كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

«حرب» الدنمارك فى أفغانستان

بقلم: سمير فريد

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والسبعون

   
 
 
 
 

عرض فى مسابقة «آفاق» فى مهرجان فينسيا ٢٠١٥ الفيلم الدنماركى «حرب» إخراج توبياس ليندهولم، والذى يعبر عن مشاركة جيش الدنمارك فى الحرب الدائرة فى أفغانستان منذ عام ٢٠١١ بعد تفجير برجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك فى ١١ سبتمبر. وكان الجيش الدنماركى قد شارك أيضاً فى حرب العراق عام ٢٠٠٣.

هذا هو الفيلم الروائى الطويل الثالث لمخرجه الدنماركى الذى ولد عام ١٩٧٧، وتخرج فى مدرسة الفيلم الوطنية فى كوبنهاجن عام ٢٠٠٧، ويعتبر من أهم مخرجى جيله منذ أول أفلامه «ر» عام ٢٠١٠ الذى أخرجه مع ميشيل نوير. وعرف ليندهولم على الصعيد الدولى مع ثانى أفلامه «اختطاف» عام ٢٠١٢ عن قراصنة البحر الصوماليين، وفاز بعدة جوائز منها الجائزة الذهبية وجائزة «فيبريسي» فى مهرجان سالونيك. كما أنه كاتب سيناريو لأفلامه وأفلام أخرى منها تحفة توماس فينتربرج «الصيد» عام ٢٠١٢.

كما فى «حرب» لم يذهب ليندهولم فى «اختطاف» إلى الصومال كموضوع «غريب» عن بلاده. فالسفينة التى تختطف فى الفيلم دانماركية، وقائدها دانماركى، والسيناريو مستمد من وقائع حقيقية. وفى الفيلمين يتوجه الفنان إلى جمهوره فى الدنمارك وخارجها أيضاً حيث يشغل قراصنة الصومال والحرب فى أفغانستان العالم كله. كتب ليندهولم سيناريو الفيلم (١١٥)، وصوره بالألوان ماجنوس نوردينهوف يونسك. والدراما معادل موضوعى للإجابة عن سؤال: لماذا تشترك الدنمارك فى حرب أفغانستان. وذلك من خلال الضابط كلاوس بيدرسن (بيلو أسبيك)، قائد إحدى وحدات الجيش الدنماركى المشتركة فى الحرب، والذى يصدر أمراً لوحدته بإطلاق النار يؤدى إلى مصرع ١١ مدنياً أفغانياً، بينهم نساء وأطفال. وبسبب هذه الحادثة يوقف عن الخدمة العسكرية، ويعود إلى زوجته ماريا (توفا نوفونتي) وأطفالهما الثلاثة فى الدنمارك. ويحاكم كلاوس بتهمة التسبب فى قتل مدنيين، بينما الهدف من الاشتراك فى الحرب كما يذكر فى الحوار بالنص هو «حماية المدنيين من طالبان».

دعاية سياسية

إنه فيلم من أفلام الدعاية السياسية لإقناع مواطنى الدنمارك أن جيشهم يقوم بمهمة نبيلة باشتراكه فى حرب أفغانستان. ولكن من دون تحليل سياسى للحرب التى يقودها حلف ناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتى تشترك فيها الدنمارك باعتبارها من أعضاء هذا الحلف.

الجيوش فى الأصل للدفاع عن بلادها وعن حدودها. وعندما تذهب للحرب فى بلاد بعيدة لا تشكل لها أى تهديد، يقتضى الأمر تحليلاً سياسياً، وهو ما يفتقده الفيلم.

المشترك بين «اختطاف» و«حرب» أن أغلبية سكان الصومال وأفغانستان من المسلمين، وأن سبب المشاكل فيهما جماعات الإسلام السياسى التى تمارس العنف. وبينما لا يصور «اختطاف» الصوماليين من أعضاء هذه الجماعات كشياطين، وإنما كبشر مأزومين، لا نرى أيا من جماعة طالبان فى «حرب».

ومن المعروف أن الدنمارك هى البلد الذى شهد نشر الرسومات الكاريكاتورية المسيئة لرسول الإسلام، وهو ما أدى إلى العديد من الأزمات الحادة. ويؤكد الفيلم أن الدنمارك ليست ضد الإسلام والمسلمين. وهذا صحيح، ولكن على نحو مباشر وغير مقنع كما فى كل أفلام الدعاية السياسية.

يبدأ الفيلم بمصرع الجندى الدنماركى أندراس فى انفجار لغم، وصدمة زميله لاسى لأن أندراس حل محله فكأنه قتل بدلاً منه. ولاسى (دولفى الجبورى) مسلم واسمه لطفى وإن أطلق عليه لاسى. ويصاب لاسى بطلقة فى عنقه أثناء القتال، وينقل للعلاج فى لندن، ونراه يتحدث عبر دائرة تليفزيونية، وهو على السرير فى المستشفى مع زملائه فى الوحدة فى أفغانستان، ونراهم يصفقون له جميعاً فى نهاية الحديث. وهناك أيضاً الضابط المسلم نجيب (دار سليم)، وكلاهما يحضر محاكمة كلاوس، ويدافعان عنه بقوة.

الفرق كبير على كل المستويات بين «اختطاف» و«حرب». فعندما يكون الغرض من الفيلم، أو أى عمل فنى، الدعاية السياسية، ينعكس ذلك بالسلب على كل العناصر الفنية. صحيح أن تمثيل بيلو أسبيك فى دور كلاوس، وهو ممثل ليندهولم الأثير فى كل أفلامه الثلاثة، جاء جميلاً وقوياً، ولكن التمثيل وحده لا يكفى.

جائزتان لفيلم «على حلة عينى»

فاز الفيلم الفرنسى التونسى البلجيكى المشترك والمدعوم من صندوق سند فى الإمارات «على حلة عينى» إخراج ليلى بوزيد، والذى عرض فى البرنامج الموازى «أيام فينسيا» بجائزتين من جوائز البرنامج، وهما جائزة الجمهور وجائزة «ليبل سينما أوروبا».

الفيلم الذى صور فى تونس وتدور أحداثه عام ٢٠١٠ قبل شهور من الثورة، أول فيلم روائى طويل لمخرجته (انظر رسالة «المصرى اليوم» من مهرجان فينسيا عدد الاثنين ٧ سبتمبر عن الفيلم).

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

13.09.2015

 
 

حصة الأسد لمخرجي أمريكا اللاتينية في مهرجان فينيسيا السينمائي

صفاء الصالحبي بي سي - فينسيا

حصدت سينما أمريكا اللاتينية حصة الأسد من جوائز الدورة 72 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، بعد فوز مخرجين منها بجائزتي المهرجان الاساسيتين المعروفتين باسم الأسد الذهبي والأسد الفضي لمخرجين من فنزويلا والارجنتين.

وفحرت لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج المكسيكي الفونسو كوارون (مخرج فيلم "جاذبية" الحاصل على الاسد الذهبي لمهرجان فينيسيا وعدد من جوائز الأوسكار)

مفاجأة كبرى بمنح جائزة المهرجان الكبرى (الأسد الذهبي) لمخرج غير معروف عن فيلمه الطويل الأول، وهو فيلم "عن بعد" للمخرج الفنزويلي لورينزو فيغاس.

إذ لا تضم سيرته المهنية في موقع بينات السينما المعروف باسم (IMDb) سوى هذا الفيلم الروائي وفيلم قصير طوله 13 دقيقة، وشكر من المخرج المكسيكي اليخاندرو غونزاليس انتاريو (الحاصل على الاوسكار وأسد فينيسيا الذهبي عن فيلمه الرجل الطائر "بيردمان") عن مساهمته في فيلم "21 غرام" الذي كتب السيناريو له المخرج الارجنتيني غييرمو أريغا، والذي شكره بدوره ايضا عن مساهمته في فيلمه "السهل المحترق".

وبهذا الفوز يصبح فيلم "عن بعد" أول فيلم من فنزويلا ومن القارة اللاتينية يفوز بجائزة مهرجان فينيسيا السينمائي.

وحصد فيلم "العشيرة" او "العائلة" (The Clan) للمخرج الارجنتيني بابلو ترابيرو على جائزة الأسد الفضي التي تمنح لأفضل مخرج في أفلام المسابقة الرسمية.

ويتناول الفيلم مخلفات الحكم الديكتاتوري في الارجنتينن عبر رصد حياة أحد وكلاء الشرطة السرية (يؤدي دوره الممثل غييرمو فرانسيلا) يواصل ممارسة أساليب الاختطاف والابتزاز التي كان يمارسها ابان الحكم الديكتاتوري، فيتزعم بعد التحول الديمقراطي عصابة تقوم باختطاف الأشخاص الاثرياء وأقاربهم وطلب فدى من عوائلهم، ويحول الابتزاز إلى مشروع عائلي مشركا أبناءه في عملياته، ومستفيدا من تخادمه مع الأجهزة الامنية وحمايتها له، إذ يحاول مسؤولون فيها انقاذه حتى بعد أن يسقط في قبضة العدالة.

وردا عن سؤال وجه إلى كوارون عن مدى تأثيره في قرار اللجنة ومنح هذه الجوائز لمخرجين لاتينيين، أوضح أن له صوتا واحدا في اللجنه وأنه "حتى لو أردت (دعم أمريكا اللاتينية) فأن الأمر يستلزم مؤامرة أكبر".

ونجح في فيغاس في أن يدخل مدخلا قويا إلى عالم السينما في محاولته الاخراجية الأولى وفي اختياره العمل في منطقة ملتبسة، وشخصيات لا تكشف عن نفسها ودوافعها بسهولة، تتأرجح بين مشاعر المثلية الجنسية والعقد والمشكلات السايكولوجية والرغبة في الانتقام التي تغلف بغلاف من علاقة إنسانية تنمو ببطء وروية بين أرماندو الرجل الذي يعمل في صناعة أطقم الأسنان، ويتمتع بمستوى مادي جيد وايلير الشاب المنتمي لبيئة فقيرة، الحيوي والنشط والعدواني في الوقت نفسه.

ويبدأ فيغاس فيلمه بمتابعة بطله أرماندو وهو رجل في منتصف العمر لا يستطيع أن يبني علاقة جنسية سليمه بسبب عقدة من طفولته، فيقوم باصطياد شباب من الأحياء الفقيرة يمارس الاستمناء على أجسادهم، من دون علاقة جنسية مباشرة، بعد إغرائهم بالمال.

ويتعلق أرماندو بالشاب الفقير ايلير الذي يعمل في (سمكرة) السيارات، على الرغم من أنه يعامله بعدوانية ويضربه. كما يسرق ايلير نقوده عندما يحاول ارماندو غوايته وأخذه الى بيته، وتتكرر محاولات السرقة والضرب من ايلير غير مرة لكنه في كل مرة يعود إليه مقدما له المال وطالبا صداقته فيما يبدو للوهلة الاولى من دون مقابل.

ويبدأ ارماندو مع ايلير علاقة غريبة قائمة على إغراقه بالعطاء له من دون مطالبته باي شيء، وتنتهي هذه العلاقة بترويض عدوانية الشاب ايلير وتعلقه بأرماندو، وهذا الترويض ما يحرص مخرج الفيلم على تقديمة ضمن قالب مشوق وغامض وبلمسات انسانية معبرة.

ويلعب فيغاس بذكاء على الاختلاف في طبيعة الشخصيتين: تأني وعقلانية وتردد وتخطيط ودهاء أرماندو للوصول إلى أهدافه، واندفاع الشاب إيلير وتهوره ونهمه للحياة وشهوانيته، فهو يقوم بقتل والد أرماندو لمجرد تعبيره أمامه برغبته في التخلص من والده، الذي لا نراه الا عن بعد في عدد من المشاهد في فنادق أو مطاعم اوفلل فخمه ما يوحي بأنه برجوازي ثري.

ولا نعرف أي شي عن عقدة أرماندو إزاء أبيه، لكننا نرى صور الام تملأ ثنايا شقة ارماندو.

وبعد قتل الأب يمارس ارماندو وإيلير الجنس لأول مرة، لكن أرماندو لا يتوانى في صباح اليوم التالي عن إبلاغ الشرطة بمكان قاتل ابيه ليلقوا القبض عليه.

وينجح فيغاس في أن يغلف هذه الحبكة البوليسية والطريق إلى الجريمة بحكاية علاقة طافحة بالعواطف والمشاعر الإنسانية المتناقضة.

وقد برع الممثل التشيلي الفريدو كاسترو في تقديم أداء ساحر لشخصية أرماندو، حرص فيه على تقديمه بطريقة حيادية دائما لا تعكس اي مشاعر انفعال او مشاعر انسانية محددة، فبدا وكأنه يرتدي قناعا محددا يكسو وجهة دائما بتعبير حيادي غير منفعل أو معبر عن مشاعر حتى في اشد اللحظات انفعالا (عدا ذلك المشهد الذي ينفعل به ويجرح نفسه بسكين لكننا نكتشف في النهاية أن هذه اللحظة لم تكن انفعالا خالصا بقدر ما كانت للتأثير على الشاب ايلير وكانت حاسمة في قلب موقفه.

وكان اختيار الشاب لويس سيلفا البالغ من العمر 21 عاما موفقا جدا، إذ نجح في أن يقدم صورة عن شاب متهور من شباب الأحياء الفقيرة المسحوقة متقنا حركات وايماءات واشارات هذا النمط من الشباب.

"آفاق"

ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لفيلم التحريك الآمريكي (ستوب موشن) " أنوماليزا" للمخرجين تشارلي كوفمان ودوك جونسن عن رجل يعاني من عدم قدرته على الاتصال بالبشر الآخرين وإقامة علاقات انسانية معهم، إذ يعتقد أنهم متشابهون جميعا ويراهم كأنهم شخص واحد، حتى لحظة تعرفه على الفتاة ليزا التي يرى أنها متفردة ولا تشبه الاخرين.

وحصد الممثل الفرنسي فابريس لوتشيني جائزة أفضل ممثل عن أدائه دور القاضي الذي يحب طبيبة تكون ضمن فريق المحلفين في المحكمة التي يرأسها في فيلم "ليرمين" (حيوان الفاقم البحري) من إخرج كريستيان فينيسنت.

وكانت جائزة أفضل ممثلة من نصيب الممثلة الإيطالية فاليريا غولينو عن فيلم "من أجل حبك" للمخرج غيوسيبي غوادينو.عن امرأة في نابولي تعمل في مجال المسلسلات وتكافح في حياتها بين أطفالها الثلاثة وزوجها الغامض الذي يمارس أعمالا غير شرعية.

كما ذهبت جائزة مارسيلو ماستروياني لأفضل ممثل واعد للممثل إبراهام عطا الذي مثل دور صبي يتم تجنيده في صفوف ميليشيا تحارب الجيش في دولة أفريقية في فيلم المخرج كاري فيوكوناغا "وحوش بلا أمة".

ومنحت لجنة التجكيم جائزة خاصة لفيلم "ابلوكا" للمخرج التركي إمين آلبير، وهو من انتاج تركي قطري، وجاءت هذه الجائزة مفاجاة أخرى في أن تمنح جائزة لفيلم غاب عنه التميز وحمل الكثير من عيوب السينما في بلدان الشرق الاوسط.

وذهبت الجائزة الرئيسية في تظاهرة آفاق الموازية للمسابقة الرسمية لفيلم "فري ان ديد" للمخرج الامريكي جيك مهافي، وجائزة الإخراج للمخرج البريطاني برادي كوربيت عن فيلم "طفولة قائد" وهو إنتاج بريطاني هنغاري مشترك عن قصة للأديب الفرنسي جان بول سارتر.

ومنحت لجنة جوائز تظاهرة آفاق جائزة خاصة لفيلم "نيون بل" للمخرج غابرييل ماسكارو وهو من انتاج البرازيل واروغواي وهولندا.

ومنح فيلم طفولة قائد ايضا جائزة "لويجي دي لورنتيس" او جائزة "أسد المستقبل" التي تقدم للمخرج الواعد عن فيلمه الاول، وتشمل تقديم مبلغ 100 الف دولار مناصفة بين المخرج والمنتج.

فيلم فنزويلي يفوز للمرة الأولى بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا

للمرة الأولى يفوز فيلم فنزويلي بالجائزة الأولى، جائزة الأسد الذهبي، في مهرجان فينيسيا للسينما.

ويعد فيلم "عن بعد" أحد أهم أعمال المخرج لورنزو فيغاس.

وهذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها أحد أفلام أمريكا اللاتينية بالجائزة الأولى في مهرجان فينيسيا.

وتدور أحداث الفيلم خلال أحداث عنف وفوضي في كراكاس.

ويروي الفيلم قصة علاقة جنسية تنشأ بين رجل ميسور الحال وشاب فقير عضو في احدى العصابات.

ويستجيب الشاب في البداية لرغبات الرجل لحاجته المادية.

ولكن العلاقة بينهما تتعقد بعد ذلك وتشوبها لحظات عنف ومشادات تم تتطور إلى نوع من التعاطف والحب.

وقال فيغاس إنه فوجئ بالنجاح الذي حققه الفيلم وإنه يأمل أن يساعد هذا النجاح فنزويلا خلال صعوباتها الحالية.

وفاز مخرج آخر من أمريكا اللاتينية هو الارجنتيني بابلو ترابيرو بجائزة افضل مخرج عن فيلمه "ذا كلان" أو "العائلة".

فينيسيا 72:

الاحتفاء بريبستين آخر رموز عصر السينما المكسيكية الذهبي

صفاء الصالحبي بي سي - فينسيا

احتفى مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الـ 72 بالمخرج المكسيكي أرتورو ريبستين، بمنحه جائزة خاصة عن مجمل حياته المهنية ومساهماته في مسيرة الفن السينمائي بمناسة مرور نصف قرن على عمله في السينما.

ورافق الاحتفاء عرض فيلم ريبستين الجديد "لا كاييه دي لامارغورا" أو (شارع المرارة) الذي أخرجه هذا العام.

ويعد ريبستين أحد أبرز المخرجين الأحياء من جيل العصر الذهبي للسينما المكسيكية أو جيل استوديو المكسيك، وقد بدأ عمله في ستينيات القرن الماضي مساعدا للمخرج الشهير لوي بونويل، قبل أن يضع خطوته الأولى في مسيرته السينمائية بثقة في فيلم "زمن الموت" 1965، الذي اشترك في كتابته اثنين من أبرز روائيي أمريكا اللاتينية وهما غابرييل غارسيا ماركيز وكارلوس فوينتيس.

كما عٌرف ريبستين في العالم العربي بأنه أول من قدم الأديب العربي الكبير، الحاصل على جائزة نوبل، نجيب محفوظ في السينما المكسيكية، عندما نقل روايته "بداية ونهاية" إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه عام 1993 ونقلها كليا إلى أجواء مكسيكية. وقام بعده مخرج مكسيكي آخر يدعى خورخي فونس بتحويل رواية "زقاق المدق" إلى فيلم بعنوان "زقاق المعجزات" أدت دور البطولة فيه الممثلة سلمى حايك.

ووصف المدير الفني للمهرجان البرتو باربيرا ريبستين قائلا " ارتورو ريبستين، المخرج الأكثر حيوية وإصرارا وأصالة من مخرجي ذلك الجيل الذي ظهر في منتصف الستينيات، والوريث لأفلام العصر الذهبي لاستوديو المكسيك والممهد للجيل الجديد من المخرجين المؤلفين المعاصرين من أمثال كارلوس ريغاداس وغييرمو ديل تورو ونيكولاس بيريدا، وكل واحد منهم يدرك بطريقته الخاصة حجم الدين الذي يدينون به لأعماله".

استطاع ريبستين أن يفرض سينماه الخاصة وملامح أسلوبه المتميز في سياق السينما التجارية التي نشا في أحضانها ويؤكد دائما رفضه لأعرافها، (كان والده منتجا سينمائيا معروفا)، وبات يوصف بأنه نقطة الوصل بين العصر الذهبي للسينما المكسيكية مع استوديو المكسيك والجيل اللاحق من المخرجين المؤلفين الذين يدينون بالكثير له، كما أشار باربيرا.

ونجح في العمل في سياق الأنواع الفنية (الجنرات) السائدة في السينما التقليدية كأفلام الويسترن والميلودراما ليقدم عبرها نقدا للتعصب وما يراه قيما سلبية منتشرة في المجتمع المكسيكي وتحليلا للمشكلات الاجتماعية التي تتجذر في الثقافة والمجتمع المكسيكي.

وتتميز أفلام ريبستين بنزوع واقعي مفرط ونزعة نقدية حادة لواقع متداع وعالم مضطرب، يترك أثره بعمق في واقع الاستلاب والعزلة والقهر الذي تعيشه شخصيات.

فأبطال ريبستين هم أبطال مضادون في الغالب، وشخصيات مرضية مسحوقة أو على شفا الانهيار، ضائعة في عالم غارق في الرعب والعنف والجريمة والضياع والعزلة والاستلاب.

شارع المرارة

كما نرى في فيلمه الأخير "شارع المرارة" الذي عرض على هامش الاحتفاء به في الموسترا، والذي استند إلى قصة حقيقية عن جريمة وقعت في عام 2009، تمثلت بمقتل شابين قزمين، يكسبان عيشهما من العمل كمصارعين ثانويين إلى جانب المصارعين الكبار في حلبات المصارعة الحرة غير المقيدة.

ويبدأ ريبستين سرده بمتابعة الحياة اليومية للمصارعين اللذين لا ينزعان أبدا قناعي المصارعة عن وجهيهما، ويلقب أحدهما بـ "الموت" والثاني بـ أيه كي 47 (الاسم المعروف في الغرب لبندقية الكلاشينكوف).

ويصبح القزمان مدخلا للتعرف على المكان، وهو البطل الرئيسي لفيلم ريبستين وليس الشخصيات، والذي يتوزع سرده في ثناياه، إنه الشارع المعروف بشارع المرارة، حيث الواقع أغرب من الخيال وحيث الدعارة والجريمة والسرقة والعنف وكذلك العاطفة والطيبة التي تصل حد الحماقة والبساطة والتضامن الإنساني.

عالم كئيب تغرق شخصياته في العزلة والاستلاب، وتكافح من أجل البقاء في حياتها اليومية، والجميع فيه ضحايا وجلادون في الوقت نفسه في معركة البقاء في غابة العنف.

ومقابل المصارعين نتابع الحياة اليومية لدورا (الممثلة نورا فيلاسكيز) وأديلا (باتريسيا ريس سبيندولا) اللتين تعيشان على ممارسة الدعارة، وباتت طريقة حياتهما مهددة بتقدمهما في السن، إذ تعطي القوادة التي تشرف على المكان وهو مرآب للسيارات ممتلئ بالسيارات العتيقة المتروكة مكانهما لغانيات أصغر سنا.

ونتابع واقع البؤس الطافح في حياتهما اليومية، فإحداهما تعيش مع أمها المقعدة تماما والتي تعاملها بمزيج غريب من القسوة والعاطفة المفرطة، فتستخدمها وسط الضرب والشتائم كمصدر للتسول أو تعود لتحضنها بحنان ومحبة في مشاهد أخرى، والثانية مع زوج عجوز يجاهر بمثليته ويرتدي ملابسها الانثوية وينزل بحثا عن زبائن هو الآخر، وابنة مراهقة ضائعة تماما.

يحرص رابستين هنا، كما في معظم أفلامه، أن يتحدى النزعة الرجولية والنظام الأبوي المهيمن في المجتمع المكسيكي بتقديم صورة مضادة من الهامش الذي تخفيه هذه الهيمنة.

ويجمع ريبستين شخصياته الأربع في النهاية عبر احتفال يقيمه المصارعان القزمان احتفاء بربحهما في حلبة المصارعة مع المومسين، لكنه ينتهي بكارثة عندما يموتان نتيجة خطأ شرب قطرة عين كشراب مخدر، وينتهي الأمر باعتقال المومسين اللتين تحاولان الهرب وتقوم احداهما بوضع السم لأمها المقعدة كي لا تبقى وحيدة بعدها دون عناية.

مصائر قدرية

يملؤنا ريبستين بجرعة مفرطة من القسوة والكآبة في واقع الاستلاب هذا، وسط بؤس وضعف شخصياته المقهورة وعوالمها الكابوسية، والتي تبدو مستسلمة لمصائر قدرية لا مفر منها.

ويبرع ريبستين في التحرك على حافة الميلودراما بنوع من السخرية السوداء من تلك المصائر التي تبدو قدرية لشخصياته التي تجعلها أقرب إلى شخصيات الحكايات المأساوية الشعبية.

فهو لا يحاول استجداء التعاطف معها، أو تقديم أحكام قيمية على سلوكياتها، بل يمسك بمبضع جراح ساعيا إلى تشريح وتفكيك المشكلات التي تنتجها في سياق المجتمع المأزوم الذي تعيش فيه.

وقد برع مدير التصوير اليخاندرو كانتو في تجسيد أجواء "شارع المرارة" عبر تصويره بالأبيض والأسود، وسيادة تلك الاجواء الكئيبة المعتمة على معظم المشاهد، التي نجح كانتو عبر توزيع الظلال ومساقط الضوء فيها في عكس تلك الأجواء الماساوية القاتمة والتعبير عن التضاد الحاد في المكان والشخصيات، فضلا عن عكس أجواء الاستلاب والعزلة والمرارة التي تعيشها هذه الشخصيات.

وهذا ثاني تعاون بين رابستين وكانتو الذي يعد من أبرز مدراء التصوير في القارة الأمريكية، واشتهر بتعاونه مع المخرج جوليان هيرنانديز واستخدامه المميز للكاميرا المحمولة في فيلم "شمس ملتهبة وسماء مستعرة".

كتبت سيناريو الفيلم الكاتبة الموهوبة باث اليسيا غارسيادييغو، وهي زوجة ريبستين وقد شكلا معا منذ عام 1975 ثنائيا فنيا ناجحا، إذ أضافت غارسيا دييغو إلى سينماه الكثير عبر موهبتها الأدبية وعملها على نقل الأعمال الروائية إلى السينما ببناها المعقدة وتعددية أصواتها، كما في "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ و"ليس ثمة للكولونيل من يراسله" لماركيز "اسباب من القلب" عن رواية لفلوبير "امرأة الميناء" عن قصة لموباسان، فضلا عن الأعمال التي كتبتها مباشرة إلى السينما.

أخيرا، يمكننا القول إن أبرز ما يميز أسلوب ريبستين السينمائي هي تلك المزاوجة الغريبة بين الجمال والقسوة، والعنف والعاطفة، والخزن والسخرية، في سياق نهج واقعي مفرط وحس تراجيدي في رصد واقع التداعي الذي ينسج شبكته ببطء في سياق بنية اجتماعية مأزومة.

الـ BBC العربية في

13.09.2015

 
 

«الأسد الذهبي» للفيلم الفنزويللي «عن بعد».. و«الفضي» لصالح «العصبة» الأرجنتيني

هل وجّه ألفونسو كوارون الدفّة إلى الجوار اللاتيني؟

فينيسيا: محمد رُضا

نال الفيلم الفنزويللي «عن بعد» جائزة «الأسد الذهبي» كأفضل فيلم من بين تلك التي تسابقت على هذا التقدير والتي بلغ عددها 21 فيلمًا، وذلك في الحفلة التي أقيمت مساء أول من أمس لتعلن نهاية الدورة الثانية والسبعين التي كانت انطلقت في الثاني من هذا الشهر. الفيلم من إخراج لورنزو فيغاس، وهي المرة الأولى الذي تشترك فيها فنزويلا في المسابقة طوال تاريخ هذا المهرجان.

الأسد الفضي، الثاني في التقديرات، ذهب إلى فيلم لاتيني آخر عنوانه «العصبة» القادم من الأرجنتين (بمساهمة إسبانية)، بينما حظي الفيلم الأميركي «أنوماليسا» بجائزة لجنة التحكيم الكبرى. الممثلون الفائزون بجوائز المسابقة الرئيسية، التي أشرف على لجنة تحكيمها المكسيكي الأصل ألفونسو كوارون، هم الفرنسي فابريس لوتشيني عن دوره في «محكوم»، والإيطالية فاليريا غولينا عن دورها في «لأجل حبك». وفي العداد نفسه نال الصبي الأفريقي إبراهيم عطا جائزة أفضل ممثل شاب المكنّاة باسم الممثل الإيطالي الراحل مارشيللو ماستروياني. وكان إبراهيم عطا قد خطا نحو التمثيل لأول مرّة في الفيلم الأميركي «وحوش بلا أمّة» الذي تم تصويره في أفريقيا ولعب شخصية صبي يخسر والديه وتلتقطه ميليشيا مسلحة تدربه على العنف والقتل.

«محكوم» عاد فنال جائزة أفضل سيناريو الذي وضعه المخرج كريستيان فنسنت (ينطلق الفيلم للعروض الفرنسية في منتصف الشهر المقبل). والجائزة الخاصة (آخر الجوائز مرتبة) كانت من نصيب «ذعر» للتركي أمين ألبر.

هذا بالنسبة إلى الجوائز في المسابقة الرئيسية، أما بالنسبة إلى مسابقة «آفاق» (الثانية في التظاهرات والموازية لتظاهرة «نظرة ما» في «كان») والتي تولى رئاسة تحكيمها المخرج الأميركي جوناثان دَمي وشاهدت 34 فيلمًا (طويلاً وقصيرًا) عرضت فيها، فذهبت إلى الفيلم النيوزلاندي «Free In Deed» لجاك ماهافي، بينما ذهبت جائزة أفضل مخرج إلى البريطاني برادي كوربت عن «طفولة سُلّم» والخاصة منحت لفيلم من البرازيل وأوروغواي عنوانه «ثور من الضوء» لغبريال ماساكارو. ونال دومونيك ليبورن جائزة أفضل ممثل.

وكان المهرجان منح ثلاث جوائز تقديرية لمجمل أعمال المخرجين الأميركيين جوناثان دَمي وبرايان دي بالما وللمخرج الفرنسي برتران تافرنييه. وذهبت جائزة أفضل «ترميم لفيلم كلاسيكي» إلى «سالو أو 120 يوم من سادوم» (1975) للمخرج الإيطالي الراحل بيير باولو بازوليني.

«عن بعد» للورنزو فيغاس فيلم شائك في قضيّته بعض الشيء. إنه عن رجل وحيد ومثليّ يطلب من الشبان مصاحبته إلى منزله لكن أحدهم يسرقه، لا مرّة واحدة بل مرّتين، رافضًا الامتثال، في الوقت نفسه، إلى طلب الرجل. هذا يؤدي إلى صداقة تبقى في حدود المعرفة المثالية إلى أن ينهار التمنّع ويوافق الشاب على ما كان رفضه من قبل، في حين أن فيغاس جيد في سرد الحكاية من دون توقعات مسبقة، فإن بعض أركانها يبدو بعيدًا عن المنطق. لكن العمل بأسره يتجاوز هذا الوضع ويبقى مشدودًا إلى ما يمكن أن تنتهي إليه الأحداث من تطورات.

على ذلك، هو بالتأكيد ليس أفضل وأهم الأفلام المعروضة، ويبدو أن كوارون وجّه الدفة لتخدم دولاً محدودة القدرة على التنافس عالميًا لكونها محاصرة بالإنتاجات الأوروبية والأميركية وإنتاجات جنوب آسيا ثالثًا. ويتبدّى ذلك بمنح «العصبة» للأرجنتيني بابلو ترابيرو الجائزة الثانية، وهو فيلم لا بأس بمستواه حول أحداث وقعت بالفعل خلال الحقبة العسكرية في الأرجنتين، عندما انبرى رب عائلة بخطف الأبرياء وقتلهم حتى من بعد دفع ذويهم الفدية.

هناك صور قوية ومشاهد توتر فاعلة في هذه الدراما تجعله المرشّح المثالي للجائزة الأولى وليس الثانية. عبر هاتين الجائزتين تكون لجنة التحكيم، التي شملت أيضًا من المخرجين البولندي بافل بوليكافوسكي والبريطانية لين رامزي والتركي نوري بيلغ شيلان والتايواني هاو سياو - سيين، تجاهلت الأفلام الأوروبية المحضة جميعها بما فيها أفضلها وهو فيلم ألكسندر سوخوروف «فرانكوفونيا» كذلك الفيلمين الفرنسيين اللذين استحوذا على إعجاب ملحوظ من قِبل النقاد وهما «مرغريت» و«محكوم».

كذلك تحاشت المواضيع السياسية إجمالاً باستبعاد «رابين، اليوم الأخير» للإسرائيلي آموس غيتاي وأفلام النثر، مثل «قلب كلب» للوري أندرسن (أستراليا) والأفلام التسجيلية كما حال «رابين» والفيلم الصيني «بهيموث» لزاو ليانغ.

وفي حين لم تشهد المسابقة فيلمًا عربيًا (هل سيتغير الوضع في العام المقبل؟ لا نعتقد) إلا أن مسابقة «آفاق» شهدت الفيلم الجزائري «مدام كوراج» لمرزاق علواش في عداد الأفلام المتنافسة. لكن لجنة التحكيم استبعدته على حسناته (ولو محدودة).

الجوائز الوحيدة التي نالها مخرجون عرب كانت في شكل معونات إنتاجيه تقيمها ورش عمل وصناديق دعم بينها صندوق «سند» في أبوظبي ومؤسسة «ماد سوليوشنز» المصرية. هناك أربعة مشاريع غير مكتملة حازت على مبالغ نقدية تتراوح بين 10 آلاف يورو و30 ألف يورو. والمخرجون الفائزون بها هم المصري شريف البنداري والمغربية تالا حديد والتونسية كوثر بن هنية والعراقي حكار عبد القادر.

الشرق الأوسط في

13.09.2015

 
 

جوائز فينسيا ٢٠١٥ محكمون صغار لفنانين كبار

بقلم: سمير فريد

أعلنت، مساء أمس الأول، جوائز مهرجان فينسيا السينمائى الدولى ٧٢، وجاءت الجوائز الثمانى متكاملة، ولكن فى إهدار القيمة الفنية، وأثبت أعضاء اللجنة أنهم محكمون صغار لفنانين كبار، وذلك بتجاهل التحف التى شهدتها المسابقة، وتجاهل الأداء الرفيع لبعض من عظماء الممثلين والممثلات.

فاز الفيلم الفنزويلى «من هناك» إخراج لورينزو فيجاس بالأسد الذهبى لأحسن فيلم، والفيلم الأرجنتينى «الجماعة» إخراج بابلو ترابيرو بالأسد الفضى لأحسن إخراج، والفيلم الأمريكى التشكيلى «غير المألوف» إخراج شارلى كوفمان ودوكى جونسون بجائزة لجنة التحكيم الكبرى، والفيلم التركى «نزوة» إخراج إيمين ألبير بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وفاز الفيلم الفرنسى «الفراء الأبيض» إخراج وسيناريو كرستيان فينسنت بجائزة أحسن سيناريو وأحسن ممثل (فابريك لو شينى)، والفيلم الإيطالى «من أجل حبك» إخراج جوزيبى م. جودينو بجائزة أحسن ممثلة (فاليريا جولينو)، والفيلم الأمريكى «وحوش بلا هوية» إخراج كارى فوكوناجا بجائزة مارشيليو ماسترويانى لأحسن ممثل أو ممثلة من الشباب (إبراهام آتا).

تجاهل التحف

ذكرنا فى رسالة المهرجان أمس الأول قبل إعلان الجوائز أن قرارات لجنة التحكيم ربما تأتى مخالفة لكل التوقعات، وهذا ما حدث بالفعل، ولكن ليس إلى درجة التجاهل التام لكل التحف التى شهدتها المسابقة، وهى بالترتيب الفيلم البولندى «١١ دقيقة» إخراج ييرجيسكو ليموفسكى، والفيلم الروسى «فرانكوفونيا» إخراج ألكسندر سوكوروف، والفيلم الإيطالى «الانتظار» إخراج بييرو ماسينا، والفيلم الإسرائيلى «آخر أيام رابين» إخراج آموس جيتاى. وقد اعتبرنا الفيلم الأرجنتينى «الجماعة» الذى فاز بجائزة أحسن إخراج الفيلم الخامس فى قائمة أحسن خمسة أفلام، ولكن إخراج الفيلم لا يثبت لمجرد المقارنة مع إخراج فيلم «١١ دقيقة».

شهدت المسابقة عرض ٢١ فيلماً، وصدر أمس الأول مع إعلان قرارات لجنة التحكيم الإحصاء الشامل لاستفتاءات النقاد (عشرة من إيطاليا وعشرة من خارج إيطاليا)، وجاء ترتيب الفيلم الفائز بالأسد الذهبى رقم ١٧، والفيلم الفائز بالأسد الفضى رقم ١٠، والفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة رقم ١٥، والفيلم الفائز بجائزة أحسن سيناريو وأحسن ممثل رقم ٨، والفيلم الفائز بجائزة مارشيليو ماسترويانى رقم ١١.

والفيلم الوحيد الذى فاز وجاء فى المرتبة الرابعة فى الإحصاء الشامل للنقاد الفيلم الأمريكى «غير المألوف». وعدم تقدير كاتب هذه السطور للفيلم يرجع إلى أنه فيلم تشكيلى تجسيدى، أى يرسم الشخصيات والأحداث على نحو واقعى بحيث يفقد جوهر لغة الأفلام التشكيلية (التحريك) التى تقوم على تجاوز الواقع وإطلاق الخيال من غير حدود. وليس هناك تبرير درامى لاستخدام لغة تلك الأفلام، أو لماذا لا يروى قصته كفيلم روائى يقوم بتمثيله ممثلون وممثلات.

جوائز جغرافية

كل الأفلام الفائزة فى مهرجان فينسيا ٢٠١٥ من أفلام السينما السائدة التى تنتج كل يوم فى كل بلاد الدنيا. ولا يؤخذ على أى مسابقة أن تعرض الجيد من هذه الأفلام، ولكن يؤخذ على أى لجنة تحكيم أن تفوز بالجوائز على حساب الأفلام التى تعبر عن رؤى فكرية عميقة بأساليب خاصة مميزة، فهذا إهدار للقيمة الفنية.

جاءت الجوائز «جغرافية»، وليست فنية: جائزتان للسينما الأمريكية، وجائزتان للسينما الفرنسية، وجائزتان لسينما أمريكا اللاتينية، وجائزة للسينما الإيطالية التى كان من الصعب أن تشترك بأربعة أفلام ولا تفوز فى مهرجان إيطاليا الكبير، وجائزة للسينما الآسيوية ممثلة فى الفيلم التركى الذى كان من المستحيل أن يفوز لولا وجود المخرج التركى نورى بلجى سيلان ضمن أعضاء لجنة التحكيم. أو بصياغة أخرى ثلاث جوائز للسينما الأوروبية، وأربعة لسينما الأمريكيتين، وجائزة لسينما آسيا. وقد جاء الفيلم الصينى التسجيلى «الوحش الأسطورى» إخراج زاو ليانج فى المرتبة الأولى فى الاستفتاء الشامل للنقاد، وكان الأولى أن يفوز من الإنتاج الآسيوى.

عام أمريكا اللاتينية

عندما أعلن عن اختيار المخرج المكسيكى ألفونسو كوارون لرئاسة لجنة تحكيم المهرجان، لم يكن من المتصور أن يؤدى ذلك إلى فوز سينما أمريكا اللاتينية بالأسدين الذهبى والفضى إلا إذا كانا أفضل فيلمين.

وعندما جاء فى مقدمة باولو باراتا رئيس مؤسسة البينالى التى تنظم المهرجان فى كتالوج دورة ٢٠١٥ إن هذا العام هو «عام أمريكا اللاتينية»، لم يكن من المتصور أن يعنى ذلك أن تفوز بالأسدين!

وقد عبر كوارون الذى جاء من المكسيك ويعمل فى هوليوود، بفوز هذين الفيلمين، عن تصوره لسينما أمريكا اللاتينية، إذ يعتبرا من السينما الهوليوودية، ولا يمثلان خصوصية سينما أمريكا اللاتينية المرتبطة بتاريخها وثقافتها.

والفيلم الفائز بالأسد الذهبى أول فيلم روائى طويل لمخرجه لورينزو فيجاس الذى ولد عام ١٩٦٧ فى فنزويلا، وتخرج فى كلية الطب عام ١٩٩٤، وعاش فى نيويورك منذ عام ١٩٩٥ حيث درس السينما فى «الورش» التى تنظمها جامعة نيويورك، ثم عاد إلى بلاده وعمل فى إخراج الأفلام التسجيلية للتليفزيون، وأخرج فيلماً روائياً قصيراً واحداً عام ٢٠٠٤. وتدور أحداث الفيلم عن رجل مثلى فى منتصف العمر يطارد الشباب فى شوارع العاصمة الفنزويلية كراكاس، ويمكن أن يدور فى أى مكان أو زمان، وبأسلوب واقعى أقرب إلى السطحية، ومن دون أى تميز. أما فيلم الأسد الفضى فيدور أثناء حكم الديكتاتورية العسكرية فى الأرجنتين فى ثمانينيات القرن الميلادى الماضى، ولكنه يفتقد إلى التحليل السياسى، ويتمحور حول رجل مختل يستخدم ابنه لاعب الكرة النجم فى ارتكاب سلسلة جرائم خطف أبناء الأثرياء وطلب فدية للإفراج عنهم!

لا عزاء لفن التمثيل

فاليريا جولينو من أهم الممثلات فى السينما الإيطالية المعاصرة، ولكن أداءها فى فيلم «من أجل حبك» لا يتفوق بأى مقياس على أداء جولييت بينوش فى فيلم «الانتظار» حيث قدمت درساً بليغاً فى فن التمثيل. وكذلك لا يتفوق أداء فابريكلوشينى فى «الفراء الأبيض» على أداء لويس دو دى لانكوسانج فى «فرانكوفونيا». لقد مثل دور مدير متحف اللوفر أثناء الاحتلال النازى لفرنسا، وكان عليه أن يتعاون مع الضابط النازى المسؤول عن المتحف. وانظر إليه يقدم بدوره درساً فى فن التمثيل حيث يرحب بالضابط العدو ويتعاون معه من أجل إنقاذ المتحف، ولكن نظراته إليه وحدها كانت تحمل كل الكراهية والاحتقار.

والصبى إبراهام آتا فى «وحوش بلا هوية» يعبر عن محنة الصبية الذين يجندون فى الحروب، ولكنه لا يمثل دوراً يستحق عليه الفوز بجائزة مارشيلو ماسترويانى، وكان الأولى فوز الممثلة الجديدة ليو دى لاجى التى استطاعت أن تثبت أمام أداء جولييت بينوش فى «الانتظار». ومع قرارات هذه اللجنة لا عزاء لفن التمثيل، وكل فنون السينما، ولا عزاء لمهرجان فينسيا.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

14.09.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)