماً سياسياً من علامات السينما السياسية، وذلك بمفهوم أن الفيلم السياسى ما يتناول أحداثاً سياسية وقت وقوعها. فأحداثه تبدأ وتنتهى فى ربيع ٢٠١١ بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ولكننا مازلنا بعد الثورة حتى الآن.

يعلن الفيلم مولد منتج جديد طموح هو صفى الدين محمود، حيث تتكامل مجموعة الفنانين أمام وخلف الكاميرا، ويبدع كل منهم فى فنه، من الممثلين والممثلات إلى تصوير زكى عارف (ديجيتال ألوان) وميكساج أحمد جابر، ومونتاج منى ربيع وديكور هند حيدر وأزياء ريم العدل وموسيقى ليال وطفة.

عبَّرت هالة خليل فى «أحلى الأوقات» و«قص ولصق» عن تدهور الطبقة الوسطى فى مصر، التى تكاد تنمحى. ويؤكد «نوارة» الذى كتبته المخرجة ذلك بتعبيره عن عالم المجمعات السكنية الفاخرة، وعالم الأحياء العشوائية البائسة. وبينما محور كل من الفيلمين الأوَّلين ثلاث نساء، فإن محور «نوارة» امرأة واحدة هى التى يحمل الفيلم اسمها. وسينما هالة خليل أيضاً سينما نسائية بامتياز، وذلك بمعنى أنها تتضمن من التفاصيل الدالة ما يصعب إدراكها إلا بواسطة النساء، كما أن أغلبية طاقم الفيلم وراء الكاميرا من النساء.

القاهرة ٢٠١١

فى بداية الفيلم لافتة تشير إلى أن الأحداث تدور فى القاهرة فى ربيع ٢٠١١، أى بعد شهور قليلة من اندلاع ثورة ٢٥ يناير ذلك العام. وبقدر بساطة الفيلم فى التعبير عن الثورة من خلال التناقض بين حياة الأثرياء وحياة الفقراء، بقدر عمقه فى هذا التعبير.

الموضوع هنا ليس مجرد التناقض بين الثراء والفقر، وإنما كيف تحول المجتمع المصرى فى العقود التى سبقت الثورة، ولأول مرة فى تاريخه الحديث، إلى عالمين كاملين منفصلين تماماً: عالم قصور المجمعات ذات المداخل الكهربائية وحمامات السباحة الكبيرة والكلاب الغالية والشوارع الواسعة التى تتحرك فيها السيارات الفارهة، وهى مجمعات محاطة بأسوار عالية وتحرسها شركات أمن خاصة. وعالم الأحياء العشوائية التى لا تصلها المياه، وليس بها شوارع وإنما زوايا تتحرك فيها عربات «التوك توك» بصعوبة، والحمامات مشتركة والخصوصيات منتهكة والمنازل أطلال خربة. وهى أحياء محاطة بالأسوار أيضاً، ولكنها من أكوام القمامة والمخلفات. وليس هناك فيلم مصرى عبَّر عن هذين العالمين بقوة ووضوح كما فى هذا الفيلم. وليس هناك فيلم مصرى عبَّر عن الجذر العميق لثورة يناير كما فى هذا الفيلم، فالتناقض الهائل بين هذين العالمين كان لابد أن يؤدى إلى الثورة. وكما قال بريخت يوماً «مادامت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، فقد حان إذن أوان التغيير».

بين عالمين

يتحرك الفيلم بين العالمين المذكورين من خلال نوارة (منة شلبى) الشابة الصغيرة التى تعيش فى حى عشوائى مع جدتها توحة (رجاء حسين)، وتعمل خادمة مثل أمها المتوفاة فى قصر الوزير السابق والنائب فى البرلمان أسامة (محمود حميدة)، الذى يعيش فيه مع زوجته شاهندة (شيرين رضا) وابنته الشابة خديجة (رحمة حسن) التى تماثل نوارة فى العمر، وابنه إياد (أحمد مجدى) الذى ذهب إلى لندن بعد الثورة، ولا نراه إلا فى مكالماته عبر النت، وهو يطلب من أسرته أن تلحق به وتأتى بأموالها.

فى أول مشاهد الفيلم نرى نوارة تستقل «موتوسيكل» يقوده «على» (أمير صلاح الدين)، ويذهبان إلى المستشفى الحكومى الذى لا يجد فيه والد «على» سريراً للعلاج، ثم تبدأ رحلتها اليومية إلى «الميكروباص» البائس الذى تستقله حتى تصل إلى «الميكروباص» الفاخر الذى ينقل الخدم من الباب الخارجى للمجمع إلى مواقع القصور داخله. و«على» من أسرة نوبية تعيش فى نفس الحى العشوائى الذى تعيش فيه نوارة، ويعمل فى إصلاح الأجهزة الكهربائية فى دكان والده الذى أقعده المرض، ويحتاج إلى عملية جراحية. وقد تم عقد قران على ونوارة منذ خمس سنوات، ولكنهما فى انتظار إيجاد المسكن الذى يتزوجان فيه.

ونحن نعرف الأحداث التى تقع فى ربيع ٢٠١١ بعد الثورة من خلال الراديو والتليفزيون فى البيوت والسيارات، حيث نرى البرادعى ومذيعتى التليفزيون دينا عبدالرحمن وريم ماجد، ونسمع صوت عمرو حمزاوى. كما نرى مظاهرة فى وسط القاهرة تشترك فيها هالة خليل والمنتج السينمائى الكبير محمد العدل. وكان من الضرورى هنا كتابة اسم المخرجة واسم المنتج ليعرفهما جمهور المشاهدين وخاصة خارج مصر.

أخيار وأشرار

المجتمع أصبح من عالمين منفصلين، ولكن الكاتبة المخرجة لا تقع فى فخ أن هذا عالم الأشرار وذاك عالم الأخيار. إنهم جميعاً شخصيات درامية، وفى كلا العالمين الأخيار والأشرار. كان أسامة يرفض السفر، ويرى أنها «هوجة» وسرعان ما سيعود كل شىء كما كان. وكانت زوجته شاهندة تؤيد الابن إياد، والابنة خديجة تعارض السفر، ولكن ما إن يُعلن القبض على مبارك وولديه حتى يقرر أسامة السفر إلى لندن. وفى آخر لقطة يظهر فيها نراه يضع على عينيه نظارة سوداء، ويغادر مع زوجته وابنته من دون أن ينطق بكلمة واحدة. وتطلب شاهندة من نوارة أن ترعى البيت وتقيم فيه وتوحى بأنهم لم يغادروه، وتطلب من عبدالله (أحمد راتب) حارس السيارات أن ينظفها كل يوم ليؤكد ذلك. كما تطلب خديجة من نوارة رعاية كلبها بوتشى، ويقوم بدوره الكلب فينو.

هذه هى المرة الأولى فى السينما المصرية التى نرى فيها قصة حب بين إنسان وكلب. كانت نوارة تخاف من بوتشى، ولكنها طبقت نصيحة شاهندة بأن خوفها يجعله يخاف منها، وبذلك تحول الخوف المتبادل إلى حب متبادل. وعندما تقوم نوارة بنزهة مع بوتشى تلتقى مع الجارة مايا التى تتنزه مع كلبتها، وتتصور مايا أن نوارة صاحبة الكلب مثلها، وليست خادمة. ويفتقر هذا المشهد إلى الإشباع الدرامى، بل إننا لا نكاد نرى رد فعل نوارة.

وعندما يأتى حسن (عباس أبوالحسن) شقيق أسامة الحاقد عليه مع والدهما للتأكد من مغادرة أسامة للبلاد، يتعامل بعنف مع نوارة لتقر بالحقيقة، ويهاجمه بوتشى، ويطارده، فيطلق عليه الرصاص ويقتله. وتقوم نوارة مع عبدالله بدفن بوتشى فى الحديقة وهى تتلوى من الألم. وعندما تطلب نوارة من شاهندة عبر التليفون عشرة آلاف جنيه قرضاً لعلاج والد على، ترشدها شاهندة إلى مكان عشرين ألف جنيه للعلاج والزواج وتقول لها إنها هدية الزواج.

وفى العالم الموازى الأخيار والأشرار أيضاً. ها هم اللصوص وقد وجدوا الفرصة سانحة لنهب بعض المحلات، وذلك فى غمار الفوضى التى تعقب الثورات. وإن افتقد هذا المشهد إلى الإشباع الدرامى أيضاً. وينقل على والده إلى مستشفى خاص بعد أن يئس من علاجه فى المستشفى الحكومى، الذى يبدو فيه عنبر العلاج المجانى مروعاً وكأنه فى مستشفى ميدانى أثناء الحرب. ويختفى أحد مقتنيات قصر أسامة، وتشك نوارة فى على، ولكنه يعيد ما سرقه فى مشهد من أجمل المشاهد التى برع فيها الممثل أمير صلاح الدين. والحب بين النوبى الأسمر الجنوبى على والبيضاء الشمالية نوارة، تعبير عن الفقر الذى انتشر فى كل مصر من الجنوب إلى الشمال.

وتتكامل مشاهد المستشفى الحكومى مع مشهد مندوب الحى الذى جاء يجمع أموالاً إضافية من أموال السكان الفقراء القليلة بدعوى ارتفاع الأسعار لتوصيل أنابيب المياه إليهم، فهو بذلك مثل الممرضة مؤمنة (شيماء) التى تحكم عنبر العلاج المجانى، وتبتز المرضى، والتى أدت شيماء دورها بتلقائية مدهشة وكأنها ترتجل الحوار. ويتكامل مندوب الحى المرتشى والممرضة الجشعة مع المستشفى الخاص الذى يطلب عشرة آلاف جنيه لعلاج والد على مما يدفعه إلى السرقة والتعامل مع اللصوص.

أحلام الفقراء

يركز الفيلم من خلال الراديو والتليفزيون على مسألة إعادة الأموال التى هربها أقطاب النظام السابق إلى الخارج، والتى وصلت إلى حد إشاعة أنها سوف توزع على الفقراء، ويحصل كل منهم على ٢٠٠ ألف جنيه، وهو تعبير عن الخيال الشعبى الذى حلق فى كل الاتجاهات بعد الثورة، والإيمان بأنها سوف تحقق كل أحلام الفقراء.

وينتهى الفيلم نهاية صادمة، إذ يتزوج على ونوارة ويقضيان ليلة سعيدة فى القصر بعد أن أعاد على ما سرقه، وحصلت نوارة على هدية شاهندة، ولكن فى الصباح تأتى قوة لمصادرة القصر، ويعثر قائدها على المبلغ فى حقيبة نوارة، ويقبض عليها بتهمة السرقة.

ملاحظات فنية

وإلى جانب المشاهد غير المشبعة درامياً التى سبق ذكرها، هناك ثلاثة مشاهد أخرى. الأول العلاقة بين توحة التى تبيع الطعمية من شباك حجرتها، وبين التلميذ الذى يأتى لها بالكراسات القديمة لكى تلف بها الطعام. والمشهد الثانى الخادمة الطفلة التى تبدأ أول أيامها كخادمة، وتوصيها عمتها الخادمة بدورها فى «ميكروباص» الخدم بما يجب أن تفعله. والمشهد الثالث تراجع والدة على عن موقفها المعارض لزواج ابنها من نوارة طبقاً للتقاليد النوبية التى لا ترحّب بالزواج من غير النوبيات.

وهناك ملاحظة على مونتاج الصورة، وأخرى على ميكساج الصوت. أما بالنسبة إلى المونتاج، فهى القطع من منظر كبير للمياه فى حمام السباحة إلى منظر كبير للمياه الشحيحة فى الحى العشوائى، فلا توجد مشكلة فى الانتقال بين المشهدين، ولكن الانتقال بالمناظر الكبيرة كان مونتاجاً ميلودرامياً إذا جاز التعبير. أما ملاحظة ميكساج الصوت، فهى عدم تغير مستوى الصوت داخل وخارج الدكان فى مشهد لقاء نوارة مع على بعد أن ساورها الشك فى أنه أصبح لصاً.

من الجودة إلى العظمة

كانت منة شلبى ممثلة جيدة منذ أول أدوارها عندما اكتشفها فقيد السينما الراحل المخرج رضوان الكاشف فى فيلمه «الساحر» عام ٢٠٠١، ولكنها فى «نوارة» تثبت أنها أصبحت من عظماء التمثيل بفضل عين هالة خليل الثاقبة، وأزياء ريم العدل البارعة التى تجمع بين البساطة إلى درجة الفقر، والأناقة إلى درجة أن الجارة مايا تصورت أن نوارة صاحبة الكلب بوتشى.

لقد أدركت منة شلبى أعماق شخصية نوارة، فهى فتاة قوية ومتفائلة ومقبلة على الحياة رغم عملها كخادمة وظروف حياتها فى الحى العشوائى وعجزها عن الزواج بعد مرور خمس سنوات على عقد قرانها. وتبدو هذه الشخصية منذ المشهد الأول وهى خلف علىّ علَى «الموتوسيكل» حيث تملأ الابتسامة كل وجهها، وكأنها فى نزهة رفاهية، وليست فى الطريق الطويل الصعب إلى القصر الذى تعمل فيه. وحتى عندما تشك فى على تتغير نظراتها لتصبح عاتبة وليست غاضبة.

نوارة لم تفقد طفولتها رغم كل الظروف القاسية. انظر إليها وهى تخاف من بوتشى قبل أن يتبادلا الحب. انظر إليها وهى تحنو على كتكوت من الكتاكيت التى تربيها جدتها وتخشى عليه من المرض. انظر إليها وهى تحتضن جدتها عندما تتحدث عن انتظارها للموت، وكيف تجمع نظراتها بين الأسى والحزن والعطف الممزوج بالحب العميق. لقد بدت منة شلبى فى دور نوارة كأنها صورت كل مشاهدها فى يوم واحد، وتلك أعلى درجات التمثيل فى السينما.

الموقف السياسى

كان من الممكن أن ينتهى الفيلم بعد مصادرة القصر صباح ليلة العمر التى قضاها على مع نوارة، والتى بدت كالحلم مع إضاءة مدير التصوير الفنان زكى عارف. ولكن الناقد لا يقترح، وإنما عليه تحليل الفيلم كما هو على الشاشة.

هالة خليل لها موقف سياسى يبدو واضحاً من داخل الفيلم، وبغضّ النظر عن التصريحات الصحفية وكل ما هو خارج الفيلم. وهذا الموقف ينحاز كلياً للثورة، وانظر إلى بدء استخدام موسيقى ليال وطفة التعبيرية البديعة مع إعلان القبض على مبارك وولديه. وانظر إلى الشخصيات التى تختارها من برامج الراديو والتليفزيون. وتريد الفنانة من النهاية الصادمة التى تتهم فيها نوارة بالسرقة ظلماً، القول بأن الثورة لم تحقق أحلام الفقراء، بل زادت من الظلم الواقع عليهم.

وهذه النهاية صادمة لأنها تتضمن درجة كبيرة من التعسف الدرامى، أى فرض الرأى الأيديولوجى من دون مبررات درامية كافية. فمن ناحية من الممكن إثبات أن نوارة لم تسرق المبلغ، ومن ناحية أخرى فالأحداث تدور فى ربيع ٢٠١١ بعد شهور من الثورة، وليس من المنطقى أن تحقق أهدافها فى هذه الفترة الوجيزة. وإذا كان المقصود عدم تحقيق الأهداف بعد خمس سنوات، أى فى زمن عرض الفيلم، فكان من الضرورى أن تستمر الأحداث حتى ٢٠١٥. كما أن اعتبار الثورة قد زادت من معاناة الفقراء بتلك النهاية، يتناقض مع انحياز الفيلم للثورة. وهذا الانحياز يتسق مع أن تكون النهاية مصادرة القصر، ولكن هذه النهاية تعنى انتصار الثورة، ورأى صانعة الفيلم بالنهاية التى اختارتها أن الثورة لم تنتصر.

لقد وقعت الثورة، ومن المستحيل العودة إلى ما قبلها مهما حدث. ومن طبيعة الثورات سرعة التغيير، ولكن ليس بمنطق ضغطة زر على الكمبيوتر ويصبح كل شىء بين يديك.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

31.03.2016

 
 

نوارة

عبد الرحيم كمال

جراكن تحمل الرضا الذى لا يروى

يدان نحيلتان لفتاة مصرية تحمل الجراكن المملوءة بالماء وتسير مجهدة- وخلفها حوائط تحمل عبارة (يسقط حسنى مبارك)- إلى مسكن فقير بحمام مشترك وحنفيات بلا ماء، وجدة نهارا تبيع الطعمية والباذنجان وليلا تتحمل آلام الظهر وهواجس السن والقلق من موت بلا غسل ولا كفن، ونوارة تحاول اللحاق بكل شىء، على آخر نفس تحاول اللحاق بالجدة وبزوجها الذى كتب كتابه ولم يدخل بها بعد، ووالده الذى شرّده المرض وتلاعبت به مستشفيات القطاع العام من غرفة بلا سرير إلى أحد الحمامات وتحاول اللحاق بموعد عملها كخادمة فى فيلا فى آخر القاهرة تعمل بها نوارة منذ طفولتها إرثا عن أم خدمت نفس العائلة، الثورة حية وآنية ونابضة فى كل ركن فى الكادر تحيط بلهاث نوارة التى تحاول أن تلحق الحياة دون جدوى متسلحة بالرضا الكامل، وتأتى ورطة الفيلم وخيته وفخه الدرامى حين تذهب نوارة إلى الفيلا فتفاجأ بأصحاب الفيلا يستعدون للرحيل هربا وخوفا من ثورة تغير الثوابت وتصبح نوارة أمينة على تلك الفيلا، هذا هو حدث الفيلم الرئيس الذى تأخر كثيرا فى ظنى، لكن فى النهاية نحن أمام نوارة الذى نشاهده وليس نوارة كما أعتقد أو أظن أنا أن يكون.

ظل السيناريو يسير بسيمترية (انتقال هندسى موزون من وإلى) البيت الفقير وفيلا الأغنياء إلى أن دخلنا مع نوارة الفيلا لتصبح الأحداث بعد ذلك بطيئة إلى حد ما، بين محاولة نوارة الاتصال بسيدة الفيلا فى الخارج دون جدوى لإخبارها برفض زوجها البيات أو محاولات نوارة التآلف مع الكلب عدوها، الذى يتحول فى لحظة شجاعة منها إلى صديق حميم يدفع حياته ثمنا للدفاع عنها حين يعتدى شقيق صاحب الفيلا عليها فيدافع عنها الكلب فينهى الرجل حياة الكلب بطلقة رصاص وهو يردد بعنجهية مخاطباً فئة بعينها: (إنه على الكلاب ألا تنسى نفسها وأنهم هم السادة والكلاب كلاب) جملة قوية وذات دلالة ولكن هل كانت فى سياقها؟

تبدو منة شلبى صادقة ومقنعة فى كثير من المشاهد وتصل إلى درجات أرقى وأكثر سحرا حينما تحافظ على (راكور) الرضا الذى يميزها كشخصية درامية داخل النص المتحرك أمامنا، ويبدو الشاب الأسمر الذى يشاركها البطولة مغامرة لا بأس بها وإن غلبت عليه البدائية- لا الفطرة- أكثر من جمال الحرفة والإتقان، بعكس الشخصيات الثانوية التى تألقت كالممرضة والأب والأم والجدة.

الصورة مبهرة بلا شك، والإبهار هنا بمعنى القدرة على سطوع أفكار المخرجة، خاصة فى مشهد الفيلا المضاءة بنور الحب، بعد أن التقى أخيرا الحبيبان فى ثرائها واستخدامهما لهذا الثراء واستعماله فى ليلة الحب، ولكن جراكن الرضا التى تحملها نوارة لا تكفى ولا تروى، فها هى بعد كل هذا الرضا حين تجود عليها صاحبة الفيلا بمنحة عشرين ألف جنيه كافية لحل جزء من أزمتها مع زوجها أو تسديد جزء من نفقات علاج أبيه أو جزء من تكاليف موت الجدة المحتمل أو تسفيرها لعمرة، كما حاولا أن يقسماها فى تلك الليلة، لينهار كل هذا الحلم فى صبيحة اليوم التالى حين يقبض عليها البوليس ويتهمها بسرقة النقود، لترفع رأسها فى عربة البوكس، نوارة ساخطة رافضة وقد تبخر رضاها، نوارة تجربة سينمائية مثيرة للاهتمام بإنتاجها وإخراجها وتمثيلها وموسيقاها ومونتاجها، وهى رحلة صعبة فى رضا فتاة من طبقة تشبثت بكل الآمال طمعاً فى لحظة سكينة لم يمنحها لها أحد.

المصري اليوم في

31.03.2016

 
 

نوارة

كمال رمزي

تلعب هالة خليل، مع جمهورها، لعبة الإخفاء.. تتعمد عدم الإفصاح عن أمور تترك للمتلقى مساحة فراغ، عليه إدراكها.. والدة البطلة، يأتى ذكرها، فى كلام عابر، سريع، دون أن نراها، لا نعرف كيف ماتت وتركت ابنتها مع جدتها المريضة، وأورثتها العمل خادمة فى فيللا الوجيه الأمثل، أسامة «محمود حميدة».. لكن، فى سياق الفيلم، نشهد كيف يلقى أمثال تلك الأم، حتفهم، فى مستشفيات غير آدمية، يتوفر فيها أسباب الموت، أكثر مما تقدم عوامل الشفاء والحياة.

الجناينى العجوز، عم عبدالله«أحمد راتب» يكاد يحكى كيفية صعود، أسامة، رجل الأعمال، إلى عالم الجاه والثراء، لكن لا يستكمل قصته، وإن بدت لهجته هجائية، توحى بأنه يعرف الكثير عن مخازى الوجيه الأمثل، الذى انتقل من حال لحال.. نحن، ندركها أيضا. أما بطلة الفيلم، فإنها لا تكترث بها، ولا ترغب فى معرفة تفاصيلها.

فى «نوارة» يتبلور أسلوب هالة خليل، بنزعتها الواقعية، بمذاق تسجيلى واضح، فضلا عن اهتمام جاد بالمنسيين فى مجتمعنا، وهى فى هذا تأتى كامتداد إبداعى لسينما محمد خان، حيث تصبح الشوارع والبيوت والدكاكين الصغيرة والوجوه العابرة، مفردات اللغة التى تتحدث بها.. هنا لا مجال للنجومية، أو الجمال الشكلى.. تتعمد إخفاء معالم جسم بطلتها، منة شلبى، داخل جلباب واسع، أو بلوزة متواضعة وجونلة شعبية، وبلا ماكياج.. مظهر يتواءم مع فتاة عليها جلب الماء، كل صباح، من الحنفية العامة.. فى المقابل، تختار لها، خطيبا، يناسبها تماما: ممثل جديد، موهوب، لا علاقة له بالنجومية. إنه قادم من أحراش الحياة، ضخم الجثة، داكن اللون، أصلع الرأس، خشن الطباع، طيب القلب.. يبدو ــ أمير صلاح الدين ــ متوافقا تماما مع دور، على، الذى أصبح زوجا لنوارة، على الورق فقط، لأن لا سكن عندهما.

قصة الفيلم بسيطة، تروى فى سطرين: شابة صغيرة تعمل فى فيللا بأحد «الكومباوندات» الفاخرة. أصحابها يغادرون البلاد عقب اندلاع الثورة، تغدو الشابة أمينة على المكان، تحتاج إلى مبلغ مالى، تطلبه من سيدة الفيللا التى توافق، وترشدها، هاتفيا، على مكان النقود.. تضع الخادمة النقود فى حقيبته لجنة جرد الفيللا تضبط النقود، تزج بالشابة فى عربة الشرطة لتواجه مصيرا رماديا.

الفيلم ليس القصة، لكن كيف تحكيها.. هالة خليل، مع مصورها، زكى عارف، المتحرر معها من أسوار الاستديو، مونتيرتها، منى ربيع، التى تعرف تماما متى وكيف تنتقل من لقطة إلى أخرى، مع مصممة الديكور، هند حيدر، التى جعلت الجدران والأبواب ونوعيات الأثاث، تنطق بالواقع الاجتماعى والنفسانى للشخصيات.. وغيرهم، من صناع الفيلم، يقدمون عملا متناغما، فيه الهمس أكثر مما به من ضجيج، برغم عنف الفترة التى يتحدث عنها «نوارة». هذا يرجع لأسلوب هالة خليل، الذى يعبر عن المآسى بلا دموع، وعن الصراعات من دون دم.. فمثلا، فى مشهد غير مسبوق، عقب سحب العجوز المريض، والد «على» من عنبر مستشفى مكتظ بمشاريع موتى، تطالعنا نوارة، محتضنة الأب، جالسة على المقعد، خلف «موتوسيكل» على، يمرق به، فوق الكبارى، باحثا عن مستشفى خاص.. إنه مشهد لا ينسى.

حين تندلع معركة، بين«على»، وبعض الشبيحة، تتعمد كاتبة السيناريو، المخرجة، ان تجعلنا، من وراء باب الدكان المغلق، ونسمع عبارات وحشية، من دون رؤية الحركة المادية.

يمتد هذا الذوق المرهف، ليشمل عناصرالفيلم جميعا، وفى مقدمته، الأداء التمثيلى، البعيد تماما عن المغالاة، والذى يوحى أكثر مما يصرح: صاحب الفيللا الثرى، محمود حميدة، بإعلانه المتكرر بأنه لن يغادر البلد، لأنه لم يرتكب جرما، يبدو كما لو انه يريد ان يطمئن نفسه، ولعل مظهره التسامح، حين يرحل، مجرد قشرة تخفى تحتها شعورا بالخنق على كل ما يجرى.. فى نظرة الذعر بعيون منة شلبى، عندما يزج بها فى عربة الشرطة، تبدو فى لحظة، كما لو انها أدركت وهن قواها، وتعاسة موقفها، سواء فيما قبل، أو فيما بعد.. «نوارة»، فيلم صادق، صارم. ينظر بجرأة، فى ثنايا مصر، الآن، وليس الأمس.

الشروق المصرية في

01.04.2016

 
 

«نوارة»: ذلك الخيط الرفيع بين الإيمان والكفر

أنيس أفندي

«ليه كده يا رب؟»

هكذا ينتهي الفيلم. بهذه الكلمات الأخيرة لـ منة شلبي، أو «نوارة». بهذا السؤال الذي لا يُرتجى له جوابًا بقدر ما تُرتجى الاستجابة.

يطرح الفيلم الكثير من الأسئلة، أو بالأحرى يعيد طرحها، ولكن يبقى السؤال الأهم هو «سؤال الإله». ربما كانت فكرة «غياب الإله» هي أهم عناصر تيمة الـ «ديستوبيا» والتي تواترت في العديد من الأعمال الفنية الشبيهة، ولكن هل نحن بصدد هذه التيمة بالفعل؟ هل يمكننا تصنيف فيلم نوارة على أنه فيلم «ديستوبيا»؟

ديستوبيا، أو ما يطلق عليه «أدب المدينة الفاسدة»، والذي يعني في أبسط تعريفاته المجتمع الفاسد وغير المرغوب فيه بطريقة ما، وهو المقابل لمصطلح «يوتوبيا» أو المدينة الفاضلة. ولكن هل هذا هو ما يرمي إليه الفيلم حقا؟ أن يخبرنا أننا أصبحنا نعيش ديستوبيا ما؟ هل أصبح من غير المحتمل العيش في هذا المجتمع؟ هل أصبحت نبوءة أحمد خالد توفيق التي ضمنها روايته «يوتوبيا» واقعًا نعيشه بالفعل؟ لو كنت بمرمى هذه الأسئلة لأجبت على الفور: «بالتأكيد».

عيني في عينك

يعني انت مصدقة

بيني وبينك

أوطان متفرقة

كوابيس متحققة

وذنوب متلفقة

إيه الحكاية بقى

منذ المشاهد الأولى من الفيلم يتسرب إليك هذا الشعور، ومهما أمعنت في تكذيب هواجسك وإخراس وسوساتها، يتنامى داخلك هذا الشعور الذي تغذيه المزيد والمزيد من الصور الواقعية كلما تقدم سير الفيلم. وشيئا فشيئا تتسارع دقات قلبك لتواكب هرولة «نوارة» و «علي» داخل أروقة المستشفى بحثًا عن والده. ثم تطاردك تلك الأصوات التي تعج بها الخلفية، والتي ليست سوى الضجيج المعتاد للمستشفيات العامة ولكنك لا تدري لماذا تلاحقك؟ ومن بين هذه الأصوات يبرز صوت امرأة تزعق في انفعال محموم «فين مدير المستشفى دي؟ ده مش منظر مستشفى؟» يتباعد صوت المرأة بتباعد خطوات نوارة وعلي، ولكنك ما إن تنفلت منه حتى تتلقفك كلمات امرأة أخرى «حاجة تقرف»، وهكذا تستمر المطاردة حتى يعثر «علي» على والده ملقًى على الأرض بجانب أحد المراحيض.

يا شمس داخلة عروتي وكمي

تشبه أبويا في ضحكته لأمي

ليه كل حاجة مغيرة حسنك

لا دي ابتسامتك ولا ده حزنك

يتابع الفيلم تقدمه، ونترك المستشفى بضجيجها لننطلق مع نوارة في رحلتها إلى محل عملها، أو بالأحرى رحلتها من الديستوبيا إلى اليوتوبيا. وبعد التقافز بين مختلف أنواع المواصلات تصل نوارة أخيرا ونصل معها إلى إحدى المجمعات السكنية الفارهة «كومباوند» حيث تعمل كخادمة لدى إحدى الأسر ذات الثروة والنفوذ. تتقدم نوارة بخطوات حثيثة صوب بوابة الكومباوند الضخمة. اختارت المخرجة هالة خليل لهذا المشهد كادرا شديد الاتساع وقامت بتكراره أكثر من مرة، وكأنما تريد أن تؤكد على الرمزية وراء البوابات الضخمة التي تفصل بين عالمي الدستوبيا واليوتوبيا والتي يزيدها الكادر المتسع ثقلا ورهبة، ويضفي على حجارتها المصمتة قسوة وبرودة. تقترب نوارة أكثر، تحيي الحارس بإيماءة بسيطة فتنزاح السياج الحديدية ذات المحرك الإلكتروني الخفي مؤذنة لها بالمرور، تعبر البوابات وتنضم إلى جمع من أبناء الديستوبيا ممن حظوا بجواز مرور للبوابات الضخمة والسياج الإلكترونية، فقط لخدمة قاطني هذا الكومباوند. حينها تستسلم لذلك الشعور وتتخلص من الإنكار، وتتابع انعكاس ديستوبيا الواقع على ستار دار العرض.

خدي في حضنك فقرنا وضمّي

وخدي بإيد الحلو والمالح

وتعالي نتصالح

كان إيمان نوارة نابعًا من ثقتها في عدالة الإله، فمن المؤكد أنه لن يتخلى عنها، فهي تحرص كل الحرص على اتباع أوامره وتجنب نواهيه. فنراها تمنع خطيبها «علي» من شراء جهاز تلفاز مسروق وتقول له: «حرام يا علي، هتدخل بيتنا حاجة حرام».

ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، فقد اهتمت هالة خليل اهتماما بالغا بكل التفاصيل الصغيرة، وأكدت عليها مرارا. ففي رحلة نوارة اليومية بين العالمين لم تكف محطات الراديو عن بث أخبار الثورة المنتقاة بعناية والتي كان محورها استعادة الأموال المهربة إلى الخارج، والسحر الكامن في هذه الأموال والقادر على تحسين الحياة بعالم الديستوبيا. ولم يفت هالة خليل أن تطعم الفواصل الإعلانية بأغنية منير «إزاي»، أو إحدى أغاني حمزة نمرة الذي ارتبط اسمه واللون الغنائي الذي يقدمه بالثورة بشكل ما. وفي نهاية اليوم تعود نوارة لمسكنها بعالم الديستوبيا لتجد حفنة من الجيران متحلقين حول شاشة التلفاز ينصتون في شغف إلى حديث إحدى البرامج الحوارية الذي أكد ضيفه أن نصيب الفرد الواحد من الأموال المنهوبة لن يقل عن مائتي ألف جنيه، ما دفع إحدى الجارات أن تهتف «تحيا الثورة» وتتبعها بـ «زغروطة» شعبية أصيلة؛ تلك «الزغروطة» التي كررتها نوارة مرة أخرى لدى نقلها الخبر إلى جدتها النائمة بحجرتهم الصغيرة التي تعج بالكتاكيت.

«هو صحيح يا بيه الفلوس اللي هربوها في بلاد بره دي، هيرجعوها ويوزعوها ع الناس. أصلهم يعني بيقولوا كده في الراديو والتلفزيون، أنا كل اللي نفسي فيه يا بيه إن الغلابة اللي زينا تبقي عيشتهم أحسن من كده»

ذاعوا لنا كام غنوة ومسمعناش

وخدنا كام خطوة وملحقناش

مين اللي كان بالخطوة دي بادئ

وليه في مكان البيت بكون لاجيء

الفجر صادق.. ليه مصدقناش

وليه نسينا ضحكة امبارح

ورفضنا نتصالح

خيط رفيع هو ما يفصل بين الإيمان والكفر. وكانت الثورة، بكل ما لها وما عليها، كاشفة ومجلية لمدى رثاثة واهتراء هذا الخيط. وما الإيمان بالوطن أو بالثورة إلا إحدى تجليات الإيمان بالإله، وعليه فالكفر بالوطن «الديستوبي» والكفر بالثورة الخاذل هو على إحدى المستويات كفر بالإله.

فالوطن غير قادر على استيفاء الحاجات الأساسية لمواطنيه من قاطني الديستوبيا والتي قد تتمثل في مجرد سرير بمستشفى، أو «بق» ميه. فأقصى مخاوف جدة نوارة هو أن تموت دون أن تجد ما يكفي من الماء لغُسْلها. تقول نوارة: «هو احنا كفرة يا ربي، ملناش عند الحكومة حق بق ميه». وأما الثورة فقد خذلت هؤلاء البسطاء الذين هتفوا باسمها لمجرد أن لاح لهم في الأفق طوق إنقاذ زائف، وهي التي أكدت عليهم مرارًا أنها ما قامت إلا لأجلهم. في إحدى مشاهد رحلة نوارة بين العالمَيْن، اعترضت إحدى المظاهرات الطريق فأوقف السائق محرك السيارة وبدأت المجادلة بينه وبين الركاب، ما دفع نوارة للنزول ومحاولة إقناع منظمي المظاهرة لإفساح الطريق، ودار حوار بينها وبين إحدى المتظاهرات، التي لم تكن سوى هالة خليل مخرجة الفيلم، والتي أجابت طلبها بإفساح الطريق، أن المظاهرة أو «الثورة» لم تقم إلا لإفساح العيشة لأمثالها، وهو الوعد الذي لم يكتب للثورة الوفاء به.

وبتسرُّب الشك إلى الإيمان بالوطن ومن بعده الثورة، بالتبعية تسرَّب أيضا إلى الإيمان بالإله، وهو ما تجلّى في مشهد من أجمل مشاهد الفيلم التي جمعت نوارة وعلي بالفيلا، حينما أتاها مخدَّرا محاولا إغوائها، فهربت منه إلى حجرتها الصغيرة، وأحكمت إغلاقها وتساقطت على الأرض في محاولة بائسة للإمساك بآخر خيوط الضوء الذي انقسم على وجهها ليترك نصفه مضيئا ونصفه الأخر معتما في رمزية بالغة للحيرة بين الكفر والإيمان.

اسمك ممشي الريشة على عودي

جمبي ومسافرة إمتى هتعودي

عودي ندهلك لما عودك طل

متخلنيش بالحب ده أتذل

على الأقل اعترفي بوجودي

ده أنا اللي بعبد فُلِّك الطارح

وأنا اللي راضع عيشك الصابح

ماتيجي نتصالح

وكما كانت الثورة لحظة رومانسية حالمة بنهاية عالم الديستوبيا، وإقرار الحد الأدنى من العدالة، أفقنا منها على أبشع الكوابيس الواقعية، كذلك كانت تلك الليلة الأخيرة التي قضتها نوارة مع علي بالفيلا الكبيرة في عالم اليوتوبيا الموازي، حيث كل شيء متاح، وكل الأحلام محققة، وحيث الماء من الوفرة إلى حد السباحة في حوض كبير من ماء السعادة يختلط بذلك الماء الدافق الذي يخلق منه البشر. أفاقت نوارة من هذا الحلم الخيالي على أبشع الكوابيس، لينتهي الفيلم بهذا الكم الهائل من الذعر الذي نقلته نوارة إلى المشاهدين، وتركت سؤالا أخيرا لا يُرتجى منه الجواب بقدر ما تُرتجى الاستجابة.. «ليه كده يا رب؟»

عيني في عينك

يعني انت مصدقة

بيني وبينك

أوطان متفرقة

كوابيس متحققة

وذنوب متلفقة

إيه الحكاية بقى

* المقاطع الشعرية من أغنية:

عيني في عينك. غناء: فرقة إسكندريلا، أشعار: أحمد حداد.

موقع إضاءات في

01.04.2016

 
 

منة شلبي تفوز بجائزة أفضل ممثلة في «تطوان السينمائي» عن «نوارة»

كتب: علوي أبو العلا

فازت الفنانة منة شلبي ، بجائزة أفضل ممثله في الدورة 22 لمهرجان «تطوان السينمائي الدولي» عن دورها في فيلم «نوارة»، وتسلمت الجائزة المخرجة هالة خليل.

وتعد جائزة «تطوان السينمائي» هي الثانيه لـ«شلبي» عن دورها في الفيلم بعد جائزة دبي التي حصلت عليها ديسمبر الماضي.

المصري اليوم في

02.04.2016

 
 

فيلم «نوَّارة».. السينما عندما تكون صادقة

بقلم: إنتصار دردير

رغم النهاية المحبطة التي جاء عليها مشهد الختام في فيلم «نوارة» الا أن التصفيق اشتعل من الحضور خلال العرض العالمي الأول للفيلم بمهرجان دبي السينمائي، فالنهاية بدت حتمية ولا مفر منها، فكيف يمكن أن يتصور المرء نهاية وردية في واقع ظالم وشديد الاحباط، وقد جاء الفيلم يفيض صدقا وشجنا وهو يتعرض لشخصيات مهزومة في مواجهة واقع مرير لكنها تقاوم بكل ثقة وتتطلع الي أي بارقة أمل حتي لوكانت كاذبة.

 لا يتناول الفيلم ثورة يناير بكل ما أحدثته من زلزال سياسي، وانما يرصد انعكاس أحداثها علي الناس، من خلال رحلة بطلته «نوارة» الخادمة البسيطة التي تعيش بين عالمين متناقضين، عالم الفقراء الذي تنتمي له، وعالم الأثرياء الذي تعمل فيه، تستعرض المخرجة ومؤلفة القصة وكاتبة السيناريو والحوار المبدعة هالة خليل هذا التناقض الصارخ، بينما البطلة نوارة عقدت قرانها وبقيت خمس سنوات في انتظار العثور علي شقة تؤويها وزوجها، تعيش بغرفة وحمام مشترك مع جدتها بمنطقة عشوائية تفتقر أبسط مقومات الحياة، يعيشون بلا مياه ولاخدمات، وتخشي جدتها بائعة «الطعمية العجوز» القديرة رجاء حسين «أن تموت ولايجدون ماء لغسلها»، تتوارد أخبار من أجهزة الاعلام الرسمية عن عودة الاموال المهربة وعن توزيع هذه الأموال علي الفقراء ليحصل كل منهم علي مائتي ألف جنيه.

تنتعش أحلام الفقراء في ثورة سوف تنصفهم أخيرا، يبنون قصورا من الرمال استنادا لما يردده الخبراء في الراديو والتليفزيون «مصر مش بلد فقيرة والمليارات المهربة ستعود ولن يكون بيننا فقير واحد»، فيما يرصد الفيلم واقع الثورة علي رجل الأعمال الوزير السابق وأسرته محمود حميدة، يبدو الوزير واثقا أنها هوجة ستهدأ فيقول «الثورة قامت لكن القيامة لم تقم وكل حاجة هترجع زي ما كانت بالظبط»، تتوالي أخبار التحفظ علي أموال كبار رجال النظام وتدفعه زوجته للهرب الي لندن «تؤدي دورها ببراعة شيرين رضا» خوفا من مصير الآخرين، وتترك القصر في عهدة «نوارة والبواب» يؤديه القدير أحمد راتب، تطلب منها نوارة مبلغا كسلفة لعلاج والد زوجها المريض، حين تصل الشرطة للتحفظ علي أموال الثري يكون قد هرب بينما تتهم نوارة بسرقة الأموال ليؤكد الفيلم أن الذين سرقوا وأثروا هربوا بينما الفقراء يدفعون الثمن.

في ثالث أفلامها الروائية تبدو هالة خليل وقد امتلكت كل أدواتها فقدمت فيلما شديد الواقعية واختارت فريق عمل متناغما قادته بمهارة كبيرة، فهاهي بطلتها منة شلبي تمثل كما لم تمثل من قبل فقد أعطاها الفيلم فرصة كبيرة لاظهار موهبتها فجاء أداؤها طبيعيا، صادقا، لم يفلت منها مشهد واحد، وقد استحقت بجدارة جائزة أفضل ممثلة بمهرجان دبي السينمائي، ورغم قلة مشاهد محمود حميدة يبقي حضوره طاغيا طوال الفيلم بأدائه البارع، ويعزف الممثلون جميعهم نغمة أداء بديعة، ثم هذا الاكتشاف للممثل الشاب أمير صلاح الدين، وقد أرادت المخرجة بوعي شديد أن تؤكد حق النوبيين أبناء مصر أن يكونوا من أبطال الدراما وليسوا – كما اعتادت السينما أن تقدمهم – في أدوار البوابين.

وكان التفوق حليف كل عناصر الفيلم الفنية من ديكور معبر لهند حيدر وتصوير زكي عارف، ومونتاج مني ربيع والمنتج صفي الدين محمود الذي تحمس للفيلم بعد أن خشي منه منتجون آخرون، ورغم أن الفيلم يثير حزنا وشجنا الا أنه يمنحنا بارقة أمل، إنها السينما عندما تكون صادقة.

سينماتوغراف في

02.04.2016

 
 

منة شلبى تفوز بجائزة أفضل ممثلة عن "نوارة" بـ"تطوان السينمائى" بالمغرب

كتب عمرو صحصاح

فازت منذ قليل النجمة منة شلبى بجائزة أفضل ممثلة عن دورها بفيلم "نوارة"، بمهرجان تطوان السينمائى الدولى فى دورته الـ22 بدولة المغرب، وتسلمت الجائزة مؤلفة ومخرج الفيلم هالة خليل. ويعرض "نوارة" حاليا بدور العرض السينمائية، ويشارك فى بطولته بجانب منة شلبى كل من الفنان الكبير محمود حميدة وشيرين رضا وأمير صلاح الدين، من تأليف وإخراج هالة خليل. وتعد هذه الجائزة الثانية للنجمة منة شلبى، بعدما فازت بجائزة أفضل ممثلة أيضا عن نفس الفيلم بمسابقة المهر الطويل بمهرجان دبى السينمائى الدولى فى دورته الأخيرة

اليوم السابع المصرية في

02.04.2016

 
 

سينما 2016 تقدمها: خيرية البشلاوى

نوارة.. وأخواتها

"السينما الوطنية" تنجح في إنتاج أفلام محترمة

في بداية الفيلم تواجهنا "نوارة". شابة في مقتبل العمر.. مكدودة الوجه. نحيفة القوام. متواضعة المظهر. تحمل جراكن ماء ثقيلة. هكذا في تقديم واضح "للبطلة" وأشارة لبؤس الطبقة وفقر البيئة الاجتماعية التي تنتمي إليها.

وتباعاً وعلي مهل تتوالي باقي تفاصيل الهوية الاجتماعية ومحيطها.. الحارة التي لا تشبه أي حارة وردت في الأدب المصري ولا علي الشاشة السينمائية أو كما تصورها مهندسو المناظر وذلك رغم أن ما نراه مألوفاً وواقعياً بملامحه البارزة مثل مئذنة الجامع وما ترمز إليه التي تطل عليها الجدة "توحة" "رجاء حسين" السيدة العجوز التي تحلم بماسورة مياه وصنبور. وتخشي إلي حد البكاء أن يفاجئها الموت فلا تجد ما يكفي لتغسيلها!

وفي مشهد مرح وسريع الايقاع يتحدي الظروف الاقتصادية البائسة يقود "علي" دراجته علي طريق صلاح سالم وخلفه "نوارة" تتشبث به والاثنان "نوارة" و"علي" زوجان علي الورق فقط فمنذ أن عقد قرانهما من خمس سنوات مضت لم يتمكنا من الحصول علي حجرة تضمهما حتي بات الحلم البسيط مستحيلاً أو بعيد المنال!

أمثال "نوارة" الفقيرة ظهرن في طبعات متنوعة في أفلام الأبيض والأسود وفي زمن الألوان.. فقد ظلت بضاعة الجوع والحرمان والفقر المدقع والمهمشون وسكان العشوائيات في الحقب الأخيرة. ظلت بضاعة جذابة تتاجر بها السينما بابتذال وسوقية في كثير من الأفلام وفي أفلام قليلة جادة تسعي إلي إلقاء الضوء علي قضايا اجتماعية جديرة بالالتفات ومنها هذا الفيلم الأخير "نوارة" من إخراج وتأليف هالة خليل وبطولة منة شلبي والوجه الجديد "أمير صلاح" إلي جانب شيرين ومحمود حميدة وأحمد راتب ورجاء حسين.

ولكن ما يميز "نوارة" عن أفلام الفقراء والمهمشين أنه يعتبر من أفلام ما بعد ثورة يناير 2011 وتحديداً وكما تقول العناوين "ربيع 2011" أي في توقيت ارتفعت فيه وتيرة الحلم بالتغيير والخلاص من نظام كان قد شاخ وترهل وترهلت معه وشاخت أجهزته بل وحياة معظم المصريين حتي بات الأمل في ازاحته بعيد المنال وحين اطلت الثورة والثوار وامتلأت الميادين ولم يتبدل شيئ.. هكذا ينتهي بنا الفيلم "!!".

عموماً الفيلم لا يتناول أحداث الثورة ولا الحشود التي زحزحت حكم مبارك فقط اختار "نوارة" التي لم تشارك فيها ولكنها مثل ملايين من الفقراء غيرها استبشرت خيراً بخروج مبارك واستسلمت لحلم استعادة الأموال التي هربها ونصيبها من هذه الأموال!

وبحسبة زمنية سريعة نستطيع القول إن ما نراه علي الشاشة يحدث ابان حكم المجلس العسكري زمام الحكم ورؤية المخرجة والمؤلفة وتقييمها لجوهر ما جري من خلال مصير "نوارة" البائسة وما جري "لإسيادها" الذين ظلت تخدمهم بعد وفاة أمها. وهم: أسامة بك "حميدة" الوزير السابق والنائب وزوجته شاهندة هانم "شيرين رضا" الذي فروا هاربين حتي لا يطولهم ما طال غيرهم من أبناء ورجال مبارك.

التاريخ الذي بدأ به الفيلم "ربيع 2011" والحدث المأساوي الذي أنهاه والذي تعرضت له "نوارة" حيث تم اقتيادها داخل بوكس الشرطة وفي صحبة أحد أفرادها مع وكيل النيابة اللذين جاءا لمصادرة الفيلا في غياب سكانها.

وهكذا اختفت آخر نقطة ضوء بالنسبة لـ"نوارة" و للناس المحرومة من المياه وضاع الحلم بالزواج والخروج من مستنقع الفقر والعلاج من السرطان.

فهذه النهاية المأساوية لشابة مظلومة طيبة القلب والتي لم ترتكب اثماً اطاحت حتي بلحظات النشوة الشحيحة التي سرقتها في غباب أهل الفيلا وقد عاشت فيها كخادمة تأتي في الصباح في ــ ميني باص ــ ضمن خادمات أخريات يخدمن المحظوظين من سكان المجمع السكني "الكومباوند" الفاخر ثم تعود في المساء إلي حيث تسكن وسط حصار من الفقر وانعدام ابسط مقومات الحياة!

بولاق والزمالك

في أفلام الأبيض والأسود لعبت السينما المصرية علي موضوع الهوة الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة التي تفصل بين سكان بولاق والزمالك.. وقتئذ كان ثمة كوبري يمكن عبوره لكن ما بين "عالم "نوارة" وعالم السادة الفاسدين سكان الكومباوند بحور عميقة وأسوار عالية وبوابات حديد وكلاب متوحشة.. وفي تلك الأفلام القديمة لعب الحب دوراً وشكل جسراً عاطفياً وحل السينمائيون المشكلة الطبقية بأحكام القلب وقوانينه.

ولكن في هذا العالم الجديد الجبان ولاوحشي لا توجد قلوب. فقط زنازين وبوابات حديد وعبيد وأسياد وبوكس للشرطة وكلابشات لمساجين أبرياء ومنهم "نوارة".

المخرجة- المؤلفة وهي من المحظوظين سكان الكومباوند قدمت أحلي الأوقات وها هي تعود بفيلمها الثالث للكشف عن اسوأ الأوقات وأكثرها كآبة حسب وجهة نظرها.

التضاد والتماثل

الخيط الرئيسي البارز في نسيج الفيلم وبالذات في نصفه الأول والأكثر اتساقاً وإحكاماً في هذا التضاد الفج بين الفقراء والأثرياء.. والمقارنة المتكررة الرئيسية أحياناً بين من يملكون كل شئ ومن لا يملكون حتي "بق المية" ومن يحلمون بحجرة لها جدران وباب ومن يمتلكون القصور وحمامات السباجة والسيارات الفارهة وامكانيات الهروب السريع الي خارج مصر عندما يستشعرون الخطر. أصحاب الجنسيات المزدوجة الذين لا يحتاجون إلي تأشيرة دخول تعوق هروبهم السريع مثل أسرة "أسامة بك" وفي الزمن الذي اختارته المخرجة المؤلفة أصبح الجميع ضمن جرحي الثورة: اللصوص والكلاب والخدم.

تتميز هالة خليل بحساسية وحس اجتماعي يقظ وعين لاقطة تلتقط عشرات التفاصيل الصغيرة وتعيد صياغتها داخل إطار فني محمل بالدلالات الاجتماعية المباشرة.. واستخدام عنصر التضاد والتماثل والتدقيق في رصد ملامح الأمكنة من دون ان تفقدها جوهرها وما تنطوي عليه من اشارات.

بدا ذلك في التأكيد اللحوح علي الفوارق بين العالمين عالم غارق في الأبهة والرفاهية واليسر المادي وآخر يصارع من أجل حياة آدمية بين حياة الكلب "بوتشي" الذي توفرت له وجبات يومية تعدها له "نوارة" نفسها بحب وفي أوان أنيقة تناسب قيمة الفيلا وأصحابها.. وبين أقراص الطعمية التي تبيعها الجدة وتعيش علي عائدها علماً بأن خدم السادة أمثال هؤلاء "سادة".

التشخيص

وبرغم الفوارق يلفت النظر عنصر التشخيص الذي أجده أفضل عناصر الفيلم وبالذات شخصية "نوارة" التي تبدو طيبة نقية القلب متواكلة ومتحررة من الحقد حتي قبل انتهاء الفيلم بوقت قصير ودخول "علي" زوجها الي الفيلا عندما تبدأ الشعور بالحرمان وتتسلم لرغبة علي وتمنح القصر "شاهندة" وابنتها "خديجة" التي في نفس عمر "نوارة".

الشخصيات في معظمها شخصيات واقعية. "شاهندة" التي تعاني من القلق وتعش علي المهدئات. رغم حياة الرفاهية. وأسامة بك الثابت ظاهرياً الحريص علي عدم تسلل المشيب الي رأسه المقاوم لفكرة الهروب حتي يضطر الي الاستسلام لها قبل ان تطوله تداعيات الثورة.

الشخصية الغريبة والشاذة والمفروضة علي السياق هي شخصية "حسن" شقيق أسامةالتي ظهرت فجأة بعد هروب شقيقه في مشهد أكشن مفتعل ومثير يعتدي فيه علي "نوارة" ويقتل الكلب "بوتشي" بالرصاص ويصيح مهدداً "نحن أسياد البلد وسوف نظل أسياده" في تأكيد مباشر لرؤية المخرجة.

ثورة عبر الإعلام

تجسدت الثورة "صوتياً" عبر أجهزة الإعلام في خلفية المشاهد. ومن خلال الأخبار السياسية التي تتكرر مراراً في تلك الفترة. فقد رافقت المشاهد المرئية شريط صوت وصورة علي شاشة التليفزيون لرموز إعلامية ارتبطت بالثورة مثل: ريم ماجد ودينا عبدالرحمن والضيوف المقررين حينئذ أمثال عمرو حمزاوي ولم تظهر المظاهرات باستثناء واحدة مصنوعة يتقدمها الثائر محمد العدل والمخرجة شخصياً هالة خليل التي لملمت التفاصيل وأعادت إنتاجها بما يوفر حالة جدلية بين ما كان وما جري وما كان ينتظره الفقراء الذين انتهي بهم الحال إلي مزيد من الإفقار "!!".

"نوارة" الشخصية والفيلم بتفاصيله من إفراز حقب متتالية لأنظمة جائزة ومستبدة و"الربيع" العاصف وثورته في يناير 2011 لا يمكن بديهياً أن يحقق "لنوارة" ما تصبو إليه في خلال شهور والثورة إذا افترضنا أن الفيلم عن "ثورة" أو تعليقاً عليها لن تعالج أحوال المستشفيات التي استعرض الفيلم أحوالها بواقعية شديدة وأحياناً بأسلوب شبه تسجيلي يكشف عورات اجتماعية نعرفها جميعاً. وباستخدام نماذج ممرضات تجردن من الإنسانية. وكذلك يرصد نموذج لحالات البطالة التي يعاني منها "علي" الذي يدير محلاً لإصلاح التليفزيونات ووالده الذي يعاني من السرطان ولا يجد علاجاً ولا أمل فيه.

إنه "الجحيم" الذي يحرق أي أمل ويتسيد فيه أمثال "حسن" "عباس أبوالحسن" المستعد للفتك بأمثال "نوارة" وكذلك بتسيد هؤلاء المنوط بهم تطبيق القانون الذين قبضوا علي "نوارة" في نهاية الفيلم ووضعوا في يدها الكلابشات.

"نوارة" الفيلم عمل خال من البهجة وبالتأكيد لم يوفر أي وقت حلو للمشاهدين لأنه من الأفلام التي تضعنا أمام "حارة سد".

لقد شاهدته في قاعة خالية في سينما رينسانس بأكتوبر. كنت وحدي تماماً أثناء خروجي سألني مدير السينما: لماذا لا تنجح هذه الأفلام علي عكس أفلام السبكي؟!.. الإجابة طويلة! ولكن يكفيها أنها تنجح في المهرجانات أحياناً. فجمهورها ليس الجمهور المصري العاشق لأفلام السبكي وفيهم عشرات بل آلاف النماذج التي تشبه "نوارة".

الراحة التي تتوفر لأمثالي عند مشاهدة هذا النوع من الأفلام المحبطة سببها قدرة السينما الوطنية علي إنتاج أفلام محترمة أياً كان توجهها. والأكثر قدرة الممثل المصري علي المنافسة والأداء المتميز مثل منة شلبي ومحمود حميدة في دوره المحدود وحتي شيرين رضا التي وصلت إلي مستوي من الأداء لافت. أيضاً قدرتها علي التجديد والإضافة وأشير إلي الوجه الجديد "أمير صلاح" في دور "علي" الشاب النوبي الذي يأتي عن عمد تعزيزاً لفكرة النسيج الواحد لأبناء الوطن ومعاداة التعصب وهو الأمر الذي يحسب للمخرجة.

وقد سألني المدير أيضاً عن سبب اختيار شاب نوبي ببشرة "سوداء" لهذا الدور.

لا يمكن إغفال التفوق اللافت في عنصر الموسيقي "ليال ؟؟" التي كانت تتدخل في توقيت معين من السياق لتعميق المحتوي الشعوري للمشهد وتأكيد حالات الأسي والشجن أو المرح الشحيح أحياناً أيضاً عنصر التصوير "زكي عارف" وهي أسماء لم تختزن بعد في الذاكرة ومن الواجب حفظها.. فالأجيال الجديدة والشابة تجدد الأمل في سينما تحقق المعادلة الصعبة والتي مازالت صعبة.. وأتمني المصالحة بين الفيلم الجاد الذي يعالج قضية والجمهور دافع التذكرة الباحث عن البهجة.

المساء المصرية في

03.04.2016

 
 

منة شلبي تحصد جائزة أفضل ممثلة في مهرجان تطوان الدولي

وكالات

فازت الفنانة منة شلبي بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط بدورته الـ22، أمس السبت، وذلك عن دوها في فيلم "نوارة" من إخراج هالة خليل.

ويعد تكريم تطوان ثاني جائزة تحصدها منة شلبي عن بطولة فيلم "نوارة" بعد جائزة أفضل ممثلة من مهرجان دبي السينمائي الدولي في ديسمبر الماضي.

ويتناول الفيلم قصة الفتاة "نوارة" التي تعمل خادمة لدى أحد الأثرياء المرتبطين بالنظام السابق في مصر قبل ثورة 25 يناير 2011، والذي يترك البلد مع أسرته ويترك للفتاة أمر الاعتناء بالمنزل.

التحرير المصرية في

03.04.2016

 
 

هل تنجح محاولات أسرة «نوارة» في دفعها إلى قمة شباك التذاكر؟

هند موسى

لم يترك القائمون على فيلم "نوارة" وسيلة إلا وفعلوها لأجل لفت نظر الجمهور بأن هناك عمل سينمائي جدير بالمشاهدة، مختلف عن نوعية الأعمال التي تم طرحها خلال السنوات الأخيرة في دور العرض.

الأمر لم يتوقف عند حد طرح بروموهات "نوارة" على شاشات الفضائيات، وإن بدت بحاجة لمضاعفتها، إنما أيضًا طرح الأفيشات والملصقات الدعائية الخاصة بالفيلم في وسائل المواصلات.

ومؤخرًا عقدت شركة "ريد ستار"  المنتجة للفيلم اتفاقا مع "دولار فيلم" الموزعة له، على تقديم تذاكر مخفضة للطلبة في عدد من السينمات طوال الأسبوع خلال الحفلات الصباحية، ليكون التذكرتين بسعر تذكرة واحدة فقط في سينما أوديون بالقاهرة، والتذكرة في سينما أمير إسكندرية بـ 10 جنيهات خلال حفلات 10 و 12 و 3 ظهرا.

وهو الاقتراح الذي يؤكد أن صنّاعه يبحثون عن كل اقتراح مميز قد يدفع بالفيلم ليصل إلى جميع المشاهدين من كافة الانتماءات والطبقات، وكانت الشركة قد أوضحت أن غرضها من هذه الخطوة هو تشجيع عشاق السينما الجادة من الطلبة على العودة للسينما.

ورغم أن "نوارة" منح بطلته منة شلبي جائزة أحسن ممثلة من مهرجان دبي السينمائي، ومهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط.، إلى جانب تكريمها من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، وفي ظل الإشادة الكبيرة بالعمل من قبل بعض وسائل الإعلام، التي تابع أفرادها الفيلم، إلا أن هذا لا يمثل عنصر دافع للجمهور العادي لمتابعته، خاصة في ظل النظرية السائدة بأن أفلام المهرجانات ذات مضمون ثقيل، ومشاهدتها غير محبذة.

ولكن قُرب الفيلم من المشاهد في دور العرض، وتوفير سعر تذكرة إضافية، واللقاءات التي يجريها صنّاعه تجدد لديهم الأمل بأنهم ربما يفلحون في هذه التجربة السينمائية، خاصة أنه حقق حتى أمس إيرادات وصلت إلى أكثر من مليون جنيه خلال 12 يوم من طرحه.

يشارك في بطولة "نوارة" محمود حميدة، شيرين رضا، أمير صلاح الدين، رحمة حسن، وهو من تأليف وإخراج هالة خليل.

التحرير المصرية في

04.04.2016

 
 

إلي عشاق السينما الجادة:

أسعار مخفضة لمشاهدة فيلم «نوارة»

«سينماتوغراف» ـ  انتصار دردير

اتفقت شركة «ريد ستار» المنتجة لفيلم «نوارة» مع «دولار فيلم» الموزعة على تقديم تذاكر مخفضة للطلبة في عدد من دور العرض، طوال أيام الأسبوع خلال الحفلات الصباحية، ومن المقرر تقدم التذكرتين بسعر تذكرة واحدة فقط في سينما «أوديون» بالقاهرة، وتقدم التذكرة في سينما «أمير» بـ10 جنيهات خلال حفلات 10 و12 و3 عصرا.

وقالت شركة «ريد ستار» إن الاتفاق غرضه تشجيع الطلبة وعشاق السينما الجادة على العودة للسينما ومشاهدة العمل، خاصة أنه حظي بإشادة نقدية كبيرة واهتمام جماهيري، إضافة إلى حصوله مؤخرا على جائزة أفضل ممثلة للفنانة منة شلبي، في مهرجان «تطوان»، وتعتبر هذه الجائزة الثانية التي يحصل عليها الفيلم وبطلته منة شلبي، حيث حازت من قبل على جائزة أفضل ممثلة خلال مهرجان دبي السينمائي.

منة شلبي تحصد جائزة أحسن ممثلة من مهرجان تطوان بالمغرب

تطوان ـ «سينماتوغراف»

فازت الممثلة المصرية منة شلبي، مساء اليوم، بجائزة أحسن ممثلة عن أدائها في فيلم «نوارة»، من مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط.

واحتضنت مدينة الحسيمة المغربية، فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الدولي للسينما في الفترة من 26 مارس إلي 2 أبريل 2016. في مبادرة فنية الأولى من نوعها بالمنطقة على مدار 6 أيام تنافس فيها 16 فيلمًا مغربيًا وأجنبيًا قصيرًا وطويلًا من آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا وأوروبا في مسابقة المهرجان الرسمية، وبحضور مميز للفنانين المغاربة وبعض الأجانب، في إطار تغطية إعلامية وحضور مكثف لوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية.

وفيلم «نوارة» من تأليف وإخراج هالة خليل، وبطولة منة شلبي، ومحمود حميدة، وأحمد راتب، وأمير صلاح الدين، وشيرين رضا، ورحمة حسن، ورجاء حسين.

وتدور أحداث الفيلم حول فتاة من حي شعبي تدعى «نوارة» والتي تعيش قصة حب خلال الفترة التي اندلعت خلالها ثورة الخامس والعشرين من يناير وبعدها، مستعرضًا أثر ما كان يجري في مصر خلال هذه الفترة على نوارة وعلى قصة حبها.

سينماتوغراف في

03.04.2016

 
 

"نوارة" منة شلبي ..البسطاء بين "حلم التغيير" و"واقع الفوضى"

هشام لاشين

في أولى مشاهد فيلم "نوارة"، تقتحم الكادر فتاة في مقتبل العمر، تحمل وعاءين خاويين، وتخترق بهما شوارع وأزقة العشوائيات، باتجاه أحد صنابير المياه العمومية، حيث تصطف النساء لتملأ أوعية المياه النظيفة.

هذه الفتاة ليست سوي "نوارة"، بطلة الفيلم المصري الذي يعكس بادرة صحوة سينمائية، تقدم نوعية مغايرة للأفلام التجارية، التي اكتسحت دور العرض المصرية في السنوات الأخيرة.

ورغم الاستهلال القادم من قلب العشوائيات، فإن الفيلم الذي يحمل اسم بطلته ليس فيلما عن العشوائيات، كما أنه ليس مقارنة، على الطريقة اليسارية أو الواقعية، بين عالمي الفقراء والأغنياء، إنما هو ببساطة فيلم عن البشر الحالمين بالتغيير، في مجتمع تصور في لحظة أطلقوا عليها "الربيع العربي" أنه قادر علي ذلك، وأن الرياح يمكن أحيانا أن تأتي بما تشتهيه السفن، ليفيقوا علي مرارة واقع أليم، وهو أن الثورة لم تحقق أي شئ سوي مزيد من الفوضي والفقر وتحكم الفساد .

البعد السياسي

لا يتبني "نوارة" موقفا سياسيا مؤيدا أو معارضا لـ "25 يناير" التي نراها في خلفية الأحداث عند بداياتها، إذ تبدو أقرب "للناريشن" أو التعليق ، وهي جزء من حلم الفقراء بالتغيير، حيث تركز أجهزة الإعلام علي استعادة المليارات المنهوبة من الخارج لرئيس الجمهورية المخلوع، وهو ما دفع "نوارة" وأشباهها من المطحونين للحلم بالحصول علي نصيب من هذه الثروة، والتي يروج البعض لأنها قد تصل لمائتي ألف جنيه لكل مواطن، كنوع من التجارة بأحلام البسطاء.

استعراض الحياة اليومية

في الفيلم، الذي كتب السيناريو والحوار له أيضا نفس المخرجة لينتمي قلبا وقالبا لسينما المؤلف، وعبر بناء محكم لحدوته تبدو بسيطة دون افتعال، نتابع رحلة "نوارة" الخادمة بقصر أحد الكبار علي أطراف المدينة، حيث المنتجعات المحاطة بالأسوار كالمستعمرات و"الكانتونات" وحمامات السباحة وكلاب الحراسة و"الكافيار" و"السيمون فيميه".

نتابع ،عبر الفيلم، نوارة في طريقها اليومي، تنتقل من مواصلة لأخري، تارة خلف "ميكروباص" أو "باص" يتراص فيه البشر بأعجوبة في رحلة تحايل يومية للعيش، قبل أن تعود في آخر النهار منهكة في "توك توك" يمكنه اختراق الحواري الضيقة الملتوية لتصل إلي منزلها البسيط، والذى تعيش فيه مع جدتها "توحة" البائسة التي تقترب من الانزواء، وتحلم بلقمة ورشفة ماء وكفن يسترها.

وعبر الرحلة اليومية، نلمح شعورا بالثقة العمياء من الأسرة الثرية في هذه الفتاة، فهي تمنحها مفاتيح المنزل، وتطالبها الابنة بإطعام الكلب الذي يسبب ذعرا شديدا لنوارة ولا تعرف كيف تقترب منه، حتي تضطر لذلك في لحظة شجاعة نادرة لها دلالتها حين تضطرها الظروف وتهجر الأسرة المنزل بسبب دعاوي الاعتقال وقتها، وتترك كل الأمور لنوارة .

علي الجانب الآخر، نجد "على"، زوج نوارة "مع وقف التنفيذ"، شاب نوبي أسمر يكافح بدوره بإصلاح الأجهزة الكهربائية، يحلم بفتح بيت مع نوارة ليعيشا تحت سقف واحد، ويتلاشى الحلم مع الثورة، وحالة الخوف التي انعكست علي العمل والتجارة اليومية، ونتابع محاولاته أن يخلو بها في المنزل الثرى الكبير، ثم سرقة نوارة لساعة وإعادتها بعد ذلك في لحظات ضعف إنساني أعقبتها صحوة ضمير، وهو مالا نراه مع كبار يسرقون المليارات كل يوم دون أن تصحو ضمائرهم.

بناء الشخصية

هنا يصل بناء شخصية نوارة في السيناريو إلى قمته ليتأكد واحدا من أهم ملامحها، فهي شخصية مخلصة بلا حدود للأسرة التي ائتمنتها علي بيتها، بل وهي تري بسذاجة مفرطة أنهم أناس طيبون لا يستحقون ما يحدث معهم .. وبعد أن تمنحها مخدومتها مبلغا مكافأة لزواجها قدره عشرون ألف جنيه، تأتي الشرطة لجرد الفيلا وتستولي من نوارة علي العشرون ألف جنيه اعتقادا أنها سرقتها لتسجن نوارة الوفية النبيلة المطحونة في رسالة لا يخطئها الفيلم، وهو أن مصير الأوفياء هو القتل أو السجن، بينما يظل الهاربون بالمليارات والفاسدون طلقاء خارج الأسوار .

بانوراما عرضية

يقدم الفيلم بناءً بانوراميا عرضيا لفترة من حياة مصر بصورة ملحمية هادئة، نجح في طرح الوجع بسلاسة فنية مدهشة.

فبين مشاهد الفيلم نجد المستشفيات المنهارة وحالة الفوضي والمرضي الذين لا يجدون سريرا إلا بأمر إمبراطورة التمريض تتحكم في الجميع بينما تضع الموبايل تحت طرحتها وتتحدث في أمور المحشي والطهي، وحولها المرضي يموتون أو ينامون في دورات المياه، حتي مشاهد علاقة نوارة بالكلب وتدرجها من الهلع للألفة تم إخراجها بشكل متقن،كذلك لقطات استعراض أوعية المياه في البداية، وتداخلها في الكادر وإيحاءاتها ،بل ومشاهد نبوءة "أسامة بيه" بأن الأمر سوف يأخذ وقته قبل أن "يخرج الجميع".

عناصر الفيلم

تفرض إضاءة مدير التصوير زكي عارف نفسها، وتبلور اللقطات بالإضاءة والظل والنور، لتقدم الطقس العام لأجواء فيلم يتحدث عن الفوضى والظلم والارتباك، خصوصا في أيام الثورة الأولي، ويجمع بين عالمين متناقضين أشد التناقض.

مونتاج مني ربيع شديد التدفق والتأمل، ليناسب إيقاع الفيلم وإن كانت مقاطع المستشفي تحتاج للكثير من الاختزال والتكثيف دون أن يؤثر ذلك في فهم الفيلم، والموسيقي التصويرية لليال وطفة ساحرة بالفعل ومتماهية نفسيا معه.

يبقي الأداء كواحد من أهم عناصر هذا العمل، بدءًا من منة شلبي في شخصية نوارة التي استحقت عنها جائزتين عن جدارة، إحداهما في دبي والثانية في تطوان، مرورا بمحمود حميدة أحد الكبار الفاسدين رغم طبعه اللطيف ولسانه المعسول، الذي يستشرف ما سيحدث بثقة متناهية، ثم أمير صلاح الدين الذي يكتسب ظهوره كشاب أسمر ينتمي للنوبة بعدا مهما أيضا في الأحداث بما يعكسه من انصهار المجتمع بعيدا عن محاولة استثمار تقسيمه التي تظهر بين الحين والآخر، وكذلك شيرين رضا التي تزداد نضجا وبهاءً،  وبالطبع أحمد راتب ورجاء حسين صاحبا الخبرة الكبيرة في الأداء التمثيلي .

باختصار، نحن أمام فيلم متميز يجبر من يشاهده على الاستمتاع والتأمل، حتى وإن اختلف حول ثورة يناير وآثارها.

"نوارة" تمنح منة شلبي أفضل ممثلة بمهرجان تطوان

ثاني جائزة تحصل عليها الممثلة عن الفيلم نفسه

رويترز

فازت المصرية منة شلبي، أمس السبت، بجائزة أفضل ممثلة، في مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، بدورته الـ22 عن فيلم (نوارة) من إخراج هالة خليل.

تسلمت الجائزة عنها مخرجة الفيلم، في حفل ختام وتوزيع جوائز المهرجان، الليلة الماضية.

وهذه هي ثاني جائزة تحصدها منة شلبي عن بطولة فيلم (نوارة)، بعد جائزة أفضل ممثلة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ويتناول الفيلم قصة الفتاة (نوارة) التي تعمل خادمة لدى أحد الأثرياء المرتبطين بالنظام السابق في مصر قبل انتفاضة 2011 والذي يترك البلد مع أسرته ويترك للفتاة أمر الاعتناء بالمنزل.

وفاز الكرواتي جوران ماركوفيتش، بجائزة أفضل ممثل، عن دوره في فيلم (زفيزدان) للمخرج دالبور ماتنيتش.

وفاز فيلم (ثلاث نوافذ وعملية شنق) من كوسوفو، للمخرج عيسى كوسجا، بجائزة أفضل فيلم طويل في المهرجان، فيما حصل الفيلم اليوناني (ضفاف النهر) للمخرج بانوس كاركانيفاتوس على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وتنافس 12 فيلمًا بمسابقة الأفلام الطويلة من المغرب وتونس ومصر فرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وكرواتيا وكوسوفو وتركيا وبلجيكا.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة، فاز الفيلم الفرنسي (أعداء داخليون) للمخرج سليم عزازي بجائزة أفضل فيلم، فيما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لفيلم (بكارة) للمخرجة فيولين بيلي وهو إنتاج مغربي-فرنسي مشترك.

وتنافس 15 فيلمًا بهذه المسابقة من فرنسا وإسبانيا وكرواتيا واليونان ومصر والمغرب والجزائر وفلسطين.

وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، فاز فيلم (منزل) للمخرج رأفت الزكوت، بجائزة أفضل فيلم، وهو إنتاج سوري-لبناني مشترك. وحصل فيلم (آوين) للمخرجين آدم بيانكو ودانيال سعيد، على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وهو فيلم إيطالي-فرنسي مشترك.

وتنافس بهذه المسابقة 13 فيلمًا من إسبانيا وفرنسا وبلجيكا ومصر ولبنان والمغرب والجزائر وتونس وتركيا.

وأقيمت الدورة الـ22 لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، في الفترة من 26 مارس/ آذار إلى 2 أبريل/ نيسان.

بوابة العين الإماراتية في

03.04.2016

 
 

منة شلبي...أحسن ممثلة في تطوان

القاهرة ــ مروة عبد الفضيل

حصلت الممثلة المصرية، منة شلبي على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "نواره"، من مهرجان" تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط"، في دورته الثانية والعشرين، في قسم المسابقة الرسمية، الذي انتهت فعالياته مساء أمس السبت.

في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" علقت منة، على فوزها بالجائزة، أن هذا الفيلم بشكل خاص أصبح يشكل لها حالة خاصة، وأن نوعيته مختلفة تماما عن أي عمل سبق وقدمته من قبل، مؤكدة أن جائزة مهرجان تطوان قريبة إلى قلبها، لأنه مهرجان عريق، وله اسمه وسط كل مهرجانات العالم.

ووفقاً لكلامها، أهدت منة جائزتها لكل صناع الفيلم، ممن وقفوا أمام الكاميرا أو كانوا خلفها، وتهديها بشكل خاص للمخرجة والمؤلفة هالة خليل، التي استطاعت طبقا لكلام منة أن تخرج منها طاقات تمثيلية جديدة، وهذا ما يميز مخرجاً عن آخر.

وكانت منة قد احتفلت ببداية عرض الفيلم جماهيريا في مصر منذ عشرة أيام، في الوقت الذي كان يشارك فيه الفيلم في مهرجان الأقصر السينمائي، ولكن لم يحصل الفيلم على أية جوائز فيه.

وأكملت منة، أن هذا الفيلم غيرها هي شخصيا فأصبحت أكثر تصالحا مع نفسها، مؤكدة أيضا أن كل من شارك في الفيلم كان سببا في حصولها على الجائزة، مثل الفنان محمود حميدة الذي عادت للعمل معه من جديد بعد غياب سنوات بعدما سبق وكان لها الشرف في مشاركته في فيلم "بحب السيما".

وتدور أحداث الفيلم حول فتاة بسيطة من حي شعبي تدعى "نواره"، تقوم بدورها منة شلبي، تعيش قصة حب خلال الفترة التي اندلعت فيها ثورة 25 يناير وبعدها، مستعرضة تأثير ما كان يجري في مصر خلال هذه الفترة على نواره وعلى قصة حبها. من تأليف وإخراج هالة خليل، ويشارك في بطولته محمود حميدة، أحمد راتب، أمير صلاح الدين، شيرين رضا، رحمة حسن، ورجاء حسين، وإنتاج شركة ريد ستارز.

العربي الجديد اللندنية في

03.04.2016

 
 

تخفيض سعر تذكرة «نوراة» بعد حصول منة شلبي على جائزة أفضل ممثلة من «تطوان»

كتب: علوي أبو العلا

قررت الشركة المنتجة لفيلم «نوارة» عقد اتفاق مع «دولار فيلم» الموزعة له، على تقديم تذاكر مخفضة للطلبة في عدد من السينمات طوال أيام الأسبوع خلال الحفلات الصباحية، حيث تقدم التذكرتين بسعر تذكرة واحدة فقط في سينما أوديون بالقاهرة، وتقدم التذكرة في سينما أمير بـ 10 جنيهات خلال حفلات 10 و12 و3 ظهرا.

ويأتي هذه الحملة احتفالا بفوز منة شلبي على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان تطوان، وتشديع للطلبة للعودة ومشاهدة الأفلام في السينما.

وتعتبر تلك هي الجائزة الثانية التي يحصل عليها الفيلم وبطلته منة شلبي حيث حازت من قبل على جائزة أفضل ممثلة خلال مهرجان دبي السينمائي.

المصري اليوم في

03.04.2016

 
 

هالة خليل: «نوّارة» التي لم تستفد من الثورة

محمد خير

القاهرةيصعب على المشاهد، ولا سيّما لو كان أحد المشاركين في «ثورة يناير» المصرية، ألّا تطفر من عينه دمعة، حين وصفت الخادمة الفقيرة نوّارة (منة شلبي) فرحتها يوم تنحي مبارك: بصوت مرتعش، وقفت على حافة حمّام سباحة مخدومها أسامة (محمود حميدة) وهي تقول: «هو حد كان يتخيل إننا... نقدر نمشي حسني مبارك؟».

مع ذلك، لم تكن نوّارة من الذين «مشّوا» مبارك، فهي لم تشارك في الثورة إلا يوم التنحّي ذاته. للأدق، نزلت ميدان التحرير مع الملايين بعد إعلان التنحي بالفعل. إنها أحد أفراد الغالبية الصامتة التي راقبت الأحداث مندهشة وخائفة، ولم تجرؤ على إعلان مشاعرها إلا حين تأكدت أن الصنم قد هوى.

أرادت هالة خليل (1977) في «نوّارة» (2015) ثالث أفلامها الروائية الطويلة بعد «أحلى الأوقات» (2004)، و«قص ولصق» (2006)، أن تخلق خيطاً درامياً ناعماً وسط أحداث عاصفة. أرادت أبطالاً للفيلم ليسوا أبطالاً في الحياة. نوّارة وزوجها ـ مع وقف التنفيذ ـ عليّ (أمير صلاح الدين)، والجدة (رجاء حسين)، جميعهم يعيشون على هامش الحياة والسياسة. وبينما تشتعل البلاد بالثورة والصراع السياسي، لا همّ لنوارة سوى ملء الماء من الصنبور العام البعيد عن البيت، على أمل أن تدخل المياه يوماً إلى منطقتها العشوائية «حتى تجد الجدة ما يغسّلونها به بعد وفاتها» على حد قولها باكية في أحد المشاهد. تذهب نوّارة وتعود من بيتها الفقير إلى الفيلا الفارهة لمخدوميها في «كومباوند» مغلق على الأثرياء. هنا بين العالمين، يكمن التناقض الأساسي للفيلم.

عودة إلى تقديم أبطال الهامش على الشاشة الكبيرة

نوّارة خادمة أمينة ورثت المهنة والمخدومين عن والدتها الراحلة، متزوجة على الورق فقط منذ خمس سنوات دون قدرة لزوجها عليّ على الإتيان ببيت ليعيشا فيه. من الناحية الأخرى، تبدو أسرة المخدومين أكثر تأثراً بصورة مباشرة بالثورة في شهورها الأولى: المخاوف من تجميد الأموال وتحقيقات الفساد، وربما السجن، تدفعها إلى التفكير في مغادرة البلاد كما فعل معظم الجيران. ربّ الأسرة رجل الأعمال أسامة (حميدة) يمانع السفر، مستنداً إلى شخصية عصامية وثقة بالنفس سرعان ما تنهار حين تعلن الأخبار القبض على مبارك نفسه وعلى نجليه. يسرع الجميع إلى ترك الفيلا والبلاد إلى أوروبا، تاركين الفيلا في عهدة نوّارة ورجل الكراج (أحمد راتب)، وكلب الحراسة «بوتشي»، الذي يطارد نوّارة كلما رآها، لأن «الغلبان ما بيجيش غير على الغلبان اللي زيّه»، على حد قول نوّارة في معرض تفسيرها لهجوم الكلب المستمر عليها.

مع ذلك، تنجح في ترويضه بعد سفر العائلة، بعدما نجحت في ترويض خوفها منه. علاقة الترويض بهزيمة الخوف، جاءت «منطقية» أكثر من اللازم، معبّرة عن سمة متكررة في الفيلم أفقدته بعض حريّته. تبدو كل الأحداث كما لو يمكن تفسيرها سياسياً وفلسفياً بوضوح. بمعنى آخر، كما لو كان خيال الدراما جرى «ترويضه» لمصلحة الفكرة الأساسية: «الفقراء لم يستفيدوا من الثورة». حتى عندما تحلّ الأسرة الثرية فجأة الأزمة المالية المزمنة لنوّارة، عبر إهدائها مبلغاً من المال لتنجز زواجها المتأخر (مقابل أن تبقى في الفيلا تحرسها وترعاها)، تضع الأحداث نهاية مأسوية كان يفترض أن تطاول الأسرة الثرية، لكنها لا تطاول سوى نوارة، الفقيرة،
وحدها.

لقد نجحت هالة خليل كمخرجة في خلق صورة بصرية جذابة (مدير التصوير زكي عارف) وقيادة الممثلين إلى أداء رفيع، سواء للشخصيات الرئيسية، أو حتى الثانوية كالأداء الرائع لشيماء سيف في دور الممرضة في المستشفى العام. لكن هالة ككاتبة سيناريو، تعثرت في تحريك الدافع الدرامي بين ثلثي الفيلم الأول والأخير، واستكانت إلى مشكلات «تقليدية» في الدراما كالجدة التي تريد ادخار نقود الدفن، والزوجين اللذين «بلا شقة» لسنوات عديدة. إن اختيار أبطال الهامش عودة إلى تقليد مهمّ في السينما المصرية، لكنه اختيار يحتاج إلى حلول درامية أشدّ ابتكاراً.

الأخبار اللبنانية في

04.04.2016

 
 

'نوارة'.. زيارة جديدة لتبعات ثورة يناير المصرية على الفقراء

العرب/ هشام السيد

فيلم 'نوارة' يرصد حياة فئة مجتمعية دفعت منفردة ثمن الثورة التي ضلت طريقها من محاسبة الفاسدين إلى سيف يقطع رقاب المطحونين.

القاهرة- أول ما يلفت الانتباه في فيلم “نوارة” الذي تلعب بطولته الفنانة منة شلبي أنه جاء مختلفا في تناوله لأحداث ثورة 25 يناير المصرية، وتبعاتها على الكثير من الأعمال الفنية التي رصدت الحدث نفسه من قبل.

ثارت مخرجة الفيلم هالة خليل على الثورة، وأظهرت أسوأ ما فيها وما نتج عنها من ترد في الأحوال المعيشية والمجتمعية، فالفقير ازداد فقرا، والمظلوم يعاني أكثر من أصحاب النفوذ والسطوة، وكأنها تنسف من خلال أحداث الفيلم الشعارات التي رفعها الشباب داخل ميادين مصر وشوارعها، وهي “عيش – حرية – عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية”، بينما الحقيقة أن شيئا لم يتغير.

“نوارة” التي جسدتها منة شلبي وفازت عنها بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط السبت وكذلك جائزة أفضل ممثلة في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، أظهرت فئة مجتمعية دفعت منفردة ثمن تلك الثورة التي ضلت طريقها من محاسبة الفاسدين إلى سيف يقطع رقاب المطحونين داخل سراديب الحاجة والعوز.

أحداث الفيلم ترصد تفاصيل حياة “نوارة” الفتاة البسيطة التي تعيش في حي شعبي ولم تستكمل تعليمها، وإنما سلكت طريق والدتها في العمل خادمة داخل قصر وزير سابق من رجال نظام مبارك – يجسده الفنان محمود حميدة – لتنفق على جدتها – الفنانة رجاء حسين – الطاعنة في السن وتساعد خطيبها – الفنان أمير صلاح الدين – في إتمام الزواج الذي توقف عند عقد القران فقط.

منة شلبي تفوز بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان تطوان بعد فوزها بجائزة مهرجان دبي

بدأ الفيلم بصورة بانورامية للحارة الفقيرة المصرية وما تعانيه من سوء الخدمات والمرافق، حتى ظهرت البطلة تحمل في يديها عبوتين من المياه تحاول جاهدة حملهما بذراعيها الصغيرتين الممددتين من جسد نحيف لتتوقف قليلا تستريح من معاناتها مع حملها الثقيل.

كان صوت مقدمي النشرات الإخبارية وبرامج الـ”توك شو” حاضرا باستمرار في جميع مشاهد الفيلم، حيث استخدمته المخرجة كـ “راو” للثورة ومستجداتها، ما بين مهتم بما يحدث وآخر غير مكترث، ولكي توثق من خلاله فكرتها عن سذاجة الطبقات الفقيرة في ما روّج وقتها عن سهولة استعادة الأموال المهربة أو المنهوبة.

خرجت “نوارة” من الحارة لتدخل في معاناة يومية مع وسائل المواصلات وما بها من زحام حتى تصل إلى أحد التجمعات السكنية الراقية، حيث يسكن الوزير السابق، في مفارقة تظهر التفاوت الكبير في الطبقات الذي يعاني منه المجتمع المصري.

يحمل فيلم “نوارة” قدرا كبيرا من الجرأة، فرغم غياب الإشارات المباشرة، إلا أنه يلمح إلى فساد بعض رجال الأعمال الذين يسيطرون على الدولة، في عبـارة صريحة على لسان محمود حميدة (الوزير السابق) “لا أحد يجرؤ على الاقتراب من هنا مهما كانت سلطته”.

مع تتالي الأحداث وإلقاء القبض على عدد من رموز نظام حسني مبارك، كان البعض الآخر يتمسك بالأمل حتى اللحظات الأخيرة في النجاة من قناعة أنه نظيف اليد وما فعله لم يكن انتهاكا للقانون، غير أن الإحساس بالخطر دفعهم إلى الفرار خارج البلاد.

بعد نجاح الثورة تحولت “نوارة” الحالمة بنصيبها من مكتسبات الثورة التي جاءت لإنصاف الكادحين والمظلومين، إلى خادمة لكلب الوزير فقط، بعد هروب صاحبه خارج البلاد، ومنزل تملأه التحف والمقتنيات باهظة الثمن، في تجمع سكني لم يعد فيه سوى الخدم فقط لحراسة أموال الهاربين.

تمسكت “نوارة” بنظافة يدها وأمانتها رغم حاجتها إلى المال، خاصة أن خطيبها يعاني قسوة المستشفيات الحكومية وما يلقاه والده المريض من معاملة تفتقد للرحمة بافتراش حمام المستشفى أو طرقاته.

أمام سطوة الحاجة يبدأ الخطيب في الضغط على “نوارة” لمجاراته في طمعه بكل المقتنيات الثمينة داخل منزل الوزير السابق، لكنها كانت الضمير الحي الذي يقوّمه في مسعى من المخرجة لتبرئة الفقراء من حالات النهب والسرقة التي صاحبت ثورة يناير في مصر عام 2011.

فيلم "نوارة" يحمل قدرا كبيرا من الجرأة، فرغم غياب الإشارات المباشرة، إلا أنه يلمح إلى فساد بعض رجال الأعمال الذين يسيطرون على الدولة

تتلقى “نوارة” صفعة من شقيق الوزير السابق (الفنان عباس أبو الحسن) الذي جاء بحثا عن أخيه الذي تركه يصارع مصيره منفردا داخل البلاد، بينما ينعم هو في رغد العيش بالخارج، جعلتها تعيد التفكير في عملها، مقررة أنها لن تظل خادمة لأحد.

في مشهد الصفعة رسالة أرادت المخرجة أن توثقها للمتلقي مفادها أن الثورة لن تغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلم يعد من المقبول على الفقراء أن يبتلعوا الإهانات والقبول بالأمر الواقع بدعوى “أكل العيش”.

لم تجد “نوارة” ما يدفع عنها الأذى سوى الكلب الذي انقض على الرجل وخلصها من بين يديه، وبين الوفاء والغدر تتجلى قدرة المخرجة على التوصيف لفئة باعت البلد ممثلة في الوزير وشقيقه وأخرى مازالت تحاول وتدافع ممثلة في “نوارة” وكلبها، حتى تقضي رصاصة الغدر على من يدافعون عن المظلوم.

ثارت منة شلبي أو الفتاة “نوارة” على ما تتعرض له من إهانة، وباتت ترى ما كانت ترفض النظر إليه في المنزل من مقتنيات ثمينة، باعتبارها فرصة للحياة كإنسانة حرمتها الدنيا من أبسط حقوقها، لتعيش هي وخطيبها للمرة الأولى كزوج وزوجة يستمتعان معا، بين حمام السباحة وغرفة النوم في لقطات جريئة لم تخل من قبلات حارة، بدت طبيعية بين شاب وفتاة تجاوزت فترة خطوبتهما عدة سنوات.

نهاية الفيلم جاءت بمشهد صدم الجميع، حيث تحولت “نوارة” من إحدى ضحايا الفساد إلى متهمة بالسرقة وقت خروجها من القصر الذي تسلمته قوات الأمن المكلفة بالتحفظ عليه، بعد أن عثرت في حقيبتها على 20 ألف جنيه تركتها لها زوجة الوزير.

العرب اللندنية في

04.04.2016

 
 

منة شرف الدين تكتب: كلنا نــوَّارَة

منة شرف الدين

عزيزتي نوارة..

أنا مثلك تماما. أنا شبهك. أنا النصف الآخر من حكايتك.

أنا رفيقة صبرك الطويل، وحلمك البسيط، ونظراتك البريئة. ثمة اختلافات صغيرة بيننا، فحين كنت أنا في الميدان أهتف بسقوط النظام، كنت أنتِ تُسقطين دون أن تدري أقنعته وأوراق توته.

حلمتُ أنا للجميع لم أصنفهم، وحلمتِ أنتِ للغلابة، لأن محيطك أجبرك على التصنيف.

من منا تعب أكثر؟ من منا أنهكه حلمه أكثر؟ من منا تبخرت اللحظة من بين يديه أسرع؟ من منا كانت نشوته الكبيرة قبيل أن نفيق أعظم؟ لا أعرف

لكن كلنا عشنا التجربة ذاتها، بأشكال مختلفة. كلنا صدقنا يا نوارة. صدقنا إن أحلامنا لها مكان على خريطة الواقع التي أحتلها كبار الكاذبين والظالمين والسارقين.

نوارة.. يوما ما هتفنا بفرحة طفل عاد لأمه بعد تيه "دي بلدنا"، في الوقت الذي كنتِ تحلمين فيه بنصيبك من حقوقنا المسروقة، والذي سيضمن لك بيت صغير تتزوجين فيه، وبالطبع "حنفية" صغيرة "ولو كانت مياهها ضعيفة" بدلا من ملئ "الجراكن" كل يوم، حتى تطمئن جدتك لوجود مياه كافية لتغسيلها بعد موتها، وهو نفس الوقت الذي كان يتغطرس فيه الفاسد قائلًا "لو كانت الثورة قامت زي ما بيقولوا فالقيامة لسه مقامتش، والمقامات هتفضل محفوظة" ملقيًا بنفسه في مساحة كبيرة من المياه تتجدد يوميًا يستخدمونها للترفيه ويطلقون عليها اسم Pool.

كلنا حلمنا، وصدقنا أحلامنا، وندفع الثمن، كلنا رغم اختلافاتنا الصغيرة، لا فرق بين الواعي بأبعاد ودوافع وأهداف حلمه والحالم دون وعي، من تواضع حلمه لـ 10 آلاف جنيه "سلف" أو 200 ألف نصيب في المال المنهوب، ومن كان حلمه باتساع وطن بحجم الحياة وطعم الحرية.

...

أنا محامية، سني قريب من سنك. بالصدفة نشأتُ في مكان وظروف مختلفة عنك. فهمتُ قبلك وفهمتُ كثيرًا. كنت أساعد المقهورين المحبوسين ظلم،لكن من رأيتينه وهو يطلق الرصاص صارخًا "إحنا أسياد البلد" لازالت كلمته تلك هي العليا.

أعيش في زنزانة  5 في ٦ متر بها ٢٨ مسجونة، لا نستطيع استخدام المياه بعد الرابعة عصر كل يوم، أنام في مساحة شبرين.

"تعرفي.. وأنا في السجن أدوني جايزة كبيرة أوي، لكن من بلاد برة مش من هنا، ولسه عندي أمل".

ماهينور المصري

...

كان حلمي مستقبل أفضل بدون تشوهات وأحلام مؤودة، شوارع خالية من الأطفال المشردين المقهورين المحرومين الخائفين، شكلت مؤسسة لجمعهم ودعمهم للحفاظ عليهم، ولأني هتفت مع من رأيتينهم وسمعتينهم في الثورة، أنا الآن في السجن، وزوجي أيضًا.

"أقولك حاجة حلوة؟ جابلي ورد وأداهوني جوا القفص في عيد الحب".

آية حجازي

...

 

بعد الثورة يا نوارة مساحة الحرية زادت، زادت قبل أن تضيق كثيرًا وطويلًا. أسسنا أحزابًا سياسية مدنية لتحقيق أهداف الثورة "عيش حرية عدالة اجتماعية". حزب الدستور من أهم هذه الأحزاب وزوجي عضو به. خرج يومًا من البيت وقال لي: "لو أتأخرت أنا رايح أشرب فنجان قهوة في أمن الدولة". نحن نعرف معنى هذه الكلمات، تمتد سيناريوهاتها من فنجان القهوة إلى السجن، لكن السيناريو الذي حدث معي ومع زوجي لم يكن في الحسبان، خرج ولم يعد منذ أكثر من عامين، أحصيت خلالها أنفاسي المتقطعة اللاهثة وراء أي خبر عنه، قبل أن أحصي الأيام والساعات.

"الثورة جميلة زيي وزيك يا نوارة، لكننا عايشين مع وحوش".

مها مكاوي

...

أنا لا ألوم على الثورة، ولا على مصر، أنا فقط، وبعد كل ما حدث معي، يا نوارة، والحكم بحبسي ظلمًا، وحرمان أولادي الثلاثة مني، أعاتب مصر عتاب الابنة لأمها، قلت هذا للجميع، وقلت لهم إن حبسي لا يهمني فقط أتألم لأن أولادي يدفعون ثمن حلمي بغدٍ أفضل لهم، كانت تهمتي حلم كبير لي ولكٍ ولهم ولكل الناس.

"على فكرة أنا كتبت لمصر وقلت لها: عتابي على قد محبتي ليكي، وأنا مش بس بحبك، أنا بموت فيكي".

جميلة سري الدين

...

كانت دموعي تنساب سريعة مريرة، وقلبي يملأه اليأس، لأنه رأى وعاش ما بعد مشهدك الأخير، ولأن شعور بالذنب لا أعرف لماذا تملكني؟ هل كانت أحلامك مسؤليتنا حملناها فتبعثرت منا في ميدان التحرير؟ هل سقطت معنا على الأرض فانكسرت واختلطت بقاياها بدماء الشهداء؟ أم انزوت بعيدا متراجعة وحلت مكانها اللعنات على المؤامرة والمتآمرين؟

أما أنت، فكنت طوال الوقت تماما كهذه الأرض، صابرة وهادئة وحمولة وقنوعة ومتواضعة، تغلبين الدمعة بالابتسامة واليأس بالأمل. أتعجب من قدرتك على الاحتمال طويلًا قبل أن تعلني السخط "يارب ليه كده؟" وتنفجري في البكاء!

نوارة.. إن كنا خذلنا أحلامك، فمن خذل أحلامنا؟

موقع مصريات في

04.04.2016

 
 

سردية الثورة

يوسف القعيد

شاهدت فيلم «نوارة» فى العرض المصرى الخاص الأول بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، أسعدنى أمران

الأول: الفيلم، رغم الظروف العامة فى مصر وتراجع اهتمامنا بالسينما وغياب الدولة المصرية عن الإنتاج السينمائى، لدينا مفاجآت قادرة على أن تفرح كل من يحب السينما وكل من يدرك أهميتها فى معركتنا ضد التطرف والإرهاب

الأمر الثانى: الحضور الضخم من أهالى الأقصر لمشاهدة الفيلم. إن من يتردد على دار السينما، ومن يذهب إلى المسارح ومن يشاهد لوحات الفن التشكيلى، ومن يحرص على قراءة الآداب والفنون وتجلياتهما لا يمكن أن يتطرف. وأن يعطى عقله للمتطرفين والإرهابيين.. يجب أن نتعامل مع الفنون والآداب – علاوة على المتعة الفنية والأدبية الخالصة – باعتبارها خطوط دفاع أولى ضد معركتنا فى مواجهة الإرهابيين. شهادتى مجروحة فى هالة خليل، مخرجة الفيلم وكاتبة السيناريو والحوار، والتى تعيدنا مرة أخرى للمُخرج صاحب الفيلم، فمنذ أن شاهدت فيلمها الأول: «أحلى الأوقات» المعروض سنة 2004 أقام لى صلة مع مخرجة نادرة، أحرص على متابعة أى عمل جديد لها. أضيف لهذا معرفتى الشخصية بها فى الأقصر، وحواراتنا الطويلة التى اكتشفت منها أن ثقافتها تتعدى السينما وكم من أعمال أدبية وكتابات فكرية ومذكرات لمخرجين عالميين اكتشفت متابعتها لها من خلال قراءة واعية وإدراك حقيقى. أيضاً فإن وعيها السياسى يصل لحدود النضج، مما يجعلنا نتوقف أمام مخرجة صاحبة مشروع سينمائى كبير، يمكن أن يضيف الكثير لفن السينما فى مصر

«نوارة»، فيلم عن ثورة 25 يناير وإن كنت لن تشاهد فيه لقطات كثيرة لميدان التحرير عندما أصبح عاصمة من عواصم الثورة فى الدنيا, لكن هالة خليل التى تعرف كيف تتناول حدثاً سياسياً ما زال حاضراً فى الخيال الإنسانى وربما لم يعط آخر ما يمكن أن يقدمه لنا من نتائج, لن تشاهد فعل الثورة, ولكننا نتابع الأمر من خلال فتاة من حى شعبى هى «نوارة»، التى تعمل فى فيلا يملكها أثرياء أيامنا فى كومباوند، وهكذا قدمت لنا هالة الحى الشعبى الفقير الذى يوشك أن يكون حياً عشوائياً فى مواجهة مساكن الأثرياء، حيث اجتمع فى وقت واحد فى بر مصر الفقر الذى بلا حدود، والغنى الذى يفوق الخيال. من شدة تواضعها تقول هالة خليل إن فيلمها ليس عملاً عن الثورة. هى لا تعتبره هكذا. لكنه عمل عن الحلم والإنسان. وعن قدرة الإنسان على تغيير واقعه إلى الأفضل. وكل هذا تم برهافة شديدة تصل لحدود التناول الشعرى لما يجرى فى الواقع. قبل الحديث عن أداء الممثلين، أحب أن أتكلم عن صفى الدين محمود، المنتج الذى تشجع لهذا العمل وقدمه. كما لو كان ينوب عن الدولة المصرية فى رعاية فن سينمائى حقيقى يجعلنا نزهو ببلدنا ونقول إننا قد نستعيد فى يوم قريب السينما مرة أخرى، التى توشك أن تتوه منا وسط سيل من السينما التجارية التى تجعل الإنسان يخجل من أنها تنتمى لمصر

منة شلبى، رأيت فيلمها الأول: «الساحر»، كان معنا مخرج الفيلم المرحوم رضوان الكاشف. وقد عدت معه من السينما التى عرضت الفيلم فى مدينة نصر إلى بيته. وتحدث ليلتها عن أحلام كثيرة لم تعرف طريقها للتحقيق لأنه رحل عن عالمنا بعد ذلك. أيضاً شاهدت فى «نوارة» محمود حميدة، الفنان الذى وصل لمرحلة الإجادة التى ربما تعدت الإبداع نفسه. فهو ليس مجرد ممثل، ولكنه صاحب رؤية لفن التمثيل أعتقد أنها ستضيف كثيراً لمن سبقوه من الممثلين الكبار. جسَّد محمود حميدة دور أسامة بيه، مخدوم «نوارة» يتعامل مع الحدث الكبير الذى مر بمصر بطريقته الخاصة. لا يقبل التسليم بسهولة بأن الضعفاء أصبحوا أقوياء. وأن الأقوياء انتقلوا إلى أرض الضعفاء فى تبادل للأدوار يحدث بعد الثورات الكبرى

أمير صلاح الدين بطل الفيلم فى بطولته الأولى. وربما كان من الأعمال السابقة التى قدمها مع خالد جلال ـ مكتشف المواهب ـ قد يكون أحد أبطال عرض خالد جلال المعروف: «قهوة سادة». قام فى «نوارة» بدور على، الذى عرفنا من أحداث الفيلم أنه زوج نوارة على الورق فقط. تزوجها وما تزوجها بسبب تلال المشاكل ومرض والده الذى لا يجد ما يعالجه به. ورغم أنها البطولة الأولى لأمير، فإنه عرف كيف يمسك بعلى الذى يمثله وقدمه لنا بشكل فنى راقٍ

يحسب لمخرجة الفيلم اختيارها لمن جسَّدوا شخصياته، وقدرتها على استخراج أفضل ما فيهم. فرجاء حسين لعبت دور جدة نوارة، التى تقدم الطعام لأهالى المنطقة البسيطة، طعام فقير بقروش قليلة لا يملكون سواها. تقدم لنا فكرة التحايل على مصاعب الحياة ومتاعبها بطرق مصرية بالغة البساطة، ربما لا نجدها إلا فى مصر.

وأحمد راتب الذى قدم دور عبد الله. أحد العاملين عند أسامة بيه. وإن كان لا يشارك الفقراء رغبتهم فى الثورة على البيه الغنى صاحب الفيلا التى هجرها وهرب. ومع هذا يستمر عبد الله فى تنظيف السيارات وحراستها، كأن أسامة بيه موجود. فى أداء أحمد راتب لا تستطيع أن تضع يدك على المنطقة التى تنتهى فيها نوارة بداخله ليبدأ أسامة بيه. فهو حائر لا يعرف ماذا يريد. وقد جسد هذا الإحساس ببراعة. لم يعجبنى فى الفيلم الحل الذى يقدمه لمشكلة نوارة وعلى، عندما تتصل بمخدومتها الهاربة فى الخارج كأحد آثار ثورة الخامس والعشرين من يناير. وتقدم لها سيدتها مبلغاً من المال. وتصف لها المكان الذى وضعته فيه. لكى تحل به مشكلتها. فإن كانت مشاكل الفقراء ستحل بإحسان الأغنياء إليهم، فلماذا قامت الثورة؟ وهل كان هناك مبرر لقيامها أصلاً؟ فالإحسان قد يكون مظهراً من مظاهر التماسك الاجتماعى، لكنه منحة يقدمها الغنى للفقير مقابل تنازلات من الفقير لا بد منها. أيضاً فإن القبض على نوارة فى آخر الفيلم متلبسة بسرقة المبلغ جعلنى أتساءل: هل النهاية مقدمة من هالة خليل لأن يكون للفيلم جزء ثان؟ ربما لم يرد ببالها هذا الخاطر، لكنه رن فى خاطرى عندما وجدتنى أمام هذه النهاية المفاجئة

الأهرام اليومي في

04.04.2016

 
 

العباس السكرى يكتب:

منة شلبى "موهوبة" بس ملهاش حظ فى شباك التذاكر

داخل قاعة سينما بها 234 كرسيًا، جلس 10 أفراد فقط يتابعون فيلم منة شلبى الجديد «نوارة».. 3 فتيات بصحبة 3 شباب، ورجلان وامرأة عجوز وأنا، وقبل منتصف الفيلم بدقائق غادر القاعة شاب وفتاة، لم يعودا حتى نهاية الفيلم، وبقى 8 فى القاعة لم تخرج منهم ضحكة أو كلمة. بدأ الفيلم وذيلت الشاشة عبارة «ربيع 2011» ليعرف المشاهد أن الأحداث تدور فى وقت ما يسمى بثورة 25 يناير، وبدأت أحداثه باستعراض ما يطلق عليها مجازًا «حياة»، تلك التى يعيشها المهمشون فى قاع الحوارى «حارة صغيرة لا تدخلها مياه الشرب، شوارعها متداخلة وعرض الشارع لا يتجاوز مترًا، جدرانها ذابت من الزمن، وتبدو متهالكة وآيلة للسقوط، حمام واحد تدخله 15 أسرة، فتيات ونساء ورجال وشباب وأطفال وشيوخ».. هذه الحارة تقطن بها «نوارة» منة شلبى، وجدتها رجاء حسين التى تعيش معها فى غرفة واحدة بها «دولاب وسرير ووابور غاز وقفص به كتاكيت صغيرة»، وفى الحارة خطيبها، يجسده أمير صلاح الدين، ومجموعة من أهل الحارة الغلابة.. على الجانب الآخر تتعمد المخرجة هالة خليل إظهار التفاوت الطبقى بمشاهد «نوارة» فى فيلا شيرين رضا ومحمود حميدة، والتى تعمل بها كخادمة، وترى كل عوامل الإبهار، الأكل الذى يتناوله «بوتش» كلب ابنتهما، تجسدها رحمة حسن، لا يأكله أحد من قاطنى الحارة ولا يراه حتى فى المنام.. الفيلم يستعرض حياة «نوارة» الفتاة الطيبة الراضية بواقعها وحياتها وبهدلتها فى وسائل المواصلات، تعمل خادمة ولم تنزل ميدان التحرير، بل تطلب من المتظاهرين أن يفتحوا الشوارع حتى تستطيع الذهاب لعملها، تسمع النشرات وهى فى الأتوبيسات والميكروباصات، وتفرح عندما ترى وعود الحكومة بتشكيل لجنة لإعادة الأموال المنهوبة، خصوصًا أنها ستمنح كل مواطن 200 ألف جنيه. منة شلبى برعت فى تجسيد «نوارة» بكل تفاصيلها «ضحكتها، نظراتها المملؤة بالرضا واليقين، مشيتها، كلامها، طريقة النطق بأداء بنت البلد الجدعة».. حافظت على مفردات الشخصية فى كل نظرة ومشهد، وكذلك فى أغلب أعمالها، فهى فنانة موهوبة والموهبة لا تباع ولا تشترى، لكنّ هناك شيئًا ما ينقص منة شلبى، بعيدًا عن الموهبة والحضور، فهى تمتلكهما.. هذا الشىء يحول بينها وبين نجومية شباك التذاكر، هى لا تستطيع تحقيق إيرادات، لكنها تحصد جوائز «أفضل ممثلة عن نوارة فى مهرجانى دبى وتطوان».. منة فنانة لها لمعة وبريق خاص على الشاشة.. موهوبة بحق.. لكن للأسف كما يقال «الحلو مايكملش». 

اليوم السابع المصرية في

04.04.2016

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)