كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
     
 

العائد يضع الأوسكار فى يد دى كابريو

بعد 6 مرات ترشح

بقلمعلا الشافعى

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2016)

   
 
 
 
 

يبدو أن خطوات ليونارد دى كابريو تجاه الأوسكار، هذا العام كانت محسوبة، فالنجم الوسيم والذى نجح حتى الآن فى اقتناص جائزة الجولدن جولوب لأحسن ممثل عن فيلمه العائد، وأيضا جائزة البافتا البريطانية والتى تعادل الأوسكار فى أهميتها. دى كابريو وحسب العديد من النقاد والمتابعين استحق جائزة اوسكار أحسن ممثل لهذا العام جدا ليتحقق حلم حياته أو كما قالت رفيقة مشواره كيت وينسلت دى كابريو يستحقها خصوصا وأنه بذل مجهودا كبيرا فى فيلمه العائد

وتنبع أهمية الفيلم ليس لأنه تجربة سينمائية فريدة بصريا أو يحمل كل المشاعر الإنسانية المتناقضة والمركبة وينحو فى بعض الاحيان الى الميلودراما والمبالغة فى بعض المشاهد وهو ما يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول الواقع وكيف يكون أكثر دراماتيكية ويحمل أبعادا ملحمية قد تثير الضحك المبالغ فيه أو البكاء الذى يصل إلى حد التطهير وكيف أننا عندما نشاهد معاناة إنسان على الشاشة عاشها فى الواقع نشعر أن هناك قدرا كبيرا من المبالغة، كل هذا وأكثر يحمله فيلم دى كابريو ولكن فى ظنى أن أهم ما يطرحه الفيلم هو قضية فلسفية بالغة الأهمية تتعلق بتوحش الطبيعة أمام توحش الإنسان ومن هو الأقسى فى سطوته وتحكمه؟ وأيضا يتساءل المخرج كاتب السيناريو، إليخاندرو جونزاليس أناريتو، المكسيكى عن الوحش الذى يوجد بداخل كل منا أو بمعنى آخر هل كلنا همجيون؟ وما هو الظرف الذى يحولنا إلى ذلك؟

فيلم العائد من الصعب اختزاله فى مشهد الدب الذى هاجم ليو وكيف جسد النجم هذا المشهد بدقة وإتقان وإخلاص حقيقى من ممثل يسعى دوما إلى تطوير نفسه، ولكن الفيلم حالة سينمائية خالصة صاغها المؤلف المخرج المكسيكى الموهوب إليخاندرو والذى اختطفته هوليوود ومعه مدير التصوير والذى اعتمد فى معظم مشاهد الفيلم على الإضاءة الطبيعية ليبدو كل شىء بدائيا أو بمعنى آخر وحشيا، الفيلم يحمل تلك الروح من المدرسة الوحشية فى الفن التشكيلى _ راجع مشهد الحصان والذى قتل وقام ليو أو البطل بتفريغ جوفه من الأمعاء والأحشاء كاملة ليختفى بداخله ليس فقط من توحش الطبيعة وسط الثلوج البيضاء والعواصف الثلجية ولكن أيضا من توحش مهاجميه ومطارديه _ وهو ليس بغريب على المخرج إليخاندرو أناريتو صاحب أفلام بابل 2006، والذى كان عملا لافتا فى حينه صوره المخرج فى أكثر من قارة وعاصمة

أيضا فيلمه الرجل الطائر 2014، يواصل تأملاته وتساؤلاته حول الإنسان وعلاقته بالعالم من حوله إضافة الى أسئلة وجودية يطرحها دوما عن ماذا بعد؟ بعد التحقق؟ النجاح؟ ما جدوى الحياة إذا لم تكن ممتعة. إليخاندرو الذى تمكن بذكاء شديد من توظيف كل الإمكانيات التى تتيحها له هوليوود ليقدم سينماها الخاصة والبديعة والتى عادة ما تجمع بين النجاح النقدى والجماهيرى لذلك لم يكن مستغربا أن يمازحه شون بن النجم الكبير وهو يسلمه الأوسكار العام الماضى عن فيلمه بيرد مان قائلا: هؤلاء نمنحهم الجرين كارد بعد أن يأتوا إلينا ويأخذوا الأوسكار بعدها

العائد تدور أحداثه فى العقود الأولى من القرن الـ19، فى الفترة التى كان يتم فيها الاستيلاء على أراضى سكان أمريكا الأصليين، والبحث المحموم عن الذهب، وإصطياد الحيوانات البرية للاتجار فى جلودها. كل القوى موجودة على الأرض الإنجليز - الفرنسيين - السكان الأصليين. الاحداث كلها تدور وسط العواصف الثلجية والشتاء القارص، ويظهر لنا البطل ليوجلاس ليونار دى كابريو، الصياد، المحترف والذى يقود قافلة كاملة من الجنود وبعض المنضمين اليهم والذين يتاجرون فى الجلود

وكعادة إليخاندرو يبدأ الفيلم بداية تأخذ الانظار مفاجئة بل مباغتة، حيث تتعرض تلك المجموعة الى هجوم من قبيلة أريكارا، السهام الطائرة ترشق فى الأجساد، يتفجر منها الدم، محاولات الهرب والاختباء السهام تنطلق من كل مكان وفى كل اتجاه حالة من الهرجلة لا تتوقف الكاميرا عن رصدها وكأن الكاميرا سهم يلاحق الكل أيضا مشهد ملىء بالحركة والتشكيل بالدم والاجسام والجلود لدرجة تشعرك بالروائح المختلطة من الدم والطين والبارود والثلوج وهذا ايضا ليس بغريب على المصور المكسيكي، إيمانويل لويزكي، رفيق درب المخرج وحاصد الجوائز أيضا، ومن حالة اللهاث والرعب الى حالة سينمائية تنعكس من خلال مشهد لملمة الجرحى ومحاولة الهرب ولكن المخرج يأبى ان نأخذ أنفاسنا حيث ندخل فى مشهد أكثر وحشية

صراع مميت بين ليوجلاس ودب شرس ضخم، لا يفوت المخرج مع مصوره، رصد حركة الصياد وهو يوجه بندقيته نحو صغار الدببة. الأم تلمحه، تهجم عليه، تستمر المعركة لعدة دقائق، نتابع فيها مخالب الدب، وأنيابه، تجرح وتنهش كتفى الصياد، وتتركه بين الحياة والموت. المشهد جديد وقد يجعلك تصرخ من اتقانه لأنه من ناحية أخرى يعكس حالة الدبة الأم التى تحاول إنقاذ أولادها من بندقية الصياد وأيضا كأنها تنهره لأنه يسىء للطبيعة وهو البطل الذى يحاول إنقاذ نفسه. وفجأة يتحول هو الاخر الى ضحية زملائه الغادرين والذين يقررون تركه لأنه أصبح عبئا عليهم بعد ان صاروا يحملونه على نقالة بعد أن كان مرشدا لهم، ويتحول هو الى ضحية جديدة _ شاهد ذكاء المخرج فى تكرار الادوار وتبديلها البطل فى مواجهة الدبة التى تدافع عن أولادها، البطل المحمول على نقالة وهو يحاول الدفاع عن ابنه والذى يقتله صديقه المفترض أن يحميه، وعجزه عن الدفاع عن ابنه) - ذلك هو سحر إليخاندرو كيف أن الادوار تتبدل فى لحظات فارقة وكيف يكون رد الفعل، إذن لا تحكم على أحد ولا تصادر على حق أى كائن، وتتصاعد أحداث الفيلم فى خطوط من المقاومة والرغبة فى الانتقام وأخذ الحق، معظم الادوار الأخرى ثانوية وتدور حول دى كابريو والذى بذل مجهودا ضخما انعكس على كل تفاصيل الدور واتقانه للشخصية بكافة انفعالاتها وتحولاتها الداخلية والخارجية

 The Revenant أو العائد من الموت يظل واحدا من اهم الأفلام التى قدمت مؤخرا وكان مرشحا ل12 جائزة فى الأوسكار فى فروع مختلفة منها التمثيل والتصوير والمونتاج وأفضل فيلم فى مسابقة الأوسكار الـ88. وحصل منها على ثلاث جوائز وهى أفضل مخرج وأفضل ممثل وأفضل تصوير. وللعام الثانى على التوالى يحصل المخرج والمصور على الاوسكار.

اليوم السابع المصرية في

04.03.2016

 
 

فيلم Brooklyn - حالة بسيطة تجعلك تشاهده حتى اللحظات الأخيرة

إسلام مجدي

لم يقدم فيلم Brooklyn مجرد أداء جيدا لممثلة تظهر على الشاشة طوال العرض، بل جعل المشاهد يعيش حالتها طوال دقائق عرضه حتى اللحظات الأخيرة.

حتى الأدوار الثانوية بالفيلم المقتبس عن رواية كولم تويبين كانت مرسومة بدقة متناهية في الوقت الذي ستظهر فيه لتعطي الإقناع المطلوب وتدخلنا في أجواء القصة.

ما القصة؟

"آيلش لاسي" الشابة في عام 1952 من بلدة صغيرة في أيرلندا وتعمل في متجر وحياتها طبيعية وهادئة إلى أن تهاجر وتبدأ في المعاناة مع حنينها نحو العودة إلى وطنها ثم تقع في قصة حب مع توني، شاب من عائلة إيطالية، ومع تلك التطورات تبدأ في التكيف على الحياة في نيويورك، تأتي رياح موت "روز" بما لا تشتهي سفن استقرار "ايلش" وتتزوج من "توني" سرا وعادت لأيرلندا وبدا الأمر وكأن الجميع يرغب في بقاءها ببلادها وعدم عودتها إلى بروكلين، مع تطور الأحداث تشعر "آيلش" أن لديها مستقبلا بأيرلندا والذي لم يكن موجودا حينما غادرت، وحينما انكشف سر الزواج هربت بسبب عقلية قريتها، تخبر والدتها بالزواج وعودتها لبروكلين، ثم تعرض نصائحها على المهاجرين الجدد وينتهي الفيلم بالجمع بينها وبين "توني".

ما المميز في فيلم بهذه البساطة؟

التمثيل كان رائعا في هذا الفيلم وهو ما رأيناه مدة عرضه التي كانت بمثابة مبارزة تمثيلية بين إموري كوهين وسيرشا رونان، فيلم قديم الطراز تم تقديمه بطريقة خاصة للغاية.

ما ميز الفيلم حقا هو أن بعض الشخصيات لم تتقابل لمدة أكثر من نصف ساعة من مدة الفيلم، وطريقة اللقاء بين "توني" و"آيليش" كانت حبتها ممتازة.

في الرواية الأصلية لـ تويبين التقيا في حفل محلي تم تنظيمه بواسطة "فلوود" جيم برودبينت وهو حفل لمساعدة المهاجرين الأيرلنديين للتأقلم في نيويورك.

إن ملمس الفيلم الجمالي هو تقديم الدراما الكلاسيكية بخلفية تاريخية جميلة، مع النظر في الأسباب وراء هجرة الأيرلنديين وتاريخ نيويورك.

الحالة النفسية التي تمكن الفيلم من تصويرها أيضا تحسب له حينما قام بعزل "آيليش" عن أختها ومن ثم ربطها بـ "توني فيوريلو" بالإضافة لأولويات المعيشة.

"بروكلين" قدم بطريقة ممتازة فكرة الوقوع فريسة بين الزمان والمكان والهوية وحالة التيه التي يعاني منها الإنسان بين كل ما سبق، والتني تجعله مخير فقط بين الرفض أو الاستسلام.

ويكمن تلخيص ما سبق في التالي، "آيليش" في أيرلندا فتاة لها تاريخ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية هي فتاة لها مستقبل وفي كلاهما كانت مليئة بالحنين.

بشكل عام الفيلم شكل حالة لا بأس بها على الإطلاق يمكننا مراجعته طوال الوقت والنظر في مميزاته لكن فعليا هو أكثر الأفلام ذكاء واعتمد على تصوير الرواية ومهارة الممثلين وقدرة المخرج.

الفيلم يعد عمل معقد للغاية قدم بطريقة بسيطة جدا لإقناع المشاهد وهو ما نجح به صناع الفيلم مرورا بالتطور الداخلي للمثلين أثناء تأدية أدوارهم.

أيا كانت الطريقة التي ستشاهد بها الفيلم فسوف يبهرك الطريقة التي تم تناول القصة وطرحها من خلاله ودائما ستشعر أنك لن تتحرك من أمامه حتى ينتهي على الرغم من أنك في قرارة نفسك تشعر بأنها قصة بسيطة.

تلك الأحاسيس المختلطة قدمها فيلم عبقري بسيط تمت مكافأته بترشحيه لـ3 جوائز أوسكار منها أفضل ممثلة عن دور رئيسي لسيرشا رونان التي برعت في تقديم دور "آيليش"، لكنه لسوء حظه خرج خالي الوفاض.

موقع في الفن المصري في

04.03.2016

 
 

كيف حصد جوائز الإخراج.. الأداء.. السينماتوغرافي؟ «ذا ريفِنانت» للمكسيكي أليخاندرو غ. إنّاريتو: تصوير التفاصيل

سليم البيك - باريس – «القدس العربي»:

ينتهي الفيلم ببطله ينظر مباشرة إلى الكاميرا، إلى المُشاهدين، مانحاً لكلّ ما حصل في الفيلم استمراريّة يفترضها المُشاهد، ليتلقّف أحدنا النّهاية ويكمل من عندها. لا ينتهي الفيلم بمصير واضح لبطله، بل يبقى مفتوحاً، كما بدأ الفيلم مفتوحاً.

لكنّ الأفلام التي تختتم بنظرات إحدى شخصيّاته الرئيسية مثبّتة على الكاميرا، إلى المُشاهد، عديدة، نذكر منها فيلم الفرنسي فرانسوا تروفو «أربعمئة ضربة» في 1959، وفيلم الأمريكي بول توماس أندرسون «ماغنوليا» في 2000. وفي كلا الفيلميْن لم تكن النّظرة التي انتهى بها الفيلم سوى استمراريّة لأحداثه مودعاً إياها لدى مُتلقّيها.

وسنجد أنّ هذه النّهاية بنيويّة في «ذا ريفِنانت»، أو «العائد من الموت»، إن اعتبرنا ألا حكاية مكتملة فيه، فالفيلم الذي كانت له بداية مفتوحة، وكذلك النّهاية، لم يصوّر حكاية تبدأ وتنتهي ضمن حدوده، أو ضمن مدّته الزّمنيّة. أتى الفيلم كقصّة مجتزأة من حكاية أشمل (وهي أحداث حقيقيّة)، كتفصيل مُسهب، كفصلٍ طويل في رواية أطول. وهذا ما جعل الأحداثَ فيه تبدأ وتتطّور وتنتهي في المكان ذاته: الغابات بجبالها ووديانها وأنهارها وثلوجها.

فالفيلم إذن لا يروي لنا حكاية، بل يصوّر بعضاً من حكاية، وهذا البعض امتدّ لزمن طويل بالنّسبة لفيلم، لأكثر من ساعتيْن ونصف الساعة صُوّرت كلّها في العراء. ولأنّ الفيلم لم يكترث بنقل حكاية بقدر ما اكترث بتصوير التّفصيل الذي ينقله من حكاية أوسع، كان مشهديّاً. كاد أن يكون، كلّه، الكيفيّة التي تُصوِّر ما يحصل وليس رواية ما حصل. اكترث الفيلم بالكيفيّة التي حصلت فيها المَشاهد وليس بالوظيفة الحكائيّة لها: كيف قاتل هغ غلاس (ليوناردو ديكابريو) الدّب وكيف نام في بطن حصان ميّت وكيف مضغ من كبد ثور وكيف دُفن حيّاً وكيف بقي على قيد الحياة وكيف وكيف… الغاية الرّئيسيّة في كل ذلك هي بصريّة بامتياز، هي إجابة المخرج أليخاندرو. إنّاريتو على «كيف يحصل ذلك؟» وليس «لمَ يحصل ذلك؟».

ولذلك برأينا نال الفيلم ما ناله من جوائز، في الإخراج والأداء والسينماتوغرافي: إنّاريتو نال جوائز أفضل مخرج في كل من حفل الأوسكار والغولدن غلوب والبافتا، وديكابريو كذلك نال جوائز أفضل ممثل في كل من حفل الأوسكار والغولدن غلوب والبافتا، وإيمانويل لوبيزكي نال جائزة أفضل سينماتوغرافي (تصوير) في كل من الأوسكار والبافتا. وهذه الفئات الثّلاث تُعنى أساساً باللغة البصريّة التي يعتمدها الفيلم، بكيف ينقل الفيلم محتواه وليس بما ينقله.

وديكابريو الذي استحقّ على أدائه الأوسكار، وكان أداءه الأفضل في مسيرته الفيلميّة، لم يحكِ كثيراً في الفيلم، والكلام يكون أساس الحكاية. شاهدنا شخصيّته تقاتل لتبقى حية، الأداء الاستثنائي لديكابريو كان في جسده ووجهه، وهذا يلائم السينماتوغرافي في الفيلم، فلا علاقة مباشرة بين الكلام/الحكاية وبين التّصوير في حين أنّ العلاقة تكون عضويّة بينه، أي التّصوير، وبين الأداء. ثلاثتها، الإخراج والأداء والتّصوير جعل الفيلم تحفة بصريّة اعتمد، وليس هذه صدفة، إنّاريتو في تصويره على الإضاءة الطبيعيّة وحسب.

هيغ غلاس، واحد من بعثة صيّادين وتجّار الفرو، ودليلها، في الغرب الأمريكي في 1823، يتعارك مع دب ويُصاب بجروح قاتلة، يقرّر رفاقه تركه مع ابنه وآخريْن للاعتناء به وليكملوا هم طريقهم. أحدهم، فيتزجيرالد (توم هاردي)، بقي من أجل المال، لكنّه سرعان ما يحاول قتل غلاس ودفنه حياً. يخرج الأخير من القبر ويبدأ رحلة انتقام ملحميّة.

نال إنّاريتو السّنة الماضية أوسكار أفضل فيلم عن «بيردمان»، وقد تعاون فيه مع مدير التّصوير ذاته، وكان من اللافت أن ينجز في أقل من سنة فيلماً آخر يكون علامة سينمائيّة فارقة وينال الجوائز التي نالها، واللافت تحديداً أنّ إنّاريتو قبل «بيردمان» كان يستغرق بين سنتيْن وأربع سنوات لإنجاز فيلمه، وهو بعد فيلميْه الأخيريْن لن يكون كما هو قبلهما، وإن كانت له أفلام ممتازة لكنّه بـ «بيردمان» وصار صاحب «ذا ريفِنانت» ، رسمياً، واحداً من أفضل المخرجين الحاليين في أمريكا، من دون أن ننسى ثلاث مسائل تعطي قيمةً إضافيّة لأفضليّته: أنّه مازال شاباً بالنّظر إلى عمره في مجال صناعة الأفلام (52 عاماً)، أنّه مكسيكي وليس أمريكياً، أنّه مخرج أوتور، أي أنّ أفلامه تنتمي له وليس لشركات الإنتاج، فهو إضافة إلى الإخراج، يشارك في كتابة أفلامه وإنتاجها.

القدس العربي اللندنية في

05.03.2016

 
 

"المرّيخي": لا جديد بين المجرّات

سليمان الحقيوي

بعد أفلامه الأخيرة التي لم يحقّق في بعضها نجاحات بحجم اسمه، يعود المخرج البريطاني ريدلي سكوت (1937)، في فيلمه الأحدث "المرّيخي"، إلى الخيال العلمي؛ الموضوع الثاني الذي برع فيه إلى جانب قصص التاريخ.

لأسباب كثيرة، كانت هناك منافسة شرسة وخفيّة بين صانعي أفلام الخيال العلمي، إذ لا يقبل العرف السينمائي أي تراجع لا يتماشى مع التطوّر التقني المتسارع.

من هنا، حقّقت سينما الخيال العلمي تراكمات كبيرة، كان أولها مع فيلم "رحلة إلى القمر" لجورج ميلييه (1902)، وصولاً إلى رائعة "أوديسا الفضاء" لـ ستانلي كوبريك (2001)، و"جاذبية" لـ ألفونسو كوران (2013)، وبين هذه الأفلام هناك لائحة طويلة.

سكوت نفسه أحد المتنافسين في حلبة الخيال العلمي، بل يعتبر مرجعاً مهمّاً فيها أيضاً، فقد أخرج في فترة مبكرة من مسيرته فيلم "إليانز" (1979)، الذي يعتبره كثيرون أحد أهم الأفلام في هذا المجال، كما أخرج أيضا فيلم "بليد رانر" (1982)، ثم "بروموثيوس" (2012).

"صوّر المخرج تضاريس المريخ في منطقة وادي رم الأردنية "

في فيلم "المريخي"، سعى المخرج إلى تعزيز مكانته المميّزة في أفلام الفضاء وأن يقرنها بإيرادات ضخمة، ويبدو أنه نجح في المسعى الثاني، فقد حقق الفيلم نجاحاً جماهيرياً كبيراً، واعتلى شبّاك التذاكر الأميركي لأسابيع.

يؤدي الممثّل الأميركي مات دايمن دور رائد الفضاء مارك وايتني، الذي تركه طاقمه عالقاً على سطح المريخ، بعد مرور عاصفة قوية جعلتهم يسرعون إلى مغادرة الكوكب؛ فبعد إصابته وتخلّفه عن رفاقه، قرّرت قائدة المجموعة مليسا لويس (جيسيكا شاستاين)، المغادرة من دونه بعد تأخّره في اللحاق بالسفينة.

ينجو مارك وسط ذهول الجميع، وينجح في التواصل مع "ناسا" التي تحاول الإسراع في إرسال مؤن تمكّنه من الصمود حتى تتم عملية انتشاله، لكن المركبة ستنفجر بعد ارتفاعها بقليل، فيضطر مارك إلى الاعتماد على نفسه وعلى تجربته في علم النباتات، ويلجأ إلى أقسى درجات التقشّف، ثم يحوّل قلب المركبة إلى حقل صغير لزراعة البطاطا. وبالفعل، يتمكّن من النجاة ويستطيع الوصول عبر مركبته إلى أقرب خط تمر منه مركبة طاقمه الذي عاد لالتقاطه.

رغم الميزات الفنية الكثيرة لفيلم "المرّيخي"، خصوصاً تركيزه على البناء الواقعي للأحداث واهتمامه الزائد بالتفاصيل الدقيقة، متجاوزاً أفلاماً كثيرة في هذا الجانب، لكن الأحداث سارت بشكل بطيء ورتيب وغير مفاجئ مقيّدة بأحداث رواية أندي وير، التي تحمل الاسم نفسه، والتي اقتُبس العمل عنها.

لم يُظهر المخرج أي اجتهادات تُذكر، حيث وقف "المرّيخي" خلف فيلم "جاذبية" ولم يستطع تجاوزه فنياً، بل إنه يدين له بكثير من الأمور، كفكرة الانطلاق من العاصفة كحدث محرّك للسّرد، ثم التحليق بواسطة كرسي طائر موصول بالمركبة، وبذلك يبقى "جاذبية" الفيلم الذي جعل الجمهور يشعر وكأنه يلبس بزة ويحلّق في الفضاء.

عاد صاحب "المصارع" للعمل في صحراء الأردن، وبالتحديد في وادي رم، حيث سبق لسكوت أن أدار هناك فيلمي "إكسيدوس" و"كيان من الأكاذيب". المكان كان مناسباً وقريباً من تضاريس المريخ.

ووفاءً لعادته في العمل مع أسماء بارزة، أسند سكوت الدور الرئيسي لـ دايمونز، لكن دور الأخير هو أشبه بشخصيته في فيلم "بين المجرّات" لكريستوفر نولان؛ حيث ظلّ منسياً في كوكب إلى حين وصول طاقم من الأرض. الفرق بين الشخصيتين، أن رائد الفضاء في "المرّيخي" حاول ابتكار طرق للنجاة، بينما فعّل خاصية السبات في فيلم "بين المجرّات".

صورة التعاون العالمي في انتشال مارك وتحوّل قضيته إلى حدث كوني، أدخلت الفيلم في حالة من السذاجة تتناقض مع حرصه على نقل تفاصيل واقعية عن الفضاء، ولا سيما أن المعروف عن وكالة "ناسا" تحفّظها على ملفاتها وإحاطتها بالسرية، وعدم الكشف عنها أبداً، على نحو لا يمتّ بأية صلة للصورة التي ظهرت عليها في الفيلم.

العربي الجديد اللندنية في

05.03.2016

 
 

شيماء عبد المنعم...

السخرية بالـ «أنيمايشن»

أطلقت قناة «إيجيبتون Egyptoon» على يوتيوب أخيراً فيديو أنيمايشن ساخر (2:58 د. ــ أداء صوتي هاجر الإيبياري وأشرف حمدي ــ تحريك: أميرة مصطفى ومصطفي عشري ــ رسوم وإخراج: أشرف حمدي) بعنوان «وات أباوت زا فيرست أوسكار». يتناول الشريط السؤال الذي طرحته الصحافية المصرية في «اليوم السابع» شيماء عبد المنعم على النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو وأثار الكثير من الجدل خلال الأيّام الماضية (الأخبار 4/3/2016).

تجري الأحداث خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد الأحد الماضي غداة فوز دي كابريو بأوسكاره الأوّل. يقرّر «ليو» الردّ على الصحافية الشابة باللهجة المصرية بعد فشله في التواصل معها بسبب لغتها الإنكليزية غير المفهومة والركيكة. خلال ساعات، انتشر الفيديو الكوميدي على نطاق واسع وحصد حتى كتابة هذه السطور 10,878 مشاهدة.

شيماء عبد المنعم التي تتعرّض منذ أيّام لهجوم كثيف على مواقع التواصل الإجتماعي، اعتذرت عمّا حدث على صفحتها الفايسبوكية، قائلةً: «أخطأت أوّلاً في حق نفسي ثم بلدي كما أنّني أخطأت قي حق جريدتي التي وثقت في قدراتي، وكذلك أخطأت في حق القرّاء الذين كانوا يودون تمثيلاً أفضل وتغطية أقوى». وأضافت: «لكل من انتقدني أو سخر مني، شكراً لأنكم ستدفعونني لتطوير نفسي والعمل جاهدة لأكون أفضل في تغطية الأوسكار السنة المقبلة. وأن أراجع أخطائي وأتعلم. خطئي الآن يدّل على أنّني سأقدم الأفضل مع مرور السنوات لأنّني أخذت الدرس مبكراً».

الأخبار اللبنانية في

05.03.2016

 
 

اعتذار صحفية «الأوسكار» مابين الغرور والقبول والشافعي تنتظر عدالة الجمهور

نورا عبد العظيم

بعد السقطات الإعلامية التى وقعت بها، صحفية اليوم السابع، "شيماء عبد المنعم"، عند قيامها بتغطية حفل الأوسكار العالمى، كأول صحفية مصرية تحضر هذا الحدث الجم، كما قالت فى المؤتمر الصحفي للنجم الذي حصل على جائزة الأوسكار لأول مرة فى حياته السينمائية الجديرة بهذه الجائزة "ليوناردو دي كابريو"، ولكنها كانت غلطتها الوحيدة من وجهة نظر نشطاء التواصل الاجتماعي، الذي جعل من اسم هذه الصحفية الصغيرة سنا، أضحوكة فى عالم الصحافة بشكل لا يليق بأحد لم يمتلك الخبرة الصحفية حتى لايقع فى مثل هذه الأخطاء الفادحة، أو من وجهة نظر الفتيات المغرمات بـ"دي كابري"، بأنها كيف تراه أمامها وتقول هذه الكلمات "وات اباوت ذا فرست أوسكار".

من هنا جاء الاعتذار الواجب من قبل شيماء عبد المنعم، لكل من أهانها على خطأ وارد أن يحدث لأي صحفي فى مكانها فى مثل هذا الحدث العالمى، ولكنها برغم الإهانات التى بلغتها، إلا أنها كانت بالقدر الكافى من الشجاعة واعتذرت على مافعلت، عبر حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

الاعتذار المتأخر

حيث قالت:"بداية أعتذر عن خطأى الذي قمت به خلال تغطيتي للأوسكار وربما أكون تأخرت في كتابة هذا الاعتذار حتى استوعب الأمر واتجاوز الاهانة التي جاءت من بعض المنتقدين ليس علي أدائي خلال التغطية إنما الاهانة الشخصية والتي طالت زوجي وابنتي وعائلتي، فقد كنت في رحلة عمل هي الاولي في تغطية فاعليات الاوسكار وكانت فرصة كبيرة لي عملت من أجلها لعامين ومن قبل ذلك لعدة أعوام أتابع نفس الحدث من داخل مصر، فتقدمت أكثر من مره لكي أذهب وارسلت العديد من التقارير التي نشرتها علي مدار ٥ سنوات وأخيرا أتتني الموافقة وحين أبلغت رئيس التحرير الاستاذ خالد صلاح وافق علي الفور وشجعني وطالبني بالمذاكرة الجيدة لكي أكون مستعدة لهذا الحدث الضخم. وبالفعل استعديت للحدث علي قدر خبرتي وسافرت لا أملك إلا كاميرا وقلم وتشجيع رئيسي وزملائي.

حاولت أنقل استعدادات وأحداث الاوسكار بعيون من تحضره لأول مره، ربما أكون انبهرت كشابة صحفية في مقتبل حياتي المهنية في لحظة أشاهدها فقط علي شاشات التلفزيون، ونحن في اللحظة التي ننبهر فيها نفتقد كثير من أدواتنا هكذا تعلمت ولكني لا أنكر أن هناك فرق كبير بين تتعلم نظريا وأن تتعلم من خطأ، أتتني فرصة وأخطأت في ذلك بسبب عدم الخبرة في السيطرة علي ارتباكي بعدما وجدت نفسي علي بعد خطوات من تحقيق حلمي بعد تقديم تغطية لن يري الكثيرون من من انتقدوني سوي اخر دقيقة منها، ولا يمكن لأحد ممن أنتقدوني ولهم الحق لأَنِّي تحدثت بأسم مصر أن يشعر بالحزن كما شعرت به أنا فمن السهل أن تحكم علي غيرك ولكنك أبدا لن تعرف احساسه.

لقد أخطأت أولا في حق نفسي ثم بلدي كما انني أخطأت قي حق جريدتي التي وثقت في قدراتي، وكذلك أخطأت في حق القرّاء الذين كانوا يودون في تمثيل أفضل وتغطية أقوي. فأعتذر لهم جميعا، واؤكد ان هدفي الوحيد وراء ذلك ان أحقق حلم حضرت له الكثير وان اجعل ابنتي تفخر بي عندما تكبر وتعي ما قدمته من مجهود محاوله مني في تحقيق حلم لاصبح من خلاله مميزة في مجال عملي كصحفية

لكني أعدكم بأن تكون هذه التجربة درسا لا أنساه وخطأ سأتذكره كما يتذكره الآخرون، يعلمني أن الصحفي الجيد يحتاج لمجهود كبير، فلكل من أنتقدني أو سخر مني شكرًا لأنه سيدفعني أن أطور من نفسي وأن أعمل جاهده وأبذل قصاري جهدي لأن أكون أفضل في تغطية الاوسكار للسنة المقبلة وأن أراجع أخطائى وأتعلم.. ولكل من دافع أو تعاطف معي أشكره لانه تفهم موقفي وقلة خبرتي والتي ستزداد يوميا بعد يوم لأقدم الأفضل ثم الأفضل، وإذا اخطات حالا، فهذا يدل انني سأقدم الأفضل مع مرور السنوات لأنني أخذت الدرس مبكرا

ولهذا أعتذر للجميع وأولهم جريدتي التي أنتمي لها والتي شجعتني ودعمتني وتحملت أذي كبير وانتقادات لاذعة وعاملتني حتى في خطأي بروح الأسرة التي ندافع عن أبنائها خارج المنزل ولكنها تحاسبهم حسابا عسيرا فيما بينهم ".

التعليقات المخذلة

ولكن جاءت التعليقات بقدر كبير من الغرور، الذي يمتلكه مولى النعم عند من يطلب المغفرة، ليتكبر على ما يفعله ويرفض السماح، رغم أن الله المولى الباقى فى وجودنا يسامح ويعفو عن أخطائنا، ولكن لايفقد الأمل مادام هناك من يعفو وينتقد أو العكس ينتقد أولا ويعفو ثانيا، وما حدث من البعض أنهم عفوا أولا ثم انتقدوا المؤسسة التى تشجع على نشر الفضايح، وعندما تنال الفضايح جزءا من كيانها، لا تعترف بخطأها، كما علق أحد المستخدمين اعتذار واجب وغرور غير مقبول أنك تقولى هسافر تانى السنة الجاية.

علا الشافعي تنتظر عدالة الجمهور:

وفي هذا الشأن تقول علا الشافعي رئيسة قسم الفن باليوم السابع: شيماء زميلتى وصديقتى اعتذرت واعتذرت عن حجم الخطأ المهنى بعض من زملائها كتب مدعما لها انسانيا انسانيا نظرا لصغر سنها وخبرتها وكان من الصعب أن يكون الموقف غير ذلك السؤال الحقيقي هل اللي شتموها هيشوفوا اعتذارها ازاي وهل هيتكلموا عنه ويعملوا كوميكس وفيديوهات ولا هنسكت ونشوف بعيننا، ونعديها الانسانية كلمة فقدت الكثير من معناها. شيماء الاعتراف بالخطأ هو البداية الصح".

جورنال مصر في

06.03.2016

 
 

فاز بالجائزة عامين متتاليين

أليخاندرو غونزاليس إيناريتو: نجاحاتي أهم من «الأوسكار»

محمد رُضا

الأوسكار الذي حصل عليه المخرج المكسيكي الأصل أليخاندرو غونزاليس إيناريتو قبل أيام، كان الثاني على التوالي. ففي العام الماضي نال أوسكارين رئيسيين: واحد كأفضل فيلم وآخر كأفضل مخرج، وذلك عن فيلمه الجيد «بيردمان». هذه المرّة نال أوسكاراً واحداً له، هو أوسكار أفضل مخرج وذلك عن «العائد» (

The Revenant)، لكن الفيلم خرج بأوسكارين مهمين، إذ فاز ليوناردو ديكابريو بأوسكار أفضل ممثل، وحصد مدير التصوير إيمانويل لوبيزكي أفضل تصوير. بهذه النجاحات المتوالية يبرهن المخرج المولود قبل 52 سنة، بأنه لم يذهب إلى «هوليوود» لمجرد إخراج أفلام تأسر الجمهور وتحقق الإيرادات العالية، بل لأن لديه رؤية خاصّة يريد تنفيذها من خلال أهم وأكبر مدينة للصناعة السينمائية في العالم.

بدأ إيناريتو حياته المهنية في منتصف التسعينات من القرن الماضي مساعداً ومخرجاً لبضعة أفلام قصيرة، لكن الولادة الحقيقية بالنسبة إليه حدثت سنة 2000 حين قدّم «وأمك أيضاً» عن رحلة لشابين مع امرأة أكبر سناً، بعدها حضّر للنقلة التي نفّذها في الولايات المتحدة عبر فيلم «21 غرام» سنة 2003، وما إن انتهى حتى سعى إلى إنتاج فيلم أعلى طموحاً وأكثر كلفة هو «بابل» 2006 ومنه إلى «جميل» 2010. ومن خلال مشاهدة الأفلام الثلاثة يمكن استخلاص منهج مخرج يريد طرح رؤية مختلفة، وهو ما وفّره لاحقاً في فيلمي «بيردمان» و«العائد»، في تطوّر لهذه الرؤية على نحو فريد لا يشبه أي نحو آخر.

قابلته 3 مرّات، الأولى في مهرجان كان حين قدّم «بابل»، والثانية في أعقاب فيلم «العائد» قبل شهرين، ثم هذه الثالثة قبل إعلان جوائز الأوسكار لهذا العام، قال حين سُئل عما يعتقده حول فوزه بالأوسكار، إنه لا يدري، بل يأمل ذلك، فهو لا يمانع أن ينال أوسكاره الثاني في عامين متتالين، ويكفيه أن الأكاديمية منحته شرف الانتماء إلى باقي الفنانين الذين ينافسون على أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج. وقبل أن يعلم بفوزه قال إنه نجاحاته تفوق أهمية الأوسكار.
كانت الأسئلة التي تحضر في ذهني كثيرة، ولو سمح الوقت ما انتهت..

·        كيف تفسر فيلم «العائد» بكلماتك الخاصّة؟ خصوصاً أنك ذكرت في أحاديثك الأخيرة أنه ليس فيلماً من أفلام الغرب الأمريكي.

صحيح، هو ليس من تلك النوعية، ولو أن أحداثه كان يمكن لها أن تصنع فيلم «وسترن». قلت لمن سألني قبلك هذا السؤال إن الفيلم فيه قبعات ومسدسات وبرية موحشة لكنه ليس فيلماً من أفلام الغرب الأمريكي.

·        لماذا؟

لأن في تلك النوعية من الأفلام، عادة تدور في بيئة مختلفة، مثل المدينة أو بيئة رعاة البقر أو في مناطق عادة ما تكون صحراوية، مثل تكساس أو أريزونا. والقصّة هنا تقع قبل 200 عام تقريباً أي قبل بداية الغرب الأمريكي حيث تدور كل القصص الأخرى. ومسرحها جبال مغطاة بالثلج، وهو أمر آخر قليل الحدوث في أفلام الغرب.

·        لكنه يحتوي على معارك بين الأمريكيين الأصليين والمستعمرين البيض.

سعيد أنك لم تصف الأمريكيين الأصليين بالهنود الحمر. هم فعلاً الأمريكيون الحقيقيون وكلنا نعلم ما حل بهم، إذ استباحهم الأوروبيون في ذلك الحين وشتتوهم ودمّروا ثقافاتهم. وفيلمي يأتي ضمن هذه الفترة الأولى لكنه لا يدور، وأنت تعلم ذلك لأنك شاهدت الفيلم، عن الإبادة التي وقعت. هذا لأنني لا أريد خطباً مباشرة خصوصاً إذا ما كانت المضامين واضحة.

·        لكن تلك القبائل كانت في حال دفاع عن النفس.

طبعاً، هذا هو جانب من الفيلم. والجانب الآخر هو أنه ليس فيلم انتقام. هذا شيء آخر أشيع عنه لدى البعض. وكتب البعض أنه فيلم يدور حول انتقام الشخصية التي يؤديها ليوناردو ديكابريو من الشخصية التي يؤديها توم هاردي. شخص من شخص آخر. لكن هذا ليس أهم ما في الفيلم ومحوره ليس عن الانتقام.

·        لكن عنصر الانتقام موجود.

لا أنفيه، لكنه ليس ما يدور عنه الفيلم. إنه يدور حول تلك الحقبة الداكنة من التاريخ عندما كان الصياد الأبيض يعيش وهم القدرة على تطويع القوانين. كان يقاتل الأمريكيين الأصليين حين يشعر بالخطر، لكنه يصاحب نساءهم عندما يشعر بالحاجة العاطفية. إذا ما أنجبت منه تركها ومضى. وكان يتاجر بفراء الحيوانات التي كانت تجارة مزدهرة آنذاك. الفيلم عن الرجل الأبيض وكيف تعامل مع المكان الذي حل فيه، وكيف تعامل مع بعضه البعض، أقصد إنساناً أبيض ضد أبيض آخر.

·        هل ترى نفسك اليوم مخرجاً ناجحاً بالأوسكار أو من دونه؟

أعتقد أن النجاح الذي حققته إلى اليوم فاق الأوسكار. عندما أخرجت «بيردمان» قبل عام لم أكن حصلت بعد على الجائزة، كنت حصلت على تقدير النقاد في أمريكا وأعتبر ذلك مهماً جدّاً بالنسبة إلي. فالفيلم نجح نقدياً وإلى حد كبير جماهيرياً قبل إعلان النتائج، لذلك أستخلص بأني حققت النجاح بلا أوسكار. لكن الجائزة ليست إلا ذروة الجهد الذي يبذله الفنان بغية تحقيق القيمة الفنية التي ينشدها.

·        في لقاء ماضٍ، ذكرت لي كثيراً عن التقنيات التي صنعت فرادة فيلم «العائد»، لكن ما الذي تقوله على صعيد الجهد البشري؟ أقصد جهدك أنت ومدير التصوير وليوناردو ديكابريو.

هناك آخرون كثر. كنا نحو 200 شخص يعملون في إنتاج هذا الفيلم من خلال اختصاصاتهم المختلفة، الكل كان يبرد ويجوع ويتعب ويبني المشهد الذي نريد تصويره بالإمعان في التفاصيل الدقيقة له. وأعتقد أنني ذكرت لك في تلك المقابلة كيف أن الخطأ كان ممنوعاً لأنه يعني إعادة التصوير. ونحن لا نتكلم عن تصوير داخلي أو في حديقة منزل، بل عن تصوير معقد يشترك فيه الرجال والجياد والواقفون وراء الكاميرا، ولدينا فقط نحو الساعة أو ساعة ونصف الساعة من الضوء المناسب، فإذا حدث خطأ فعلينا أن نؤجل التصوير ليوم غد، لأن المشاهد كانت طويلة، فالجهد البشري كان كبيراً لكني سعيد به.

·        كمخرج لا بد أن ينصاع لك الجميع. لكن هل كانت هناك شكاوى جادة كما قرأنا؟

نعم، كانت هناك شكاوى لكنها لم تكن غير محقة. عالجناها بكثير من الاهتمام لأن الإنتاج لا يريد أن يرى الفيلم متوقفاً عن العمل بسبب شكوى من شيء حدث ونجم عنه وضع يعرقل العمل. ربما بعض المشاركين كتب للصحافة أو للاستوديو أو لمن اختار الكتابة له، شاكياً من البرد مثلاً، لكن هذا هو الفيلم. لن أصوّر في الاستوديو وأغطي الأرض بثلج ليس حقيقياً. لن أعمد إلى الجرافيك لكي أوهم الناس بالواقعية، أردت لهذه القصة أن تكون حقيقية.

·        البعض شكا من أنك بدأت التصوير بكاميرا سينمائية وليس بكاميرا ديجتال. خشوا أن تعمد إلى تصوير الفيلم بأسره بكاميرا سينمائية.

صحيح، والآن هذا البعض يريد أن يحل مكاني ويصوّر الفيلم عوضاً عني (يضحك).

·        أحب الفيلم وأكره الديجتال، لكن معظم السينمائيين باتوا يصورون أفلامهم بها.

بالضبط، وعندهم أسباب مهمة أولها أنه أرخص وأسهل. لكني لم أكن أسعى وراء الرخص ولا أكترث بالاستسهال. نحن بدأنا التصوير بالفيلم لأننا نحب ما يمنحه من قوّة عرض خاصّة، لا تستطيع الكاميرا الديجتال تأمينها على المستوى نفسه. لكن في نهاية الأمر كان لا بد من الامتثال إلى مسألة أن ما كنت أطلبه من موقع التصوير ومن الكاميرا ومن حركتها لا يمكن أن يتأتى عبر التصوير، إلا بجهود مضاعفة.

·        إلى حين أخرجت «بيردمان» قبل عام، كنت تميل إلى سرد 3 أو 4 حكايات معاً وتنتقل من واحدة إلى أخرى في تشابك خاص. ماذا حدث؟

«بابل» و«21 غرام» و«جميل» كانت أفلاماً مختلفة، وهي وحدة خاصّة من تاريخي، كان الداعي إليها محاولة استكشاف كيف يمكن لعدة أحداث أن تقع، مثل الحياة، في وقت واحد. أنت وأنا هنا نتحدث عن شيء، وخارج هذه الغرفة شيء آخر يحدث لا نفكر فيه. ماذا لو أن هذا الشيء الآخر كانت له علاقة ما، بنا من دون أن ندري؟

·        هناك فلسفة منتشرة اليوم تقول إن العلاقة بين الناس لا تنتهي، وأن كل شيء يحدث يشبه عالم الفيزياء الذي لا ينتهي، بمعنى أنه لا توجد مساحة للمصادفة.

بالطبع ليست هناك مصادفات، بل هي تراكمات من الأشياء، حتى وإن بدت أحياناً أنها مصادفة. كنت أغادر صالة السينما قبل أيام فوجدت أمامي صديقاً مكسيكياً لم أكن رأيته منذ 7 سنوات أو أكثر. مصادفة؟ لا. هناك ما لا نفهمه من الأفعال والمبادرات أدت إلى أن أغادر الصالة قبل نهاية العرض، وأن يصل هو في الوقت المحدد، فلو بقيت مكاني ما التقيته، ولو اخترت موعداً آخر لمشاهدة ذلك الفيلم أو هو اختار ذلك الموعد الآخر أو أحدنا تعرض لحادث سيارة ما كنا لنلتقي.

·        أنت من خارج هوليوود، هل كان شق الطريق لكي تصبح واحداً من أهم مخرجيها اليوم، سهلاً؟

ليس هناك أي شيء سهل هنا، لكن توقعت ما هو أصعب من ذلك.

·        ما السبب الذي جعل الأمر أقل صعوبة؟

الرؤية. تريد أن تنجح اصنع شيئاً جديداً، وليكن جديدك واضحاً بحيث يحقق نجاحاً وقبولاً. لا تقل إنك ستقلب الصورة رأساً على عقب لأن هذا جديد، ولكنك ستتعامل معها على نحو يكشف المزيد من قدراتها، فهذا هو الجديد فعلاً. لا أدري إذا كان ما أقصده واضحاً، لكن عليك أن تبرهن أن رؤيتك الجديدة تثير اهتمام الناس. يريدونها منك كما يريد البعض الآخر الفيلم العادي الذي يعمد إليه الآخرون.

·        هل هناك أساتذة إخراج تعلمت على أيديهم عبر مراقبة أفلامهم؟

نعم، عندي إعجاب كبير جداً بالمخرج أندريه تاركوفسكي. فيلمه «أندريه روبلوف» ملهم لي، كذلك أحب فيلم «سفر الرؤيا الآن» لفرنسيس كوبولا و«فيتزجيرالدو» لفرنر هرتزوغ، وكل ما حققه أكيرا كوراساوا من أفلام تقريباً. أكن لهؤلاء كل الإعجاب.

الخليج الإماراتية في

06.03.2016

 
 

المكارثيّة هي أميركا

بيار أبي صعب

لا ينخدعَنّ أحد: «ترامبو» فيلم هوليوودي بإمتياز. لا يضعفَنَّ أحد أمام النبرة «النضاليّة» الساذجة لهذا الاستعراض السطحي الذي أخرجه جاي روش عن سيناريو جون ماكنامارا المستوحى من حياة الكاتب والسيناريست الأميركي دالتون ترامبو.

الفيلم ليس عن الحريّة في مواجهة القمع، ولا عن تلك النخب التي كانت ستعطي وجهاً آخر للولايات المتحدة، لولا حملات التطهير والابادة: فقمع النقابات في العقد الأوّل من القرن الماضي، واعدام المناضلين «ساكو وفانزيتي» في العشرينيات، وصولاً إلى المكارثيّة في الخمسينيات، قولبت الايديولوجيا المتوحّشة التي تختبئ الآن خلف واجهة الحريّة والديمقراطيّة. ليس الفيلم عن أميركا المغني وودي غاثري، ولا عن أميركا إيتيل ويوليوس روزنبرغ اللذين أعدما العام 1953 بتهمة «التجسس لصالح الاتحاد السوفياتي»، ولا عن الدور الذي لعبه «الحزب الشيوعي الأميركي» في الصراع ضد العنصريّة ومن أجل حقوق السود والحقوق المدنيّة، ودوره في بناء النقابات، وانخراط مناضليه ببسالة في الحرب العالميّة الثانية، لمحاربة النازيّة… هل نطلب كل ذلك من هوليوود؟

فيلم «ترامبو» لا يتعامل بأمانة مع الكاتب الذي سجن، ثم منع من توقيع اسمه على أي عمل في استوديوات هوليوود، باسم «الدفاع عن أميركا في وجه أعدائها». ولا يعيد الاعتبار إلى رفاقه «العشرة في هوليوود» الذين عانوا كل أشكال الاضطهاد والسجن والاقصاء والتهميش والتدمير المادي والمعنوي، بسبب مواقفهم السياسيّة النقديّة من الرأسماليّة، ومن أميركا البيضاء التي انتصرت عليهم وعلى أحلامهم: أميركا الرسميّة البشعة كما نعرفها الآن، تلك الدولة الاستعماريّة التي يحكمها حزب رأسمالي ضخم بجناحيه الجمهوري والديمقراطي. الفيلم لا يتوقف فعليّاً أمام كابوس «القوائم السوداء» التي أخرست فناني أميركا ودجنتهم بشكل لا عودة عنه، وأجبرت بعضهم على الصمت نهائيّاً، أو الخيانة والوشاية والتعاون مع «لجنة الأنشطة المعادية لأميركا» مثل إيليا كازان، أو على السفر مثل برتولت بريخت، وأورسون ويلز، وشارلي شابلن الذي صفّى حسابه مع المكارثيّة بفيلم ساخر عنوانه «ملك في نيويورك» (1957).

إنّها قصة فرديّة، عاطفيّة ونفسيّة في النهاية، متخمة بالعموميات، متوّجة بالنهاية السعيدة. سيأتي كيرك دوغلاس وينتشل ترامبو من الظلام ومنفى الأسماء المستعارة، ويضع اسمه على سيناريو فيلم كيوبريك Spartacus. ومثله سيفعل أوتو بريمنغر مع فيلم Exodus (أحد أشهر أفلام البروباغاندا الصهيونيّة في تاريخ السينما). وهكذا تنتهي المأساة، وتعود الأمور إلى نصابها. هكذا يُطمس جوهر الصراع، وتحنّط الشخصيّات التي لن نعرف أفكارها ولا دوافعها ولا رؤياها الحقيقية وعلاقاتها الفعليّة بالواقع، ولن نكتشف تصادمها الجوهري مع النظام القائم. «هل أنت شيوعي؟» تسأل ترامبو ابنتُه بعدما انطلقت حملة التشهير به. يجيبها: «هل أنت مستعدة لاطعام زوادتك لطفل جائع؟ (…). إذاً أنت شيوعيّة». الباقي لا يهمّ هوليوود التي تصنع الايديولوجيا الرسميّة لأميركا، وتعيد انتاج أسطورة التفوق الأميركي، والأخلاق الأميركيّة، إلخ.

وشريط جاي روش في السياق نفسه، يمجّد أميركا وديمقراطيّتها وعظمتها، وقدرتها على تجاوز «المكارثيّة»: هذا الخطأ «العارض» و«العابر» في تاريخها حسب ما يتسرّب إلى ذهن المشاهد الطيّب، من خلال الخطاب الاختزالي المسموم للشريط! كل شيء يوحي بأننا الآن، في موئل الحريّة، أمام «أفضل ما يمكن في أفضل عالم» بتعبير «كانديد» فولتير. ها هي هوليوود تحتفي بنفسها، أما ضحاياها فتجعلهم أبطالها. وبعد البحث، قلّة نادرة من المقالات النقدية في الصحافة العالميّة، أفلتت من الفخ الايديولوجي، ولم تحتفل بـ «ترامبو» كأنشودة حريّة!

نخرج من الفيلم ونحن نفكّر أن المكارثيّة هي روح أميركا، منذ انتصرت على الرفيق ترامبو ورفاقه في الخمسينيات. لم يتغيّر شيء. أميركا «صيد الساحرات» ليست بعيدة عن أميركا «غوانتنامو»! الآلة المالية والتكنولوجيّة الضخمة تستعمل لغسل الأدمغة والقمع والابتزاز بإسم «القيم الأميركية». والتقنيّات القديمة إيّاها في الإقصاء والأبلسة والتكفير، توظّف لصدّ الأفكار والقوى التي تهدد نظام الاستغلال، ونزعة الهيمنة على العالم. أما نحن في هذا المقلب من العالم، فورثنا هزيمة دالتون ترامبو وقيمه النبيلة، لذا نستعيد سيرته كأننا نعيش قصّة قهرنا الراهن. نحن مثله ضحايا الأميركا التي لم يكن يريدها.

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترPierreABISAAB@

هوليوود تستعيد صفحة مظلمة من تاريخها

علي وجيه

من حين إلى آخر، تعود هوليوود إلى الحقب المظلمة في تاريخ أميركا، لتقدّم قصّة ذاتية تصلح مثالاً للآلاف الذين لقوا المصائر نفسها. هذه المرة، نتابع قصة السيناريست الشيوعي الذي تعرّض لكل الممارسات من السجن إلى الإرهاب الاجتماعي والرسمي بحجة محاربة «أعداء أميركا»!

أصيبت هوليوود بالهلع هذا العام بسبب «افتقار التنوّع» في جوائز الأوسكار، التي أهملت الممثّلين السود في ترشيحاتها. مقدّم الاحتفال كريس روك ذكّر الجميع بأنّها ظاهرة قديمة، لكنّ السود كانوا مشغولين بأمور أكثر أهميةً، كالنضال لوقف قمعهم، والحصول على حق التصويت وما إلى ذلك.

في الأربعينيات والخمسينيات، عرفت هوليوود بشاعة أخرى: اجتثاث الشيوعيين. في أميركا، لا بدّ من الهوس بعدوّ دائماً، سواءً حمل ختم الشيوعيين أو الإسلاميين أو حتى الاسكيمو. هذا البلد المعقّد، خرج منتصراً من الحرب العالمية الثانية، بالشراكة مع الاتحاد السوفياتي. ارتفعت أسهم الحزب الشيوعي، الذي كان ملجأ الكثير من فاقدي الأمل إثر الكساد الكبير عام 1930. حرب الطائرات والدبابات وضعت أوزارها، لتبدأ أخرى باردة بين الماردين المنتصرين. في هوليوود، حيث تعمل الاستوديوهات بلا توقف، لك أن تكون شيوعياً وثريّاً في آن. هذا حال الكاتب والسيناريست الأميركي دالتون ترامبو (1905 – 1976). الرجل لا يخفي ميوله اليسارية، فيما يقيم المآدب في منزله الفخم. هو مزيج خلّاق بين المتطرّف البروليتاري وصاحب المال، بين طهارة المسيح ومكر إبليس. غير أنّ الحائز «الجائزة الوطنيّة للكتاب» عام 1939 عن روايته المناهضة للحرب «جوني حصل على بندقيّة»، حالم مثالي بطبيعة الحال. يكتب نهايات سعيدة، لأنّه يؤمن بها فعلاً. ينتصر لشيوعية تتيح التحقق للفرد والعدالة للجميع. يقول لابنته «نيكي»: «أحبّ بلادنا. إنّها حكومة جيّدة. ولكن أي شيء جيّد، يمكن أن يصبح أفضل». هكذا، يبدو «ترامبو» في بيوغرافيا السينمائي الأميركي جاي روش (1957)، الذي يبتعد عن الكوميديا إثر عناوين شهيرة، مثل سلسلة «أوستن باوز» و«تعرّف على الأهل» (2000). السيناريو لجون ماك نامارا، عن كتاب لبروس كوك. «ترامبو» ليس العمل الأوّل عن المؤلّف الراحل. بيتر أسكين حقق وثائقياً بالاسم نفسه عام 2007. «دالتون» ظهر كشخصية في الروائي الطويل «واحد من الهوليوديين العشرة» (2000) لكارل فرانسيس، ثمّ في الروائي القصير «الشاهد 11» (2012) لشين ميتشل. أكثر من ذلك، ابنه كريستوفر ترامبو، أخرج عرضاً مسرحياً عام 2003، استناداً إلى رسائل والده. السبب هو إغراء تلك الحقبة، التي تقترح مزيجاً غنيّاً من الدراما والسياسة والحنين والإسقاط على الراهن. هكذا، رأينا وودي آلن في «الجبهة» (1976) لمارتن ريت، يقول لـ «لجنة الأنشطة غير الأميركيّة» في جلسة استماع: «اذهبوا جميعاً وضاجعوا أنفسكم». روبرت دي نيرو مخرج حائر بين خسارة المهنة والوشاية بالآخرين في «مذنب بالاشتباه» (1991). ديفيد ستراثيرن صحافي شرس في وجه السيناتور الشهير جوزيف مكارثي في «تصبحون على خير، وحظ سعيد» (2005) لجورج كلوني.

اللب تراجيدي صرف والقشر مرح، مع موسيقى جاز لطيفة

شريط روش يواكب العاصفة منذ البداية. «ترامبو» (بريان كرانستون) يعيش حياةً مثاليةً عام 1947. هو السيناريست الأغلى أجراً في هوليود، وبالتالي العالم. إلى جانبه، تبتسم زوجة محبّة هي «كليو» (ديان لاين)، وأمام ناظريه يلعب أطفال جميلون. لديه أصدقاء يؤمنون بالأفكار نفسها، يعملون في الإخراج والتمثيل والتأليف. بشكل متسارع، تنقلب الأمور رأساً على عقب. «تحالف الفيلم لحماية القيم الأميركيّة» مدججاً بأسماء مثل جون واين، وسام وود، يفتح النار على الشيوعيين في هوليوود. الكاتبة في «لوس أنجليس تايمز» هيدا هوبر (هيلين ميرين) تشنّ بروباغندا هستيريّة ضدّ ترامبو ورفاقه، على اعتبار أنّهم جزء من مخطط سوفياتي لتقويض الديمقراطيّة وتدمير البلاد. الكونغرس من خلال «لجنة الأنشطة غير الأميركيّة» برئاسة العضو جاي بارنيل توماس (جايمس دومونت)، يصعّد إلى مستوى المساءلة القانونيّة، متجاهلاً التعديل الدستوري الأول الذي يكفل حريّة الفكر والتعبير. «الهوليووديون العشرة» هم كبش الفداء. ترامبو إلى جانب تسعة آخرين، معظمهم من كتّاب السيناريو، يرسلون إلى السجن بتهمة ازدراء اللجنة. «ترامبو» يمضي 11 شهراً خلف القضبان، تحت رقم 7551. في الخارج، تُفتَح أبواب الجحيم على مصراعيها. هوس «الخطر الأحمر» يعشّش في الشوارع والبيوت: «هل أمّك هي أمّك؟» (بمعنى، قد يكون الشيوعي أحد أفراد عائلتك). «القائمة السوداء» تطول لتشمل آلاف الممنوعين من العمل في الصناعة. الحظر الإبداعي يتوّج سلّة من الضرائب العائلية والصحية والاجتماعية. يخرج ترامبو ليجد أفقاً مسدوداً. ماذا يفعل مَن لا يجيد سوى الكتابة؟ الاسم المستعار حل لا بأس به، للتكيّف مع العتم المحيط والضباب الكثيف والغرباء المتربّصين. الانخراط في أفلام الدرجة الثانية B – Movies، بداية لتدمير «القائمة السوداء» من الداخل. الأسلوب: سنوات من العمل لـ 18 ساعة في اليوم، انتظاراً للحظة المناسبة. النتيجة: عدد من النصوص، منها «عطلة رومان» (1953) لوليام ويلر و«الشجاع» (1956) لإرفنغ رابر، نال أوسكار أفضل سيناريو. في الحالتين، ذهب التمثال لفائزين مزيفين.

تأزيم «ترامبو» مفترق طرق، ومحرّض فعّال على التغيير. السجن يصنع قرار الاشتباك مع المنظومة. موت صديقه «آرلين هيرد» (لويس سي. ك) بالسرطان، يحفّر رغبته في كتابة أفلام جيّدة. الغليان العائلي، والاشتباك مع ابنته يدفعه إلى الهدوء والمطالبة بالأوسكارين. وسط كلّ ذلك، يدق كل من كيرك دوغلاس، وأوتو بريمنجر الباب، ليساعدا في إعادة الأمور إلى نصابها.

بريان كرانستون يتوهّج بأداء مدهش. الممثّل الذي خرج من الأدوار الصغيرة، ولمع في مسلسل Breaking Bad، يقدّم «دالتون ترامبو» من لحم ودم، من دون الوقوع في الكليشيه. لن نتخيّل سواه جالساً في البانيو، مع كأس ويسكي في يد، وسيجارة ملتصقة بمبسم خشبي في الأخرى. ديان لاين لافتة بدور الزوجة الصابرة الحريصة على العائلة. جون غودمان صاحب حضور محبّب دائماً. للمرّة الثالثة خلال سنوات قليلة، يلعب المنتج بذيء اللسان، بعد «الفنان» (2011) لميشيل هازانافيسوس و«آرغو» (2012) لبين آفليك. عموماً، كل محيط ترامبو يتفاعل لخدمته لا أكثر، رغم تأثير ذلك على بناء بعض الشخصيات.

«ترامبو» شريط شجاع عن الحريّة وأهميّة الفرد، عن العائلة والصداقة، عن الخيارات الأخلاقية على المحك. اللب تراجيدي صرف. القشر مرح، مع موسيقى جاز لطيفة. بذكاء، ينجو جاي روش من الميلودراما والتنميط. سينمائياً، تستمرّ أميركا في نكئ الجراح، ونبش الحقب المظلمة. تأسيس «الأمّة» على العنف والدم، وتاريخ العبودية، وتفشّي العصابات، وتوحّش الرأسماليّة، أمثلة بارزة على ذلك.

الأخبار اللبنانية في

07.03.2016

 
 

أسامة عبد الفتاح يكتب:

"عنصرية" الأوسكار.. وعنصرية السود المضادة

** شيريل بون آيزاكس وكريس روك دليلان على براءة الأكاديمية الأمريكية من تهمة التمييز

من المعروف والمؤكد أن الولايات المتحدة ما زالت تعاني من آثار تاريخ طويل من العنصرية والتمييز، خاصة ضد السود، لكن المؤكد أيضا أن الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما، التي تمنح جوائز الأوسكار، لا تعاني من هذا الوباء، على الأقل في الفترة الحالية، بمنتهى البساطة لأن رئيستها، شيريل بون آيزاكس، سوداء، وتعمل بقوة على تغيير خريطة وتركيبة أعضائها.
كما تم إسناد تقديم حفل توزيع جوائز الأوسكار رقم 88، في 28 فبراير الماضي، إلى ممثل أسود هو كريس روك، وكان من المعروف للجميع أنه سينتقد - بحدة وسخرية - ترشيحات الأوسكار، والتي أُعلنت في 14 يناير الماضي، لخلوها تماما من أسماء الفنانين السود في كل الفئات، ولو كانت اتهامات العنصرية صحيحة لأسندت الأكاديمية تقديم الحفل لشخص آخر.

المشكلة أن السود في أمريكا، أو الأمريكيين الأفارقة، لا تزال تطاردهم عقدة وتداعيات العنصرية في البلاد التي أُجبر أجدادهم على الهجرة إليها ليكونوا فيها عبيدا، ولا يزالون يتعاملون كأقلية في الولايات المتحدة، حيث لا يتجاوز عددهم 13% فقط من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 320 مليون نسمة، مما يدفعهم أحيانا لممارسة عنصرية مضادة ضد البيض، ظهرت واضحة في حملتهم الضارية ضد ترشيحات الأوسكار 2016 لاقتصارها على البيض فقط.

ووفقا للمتحدثين باسم هيئات السود ومنظمات مناهضة التمييز العنصري، تجاهلت الترشيحات أصحاب البشرة السمراء تماما رغم وجود أعمال لهم تستحق التقدير، وحتى الفيلمين اللذين تمكنا من دخول القائمة، واللذين يحملان توقيع الأمريكيين الأفارقة - كما يسمون أنفسهم، فلم يترشحا إلا عن عناصرهما من البيض، وأولهما "كريد"، الذي كتبه وأخرجه ريان كوجلر كجزء سابع من سلسلة أفلام "روكي"، وقام ببطولته مايكل بي. جوردان، وكلاهما من السود، لكن أعضاء الأكاديمية لم يختاروا سوى رجل أبيض، هو سلفستر ستالون، في فئة أفضل ممثل في دور مساعد.

أما الثاني فهو الفيلم المهم "مباشرة من كومتون"، الذي أخرجه الأسود "إف. جاري جراي"، وقام ببطولته مجموعة من الممثلين السود الشباب منهم جيسون ميتشيل وكوري هوكينز وأوشيا جاكسون الصغير، وكانت التوقعات تضعه ضمن فئة أفضل فيلم وفئتي أحسن تمثيل رجال، فإذا به ينال ترشيحا واحدا فقط عن أفضل سيناريو مكتوب مباشرة للسينما لكاتبيه جوناثان هرمان وأندريا بيرلوف، وهما من البيض.

وهناك أفلام ذات هوية سوداء تم تجاهلها تماما، مثل "شي-راك" للمخرج الكبير سبايك لي، و"وحوش بلا وطن" الذي أخرجه كاري فوكوناجا "غير الملوّن"، لكنه يدور حول الحرب الأهلية في إحدى الدول الأفريقية، ورشح كثيرون بطله الأسود إدريس ألبا لأوسكار التمثيل.. كما اندهشت معظم الأوساط السينمائية الأمريكية من استبعاد النجم ويل سميث من المنافسة على جائزة أحسن ممثل عن دوره المتميز في فيلم "ارتجاج".

لكني أصر على تبرئة الأوسكار من تهمة العنصرية، ليس فقط لوجود آيزاكس وروك، ولكن من واقع سجلات الجوائز نفسها، منذ عامين فحسب.. صحيح أن عام 2015 شهد غيابا مماثلا للسود، إلا أن فوز الفيلم البريطاني/الأمريكي "12 عاما من العبودية" بجائزة أفضل فيلم، عام 2014، يُعد ردا مفحما على من يزايدون على الأكاديمية ويتهمونها بالتمييز.

يفضح الفيلم، وهو من إخراج البريطاني الأسود ستيف ماكوين، تاريخ العنصرية والتمييز الأمريكي الذي أشرنا إليه، ويكتسب قوته من ارتكازه على قصة حقيقية، وتحديدا على مذكرات سولومون نورثاب، الذي يؤدي شويتل إيجيوفور دوره، والذي يروي تجربته مع العبودية حين كان حرّا وتم اختطافه في واشنطن عام 1841، وبيع كعبد ليعمل بالسخرة في مزارع "أسياده" في لويزيانا لمدة 12 عاما تم تحريره بعدها.

وأحب أن أذكّر السود بأن هذا الحفل كان ساحة لتألق الأفارقة من أبناء المهاجرين إلى الغرب الرأسمالي الغني، ومنهم إيجيوفور، الذي ترشح لجائزة أفضل ممثل عن الفيلم، لكنها ذهبت إلى ماتيو ماكوناهي عن دوره في فيلم "نادي دالاس للمشترين".. وقد وُلد هذا الممثل البريطاني الأسود في لندن لأبويين نيجيريين في 10 يوليو 1977، وينتمي إلى الجيل الأول من أبناء المهاجرين النيجيريين في بريطانيا.

ومن فريق "12 عاما من العبودية" أيضا، هناك الممثلة السوداء لوبيتا نيونجو، المولودة عام 1983، والتي تحمل الجنسيتين الكينية والمكسيكية، حيث وُلدت في المكسيك لأبوين كينيين، وعاشت فيها عاما واحدا قبل أن تعود الأسرة إلى كينيا وتستقر فيها إلى اليوم.. وقد دخلت لوبيتا تاريخ الأوسكار في تلك الليلة المشهودة، حيث فازت أفضل ممثلة مساعدة في أول ظهور سينمائي لها.

وتواجدت أفريقيا السمراء بقوة في تلك الليلة أيضا من خلال الممثل برخد عبدي، الذي كان مرشحا لأوسكار أفضل ممثل في دور مساعد عن فيلم "الكابتن فيليبس"، وهو ممثل صومالي أمريكي وُلد في مقديشو عام 1985، وتلقى تعليمه في اليمن، وفي عام 1999 انتقل مع أسرته إلى مدينة مينيبوليس بولاية مينيسوتا الأمريكية.

ويُضاف ذلك بالطبع إلى عشرات الجوائز والتكريمات التي نالها الأمريكيون الأفارقة من أكاديمية الأوسكار قبل هذا التاريخ وبعده، مما ينفي تهمة العنصرية، ويرجّح بقوة - هذه المرة - احتمالات العنصرية المضادة.

جريدة القاهرة في

08.03.2016

 
 

يارا شاهين تكتب:

“سبوتلايت”.. الحكم للمُشاهد

في عام ١٩٧٦ قدم المخرج الرائع آلان باكولا فيلمه الشهير “All the President’s Men” أو كل رجال الرئيس. وشهرة الفيلم لا تنبع فقط من كونه فيلما سينمائيا ممتعا وجذابا، بل من موضوعه أيضا، فهو يتحدث عن قصة الصحفيين الأشهر كارل برنستين وبوب وودورد في كشف قضية تجسس الجزب الجمهوري على مرشحي الحزب الديمقراطي في مبنى ووترجيت، والتي ستتحول لاحقا إلى “فضيحة ووترجيت” لتطيح بالرئيس نيكسون في عام 1974.

في ٢٠١٦ صدمت الأكاديمية الأمريكية العالم بمنحها أوسكار أفضل فيلم، لفيلم ” Spotlight” سبوتلايت لتوم مكارثي. في الواقع صدمة الجماهير والمشاهدين في محلها، فالفيلم بسيط وتقليدي جداً، لا يحمل أياً من الغموض الذي يحمله “كل رجال الرئيس”، الذي اشتهر مُخرجه بأفلام مزاجية وأجواء البارانويا التي تجعلك طوال الفيلم قلقا على الصحفيين، رغم معرفتك المسبقة أنهما لم يصابا بأذى.

سيناريو “سبوتلايت” مكتوب بطريقة تقليدية مع تصاعد للأحداث بصورة متوقّعة تقريبا. نحن أمام مجموعة من الصحفيين يشكّلون قوام وحدة تحقيقات استقصائية تحمل اسم “سبوتلايت” في صحيفة “بوسطن جلوب”، تتتبّع قصّة تبدو هي الأخرى غير جديدة، فقضية الإستغلال الجنسي للأطفال من قبل كهنة الكنيسة الكاثوليكية ليست بغريبة أو مجهولة في 2016 بكل تأكيد. حتى الصحفيين في سبوتلايت لم يكونوا أبطالا يدخلون عشّ الدبابير في العاصمة، بل صحفيين مهنيين محترفين في سياق محلي جدا داخل مدينة بوسطن.

يبدو التمثيل متواضعا أو لنقل عاديا، لكن هذه هي أزمة الأفلام التي تقدّم قصصا حقيقة لشخصيات معروفة وموجودة بالفعل. مارك رافلو، مثلاً، كان معظم تركيزه على رسم شخصية صحفي جريدة بوسطن جلوب (التي تتبعها وحدة سوبتلايت) ليبدو مثله ويشابهه في طريقة كلامه. ربما فقط كانت راشيل آدامز أكثر دفئا في مشاهدها كصحفية تستمع لقصص ضحايا الاستغلال الجنسي، لكن في الحقيقة لا يستحقّ أي من الأدوار ترشيحات في فئة التمثيل. على العكس منه فيلم “كل رجال الرئيس”، حيث قام بأدوار برنستين و وودورد كل من داستين هوفمان وروبرت ريدفورد. لم أر وودورد ولا برنستين على الشاشة بالطبع (ربما إذا نقّبت في يوتيوب)، لكني أعلم جيدا من هما هوفمان وريدفورد (تقريبا شاهدت كل أفلامهما)، ومن كانا أمامي على الشاشة هما هوفمان وريدفورد، وليسا برنستين و وودورد.

لم يحصل “كل رجال الرئيس” على أوسكار أفضل فيلم، بل حصل على أفصل سنياريو مقتبس الذي يستحقّه بشدة، ولا يزال هذا الفيلم محفورا في ذاكرة محبّي السينما والشعب الأمريكي والصحافة الأمريكية، بل والعالمية ليذكّر بأن الصحافة في يوم من الأيام قامت بدورها وهزّت عرش الرئاسة الأمريكية. فلماذا إذا أوسكار أفضل فيلم لـ”سبوتلايت”؟ هل جاء ليحتفي بالصحافة الاستقصائية الحقيقية في عصر تسيطر فيه التوك شوز والفضائيات على المشهد الإعلامي.. في عصر تعاني فيه الصحافة المكتوبة من أزمة تمويل ومحتوى، عصرالسوشيال ميديا وعبادة “الترافيك” والرسائل النصّية القصيرة؟ ربما.

لم يحتفِ “سوبتلايت” بالبطولات الفردية لأبطاله، لم يكن هناك فيلم عن بطولة وحدة البحث الاستقصائي في الكشف عن هذه الجريمة الكبرى، لم يحتفِ بالمحامي الأرميني الذي حمل هذه القضية على أكتافه لسنوات وجمع أوراقها وثابر وراءها كما هو الحال في فيلم “Erin Brokovich” إيرين بروكوفيتش مثلاً. بالعكس لا يوجد لأي من تلك الشخصيات عمق، لا نعلم عنهم أي شيء خارج إطار القصة التي تتصاعد في كريشندو واضح. حكاية أحد الآباء الكهنة له تاريخ مع استغلال الأطفال جنسيا تتكشف قليلا لنكتشف أنهم 13 كاهنا، ثم نفاجىء بالعدد الذي يصل إلى ٨٧ أي ٦ ٪ من إجمالي الآباء الكهنة في بوسطن بأكملها. ٨٧ رجلا يثق فيهم المجتمع ثقة عمياء هم مصدر كابوس أي أمّ وأبّ.

يذهب فريق التحقيق لرئيس التحرير بمعلومات حول أكثر من أب كاهن يمارس الاعتداء الجنسي على الأطفال، يذهبون بخيوط متعددة وقصص كثيرة مؤلمة لعشرات من الناجين/ات، لكن رئيس التحرير يردّ: “أنا لا أريد قصة أخرى من قصص التفاحة الفاسدة داخل سلّة التفاح الطيبة، هدفنا المنظومة وليس الأفراد”.

منذ أقل من شهر قتل أمين شرطة مصري، سائق نقل في حي الدرب الأحمر الشعبي، وتبعت الحادثة سلسلة من ردود الأفعال من قبل كافة الأطراف: الصحافة ووزارة الداخلية والرئاسة وأهل الشاب المقتول وأهالي الدرب الأحمر، تباينت المواقف بين من يؤكد أنها تفاحة أخري فاسدة ومن يصرّ على أن السلّة بأكلمها تحتاج لمراجعة.

ربما يكون أداء مايكل كيتون من أهدأ وأعمق الأداءات التمثيلية في الفيلم. يلعب كيتون دور رئيس وحدة “سوبتلايت” روبي روبينسون (روبي كما يطلقون عليه)، ابن مدينة بوسطن، الصحفي الشهير الذي يحترمه الجميع ويخشى سطوته ووجوده. عندما تتكشّف لـ روبي وفريقه حجم الاعتداءات ليصبح جلّيا أن هناك انتهاكا جنسيا مُنظّما ومنهجيا للأطفال المتعاملين مع الكثير من الآباء الكهنة، فيصاب ابن بوسطن البار “على الطريقة المصرية” بالصدمة. يبدأ في توجيه الاتهامات لأصدقائه المحامين الذين تورّطوا هم أيضا في تسويّات قضائية مشينة لصالح 87 أب كاهن -على الأقل- لإنقاذ الكنيسة من الفضيحة، ليكون ردّ فعلّ أصدقائه مُلّخص في جملة واحدة: “وأين كنت يا روبي من قبل؟”.

في نوفمبر 2012 قرأت أول شهادة لإحدى الناجيات من العنف الجنسي في ميدان التحرير، استمرّت قراءتي لمزيد من شهادات الناجيات وأصبح ميدان التحرير مكانا مرعبا بالنسبة لي. منذ ذلك التاريخ دخلت في معركة يومية مع كلّ من أصادفهم لأقنعهم بأن هذه الإنتهاكات وهذا العنف يحدث لكافة النساء في الميدان على اختلاف توجّهاتهم وأشكالهم ومعسكراتهم، وأنه إذا كان لابدّ من الدعوة للجميع للتظاهر -رجالا ونساءً- فيجب الاعتراف بوجود مشكلة ويجب مواجهتها لحماية النساء. في “سوبتلايت” يقود بحث الصحفيين إلى اكتشاف حقيقة مؤجّلة، وهي أن كلّ بوسطن تقريبا كانت تعلم. المدرسة الثانوية التي درس بها روبي نفسه، والتي أشرفت عليها الكنيسة الكاثوليكية بها ناجين (من ضمنهم زملاء له في فريق الهوكي)، النيابة أيضا تورطت في التسويّات المشينة، والقضاء الذي منع ظهور مستندات تثبت معرفة رأس كنيسة بوسطن الكاردينال “لو” (معناه بالعربية قانون) بكل ما اقترفه كهنته من انتهاكات، وبالطبع الشرطة متورطة في ذلك “أنت لا تريد أن ترى الأصفاد في أيدي أب كاهن”، هكذا يقول ظابط الشرطة لأحد الصحفيين. الجميع يعلم والجميع متواطيء.

على مدى أكثر من ثلاثين عاما استمرّت ماكينة التواطؤ المجتمعي المتناغمة في العمل في مدينة بوسطن وتركت مئات من الأطفال عرضة للخطر، تركوا الضحايا وهم الأكثر عرضة للتنكيل نظرا لظروفهم الأسرية والاجتماعية، فمعظم الأطفال كانوا من العائلات الفقيرة، أو ليس لديهم أب، أو الأم مريضة نفسيا.

التواطيء تم تطبيعه لدرجة أن أحد القساوسة الضالعين في الانتهاكات تحدّث بمنتهي السلاسة مع الصحفية، واعترف أنه بالفعل ارتكب انتهاكات جنسية، لكنها لم تصل أبدا للاغتصاب، فهو يعلم الفارق بين الإثنين!

في ظنّي، يعود إيقاع فيلم “سبوتلايت” الهاديء والرتيب -أحيانا- إلى تعمّد من جانب فريق العمل ليقرأ كلّ منّا ما بين سطور تلك القصة المؤلمة، وربما يكون ذلك هو السبب وراء حصوله على أوسكار أفضل فيلم.

لم يكن “سبوتلايت” عن بطولة البوسطن جلوب وفريقها، الذين يعملون وفق منظومة تحمي الصحافة والصحفيين وتلزم الدولة ومؤسساتها بتقديم المعلومات وإتاحتها. لم يمجّد أفرادا قاتلوا من أجل أن تظهر الفضيحة للعالم، لم يكن غرض السيناريو -الذي في ظني أراد كُتّابه عن قصد أن يكون باهتاً- أن يتبحّر في عالم الكنيسة الكاثوليكية والمنظومة التي تحوّل 6% من الآباء الكهنة إلى معتدين على الأطفال.

السيناريو الباهت أراد ببهتانه أن يظهر كل هذا التواطيء المنظم لسنوات، ويبقى البطل الحقيقي هو مجتمع بوسطن، أهل بوسطن إن صدق التعبير، وقدرتهم على مواجهة هذه الكارثة المشينة. البطل هو أهالي بوسطن المتواطئين طوال سنوات، إذ يواجهون حجم المآساة التي تسبّب تواطؤهم وصمتهم في تصاعدها. في صبيحة يوم نشر التحقيق في 2002 يجلس روبي وفريقه ورئيس التحرير ليراجعوا آخر الخطوات قبل النشر، ينفجر الجميع في حالة تطهرّية، يتهّمون فيها المحامين تحديدا بأن صمتهم لسنوات ترك الكارثة تتفاقم، يتعالى صوت آخر بأن المحامين كانوا يقومون بعملهم ومهام وظيفتهم، ثم فجأة يعترف روبي أن أحد هؤلاء المحامين أرسل له في عام 1993 قائمة بأسماء 20 قسا متورطا في انتهاكات جنسية، ولكنه لم يهتمّ وقتها ودفَنَها في الصفحات الداخلية للجريدة. “المهم هو اليوم، إننا ننشر هذه القصة الآن”، هكذا كان ردّ رئيس التحرير القادم من خارج مدينة بوسطن ليدعو الجميع لمواجهة التواطؤ والاعتراف به والعمل على تغييره.

مع نهاية عام 2002 وإثر الفضيحة الكبرى التي كان لها مزيد من الآثار في العالم بأكمله في الكشف عن الانتهاكات الجنسية للأطفال من قبل الكنيسة الكاثولكية، يضطرّ الكاردينال لو إلى تقديم استقالته من على رأس كنيسة بوسطن.

في 2004 يقوم البابا يوحنا بولس الثاني بوضعه على رأس أحد أهم الكنائس بروما.

موقع زائد 18 المصري في

08.03.2016

 
 

النجوم السود ضربوا »كرسي« في كلوب حفل الأوسكار لكن ربنا ستر!

ماجده خير الله

لم يحدث في تاريخ الأوسكار الممتد لثمانية وثمانين عاماً أن حدث، مثلما حدث في الحفل الأخير الذي أذيع علي العالم مساء الأحد 28 فبراير وشاهده مئات الملايين علي الهواء مباشرة، حيث تحول الحفل إلي حالة من العنصرية الممجوجة، قام بها مجموعة من النجوم السود، للضغط علي أعضاء أكاديمية علوم وفنون السينما المانحة للأوسكار، بزعم أن هناك تجاهلاً متعمداً لترشيح النجوم السود هذا العام! تلك الحملة العنصرية الممجوجة التي بدأها من سنوات المخرج الأسود سبايك لي، وتصاعدت حتي وصلت هذا العام إلي منتهاها، حيث تحول الحفل علي يد مقدمه كريس كلارك إلي مجموعة من النكت العنصرية السخيفة، تحمل قدراً كبيراً من الاستهجان والعنصرية المضادة، كادت تفسد التأثير الإيجابي بحصول النجم ليوناردو دي كابريو علي جائزة الأوسكار الأولي بحياته، بعد عدة ترشيحات، كان جديراً أن يحصل علي أي منها، ولكنه لم يتهم الأكاديمية بتعمد تجاهله كما فعل النجوم السود! الذين تجاهلوا أن كثيراً منهم قد حصلوا في سنوات سابقة علي الأوسكار، ومما يكذب مزاعمهم أن أول ممثلة سوداء حصلت علي الأوسكار كان في عام 1939 كانت «هاتي مكدانيل» التي حصلت علي جائزة أفضل دور ثان في فيلم ذهب مع الريح، وكان «سيدني بواتييه» هو أول نجم أسود يحصل علي الأوسكار في عام 1964 عن فيلم The Lilies of field     كما ترشح النجم مورجان فريمان علي الأوسكار أكثر من مرة وحصل علي أوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم طفلة بمليون دولار، للممثل والمخرج كلينت استوود، وحصلت ووبي جولدبيرج علي أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم الشبح في عام 1991 وهي ضمن أشرس من افتعلن الضجة العنصرية، وقد حضرت حفل الأوسكار وشاركت في تقديم بعض فقراته، وكانت مقدمة الحفل في سنوات سابقة!!! أما النجمة هال بيري فقد حصلت علي الأوسكار في عام 2001 عن فيلم Monster ball وفي نفس العام حصل النجم الأسود دينزيل واشنطن علي أوسكار عن فيلمه يوم التدريب ولم يقل أحد إن الجوائز أغفلت النجوم البيض، رغم أن الأحق بالجائزة في ذاك العام كان النجم «راسل كرو» عن أدائه الرائع لفيلم العقل الجميل!! وفي عام 2005 حصل جامي فوكس علي الأوسكار عن دوره في فيلم «راي»، الذي جسد فيه شخصية عازف الساكس الكفيف راي، وكان المرشح للأوسكار في هذا العام ليوناردو دي كابريو عن فيلمه الجميل The aviator   إخراج مارتن سكورسيزي، وكلينت استوود عن طفلة بمليون دولار، وجوني ديب عن فيلم Finding never land   ولم يعترض أي من النجوم الثلاثة البيض علي حصول فوكس علي الأوسكار رغم أن أياً منهم كان الأجدر به، وفي عام 2012 حصلت الممثلة السوداء أوكتافيا سبينسر علي جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن فيلم «المساعدة» وكان النموذج الصارخ للعنصرية المضادة حصول فيلم 12 عاماً من العبودية علي أوسكار أفضل فيلم وحصول لوبيتا نيونجو علي أوسكار أفضل ممثلة مساعدة كان ذلك في عام 2014 وكانت الأفلام المنافسة بينها جرافيتي وهير وأي منهما كان بالطبع أجمل كثيراً في محتواه ومستواه الفني من 12 عاماً من العبودية الذي كانت تدعمه أوبرا وينفري التي ساهمت في إنتاجه! العنصرية شيء قميء فعلاً بكل أشكالها ومعانيها، سواء كانت موجهة من البيض للسود أو العكس! وبعيداً عن الحالة العنصرية، فإن معظم الجوائز ذهبت لمن يستحقها، ومنها الست جوائز التي حصل عليها فيلم ماد ماكس، والثلاث التي حصل عليها فيلم العائد وهي أفضل ممثل وكانت من نصيب ليوناردو دي كابريو وأفضل مخرج وحصل عليها إليخاندرو جونداليز انيريتو وجائزة التصوير وحصل عليها  إيمانويل لويبزكي، وجائزة أفضل أغنية التي حصل عليها «سام سميث» عن فيلم  جيمس بوند SPECTRE وجائزة أفضل ممثلة التي ذهبت إلي بري لارنسون عن فيلم الغرفة، وأفضل ممثلة مساعدة التي نالتها إليشيا فيكاندر عن فيلم الفتاة الدانمركية، وجائزة أفضل ممثل مساعد التي حصل عليها مارك ريلانس عن استحقاق!

كانت التعليقات العنصرية في حفل الأوسكار تشبه مجموعة من البقع السوداء التي أفسدت جمال الثوب الوردي!

آخر ساعة المصرية في

08.03.2016

 
 

فيلم "جسر الجواسيس" يعود للحرب الباردة

"ستيفن سبيلبرغ" يبرز تفوق القيم الأمريكية

الجزائر: حميد عبد القادر

يبدو جليا، أن المخرج الأمريكي “ستيفن سبيلبرغ” التصق  بالتاريخ، فمنذ فيلم “إمبراطورية الشمس” سنة 1987، الذي يظل أحد أقوى أفلامه، حيث كرسه كمخرج كبير، بعد أن أخفق في كسب ثناء النقاد، رغم النجاح التجاري الضخم لفيلم “أنديانا جونز” في مطلع الثمانينيات، ثم فيلم “قائمة شيندلر” سنة 1993، و”إنقاذ الجندي رايان” عام 1998. ورغم تركه قيمة الحرب العالمية الثانية مع فيلم “لينكولن” عام 2012، وتوجّهه إلى أمريكا ما بعد الحرب الأهلية، ها هو يعود بفيلم “جسر الجواسيس”، إلى فترة الحرب الباردة لإبراز تفوق القيم الأمريكية مرة أخرى.  تناول “ستيفن سبيلبرغ”، في فيلم “جسر الجواسيس” قضية جاسوسية جرت وقائعها سنة 1957. بطل الفيلم كما القصة الواقعية، محامي أمريكي متخصص في القضايا المتعلقة بالتأمينات يُدعى جيمس دونوفان (تمثيل توم هانكس9، تقوم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بتعيينه للدفاع عن شخص يُشتبه في أنه جاسوس للاتحاد السوفيتي يُدعى “رودلف آيبل”، يجسد دوره الممثل مارك رايلانس، الذي تحصل بفضله على “أوسكار” أفضل ممثل مساعد

يعتبر “ردولف آيبل” فنانا فاشلا، لكنه جاسوسا حاذقا تلاحقه الأجهزة الأمريكية، وتقوم باعتقاله في شقته بحي بروكلين ويُزج به في السجن، دون العثور على أي أدلة تثبت تورطه، إذ تمكّن من إخفائها في غمرة اعتقاله. وبينما كان المجتمع الأمريكي يتّجه نحو خوض غمار حرب عقائدية مع الشيوعية ممثلة في الاتحاد السوفييتي، لا يجد آيبل من يدافع عنه، فيقرر المحامي دونوفان، من مكتب “واترز، كوان أند دونوفان” للمحاماة التكفل بالقضية والدفاع عن الجاسوس. اتخذ دونوفان هذا القرار بدافع إنساني ومهني، في وقت كانت فيه السلطات الأمريكية تريد الظهور للعالم في صورة نظام ديمقراطي عادل يوفّر حق الدفاع حتى للجواسيس السوفييت، لكن أمريكا التي تظهر في هذه الصورة المثالية، هي نفسها أمريكا غير المتسامحة التي أعدمت مواطنان أمريكيان بالكرسي الكهربائي، هما الزوج “جوليوس وايتيل روزنبرغ” سنة 1953، بتهمة الجوسسة لصالح الاتحاد السوفييتي

وتبرز مهنية “جيمس دنوفان”، من خلال سعيه للدفاع عن موكله عبر اتباع الإجراءات القانونية التي تتُبع لما يتعلق الأمر بأي مواطن أمريكي عادي، فيسعى لتبرئة موكله ويطالب المحكمة بعدم الأخذ بأدلة مفبركة، بدعوى أن موكله تعرض للتوقيف دون وجود أمر بالتفتيش، كقضية مفصلية في القضاء الأمريكي. وهنا يردد دونوفان على مسامع أحد رجال “السي. أي. أي”  تمثيل توم شيبرد “إن ما يميز الولايات المتحدة عن سواها من البلدان يتمثل في استعدادها للعب وفقا للقواعد المتعارف عليها”. وفي هذه اللحظة بالذات، يشعر المشاهد أنه يتعاطف مع  “توم هانكس”، ويقف إلى جانبه في لحظة دفاعه عن القيم التي قامت عليها أمريكا، فيتم استصغار رجل “السي. أي. أي” الذي تحوّل بمجرد جملة وموقف إلى رجل أقل شأنا، رغم أن توم هانكس قدّم هذا الجانب من شخصية “دونوفان” بشكل في غاية التبسيط، وبطريقة أقرب إلى الدعاية الإيديولوجية التي كانت رائجة في أمريكا خلال سنوات الحرب الباردة، فكان تأثيره على المشاهد سياسيا أكثر منه فنيا. ويتضح تفوق توم هانكس أكثر لما يردد، قائلا: “أنا إيرلندي الأصل، وأنت ألماني، لكن ما الذي يجعل كلينا أمريكيا؟ إنه كتاب القوانين. ذلك الذي أسميناه دستورًا، واتفقنا على بنوده، ذاك وحده لا غيره ما يجعل من كلينا أمريكيًا”.

بغية إضفاء قليل من الإثارة على الفيلم، لجأ سبيلبرغ إلى “مانوية” كلاسيكية تقدم أمريكا في صورة الخير المطلق”، وتظهر العدو الشيوعي في صورة الشر المطلق، فأسقط طائرة تجسس أمريكية مزوّدة بكاميرات، يقودها طيار يدعى “غاري باورز”، يقع أسيرا بين يدي السوفييت، فتستنجد أجهزة المخابرات الأمريكية مرة أخرى بالمحامي جيمس دونوفان، وتطلب منه السفر إلى ألمانيا الشرقية لإجراء مفاوضات غير رسمية قصد بلورة صفقة تبادل للسجناء، يتم بموجبها مبادلة آيبل بـ“باورز”.  بعد وصول دونوفان إلى برلين الشرقية، يجدها غارقة في بؤس ما بعد الحرب، فيشرع في المفاوضات مع السوفييت. وفي هذه الأثناء، يقع طالب أمريكي بجامعة “ييل” بين يدي أجهزة “الستازي” الألمانية، فيسعى لتحرير كلا الرهينتين الأمريكيتين مقابل تسليم “آيبل” رغم أن رجال “السي.أي. أي” أخبروه باستعادة الطيار الأمريكي فقط، دون الاهتمام بمصير الطالب.

وسط أجواء مشحونة تخضع للصراع الإيديولوجي، يقدم توم هانكس على مخاطرة غير محسوبة لا يعلم إن كان سينجو من عواقبها، بيد أن الشيء المهم بالنسبة لسبيلبرغ، هو التأكيد على إظهار الجانب الإنساني في شخص دونوفان، رب العائلة المثالي المُسالم، الذي يترك لصوص ألمان يسرقون منه معطفه، دون أن يبدي أي مقاومة، كما يبرز أهمية امتلاك الفرد الأمريكي تلك القدرة العجيبة على المبادرة واتخاذ القرار، ويتحول الفيلم وفق هذا التصور إلى لحظة عوّدنا عليها سبيلبرغ المهووس بإظهار القيم والمثل العليا الأمريكية

يحمل سيناريو الفيلم الذي كتبه الأخوين “كوهين” حبكة سياسية وتفاصيل إنسانية كثيرة، تتجسد في شخص جيمس دونوفان. وتتفوق هذه التفاصيل  للنموذج الأمريكي على حساب نموذج شيوعي يعتبره الأمريكي بأنه شرير وغير إنساني.

اعتمد الفيلم بالأخص على تقنية القطع المتوازي، بيد أن شخصية الطيار “باورز” دخلت بشكل مفاجئ دون أي مقدمات. غير أن التركيز أكثر على القسوة والتعذيب الذي تعرض له على يد السوفييت كان كافيا لاستمالة المشاهد، وشد انتباهه، وجعله ينسى الدخول المفاجئ للطيار “باورز”.

واللافت في سيناريو الفيلم كذلك، غياب لقطات الإثارة والحركة التي عوّدنا عليها سبيلبرغ في جل أعماله السينمائية، وبالأخص في فيلم “إنقاذ الجندي رايان”. ويزخر الفيلم بتفضيل واضح وواع لأسلوب الحوار وللأطر الثابتة لتقديم القصة. ويبدو أن سبيلبرغ أراد أن يقول للأمريكيين إن السياسة في نهاية الأمر يجب أن تخضع للحوار والإقناع، فقدّم صورة أخرى عن كيفية التعامل مع الخصم، في أمريكا تعودت على “الخوف من الآخر ومن الخصم” إلى درجة أن هذا الخوف قد يصنع حسب سبيلبرغ تطرفا مماثلا لتطرف العدو، بحيث يتعرض جيمس دونوفان، لسيل من الشتائم ولعنف جيرانه، ويصبح محط نظرات الاحتقار من قبل زملائه في مكتب المحاماة، الأمر الذي يُعرّض حياته وحياة أسرته للخطر. وفي القطار تبحلق فيه امرأة كمحامي خائن يدافع عن جاسوس. كل هذه المواقف التي تعكس انتقال التطرف للمجتمع الأمريكي في لحظة دفاع عن القيم الديمقراطية، تعتبر بمثابة إحدى نقاط قوة الفيلم، التي نقلها سبيلبرغ دون الوقوع في نزعته الدعائية.

الخبر الجزائرية في

08.03.2016

 
 

جوائز الأوسكار.. أرقام قياسية جديدة

عمان - محمود الزواوي

سجلت جوائز الأوسكار لأفلام العام 2015 والتي صدرت أخيرا عددا من الأرقام القياسية. ومن ضمن ذلك ما حققه النجم السينمائي ليوناردو ديكابريو في فيلم «العائد» الذي فاز عن دوره فيه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور رئيسي والذي حقق ذلك في ترشيحه السادس لهذه الجائزة، أي بعد مرور 23 عاما على ترشيحه الأول لجائزة الأوسكار عن دوره في فيلم «ما الذي يشغل جيلبيرت جريب» (1993).

وكان فوز ليوناردو ديكابريو بالمنافسة على جائزة الأوسكار هذا العام عن فيلم «العائد» مع أربعة ممثلين آخرين شبه مؤكد بالنظر لأدائه المتفوق لدور شخصية حقيقية هو الصياد هيو جلاس الذي يقوم برحلة طولها 320 كيلومترا في منطقة وعرة تكسوها الثلوج في العام 1823 ويتعرض خلالها لسلسلة متواصلة من المخاطر والمعاناة من جراحه وقلة الطعام وهجمات الهنود الحمر والمهاجرين الفرنسيين، وذلك سعيا للانتقام من صياد زميل شرير غدر به وقتل ابنه وتركه يعاني من جراحه بعد أن فتك به دب متوحش. ويتميز أداء الممثل ليوناردو ديكابريو بتجسيده المدهش لشخصية بطل الفيلم والتصوير الواقعي للطبيعة القاسية لمواقع أحداث قصة الفيلم في القرن التاسع عشر.

ومما عزز موقف الممثل ليوناردو ديكابريو بالنسبة للممثلين الأربعة الآخرين الذين تنافسوا معه على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور رئيسي هذا العام أنه فاز بما مجموعه 31 جائزة عن دوره في فيلم «العائد»، ورشح لاثنتي عشرة جائزة أخرى. وشملت الجوائز التي فاز بها، بالإضافة إلى جائزة الأوسكار، جوائز الكرات الذهبية والأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون ورابطة ممثلي السينما الأميركيين وجائزة هوليوود، كما هيمن على جوائز روابط نقاد السينما الأميركيين، بفوزه بعشرين منها، ومن بينها روابط نقاد السينما في واشنطن وبوسطن وشيكاغو وفلوريدا وجورجيا وأوكلاهوما ويوتا.

ومن الأرقام القياسية الأخرى التي سجلها فيلم «العائد» فوز مخرجه أليخاندرو جونزاليز إيناريتو المكسيكي المولد بجائزة الأوسكار لأفضل مخرج للعام الثاني على التوالي بعد فوزه بتلك الجائزة عن إخراج فيم «الرجل الطائر» (2014). والمخرج اليخاندرو إيناريتو هو أول مخرج يحقق هذا الإنجاز، أي يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل مخرج في عامين متتاليين، منذ 65 عاما، حين حقق ذلك المخرج الشهير جوزيف مانكيويكز في كل من فيلم «رسالة لثلاث زوجات» (1949) وفيلم «كل شيء عن حواء» (1950). وحقق هذا الإنجاز قبل ذلك المخرج الشهير جون فورد الملقب بملك أفلام رعاة البقر في كل من فيلم «عناقيد الغضب» (1940) وفيلم «كيف كان الوادي الأخضر» (1941). وجون فورد هو أيضا المخرج الوحيد الذي فاز بأربع من جوائز الأوسكار لأفضل مخرج في تاريخ هذه الجوائز.

ومن الأرقام القياسية الأخرى التي سجلها فيلم «العائد» فوز مصور الفيلم عمانوئيل لوبيزكي المكسيكي المولد بجائزة الأوسكار لأفضل مصور للعام الثالث على التوالي عن كل من فيلم «الجاذبية» (2013) وفيلم «الرجل الطائر» (2014) وفيلم «العائد» (2015)، وهو أول مصور يحقق هذا الإنجاز في تاريخ جوائز الأوسكار. ويحمل الرقم القياسي لعدد جوائز الأوسكار التي فاز بها المصورون السينمائيون في تاريخ جوائز الأوسكار، وهي أربع جوائز، كل من المصور جوزيف روتنبيرج الروسي المولد الذي فاز بأربع من جوائز الأوسكار بين العامين 1938 و1959، وكان آخرها عن فيلم «جيجي»، والمصور ليون شامروي الذي فاز بأربع من جوائز الأوسكار بين العامين 1942 و1963، وكان أخرها عن فيلم «كليوباترا».

يشار إلى أن فيلم «العائد» المبني على أحداث حقيقية، ويجمع بين أفلام السيرة الذاتية والدرامية والحركة والمغامرات والإثارة والتشويق ورعاة البقر، رشح لما مجموعه 200 جائزة سينمائية وفاز بخمس وستين جائزة. وتصدّر فيلم «العائد» أفلام العام 2015 بترشيحه لما مجموعه 12 من جوائز الأوسكار التي فاز بثلاث منها. أما الرقم القياسي لعدد ترشيحات الأوسكار في تاريخ هذه الجوائز فهو 14 ترشيحا حققها كل من فيلم «كل شيء عن حواء» (1950) وفيلم «تايتانيك» (1997).

جزء ثان من فيلم ذيب

عمان - بترا - رياض أبو زايدة

قال المنتج ناصر قلعجي احد منتجي الفيلم الاردني ذائع الصيت «ذيب»، ان الاستعدادات جارية لإنتاج الجزء الثاني من الفيلم الذي اخرجه ناجي ابو نوار ووصل الى القائمة النهائية للأفلام المرشحة لنيل جائزة الاوسكار عن قائمة الأفلام الاجنبية.

وقال قلعجي لـ(بترا) ان المشروع الآن في «مرحلة البحث « منذ اكثر من سنة على صعيد القصة او الحكاية التي يمكن ان تعيد فريق العمل الذي انتج «ذيب» في نسخته الاولى وحقق قرابة 21 جائزة، وبالتالي استثمار نجاح الفيلم الذي تواجد في معظم المهرجانات السينمائية. ورفض قلعجي الإفصاح عن القصة او الخيط الدرامي الذي سترتكز عليه مشاهد الجزء القادم من «ذيب» او المغامرة التي سيخوضها بطل الفيلم، مؤكدا ان المشروع الجديد سيكون بنفس الفريق الذي صنع ذيب في جزئه الاول وحكايته الاولى.

واكد ان خطوات الاعداد للجزء الثاني للفيلم تشبه تماماً الخطوات التي انجزت في الجزء الاول، حتى في البحث عن تمويل محلي وعالمي للمشروع الجديد «ذيب 2». وتدور أحداث فيلم «ذيب» الذي قام ببطولته جاسر عيد وحسن مطلق في الصحراء العربية عام 1916، حول قصة الفتى البدوي ذيب وشقيقه حسين اللذين يتركان مضارب قبيلتهما في رحلة محفوفة بالمخاطر في مطلع الثورة العربية الكبرى، حيث تعتمد نجاة ذيب من هذه المخاطر على تعلم مبادئ الرجولة والثقة ومواجهة الخيانة.

على صعيد آخر تنظم مؤسسة عبد الحميد شومان الاثنين المقبل جلسة حوارية مع عدد من طاقم عمل الفيلم يديرها الناقد عدنان مدانات تتناول ظروف صناعة الفيلم ورحلته في المهرجانات العالمية.

الرأي الأردنية في

09.03.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)