كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

أحلام اللحظات الأخيرة لإنقاذ تاريخ بأسره

القاهرة - أمل الجمل

عن رحيل

هرم العطاء

نور الشريف

   
 
 
 
 

غيّب الموت الفنان المصري نور الشريف الذي كان للكثيرين بمثابة الأب والمعلم والصديق، وليس فقط الأستاذ والفنان الذي تتلمذت علي يديه أجيال وأجيال. فقد كانت أعماله بمثابة المعهد الذي تخرج فيه الكثيرون. أتاح الفرص للشباب، منتجين ومخرجين وممثلين، كان مع التجريب، مع العلم والثقافة لدعم الموهبة وصقلها. خصص يومياً ساعات للقراءة والاطلاع ليراكم معارفه ويطور شخصيته، لم يكن أبداً يكتفي بملامح الشخصية في السيناريو الذي يأتي إليه، لكنه يظل يشتغل عليها، يطورها ويُضيف إلى ملامحها، من دون أن يبخل بنصيحته ورأيه في ما يخص الشخصيات الأخرى. كان يسعي للتميز والاختلاف على طريقته.

كان نور الشريف فناناً مغامراً يتميز بالجرأة، ويهوى الاكتشاف. قدم عدداً من أهم المخرجين في تاريخ السينما المصرية مثل سمير سيف وعاطف الطيب ومحمد خان، ومن الكتّاب عبدالرحمن محسن في «زمن حاتم زهران». اكتشف عدداً من الوجوه الشابة في التمثيل وساندها. عندما التقيته عقب أحد عروض آخر أفلامه «بتوقيت القاهرة» سألته: «هل كانت ثقتك في محلها في المخرج أمير رمسيس؟». فأجابني من دون تردد: «الحقيقة آه... الانطباع الأول يظل عندي أهم شيء، فأنا لما قرأت السيناريو كان الانطباع الأول مريحاً، وأحببت السيناريو ككل وأحببت الشخصية، خصوصاً أن أمير «لاعبني» باسم الشخصية عندما جعلها تحمل اسم «يحيى شكري مراد» وهو اسم الشخصية التي جسدتها في فيلم «حدوته مصرية»، والتي تجسد شخصية يوسف شاهين، فكانت هذه مداعبة ظريفة أعجبتني».

> ولم تشعر بالقلق في أي لحظة قبل التنفيذ أو أثناءه؟

- بالنسبة لي التعامل مع المخرجين الجدد ليس مشكلة. أنا أكثر واحد قدم جيلاً جديداً كاملاً من المخرجين والكتاب في أفلام من إنتاجي أو من إنتاج آخرين، لذا كنت سعيداً بتجربتي مع أمير رمسيس ولم أشعر بالقلق، لكن يبقى أن المخرج عندما يكتب النص بنفسه يكون العمل أثناء التنفيذ أقل من مستوى الكتابة.

> بمعنى؟

- هناك مخرجون يكتبون سيناريوات نُصاب عندما نقرأها بالذهول لقوة ما فيها، ولكن لاحقاً حين نشتغل العمل ونتيجة ظروف الإنتاج تختفي فجأة التفاصيل الساحرة التي كانت موجودة بالسيناريو. من هنا، يكون الاختلاف بين النص المكتوب وبين الفيلم.

> مع «بتوقيت القاهرة» ألم تنتابك أية مخاوف بالنظر إلى أن الفيلم لا ينتمي إلى الإنتاج الضخم؟

- أنا ضد الأفلام التي تنتج بالملايين. صحيح أن بعضها نجح مثل «عمارة يعقوبيان»، لكن هذا ليس شرطاً، فالملايين لا تضمن النجاح ولا تضمن تقديم فيلم جيد. في الغالب في العالم كله الفيلم الذي ينتمي إلى السينما المستقلة أو المنتج بموازنة منخفضة لمخرجين مبدعين لهم موقف من الحياة، تكون هذه الأفلام أهم بكثير، فأنا لا أنسى فيلم «كليوباترا» بطولة إليزابيث تايلور وفيه أكبر مجموعة نجوم وحقق بأضخم موازنة وقتذاك، لكن لما شاهدت الفيلم شعرت في الجزء الأول منه بأن الممثلين تاهوا داخل الذهب المصروف على الديكور. لما خلصت الفلوس وأصبحت الديكورات عبارة عن ستائر بداخل القصر مثل المسرح فجأة نجد فيلماً آخر فيه إبداع إنساني أقوى من الذهب. فالملايين ليست هي الإبداع، ليست هي القيمة. ممكن الأموال أن تكون مهمة لبعض أنواع الأفلام كالحروب والأفلام التاريخية الضخمة، لكنها ليست المقياس لمدى الجودة، وأنا أعتقد أن الكبوة التي حدثت في السينما المصرية كانت بسبب اختفاء المنتجين أمثالي.

> برأيك ما هو السبب وراء عزوف الممثلين الشباب من الأجيال اللاحقة لجيلك عن ممارسة الإنتاج؟

- لأن مقدار حب السينما أصبح قليلاً. لم يعد هناك عشاق للسينما، مثلما لم يعد هناك عشاق للمسرح. يمكن هناك اعتبارات ثانية كثيرة، يمكن سيطرة التلفزيون، والإنترنت والكومبيوتر، وبالتالي ممكن أن يكون هذا سبباً في تراجع السينما الحقيقية والمسرح، وبالتالي لم يعد هؤلاء يغامرون بالإنتاج السينمائي. ربما من أجيال الشباب لا يوجد سوى أحمد حلمي الذي حاول أن ينتج لنفسه أفلاما خاًرج شروط السوق.

شروط وشروط مضادة

> وهل شروط السوق لا تتفق دائماً مع شروط الجودة؟

- لا إطلاقاً، الفيلم التجاري يحتاج إلى انضباط واعٍ، مثلاً أفلام نجيب الريحاني وليلى مراد وأنور وجدي فيها انضباط رائع في التنفيذ والإنتاج، في الديكور والملابس والموسيقى، على رغم أن الفيلم لا يحمل أفكاراً ثورية ولا أفكاراً ضخمة تدعو إلى تغيير المجتمع. ففي النهاية، الفيلم عبارة عن حكمة أخلاقية أو نصيحة كيف للإنسان أن يعيش حياته، فقط لا غير. بالعكس الجودة مطلوبة للاثنين للفيلم التجاري والفيلم الفني. لكن مأزق السينما حالياً يكمن في الاحتكار الذي تمارسه شركات التوزيع، فلو لم يكن هناك احتكار لكانت المنافسة البديل، لكن الاحتكار سائد وهناك تحالف بين الموزعين المسيطرين، وأنا الشيء الوحيد فقط الذي أريد أن أشكرهم عليه هو دور العرض، فقد بنوا رصيداً من دور العرض جيداً ومتميزاً، الحقيقة على أعلى مستوى، وأتمنى أن يزيد العدد. لكن، تظل هناك مشكلة سيطرتهم على طبيعة الأعمال السينمائية ونوعيتها.

> في الدعاية لأعمالك هل كنت تشترط وضع اسمك بطريقة معينة على الأفيش؟ وهل كنت تقبل أن يسبق اسمَك اسم أحد النجوم الشباب؟

- أنا لي مقوله مأثورة... وهذا يحدث في العالم كله: مَنْ كان أجره أغلى فليتصدر اسمه الأفيش، لأن المنتج لن يدفع لممثل إلا إذا كان عنده ثقة في أن هذا الاسم سيجلب له الفلوس. مثلاً في فيلم «الكرنك»، الأستاذ فريد شوقي لم يُوقع عقداً وكان يعمل بأجر يومي، واسمي كان يسبق اسمه - بعد اسم سعاد حسني وبعدي جاء اسم كمال الشناوي - لكن بعد ذلك بسنتين ثلاثة، سبقنا كلنا اسم فريد شوقي لأنه أنتج لنفسه نوعية من الأفلام يحبها، وكانت تحقق إيرادات كبيرة. فوضع الاسم على الأفيش ليس هو المشكلة، المهم أن تكون محباً للسينما وتظل في داخلها وتقبل بقواعد اللعبة. مثال آخر: في تجربة «سونيا والمجنون» من تمثيلي أنا ومحمود ياسين ونجلاء فتحي، قبل التصوير قابلت المنتج والمخرج حسام الدين مصطفى في استوديو الأهرام وقلت له: «نفسي أعمل شخصية المحقق في رواية «الجريمة والعقاب» لدستويفسكي». فقال لي: «إيه؟ بس ده دور صغيّر». قلت له: «آه، صحيح الدور صغير، بس نفسي أمثله»، قال: «أنت بتهزر»، فقلت: «والله بتكلم جد». فقال: «ستوب، وقفوا التصوير». وراح بيته في الزمالك وأحضر عقداً ودفتر الشيكات، وأصر على أن أوقع العقد على دوري لأنه كان يخشى أن أتراجع في كلامي. لقد كنت أنا من طلبت أن أمثل الدور الثاني بعد محمود ياسين لأن الدور أعجبني، وهذا تسبب في وجود فرق في مستوى الفيلم. تأملي المشاهد التي تجمعني بمحمود ياسين فستجدينها مشاهد تُدرَّس، وهذا ليس غروراً. أذكر يومذاك في أحد المشاهد أن نجلاء فتحي قالت: «لا لا لا... محدش يشتغل معاكم أنتم الاثنين.» ما أقصده أن الممثل لما يعمل في المهنة وهو محب لها يكون في الأمر مقاييس أخرى حتى يستمتع بالعمل. طبعاً، كانت ثمة منافسة بيني وبين محمود، وبعدها عملنا سوياً «مع سبق الإصرار»، وكان دوره أصغر من دوري.

> وماذا عن أحلام نور الشريف؟

- أحلم بأن الـ14 دار عرض التابعة لوزارة الثقافة أن تعود بعدما ينتهي عقد الاستغلال، إلى وزارة الثقافة من جديد لتكون نوافذ للسينما المستقلة. أنا عندي أربعة أفلام أريد إنتاجها، لكني متوقف لأني لن أستطيع عرضها وهذا معناه خراب بيوت، لأنني يمكن أن أصرف على الفيلم وبعد ذلك أعطيه لشركة من شركات دور العرض فتقولي لا. وقد قيل لي هذا بالفعل: «فهل تعتقد أن مشروع فيلمك «الشبكة» وموضوعه يتصدى للخصخصة سيحقق أرباحاً؟ وما الذي يضمن لك أن الفيلم الثاني الذي تريد تحقيقه وستصرف عليه الملايين هيردّها؟» ومخاوفهم سببهاً أن كثيراً من الأفلام سقطت، ففي السينما لا توجد رهانات على الإيرادات، لكن من المهم أن تمنح الفيلم فرصة العرض وتتركه للناس فهي التي تحكم.

> وماذا عن دور الدولة في الإنتاج؟

- لا... أنا لا أريد من الدولة أن تنتج، فقط أريد منها أن توفر لي دور عرض، أنا لن أطالبها بالمزيد. لو استثمرت في دور العرض فهذا كنز، ولن تتكلف إلا الصيانة فقط لا غير. أنا عندي الحل واقترحته قبل ذلك، ولكن لا أحد استمع لكلامي. قصور الثقافة في الأقاليم لماذا لا نحوّلها إلى دور عرض؟ ونقيم حفلة واحدة في اليوم ما عدا الخميس والجمعة تكون هناك حفلتان، بحيث تصبح قصور الثقافة نافذة حقيقية للسينما المستقلة، وعندما لا تكون هناك أفلام جادة تعرض بها الأفلام التجارية لأنها ستجلب فلوس لوزارة الثقافة. وكان عندي حلم ثانٍ وهو أنه في الصيف، أثناء أجازة المدارس التي تمتد لنحو ثلاثة أشهر تتحول «أحواش المدارس» إلى سينما صيفية؟ وستكون التذكرة أرخص تذكرة في الدنيا، جنيه واحد، حل سينقذ صناعة السينما وتاريخها.

هناك حلول أخرى فمثلاً في المغرب تُدفع ضريبة على الأفلام الأجنبية تُعطي للمنتج المغربي عندما يخوض تجربة الإنتاج، طبعاً كنت أتمنى أن يحدث هذا عندنا لأن السينما الأميركية تتوحش، لكن فكرتي قصور الثقافة وأحواش المدارس ممكن تعمل قفزة في صناعة السينما المصرية.

####

«الحاج متولي» في نانت الفرنسية: الإنسان الآسر

ندى الأزهري

لم ألتق نور الشريف سوى مرة واحدة، كانت في 14 كانون الأول (ديسمبر) 2001 في مدينة نانت الفرنسية.

كان آسراً بإنسانيته ولباقته وحبه للناس وتواضعه. كنت أصحبه في جولة في مركز المدينة وساحتها الملكية ومعالمها الجميلة، فيما كان التلفزيون الفرنسي يصور حضور هذا «النجم» المصري مهرجان «نانت للقارات الثلاث». كنت أترجم الأسئلة فيما كان نور بين سؤال وجواب يحدثني عن العائلة وعن سعادة الأب ببنتيه مي وسارة من دون أن يلقي بالاً إلى العدسة. كأنها لم تكن هنا، حتى بالنسبة إلي أنا المرتبكة بحضورها في البداية.

كان تكريماً سينمائياً له، لكن حبّ الناس له جعله مكرماً في كل مكان وطأته قدماه. في دور العرض، في السوق الشعبي، في الشارع، في المطعم... لم أودّ إجراء حوار معه. رغبت فقط بمتابعته في الأمكنة التي يزورها، الكتابة عن حضور نجم عربي في مدينة فرنسية، استقبال الناس والصحافة له، نوعية الحوارات التي يجريها، واهتمامات الإعلام الأوروبي عند لقائه فناناً على هذه الدرجة من الشهرة، وتعامله هو شخصياً مع النجومية خارج إطاره، بعيداً عن بلد عربي.

كانت حيويته في برد نانت تبث الحرارة والحماسة في من حوله. استأثر بقلوب كل من شاهدوه وحادثوه. أراد التجول بعيداً عن الصالات المغلقة والتعرف إلى المدينة، في يوم مشمس أطلّ بعد رذاذ المطر الذي تُعرف به نانت القريبة من المحيط الأطلسي. تحوّل الناس عن الشراء في السوق المفتوح حيث يفرد التجار بضائعهم المتنوعة، وحيث يكثر أبناء الجاليات العربية، وتجمعوا حول «الحاج متولي». كان المسلسل يعرض على الشاشات العربية ويلقى نجاحاً شعبياً عريضاً. وكان الناس لا يصدقون أن «الحاج» بينهم، هم الذين لم يسمعوا بالمهرجان ولم يتوقعوا حضور «نجم» إلى مدينتهم البعيدة عن العاصمة. هو الآخر لم يكن يتوقع هذا الاستقبال الحار في سوق فرنسية ولا هذه المناقشات معه حول دوره في المسلسل الرمضاني. كانوا يمازحونه حول زيجاته المتعددة - في المسلسل طبعاً - ويبدون في الآن ذاته إعجابهم بل انبهارهم بأسلوبه في التعامل مع النساء. كان يناقشهم بحرارة حول الشخصية ويتبادل معهم الآراء، ويمازحهم، يبدو مبتهجاً بتلك المفاجأة. في المطعم بدا صاحبه المغربي في غاية السرور بوجود نور بين زبائنه، تصوّر معه، وأتى بعض الشابات «برغم صعوبة ذلك في رمضان» خصيصاً لتحيته وعبّرن عن سعادتهن بهذا «الحدث الكبير» وعدم تصديقهن أنه أمامهن.

نور الشريف كان دائماً محاطاً بالناس، وقد وجد أحد الصحافيين الفرنسيين الشباب صعوبة في التعرف إليه بين جمع لبساطته وتبسطه، فتوجه نحو أحد الجالسين «المترسمين» وبدأ بطرح سؤاله الأول!

لم يكن يردّ أحداً، يرحب بالجميع بابتسامة دائمة وحرارة تشجع محدثه على الاستمرار. على مدى ساعتين، أجرى ست مقابلات صحافية أتبعها، بعد استراحة وجيزة، بحوار مع التلفزيون الفرنسي، ثم بلقاء عام مع الجمهور والصحافيين. لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ بعد حفل أقيم على شرفه كان عليه أن يتوجه إلى السينما التي كانت تعرض الفيلم الذي أخرجه «العاشقان» ليلقي كلمة أمام الحضور قبل العرض ثم للنقاش بعده. وأثناء عرضه انطلق في مهمة أخرى. بعد عناء اليوم، وفيما كان يعبر بهو الفندق متجهاً إلى غرفته لحق به صحافي ألماني، جاءه من دون موعد متوسلاً «بعض الأسئلة فقط»! لم يخذله، بدأ بالإجابة بالحماسة نفسها وكأنه استهل نهاره للتو. ثلاثة أيام في نانت مرت على هذا النحو...

كانت السياسة تختلط بالفن في حواراته لا سيما أن الصحافيين كانوا مهتمين بمسألة الرقابة السياسية والدينية في مصر وكان عدد منهم فوجئ بجرأة الطرح في فيلمي «السراب» (أنور الشناوي 1970) و «زوجتي والكلب» (سعيد مرزوق 1971)، متسائلين عن إمكانية إنتاج أفلام كتلك في مصر عام 2001. برر نور الشريف جرأة الفيلمين بعدم وجود تيار ديني قوي بداية السبعينات، وقال: «لم تكن هناك متاجرة باسم الدين وكانت فترة عرض فيها التلفزيون المصري أيضاً أفلاماً جريئة. ولكن الآن، وعلى رغم تعدد الأحزاب في مصر قلت الأفلام السياسية والجرأة». كما صرح بأن معظم الأفلام السياسية الناجحة أنتج في ظل القطاع العام، واعتبر أن وجود تيار يدّعي التحدث باسم الدين والأخلاق أمر «خطير».

انتقد الفنان العولمة وأبدى خشيته على مصير الإبداع الإنساني «لأن كل شيء مرهون بالمادة وليس بالقيمة». وحين سئل عن دوره كفنان في توجيه الإنتاج وفي الرقابة، شرح إسهامه في الإنتاج وفي تقديم مخرجين مهمين وهما عاطف الطيب ومحمد خان.

كما حكى عن حلمه بالإخراج والذي حققه مع فيلم «العاشقان» وعن تفضيله الإبداع داخل وطنه. فلو ظل كل واحد يحلم بالعالمية الاميركية «لن يبقى مبدعون في البلاد» وأعطى مثالاً السينما الايطالية بعد رحيل كل كبارها إلى الولايات المتحدة.

«استطاع نور الشريف أن يمثل بإتقان شخصيات شديدة التنوع. فحين نشاهد فيلماً للممثل الفرنسي جيرار دوبارديو نرى فيه دوبارديو، فيما يعبّر الشريف في أفلامه عن الشخصية ذاتها وليس عن نور الشريف»، ملاحظة أشار إليها مدير مهرجان نانت خلال لقاء الفنان مع الجمهور والصحافة الفرنسييَن، جولة «الحاج متولي» الصباحية في السوق أثبتت دقتها.

أسعد نور الشريف كل من التقاه في «نانت» وأضفى حبوراً وبهجة في كل مكان حلّ فيه ودخل القلوب بابتسامته وشخصيته الآسرة وقبل كل شيء... بتواضعه.

####

حبر وملح (نور الشريف: أستاذٌ لا «يؤستِذ»)

زاهي وهبي

لا تقدّم الحياة هدايا مجانية، لكنها تمِنُّ علينا بأناس رائعين نتعلم منهم ما لا تستطيعه مدارس أو جامعات. أناس ذاقوا طعم النجاح وخبِروا دروبه وامتلكوا مفاتيحه. في حياتي المهنية تسنى لي لقاء مبدعين كبار تعلمت منهم الكثير، وأجمل المعلمين مَن يعلمك بغير قصد أو بغير «أستذة»، تكتسب منه عفو الخاطر بلا تكلّف ولا استعداد، وفي مقدمة هؤلاء يحضر اسم نور الشريف (محمد جابر). رجلٌ متى عرفته أحببته، لا كفنانٍ فحسب بل كإنسان يتمتع بكثير من خصال جعلته قريباً إلى قلوب الناس سواء عرفوه من قرب أو من خلال الشاشة.

قد لا تضيف الكتابة جديداً عن قيمته الفنية وموهبته الاستثنائية وأهمية ما أعطاه للمسرح والسينما والتلفزيون. ثمة كتبٌ بكاملها تناولت تجربته الرائدة، وعشرات الدراسات والمقالات، لذا نكتب عنه إنساناً قدّم مفهوماً مختلفاً للنجومية وللشهرة وما يرتبط بهما أو يتفرع عنهما من سلوكيات وتصرفات وأفعال تنم عن المستوى الثقافي/ الأخلاقي لصاحبهما.

عرفتُه منذ قرابة ثلاثة عقود من الزمن، يومها جاء بيروت لتصوير فيلم عاطف الطيب «ناجي العلي»، كان جميلاً ومدهشاً مجيء نجم بمكانة نور الشريف إلى بيروت وهي لمّا تزل منكوبةً بالسلاح والمسلحين وبحروب الإخوة الأعداء أواخر الثمانينات من القرن الماضي، نعم كان الأمر جميلاً لكنه لم يكن غريباً على ممثل مثقف مثله ينحاز دائماً إلى ضفة المقهورين والمظلومين والمضطهدين، وما أداؤه شخصية الفنان الشهيد ناجي العلي سوى تعبير عن هذا الانحياز الذي تبدَّى وتجلى في كثير من مواقفه وأعماله مثل «سواق الأوتوبيس» و «دماء على الإسفلت» و «زمن حاتم زهران» وسواها.

كنت يومها صحافياً طازج الحبر والتجربة، ذهبت إليه متهيباً هالة نجوميةٍ تسبق صاحبها فإذ بي في حضرة أستاذ لا «يؤستِذ»، أي يُعلِّمك من دون أن يشعرك بأنه يفعل. أستاذ في الطيبة والدماثة والتواضع وفي الخبرة والوعي والمخزون الإنساني الثمين، حواره متعة خالصة والإصغاء إليه مكسبٌ وباب من أبواب المعرفة. من يومها تكررت اللقاءات والحوارات على الشاشة أمام الملأ، أو في أروقة المؤتمرات والمنتديات حيث النقاش الحقيقي العميق البلا رتوش ولا قفازات يدور في تلك الأروقة لا في المنصات الرسمية والقاعات المجهزة، وكان آخر لقاءاتنا في الشارقة بدعوة مشكورة من مركزها الإعلامي حيث قدمته والنجم الآخر جمال سليمان في حوار رمضاني حول الدراما والفن وعلاقتهما بقضايا الساعة، وفي تلك اللقاءات كلها كان نور الشريف يتميز بتواضعه وابتعاده عن التكلف والتصنع (وهي سمات طبعت أداءه التمثيلي أيضاً) وقربه من الجميع وسرعة بديهته وشغفه بخوض النقاشات الفكرية حول مختلف الموضوعات والعناوين.

تتعارف ونور الشريف للمرة الأولى فتعرفه إلى الأبد. بمعنى آخر: إذا «ظبطت» الكيمياء بينكما فسوف يقابلك بالحرارة نفسها ولو بعد عشر سنوات على اللقاء الأول، ومتى عرفته فإنك لا تعرف فقط الفنان والمثقف الموسوعي وصاحب الموقف من مختلف قضايا العرب وفي المقدمة فلسطين التي أهداها أكثر من عمل، بل تعرف الأخ الأكبر، وكم له أفضال على أجيال من الفنانين قدّمهم في أطلالاتٍ أولى، وتعرف الزوج والعاشق الرومانسي والأب الحنون، والضاحك للنكتة حتى تبلغ قهقهته فرحها الأقصى، ولئن كانت سنواته الأخيرة شابها بعض الإرباك بفعل الانفصال الزوجي ثم العودة فالمرض الفتّاك والشائعات التي لم تراعِ حرمةً حتى لِمرضه، فإن صورة نور وبوسي تظل صورة عاشقين جميلين تحت سقف عائلة وجد فيها محمد جابر ربما ما كان يفتقده طفلاً يتيماً يبحث دوماً عن صورة أبيه.

غاب نور الشريف، غاب يتيم السيدة زينب، نقصت روحي وردة وأصيبت ذاكرتي بثقب أسود آخر، لكني تعلمت من نور وأمثاله من المبدعين الحقيقيين أن في هذه الدنيا ما يستحق الابتسامة، ولو في جوف دمعة.

الحياة اللندنية في

14.08.2015

 
 

مشاهد من نور الشريف

محمد رضا

* «لو سرقنا آدميتهم وهم لسّه صغيرين، لما يكبروا شوية حتكون حالتهم زي إيه؟»

* السؤال يوجهه الأستاذ فرجاني (نور الشريف) إلى موظف الفندق (أحمد راتب) الذي يريد حشر 24 تلميذًا صغيرًا في غرفتين فقط.. يحتج الأستاذ على ذلك ويطالب بمنح الأولاد أسرة وغرفًا كافية، لذلك يسأله وهو يحاول إقناعه عما سيحدث لهؤلاء إذا ما تمت سرقة آدميّتهم بوضعهم أربعة في سرير واحد؟ ورد هذا المشهد في فيلم «آخر الرجال المحترمين» (سمير سيف، 1984) عن قصة لوحيد حامد الذي دائمًا ما يتفحص الأوضاع الاجتماعية ويختار منها ما يرصده ويحاول ترميمه. لكن بالنسبة للممثل الراحل نور الشريف، فإن ترجمة هذه العبارة إلى إحساس صادق بدا طبيعيًا وتلقائيًا بالنسبة له.

* كان وسيمًا وموهوبًا.. والعلاقة بين الاثنين لا تعني أن وجود أحدهما رديف لوجود الآخر، لذلك إذا ما اجتمعا معًا فإن ذلك يؤدي إلى حضور ذي وقع جيد بصرف النظر عن الشخصية التي يؤديها الممثل. في هذا المشهد تحديدًا يتبدّى صدق المعنى. يؤدي الشريف العبارة المذكورة بهدوء وبابتسامة (عكس ما قبلها من حديث) كما لو أنه يعلم أنه سيترك أثرًا في نفس الشخصية التي أمامه، كما سيؤدي الرسالة التي قصدتها العبارة بين الناس.

* كثيرة هي الأفلام التي مثّلها الصديق الراحل نور الشريف حملت التوعية في مضمونها، أحيانًا مرادفة لما هو أوسع شأنًا: نقد السُلطة على نحو رمزي كما في «الخوف» لسعيد مرزوق (1972) أو على نحو مكشوف كما في «الكرنك» لعلي بدرخان (1976). كذلك نقد هيمنة المصلحة الفردية وتشتت اهتمامات الناس وسعيهم للفساد ردًّا على أوضاع البطالة أو العوز كما في «الشيطان يعظ» لأشرف فهمي (1981) و«جري الوحوش» لعلي عبد الخالق، (1987).

* هذا الاهتمام ذهب إلى مداه عندما قام ببطولة «سواق الأوتوبيس» (عاطف الطيب، 1982) مؤديًا شخصية سائق الحافلة الشعبية الذي يدور على أفراد عائلته الأكثر يسرًا طالبًا معونة لشراء سيارة تاكسي، لكنه يرد خائبًا. فقط أصحابه من أيام التجنيد هم الذين ينقذونه. رغم ذلك، من ذا الذي ينسى مشهده وهو ينهال ضربًا على نشّال في نهاية الفيلم في ذلك القدرة الإخراجية والتمثيلية معًا على تجسيد المعاني الخلفية للمشهد؟ سواق الأوتوبيس في الفيلم لم يكن يضرب شخصًا بل يضرب حالة.

* طبعًا لعب نور مئات الشخصيات الأخرى في أفلام ذات اهتمامات شاسعة كما الحال في «حدوتة مصرية» و«ناجي العلي» و«زوجتي والكلب» و«قصر الشوق» والفيلم الذي لم يستحق قسوة نقاده «قاهر الزمن».

* في ديسمبر الماضي جرى الاحتفاء به في مهرجان دبي.. كانت فرصتنا الأولى منذ سنوات للقاء كل يوم على الطاولة ذاتها صباحًا., كان موعدًا يوميًا مع الأفكار المتجددة والذكريات السعيدة والموهبة التي لا تتوقف عن الإدهاش.

الشرق الأوسط في

14.08.2015

 
 

نور وإنجاز العمر!!

طارق الشناوي

قبل نحو ستة أشهر تلقيت تليفونا من الإذاعية مشيرة كامل قالت لى إنها اكتشفت بين أوراقها شريطا قديما لنور الشريف فى برنامجها «من تسجيلات الهواة»، الذى يعتمد على ما يقتنيه المستمعون من الأشرطة الغنائية النادرة.

الشريط يعود زمنه إلى أكثر من خمسة وعشرين عاما، كان نور قد التقى المذيعة صدفة بعد التسجيل مباشرة وسألها عن الشريط وأجابته أنها لم تحتفظ به، لكنها وجدته بعد كل تلك السنوات، المؤكد أن الشريط بالنسبة إلى نور ليس من بين أولوياته البحث عنه، سألته تليفونيا لم يتذكر بدقة فحوى التسجيل رغم أنه أكد بالفعل الواقعة واتفق معى كيف سيصله الشريط، سألته فى البداية عن صحته فوجئت بأنه قال لى أنا تعبان.

لأول مرة ألحظ فى صوته انكسارًا، لسنا أصدقاء ولكن بيننا مساحة من دفء العلاقة، تتيح لنا بين الحين والآخر أن نتبادل الحوار فى الشأن الفنى، اعترافه المباشر بأنه تعبان أزعجنى، قبل هذا المكالمة بأسابيع قليلة التقيته فى مهرجان «دبى» فى أثناء تكريمه بجائزة «إنجاز العمر»، كان يحاول أن يهزم الهزيمة بعد أن تمكن منه المرض، وكتبت وقلت: هل بكى نور متأثرًا بتكريمه فى مهرجان «دبى» وبالحفاوة والسخونة التى صاحبته على خشبة المسرح؟ رغم أن البكاء لا يعيب الرجال، ولكن فى الحقيقة لم يبك نور، فقط تأثر وعبر عن سعادته الغامرة بتلك اللحظة، لكنى لم ألحظ دموعا أو حشرجة فى الصوت وجدت نور يستعيد أيامه ويعيد الشريط مجددا بينما وقف أغلب الحضور تحية اعتزاز وتقدير له.

كعادته ملأ خشبة مسرح مدينة مارينا فى المهرجان حضورا ودفئا عندما حصل على التكريم من الشيخ منصور بن زايد ورئيس المهرجان عبد الحميد جمعة. التكريم لا يعنى التوقف عند مرحلة زمنية ولدينا مبدعون كبار لا يعرفون أبدا الكلمة الأخيرة ولا إسدال الستار عند لحظة محددة، لديهم اللياقة والمرونة لاستكمال المشوار، وهكذا نور الذى يعرض له فى مهرجان «دبى» بقسم ليالى عربية فيلمه الذى يحمل رقم 171 فى مشواره «توقيت القاهرة» شاركته البطولة ميرفت أمين فى الفيلم رقم 28 الذى يجمعهما، وأخرجه الشاب أمير رمسيس. ملحوظة كان نور الشريف يقدم لنا ذروة إبداعية وهو يودعنا.

سعدت جدا وأنا أرى نجمنا نور الشريف فى حالة ألق ووهج ونور، ولياقة فكرية هائلة وهو يستعيد مع الحاضرين مشواره المرصع بعشرات الأفلام التى بدأها مع المخرج الكبير حسن الإمام «قصر الشوق» 1966 واستمر مشجعا ومدافعا ودافعا للعديد من الموهوبين بين المخرجين فى تجاربهم الأولى، ولم يتوقف أبدا عن الوقوف مع النجوم الجدد الذين يتوسم فيهم خيرا، وكل هؤلاء وجدتهم حاضرين فى وداعه وهذا هو «إنجاز العمر»!!

####

صلاح عبد الصبور ونور الشريف التشابه العجيب!

ناصر عراق

ولد الشاعر الرائد صلاح عبد الصبور فى عام 1931، وهلّ نور الشريف على دنيانا فى 1946، فالأول ابن ثورة 1919 بجدارة، والثانى ابن ثورة يوليو 1952 بامتياز. الأول قاد -مع حجازى رعى الله أيامه ولياليه- حركة الشعر الحديث فى مصر، والثانى أسهم بنصيب فى تعزيز فنون السينما بالتمثيل والإنتاج والإخراج. الأول توفى فى 13 أغسطس 1981، والثانى خطفه الموت فى 11 أغسطس 2015!

أصدر صلاح باكورة دواوينه «الناس فى بلادى» عام 1957، أى بعد العدوان الثلاثى مباشرة، فاختلت موازين الشعر وزلزلت أبيات القصيدة الكلاسيكية، وظهر نور على الشاشة للمرة الأولى فى فيلم «قصر الشوق» الذى عرض فى 31 ديسمبر 1967، أى بعد هزيمة يونيو بستة أشهر فقط، فتجسد الحزن والإحباط سينمائيا فى شخصية كمال عبد الجواد التى تقمصها.

أبدع عبد الصبور أعمالا خالدة رغم عمره القصير نسبيا، عاش خمسين عاما ومئة يوم، حيث أنجز خمسة دواوين أشهرها (أقول لكم/ أحلام الفارس القديم/ تأملات فى زمن جريح/ الإبحار فى الذاكرة)، وعدة مسرحيات مدهشة هى (مأساة الحلاج/ الأميرة تنتظر/ مسافر ليل/ ليلى والمجنون/ بعد أن يموت الملك)، فقيل عن حق إن المسرح الشعرى خطا خطوة كبرى على يد عبد الصبور.

أما نور الشريف فتصدى لبطولة عشرات الأفلام -نحو 150 فيلما- كثير منها عُد علامات مضيئة فى تاريخنا السينمائى مثل (سواق الأوتوبيس/ آخر الرجال المحترمين/ المصير/ الصرخة/ الحقونا/ بتوقيت القاهرة)، كما أنه درس المسرح وتفوق فيه وأحرز المركز الأول على دفعته حين تخرج فى المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1967.

انحاز صلاح عبد الصبور فى نصوصه الإبداعية إلى الإنسان المصرى البسيط ودافع عن حقوقه فى العيش بكرامة وحرية، وانتصر نور الشريف لبسطاء الوطن وقام بتسليط الضوء على معاناتهم وكدحهم اليومى، بحثًا عن الأمان الاجتماعى، ومطالبا باسترداد حريتهم المفقودة.

عرف عن الأول ثقافته الواسعة العريضة، واشتهر نور بين زملائه وأصدقائه بأنه قارئ نهم ووصفه بعضهم بفيلسوف السينما المصرية، ولم يخف أبدًا ميوله السياسية التى تتكئ على أفكار اليسار والناصرية تحديدًا.

مات الأول فجأة فى ليلة مشؤومة، واختفى الثانى فجأة فى يوم حزين، رغم أن الجميع كان يعلم أنه يكابد المرض. وقد ارتجت مشاعر محبيهما وصدم الناس فور سماع أنباء الرحيل.

شاءت المقادير أن ألتقى الاثنين، فقد ذهبت مع صديقى إلى مكتب صلاح عبد الصبور عندما كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة هيئة الكتاب فى فبراير 1981، لنجرى حوارا معه لننشره فى مجلتنا الوليدة آنذاك «أوراق»، وجلسنا معه نحو ساعة، أما نور فالتقيته عدة مرات فى القاهرة ودبى، وآخرها عندما زارنى فى مكتبى بمجلة «دبى» الثقافية عام 2008.

أجل.. إنهما كوكبان من بلادى.

####

وليد يوسف: «نور الشريف كتب شهادة ميلادي الفنية»

فايزة هنداوي

قال السيناريست وليد يوسف، إن الفنان الكبير الراحل نور الشريف، هو الذي اكتشفه فنيًا.

وكتب على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»: «سأظل أفتخر طوال عمري وأقولها في كل وقت ومكان، شهادة ميلادي الفنية وقعها العملاق نور الشريف، أبي الروحي واستاذي وأفتخر».

####

أسامة كمال: نور الشريف «حدوتة مصرية»

التحرير

وصف الإعلامي أسامة كمال، اليوم الخميس، الفنان الراحل نور الشريف بـ«الحدوتة المصرية»، التي لن تتكرر، لأنه ذكرى من ذكريات كل مصري، وتاريخه يتحدث عنه.

ووجه كمال خلال برنامجه المذاع على شاشة «القاهرة والناس» التعازي إلى أسرة الراحل نور الشريف، وأسرة الفن بشكل عام.

وتوفي نور الشريف، عن عمر يناهز 69 عامًا بعد صراع طويل مع المرض، وشهدت جنازته حضور كبير على المستوى الفني والاجتماعي.

####

محمود قاسم: نور الشريف قدم سمير سيف وخان والطيب في أفلامه

هند موسي

قال الناقد الفني محمود قاسم، إن نور الشريف حرص على دفع مواهب جديدة في أعمال يرجع إلى كونه فنانًا حقيقيًا يهتم بذلك، إلى جانب حرصه في نفس الوقت على اختيار الموهوبين منهم، والذين بحاجة إلى دعمه، واعترافًا منه بأن الحياة لابد أن تستمر بالتواصل بين الأجيال.

وأضاف ، في تصريحات خاصة لـ«التحرير»، «نور كان يعلم أن دوره ليس تقديم ممثل مثله فقط، لكن أيضًا تقديم مخرجين أمثال سمير سيف، محمد خان، عاطف الطيب، إذ قدم معهم مجموعة من أهم الأعمال السينمائية، وضمن أهم الأفلام في السينما المصرية».

وأوضح قاسم، «الشريف كان مقتنعًا بأن سُنة الحياة أن يتدرج الفنان الصغير حتى يكبر، ويشيخ مع الزمن لأن الدنيا لا تتوقف عند شخص، والموهبة وحدها تدفع بالنجم في مجاله ليتقدم أو يتوقف، كما أن اختيارات نور لهذه الوجوه لم تكن بقرار منه وحده، وإنما بالاتفاق مع منتجي ومخرجي أعماله، موضحًا: الفنان لا يكتشف ممثل جديد لكنه قد يساعده ليدفع به في أعماله، ويقلل لديه الشعور بالرهبة أو الخوف أو الهيبة من الوقوف أمام نجم كبير بحجم نور الشريف لذا كان يحتضنهم في أعماله».

####

هاني سلامة: نور الشريف كتلة تمثيلية وقيمة حقيقة

شريف البراموني

قال الفنان هاني سلامة، إن الفنان الراحل نور الشريف، لديه صفات شخصية من اسمه، لأنه كان نور في بريقه وطلته، وثقافته وتنويره للناس، موضحًا أنه كان الشريف في أخلاقه، وعدم بخله لأي مساعدة يستطيع تقديمها للناس، والأهم أنه كان الشريف في رسالته.

وأوضح سلامة، في حواره ببرنامج "معكم"، الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي، على فضائية "سي بي سي": نور الشريف لم يبخل على من أمامه بمعلومة أو احتواء، ويحس الجميع فيه أنه أب وأخ، ووجوده في أي مكان ونوره وطلته تحسس الجميع بالأمان والراحةمشددًا على أنه كان به كل المعاني الجميلة.

وتابع الفنان أنه مثل معه في فيلم "المصير"، وأن المشاهد التي لم يكن يصور فيها كان يذهب لمشاهدة نور الشريف، لأنها كانت التجربة الأولى له، حيث كان في السنة الأولى من الجامعة وعمره 19 سنة، مضيفًا أنه كان يحب مشاهدة أسلوب نور الشريف وتحضيره للشخصية التي يلعبها، وكيفية تمثيله للمشهد، وأن مشاهدته كانت تعليم.

ولفت إلى أن الفنان الراحل كان كتلة تمثيلية، ومن اوائل الناس الذين أثنوا عليه في فيلم المصير، وتنبأ له بمستقبل جيد، وكان من ضمن من يقول له أن يفكر في الاختيارات، وليس الشهرة فقط، متابعًا أن نور الشريف كان من الممثلين القلائل المنطبق عليهم القيمة الحقيقة، لأنه ليس كل ناجح قيمة، بل أن الإنسان القيمة هو من يستمر بعد وفاته.

واستكمل هاني سلامة، أن نور الشريف أيضًا إضافة كبيرة للفن المصري والعربي بشكل عام.

####

شريف رمزي:

شعرت كأني في مدرسة خلال كواليس «بتوقيت القاهرة»

هند موسي

قال الفنان شريف رمزي، الذي شارك في بطولة "بتوقيت القاهرة"، آخر أفلام الراحل نور الشريف: إن كواليس تصوير الفيلم كانت عظيمة، وهي أفضل كواليس تواجدت فيها، وبحضور هذا النجم الكبير، أشعر أنني كنت قبل هذا الفيلم شئ وبعده شئ آخر.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«التحرير»: نور الشريف "أستاذ" بمعنى الكلمة، وهو يستحق هذا اللقب وهذه ليست شعارات، إذ لم يبخل على أحد بمعلومة، وكنت أشعر أنني في مدرسة حقيقية، وطوال الوقت كان يقوينا ويدعمنا بكلماته ونصائحه حتى نخرج أفضل أداء عندنا، ويذاكر معنا المشاهد، ويوجهنا إن لزم الأمر.

الجدير بالذكر أن "بتوقيت القاهرة"، شارك في بطولته: ميرفت أمين، سمير صبري، درة، آيتن عامر، كريم قاسم، وهو من تأليف وإخراج أمير رمسيس.

####

منى زكي: نور الشريف الأكثر ثقافة في الوسط الفني

شريف البراموني

قالت الفنانة منى زكي، إن الوسط الفني ومصر فقدت الفنان الكبير نور الشريف، وأنها "اتخضت" من وفاة الفنان، لأنها تحدثت معه منذ فترة قريبة، وكانت معنوياته مرتفعة، مشيرة إلى خلود أعماله طوال الزمان.

وأكدت منى زكي، في مداخلة هاتفية ببرنامج "معكم"، الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي، على فضائية "سي بي سي"، أن نور الشريف شخص مثقف، وأنها لم ترى مثقفًا مثله في الوسط الفني كله، كما أنه يحب المهنة، ويرى لها قيمة كبيرة، وكان يحاول أن يجسد هذا في أعماله الفنية، بحيث تصل رسالته في كل عمل يقدمه.

وتابعت الفنانة أنها قدمت مع الفنان نور الشريف فيلم "دم الغزال"، وأنه من أفضل الأعمال التي قامت بها، كما قامت بمسرحية معه، موضحة أنها تتذكر كونه يأتي مبكرًا قبل أي شخص بطريقة مبالغ فيها، ويتحدث في تفاصيل الشخصية، ويقول "خلي الشخصية قدامك ومتهربش منك".

وشددت على أن الفنان الراحل كان خلوقًا جدًا، ومثقفًا، ويعطي مساحة لمن أمامه، ويحافظ على مشاعر من أمامه جدا، ويحترم الصغير قبل الكبير، ولا يحب أن يتدخل في مشكلات حتى لا يدخل في صف أحد على حساب أحد، كما أنه لا يتفه من رأي أحد "إنه كان يحفظ أسماء كل من وراء الكاميرا".

####

يسرا: نور الشريف ثقافته غير عادية

شريف البراموني

قالت الفنانة يسرا، إن الفنان الراحل نور الشريف كان صديقًا لها، وكان معها في أوقات المصاعب، ولم يتأخر عنها من قبل، مؤكدة أنه لم يبخل بنصيحة أو موقف، وكان نبيلًا عن حق.

وأكدت في حوارها ببرنامج "معكم"، الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي، على فضائية "سي بي سي"، أن الفنان الراحل "بني آدم أوي" و"صاحب"، وعندما كانت تدخل منزله تحس أنه منزلها، ووسط أهلها، كاشفة أنه آخر مرة قال لها "أنا تعبان.. وجاي أتعشى عندك"، وبالفعل جاء ولكن كان مريضًا ولم يجلس معها كثيرًا.

وتابعت أن نور الشريف جميل ونظيف ونقي، وكان لديه ثقافة غير عادية، سواء فنية وسياسية وتعليمية ودينية وروائية، لأنه قضى نصف عمره في القراءة، مضيفة أنه كان يملك ملكة الإخراج، ويعلم كل شيء عنه، وكان معه كاميرا يصور بها.

وأوضحت بأن من أجمل صورها الشخصية ما قام هو بتصويرها، وأن كل "حتة فيه" بها فن، وأنها لم تتصور يومًا أن يكون صديقها، وأنها اعتقدت أن خبر موته كذب أو إشاعة، وأنه لو تم تجميع حواراته السابقة سنتعلم منه السياسة والتعليم والفكر الحقيقي.

التحرير المصرية في

14.08.2015

 
 

ابنة نور الشريف فى عزائه بـ «الأبيض»

أحمد عارف

زحام مرورى شهدته المنطقة المحيطة بمسجد عمر مكرم أول من أمس، بسبب عزاء الفنان الراحل نور الشريف.

بدأت مراسم العزاء الذى شهد حضورا كثيفا من رجال الإعلام والفن والسياسة، بعد صلاة المغرب مباشرة، وكان أولَ الحاضرين الفنان محمود عبد العزيز وعزت العلايلى ومحمود ياسين وابنتاه مى وسارة الشريف وزوجته بوسى.

قامت الفنانة بوسى بأخذ واجب العزاء فى سرادق الرجال، بمشاركة ابنتها مى، التى ارتدت ملابس بيضاء، كما قام مجموعة من الفنانين الشباب بأخذ واجب العزاء بجوارهم، وعلى رأسهم الفنان عمرو يوسف وأحمد صفوت وحسن الرداد وأحمد زاهر.

حضور الكينج محمد منير أثار حالة من الهرج والمرج داخل سرادق العزاء، خصوصا بعد تجمهر عدد من المراسلين والصحفيين حوله لأخذ تصريحات منه، الأمر تكرر أيضا مع الفنانين محمد فؤاد ومحمد رمضان، إلا أن رجال الشرطة نجحوا فى تنظيم الساحة الخارجية للمسجد، دون حدوث أى انتهاكات، خصوصا من الجمهور الذى يوجد عادة فى ساحة عمر مكرم لالتقاط صور مع الفنانين، مثلما حدث فى أكثر من عزاء أشهرها عزاء الراحل سعيد صالح منذ عام.

كان من ضمن الحاضرين وزير الثقافة عبد الواحد النبوى وعزت العلايلى ومحمود عبد العزيز ومحمود ياسين ومحمد فواد ومحمد منير ووائل الإبراشى وعزت أبو عوف وشقيقته مها أبو عوف.

####

ماجدة موريس: نور الشريف فارس الواقعية الجديدة

عبد الفتاح دياب

قالت الناقدة السينمائية ماجدة موريس، لـ"التحرير"، إنّ الفنان الكبير الراحل نور الشريف، كان من فرسان السينما الواقعية الجديدة، بتعاونه مع المخرج الراحل عاطف الطيب، وأنه لعب دورًا كبيرًا في انتقال التمثيل المصري من المبالغة في التعبير إلى الواقعية، ولاسيما في فيلمه "سواق الأتوبيس".

وتابعت، أن نور الشريف قدّم فيلمين مهمين أيضًا للمخرج الراحل سعيد مرزوق، هما زوجتي والكلب، والخوف، حيث شكلا ثنائيًا متميزًا.

وأنهت ماجدة قولها: "حتى في فيلمه الأخير "بتوقيت القاهرة"، أبدع فيه نور الشريف، حيث كان يؤدي دور رجل مسن مصاب بالزهايمر بطريقة عبقرية".

####

علي بدرخان:

شخصية «كمال عبدالجواد» لنور الشريف ارتبطت بأذهان الجمهور

عبد الفتاح دياب

قال المخرج الكبير علي بدرخان، في تصريحات خاصة للتحرير، إن النجم الراحل نور الشريف، كان دفعته في معهد السينما، وكانا يلعبان معًا كرة القدم.

وأضاف "بدرخان"، أنه عمل معه فيلمين من أهم أفلامه هما  الكرنك وأهل القمة، مشيرًا إلى أنّ الشريف تميز بأنه ممثل سينمائي تلفزيوني بارع، بمعنى أنه يجيد النوعين إجادة تامة، فكان يمسك بأدواته جيدًا، وكان مهتمًا جدًا بالتقنيات الحديثة.

وتابع، أن نور لم يكتفِ بالتمثيل فقط بل أخرج وأنتج وأشرف على السيناريو، حيث أنه كان يرغب في الإلمام بكل أدوات الصناعة، وهذا ما أثقل خبرته جدًا.

وأكد بدرخان، أنّ الفنان الكبير الراحل قام بعدد من الأدوار المركبة، التي تصعب على غيره من الفنانين، يأتي على رأس هذه الأعمال فيلمه "قطة على نار" أمام فريد شوقي، وبوسي.

وأشار إلى أنه أبرز أعمال الراحل، ثلاثية نجيب محفوظ للمخرج حسن الإمام، ومنها فيلم "بين القصرين"، وشخصية "كمال عبد الجواد" التي لعبها بشكل متميز، وارتبطت في أذهان الجمهور المصري والعربي، وفي نفس الوقت لعب نور الشريف أدوارًا خفيفة، تمتاز بالبهجة والمرح وخفة الظل، مثل فيلمه "غريب في بيتي"، أمام الراحلة سعاد حسني.

####

بهاء طاهر:

«الشريف» كان قارئًا نهمًا.. و«السراب» أعقد أفلامه

عبد الفتاح دياب

أعرب الكاتب الكبير بهاء طاهر عن حزنه الشديد؛ لوفاة النجم الكبير نور الشريف، الذي وافته المنيّة بعد تدهور حالته الصحيّة مؤخرًا.

وقال طاهر في تصريحات خاصة لـ "التحرير" إنه كان يعرفه معرفة شخصية، وهو خسارة شخصية له قبل أن يكون خسارة لمصر كلها.

وعن كون الفنان الراحل من أهم الفنانين المثقفين قال طاهر إن الشريف كان قارئ نهم ومطلع، وينتظر كل جديد في عالم الكتابة.

وأضاف أنّ ثقافة الشريف تشكلت بمرور الزمن، بإطلاعه المستمر، وتجسيده لشخصيات روائية كان سببًا في رغبته في القراءة، ومن هذه الأفلام الروائية التي قدم فيها الشريف دورًا مركبًا هو فيلم "السراب" لكاتب نوبل الكبير نجيب محفوظ.

وأكمل حديثه قائلًا: "نور الشريف كان شخصية مهذبة جدًا، وعطوفة، وإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وسيظل اسمه محفورًا في عقل وقلب كل مصري، ربنا يرحمه ويرحمنا".

التحرير المصرية في

15.08.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)