كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

فينيسيا أقدم مهرجان سينمائي في العالم

ينتصر للمخرج - المؤلف

العرب/ أمير العمري

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الثاني والسبعون

   
 
 
 
 

تفتتح غدا الأربعاء، الدورة الـ72 من مهرجان فينيسيا السينمائي في جزيرة الليدو، حيث يتنافس 21 فيلما من 23 دولة على جائزة الأسد الذهبي، التي تعد أرفع جوائز المهرجان وتمنح لأحسن فيلم من خلال لجنة تحكيم دولية. ويعرض في الافتتاح الفيلم الأميركي “أيفريست” وهو من إخراج المخرج الأيسلندي بالتازار كورماكور، وبطولة جاك غلينهال وكيرا نايتلي.

مهرجان فينيسيا هو أقدم حدث من نوعه في العالم، فقد تأسس عام 1932 أي منذ 83 عاما، وأطلق عليه “معرض” السينما (الموسترا) ولا تزال التسمية سارية حتى اليوم، باعتبار أن المهرجان يحتفي بالفن السينمائي ويتعامل معه على نفس المستوى الذي يتعامل به مع الفن التشكيلي وفن العمارة والنحت والموسيقى، وهي الفنون التي تجتمع تحت عباءة مؤسسة “البينالي” الشهيرة. وقد نشأ المهرجان السينمائي الكبير كجزء من نشاط بينالي الفنون الشهير الذي يقام كل عامين.

عرضت كل الأفلام التي شاركت في الدورة الأولى من المهرجان عام 1932 دون رقابة على الإطلاق (رغم سيطرة الفاشية بزعامة موسوليني)، ودون أي شروط تتعلق بطول الفيلم أو بضرورة وجود ترجمة إيطالية مصاحبة، كما سمح بعرض الأفلام ناطقة بلغاتها الأصلية.

وقد لبّى مخترع السينما الفرنسي لويس لوميير دعوة رئيس البينالي الكونت فولبي للمشاركة في الدورة الأولى من المهرجان كضيف شرف، بعد 37 سنة من اختراعه لآلة السينماتوغراف.

وكان من المشهود له أن يسمح “الموسترا” بعرض أفلام من الاتحاد السوفييتي للمرة الأولى في إيطاليا منذ وصول الشيوعيين إلى السلطة في موسكو، وبعد حملات شرسة من جانب الدعاية الفاشية في إيطاليا ضد الشيوعية.

عرضت أفلام المهرجان في رواق فندق إكسيسليور الشهير، في الهواء الطلق بجزيرة الليدو. ولم يكن قد أقيم قصر المهرجان بعد. وقد ظل فندق إكسيلسيور يعرض أفلاما للعروض الصحفية الخاصة، وتناقش فيه الأفلام حتى منتصف التسعينات.

أفلام ومخرجون

لم تشهد الدورة الأولى منافسة بين الأفلام، أو منح جوائز، فلم تكن الفكرة قد أصبحت مطروحة بعد، بل عرض الكثير من الأفلام التي أصبحت من كلاسيكيات السينما العالمية في ما بعد، من بينها “حدث ذات ليلة” لفرانك كابرا، “الفندق الكبير” (غراند هوتيل) لإدموند غولدنغ، “البطل” لكنغ فيدور، “فرانكنشتاين” لجيمس ويل، “الأرض” لألكسندر دوفجنكو، “الحرية لنا” لرينيه كلير.

وضمت قائمة المخرجين الذين حضروا المهرجان الأول في العالم راؤول وولش ونيكولاي إيك وأرنست لوبيتش وهوارد هوكس وجورج فيتزموريس وموريس تورنييه وأناتولي ليتفاك.

أفلام مسابقة الدورة 72

1- "فزع" أمين ألبر (تركيا، فرنسا، قطر).

2- "قلب كلب" لوري أندرسون (أميركا).

3- "دم دمي" ماركو بيللوكيو (إيطاليا).

4- "البحث عن المجد" سو بروكس (أستراليا).

5- "متعادلان" دريك دورموس (أميركا).

6- "تذكر" أتوم إغيغويان (كندا، ألمانيا).

7- "وحوش بلا أمة" إدريس إلبا (أميركا).

8- "من أجل مصلحتك" جيوسيبي غاودينو (إيطاليا، فرنسا).

9- "مرغريت" إكزافييه جيانوللي (فرنسا، التشيك).

10- "رابين" عاموس غيتاي (إسرائيل، فرنسا).

11- "اندفاع أكبر" لوكا غوادنينو (إيطاليا، فرنسا).

12- "نهر بلا نهاية" أوليفر هيرمانوس (جنوب أفريقيا).

13- "الفتاة الدنماركية" توم هوبر (بريطانيا، أميركا).

14- "أنوماليزا" تشارلي كوفمان وديوك جونسون (أميركا).

15- "الانتظار" بييرو ماسينا (إيطاليا).

16- "11 دقيقة" يري سكوليموفسكي (بولندا).

17- "فرانكوفونيا" ألكسندر سوكوروف (فرنسا، ألمانيا، هولندا).

18- "القبيلة" بابلو ترابيرو (الأرجنتين، أسبانيا).

19- "من الخلف" لورنز فيغاس (فنزويلا، المكسيك).

20- "الفأر البحري" كريستيان فنسو (فرنسا).

21- "الغول" تشاو ليانغ (الصين، فرنسا).

وكان من النجوم الذين عرضت لهم أفلام بالمهرجان غريتا غاربو وكلارك غيبل وفريدريك مارش ووالاس بيري ونورما شيرر وجيمس كاغني وجوان كراوفورد وفيتوريو دي سيكا، وجذب المهرجان 25 ألف متفرج.

وشاركت في المهرجان الأول ثلاث مخرجات بأفلام من إنجازهن، وهن الروسية أولغا بروبرانشسكايا بفيلم “الدون الهادئ”، والألمانية الشهيرة ليني ريفنشتال، والفرنسية ليونتين ساغان. كما شارك المخرج الفرنسي الكبير رينيه كلير في المهرجان، وانتقد زحف المال على الفن السينمائي، وكيف أصبح المخرج صاحب الرؤية الفنية يناضل من أجل صنع فيلمه بسبب التكاليف الكبيرة التي تتطلبها الصناعة.

وكان أول فيلم يعرض في تاريخ المهرجان الأول في العالم الفيلم الأميركي “دكتور جيكل ومستر هايد” لروبين ماموليان، وجاء العرض في الساعة السابعة والربع مساء السادس من أغسطس 1932.

وورد في التقرير الذي نشرته صحيفة “لا غازيتا دي فينيسيا” أن “عرض الفيلم أعقبه حفل كبير راقص في فندق إكسيلسيور، و”شهد حضورا للكثير من أهل الصفوة والأثرياء”. وبينما لم تمنح جوائز رسمية، منح الجمهور جائزة أحسن إخراج من خلال استطلاع للرأي نظمه المهرجان، وذهبت الجائزة إلى المخرج السوفييتي نيكولاي إيك عن فيلمه “الطريق إلى الحياة”، بينما حصل فيلم رينيه كلير “الحرية لنا” على جائزة أحسن فيلم.

أقيمت الدورة الثانية من المهرجان في الفترة من 1 إلى 20 أغسطس 1940، ونظمت للمرة الأولى مسابقة بين الأفلام، وشاركت في الدورة 19 دولة، وشارك 300 صحفي في تغطية أحداث المهرجان.

ومنح المهرجان جائزتين هما جائزة كأس موسوليني لأحسن فيلم أجنبي، وكأس موسوليني لأحسن فيلم إيطالي. ولكن لم تكن هناك لجنة تحكيم دولية، بل منحت الجائزتان من قبل رئيس البينالي الكونت فولبي، بعد أن استطلع آراء الخبراء والجمهور، وفقا للمعايير التي حددها “المعهد الوطني لتعليم السينما” ومقره روما.

أما الجوائز الأخرى فكانت “الميداليات الذهبية الكبرى للاتحاد الوطني الفاشستي لصناعة التسلية”، ومنح هذا الاتحاد التابع للحزب الفاشي، جائزتين إلى أحسن ممثل وأحسن ممثلة. أما جائزة أحسن فيلم أجنبي فقد حصل عليها فيلم “رجل من آران” لروبرت فلاهرتي، وهو ما يعكس اهتماما عاما في ذلك الوقت بالفيلم التسجيلي ذي النزعة الفنية.

في عام 1935 أصبح المهرجان حدثا سنويا، تحت إدارة أوتافيو كروز، وزاد عدد الأفلام والدول المشاركة، كما أطلق على جائزتي التمثيل اسم “فولبي” رئيس البينالي ومؤسس المهرجان، وظل اسمه على جوائز التمثيل حتى يومنا هذا.

وفي عام 1936 تشكلت للمرة الأولى لجنة تحكيم دولية لأفلام المسابقة، وفي العام التالي 1937 افتتح “قصر المهرجان” في أهم بقعة في جزيرة الليدو وهو القصر الذي لا يزال المقر الرسمي للمهرجان حتى اليوم، وهو من تصميم المهندس لويجي كواغلياتا. وفي عام 1952 تمت توسعة القصر بإضافة واجهة جديدة وصالة في المدخل، وقال فيلليني في ما بعد عن قصر السينما في فينيسيا “إن أي مخرج سينمائي يدخل هذا القصر يشعر وكأنه يمرّ بامتحان!”

وتمكن المهرجان قبل ست سنوات، من استعادة قاعة العرض السينمائي الكبرى داخل القصر (صالة غراندا) التي تتسع لألف ومئتي متفرج، وإعادتها إلى بهائها القديم وعلى نفس الشكل والتصميم الداخلي والألوان الأصلية التي كانت عليها في الثلاثينيات. وتوجد قاعتان صغيرتان للعرض السينمائي في الطابق تحت الأرضي بالقصر هما قاعة زورزي وقاعة باسينيتي.

وقد انقطع المهرجان عن الانعقاد في جزيرة الليدو، وهجر هذا القصر في الفترة من 1940 حتى 1948. وفي عام 1938 نُظم أول برنامج “ريتروسبكتيف” أي عروض لأفلام قديمة خصصت لأفلام السينما الفرنسية في الفترة من 1891 إلى 1933، أي أنها شملت أيضا الشرائط التجريبية الأولى البدائية قبل اختراع السينماتوغراف بأربع سنوات. وحضرت مارلين ديتريتش إلى جزيرة الليدو، متقدمة ذلك الحضور الكبير لنجوم السينما الذي عرفه المهرجان منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا.

سنوات الحرب

نتيجة الحرب العالمية الثانية لم تشارك بلدان كثيرة في دورات 1940، 1941 و1942، ولم تنظم مسابقات، ولم تحتسب تلك الدورات في تاريخ المهرجان بعد ذلك، بل أسقطت من تاريخه. وقد توقف المهرجان بعد ذلك، أي من 1943 إلى ما بعد نهاية الحرب، فعاد عام 1946، وأقيم في الجزيرة الرئيسية، وكانت العروض تتم في سينما سان ماركو، بعد أن استولت قوات الحلفاء على قصر المهرجان في الليدو.

وكانت دورة 1946 دورة رمزية انتقالية صغيرة بالتنسيق مع مهرجان كان الذي كان قد افتتح دورته الأولى في توقيت متقارب. وفي 1947 أقيمت العروض في ساحة قصر الدوق في فينيسيا، وأقبل على عروض المهرجان 90 ألف متفرج.

وشهد المهرجان عودة السينما السوفييتية، وحصل فيلم تشيكي على الجائزة الكبرى التي سميت جائزة فينيسيا الكبرى، وقد منحتها لجنة تحكيم بعد عودة تقليد تشكيل لجان التحكيم. وفي عام 1949 عاد المهرجان مجددا إلى قصر السينما في الليدو، وأصبحت الجائزة الرئيسية لأحسن فيلم تسمى الأسد الذهبي (أو أسد سان ماركو وهو رمز المدينة)، وهي لا تزال بنفس الاسم حتى يومنا هذا.

في الخمسينات عرف المهرجان للمرة الأولى الأفلام اليابانية، حيث اكتشف كيروساوا بفيلمه الشهير “راشومون” وكو إيشيكاوا ثم ساتياغيت راي الهندي الذي حصل على الأسد الذهبي عام 1957 عن فيلمه “أباراجيتو”، ثم ظهرت أفلام الواقعية الجديدة وعرض فيلم “بايزا” لروسيلليني، ثم “الأرض تهتز” لفيسكونتي، وجاءت الأسماء الجديدة في السينما الفرنسية إلى فينيسيا مثل جون رينوار وروبر بريسون وهنري كلوزو.

وبرزت في الستينات أسماء فيلليني وأنطونيوني وبازوليني وحصل فيسكونتي على الأسد الذهبي عام 1964 عن “ساندرا”، بعد أن كان المهرجان قد شهد جدلا شديدا بسبب تجاهل أفلام فيسكونتي المتميزة مثل “أحاسيس” 1954، ثم “روكو وإخوته” 1960.

المخرج الفرنسي الكبير رينيه كلير شارك في الدورة الأولى من المهرجان، وانتقد زحف المال على الفن السينمائي

وفي عام 1968، عام الإضرابات العمالية وثورة الشباب اليساري والفوضوي التي اجتاحت إيطاليا امتدادا للثورة الطلابية في فرنسا وألمانيا، كاد المهرجان يتوقف إلاّ أنه انعقد وعرض أفلاما لبرتولوتشي وبازوليني وليليانا كافاني، بدعم كبير من روسيلليني وبازوليني الذي هاجم بضراوة في مقال له ما دعاه “فاشية اليسار”.

ومع ذلك فالمهرجان توقف عن تنظيم مسابقات للأفلام وتوقف عن منح جوائز الأسد الذهبي في الفترة من عام 1969 إلى عام 1980، لكنه منح جوائز أخرى فرعية، ولم تقم المسابقة في الفترة من 1969 إلى 1972.

وفي عام 1978 لم ينعقد المهرجان بسبب استمرار الخلافات والانقسامات السياسية العنيفة التي مزقت المجتمع الإيطالي بين اليمين واليسار، وأقام المنشقون في 1972 مهرجانا موازيا باسم أيام السينما الإيطالية في ساحة سان ماركو في نفس الوقت مع المهرجان المقام في الليدو.

أجواء المنافسة

أصبح مهرجان فينيسيا يهتم أكثر من مهرجان كان بالجوانب الفنية؛ بسينما المؤلف وبسينمات البلدان البعيدة -إذا جاز التعبير- وجاءت فترة ابتعد فيها كثيرا عن هوليوود، وكان يفضل عرض الأفلام الأميركية “المستقلة”.

وواجه المهرجان منافسة شديدة مع كان وبرلين، أساسا بسبب غياب السوق السينمائية، وربما يكمن السبب في موعد إقامة المهرجان في الخريف، وهو وقت لا يناسب شركات التوزيع الأميركية، ولكن المدير الجديد للمهرجان ألبرتو باربيرا أقام قبل 3 سنوات سوقا صغيرة محدودة للأفلام، لكنها لم تنجح في جذب كبار رجال هوليوود الذين يفضلون التوجه إلى مهرجان تورنتو (يفتتح في العاشر من سبتمبر هذا العام)، فهو قريب منهم وأقل تكلفة، بينما يعاني مهرجان فينيسيا من الارتفاع الكبير في أسعار الفنادق والمطاعم والخدمات بسبب ضيق الرقعة التي يقام عليها في الليدو.

في الثمانينات والتسعينات أعيد تنظيم المهرجان، وتم التوسع في برامجه وأقسامه، وبدأ تنظيم تظاهرة “أسبوع النقاد” في عام 1986 وهي مستمرة حتى اليوم وتحتفل هذا العام بمرور 30 سنة على تأسيسها، وخلال فترة إدارة الناقد لويجي روندي في الثمانينات للمهرجان انفتح أكثر على أفلام العالم العربي وأقيمت على سبيل المثال، احتفالية خاصة لأفلام المخرج المصري صلاح أبو سيف عام 1986. وشهد المهرجان في التسعينات اهتماما خاصا بالسينما الصينية الجديدة، وساهم في اكتشاف الكثير من الأسماء التي برزت في ما بعد مثل تشانغ ييمو الذي عرضت أفلامه الأولى في المهرجان وفازت بجوائز.

وفي 2003 بدأت إقامة تظاهرة “أيام فينيسيا” التي تركز على أعمال المخرج-المؤلف، والتي تميل للتجريب والتناول الفني الطموح بعيدا عن المقاييس التجارية، وفي الوقت نفسه، أصبح المهرجان أكثر اهتماما بجذب الأفلام الأميركية الجديدة بنجومها المشاهير.

العرب اللندنية في

01.09.2015

 
 

غداً يبدأ «فينسيا ٧٢»

١٤١ فيلماً من ٣٧ دولة من كل قارات العالم

بقلم   سمير فريد

يبدأ غداً مهرجان فينسيا السينمائى أعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم، والذى يستمر حتى ١٢ سبتمبر، وآخر المهرجانات الكبرى الثلاثة، بعد برلين وكان، حيث تعرض الغالبية من أهم أفلام العالم كل سنة. وما أن ينتهى فينسيا حتى يبدأ الربع الأخير من السنة، ويتطلع الجميع إلى مسابقة الأوسكار وحصاد ٢٠١٥.

المهرجان الكبير يعرض ١٤١ فيلماً من ٣٧ دولة من كل قارات العالم، منها ١٢٠ فيلماً طويلاً و٢١ فيلماً قصيراً. ومن الأفلام الطويلة ٢١ نسخة جديدة مرممة من أفلام مختارة من تاريخ السينما، ومن الأفلام القصيرة نسخة جديدة من فيلم تسجيلى (١٢ دقيقة) عن فينسيا، عثر عليه مؤخراً، ولم يعرف مخرجه بعد. ومن الأفلام الطويلة ٢٦ فيلما تسجيليا وفيلم واحد تشكيلى (تحريك)، ومن الأفلام القصيرة فيلم واحد تسجيلى وفيلم واحد تشكيلى. وهكذا يحقق المهرجان أكبر قدر من التنوع الثقافى ليكون دولياً بحق، ويعرض الأفلام من كل أجناس وأطوال الأفلام ليكون سينمائياً بحق.

السينما العربية

ومن بين أفلام المهرجان الفيلم الجزائرى «مدام كوراج» إخراج فنان السينما الجزائرى الكبير، مرزاق علواش، والذى يعرض فى مسابقة «آفاق» فى البرنامج الرسمى للمهرجان، وهو الفيلم العربى الوحيد فى فينسيا ٢٠١٥. ويعرض فى البرنامج الموازى «أيام فينسيا» الفيلم الفرنسى التونسى المشترك «على حلة عينى» إخراج ليلى بوزيد، وهو أول فيلم طويل لمخرجته، ابنة فنان السينما التونسى الكبير، نورى بوزيد.

وبينما تشترك الإمارات فى إنتاج فيلمى مرزاق علواش وليلى بوزيد، تشترك قطر فى إنتاج فيلم علواش وثلاثة أفلام أخرى، منها فيلمان مع تركيا (التركى «نزوة» فى المسابقة، والفرنسى التركى «موستاج») والإيطالى الأمريكى «البحر الأبيض» اللذان يعرضان فى «أيام فينسيا».

ومن الأفلام الـ١١٩ الجديدة (٩٩ فيلما طويلا و٢٠ فيلما قصيرا) يعرض العدد الأكبر من إيطاليا (٢٥) تليها الولايات المتحدة الأمريكية (١٧) وفرنسا (١٦) ومن كل من بريطانيا والصين (٦) وأستراليا (٥)، ومن كل من إسرائيل والأرجنتين والمكسيك والبرازيل والهند (٣)، وفيلمان من كل من بولندا وكندا وتركيا، و٢٣ دولة يعرض من كل منها فيلم واحد، وهى فينزويللا وجنوب أفريقيا وهولندا وأوكرانيا والدنمارك وإيران وإندونيسيا والجزائر واليونان وكرواتيا ومونتينجرو وقرغستان وتايلاند والبرتغال ونيبال وسنغافورة وإسبانيا وبلغاريا وشيلى ونيوزيلندا واليابان والنمسا والفاتيكان. ولا عزاء للسينما المصرية الغارقة فى البيروقراطية وصراع الموظفين.

ملصق المهرجان

للعام الرابع على التوالى قام فنان السينما التشكيلية الإيطالى الكبير، سيمون ماسى، بتصميم ملصق مهرجان فينسيا، وهو تحية إلى دور سينما الفن صغيرة الحجم كبيرة القيمة حيث تظهر وجوه أنتونى دونيل وجان-بيرليو من فيلم تروفو «أربعمائة ضربة»، وناستاسيا كينسكى من فيلم فيندرز «باريس تكساس».

ويتميز سيمون ماسى، الذى ولد فى بولونيا عام ١٩٧٠، بأنه من قلة لا تكاد تتجاوز عدد أصابع اليدين من مخرجى الأفلام التشكيلية الذين لا يستخدمون الكمبيوتر، وإنما لايزالون يستخدمون الكاميرا التقليدية. ولذلك صنع ١٩ فيلماً فى ١٩ سنة، لأنه يرسم ٦ أو ٧ لوحات فى اليوم يستغرق فى رسمها نحو عشر ساعات. وعلى سبيل المثال فإن فيلم الملصق الذى يعرض قبل عرض كل فيلم فى المهرجان يستغرق ٣٠ ثانية وصنع من ٣٠٠ لوحة. وقد فازت أفلام ماسى بعشرات الجوائز، كما فاز بجائزة الهرم الذهبى الشرفى عن مجموع أفلامه فى مهرجان القاهرة العام الماضى.

الأسد الذهبى الشرفى

مثل مهرجان برلين ومهرجان كان والمهرجانات الكبرى، يكرم مهرجان فينسيا شخصية سينمائية واحدة كل دورة. وفى دورة ٢٠١٥ يكرم فينسيا فنان السينما الفرنسى الكبير، برتراند تافرنييه، وهو مخرج وكاتب سيناريو ومنتج وناقد وباحث ومدير معهد لويس لوميير فى ليون، وهى المدينة التى شهدت ملد لوميير مخترع السينماتوغراف، ومولد الاختراع، ومولد تافرنييه عام ١٩١٤.

بدأ تافرنييه ناقداً فى الستينيات وهو فى العشرينيات من عمره فى مجلة «كراسات السينما» الشهيرة، واشترك فى كتاب مهم من كتب إعادة اكتشاف السينما الأمريكية. وفى عام ١٩٧٣ أخرج أول أفلامه الطويلة «ساعاتى سان بول» الذى فاز بالدب الفضى فى مهرجان برلين ١٩٧٤. كما فاز بالدب الذهبى عن فيلمه «الطعم» عام ١٩٨٥، وفاز بجائزة أحسن إخراج فى مهرجان كان عام ١٩٨٤ عن فيلمه «يوم أحد فى الريف»، وسبق عرض فيلمين من إخراجه فى مهرجان فينسيا.

يعرض فى حفل التكريم أحدث أفلام تافرنييه «الحياة ولا شىء آخر» حيث يقوم بتمثيل الدور الأول الممثل الفرنسى العظيم، فيليب نواريه، وهو المفضل لدى تافرنييه، وقام بتمثيل الدور الأول فى أول أفلامه، والعديد منها. وهذا هو الفيلم الخامس والعشرين الطويل للفنان المكرم، ومنها فيلمان تسجيليان، أحدهما عن حرب الجزائر بعنوان «حرب من دون عنوان» عام ١٩٩١. ويعتبر الفنان معبراً أصيلاً عن الإبداع الفرنسى الإنسانى فى أفلامه متعددة الأنواع، والتى صورت فى فرنسا وبلاد أخرى.

ولأول مرة أضاف المهرجان إلى تقاليده أن يختار الفائز بالأسد الذهبى الشرفى عدة أفلام من تاريخ السينما تعرض فى قسم كلاسيكيات فينسيا، وقد اختار تافرنييه أربعة أفلام من الأفلام التى تعرض هذا العام.

مئوية ويلز

تحت عنوان «ما قبل الافتتاح» يحتفل المهرجان اليوم بمئوية ميلاد فنان السينما الأمريكى العالمى الكبير، أورسون ويلز، (١٩١٥-١٩٨٥)، وذلك بعرض فيلم فى ٣٠ دقيقة لم يعرض من قبل لمشاهد من فيلمه «تاجر البندقية» عن مسرحية شكسبير، والذى بدأ إخراجه عام ١٩٦٩ ولم يتم. وعرض نسخة إيطالية من فيلمه «عطيل» عن مسرحية شكسبير عام ١٩٥١ تعرض لأول مرة أيضاً.

ويتضمن الاحتفال معرضاً لـ١٢ لوحة من رسوم ويلز عن شخصيات شكسبيرية، وبذلك يصبح احتفالاً مزدوجاً بمئوية ويلز هذا العام، واحتفالاً مبكراً بمرور ٤٠٠ سنة على مولد شكسبير العام القادم.

مئوية مونشيللى

ويحتفل المهرجان بمئوية ميلاد المخرج الإيطالى الكبير، ماريو مونشيللى (١٩١٥-٢٠١٠) الذى فاز بالأسد الذهبى عام ١٩٥٩ عن فيلمه «الحرب الكبرى»، وبالأسد الذهبى الشرفى عن مجموع أفلامه عام ١٩٩١.

ويأخذ الاحتفال شكل معرض من ٢٠ لوحة صور فوتوغرافية ووثائق من تصميم الفنانة التشكيلية كيارا راباسينى، وعرض نسخة جديدة مرممة من فيلم «نحن نريد الكولونيلات» الذى أخرجه مونشيللى عام ١٩٧٣ فى قسم الكلاسيكيات.

كلاسيكيات فينسيا

أصبحت أقسام الكلاسيكيات فى المهرجانات من الأقسام الرئيسية التى تربط الماضى بالحاضر بعرض نسخ جديدة مرممة لمختارات من تاريخ السينما وأفلام تسجيلية عن السينما. وفى «كلاسيكيات فينسيا» هذه الدورة ٢١ فيلماً روائياً طويلاً إلى جانب فيلم فينسيا القصير الذى سبق ذكره، وثمانية أفلام تسجيلية طويلة عن تاريخ السينما، والفيلم القصير عن فيلم أوزرسون ويلز «تاجر البندقية» الذى لم يتم، حيث تصنف الأفلام عن الأفلام غير التامة باعتبارها أفلاماً تسجيلية.

وأقدم الأفلام فى البرنامج الفيلم السوفيتى «ألكسندر نيفسكى» إخراج إيزنشتين عام ١٩٣٨، ومن الروائع التى لا تنسى أيضاً الفيلم اليابانى «ذو اللحية الحمراء» إخراج كوروساوا ١٩٦٥، والفيلمان الإيطاليان «إنى أتذكر» إخراج فيللينى ١٩٧٣، و«سالو» إخراج بازولينى ١٩٧٥.

samirmfarid@hotmail.com

المصري اليوم في

01.09.2015

 
 

حكايات ساخنة في الدورة الـ72 من مهرجان فينيسيا السينمائي

نجوم كثيرون وأفلام تجمع بين أجيال مختلفة

فينيسيا: محمد رُضا

هناك عادة لا يتبعها مهرجان كبير آخر. البدء بالمهرجان قبل يوم واحد من بدايته. بكلمات أخرى: يوم الافتتاح الرسمي في الثاني من سبتمبر (أيلول) هو – تقنيا - اليوم الثاني، وفيلم الافتتاح «إيفرست» هو ليس الفيلم الأول الذي يعرضه المهرجان في دورته الجديدة التي تمتد حتى الثاني عشر منه.

يوم أمس، الأول من الشهر، تم عرض سبعة أفلام من بينها فيلمان للفنان الشامل أورسون وَلز بمناسبة مئوية مولده، هما «تاجر البندقية» و«عطيل». كذلك من بين ما تم عرضه أفلام جديدة مثل «شتاء مبكر» لمايكل راو و«ما» لسيليا راولسون هول و«مدينة الجزيرة» لرشيقة أوبروي.

على الرغم من ذلك، وعلى أهمية الاحتفاء بأورسون وَلز (الخجول) فإن اهتمام الجميع سينصب من اليوم على ما ستدلف إليه أيام المهرجان المقبلة من أعمال تشكل نظريا، على الأقل، ثالث مجموعة من الأفلام المنتظرة هذا العام من بعد تلك التي عرضها برلين في فبراير (شباط) الماضي، والأخرى التي شهدها مهرجان كان في مايو (أيار) قبل نحو ثلاثة أشهر.

هذه المهرجانات الثلاثة إذ اعتادت احتواء العدد الأكبر والأهم من الأفلام العالمية، اعتادت كذلك على التنافس في ما بينها حتى وإن اختلف كل منها عن الآخر بقدر ما. وفي حين أن مهرجاناتنا العربية إما تمر بأزمة أو تنحني تحت وطأة واحدة وتتوقف، فإن شغل المهرجانات الدولية جار على قدم وساق، والمنافسات في عالم تسوده اليوم الوسائط التقنية المختلفة باتت هدفا في حد ذاته يسيطر على رغبة المشاركين فيها من مخرجين ومنتجين وموزعين وممثلين.

إلى ذلك، فإن كلا من فينيسيا وتورنتو بداية حقيقية لموسم المهرجانات. جرسان كبيران يعلنان أننا بتنا في بطن هذا الموسم الحافل. هذا العام في فينيسيا ركّز مديره الفني ألبرتو باربيرا على تشكيل برنامج مهم. قال عنه في معرض حديثه في المؤتمر الصحافي: «يؤمن ما على المهرجانات السينمائية تأمينه قبل سواه: عرض الأفضل من كل البلدان إذا أمكن».

عمليا، وبالأرقام، يعرض البرنامج الرسمي في دورته الثانية والسبعين 55 فيلما جديدا لم يسبق عرضها في أي مناسبة أخرى، بينها فيلم الافتتاح «إيفرست» الذي تم تصويره في استوديوهات شينيشيتا في روما. إنه فيلم أميركي من إنتاج ديزني التي ستتبع العرض الافتتاحي بسهرة كبيرة يحضرها عدد كبير من المدعوين وكذلك الممثلين الذين يشتركون في أداء الأدوار الرئيسية، مثل روبن رايت وكايرا نايتلي وجيك جيلنهال وجوش برولين. مثل افتتاحات فينيسيا الأخرى في الأعوام القليلة الماضية، فإن الفيلم الذي أخرجه بالتازار كورماكور هو رحلة في المستحيل. مجموعة من متسلقي الجبال تقرر القيام برحلتها الأصعب وهي تسلق قمة إيفرست. سيقودنا الفيلم لاعتبار أن الوصول إلى القمة ليس أصعب المهام بل الهبوط عنها.

فيلم الافتتاح يعرض خارج المسابقة، كما يجب على كل فيلم افتتاح أن يكون، لكن هناك اشتراكات أميركية في المسابقة التي تضم كذلك أفلاما إيطالية وبولندية وتركية وصينية وفرنسية وإسبانية وفنزويلية من بين أخرى.

الفيلم الأميركي «الفتاة الدنماركية» هو جديد المخرج توم هوبر الذي صنع صيته الحسن عبر فيلم «خطاب الملك» سنة 2010، قبل أن ينتقل منه إلى فترة تاريخية أخرى نص عليها فيكتور أوغو في رائعته «البائسون». فيلمه الجديد «فتاة دنماركية» قصة حياة الفنانة الدنماركية (التي عاشت واشتهرت في باريس قبل كوبنهاغن) غيردا ويغنر وزواجها من آينر الذي رضي أن يُرسم كامرأة أمامها. وما لبث لهذا القرار أن تحوّل إلى ممارسة حياتية، إذ بقي آينر (يؤديه إدي ردماين الذي خرج بأوسكار أفضل ممثل في مطلع هذا العام عن دوره في «نظرية كل شيء») في الثياب النسائية وتزوّجته غيردا على أساس أنه امرأة، وهو زواج رفضته الملكة كريستينا آنذاك ولم تسمح به.

وفي «الانتظار» حكاية أخرى بين امرأتين، لكنها حكاية أقل حدّة وطبيعية إلى حد بعيد. سنجد الممثلة الفرنسية جولييت بينوش أمًا تنتظر مجيء ابنها للزيارة. قبل وصوله تطرق الباب فتاة تدعي أنها صديقته وأن زيارته ستتأخر. الفيلم، الذي أخرجه الإيطالي بييرو مسينا، حظي بإشادة رهط من النقاد الإيطاليين الذين شاهدوه في عرض خاص في روما قبل أيام قليلة.

لكن الانتظار الحقيقي ليس من نصيب هذا الفيلم أو أفلام أخرى تجاوره ذلك الطموح الفني مستندة إلى ما تسنى لمخرجيها من مواهب. هناك بعض القمم السينمائية الموجودة في هذه الدورة من بينها الفيلم الجديد «فرانكوفونيا» للروسي ألكسندر زوخوروف الذي كان مقررا له أن يعرض في «كان» لكن الفيلم لم يكن جاهزا آنذاك. اللافت أن المخرج لم يعتمد على تمويل روسي بل اتجه صوب شركات ألمانية وفرنسية وهولندية. البعض وصف الفيلم بأنه احتفاء بالهوية الأوروبية، وهو يقول إن أوروبا بالنسبة إليه «دائما ما بدت كعائلة متماسكة وقوية واحدة تستند إلى الثقافة كأساس».

أتوم إيغويان، اسم كبير آخر (ومن خارج العائلة الأوروبية فهو وُلد في الإسكندرية وهاجر صغيرا مع عائلته إلى كندا)، وكان تردد في التوجه إلى مهرجان «كان» الفائت لكن قيل إن فيلمه لم يكن جاهزا. على أي حال ما يخسره كان هو ما يفوز به فينيسيا، وعلى هذا الأساس سنرى هنا فيلمه الجديد «تذكر». يعد أغويان في هذا الفيلم الاختلاف عن الأفلام الأخرى التي تناولت حكاية ناجٍ من الهولوكوست يبحث عن الضابط النازي الذي عرف أنه ما زال حيا ويعيش في أميركا.

ثم هناك، ومن بين الجيل المخضرم، الإيطالي ماركو بيلوكيو الذي يضرب بمطرقته على قضايا اجتماعية ودينية (كنسية) وسواها في فيلمه الجديد «الدم دمي» أيضًا مع جولييت بينوش في أحد الأدوار الرئيسة، في حين يستعير المخرج الجديد لوكا غوادانينو ممثلين بريطانيين لبطولة فيلمه «رذاذ أكبر» هما تيلدا سوينتون وراف فاينس.

تعداد ما هو معروض في المسابقة أو خارجها لا ينتهي عند هذا الحد بالطبع، وليس ما سبق سوى ثلة من الأفلام التي جمعها مديره باربيرا للمناسبة. وسنلاحظ أن هناك العديد من الأفلام التي حققها جيل أحدث من المخرجين منهم الأميركي لوري أندرسن (بفيلمه «قلب كلب») والتركي أمين ألبر (جنون) والأسترالية سو بروكس (البحث عن عظمة) والأرجنتيني بابلو ترابيرو (العصبة).

ما يتفق عليه الوافدون لحضور هذا المهرجان الكبير كثرة ضيوفه من النجوم: براد بت، غاري أودلمان، كايت مارا، مارك روفالو، راتشل ماكآدامز، مايكل كيتون، جوني دب، جاك جيلنهال، كيرا نايتلي، كيفن باكون، بندكت كمبرباتش.. ما هم إلا بعض الأسماء الجماهيرية التي احتشدت لهذا المهرجان والتي يحتشد الجمهور الإيطالي ليتلقط لها الصور حين مرورها كل ليلة على ذلك البساط الأحمر.

أغلى فيلم قصير في العالم

إلى هؤلاء، كان من المفترض أن ينضم المخرج مارتن سكورسيزي لعرض فيلم جديد له بعنوان «الاختبار»، لكن العرض تم إلغاؤه بعدما بعث المخرج برسالة اعتذار فحواها أن مشاكل تقنية أخرت إنجاز الفيلم في موعده المقرر. لكن لا أحد يعرف إذا ما كان هذا هو السبب أو هو السبب الوحيد. ففي طيّاته أن بعض التمويل جاء من جهتين تجاريّتين: مؤسسة «مانيلا سيتي أوف دريمز» التي تملك عددا من الكازينوهات ومؤسسة «ملكو كراون» مالكة الاستوديو الجديد «ماكاوي استوديو سيتي» وكلاهما قصد الترويج لنفسه عبر فيلم من إخراج عملاق.

ليس فقط من إخراج عملاق، بل من بطولة ممثلين كبيرين هما روبرت دينيرو وليوناردو ديكابريو. والسائد في لوس أنجليس الآن هو أن الفيلم القصير ربما كان أغلى فيلم قصير في التاريخ، إذ لا تزيد مدّة عرضه على 16 دقيقة لكن كلفته وصلت إلى 70 مليون دولار من بينها 26 مليون دولار للممثلين المذكورين، ونحو 13 مليون دولار للمخرج سكورسيزي. لكن الممولين نفوا هذه الأرقام، وإن لم يتبرعوا بذكر أرقام أخرى. إذن بدأت الدورة قبل موعدها الرسمي وبطلها ممثل ومخرج ولد قبل مائة سنة ورحل قبل ثلاثين سنة وما زال مصدر اهتمام كبير. أحد الفيلمين المعروضين هنا هو أحد أسباب هذا الاهتمام، ففيلم «تاجر البندقية» هو واحد من الأفلام القليلة التي تم تحقيقها عن مسرحية ويليام شكسبير المعروفة (وصفها البعض بأنها معادية للسامية) وفي عام 1982، أي قبل ثلاث سنوات من وفاته، أعلن وَلز أن نسخة الفيلم مسروقة. وأكد بعض المؤرخين أن الموجود منها لا يعدو بضعة مشاهد. الغريب أن سيناريو الفيلم كان بدوره مفقودا إلى أن تم اكتشافه مؤخرا ثم قام فريق من الباحثين والمرممين باستخدام ما اكتشفوه من مشاهد وما اكتشفوه من نص لتأليف فيلم جديد - قديم.

الشرق الأوسط في

01.09.2015

 
 

حفرة المهرجان

العرب/ أمير العمري*

سؤال لا يبدو أن أحدا يملك الإجابة عنه، فنحن في إيطاليا، والواضح أن 'دماء الحفرة' تفرقت بين قبائل النقابات والبلدية والأحزاب والحكومة.

تفتتح مساء اليوم الدورة الـ72 من مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي بمشاركة عشرات الأفلام داخل وخارج المسابقة في برامج وأقسام المهرجان الذي يعدّ الأعرق في العالم.

ومرة أخرى ستقام فعاليات المهرجان في جزيرة الليدو وعلى شاطئها الهادئ الذي عرف كمصيف للأرستقراطية الإيطالية في الماضي، وخلده فيسكونتي في فيلمه الشهير “الموت في فينسيا” (1971).

ومع ذلك شهدت الليدو خلال السنوات الأخيرة الكثير من المتغيرات السريعة القاسية التي يمكن لمن يتابع المهرجان من سنوات بعيدة أن يلحظ تأثيرها.

كان فندق “ديبان” (أي الحمامات) المواجه للبحر مباشرة ويتمتع بشاطئ خاص، قد أغلق قبل خمس سنوات وبيع لشركة عقارية قامت بتقسيمه وتحويل مبناه الباروكي العريق الذي ينتمي إلى عمارة القرن التاسع عشر، إلى مجموعة من الشقق السكنية الحديثة للأثرياء.

ولو عاد فيسكونتي إلى الحياة لتحسر على مصير ذلك الفندق الذي شهد الكثير من الأمجاد في الماضي، وكان قد صور فيه جانبا كبيرا من مشاهد “الموت في فينيسيا”، كما حل به كبار نجوم السينما العالمية ضيوفا، مثل كلارك غيبل وأنطوني كوين وصوفيا لورين وبيرت لانكستر وغيرهم.

وكان لي لقاء طويل مع المخرج المصري الراحل صلاح أبو سيف في رواق ذلك الفندق العريق عام 1986، عندما جاء إلى المهرجان الذي خصه باحتفالية خاصة في تلك السنة، وعرض بعضا من أفلامه القديمة إلى جانب فيلمه الأحدث وقتها، أي فيلم “البداية”.

ومع إغلاق الفندق انتهى عصر كامل من تاريخ المهرجان الذي مازال مقره الرئيسي هو “قصر المهرجان” والذي أقيم عام 1937، ويضم قاعة العرض السينمائي المعروفة بـ”صالة غراندا” (أو القاعة الكبرى) التي سيقام فيها حفل الافتتاح الليلة.

المدير السابق للمهرجان، ماركو موللر، كان قد أعلن قبل سبع سنوات عن إقامة منشآت جديدة للمهرجان بما فيها قصر جديد أكثر رحابة، يتم تجهيزه بأحدث ما جادت به التكنولوجيا الرقمية الحديثة، وقد خصص المهرجان قطعة أرض تبلغ مساحتها عشرة آلاف متر مربع بالقرب من القصر القديم، لإقامة تلك المنشآت الجديدة التي كانت ستكفل نقل المهرجان نقلة كبرى إلى المستقبل.

وفي المقابل بدأت الشركة التي تتولى التنفيذ بحفر الأرض، ثم توقفت بعد أن عثر المهندسون على كمية متناثرة تحت الأرض من معدن الأسبستوس الضار بالصحة، وظلت تلك الحفرة الهائلة قائمة حتى يومنا هذا، بعد أن غطيت بعض أجزائها البارزة تحت الأرضية بلفائف من البلاستيك.

أصبح موقع المهرجان بالتالي من أغرب مواقع المهرجانات في العالم، فعلى اليمين في مواجهة البحر، يقع القصر القديم ويمتد أمامه البساط الأحمر الذي يسير عليه مشاهير النجوم من آل باتشينو وكيت بلانشيت وكيرا نايتلي وهيلين ميرين وبراد بيت وغيرهم، وتمتد سهرات الجمهور حتى مطلع الصباح، وتصدح الموسيقى وتواكب شاشات التلفزيون العملاقة فعاليات المهرجان بعرض لقطات ومشاهد منه للجمهور المحتفل.

وعلى الناحية الأخرى، تمتد الحفرة التي يمكننا أن نطلق عليها “حفرة المهرجان” تيمنا بما سبق أن أطلق عليه صنع الله إبراهيم في روايته الشهيرة “اللجنة” (حذاء اللجنة)، وداخل الحفرة تلمع تلك الأجسام الممددة الملتفة في البلاستيك الأبيض، كما لو كانت توابيت من عصور الأقدمين.

هذا المشهد قائم منذ سنوات، فمتى يمكن أن يحسم الإيطاليون أمرهم ويردمون تلك الحفرة الكئيبة المحاطة بسياج سميك من الخشب، ولماذا لم يفعلوا ذلك حتى الآن؟

سؤال لا يبدو أن أحدا يملك الإجابة عنه، فنحن في إيطاليا، والواضح أن “دماء الحفرة” تفرقت بين قبائل النقابات والبلدية والأحزاب والحكومة.. ولكن أهم من هذا كله أن السينما مستمرة.. والحفرة أيضا.

*كاتب وناقد سينمائي من مصر

العرب اللندنية في

02.09.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)