كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

بعد مهرجان الأفلام السعودية

اتجاه المصورين الفوتوغرافيين إلى صناعة الأفلام.. الجدل مستمر!

تحقيق - سلافة الفريح

مهرجان أفلام السعودية

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 

·        هند الفهاد: الانتقال للصورة المتحركة هو نضوج في التجربة الفوتوغرافية

·        محمد سلمان: لا يمكن أن نخلط بين الصورة الفوتوغرافية ونظيرتها السينمائية

·        أثير السادة: الفوتوغراف والسينما.. كلاهما صورة

·        طراد القحطاني: مشكلتنا ضعف الخبرة وقلة التخصص

·        نجا هلال: المجتمع زاخر بالحكايا والنقص في كتابة السيناريو

بعد النجاح الكبير الذي حققه مهرجان "أفلام السعودية" في الدمام بقيادة الأستاذ أحمد الملا مدير المهرجان وبإشراف الأستاذ سلطان البازعي رئيس جمعية الثقافة والفنون؛ وتوزيع الجوائز الذهبية والفضية والبرونزية وشهادات التقدير التي حصل عليها شباب سعوديون من الجنسين في حفل أشبه بالعرس الثقافي الفني، أصبحت السينما السعودية الوليدة حديث الأوساط الفنية والإعلامية والأدبية؛ كل يتناولها من الزاوية التي تتعلق بمجاله الفني. ومن يتأمل في كثير ممن اشتركوا في ذلك المهرجان كانوا مصورين فوتوغرافيين -ومازالوا- مما أثار تساؤلات جادة حول أسباب اتجاه الفوتوغرافيين إلى صناعة الأفلام سواء في الإخراج أو التصوير السينمائي أو كلاهما معاً، وما الذي يميز الفوتوغرافي إذا تحول إلى الإخراج وتفوق الصورة على القصة في الأفلام المعروضة. ومحاور كثيرة طرحناها بين أيدي ضيوفنا الكرام من مصورين ومخرجين ومهتمين بالفنون البصرية. نستهل بالفنان محمد سلمان الحاصل على ذهبية الأفلام الوثائقية.

توظيف كل الأدوات لخدمة قصة الفيلم

محمد سلمان مخرج سينمائي الفائز بالنخلة الذهبية في مهرجان الأفلام السعودية "الأفلام الوثائقية " عن فيلم "أصفر". خريج فنون جميلة من مسرح وموسيقى وتصوير فوتوغرافي، بدأ بالخط العربي وانتهت وجهته بصناعة الأفلام من أعماله أفلام "السيكل، شارع خلفي، مخيال، قاري" وأخيراً الفيلم الوثائقي "أصفر". يحكي سلمان عن بذرة البداية: صناعة الأفلام كانت الحلم الذي ولد مع أول لحظة لي داخل قاعة السينما وأنا بعمر السابعة، حيث كان والدي يصطحبني معه للسينما حيث يعمل مشغلاً للأفلام هناك. بالنسبة للسينما التصوير هو عنصر مهم؛ لكن لا يمكن أن نخلط بين الصورة الفوتوغرافية والصورة السينمائية، فاللقطة السينمائية هنا يجب أن تروي لنا حكاية عبر لقطات متتابعة ذات دلالات ومعانٍ تعزز من دفع قصة ما إلى الأمام. لذلك الرسم هو اللبنة الأولى لفهم أي عمل بصري، فمن خلال اللوحة الفنية نستطيع نتوغل أكثر نحو جماليات الإبداع البصري. هناك تميز كبير جداً حين يتحول المصور الفوتوغرافي إلى الإخراج في الصورة. وفي أغلب الأحيان يكون ذلك على حساب قصة الفيلم فيكون الفيلم مجرد صورة لا قيمة لها، فالفيلم "السينمائي" وهما بين قوسين سينمائي أعني بذلك القالب الفني لصناعة الفيلم والذي يجب توظيف كل الأدوات لخدمة قصة الفيلم. فالمخرج من يروي القصة عبر عدسة الكاميرا.

التحول من الفوتوغراف إلى السينما طبيعي جداً، كما أن نشاط وظهور مصورين فوتوغرافين حالة طبيعية للتطور التكنولوجي وظهور الكاميرات الرقمية الفوتوغرافية والفيديو -DSLR- مما سهل الحصول على صور ذات جودة عالية وهذا الأمر سيشغل فضول كل مهتم بالتصوير لخوض التجربة.

قليل من المصورين من يتحول لصناعة الأفلام وأشير هنا إلى المصورين المتقدمين جداً والذين عاصروا كاميرا الفيلم فهم ذو نضج عالٍ بالصورة ويعرفون تماماً ما يريدون تحقيقه. كل من تحول من الصورة الفوتوغرافية إلى الفيديو معظمهم من جيل الديجيتل والفضول والحماس قادهم للفيديو. أما ملاحظة اعتماد المخرجين على الصورة والتقنيات الفنية دون التعمق في الفكرة أو القصة والسيناريو مهمة جداً وتتلخص بأن الفيلم ليس صورة جميلة فقط بل هو صورة ذات ثيمة ما تستطيع أن تروي حكاية يرجع السبب إلى الاستعجال وعدم العناية بكتابة السيناريو ومعالجته فهي أهم مرحلة لإنتاج الفيلم.

أما بخصوص الدعم فأنا لا أومن بهذا الاعتقاد تماماً فالفنان في أي مجال كان لا يحتاج لدعم ليحقق ما يريده، خصوصاً بعد الإنترنت وانفجاره بكم هائل من المحتوى العلمي والمعرفي والذي يسهل ويطور أي فنان حقيقي يسعى للإبداع وهمه الأول "العمل الفني" سواء كان لوحة تشكيلية، تصوير فوتوغرافي أو سينما. الدعم الحقيقي هو دفع عجلة الإنتاج والتطوير وهذا لا يحدث إلا بوجود رجل حريص أو ربما "شاعر مجنون" كأحمد الملا يؤمن بدور السينما وضروريتها الملحة لوطن يحتاج أن يكون على الخارطة البصرية بشكل لائق. لذلك الدعم هو المساهمة في نشر الوعي والتذوق الفني ليكون حالة وطقس شعبي يمارس في جميع أنحاء الوطن.

أزمة الحوار وتحويل الفكرة إلى نص

هند الفهاد مخرجة سينمائية الفائزة بالنخلة الفضية في مهرجان أفلام السعودية "الأفلام الروائية" عن فيلم "بسطة"؛ مهتمة بالفنون البصرية من أعمالها فيلم ثلاث عرائس، وطائرة ورقية، مقعد خلفي، وفيلم "بسطة".

تقول الفهاد: أتفق كثيراً مع عبارة أن التصوير الفوتوغرافي هو اللبنة الأولى لأي عمل إبداعي مرئي، فتجربتي في التصوير الفوتوغرافي والتغذية البصرية التي تعرضت لها خلال ممارستي للفوتوغراف هي ما جعلني انتقل بسلاسة من التصوير إلى الإخراج السينمائي. قد نقول بشكل أدق أن التعامل مع الصورة وقراءة الأفكار من خلال أعمال بصرية هي اللبنة الأولى. تجربتي في السينما هي من زاوية إخراجية وليست تصويراً سينمائياً ولكن أفادتني جداً. فمعرفة التكوين وشكل اللقطة وفهم الإضاءة المستخدمة وتأثيرها في الفكرة كلها هي نتاج تراكم التجربة الفوتوغرافية. وبالنسبة لتحول كثير من المصورين إلى صناعة الأفلام والسينما هي حالة تطور ووعي يتسع، فالفنون ليست وجهاً واحداً بل هي أكثر من شكل وأكثر من حالة!. الانتقال للصورة المتحركة أو الفيديو هو نضوج في التجربة الفوتوغرافية، بالتالي بالنسبة لي هو أني أردت أن أجرب نفسي في منطقة الصورة المتحركة والحديث بشكل بصري من خلال مشاهد متعددة، تشكل في النهاية حلقة متصلة؛ وهي ليست مربوطة بنوع، بل هي مربوطة بالفنان نفسه وحالة الوعي بتأثير الصورة ونضوج التجربة لديه. في مهرجان الأفلام السعودية كانت قوة الصورة حاضرة جداً في المهرجان وأتفق كثيراً معك، والتقنيات المستخدمة مبهرة وتفوقت في بعض الأحيان على النص الأساسي للفيلم. لكن مازالت لدينا أزمة حقيقية في كيفية تحويل الفكرة إلى نص، والاعتناء بالحوارات بشكل عميق. الفيلم هو عبارة عن حالة، بالتالي أي جزء فيه خصوصاً الحوار لابد أن يكون بشكل عميق وغير مباشر ولا يحتمل تعقيدات كبيرة.

وعن تعلقها بالتصوير تقول هند: "لم أترك التصوير الفوتوغرافي ولن أتركه هو وقود حقيقي لي".

ولادة الصورة الفوتوغرافية محرضاً لصناعة الصورة المتحركة

أثير السادة كاتب ومفكر في الفنون البصرية؛ يقول: "بين التصوير الفوتوغرافي والسينما محطات لقاء وافتراق، لم تخل فيها هاتان التجربتان الفنيتان من المقارنات المستمرة، والتفاعلات التي لا تنقطع، والسبب أن في جوف كل تجربة شيء من التجربة الأخرى، ففي الصورة البذور الأولى للسينما، كما أن في السينما الوحدات الأولى للصورة.. كلاهما صورة، هذا إذا شئنا التقريب، لكن المسافة تتباعد شيئاً فشيئاً بين الصورة السيالة والصورة الثابتة، بين الاشتغال على تسكين اللحظة وتحريكها إذا اخترنا النظر إلى أبعاد الممارسة الفنية لكل جنس.

البحث في أشكال العلاقة بين الاثنين يأخذنا تلقائياً إلى محطات ثلاث: البدايات، والتحولات، والنهايات. في كل محطة ثمة ما هو مؤتلف ومختلف، ما هو جوهري وعرضي في شكل هذه العلاقة، فبمثل ما كانت الرغبة قائمة في الوجدان الإنساني لاختراع الصورة الفوتوغرافية قبل اختراعها، كانت كذلك النويات الأولى لفكرة الصورة المتحركة تتحرك في أذهان الناس، كما تتحرك على الأرض عبر أجهزة بسيطة لعرض الصور المتتالية.. كانت ولادة الصورة الفوتوغرافية محرضاً لمزيد من التفكير في صناعة الصورة المتحركة؛ لذلك لم تتأخر طويلاً ولادة أول جهاز قادر على تحريك الصور وتسجيلها، غير أنها وفي طور البدايات كانت تستند في وجودها إلى الصورة الثابتة، إلى الفوتوغراف، سنتذكر محاولات الفوتوغرافي البريطاني ايدويرد مويبريج في مطلع عام 1972 حين استطاع التقاط حركة الخيل في مجموعة صورة فوتوغرافية متعاقبة، ومثله تجارب الأميركي أديسون، والفرنسي لويس إيمي ليبرانس.

اليوم تتجاوز أزرار الفيديو مع أزرار التصوير الفوتوغرافي في الأجهزة المحمولة وفي الكاميرات الرقمية، ما يهب المستخدمين الرغبة في التنقل بين الاثنين، فضلاً عن المنصات المتاحة لاستعراض التجربتين في الفضاءات الإلكترونية، لذلك من المفهوم أن يختبر الفوتوغرافيون حساسيتهم الفنية في صناعة تجارب فيلمية، على مستوى النص والإخراج وحتى الإضاءة، وهذه الأخيرة قد استأثرت بنصيب مهم من مشاركات الفوتوغرافيين في صناعة الأفلام، باعتبار الإضاءة عنصراً جوهرياً في عالم الفوتوغرافيا، ويحظى بالكثير من الورش والتجارب الفنية".

منصات التكريم من أهم محفزات دخول فن الإخراج

نجا هلال السعيدي باحث في مجال الضوء مع محاولات في صناعة الأفلام الوثائقية؛ يشاركنا برأيه ويقول: "المصورون الذين يغلب عليهم طابع الخيال برأيي هم أكثر من يتحول إلى تصوير الفيديو أو صناعة الأفلام، وأهم صفة يتميز بها المخرج هي قدرته على تخيل الصورة لكامل أبعاد المشهد قبل عملية التصوير. ودائماً نجد المخرجين المتميزين نجحوا بعد محاولات كثيرة من الفشل. وكما يقول ألبرت أينشتاين: "الخيال أكثر أهمية من المعرفة، فالمعرفة محدودة دائماً أما الخيال يطوف العالم بأسره". تجد المخرج في الماضي متابعاً جيداً للأفلام والممثلين والمخرجين؛ مما يكسبه الخبرة غير المباشرة، فتساعده في عملية الإخراج حين يقوم بتجربته الأولى. وفي الآونة الأخيرة نشاهد الكثير من الأسماء "السعودية" تظهر على منصات التكريم، وهذا من أهم المحفزات لدخول الآخرين فن الإخراج.

صناعة الأفلام لا تعاني من أزمة قصص فالمجتمع زاخر بالقضايا والحكايا، ولكن النقص يكمن في كتابة السيناريو الجيد. لدرجة أن كثيراً من المخرجين خارج المملكة يأخذون قصص المجتمع السعودي، مثل المسلسل الأخير "طريق المعلمات" الذي يصف وضع المعلمات في المملكة، كذلك تكمن مشكلتنا في أن المجتمع لا يتقبل وجود كاميرا تصوير بالخارج؛ إلا إذا كان من جهه رسمية مثل التلفزيون. بسبب الاستخدام الخاطئ في تصوير الأفلام المحرجة؛ نشأت ردة فعل سلبية من المجتمع، كما يؤثر على المخرجين أصحاب الأهداف النبيلة.

بالنسبة للصور الفوتوغرافية فهي ثقافة تكبر يوماً بعد يوم ويتعرض المصور ل"ضريبة الشهرة" لذا نشاهد غياب الفكر والروح للصورة بسبب الانتشار الكبير للصور والمصورين. الدعم يعتبر أهم الأمور لاستمرار الشخص في أي مجال، أصحاب الخبرة دائماً مثل الأستاذ أحمد الملا يحتاجهم المجتمع في تطوير الفكر والسبب خبرتهم الكبيرة في الفنون التي تساعدهم لإيصال وتغير وتجديد الفن في المجتمع".

اللقطة الثابتة مميزة أكثر من المتحركة إذا التقطت باحترافية

طراد القحطاني مصور فوتوغرافي بدأ بالرسم فالفوتوغراف، له مشاركات عديدة ما بين تصوير الأفلام والتمثيل: "لا أعتقد أن التصوير الفوتوغرافي لبنة أولى للفنون البصرية، الفنون بشكل عام هي كيان واحد ولكن طرق التعبير عنها تختلف. فمن الممكن أن يتجه الرسام لصناعة الأفلام، وممكن أن يبدأ المخرج مباشرة بفن الإخراج دون المرور على الفنون الأخرى. فطرق التعبير الفنية متعددة ومتشعبة، أما المصور إذا تحوّل إلى مخرج أو مصور سينمائي فما يميزه أن لديه اهتمام دقيق في التكوين. نحن الفوتوغرافيون نعمل داخل "فريم" واحد؛ يجب أن نضع في فريم الصورة كل ما نستطيع من مشاعر وأحاسيس حتى نوصل فكرتنا من خلال صورة واحدة. قد تكون العناية الشديدة أثناء التصوير الفوتوغرافي للفريم تعادل ما يقابلها من مئات آلاف الفريمات في فيلم سينمائي!. اللقطات الثابتة بنظري تكون مميزة أكثر من المتحركة إذا التقطت من ذي خبرة واحترافية في التصوير الفوتوغرافي.

أما عن سبب تحول بعض المصورين للسينما أظنه يدخل في إطار التجربة. كثير من المصورين بعد سنوات من الفوتوغراف يكتشف أنه كان يسير في الطريق الخطأ والتصوير لا يشبع الشغف لديه، فيتنقل بين الفنون البصرية من تصوير ورسم وإنتاج الأفلام..إلخ. كلها تصب في مجال الإبداع البصري حتى لو ذهب للجرافيك ديزاين. الفنان يتنقل حتى يصل إلى الفن الذي يرضي شغفه، أما المصور الذي مارس التصوير وشعر بالملل فهو بالأساس لم يشعر بالرضا أو الشغف فيتحول إلى مكان آخر.

وعن المستوى الفني في مهرجان الأفلام السعودية يقول: "نتفق أن أسهل شيء في تعلم أو صناعة أي فن هو التقنيات. التقنيات من السهل تعلمها؛ خطوات مركبة تؤدي لنتيجة معينة. أما مسألة الفن بأخذ نص أو فكرة معينة ونحولها إلى منظور جميل هذا أصعب شيء في كل الفنون. نحن مبتدئون في صناعة الأفلام كشعب بشكل عام؛ ليس لدينا صالات سينما ونقاوم من خلال صناعة الأفلام. نجد كثيراً من الشباب لديهم ضعف في هذه الأمور؛ لأن كتّاب الأفلام السينمائية قليلون جداً، فيلجأ صناع الأفلام إلى كاتب قصة يحاول تحويلها إلى فيلم سينمائي. ثم يأتون بأناس لديهم خبرة بسيطة لكتابة السيناريو ثم يدخل عليه الحوار، فالخبرة الضعيفة في صناعة الأفلام هي السبب وكذلك قلة التخصص. فلا نجد -إلا نادراً- من يذهب للدراسة أو يسافر ليحتك بصناع الأفلام في الدول التي سبقتنا كثيراً ثم يعود بالخبرة. المسألة تحتاج فقط إلى الوقت حتى يبرز فنانون عندهم خبرة كافية في عمق صناعة القصة والصورة البصرية على حد سواء.

القصة تهم المشاهد بالدرجة الأولى

نادية فؤاد رضوان طالبة جامعة الأميرة نورة قسم التصميم الجرافيكي والوسائط الرقمية، صانعة أفلام وثائقية وروائية، صنعت أربعة أفلام مختلفة، شاركت بفيلم "جوجو" الوثائقي في مهرجان أفلام السعودية. تقول رضوان: "في المهرجان كانت الصورة في كثير من الأفلام أهم من القصة التي تستعرضها، فالقصة بالنسبة للمشاهد، والفكرة أهم بكثير. في المهرجان تفاوتت المستويات ونجد في بعض هذه الأفلام فكرة؛ ولكن ربما تكاد تكون غير واضحة، فنجد أنفسنا مستمتعين بالفيلم كصورة، لا كقصة، ومما يجدر الإشارة إليه أن بعض الأفلام تميزت في كلا الجانبين الفكري والتصويري كفيلم "كمان" الحائز على النخلة الذهبية وفيلم "القصاص" الحائز على النخلة البرونزية. أما بقية الأفلام فاعتمدت بشكل كبير على إيصال الفكرة والمفهوم وأعتقد أن ذلك يعود إلى عدم توفر كثير من الأدوات التصويرية من إضاءة وعدسات وأيضاً عدم تعمق الكثير من المخرجين في المعرفة السينمائية التصويرة، كيفية تسليط الإضاءة والتلاعب بالعدسات وسبب اختيار الزوايا وكون المشهد يبدأ من نقطة لينتهي بأخرى. وبشكل عام وجدنا في الأفلام، وإن وجدت الفكرة الجيدة، عدم صياغة واضحة لها، أي الاستعجال في كتابة السيناريو وعدم دراسته بشكل واقعي، وهذا أدى إلى ضعف في الفيلم بالرغم من جمالية الفكرة. لذلك من المهم جداً على كل مخرج، اختيار الفكرة ودراستها بشكل دقيق وصياغتها ومن ثم تحويلها لصورة، وكما يقول مارسيل كارنيه: "العناصر الضرورية لصنع فيلم ممتاز، الإصابة في اختيار الموضوع، وفي اختيار كل فرد من فريق العمل".

وتقول نورة الربيعان -صانعة أفلام-: "لحظة الالتقاط والإضاءة دفعتني للبحث أكثر عن التصوير الفوتوغرافي ك"فن". ولأن المبادرة هي أساس النجاح، لم أخجل رغم خبرتي التي لم تتجاوز السنتين أن أشارك بالمسابقات. بعدها بدأت مجال صناعة الأفلام بشغف لأني أردت أن انتقل من تجسيد الفكرة بصورة، إلى تجسيد الشعور بالفيديو. خلال ثلاثة سنوات حققت ما لم أتوقعه وأصبحت مدربة معتمدة لصناعة الأفلام، حصدت المركز الأول في مسابقة صناعة الأفلام التابعة لمنارات العطاء والمركز الثاني في مسابقة أقرأ مبادرة من أرامكو السعودية ومركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي ولله الحمد. ولأني مؤمنة بقوة الإعلام المرئي، أطمح أن أكون مُشاركة في تأسيس السينما السعودية داعمة لأي فكرة فنيّة تساهم في تغيير الفِكر وتعكس المجتمع السعودي كما نراه نحن لا الغرب".

الرياض السعودية في

01.04.2016

 
 

عن مهرجان الأفلام السعودية

بدر الإبراهيم

تتردد كلمة "الأفلام السعودية" في وسائل الإعلام هذه الأيام، تزامناً مع مهرجان الأفلام السعودية في موسمه الثالث، الذي أقامته جمعية الثقافة والفنون في الدمام. هذه الكلمة تبدو غريبة للوهلة الأولى، نظراً لعدم وجود صناعة سينمائية حقيقية في المملكة، لكن حضور هذا المهرجان وفعالياته، يُشعِر من يحضر بأنه أمام صناعة قائمة، بكثرة الأفلام المشاركة في المهرجان، والحضور الجماهيري الكبير في فترات العرض التي تواصلت لأربعة أيام، ويبدو أن المشاركين من كتاب ومخرجين، والجماهير الحاضرة لمتابعة إنتاجهم، يجمعون على تعطش لوجود صناعة سينمائية يمكنها أن تبقى حية بفعل التفاعل الجماهيري.

الأفلام المشاركة تعكس البيئة التي تعبر عنها، ليس فقط لناحية القضايا والمواضيع التي تطرحها، وإنما أيضاً لناحية عدم وجود محفزات وإمكانيات وخبرات كافية لإنتاج سينمائي قوي ومؤثر. الأفلام المشاركة في غالبيتها الساحقة هي أفلام قصيرة، اعتمدت على إبهار المشاهد بصرياً في دقائق معدودة، ولابد من التسليم بعدم وجود ما يدفع لإنتاج أفلامٍ روائية طويلة، كما أن أزمة النص التي ظهرت في غالبية الأفلام المشاركة هي أزمة عامة في المجال الفني العربي، وهي تبدو أوضح في الأفلام القصيرة التي لا يكفي أن تكون مبهرة بصرياً، إذ تحتاج إلى تكثيف فكرة معينة وعرضها بشكل مبهر على مستوى الأداء التمثيلي والمعالجة الدرامية.

بالتأكيد تعبر الأفلام المشاركة عن شغفٍ بإنتاج سينمائي أكثر من أي أمر آخر، وقد تكون في بعضها تجارب غير مكتملة وغير ناضجة، ما يجعل تشجيع التجربة يتخذ بالضرورة مسارين متوازيين: إبداء الإعجاب بمبادرة المخرجين والكتاب والممثلين الشباب، وتقديم نقدٍ رصين لتجاربهم وإقامة نقاشاتٍ فنية جادة وبعيدة عن المجاملات حولها، إذ لا يكفي إبداء الإعجاب والقول إن التجربة تتطور مع الزمن، فتجاربٌ من هذا النوع بحاجة إلى نقدٍ وتوجيه كي لا تتوقف في نفس المكان، أو يسيطر الغرور على أصحابها فيعجزون عن تطوير أدواتهم.

يلفت النظر في المهرجان وجود فئة الأفلام الوثائقية، وهذه صناعة نحن بحاجتها لسبر أغوار عدد من القضايا والمواضيع الهامة، وقد عُرِضت أفلامٌ وثائقية تراوحت مستوياتها، لكن وجود هذه الفئة من الأفلام أمر جيد بحد ذاته، وتستحق هذه الفئة تشجيعاً أكبر في المواسم المقبلة، خاصة لجهة طرح قضايا اجتماعية وثقافية وتاريخية يمكن عرضها بشكل مبتكر، وإفادة المشاهدين حولها بتعمق.

تظل مبادرة جمعية الثقافة والفنون بالدمام، رغم كل قصورٍ قد حدث، أمراً يستحق الإشادة والتقدير، فقد أوجد مساحة لصناع الأفلام السعودية، والمهتمين بها وبتطويرها، وهذا دورٌ لابد أن تلعبه أي مؤسسة ثقافية، تسعى لإنعاش الحياة الثقافية.

اليوم السعودية في

01.04.2016

 
 

مهرجان أفلام السعودية الثالث..أفلام تغوص في الواقع المحلي بإبداع

يوسف شغري - لدمام

ضمن تظاهرة مهرجان الأفلام السعودية الذي أقيم في الدمام، يمكنك أن تتوقف عند بضعة أفلام تشد انتباهك من المشاهدة الأولى مثل فيلم محمد سلمان الوثائقي ( أصفر) والفيلم القصير جداً ( طقطقة ) لوشل حمدي، والفيلم الروائي ( كمان ) لعبد العزيز الشلاحي و(بسطة ) لهند الفهاد وفيلم ( أديب ) لعون الملا وغيرها.

في الفيلم الوثائقـــــــــــي ( أصفر ) يركز الفنان محمد سلمان الضوء على فئة سائقي سيارات الأجرة، واللون الأصفر هو لون هذه السيارات وخصوصاً القديمة منها. ومن خلال تعليقات السائقين الحقيقيين وانتقاء هؤلاء من قبل الفنان سلمان، ندخل عوالم هؤلاء الناس الذين يعيلون أسراً بعملهم على تلك السيارات القديمة.

يقول سلمان :" لقد أمضيت مع هؤلاء الناس حوالي أسبوع وأنا أصورهم وأرصد ما يقولون. لقد وجدت عالماً غنياً حاولت أن أعكسه في فيلمي ". ولا شك أن الفنان سلمان قد أبدع بتركيز الضوء على هذه الفئة من المجتمع السعودي بلغة سينمائية ذكية، ومن خلال المونتاج المرهف للمادة الغنية التي جمعها فجاء إيقاع الفيلم رشيقاً. وتلقى الفيلم متابعة وتفاعلاً من قبل الجمهور. لقد قدم سلمان متعة واكتشاف عالم هؤلاء الناس مركزاً على أن الحياة تتجاوز القديم إلى الجديد.

وفي فيلم (طقطيقة ) لوشل حمدي، يركز المخرج على الإزعاج الذي يتعرض له الناس نتيجة للضجيج الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية من الملوثات كتلوث الجو بالغازات المنطلقة من المصانع وعوادم الآليات. يستخدم وشل حمدي المؤثرات البصرية و الصوتية بكثافة في فيلمه القصير جداً هذا من خلال ممثل وحيد يلاحقه ضجيج لعبـــــــة (الطقطيقة) مهما فعل وحتى بعد أن يثقب طبلتي أذنيه.

لقد متعنا فيلم عبد العزيز الشلاحي الروائي ( كمان ) الذي يصور شاباً سعودياً متديناً في مدينة برلين وتحدث الصدمة عندما تتعاكس مفاهيم المجتمع الغربي مع معتقداته ومنها وجود بعض التذكارات في الشقة التي استأجرها مثل بعض الدمى وكمان تركته فتاة كانت تعزف عليه قبل أن يسكن في الشقة بطل الفيلم. يطلب الشاب إزالة هذه الأشياء من الغرفة لكن المؤجرة تقول له: إن ذلك غير ممكن فيطلب منها تغيير الشقة فتعده بذلك لكن الأمر يحتاج إلى وقت. ومن خلال هذا الوقت يسمع موسيقى تخرج من الكمان وكأن روح صاحبته الفتاة لا تزال فيه – ويدخل في حوار معه – ومع التفاعل تتطور مفاهيم الشاب ويفهم من جاره أن الموسيقى من لغة الحياة فهناك صفير الرياح وصوت موج البحر ..الخ، لقد نجح الفيلم بنقل الصدمة التي تعرض لها بطل الفيلم بحيث ينتهي الفيلم وقد تغيرت مفاهيمه التي حفظها.. باختصار، يتنصر الفيلم للفن وللموسيقى وأنها لغة الحياة _ والفيلم الذي فاز بالنخلة الذهبية للأفلام الروائية يستحق الفوز بجدارة لتناوله هذه القضية، والرؤية الإخراجية المبدعة واستخدام الموسيقى بشكل مرهف في الفيلم.

وفي فيلم ( بسطة ) للمبدعة هند الفهاد، تتناول المخرجة حياة شريحة من النساء اللاتي يعشن من كدهن ليعُلْن أسرهن. بطلة الفيلم تبيع في "بسطة " في السوق ويشير الفيلم إلى ما تتعرض له من صعوبات وضغوط.

يفتتح الفيلم بابنها يوصلها إلى السوق بعد غياب أسبوع بسبب مرضها، فتجد أن مكان بسطتها قد احتلته امرأة أخرى. فتنتقل إلى مكان آخر. ويهتم لأمرها الشرطي في السوق بهدف أن يضمها إلى زوجاته لكنها ترفض وينتهي الفيلم بما يشير إلى قبولها مرغمة نتيجة حماية الشرطي لها في السوق.. فيلم مرهف يغوص في المحلية والواقع الذي تعيشه بعض النساء.

أما فيلم ( أديب ) لعون الملا الذي قال: إن الفيلم أنجز سريعا خلال أسبوع ليشارك في المهرجان. ومع ذلك فقد نجح بالتركيز على أحد الشعراء المبدعين وهو مثقف يعشق القراءة ويسخر منه الكبار أحياناً لكنه يثير اهتمام الأطفال عندما يطلب منه طفل أن يعيره بعض القصص ليقرأها. فيعده أن يقرأ للأطفال قصة و بالفعل يجد الأطفال ينتظرون وقد تجمعوا ليقرأ لهم القصة. وتنتقل الكاميرا بين وجوه الأطفال الذين يركزون اهتمامهم على ما يقوله الأديب. ثم يبحث في مكتبته عن قصص فلا يجد قصصا ويرى كتبا ملقاة في الزبالة فيتابع سيارة الزبالة إلى المكب، حيث يعثر على كرتونة فيها الكتب، ويحملها إلى البيت وكأنه حصل على كنز. وبالفعل يجد مع الكتب بعض المال فيشتري طابعة ودراجة وينسخ قصص الأطفال ويذهب إليهم لكنه لا يجدهم ويجد المكان الذي قرأ لهم القصة فيه محطماً. فيقوم بتوزيع القصص على بيوتهم ويترك الدراجة لأحد الأطفال الذين يحلمون بالحصول على دراجة. يسلط عون الملا الضوء على هذه الفئة المبدعة وموقفها الإنساني العميق من الثقافة والطفولة، وكذلك كيف ينظر المجتمع إلى هذه الفئة. فرغم الزمن القصير لإنتاج الفلم فقد نجح أن يوصل المقولة والنظرة الإنسانية للفنانين والأدباء.

لقد نجح المهرجان في دورته الثالثة أن يقدم أفلاماً جدية وجيدة لامست الواقع المحلي وقضايا المجتمع بقوة. وكرس أيضاً احتفالية حاشدة متعددة النشاطات استقطبت جهات عديدة لدعم هذه الاحتفالية. وربما يكون أهم إنجازات الدورة الثالثة للمهرجان تثبيته وموافقة المسؤولين على استمرار التظاهرة، وأن الدورة الرابعة للمهرجان حقيقة واقعة. وهذا سيكرس فن السينما في الحياة الثقافية.

اليوم السعودية في

02.04.2016

 
 

البازعي: السينما القوة الناعمة القادمة

خالد قماش - مكة المكرمة

أكد رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي أن وزارة الثقافة والإعلام تعتزم تنظيم مزيد من مهرجانات الأفلام في عدة مدن سعودية، كما أن الجمعية بدأت اتصالاتها لتنظيم عروض أفلام سعودية في دول مختلفة بعد التنسيق مع سفارات السعودية وعدد من المؤسسات الثقافية الدولية، جاء ذلك خلال الحفل الختامي في مهرجان «أفلام السعودية» الذي أقيم أخيرا في الدمام.

وعن هذا الشأن قال البازعي متفائلا: «إذا وجدت الإرادة لم نعدم الوسيلة» وأضاف حول الدعم المادي الذي تحتاجه الجمعيات التي تعيش منذ زمن فترة تقشف، وكيفية دعم هذه المهرجانات:» مهرجان الأفلام حقق حضورا دوليا لافتا، وما زلنا نأمل أن يحقق هذا النجاح تغيرا في توجه القرار نحو دعم الفنون باعتبارها من أهم أدوات القوة الناعمة».

وبين البازعي أن أزمة صالات السينما ستكون قابلة للتغير عندما يكون لدينا كم من الإنتاج القوي والمنافس والذي سيفرض نفسه، وتابع أن ما ينتجه ويخرجه الشباب المبدعون ليس له علاقة بصالات السينما التجارية.

وفيما يخص المراكز الثقافية لفت البازعي إلى أن وزارة الثقافة والإعلام أنشأت خمسة مراكز في القصيم وحائل والجوف والمدينة وجازان نسعى مع الوزارة لتمكين الجمعية من استخدامها، وأضاف في فترة سابقة استخدمت جمعية الفنون مركز حائل، وسنعمل على تفعيل دور بقية المراكز المجهزة بالقاعات والإمكانات الكبيرة، هربا من المباني المستأجرة التي تستنزف مبالغ ضخمة تُدفع للإيجارات، في محاولة للاستفادة من هذه المبالغ لمصلحة الأنشطة والفعاليات.

وختم البازعي بقوله: لدينا دعم كبير من الوزير، ولكن تنقصنا الاستراتيجية الواضحة والتي بناء عليها قد تصدر قرارات تشرعن عمل كل الأنشطة الثقافية والفنية لتسهم في بناء الإنسان من منظور تنموي شامل.

مكة المكرمة السعودية في

02.04.2016

 
 

سعود بن نايف وعادل الطريفي في المهرجان

د. مبارك الخالدي

التهبت الأكف من التصفيق وارتفعت الأصوات بالهتاف المعبر عن الابتهاج عندما زفّ الأستاذ سلطان البازعي، رئيس مجلس ادارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، الى جمهور حفل افتتاح مهرجان أفلام السعودية الثالث، خبر دعم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف للمهرجان، وتأكيد سموه، حفظه الله، أن يكون المهرجان علامةً فنيةً ثقافية فارقةً للمنطقةِ الشرقية.

وفي حفل الختام في مسرح إثراء (ارامكو السعودية)، كان صُنّاعُ الأفلام والجمهورُ على موعدٍ مع بشارةٍ ثانيةٍ، طيّرها البازعي في فضاء الحفل سحابةً أمطرت فرحاً وأملاً وتفاؤلاً بمستقبل مضيء لصناعة الأفلام، حيث نقل البازعي عن وزير الثقافة والاعلام الدكتور عادل الطريفي توجيه معاليه الى تنظيم مهرجانات سينمائية في مناطق أخرى. وكان طبيعياً أن تُدوِّي في خيمةِ "إثراء" عاصفةٌ ثانيةٌ من التصفيق وتنطلق هتافات الفرح.

وما بين التصريحين وعاصفتي التصفيق وحالتي الابتهاج الأولى والثانية، امتدت نهارات ومساءات المهرجان حافلةً بعروض الأفلام الروائية القصيرة والوثائقية وأفلام الطلبة، وبالورش، وبالنقاشات والحوارات في الجمعية، وفي مقر إقامة ضيوف المهرجان. كان مهرجاناً حقيقياً، ومبهجاً وجميلاً بالفعل، وموسماً قصيراً لعطاءٍ وحصادٍ كبيرين، اجتهد المنظمون على أن يضاهي المهرجانات السينمائية العالمية الشهيرة في الإعداد والترتيبات والتنظيم، رغم الفوارق الهائلة في الامكانات المادية.

لم يعد مهرجان أفلام السعودية قابلاً للثبات والجمود، فلقد عاد العام الماضي ليستمر ويتطور، هذا ما يعنيه الدعم الذي تلقته جمعية الثقافة والفنون بالدمام من لدن سمو أمير المنطقة، وتأكيده أن يكون مَعْلَماً ثقافياً كبيراً وعالياً على خريطة الإبداع والعمل الثقافي في الوطن. لقد قذف سمو الأمير الكرةَ في مرمى الجهة المنظمة وصُناّع الأفلام في جميع أرجاء الوطن ؛ فعلى عاتقهم تقع مهمة الارتقاء بمستوى المهرجان تنظيماً وبمستوى الأفلام فنياً وجمالياً وفكريا.

لن يكون الارتقاء بمستوى الأفلام سهلاً، ولكن لن يكون مستحيلاً، مع وجود الإرادة والرغبة الجادة لدى صُناّع الأفلام الشباب في صقل مواهبهم وتطوير قدراتهم وثقافتهم السينمائية، رومهاراتهم الفنية في مختلف مجالات انتاج الأفلام. إن اقتناء أحدث آلات التصوير لن يضمن بمفرده أفلاماً بجودة عالية، وماتعة ومبهرة فنياً وجماليا؛ فالرهان دائماً على الانسان حين يأخذ عمله على محمل الجد، ويؤمن أن النجاح لا يتحقق بناءً على النوايا، إنما بالعمل المتواصل والدؤوب.

على صُنّاع الأفلام الشباب أن يضعوا أمام أعينهم دائماً حقيقةَ أنهم يتوجهون الى جمهورٍ ذي ذائقة فنية راقية وثقافة سينمائية حَرِيَّةٍ بأن تؤخذ بعين الاعتبار، وألاّ يُستهان بها. إنه ليس كجمهور البدايات السينمائية الذي فرّ من أمام الشاشة هرباً من القطار في فيلم الأخوة لوميير.

يقول استاذ الكتابة السينمائية وانتاج الفيديو في جامعة آرهوس /الدنمارك ريتشارد راسكن: "عندما تكون الأفلام القصيرة في أفضل حالاتها، فانها تروي قصصها باقتصاد رائع الى درجة خطفها أنفاسنا. فنجد أنفسنا مسحوبين الى داخل عالمها، عالقين في حيوات شخصياتها... لنخرج في النهاية وقد أثرتنا التجربة بعمق - كل ذلك في خمس أو عشر أو خمس عشرة دقيقة".

في انتظار أفلامٍ قصيرةٍ تخطفُ الأنفاس وتُثْرِي بعمق "في لمح البصر" في المهرجانات القادمة!

اليوم السعودية في

03.04.2016

 
 

شجون

أرباح مهرجان «أفلام السعودية»

رجا المطيري

أول مكسب لمهرجان "أفلام السعودية" أنه أعلن بكل وضوح عن وجودٍ ملموسٍ للسينما على أرض الواقع، فبعد سنوات من شتات السينمائيين السعوديين وتنقلهم بين المهرجانات الدولية والخليجية، أصبح لهم الآن مكان يلتقون فيه داخل وطنهم، يعرضون من خلاله أفلامهم على الجمهور المحلي الذي صنعوا هذه الأفلام من أجله. أكثر من 70 فيلماً عرضها المهرجان تقول بصوتٍ عالٍ إن السينما السعودية واقعٌ لا يمكن تجاهله، وإن مخرجيها من الجنسين صامدون ومصرون على صنع الأفلام مهما كانت العوائق، ولهم من الجمهور ما يغريهم على الاستمرار. وأمام واقع مثل هذا، بما يضمه من أعداد كبيرة من مخرجين ومتابعين، ليس من الذكاء أن نستمر في إهمالنا لهذه الصناعة الوليدة، وأن نتعامى عن حقيقة أن هؤلاء سيصبحون في المستقبل سفراءنا في الخارج.

لم تعد السينما ترفاً في وقت نحتاج فيه إلى صوت ينقل واقعنا إلى العالم ويقف في وجه الأصوات المعادية، وفي وقت نرى فيه صناعة السينما تحتل مكاناً محورياً في اقتصادات الدول المتقدمة. وبالنسبة لمجتمع حديث عهد بالسينما مثل مجتمعنا فإن ظهور مخرج سينمائي مبدع يعد حدثاً استثنائياً ومدهشاً، فكيف ومهرجان الدمام يقدم لنا أكثر من اسم مبدع في الإخراج والتصوير والتمثيل والسيناريو، لا شك أنه أمر مفرح ومبهج، وهو برأيي المكسب الأكبر من المهرجان.

في الدورة الثالثة التي اختتمت قبل أيام وقفتُ عند ثمانية مخرجين يمتلكون رؤية ووعياً وإبداعاً يفوق أعمارهم، مبدعون يستحقون الاحتفاء والرعاية والاهتمام لأنهم نجوم المستقبل ومن سنراهن عليهم إذا ما تحركت عجلة الصناعة السينمائية في المملكة. وهم: هند الفهاد، عبدالعزيز الشلاحي، محمد الهليل، عبدالله أبو الجدايل وهناء الفاسي في الأفلام الروائية، وفيصل العتيبي ومحمد سلمان وعبدالرحمن صندقجي في الأفلام الوثائقية.

قدمت هند الفهاد في فيلمها "بسطة" حكاية بسيطة عن امرأة تبيع على الرصيف في أحد الأسواق الشعبية. كنت أعتقد أن المخرجة ستتناول فكرتها بالمثالية الساذجة التي اعتدناها في الكثير من الأعمال الخليجية، بأن تكتفي بتقديم قضية البائعات وتصور واقعهن، لكنها بذكاء وبلغة تعبيرية جريئة أخذت موضوعها إلى أبعاد أوسع جعلت من الفيلم صورة للمجتمع ولواقع المرأة فيه. أما محمد الهليل الذي لم يبلغ العشرين عاماً بعد فقد قدم في فيلمه "ماطور" رؤية فنية ناضجة، واستغل ظرفاً طارئاً لبطل فيلمه حارس الأمن ليلقي ضوءاً على أطياف منتقاة من المجتمع والاختلاف بينها.

فيلم "كمان" للمخرج عبدالعزيز الشلاحي كان هو النجم الأكبر في المهرجان، لأنه مفاجئ ومختلف في فكرته وأجوائه، ولأن من صنعه مخرج صغير في السن، أعلن من خلال فيلمه هذا، وفيلمه السابق "عطوى"، أنه يملك روح فنان حقيقي يلتقط أفكاره بذكاء ويرسمها بجمال على سطح الشاشة. في "كمان" يعرض الشلاحي حكاية رجل يدخل في علاقة ملتبسة مع آلة "كمان" وجدها في الشقة التي استأجرها في ألمانيا؛ علاقة تتطور من رفض متشنج في البداية إلى مساءلة ثم تفهم ثم حب وافتتان. فكرة ممتازة تم تصويرها في قالب جميل يبعث على الزهو بالحياة. العناية بالتفاصيل الصغيرة نجدها في فيلمي "السحور الأخير" و"قصاص" لهناء الفاسي وعبدالله أبو الجدايل، حيث الصورة الجميلة والمونتاج الممتاز والأداء المتقن من جميع الممثلين، إضافة إلى قدرة المخرجين على صناعة حدث جذاب يجبر المشاهد على المتابعة حتى النهاية، وهذه مواصفات فنية متقدمة لا نجدها حتى عند كبار المخرجين التلفزيونيين السعوديين. في حين يأتي فيصل العتيبي ومحمد سلمان وعبدالرحمن صندقجي بأفلامهم الوثائقية "المتاهة" و"أصفر" و"آلزهايمر" ليقدموا وثائق من واقعنا صنعت بجودة عالية تعبر عن إمكانات تستحق الاهتمام.

هذه المواهب المبدعة، الجاهزة، والتي أعلنت بوضوح عن إمكاناتها، لم تعد بحاجة إلى عرض أفلامها فقط، بل تحتاج أيضاً إلى دعم مادي لصناعة المزيد من الأفلام، وهنا نتمنى من جمعية الثقافة والفنون أن تضع ضمن مسؤولياتها مساعدة المخرجين - المتفق على تميزهم - في إنتاج أفلامهم، إما دعماً لوجستياً أو دعماً مادياً مباشراً، لأن هؤلاء هم من سيصنع ذاكرتنا وهم من سيحمل صوتنا إلى العالم. هم رأس المال وهم الربح في نفس الوقت.

الرياض السعودية في

07.04.2016

 
 

أحمد المُلّا.. شاعر يقود حُلم السينما فى السعودية

بقلممها شهبة

بين السينما والشعر خيط رفيع يمسك به الشاعر والناشط الثقافى السعودى المعروف أحمد الملا. وهو يكتب القصيدة مستفيدا فى مرات كثيرة من تقنيات السينما فى الضوء والتكوين واللقطات السريعة والفلاش باك الذى يعود بالزمن إلى ما وراء الذاكرة. وهو فى السينما يمسك بروح القصيدة ممتطيا مهرة المغامرة ومدشنا مهرجانا سينمائيا فريدا فى بلد لا تعترف للسينما بمكانتها بعد.

ومنذ العام 2008 يمارس الملا حلم السينما كقصيدة طويلة ومغامرة ترفض الانصياع لموقف مجتمعى لا يزال ينظر إلى السينما بريبة. ولكن يأمل الملا أن مهرجان السينما السعودية فى دورته الثالثة والتى انتهت قبل أيام بمشاركة 70 فيلما قد يغير تلك النظرة فى المملكة إلى السينما وأهميتها.

ويدير الملا جمعية الثقافة والفنون بمنطقة الدمام شرق المملكة العربية السعودية، والتى تحتضن إبداعات الشباب السعوديين فى مجالات الفن التشكيلى والسينما، بالإضافة إلى الإبداع الأدبى فى الشعر والقصة.

الملا قال للأهرام إن دورة السينما هذا العام كانت واعدة من حيث عدد الأفلام المشاركة فى قسميها ومن حيث المستوى الفنى المتميز الذى كشف عن أمل كبير للسينما السعودية.

وعن الجديد الذى كشفت عنه الدورة الاخيرة من اتجاهات السينما الشابة فى السعودية، يقول الملا: إن الدورة الجديدة كشفت عن مزيد من الشغف بين صناع الأفلام السعوديين لاسيّما من الشباب. حيث تم تسجيل 112 فيلما تم إنتاجها فى أقل من عامين (حسب أحد شروط المشاركة التى تقتصر على الأفلام الجديدة) إضافة إلى المستوى المتقدم من حيث الجودة، التى أجبرت المنظمين على قبول 70 فيلما.

والأمر نفسه حدث مع مسابقة السيناريو التى شارك فيها 70 فنانا، تم قبول 35 سيناريو منها قابلة للتنفيذ. كما شهد المهرجان عروضا أولى لـ45 فيلما صنعها الشباب العاشق للسينما بالمملكة.

"يعتمد المهرجان كل قواعد العمل فى الفعاليات السينمائية الكبيرة فله لجنة مشاهدة للأفلام وقراءة للسيناريو لتطبيق واستيفاء شروط المهرجان تجيز الأفلام المرشحة للمشاركة وفق معايير الجودة والدقة والاحترافية. ويستمر نشاط المهرجان لمدة 5 أيام متواصلة حيث تجرى العروض ويلتقى فيها صناع الأفلام والضيوف فى مكان واحد بين الورش والندوات والعروض واللقاءات والحفلات إضافة إلى الجوائز من لجان تحكيم مكونة من الخبرات الفنية".

ويتمنى الملا أن ينجح المهرجان مستقبلا فى تطوير كل آلياته الفنية وكوادر العاملين والخبرات الإدارية بمن فيهم السينمائيون العرب وغيرهم بحيث يسمح بمشاركة فنانين عرب فى فعالياته او فى لجان التحكيم الخاصة به فى الدورات القادمة.

- "الأب الروحي"

قصة السينما فى السعودية لا يمكن ذكرها أو الكتابة عنها من دون ذكر المخرج السعودى الذى تم تكريمه فى الدورة الأولى للمهرجان باعتباره أبا روحيا للسينما الشابة، ونعنى به عبدالله المحيسن الذى يقول الملا عنه:

"يعتبر المخرج عبدالله المحيسن من رواد السينما. فهو أول من أخرج فيلما سينمائيا (1975م) تنطبق عليه المواصفات الفنية. كما أنه استمر طيلة السنوات التى تلت يواصل بجد ودأب على الإنتاج، ومنه استلم عدد من صناع الأفلام الشباب الراية. مما دعانا فى دورة المهرجان الأولى إلى اختياره الشخصية المكرمة للمهرجان".

وقد يتساءل البعض: هل نجحت السينما السعودية التى انطلقت شرارتها منتصف السبعينات، أى بعد فورة النفط، فى التحول من تجارب أو مغامرات إلى صناعة، من حيث حجم وعدد الأفلام، أم أنها لا تزال سينما تجريبية يقوم بها مغامرون من الشباب؟ فى إطار هذا التساؤل فإن المّلا يرى أنه لا توجد صناعة سينما فى المملكة، إذ لا توجد صالات عرض تجارية، ولا نطاق عمل واضح ومقنن، وليست هناك معاهد أكاديمية فى هذا المجال، ورغم ذلك يملك الشاعر السعودى قدرا من التفاؤل عندما يصف الواقع السينمائى بقوله: "كل ما هنا إنما هو طاقات فردية مستقلة يدفعها شغف الهواة من صناع الأفلام، وهم يتحركون فى موجة إثر أخرى. تنمو وتندفع بشكل عارم". ويعترف الملا بعدم قبول الشعب السعودى بعد لفكرة وجود سينما، ويعوّل على قرار سيادى بدعم السينما، ساعتها - كما يقول - سيتقبلها الأغلبية من المجتمع.

وهنا يمكن أن نمد خيط السؤال: متى يتقبل المجتمع السعودى فكرة السينما ومهرجاناتها ولماذا ينتشر فى المملكة الفن التشكيلى باعتباره فنا صامتا ولا تنتشر فنون الكلام كالسينما والمسرح بالدرجة ذاتها؟

حول هذا يقول: "الفنون الفردية بطبيعة الحال تنجو من تحكم المحيط العام (الرسمى والاجتماعي)، على عكس الفنون الجماعية الإنتاج. أما متى يتقبل المجتمع، فلست ممن ينشغل بالتنبؤ قدر انشغالى بتحريك المشهد ودفعه قدر استطاعتي. نعم ليس هناك ضوء واضح فى النفق لكننى أراه بقلبي".

ورغم أن هناك رجال أعمال خليجيين يدعمون الأفلام فى هوليوود، فإن الملا واضح تماما فى عدم التعويل عليهم. لأن رأس المال جبان، كما تقول القاعدة الاقتصادية، يتحين القبول أولا ليقفز ويستفيد بينما يقف المثقف بيدين عاريتين يتحمل هذا العبء وحده حاليا. وإذا أردنا أن نقرأ خارطة السينما فى السعودية، وأى نوع يفضله الشباب: الأفلام الروائية القصيرة أم الوثائقية، فعلينا أن نتوقع إجابة صادمة من الملا، فهو لا يجامل ولا يتجمل ولا يجمل الواقع السينمائي، بل يرى أن الهم الاجتماعى يتصدر الخطاب الفنى فى كل الأشكال والصيغ، الروائية والوثائقية والتحريكية، وهو نابع من رغبة فى إطلاق الصرخة التى ضلت طريقها وتريد قول كل شيء دفعة واحدة. "وهى حالة تعبيرية معتادة فى البدايات، يعود النفَس بعدها إلى طبيعته ويعود الانتباه إلى لغة السينما المتأملة فى تفاصيل الحياة".

- حديث الشعر

والملّا لا ينسى قصيدته، ولكنه لا يراها فى الكتابة الشعرية فقط، فقد قال فى حوار سابق له: أرى الشعر فى النص - بمعناه الأعم - وليس القصيدة فقط، أرى كلّ ما هو حيّ ونابض فى الحياة نصًا، أحيانًا يمتلك شعرية ظاهرة وأحيانًا يخبئها، وبالأحرى أرى الشعر فى العين الناظرة.

أطرب للنصوص الشعبية مثلما أتلمس شعرية السينما والنحت والتشكيل والقصة والرواية. كل ما هو إنتاج إبداعى مقصود. وما الشكل إلا اختيار تعبيري، كثيرًا ما كان تأثيرًا خارجيًا على المبدع، صاغته له بيئة مثل بيئتنا الأبوية.

والشاعر، الذى فضل إرجاء حديث الشعر كاملا إلى حوار آخر لأنه كان مستغرقا تماما فى فعاليات المهرجان السينمائي، استثنى سؤالا عن جائزة قصيدة النثر فى السعودية، وهو الذى فاز بها مؤخرا.

الأهرام اليومي في

09.04.2016

 
 

كتاب ومثقفون يتهكمون وينتقدون توجه الجمعية

«تبنّي الثقافة والفنون» لـ «السينما» .. إيمان بالفن السابع أم هروب من الفشل؟

الدمامإبراهيم جبر

·        العثمان: «الجمعية» حالة من التخبط والارتجال والفوضى تعيشها

·        السحيمي: غسلت يدي بالماء والصابون منهم حينما أعلنوا «التقشف»

·        الحمد: العاملون في الجمعيات مظلومون .. ويستحقون التشجيع

·        أبو عائشة: وصلنا إلى طريق مسدود فتوقفنا.. والواقع تغير كثيراً

·        العبد المحسن: عزوف بعض المؤلفين للمسرح عن الكتابة بسبب نقص السيولة المادية

تهكمٌ وانتقادٌ وسخريةٌ وتساؤلاتٌ عديدةٌ طرحها كتابٌ ومثقفون في آرائهم حيال قضية تبني الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون لـ«السينما»، وذلك رداً على أسئلة طرحتها «الشرق» لبحث أغوار الموضوع، وهي: هل نجحت الجمعية بفروعها الـ «16» خلال «45» عاما في النهوض بالفنون المختلفة من مسرح وموسيقى وفنون أخرى؟ وهل استطاعت أن تخدم الفنان السعودي أم ضاعت وأضاعته؟ ولماذا تتبنى الجمعية مهرجانات «الأفلام القصيرة» وهل هي مؤهلة لذلك ولديها خطة؟ أم إن الأمر لا يعدو الظهور الإعلامي؟، كل هذه الأسئلة أجاب عليها أهل الثقافة والفنون وتطرقوا إلى غيرها.. في ثنايا الأسطر التالية..

تخبط وارتجال

يرى الفنان حمد العثمان أن توجه الجمعية لـ«السينما» يدلّ على أنها تعيش حالة من التخبط والارتجال والفوضى وقال «عليها أن تهتمّ بنشاطها الأساس، ثم بعد ذلك تتبنى الأنشطة الأخرى واستغرب إقامة مهرجان كبير للأفلام وتجاهل المسرح والمسرحيين، خاصة في يوم المسرح العالمي الذي تحتفل به كافة شعوب الأرض».

اجتهادات فردية

وتهكم الكاتب محمد السحيمي على جمعيات الثقافة والفنون ووصفها بـ «القمعيات»وقال بأسلوبه الساخر «أنا لا أسميها جمعيات اسميها «قمعيات» وقد غسلت يدي بالماء والصابون وكل المعقمات منها حينما أعلنوا «التقشف» يفترض أن أبسط الأدوار الموكلة بها هي أن توفر ميزانية معقولة للأعمال التي يجب أن تقوم بها، وهي حق للمجتمع وحق للوطن أستاذي عبدالله الغذامي، قال «إنه يجب أن يحاكم هؤلاء الذين قصروا في حق من حقوق المجتمع وهو الفن» لم يدعموا الفن حتى اليوم بما يستحق، لا يوجد لدينا مسرح ومع ذلك يحتفلون بيوم المسرح العالمي، بالنسبة للسينما هل درب القائمون عليها أم إنها اجتهادات فردية هي لم تخرج من مظلة أكاديمية وعلمية وبيئة صحيحة ولذلك فهي اجتهادات فردية، والاجتهادات الفردية منذ أحمد السباعي إلى اليوم مرهونة بحماس أفرادها بقدر ما يكون صاحب الجهد الفردي متحمسا للفكرة. فتعيش معه الفكرة فإذا أحبط أو لم يجد من يدعمه أو توقف لأي سبب من الأسباب توقفت كل جهوده.

قصور شنيع

وأضاف السحيمي «الجمعيات مسؤولة عن هذا القصور الشنيع الذي لن تغفره الأجيال لنا وسأضرب مثالا قلته في معرض الكتاب حينما كرم بعض المسرحيين .. على أي شيء تكرم المسرحيين.. وكيف تكرمهم ؟ إنني ألمع نفسي على حسابك وبلغتي أقول «أهايط» بتكريمي لهذا الرائد أو ذاك كأنني اختلس جهوده الفردية وأنسبها لنفسي، ألمع نفسي وأكرم نفسي بصورة أحد الرواد الذين أفنوا أعمارهم في الجهد الذاتي ..التكريم لا يكون بهذا الشكل.. حينما أريد أن أكرم مسرحياً مثلا أبني مسرحا حقيقياً وأطلق اسمه عليه، أنشئ أكاديمية فنية وأطلق اسمه عليها، برأيي الجمعيات تريد أن تتسول الشهرة وتتسول الوجود وتريد أن تشرعن وجودها وهي لم تقدم شيئا للفن، بالواقع تريد أن تقول دعمت المسرحيين دعمت السينمائيين وهو دعم شفوي معنوي فقط فلا يوجد دعم مادي حقيقي، بالواقع المسرحيون والسينمائيون بجهودهم الذاتية هم ينعشون الجمعيات ويذكرون الناس بأنها موجودة.

هروب من الفشل

يقول المسرحي الدكتور عبدالله العبدالمحسن: ما انفك البعض يرى بأن الأفلام القصيرة قد تكون هروبا من فشل الجمعية في النهوض بالمسرح وآخرون يرون بأنها قابلة للجدل والتبريرات، وإنني أرى أن وجهات نظرهم تتطلب اشتغالا برأيهم تحليلا وليس فقط نقديا بل ننظر التفاوت المتعدد الدوافع والأسباب كعزوف بعض المؤلفين للمسرح عن الكتابة المسرحية ونقص السيولة المادية إضافة إلى تغليب المصلحة الذاتية لبعض أعضاء الجمعية في تفضيلهم للمسرح أو للأفلام القصيرة وعوامل أخرى.

دعم مادي

وكان للكاتب والمخرج عبدالرحمن الحمد رأيا مختلفاً حين «أعتقد أن طرح السؤال بهذا الشكل فيه ظلم للعاملين في الجمعيات وهم يتطوعون بوقتهم وجهدهم ويحفرون بالصخر ويستحقون التشجيع، السينما دراما مثلها مثل المسرح، السؤال الذي يجب أن يطرح على وزارة الثقافة والاعلام، لماذا تدعم الأندية الأدبية بملايين الريالات وتترك الجمعية دون دعم مادي؟ تشحذ كي تقيم أنشطتها، لا يوجد للجمعية مقرات وكل فرع لديه أرض، يجب أن تدعم الجمعية كما تدعم الصحة والتعليم، القصور في الإمكانيات فهي صفر وجزى الله الأخوة العاملين في الجمعية عنا كل خير.

طريق مسدود

من جانبه قال مدير جمعية الثقافة والفنون في الدمام في البدايات عبدالوهاب أبوعائشة: «استلمت فرع الدمام 7 سنوات قبل 35 عاما ..الوضع تغير، في السابق كان الجميع مستعدا أن يعمل بالمجان بالكلمة الطيبة، كان لدينا نشاط منهجي شهري وبالرغم من ذلك نحن نقيم حفلا كل 15 يوما، الكل يعمل فقط ويريد أن يطور نفسه ثم وصلنا لطريق مسدود فتوقفنا».

دعم ذاتي

وأضاف أبوعائشة «كانت ميزانية المسرحية تصل إلى مائة ألف ريال وكان التليفزيون يصور المسرحية ثم يعرضها ويعطينا مائة ألف ريال أخرى وكان لدينا دعم ذاتي من إيراداتنا من الحفلات التي نقيمها للجمهور.. حفلات غنائية ومسرحيات والدخول «كان بفلوس وليس بالمجان»، كان هناك قسم للموسيقى وقسم للمسرح والتصوير الفوتوجرافي.. كان هناك أساتذة يدرسون الفنون .. خرجنا بعض المواهب التي ظننا أنها سوف تستمر وتقدم عملاً مدروسا ثم توقفت الجمعية وقل عطاؤها لماذا؟ لا أعلم بالرغم من أن الفضائيات والاتصالات متوفرة».

الشرق السعودية في

16.04.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)