كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

وحوش بلا هوية

بقلم: سمير فريد

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والسبعون

   
 
 
 
 

عرض فى مسابقة مهرجان فينسيا ٢٠١٥ الفيلم الأمريكى الروائى الطويل «وحوش بلا هوية» إخراج كارى فوكوناجا. والأرجح أن يكون اختيار الفيلم بسبب موضوعه، وهو استخدام الأطفال، أى من تقل أعمارهم عن ١٦ سنة، فى الحروب، أو ما يعرف بـ«الأطفال الجنود»، وليس لقيمته الفنية والفكرية. فهو فيلم هوليوودى من السينما السائدة. ومن البديهى أن قيمة أى عمل تأتى من المعالجة الفنية والرؤية الفكرية، ومدى الارتباط بينهما، وليس من الموضوع فى ذاته.

هذا هو الفيلم الروائى الطويل الثالث لمخرجه الأمريكى الذى ولد عام ١٩٧٧، ودرس العلوم السياسية فى جامعة هارفارد. وقد أخرج الفيلم وصوره وكتبه عن رواية بنفس العنوان صدرت عام ٢٠٠٥ للكاتب الأمريكى من أصل نيجيرى أوزدينما إوالا من خريجى هارفارد أيضاً، وكانت أولى رواياته. وقام بالمونتاج اثنان من الكبار، وهما ميكيل أى. جى. نيلسن وبيتى بيدرو («كل شىء ضائع» إخراج شاندور)، وألف الموسيقى دان رومير.

وراء الكاميرا إذن مجموعة من الفنانين المثقفين الموهوبين الذين نجحوا فى تقديم فيلم جيد من الناحية الحرفية، ولكنهم فشلوا فى التعبير عن موضوع الأطفال الجنود الذى يشغل العالم منذ عقود مع تعاظم عددهم فى العديد من الحروب فى بلاد شتى.

يروى الجندى الطفل آجو (إبراهام آتا) الذى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره تجربته فى الاشتراك فى الحرب الأهلية التى نشبت فى بلاده، بصوته كراوية على شريط الصوت، ويتجسد ما يرويه على شريط الصورة. لقد كان يعيش مع أسرته بسلام فى قريتهم الصغيرة، وما إن بدأت الحرب حتى فرت أمه إلى العاصمة مع أخته الصغيرة، وقتل أبوه وأخوه الكبير أمام عينيه، فجرى نحو غابة قريبة. وهناك التقطه رجل يعرف باسم القائد (إدريس إيلبا)، وجنده فى فرقة كلها من الأطفال.

نرى كيف يقوم آجو بقتل أستاذ جامعى طعناً بالسكين، ويتعرض للاغتصاب من القائد الذى يدمن الكوكايين. وعندما يتم اقتحام المدينة، يلتقى آجو مع أمه فى أحد معسكرات اللاجئين، ويفضل أن يطلق الرصاص عليها ويقتلها عندما يحاول أحدهم اغتصابها. أما القائد الموعود من القائد الأعلى بأن يصبح «جنرالاً» بعد «النصر»، فيفاجأ بتملص القائد الأعلى من وعده، وتعيين مساعده الشاب بدلاً منه. وهنا يوجه القائد الدعوة لكل الفرقة لقضاء ليلة فى أحد بيوت الدعارة. وأثناء الليل يقتل القائد مساعده، ويطالب الفرقة بأن تواصل العمل تحت قيادته، ولكنهم يرفضون.

ينتهى الفيلم بإنقاذ آجو وما تبقى من الجنود الأطفال عن طريق معسكر الأمم المتحدة لإعادة تأهيل ضحايا الحرب. وهى نهاية سطحية إلى درجة السذاجة، فمعسكر الأمم المتحدة يعالج النتائج، وهو دور إيجابى بالطبع، ولكن الأهم معالجة الأسباب. ولا يقل سطحية عن النهاية الظهور الكاريكاتورى لدبلوماسى صينى فى مكتب القائد الأعلى، وتساؤلات آجو، وهو مسيحى متدين، على شريط الصوت، يطلب الغفران بعد أن يقتل لأول مرة.

تجريد فى غير موضعه

ولكن فشل الفيلم ليس بسبب هذه السطحية فقط، وإنما أساساً لأن أحداثه تدور فى مكان وزمان غير محددين، ويكتفى بالإشارة إلى أن الأحداث تدور فى غرب أفريقيا وقت حرب أهلية. وهذا تجريد فى غير موضعه، ويخالف نصيحة بريخت السديدة: «لا تتحدثوا فى السياسة من دون موقف سياسى». فالحروب الأهلية لها أسباب، وتجنيد الأطفال له أسباب، والتجريد يجعل المتفرج بعد مشاهدة الفيلم كما كان قبل مشاهدته، ولا يدرك سوى إدانة العنف على نحو مطلق، وهى طبيعة من طبائع الإنسان.

ومن ناحية أخرى فإن التجريد هنا قد يعنى أن تجنيد الأطفال وكل هذا العنف الذى يصل إلى حد قتل الابن لأمه، يحدث فى أفريقيا السوداء فقط، وبالتالى يمكن أن يرتبط بالعرق الأسود عند بعض المتفرجين. وهذا غير صحيح كما هو معروف، فقد استخدم هتلر الأطفال فى نهاية الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥، واستخدمهم الخومينى فى الحرب مع العراق عام ١٩٨٠، وتم استخدامهم فى حروب كثيرة فى بلاد مختلفة.

ومن الناحية الفنية يفتقد الفيلم (١٣٦ دقيقة) الإحكام فى السيناريو والمونتاج، فهناك تكرار من دون مبررات درامية كافية، وعدة نهايات فى الدقائق العشرين الأخيرة. وربما كان المقصود إضفاء طابع ملحمى، خاصة مع طبيعة الموسيقى البارعة والمؤثرة فى ذاتها. ولكن التجريد فى الزمان والمكان لا يصنع مأساة ولا ملحمة، وإنما ملهاة هزلية. إنهم «وحوش بلا هوية»، ولكن عدم وجود هوية جعلهم وحوشا فى الفراغ، وليس فى الواقع.

مئويات ٢٠١٥

ليس عام ٢٠١٥ مئوية ميلاد أورسون ويلز فقط، وإنما عدد من كبار السينمائيين فى العديد من الدول، ومنها مصر. فقد احتفل مهرجان فينسيا بمئوية ميلاد عشرة سينمائيين إلى جانب أورسون ويلز. وذلك بعرض لقطات من حياتهم وأعمالهم، واشتراكهم فى دورات سابقة من المهرجان. ويتم عرض هذه اللقطات قبل عرض الأفلام الطويلة فى برنامج «آفاق». واللقطات من أرشيف LUCE (لوتشي) أى الضوء بالإيطالية، ويرجع تاريخها إلى الفترة من ١٩٤٧ إلى ١٩٦٩.

السينمائيون العشرة هم الممثلة السويدية إنجريد برجمان، والكاتب الأمريكى آرثر ميللر، والمغنية الفرنسية إديث بياف، والمغنى الأمريكى فرانك سيناترا، والممثل الأمريكى أنتونى كوين، ومن إيطاليا المخرج ماريو مونشيللى، والممثل آفى مينشى، والمخرج ستينو (مخرج أغلب أفلام الممثل الكوميدى توتو)، ومغنى الأوبرا ماريو ديل مانكو، والصحفى ألبرتو بورى.

«المصرى اليوم» فى استفتاء النقاد الدوليين

تصدر فى المهرجان نشرة يومية بالإيطالية والإنجليزية. وفى هذه النشرة ثلاثة استفتاءات هى عشر صحف يومية إيطالية، وعشرة أفراد من هواة السينما تحت عنوان «رأى الجمهور»، والثالث عشرة نقاد من خارج إيطاليا تحت عنوان «النقاد الدوليون» يمثلون تسع صحف يومية فى أوروبا، ومنها (لوموند) من فرنسا، و(ذى دايلى تليجراف) و(سكرين إنترناشيونال) من بريطانيا، وصحيفة واحدة من أفريقيا والعالم العربى، وهى «المصرى اليوم» التى يمثلها كاتب هذه السطور.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

06.09.2015

 
 

"إيفرست": في افتتاح فينيسيا الـ 72

د. أمل الجمل – فينيسيا

على عكس العام الماضي جاء فيلم افتتاح الدورة الجديدة - الثانية والسبعين - من مهرجان فينيسيا السينمائي "إيفرست" للمخرج الأيسلندي "بالتازار كورماكور" والمعروض خارج المسابقة الرسمية فيلما تجاريا متواضعا من الناحية الفكرية وأسلوب رسم الشخصيات الخالية من أي عمق والتي لم يشفع لها قوة المؤثرات السمعية وروعة التصوير الآخاذ الذي لم يترك زاوية لتلك المنطقة الجبلية الشاهقة إلا وتفنن في التقاطها وتضخيمها بطريقة تبث إحساساً مروعاً بالخوف من السقوط.  رغم ذلك فالمواقف الدرامية تسير على الطريقة التقليدية منها علاقات زوجية قوية تتهشم بالفراق، ومعاناة وصعوبات، ومخاطر مثل نقص الأوكسجين تهدد بإلغاء الرحلة مرورا بالتغلب عليها، وأخرى تواجههم أثناء الصعود أساسها تلك المواجهة الشرسة مع الطبيعة غير المبالية لموت الإنسان الذي جاء ليثبت أنه قادر على تسلقها وهزيمتها، فترد عليه بطريقة عملية تعيد إليه الإدراك بأنه كائن ضعيف جداً.

وصحيح أن أغلب المتسلقين كان قد وصل إلى القمة – التي لم نشعر لحظتها بأي نشوة أو قيمة لها بسبب الإخراج والسيناريو - لكنهم في طريق العودة يفقدون ثمانية منهم إما بسبب السقوط المروِّع من أعلى قمة الجبل في لحظة ضعف أو عدم انتباه تُكلِّفهم حياتهم، أو بالتجمُّد من شدة انخفاض درجة الحرارة وكثافة الإعصار الجليدي المفاجيء.

الفيلم من بطولة جيسون كلارك وكيرا نايتلي وإميلي واتسون وجوش برولين وجون هوكس وروبين رايت وجاك جلينهال. تحقق "إيفرست" عن طريق الإنتاج البريطاني وبلغت تكلفته نحو 70 مليون دولار، والتُقطت مشاهده في أربعة مواقع منها ثلاثة طبيعية هى جبال الألب الإيطالية، وأيسلندا وعند قاعدة الإيفرست النيبالية إذ قال المخرج بالتازار كورماكور المخرج الأيسلندي إنه "اصطحب فريق العمل إلى منطقة قريبة من معسكر القاعدة لتلك البعثة في نيبال لتصوير جزء من الفيلم هناك، ومن أجل معايشة الواقع"، إلى جانب تصوير مشاهد إضافية في ستوديوات بوكنجهامشاير.

جدير بالذكر أن فيلم "إيفرست" مقتبس عن كارثة حقيقية وقعت في عام 1996 وتوفي خلالها ثمانية أشخاص من فريق تسلق الجبل وقائدهم الذي طالما شاهدناه وهو ينقذ أغلبهم من مخاطر حقيقية، لكن كل هذا لم يشفع للفيلم ولم ينجح في أن يحرك عواطفنا أو يجذبنا إليه بسبب الاهتمام الشكلي – الخالي من أي عمق – أثناء صراعهم من أجل البقاء على قيد الحياة بعد أن حاصرتهم عاصفة ثلجية شرسة ليس فقط على أعلى قمة جبلية في العالم، ولكنه الجبل الأكثر صعوبة في التسلق.

تُؤكد تجربة "إيفرست" أن اقتباس الأفلام عن قصص حقيقية ليس الضامن الأول لنجاح العمل السينمائي، فالأهم والعنصر الجوهري هو قدرته على الحفر عميقاً ورسم أبعاد إنسانية من دون الاكتفاء بالبعد الثالث أو الأمور التقنية وهو ما يُعيد إلينا تجربة "تايتانيك" المبهرة المثيرة للدهشة والمفيدة – إذا تم تشريح السيناريو - في إدراك لماذا تنجح أفلام وتفشل أخرى؟ وإذا كان الكتاب الذي ألفه الكاتب والمتسلّق الأميركي جون كراكوير ونشر فيه تفاصيل هذه الكارثة ومقتل المتسلقين الثمانية على جبل إيفرست كان قد تحول إلى "بيست سيللر" في أمريكا فمع ذلك لا نتوقع أن ينال فيلم "إيفرست" نجاحا جماهيريا أو نقديا، مثلما نتوقع ألا يرشح أو يحصد أي من جوائز الأوسكار بخلاف مع حدث العام الماضي مع فيلم افتتاح فينيسيا "بيردمان.. الفضيلة غير المتوقعّة للجهل" للمخرج المكسيكي أليخاندرو جوناليز إيناريتو.

نظرة على مهرجان موسترا

رغم ما سبق لايزال مهرجان فينيسيا في بدايته ويستمر حتى الثاني عشر من سبتمبر الحالي، ببرنامج حافل ومتنوع ما بين الروائي والوثائقي والتحريك، ما بين أفلام سياسية وأخرى تطرح قضايا اجتماعية وقضايا عائلية، وثالثة رومانسية، هناك أيضا أفلام الخيال العلمي، وأفلام من أمريكا وفرنسا وبريطانيا ومن الهند وأوروغواي وإندونيسيا واليونان والبرازيل وبلجيكا وإيطاليا، مثلما تضم النسخة الجديدة من مهرجان فينيسيا - أعرق مهرجانات السينما والذي بدأ منذ عام 1932 - أسماء كبيرة من نجوم هوليوود. أو بتعبير آخر وفق تصريح ألبرتو باربيرا المدير الفني للمهرجان والذي يتولى تلك المسؤولية منذ عام 2012، أي أن فترة تعاقده تنتهي هذا العام، وربما يجدد له المهرجان لمدة أربع سنوات أخرى: "البرنامج متنوع جدا، ويضم أفلاما صغيرة تكاد تكون تجريبية وأفلاما وثائقية وأفلاما لمؤلفين عظماء وكذلك أفلام رائعة تتطلّع لابتكار القوالب المتبعة في السينما المعاصرة. بشكل عام؛ هناك شيء من كل شيء."

يضم "البرنامج الرسمي" 56 فيلما منها 21 فيلما في المسابقة الرسمية تتنافس على جائزة "الأسد الذهبي" وغيرها من جوائز التمثيل والإخراج، و18 فيلما في قسم "آفاق" – أوريزونتي - الذي يعد أكثر انفتاحا على سينمات العالم خارج أوروبا وأميركا، إضافة إلى مسابقة توازي قسم "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي وتمنح منذ سنوات عددا من الجوائز، ويشمل البرنامج الرسمي أيضا 17 فيلما تعرض خارج المسابقة من بينها فيلمي الافتتاح والختام والعروض الخاصة. كذلك تضم تظاهرة "أيام فينيسيا" 12 فيلما تعرض خارج "البرنامج الرسمي" وهى التظاهرة التي ينظمها اتحاد السينمائيين الإيطاليين ويعادلها "أسبوعا المخرجين" في مهرجان "كان".

أما المشاركة العربية هذا العام فتقتصر على فيلمين أحدهما تونسي "على حلة عيني" للمخرجة التونسية ليلى بوزيد والذي يعرض في "أيام فينيسيا"، والثاني جزائري يعرض ضمن برنامج "آفاق" بعنوان "مدام شجاعة" للمخرج الجزائري مرزاق علواش، وهو من الإنتاج المشترك بين الجزائر وفرنسا والإمارات. ومن مصر يشارك المخرج شريف البنداري في ورشة "الفاينال كات" بفيلمه "علي معزة وإبراهيم"، وفي نفس الورشة يشارك من العالم العربي كل من "بيت في الحقول" للمغربية تالا حديد، و"ديك بيروت" للسوري زياد كلثوم، و"زينب تكره الثلج" للتونسية كوثر بن هنية، ومن العراق فيلمان هما "طريق الجنة" لعطية الدراجي، و"الطلاق" لهكار عبد القادر.

اعتذار وتكريمات

اعتذر في اللحظات الأخيرة عن الحضور إلى المهرجان المخرج الكبير مارتن سكورسيزي الذي كان سيعرض له خارج المسابقة فيلمه التسجيلي القصير (16 دقيقة) "اختبار الممثلين"The Audition ويظهر فيه روبرت دي نيرو وليوناردو ديكابريو وبراد بيت إلى جانب سكورسيزي نفسه، وبرّر سكورسيزي الاعتذار بعدم الانتهاء تقنيا من الفيلم. بينما من المتوقع أن يأتي إلى موسترا الكاتب التركي الكبير أورهان باموق الحاصل على جائزة نوبل، لحضور عرض الفيلم البريطاني الجديد "براءة الذكريات" للمخرج جرانت جي المأخوذ عن رواية باموق "متحف البراءة"، وسيعرض الفيلم في احتفالية خاصة ضمن "أيام فينيسيا".

إلى جانب جائزة تكريم العمر التي يحصل عليها المخرج الأمريكي من أصل إيطالي "براين دو بالما"، كذلك يهدي المهرجان هذا العام "الأسد الذهبي" التذكاري إلى المخرج الفرنسي الكبير "برنار تافرنييه"، تقديرا لإسهامه الفني على مدار مسيرته السينمائية، كما يحيي المهرجان الذكرى المئوية لميلاد المخرج الإيطالي الراحل ماريو مونتشيللي (1915- 2010).

شكل آخر للتكريمات يتجلّى في عروض قسم "كلاسيكيات فينيسيا" الذي يضم 29 فيلما تنقسم إلى أفلام قديمة تم ترميمها حديثا، وأفلام تسجيلية، وأفلام حول عالم السينما والسينمائيين ومنها: "ألكسندر نيفسكي" لأيزنشتاين- 1938، "أماركورد" لفيلليني- 1073، "اللحية الحمراء" لكيروساوا - 1965، "الاجتماع المرير" لكلود شابرول- 1958، "الأولاد من فينغ كيوي" لهو هتيساو هتيسن- 1983، "السماء يمكن أن تنتظر" لآرنست لوبيتش - 1943، "سالو، أو 120 يوما في حياة سادوم" لبازوليني- 1975، "الأمل" ليلماظ جونيه- 1970، و"نريد الكولونيلات" لماريو مونتشيللي- 1973.

الجزيرة الوثائقية في

06.09.2015

 
 

الأحد, 06 سبتمبر 2015 08:11

فيلم «ايفرست» يكشف إنسانية مغامرين لقوا مصرعهم في مأساة حقيقية

القاهرة - بوابة الوفد - حنان أبوالضياء:

فيلم افتتاح الدورة 72 من مهرجان فينسيا وثّق سينمائياً، كارثة وقعت في 1996 مات خلالها ثمانية أشخاص في عاصفة ثلجية فوق أعلى قمة جبلية بالعالم؛ ومن خلال الفيلم الملحمي «ايفرست» ستعرض الأحداث الحقيقية والمثيرة حول عدد من المتسلقين الذين يسعون لتحدي أصعب الظروف المناخية والطبيعية التي وجدت على كوكب الأرض وتسلق أعلى قمة في العالم بجبل إيفرست، تلك الرحلة التي حولتها عاصفة ثلجية مميته من رحلة للاستمتاع والمغامرة إلى صراع لالتقاط الأنفاس والبقاء على قيد الحياة.... ففي 10 مايو 1996، كان هناك ما يزيد على 30 من المتسلقين انطلقوا من «قاعدة كامب ايفرست» وفي الطريق إلى أسفل، ضربت عاصفة ثلجية مفاجئة الجبل، مما أدى إلى دفن الحبال الثابتة المستخدمة في التسلق وإخفاء المسار مرة أخرى إلى «قاعدة كامب ايفرست». بسبب ضعف الرؤية، فتوفي ثمانية منهم فى هذا اليوم. وكان آخرهم «هول روب» الذى بقى في محاولة لمساعدة عضو آخر للرحلة الاستكشافية، واستطاع التحدث إلى زوجته على هاتفه عبر الأقمار الصناعية، قائلا أن «النوم بشكل جيد، بلدي الحبيب. الرجاء لا تقلقى كثيرا، «قبل أن يموت بعد وقت قصير... والمثير أنه فى الاونة الأخيرة خرجت فرقة أستكشافية لتنظيف قمة أفرست ممن لقوا حتفهم خلال السنوات الماضية مما دفع أرملة روب هول، المرشد جبال نيوزلندي الأسطوري الدكتورة جان أرنولد، إلى المطالبة بترك جثة زوجها في مكانها، خلال عملية التنظيف الواسعة التي تجري لأعلى مقبرة في العالم، الموجودة على قمة الجبل، والتي تثير ضجة عالمية كبيرة. وتعتقد جان أن زوجها الراحل، يرغب بالرقود في المكان الذي توفي فيه، ولا يرغب بأن يخاطر أحد بحياته لاستعادة جثته. وكانت بعثات سابقة قد أزالت بعض النفايات وأشلاء نصف 300 شخص لقوا مصرعهم في الجبل، غير أنه لم يحاول أحد القيام بالعمل نفسه في «منطقة الموت» المشؤومة، نظرا لأن قلة الأكسجين هناك تعوق الحركة بشدة... الفيلم يركز على وصول هول إلى قمة ايفرست حينما هبت عاصفة ثلجية شديدة، وأحاطت به مع الأمريكي المنهك الذي كان يقوم بإرشاده في تسلق الجبل، ويدعى دوج هانسين. وعلى الرغم من أن هول كان بإمكانه إنقاذ نفسه، غير أنه فضل أن يعسكر مع هانسين في العراء، على بعد 150 مترا أسفل القمة مباشرة وتوفي الأخير في تلك الليلة، ولم يتم العثور على جثته مطلقا.واستطاع هول البقاء على قيد الحياة 30 ساعة أخرى، لكنه كان بعيدا عن الطريق الرئيسي للقمة، ولم يستطع النجاة. وبقيت جثته في مكانها، ولم يعثر عليها أحد لسنوات عدة..ويستمر في هذا الفيلم النجم المتألق جايك جيلينهال في الظهور بشكل مختلف تماما يميزه في كل عمل جديد، فبعد النحافة الشديدة في فيلم Nightcrawler والقوة البدنية الهائلة من فيلم Southpaw، يظهر النجم المرشح للأوسكار في هذه الصورة بشعر طويل ولحية كثيفة على عكس ما شاهدناه في الفترة الأخيرة.. والفيلم يوثق للرحلة المذهلة لحملتين استكشافيتين مختلفتين تجاوزتا كل الحدود خلال واحدة من اعتى العواصف الثلجية التي واجهت البشر على الإطلاق. ورغم خضوع أفراد الحملتين إلى اختبار أقسى العوامل التي وجدت على الكوكب؛ إلا أنهم واجهوا عقبات شبه مستحيلة مع تحول الحلم بحياة طويلة إلى صراع للفوز بفرصة للنجاة.. صوّر الفيلم في نيبال، وجزءٌ منه في جبال الألب في إيطاليا، وداخل ستوديوهات «تشينيتشيتّا» بروما.. والفيلم بطولة: جايسون كلارك، جوش برولين، جون هوكس، روبن رايت، مايكل كيلي، سام وورثينغتون، كيرا نايتلي، إميلي واتسون وجيك جيلينهال..

سيناريو: ويليام نيكلسون وسيمون بيوفوي. وإخراج: بالتازار كورماكور..يقول المخرج: «ايفرست» فيلم  يوثق الرحلة المذهلة للحملتين الذى تحدى ما وراء حدودها من جانب واحد من أشرس العواصف الثلجية، لقد أردت دائما أن أحكي قصة شخص يواجهون الطبيعة، وبهذه الطريقة نكشف شخصياتهم بطريقة خفية

من المعروف أن بطل الفيلم  جيك جيلنهال من مواليد 19 ديسمبر ممثل أمريكي. ابن المخرج ستيفن جيلينهال والسنياريست نعومي فونر. بدأ التمثيل بعمر السادسة. في 1999 قام بأول دور رئيسي في أكتوبر سكاي (October Sky)، ثم شارك في 2001 برفقة أخته ماجي جيلنهال في الفيلم المستقل الشهير دوني دراكو، حيث لعب دور مراهق مضطرب نفسياً. في 2004 شارك فيلم مستقل آخر هو «الفتاة الصالحة» (The Good Girl)، برفقة جينيفر أنيستون. في 2004 لعب دور طالب يعلق في كارثة حرارية في الخيال العلمي «اليوم الذي يلي الغد». (The Day After Tomorrow) رُشح لجائزة الأوسكار عن فيلم جبل بروكباك «2005»، وحصل بنفس الدور علي جائزة الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتليفون. منذ ذلك الحين قام ببطولة أفلام عديدة منها زودياك 2007 وأمير فارس: رمال الزمن 2010 وشفرة المصدر 2011 ونهاية المراقبة 2012 وسجناء 2013.

أما الممثلة يرا كريستينا نايتليف ولدت 26 مارس، 1985 وهي ممثلة إنجليزية رشحت لنيل جائزة الأكاديمية. بدأت مشوارها المهني كممثلة طفلة، ثم نالت شهرة عالمية في سنة 2003، لأدوارها الرئيسية في فيلمي قراصنة الكاريبي: لعنة اللؤلؤة السوداء وBend It Lide Beckham في 2005، نالت نايلتي ترشيح لأفضل ممثلة من الأكاديمية لدورها في كبرياء وهوي. أما جوش برولين ممثل أمريكي من مواليد 12 فبراير 1968 ظهر في عدة أفلام منها لا بلد للعجائز، ميلك ومحاكاة.

وجيسون كلارك ولد في 17 يوليو 1969 هو ممثل أسترالي معروف بأدواره في 30 دقيقة بعد منتصف الليل 2012 وجاتسبي العظيم 2013 وبزوغ كوكب القرود 2014.

وروبن جايل رايت ممثلة ومغنية أمريكية. كانت تدعي أيضاً بروبن رايت بن. من عام 1996 إلي 2010، رايت كانت متزوجة من الممثل شون بن الذي أنجبت منه طفلان.

الوفد المصرية في

06.09.2015

 
 

ماركو بيللوكيو: السينما والأوبرا والسياسة

العرب/ أمير العمري

مهرجان فينيسيا يصالح المخرج الايطالي ويعيده إلى المسابقة بفيلمه الجديد'دم دمي'، حيث يصعب التكهن بما سينتهي إليه أمام لجنة التحكيم الدولية.

يكرم مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الثانية والسبعين، المخرج الإيطالي الكبير ماركو بيللوكيو (76 سنة) ويعرض نسخة جديدة من فيلمه الأول “الأيدي في الجيوب”، في “مصالحة” خاصة بعد أن أعلن بيللوكيو قبل ثلاث سنوات أنه لن يعود مطلقا للمشاركة بأفلامه في المهرجان الذي اتهمه بتهميش السينما الإيطالية، خاصة بعد خروج فيلمه “الجمال النائم” من مسابقة المهرجان عام 2012 دون الحصول على جائزة رئيسية. وفي إطار المصالحة عاد بيللوكيو هذا العام إلى مسابقة فينيسيا بفيلمه الجديد “دم دمي” الذي يصعب التكهن بما سينتهي إليه أمام لجنة التحكيم الدولية.

“الأيدي في الجيوب” (1964) هو أول أفلام ماركو بيللوكيو، ويعتبره الكثير من النقاد مع فيلم “قبل الثورة”، أول أفلام المخرج برناردو برتولوتشي، بداية “موجة جديدة” في السينما الإيطالية، بعد حركة الواقعية الجديدة. لكنه لم يكن فيلما سياسيا بل كانت جوانب الجدة والتميز فيه تتجسد في قدرة مخرجه الشاب (25 سنة) على التعبير عن تلك الحالة من عدم التجدد، من انعدام الرؤية، من الغضب الكامن تحت السطح الذي سينفجر في عموم إيطاليا مع نهاية الستينات في شكل موجات من الغضب والاحتجاج والتمرد.

يعبر هذا الفيلم، مجازا، عن الاضطراب الاجتماعي، وغياب اليقين الفكري، ولكن من خلال التركيز على “الأسرة” المشروخة، غير السوية، التي تكمن في داخلها عوامل انهيارها.

إنها أسرة من الطبقة الوسطى، تقيم في منزل بمنطقة ريفية نائية، فوق ربوة جبلية وعرة، ويبدو المنزل من الداخل بأثاثه العتيق، كأنه لم يعرف لمسات الحداثة بعد، وتتكون الأسرة من الأم، وهي عمياء، فقدت السيطرة على أبنائها: الأكبر أوغوستو الذي يعمل في المدينة ويرتبط بعلاقة حب مع فتاة تدعى لوسيا، أمنيته أن يغادر المنزل الكئيب ويتزوج من لوسيا ويعيش معها في المدينة، ولكنه مرتبط بالأسرة بحكم اعتماد الأم عليه وعلى ما يأتي به من دخل مادي، وهو بهذا المعنى، الرمز البطريركي.

هناك شقيقان لأوغوستو هما الأصغر “ليوني”، وهو مصاب بالصرع وشبه متخلف عقليا، و”أليساندرو” الذي يتعرض أيضا بين وقت وآخر، لنوبات خفيفة من الصرع، وأخيرا هناك الشقيقة “جوليا” التي تبدو طفولية، أي غير ناضجة تماما رغم أنوثتها الواضحة.

الأجواء داخل هذه العائلة شديدة التوتر فلا يبدو أن هناك أحدا يشعر بالسعادة ولكن الجميع خاضعون للتقاليد المتزمتة.

تنمو في ذهن أليساندرو فكرة التصفية التدريجية لأفراد أسرته. يبدأ بقتل أمه العمياء، يدفعها للسقوط من أعلى الربوة الجبلية، ثم يغرق شقيقه الأصغر في البانيو. وبهذا يتيح الفرصة لأن يحقق أوغوستو أحلامه في الزواج والتحرر من قيد الأسرة، ويظل يتباهى بما فعله أمام شقيقته “جوليا” التي تبدو منجذبة إليه مشتركة معه ولو نفسيا، في لعبة القوة التي يمارسها لكي يثبت لنفسه أنه أكثر الجميع ذكاء.

إنه يمارس القتل بدم بارد كقرار يعكس شعوره بالغثيان من وجوده وسط تلك الأسرة التي يتسع اغترابه فيها يوما بعد يوم ويتضاعف بفعل العزلة الباردة خارج المدينة، فوق تلك الربوة الكئيبة التي يمتدّ أسفلها الوادي الزاخر بالمصانع.

معالم أسلوب

تتمثل ملامح أسلوب بيللوكيو في فيلمه الأول، في تعبيره ببراعة واقتصاد عما يكمن تحت سطح الأشياء من خلال تكوين اللقطات، الميزانسين، الاهتمام بالخلفية، التناقض في الإضاءة، استخدام التناقض بين الأبيض والأسود، الحوار الموحي المقتصد، الأداء التمثيلي الذي يتم التحكم فيه بدقة في اللقطات القريبة، المونتاج الذكي الذي يعرف كيف ينتقل من لقطة إلى أخرى، بحيث يخلق إيقاعا خاصا طبيعيا للمشهد، دون أن نلحظ أيّ قفزة في الانتقال من حجم إلى آخر، ومن زاوية إلى أخرى، لكننا نلحظ التأثير الدرامي لهذا الانتقال.

عن الفرق بينه وبين بيللوكيو يقول برتولوتشي: كان ماركو يدرس السينما في معهد السينما بروما، بينما درست أنا السينما مع بازوليني عندما كان يصوّر فيلمه الأول “أكاتوني”. قابلت ماركو عدة مرات، لكننا كنا مختلفين. أنا ولدت في بارما، وهي مدينة تتميز بالجمال الشديد والرونق والأناقة في المعمار، بينما ولد هو ونشأ في مدينة بيتشينسا وهي مدينة صعبة. والمسافة بين المدينتين حوالي 60 كيلومترا. كان فيلمي الأول نوعا من السيرة الذاتية عن البورجوازي الصغير، ابن الطبقة الوسطى المتمرد، وكان يعكس جمال مدينة بارما.

اهتمامات المخرج

أما “الأيدي في الجيوب” فكان يروي قصة تجسد نموذجا مصغرا (ميكروكوزم) للمجتمع المحافظ: منطقة محاطة بالضباب، مليئة بالمطر، وعلى حين يمثل الابن الأكبر للعائلة فكرة الامثتال للتقاليد، يعكس أليساندرو فكرة التمرد من خلال التدمير. وكان لوكاستيل، الممثل الذي أدى الدور، يذكرني بأدائه بمارلون براندو وهو شاب، عندما ظهر في فيلم “عربة اسمها الرغبة” (1951). ولم يكن الفيلم سياسيا لكنه كان يعكس رفض الطبــقة من خلال رفض العــائلة.

تتوزع اهتمامات بيللوكيو بين السياسي والاجتماعي، الرمزي والواقعي والعاطفي. وفي الكثير من أفلامه خاصة تلك التي أخرجها في الستينات والسبعينات، بعد “الأيدي في الجيوب” كان مشغولا بالقضايا السياسية في إيطاليا المعاصرة ضمن سياق السينما السياسية الإيطالية التي برز فيها إلى جانب روزي ودامياني وبتري ومونتالدو.

من أهم أفلامه السياسية في الستينات “الصين قريبة” (1976) الذي كان يعكس التمزقات التي قسمت اليسار الإيطالي بين الاشتراكيين والماويين ولكن أيضا من خلال الاتشقاق داخل العائلة الواحدة، وفي السبعينات كان أشهر أفلامه “باسم الأب” (1971) الذي يرسم صورة رمزية للمجتمع الإيطالي من خلال مدرسة داخلية كاثوليكية يديرها قساوسة، تبدو كقلعة أو كسجن، يمارس فيها رجل الدين أقسى درجات العنف ضد الطلاب ويخطط الطلاب للهرب باللجوء إلى أكثر الطرق غرابة.

قتل ألدو مورو

في فيلم “صباح الخير ليلا” (2003) يعود بيللوكيو إلى الموضوع السياسي من خلال قصة تروى من وجهة نظر امرأة شابة اشتركت في اختطاف وقتل رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ألدو مورو عام 1978، وهو الحدث الذي هز إيطاليا كلها في تلك الفترة، وكان وراءه تنظيم الألوية الحمراء الفوضوي المتطرف. وبنى بيللوكيو فيلمه هذا على الكتاب الذي سجلت فيه المرأة مذكراتها عن تلك الفترة. وهو يقدم فيه رؤية تبتعد عن السياسة، بقدر ما تقترب من الجانب الإنساني.

إنه يسبر أغوار تلك الحالة الذهنية والنفسية التي تؤدي إلى مثل هذا النوع من القتل، وتشترك فيه امرأة لديها أحاسيس ومشاعر متضاربة، وهي تتخيل في لحظة ما أنها ستعصي أوامر”الألوية الحمراء” وتطلق سراح ألدور مورو، في حين أننا نعرف من خلال مشهد آخر أنه قُتل بالفعل.

وفي فيلم “لسن شقيقات” الذي أخرجه عام 2010 يعود بيللوكيو إلى العائلة، ولكن بعد أن تغيّر الواقع الإيطالي كثيرا وانهار النسق الطبقي التقليدي القديم.

إنه فيلم معاصر شديد الحيوية والجدة حول العلاقات المعقدة بين الأخ وشقيقته الغائبة باستمرار، وابنتها التي تنمو وتحتاج إلى من يوجهها في سن المراهقة، والخالتين اللتين تفكران في توسيع مقبرة الأسرة استعدادا لاستيعاب الموتى الجدد من العائلة، في حين ينشغل بطلنا بالحصول على المال لبدء عمل خاص، والارتباط بفتاة سرعان ما تهجره بسبب فشله المتكرر، ومحاسب الأسرة أو القائم بأعمالها، الذي ينهي حياته في مشهد تذكاري.

النصر

وهو يعود في فيلمه “النصر” Vincere عام 2009، مجددا إلى عالم السياسة مسلطا الأضواء على الحقبة الفاشية في إيطاليا ولكن من خلال دراما نفسية تدور حول شخصية “إيدا داسلر” التي أعجبت بالزعيم الشاب الصاعد موسوليني قبل أن يصبح “الدوتشي” وساعدته وأمدته بالمال لتأسيس صحيفته، وأقامت معه علاقة أسفرت عن إنجاب ابن منه، لكن موسوليني تنكر لها بعد أن وصل إلى السلطة، ورفض الاعتراف بابنه ثم أودع المرأة مصحة للمختلين عقليا.

ويصور الفيلم صمود هذه المرأة ومحاولاتها المضنية من أجل إثبات الحقيقة، ومقاومة كل محاولات تدميرها نفسيا وجسديا. وخلال وجودها في “الأسر” تكتب إيدا خطابات إلى البابا والملك ورئيس الحكومة والنائب العام والوزراء، تطالبهم بتحرّي الحقيقة وإطلاق سراحها والسماح لها برؤية ولدها. وتتدهور الحالة العقلية لإيدا داسلر تدريجيا، لكنها تظل مصرة على روايتها، غير مستعدة للتراجع تحت أيّة ضغوط أو تعذيب.

وتبرز في الفيلم كما في معظم أفلام بيللوكيو، أجواء الأوبرا في توظيف الموسيقى والأصوات الطبيعية على شريط الصوت، مع التحكم في تصميم حركة الممثلين والأداء عموما في إطار المكان، بطريقة قد تشوبها بعض المبالغة المسرحية كما في مشهد محاكاة الابن لوالده في طريقته في الخطابة أمام زملائه في المدرسة، وصولا إلى تجسيد حالة الخلل العقلي التي يصل إليها الابن قبل أن يغادر الحياة مبكرا. و”النصر” كانت صيحة موسوليني التي يختتم بها خطاباته.

الجمال النائم

يعود بيللوكيو إلى المزج بين القمع السياسي والقمع الجسدي وانعكاسه على المرأة في فيلم “الجمال النائم” (2012)، أما مدخله لموضوع الفيلم الذي يدور حول الموت الرحيم، أو “الحق في الموت”، القصة الحقيقية التي وقعت في إيطاليا عام 2009 عندما قضت محكمة لأب بأن يوقف الأجهزة الطبية التي ظلت تبقي على حياة ابنته التي أصيبت في حادث سيارة لمدة 17 عاما.

وقامت ضجة كبرى في إيطاليا وقتها، وانبرت حكومة بيرلسكوني بالاتفاق مع الفاتيكان لإصدار قانون عاجل يحظر ممارسة “الموت الرحيم”.

من هذا المدخل يتناول بيللوكيو موضوعه من خلال 4 قصص، تتمحور حول القتل والموت والحب، ويتوقف طويلا أمام الجانب الأخلاقي في موضوع القتل الرحيم، ويلمس بقوة الجانب السياسي الذي تمثل في نفاق حكومة بيرلسكوني، وادعائها الدفاع عن الحق في الحياة، ويصور كيف يحسم وزير في حكومة بيرلسكوني أمره في النهاية ويقرر أن يتصدى لمشروع القانون في البرلمان بالرفض متحديا حزبه.

ولعل ما يميز الفيلم ان بيللوكيو لا يتخذ موقفا أو يحكم على مواقف الأطراف المختلفة فيه، بل يكتفي بعرضها وتجسيدها من خلال تناقضاتها الذاتية. صحيح أنه يستخدم السرد الملتوي، غير الخطي في الكثير من أفلامه، لكنه يظل مسيطرا على الحبكة، رغم جوانب شخصياتها المتشابكة، ويترك مساحة للانتقال في الزمن، والقفز بين الأماكن والشخصيات والأحداث، لكنه يعرف أيضا كيف يسيطر عليها ويستعيد الصلة في ما بينها. تغيرت اهتمامات بيللوكيو بلا شك، من التمرد ورفض العائلة والمجتمع في أفلامه الأولى، إلى رفض الجنوح إلى التطرف والعنف ثم الإرهاب، ولكن دون أن يفقد قدرته على نقد المؤسسة السياسية وإفرازاتها السلبية.

بيللوكيو يمضي في مسيرته، حيث يحافظ على مكانته كمخرج- مؤلف مرموق داخل وخارج إيطاليا، يعبر في أفلامه عمّا يشغله من أفكار كسينمائي ينتمي أساسا إلى اليسار، ولكنه رغم ذلك، يلتقي فكريا مع اثنين من أعظم السينمائيين الإيطاليين في كل العصور: جياني إيميلو (الإنساني) وإيرمانو أولمي (الكاثوليكي).

العرب اللندنية في

06.09.2015

 
 

مهرجان فينيسيا السينمائي.. احتفاء بالمؤلف

تواصل أعمال الدورة الـ 72 لمهرجان فينسيا السينمائي الدولى والتي تستمر فعالياته حتى 12 سبتمبر، ويعتبر فينيسيا أقدم مهرجان سينمائي دولي، يشهد حفل الافتتاح عرض فيلم إيفرست للمخرج الأيسلندي بالتازار كورماكور، بطولة جاك جلينهال وكيرا نايتلي وجيسبون كلارسك وجوش برولين وجون هوكس وروبين ريان وإميلي واطسون، ويروي محاولة من طرف شخصين لا علاقة لهما ببعضهما البعض، يسعيان للوصول إلى قمة إيفرست الشهيرة في ظروف عاصفة ثلجية، يحضر الافتتاح عدد كبير من نجوم هوليوود ونجوم العالم من بينهم جونى ديب وبندكت كامبريتش، والمخرجة الفرنسية أنييس فاردا، والكاتب التركي أورهان باموق الحاصل على جائزة نوبل، ويحضر من مصر المنتج والسيناريست محمد حفظي والمخرج شريف البنداري والفنانتان ناهد السباعي وسلوى محمد. تشهد الدورة عرض 56 فيلماً من عدة دول موزعة على عدد من المسابقات، أولها المسابقة الرسمية والتى يعرض فيها (21 فيلماً) تتنافس على جائزة الأسد الذهبي في التمثيل والإخراج، يرأس لجنة التحكيم المخرج المكسيكي ألفونسو كوارون وعضوية كل من الممثلة الألمانية ديان كروجر والمخرج التركي نوري بيلج جيلان، والمخرج البولندي باول باولكوفسكي والمخرج التايواني هو هتسياو هتسين والمخرجة الفرنسية إيمانويل كارير، والمخرج الإيطالي فرنشيسكو مونزي والمخرجة البريطانية لين رمزي.

وهي 4 أفلام أمريكية هي متساوون للمخرج الأميركي دريك دورموس، فيلم وحوش بلا أمة للمخرج الأميركي كاري فوكوناغا، وفيلم التحريك أنوماليزا للمخرج الأميركي شارلي كوفمان، والفيلم البريطاني - الأميركي المشترك، الفتاة الدانماركية للمخرج البريطاني دينيس هوبر، ويشارك الفيلم المشترك التركي الإيطالي دم دمي للمخرج الإيطالي ماركو بيللوكيو، وتشارك بولندا بفيلم 11 دقيقة للمخرج البولندي يرزي سكوليموفسكي، وتشارك كندا بفيلم تذكر للمخرج أتوم إيغويان، وتشارك الصين بفيلم بيموث للمخرج الصيني تشاو ليانغ، وفيلم ألماني من إنتاج كندي فرانكومانيا للمخرج الروسي ألكسندر سوكوروف وتنافس إيطاليا بـ4 أفلام، وفيلمان من فرنسا، وفيلم من أستراليا وأيضاً تشارك في إسبانيا والأرجنتين وفنزويلا وجنوب أفريقيا.

وينافس في قسم آفاق (أوريزونتي) 18 فيلماً تتنافس على عدد من الجوائز على غرار قسم نظرة ما في مهرجان كان السينمائي، من بينها ورشة فاينال كات التي ينافس فيها الفيلم المصري على معزة وإبراهيم للمخرج شريف البنداري، والفيلم الجزائري مدام كوراج لمخرجه مرزاق علواش، وبيت في الحقول للمغربية تالا حديد، وديك بيروت للسوري زياد كلثوم، زينب تكره الثلج للتونسية كوثر بن هنية، ويشارك العراق بفيلمين هما طريق الجنة لعطية الدراجي، والطلاق لهكار عبدالقادر، والفيلم الإيراني الأربعاء 9 مايو للمخرج وحيد غاليلفاند، وفي مسابقات أخرى بآفاق يشارك فيلمان إسرائيليان وهما جبل للمخرجة يائيل كيام، والثاني بعنوان يا إلهي، يا إلهي، لماذا تخليت عني؟، ويعرض الفيلم الأميركي رجل سقط للمخرج روبرت باتنسون، والفيلم الفرنسي تاج محل للمخرج نيكولا سادا، وأفلام أخرى من الهند وأوروغواى وإندونيسيا واليونان والبرازيل وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا، خارج المسابقة تعرض احتفالية أيام فينسيا وتضمن 21 فيلماً منها 10 أفلام داخل المسابقة، ويعرض 18 فيلماً للمرة الأولى عالمياً، من بينها 6 أفلام روائية من بينها فيلم التونسية ليلى بوزيد على حلة عيني والأميركي الكتلة السوداء لجوني ديب، والأميركي اذهب معي لأنتوني هوبكنز، والفيلم الراقص الأرجنتين، للمخرج الإسباني كارلوس ساورا و8 أفلام تسجيلية.

وتقام تظاهرة أيام فينسيا التي ينظمها اتحاد السينمائيين الإيطاليين، تفتتح التظاهرة بالفيلم الإسباني العقاب للمخرج داني دو لا تور، وتختتم بفيلم الابنة وهو أول أفلام المخرج الأسترالي سيمون ستون، عن مسرحية الكاتب هنريك إبسن البطة البرية، ويعرض أيضاً الفيلم البريطاني براءة الذكريات للمخرج غرانت غي المأخوذ عن رواية باموق متحف البراءة.

وعلى هامش المهرجان يتضمن عرضاً خاصاً لفيلم إنساني للمخرج الفرنسي يان أرثو برتران، وفيلم المخرج الروسي ألكسندر سوكوروف فرانكومانيا الذي صدر داخل متحف اللوفر الشهير.

يدير المهرجان ألبرتو باربيرا منذ عام 2012 ويمنح المهرجان هذا العام الأسد الذهبي التذكاري الى المخرج الفرنسي الكبير برنار تافرنييه، تقديراً لاسهامه الفني على مدار مسيرته السينمائية، كما يحيي المهرجان الذكرى المئوية لميلاد المخرج الايطالي الراحل ماريو مونتشيللي 1915-2010 ويختتم المهرجان بعرض الفيلم الصيني مستر ستة للمخرج غوان هو، الذي يصور العلاقة بين جيلين من أفراد عصابات الشوارع في بكين.

المشاركة المصرية ضعيفة في مهرجان فينسيا، يشارك المخرج شريف بنداري والذي فاز بالمشاركة بفيلمه على معزة وابراهيم ومعه 6 مشروعات عربية أخرى من بين أكثر من 50 فيلما تقدمت بطلبات المشاركة في ورشة فاينال كات فينيسيا والتي توفر دعماً للافلام العربية والافريقية على مدى يومين، من خلال عرض مشاريع الافلام التي تم اختيارها للمشاركة بالورشة أمام مجموعة المنتجين، الموزعين ومبرمجي المهرجانات السينمائية، وتختتم الورشة بمنح جوائز للأفلام الفائزة لدعمها في مرحلة ما بعد الانتاج. الفيلم انتاج شركة فيلم كلينك للمنتج والسيناريست محمد حفظي، حيث ينافس الفيلم على الجائزة التي يقدمها صندوق سند للفيلم الفائز في الورشة، التي تقدر بـ 10 آلاف يورو.

على معزة وابراهيم من إخراج شريف البنداري، وتأليف احمد عامر عن قصة سينمائية لابراهيم البطوط، وانتاج شركة فيلم كلينك للمنتج محمد حفظي بالتعاون مع ترانزيت فيلمز للمنتج حسام علوان، ومن خلال الفيلم ينطلق اثنان من الممثلين الشباب: علي خميس، وأحمد مجدي، بالاشتراك مع الفنانة سلوى محمد علي والنجمة ناهد السباعي.

بحضور حشد متميز من نجوم الفن السابع

فيلم «إيفرست» افتتح مهرجان البندقية السينمائي

انطلقت مساء امس الاول فى مدينة البندقية الايطالية اعمال الدورة 72 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي حيث عرض فى حفل الافتتاح فيلم إيفرست الدرامي المأخوذ من قصة حقيقة ، ويشارك فى المهرجان هذا العام عدد متميز من الاعمال يتضمن مجموعة تشمل العديد من الأفلام مبنية على أحداث جرت بالفعل..

ويقدم إيفرست صورة عاطفية ومقربة لفريقي تسلق جبال ومرشديهما الذين حاربوا من أجل البقاء على قيد الحياة عام 1996 بعدما حاصرتهم عاصفة ثلجية شرسة على أعلى قمة جبلية في العالم. وقال بالتازار كورماكور المخرج الأيسلندي، إنه اصطحب فريق العمل إلى منطقة قريبة من معسكر القاعدة لتلك البعثة في نيبال لتصوير جزء من الفيلم هناك، ومن أجل معايشة الواقع.

وتابع أن فريقه بدأ في الشعور بالمرض في تلك المرحلة بسبب الارتفاع الشديد، مضيفا لقد مررتهم عبر الكثير من الألم، وأن الممثلين لم يتعرضوا إلى خطر فعلي خلال الفيلم.

وقال جيك جيلينهال، الذي يجسد شخصية أحد المرشدين جنبا إلى جنب مع جايسون كلارك، إنه تحدث إلى أحد أقارب أعضاء البعثة من أجل إعادة جوهر الأحداث التي كشفها فيلم إيفرست.

وتابع أعتقد أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقك عندما تحاول أن تعيد تجسيد شيء حدث بالفعل وفي الوقت الذي استخدم فيه كورماكور حادث 1996 لتصوير دراما الصراع الإنساني مع الطبيعة، واعتمدت العديد من الأفلام الأخرى في مهرجان البندقية أيضا على أناس حقيقيين، بالإضافة إلى اتجاهات اجتماعية وسياسية حالية.

وقال باربيرا رئيس مهرجان البندقية : أصعب شيء هو اختيار فيلم الافتتاح لأنه يكون فئة خاصة من الأفلام، يجب أن يكون مبهرا وليس به الكثير من العنف لأن جمهور ليلة الافتتاح مختلف عن باقي جمهور المهرجان.

ومن بين الأفلام المتنافسة داخل المسابقة الرسمية ذا دينش غيرل بطولة إيدي ريدماين الذي يتناول قضية التحول الجنسي، وفيلم رابين .. ذا لاست داي للمخرج الإسرائيلي عاموس جيتاي عن إسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الذي اغتيل عام 1995، وفيلم بيستس أوف نو نيشن بطولة إدريس إلبا، وفيلم مانديلا: لونغ ووك تو فريدم المأخوذ عن رواية لطفل جند للقتال في إفريقيا.

كما يقدم المهرجان خارج المسابقة الرسمية، العرض الأول لفيلم بلاكماس بطولة جوني ديب، الذي يجسد دور رجل العصابات الأيرلندي-الأميركي ويتي بولجر، إلى جانب فيلم سبوت لايت بطولة مايكل كيتون.

يشار إلى أن 21 فيلما يتنافسون ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان هذا العام،.

وتشارك في المسابقة الرئيسية للمهرجان أفلام من الولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وتركيا وفنزويلا والأرجنتين وجنوب أفريقيا وبريطانيا وكندا وبلدان أخرى.

أما الوفد الروسي فجاء إلى المهرجان بفيلم وثائقي جديد من إخراج نجم السينما العالمية والمخرج السينمائي الروسي المشهور ألكسندر سوكوروف الذي حمل إلى المهرجان فيلما بعنوان فرانكوفونيا، يروي قصة الحفاظ على التحف الفنية الثمينة في متحف لوفر الفرنسي إبان الحرب العالمية الثانية. وستعلن الجوائز في 12 سبتمبر.

النهار الكويتية في

06.09.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)