كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

سينما نور الشريف.. مرآة حقيقية لواقع مؤلم (1-2)

خالد محمود

أفلام الراحل نموذج لصورة فنية ملهمة وتاريخ لفنان متمرد ينبض إبداعًا

عن رحيل

هرم العطاء

نور الشريف

   
 
 
 
 

بدأ الفنان الكبير نور الشريف مشواره الفنى بشهادة تقدير عن دوره فى فيلم «قصر الشوق»، واختتمها بجائزة أفضل ممثل عن آخر أفلامه «بتوقيت القاهرة» فى مهرجان وهران الجزائرى فى دورته الأخيرة، وبين شهادة التقدير والجائزة مشوار طويل من السباحة فى نهر الجدية والعمل الدءوب وصولا إلى شاطئ النجومية الذى لم يغادره يوما.

فسينما نور الشريف هى مرآة حقيقية لواقع مؤلم، ونموذج لصورة فنية ملهمة، وتاريخ لفنان متمرد من أجل بقاء ينبض إبداعا.

«التمثيل السينمائى يُختصر فى جملة واحدة: الكلمات التى تقولها لابد من أن تظهر على وجهك وفى أدائك قبل أن تنطق بها».. كانت أول نصيحة قدمها المخرج حسن الإمام إلى نور الشريف عندما بدأ معه مشواره السينمائى فى فيلم «قصر الشوق».

وآمن نور بالنصيحة واستوعب الدرس واضاف اليه منهجا لأداء واقعى ملهم، بعدما اكتشف منذ بداياته الأولى أن الفنان لا يكفيه أن يكون ممثلا جيدا، لأنه عندئذ يسهل اصطياده فى أفلام تجارية كما حدث فى بعض تجاربه، فيتم استهلاكه واستنفاد طاقاته، ثم يبحثون عن ممثل آخر جديد.

قرر نور تفادى هذه الآلية فأصبح حريصا على زيادة متابعاته اليومية للأحداث العالمية، على السفر إلى المهرجانات الدولية وعلى متابعة تجارب الآخرين، يقرأ بكثافة وتنوع. يقرأ فى الدين، فى التاريخ، والأدب، والشعر، والمسرح، والفلسفة، وعلم النفس، والطب.

عندما سئل المخرج الكبير صلاح ابوسيف عما يأمل من النجوم فى السينما المصرية التى يمكن أن يخلف جيل العمالقة، قال دون أن يفكر نور الشريف، وهو ما بدا واضحا فى تجسيد شخصياته الأولى وفى مقدمتها عندما جسد شخصية ايفا كارامازان فى الرواية الشهيرة «الإخوة الأعداء»، المأخوذة عن رواية ديستوفيسكى الشهيرة «الإخوة كارامازوف» وهى شخصية صعبة تحمل كتلة من العواطف المتناقضة التى تمثل الصراعات الاساسية فى النفس البشرية، كانت مثالا للتمرد العقلى ولمواجهة الإنسان مع قدره عندما يتردد بين الشك والايمان وتتحول مأساته العائلية إلى مأساة كونية تمثل فئة من البشر على مر العصور وتطرح تساؤلات.

نجح نور الشريف فى لعب هذا الدور شديد التعقيد والاهمية، وكان السؤال: كيف لهذا الفنان الشاب أن يلعب هذا الدور وما هى جذوره الثقافية التى يمكن ان تؤهله ليكون جديرا به، وعدت اتأمل شريط هذا الفنان المذهل وجدت الكثير الذى يضعه فى مكانة مهمة، فهناك دوره فى السكرية، وقصر الشوق، وكان هناك السراب للمخرج انور الشناوى ودوره المثير للدهشة فى الفيلم، حيث كان القادر على أداء دور صعب بما يحمله من مشاعر متناقضة، وبما يحتويه من أحاسيس نفسية شديدة التركيب، وكذلك «زوجتى والكلب» و«الخوف» اللذان جمعاه مع سعيد مرزوق وسعاد حسنى.

فى تاريخ نور الشريف السينمائى نقاط تحول كثيرة لعل أبرزها فيلم «ناجى العلى» الذى قدمه مع المخرج عاطف الطيب، عندما كشف الشريف والطيب عن رغبتهما الملحة فى التجديد والجدية فى اختيار الموضوعات وفى المرحلة التى توافق مرحلة ما بعد الانتشار فى حياة الفنان لتحقيق مكانة اخرى فى النجاح ليمسك بخيوط النجاح الشعبى.

قاد ناجى العلى نور الشريف إلى مرحلة نضج سينمائى بعيدا عن تلك النوعية من الافلام التى تتعمد الابتعاد عن صلب الهموم الكبرى والموضوعات الجوهرية وتعمل على طمس المشكلات الانسانية والقومية والوطنية، ــ فهو فى هذا الفيلم طرح بأداء واع ورؤية واقعية قضية مواطن وحرية وطن، القضية هى فلسطين محور الصراع والحرية ـ بحسب تعبيره ـ هى المشكلة المركزية فى وضعنا العربى .

أفلام أخرى كثيرة.. أكدت نضوج هذا الفنان ووعيه وبصيرته الفنية النافذة عبر ثقافته ورؤيته فى الاندماج والتقمص، وهذا العشق المتوهج للتمثيل الذى يسكن وجدانه وهو ما دفعه فى مرحلة ما إلى المغامرة بماله ليقدم أعمالا أخرى تبقى فى الذاكرة أتاح من خلالها الفرصة لمخرجين جدد احتلوا الصدارة فيما بعد بتقديم افلامهم الاولى منهم سمير سيف فى دائرة الانتقام، ومحمد خان بضربة شمس وعاطف الطيب فى الغيرة القاتلة وداوود عبدالسيد فى البحث عن سيد مرزوق ومحمد النجار فى «زمن حاتم زهران».

كفنان لا يكتفى بالتفسير السطحى للشخصيات والأعمال الدرامية لكنه يجتهد فى البحث حولها وسبر أغوارها مطعما إياه بمخزونه العامر من ملاحظاته اليومية للحياة والبشر. وربما كان ملمح الباحث هذا هو ما ساعده نور على الانتقال من شخصية إلى أخرى بحرفية شديدة، فمن المدهش انه استطاع أن يكون كمال عبدالجواد بطل «قصر الشوق» و«السكرية» ثم يكون بعد سنوات نور فى «زوجتى والكلب» ثم يوسف شاهين فى «حدوتة مصرية» وحسن فى «سواق الأتوبيس» وسيد فى «ليلة ساخنة» وجعفر الراوى فى «قلب الليل» وقبله كامل فى «السراب» والاستاذ فرجانى فى «آخر الرجال المحترمين ».. ويوسف كمال فى «البحث عن سيد مرزوق» والذى أعتبره من اهم اعماله وربما سيمنحه التاريخ حقه مع مرور الايام فهو كان قراءة شديدة العمق لواقع سياسى واجتماعى دون خطابة أو مباشرة، فيوسف كمال فى هذا الفيلم الذى اخرجه داود عبدالسيد ـ وبحسب تعبير الشريف نفسه ـ هو كل من ينتمى إلى اليسار بأطيافه المختلفة الذين ارتضوا أن يتخلوا عن دورهم الحقيقى، وانزووا بعيدا تاركين حيتان الانفتاح يلتهمون ثروة الوطن، ويفرضون علينا قوانينهم وقيمهم الجديدة، وحينما أفقنا، ـ كما يوسف فى الفيلم ـ كان الوقت قد فات، وكانوا هم ـ الحيتان الجدد ـ فى قمة توحشهم، واستطاعوا جر الوطن إلى الوراء البعيد؟!

وفى محطة أخرى اكثر جرأة تأتى شخصية طالب الطب اسماعيل التى قدمها نور الشريف فى فيلم «الكرنك» 1975 والذى استعرض بشكل صريح للنظام السياسى فى استخدامه لكل أنواع التنكيل والقهر ضد من يخالفه الفكر والرأى السياسى، أو حتى ضد اثنين متحابين ليفسد العلاقات الجميلة بينهما، والواقع ان نور الشريف ومعه سعاد حسنى وكمال الشناوى كانوا فى قمة ادائهم إن لم يكن الأهم.

المخرج على بدرخان ونور هنا اسسا لسينما سياسية اكثر جرأة، وصاحب فيلم «الكرنك» ضجة كبيرة فى الوسط الفنى، وهو تأريخ لفترة سياسية، تعتبر من أهم فترات التاريخ السياسى المصرى (منذ الهزيمة فى 1967 وحتى حرب أكتوبر 1973، مرورا بحركة التصحيح فى 15 مايو 1971) واعتبره البعض تشويها لثورة يوليو 1952، بل هجوما على مراكز القوى فى تلك الفترة، وتملقا لحركة التصحيح التى قادها الرئيس السادات .

إلا أن بدرخان نفسه قال: توقيت عرض الفيلم بعد وفاة عبدالناصر هو الذى أعطى انطباعا بأن المقصود منه مهاجمة المرحلة الناصرية، وهذا غير صحيح. فالمقصود من الفيلم كشف بعض الممارسات التى كانت تصدر من بعض الأشخاص المتسترين برداء النظام، والتى استهدفت كرامة الإنسان وتحطيم معنوياته. وهذه الممارسات موجودة فى أى نظام وفى كل زمان.

نور الشريف عن التمثيل: ليس فنًا أصيلًا

نجيب محفوظ للراحل: تعجبت جدًا حين رأيتك فى «الشيطان يعظ»

اشتهر الفنان الراحل بجرأة مواقفه وعرض آرائه طالما كان مقتنعا بها، فقال: فن التمثيل ليس فنا أصيلا، إنه فن تابع، طالما أن هناك خلفه كاتبا للحوار ثم مخرجا، فالإبداع الأصلى ليس للممثل. ومن حسن حظى أننى عملت مع فنانين أدين لهم بما حققت، فكل تكريم أحصل عليه أُرجعه إلى كل أساتذتى الذين تعلمت منهم الالتزام وحب الجمال، والإيمان بالقضايا العامة. كنت محظوظا بوجودى بين أساتذة حقيقيين فى الموسيقى، وفن الإلقاء، وفى كل عناصر الإبداع الفنى. تربيت على يد أساتذة كبار فى النقد مثل لويس عوض، ومحمد مندور. كنت أذهب إلى مسرح الكبار، أحيانا لا أفهم ما يقال لكن بالممارسة عرفت. ولا أنسى جلال معوض فى حفلات أم كلثوم إذ كان يصطحب معه ضيفا يزيل غموض الكلمات.

هكــذا بتواضع شديد يستهل نور الشريف حديثه عن إنجازه الفنى، فيُؤكد أنه مديـن بالكثير كممثل سينمائى للمخرج محـــمد فاضل منذ عمل معه فى حلقات «القاهرة والناس»، التى كان تصويرها يتم سينمائيا، مدتها نصف ساعة من دون مونتاج، وأى خطأ أثناء التصوير – حتى لو كان فى نهاية الحلقة ــ يجعلهم يعيدون التصوير من البداية.

يعتبر الشريف نفسه محظوظا لأنه بدأ حياته العملية ــ وكان عمره 21 سنة ــ مع كاتب سيناريو مثل عاصم توفيق، وأنه بدأ مع مخرج يؤمن بالقضايا الاجتماعية. كانت «القاهرة والناس» أول تجربة إخراج لفاضل. كانت بعد نكسة 1967 مباشرة، تم تصويرها بالأبيض والأسود، حلقاتها منفصلة متصلة، تدور أحداثها حول مشاكل الأسرة المصرية. كانت العائلة ثابتة وكل مرة تتم مناقشة قضية مختلفة. لم تكن هناك رقابة. ونجح المسلسل وانتشرت الغيرة فى الوسط الفنى من فاضل وسعى البعض إلى إبعاده والاستحواذ على مكانه.

يُرجع الشريف تهميش الفن والإبداع فى مصر إلى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ففيه تراجعت النظرة إلى الفن على رغم من أنه كان يحبهم جدا كممثلين. ويعترف بأنه صرح بعرض «أهل القمة»، الذى يعد من الأفلام المهمة جدا فى تاريخ السينما المصرية لأن نجيب محفوظ اكتسب جرأة فى أن ينتقد السادات وهو لا يزال على قيد الحياة. وقتها كان النبوى إسماعيل وزير الداخلية ومنع عرض الفيلم، فاتصل نور بالسادات فقال له: «ابعت لى الفيلم».

واتذكر هنا الأديب العالمى نجيب محفوظ الذى قال لى، والكلام لا يزال لنور الشريف، لدى قيامى بتجسيد شخصية كمال عبدالجواد فى «قصر الشوق» تعجبت جدا حين رأيتك تمثل روايات ثانية أبعد ما تكون عن شخصية كمال أو الشاب الذى يبحث عن أصوله وجذوره نجاحك فى دور زعتر النورى فى «أهل القمة» ثم دورك «فى الشيطان يعظ» كان ملفتا لنظرى جدا لأنها كانت بعيدة جدا عن مكوناتك الأساسية وحين أخبرونى بأنك ستمثل أهل القمة فرحت وقلقت فرحت لأنك نجم كبير وقلقت لأن الدور بعيد عن مكوناتك لكن نجاحك دل على مرونة فنية وامتحان لقدراتك.

شهادة تقدير عن أول أدواره وأفضل ممثل بآخر أفلامه

شاء القدر أن يبدأ الراحل مشواره السينمائى بشهادة تقدير عن دور كمال، الذى قدمه فى فيلم «قصر الشوق»، وأن ينال جائزة أفضل ممثل عن آخر أفلامه «بتوقيت القاهرة» من مهرجان وهران الجزائرى فى دورته السابقة.

وفيما يلى قائمة بأبرز الجوائز التى حصل عليها الراحل خلال مشواره الفنى.

ــ شهادة تقدير عن دوره فى «قصر الشوق».

ــ الجائزة الأولى من هيئة السينما والمسرح والموسيقى التابعة لوزارة الثقافة عام 77 عن بطولة فيلم قطة على نار.

ــ جائزة أحسن ممثل أول عن فيلم الكرنك من جمعية الفيلم عام 77 فى مهرجان السينما المصرية الثالث.

ــ جائزة أحسن ممثل من الجمعية المصرية لفن السينما عن دوره فى فيلم حدوتة مصرية وفيلم الطاووس.

ــ جائزة الممثل الأول عن دوره فى فيلم مع سبق الإصرار عام 79 فى مهرجان جمعية الفيلم السنوى السادس للسينما المصرية.

ــ جائزة التمثيل لدور أول رجال عن فيلم مع سبق الإصرار عام 1980 من المركز القومى للسينما التابع للمجلس الأعلى للثقافة فى مسابقة الأفلام المصرية الروائية.

ــ جائزة التقدير الذهبية من الجمعية المصرية للكتاب ونقاد السينما عن فيلم أهل القمة سنة 81

ــ جائزة أحسن ممثل دور أول عن فيلم عيون الصقر عام 84 فى مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى الثامن.

ــ جائزة أحسن ممثل سينمائى فى عشر سنوات عن مجموع جوائزه فى الفترة من 75 إلى 92 من الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما فى مهرجان جمعية الفيلم السنوى العاشر للسينما المصرية.

ــ جائزة من مهرجان نيودلهى عن فيلم سواق الأتوبيس.

ــ جائزة أحسن ‏ممثل عن دوره فى فيلم «ليلة ساخنة» فى مهرجان القاهرة السينمائى عام 1995.

ــ جائزة أحسن ممثل عن فيلم «أولى ثانوى» من مهرجان الإسكندرية 1999.

ــ جوائز عن أدواره فى أفلام يا رب توبة، ضاع العمر يا ولدى، حبيبى دائما، الكرنك، العار، أهل القمة،‏ الشيطان يعظ، الذى حصل عنه على جائزتين.

ــ تكريم مهرجان نانت مهرجان «القارات الثلاثة» المقام فى مدينة نانت (فى غرب فرنسا) فى دورته الثالثة والعشرين.

ــ جائزة أفضل ممثل عن فيلمه «بتوقيت القاهرة» من مهرجان وهران الجزائرى فى دورته السابقة.

أشهر عبارات أفلامه

الحشيش لو حلال ادينا بنشربه ولو حرام ادينا بنحرقه «فيلم العار»

يا ولاد الكلب «سواق الأتوبيس»

الذين يحبون لا يتزوجون «السكرية»

احنا صناع الإرادة «الرقص مع الشيطان»

عندما تتلاقى الحتمية البيولوجية مع الحتمية الأيديولوجية عندها تتحقق حرية الإنسان «قلب الليل»

####

أمير رمسيس:

رحيل نور الشريف «كسر ضهر» الشباب.. لأنه صانع نجوم

القاهرة - أ ش أ

حالة من الحزن تعيشها مصر بعد رحيل عملاق الفن المصري نور الشريف أو كما أطلق عليه الشباب "صانع النجوم "، الذي قدم للسينما أكثر من 170 فيلما آخرها "توقيت القاهرة "في سباق الصيف الماضي لمخرجه الشاب أمير رمسيس الذي يعد آخر من تعامل معه الفنان الراحل.

يقول أمير رمسيس - في حوار مع نشرة الفن بوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن نور الشريف صانع نجوم ويبحث دائما عن وصول تلاميذه إلى قمة الفن مع مراعاة الأصول الفنية التي نشأ عليها نور الشريف وأولها الثقافة، وتحضير روح الشخصية، وطرح أفكار تخدم العمل، والتعاون التام مع طاقم العمل ليصل العمل بقيمته الفنية إلى روح الجمهور وليس نظره ليكون مكتبة ثقافية يستطيع أن يخرج المشاهد من العمل بثقافة جديدة تغير فكره.

وعن أهم المواقف التي تركت بصمة بداخله كآخر المخرجين الذين تعاونوا مع نور الشريف، أوضح أن الراحل نور الشريف ترك بصمات كثيرة منها ما هو ملموس ومنها محسوس، أما على مستوي الملموس أنه كان فنانا ومخرجا ومبدعا يقدم أفكارا دون التقيد بها للمخرج وله حرية الاختيار، ولكن في المجمل يتم الأخذ بها لأنها حصيلة فنان قدم للسينما ما لم يقدمه فنان آخر، أما المحسوس يجعل من المخرج والفنان قيمة فنية كبيرة امام الجميع ليخرج ما بطاقتهم من إبداع لنجد أغلب أعماله مكتملة شكلا وموضوعا.

وحول أهم مواقف نور الشريف خلال مشاركته في فيلم "توقيت القاهرة" كشف أمير رمسيس عن أن الفنان الراحل كان يمثل بروحه بما تحمله الكلمة من معني، موضحا أنه كان لديه إحساس بأن فيلم "توقيت القاهرة" آخر أعماله التي يقدمها بعد صراع مع المرض خلال الفترة الماضية.

ولفت إلى أن نور الشريف أشاد بالمخرج أمير خلال تكريمه عن فيلم "توقيت القاهرة" في مهرجان دبي السينما الماضي، وأثني على أهمية الفيلم، وتمني أن يحظي العالم العربي ولو بثلاثة مخرجين مثل أمير رمسيس، واعتبرت هذا الموقف نقطة تحول فى حياتي كمخرج لأنها خرجت من مبدع يملك خطوط مدرسة الفن، مشيرا إلى أن أي فنان يتمني أن ينال شهادة من الفنان الراحل لأنها نقطة تحول كبيرة وتضعه مع كوكبة من نجوم الفن سواء على مستوي التمثيل أو الإخراج.

وحول خسارة مسيرة الفن المصري لنور الشريف.. قال" إن كثيرا من الفنانيين يرحلون عن عالمنا ولكن تجربتهم الفنية لذاتهم وليست للشباب، على عكس الفنان نور الشريف الذي أنشأ مدرسة فنية تكون ظهرا لكل فنان شباب، موضحا أن عمالقة الفن الآن سواء على مستوي السينما أو الدراما خريجي مدرسة نور الشريف، وأن مصر خسرت قامة فنية تربعت على قلوب الجمهور.

وعن أمنياته خلال الفترة المقبلة كمخرج شاب.. كشف رمسيس عن أمله في أن يواصل أعماله اعتمادا على مدرسة نور الشريف وأن يقدم نجوما جدد يحملون روح ثقافة التغيير.

وكان آخر الأعمال التي قدمها الفنان الراحل نور الشريف فيلم "بتوقيت القاهرة" وهو أحد أهم الأفلام المصرية التي شهدها عام 2014، وحقق الفيلم صدى طيبا، وشارك في مهرجانات سينمائية، وربما يعود الأمر إلى أنه اعتمد بشكل كبير على عناصر الدراما والكوميديا والرومانسية ويعد ثاني تعاون بين ميرفت أمين ونور الشريف منذ فيلم "أولي ثانوي "الذى جمعهما فى عام 2001، والفيلم بطولة ميرفت أمين، سمير صبري، آيتن عامر، شريف رمزى، وكريم قاسم، وتأليف وإخراج المخرج والسيناريست أمير رمسيس.

الشروق المصرية في

13.08.2015

 
 

ورحل سواق الأتوبيس.. اليتيم

محمد الغيطى

وكأنه الأمس القريب أو منذ عدة ساعات، وليس سنوات بعيدة، التقيته وكان مقررا أن نجلس نصف ساعة لإجراء حوار صحفى، لكن امتدت الجلسة لثلاث ساعات، كان ذلك أول حوار صحفى لى مع نجم كبير بعد التخرج من كلية الإعلام، وكان المكان فى مقر شركته «إن بى»، أى نور وبوسى فى عمارة تقع نهاية شارع عماد الدين ناصية رمسيس، لم أصدق نفسى وأنا فى مقتبل حياتى الصحفية أن أنفرد بحوار نجم كبير وكان العنوان الذى اخترته للحوار الذى نشر بمجلة الإذاعة تحت عنوان «نور ذو الألف وجه.. عشرون عاما من الإبداع المدهش».

فى أول اللقاء بادرنى بسؤال تعرف، أنا وافقت أعمل معاك الحوار ليه، بدا لى السؤال «مطب» فقلت أنت هتعمل دور الصحفى وتسأل ولا إيه؟ ضحك ضحكته الجميلة، وأشعل بخورا كان يحبه، وقام ليسألنى تشرب شاى أخضر، وللأمانة كانت هذه أول مرة أسمع عن الشاى الأخضر، فقلت ما عندكش ألوان تانية فضحك مرة أخرى، وقال هاتحبه ده شاى فلسطينى بالزعتر، ماشى، وافقت ليه بقى عالحوار، فقال لأنك طلبتنى من سنتين لندوة فى كلية إعلام، وأنا كنت مشغول بس وعدتك نتقابل أول ما أفضى وبصراحة السنتين اللى فاتوا كنت باشتغل ليل ونهار دلوقت عاوز آخد هدنة، وأفكر فى اللى جاى. الحاجة التانية الأهم إنى عاوز أعرف جيلكم بيفكر إزاى، وهذه أهم ميزات نور التواصل مع كل الأجيال، قلت يبقى أنت مصر على تقمص دور الصحفى، وأنا اللى عاوز أسأل، قال اسأل، شربت رشفة من الشاى وأبديت إعجابى به، فقال لو الحوار طلع كويس هاديك علبة الشاى وانساب الحوار بيننا بدفء مدهش جعلنى أكتشف أننى أمام إنسان متفرد قبل أن يكون فنانا غير مسبوق فى أسلوبه وأدائه على الشاشة، نور الشريف كان أكثر فنان فى مصر ينطبق عليه تعبير مثقف بمعنى الكلمة، مكتبته فى منزل الزوجية بالمهندسين بشارع لبنان كانت مكتبة جامعة، لذلك كان من أنصار مدرسة الفن رسالة. نور صنع ثنائيا مدهشا مع الراحل عاطف الطيب من أول «سواق الأتوبيس» حتى «ليلة ساخنة» وكل فيلم بينهما درة إبداعية متكاملة وربما لا يعرف الكثيرون أن عاطف كان يعتبر أحمد زكى ونور الشريف أهم وأعظم اسمين فى تاريخ الفن السابع، وفى أحد الأيام سألته فى منزله بالدقى ما هو وجه الشبه بين نور وأحمد، فقال لى اليتم وشرح بأن أحمد زكى ونور الشريف قدما للحياة بعد أن مات أبوهما والطفل اليتيم يحيا عمره داخله جرح غائر وحزن فى قاع العين، كان ذلك أحد أسرار التأثير لدى الاثنين رغم اختلاف أسلوب كل منهما، نور المغامر أكثر نجوم جيله حبا للمسرح، وكان يقول لى أنا أشحن بطارية الفن داخلى بالمسرح لذلك، وهو فى قمة مجده ذهب وقدم مسرحية كاليجولا على مسرح سيد درويش بالأكاديمية وفتح المسرح للطلبة مجانا، وكان يذهب لمسرح الهناجر ويجلس بالساعات مع المواهب الشابة، وقدم العشرات منهم للشاشة، نور الذى قال للمخرج يحيى العلمى يوما أنا نفسى أقدم أدب طه حسين للشاشة، فكان مسلسل أديب من درر الدراما المصرية والذى كان العلمى يدرسه لمخرجى الخليج وفنانيه كنموذج للدراما الخالدة، إننى لا أنسى البثور فى وجهه، أبرع مما وصفها العميد ولا ننسى مشاهده الجبارة مع نورا، يالله كان بينهما هارمونى ساحر، منذ عدة أسابيع التقيت به فى كافيه معروف بجوار مسكنه، وسألته عن صحته فقال زى مانت شايف، بس أنا هابقى كويس وربنا مش هايبهدلنى هو حاسس بيا، ولو العذاب طول فى المرض هايريحنى، واللى كاتبه أنا راضى بيه، وابتسم ابتسامة واهنة وضعيفة، لكنها لم تخلُ من سحر روحه وصوته، كتمت دمعة، وقلت له إحنا عندنا نور الشريف واحد والنَّاس كلها بتدعيلك، وفجأة قال ما جعلنى أشعر أنه اللقاء الأخير قال إحنا عشرة عمر، وأنت كنت طلبت منى نسجل حلقات تليفزيونية عن مشوارى، ماتزعلش لو حصل واتخطفت وادعيلى، ياااه، بقى هيه كده، حتى الآن ترن كلماته الأخيرة فى أذنى بس نقول إيه ما يتعزش علّى خلقه، الله يرحمك يا عم نور

####

"اليوم السابع" ينشر حوارين للنجم الكبير نور الشريف أجراهما مع الزميل عمرو صحصاح

الراحل نور الشريف مع الزميل عمرو صحصاح يعيد "اليوم السابع" نشر حوارين أجراهما النجم الكبير نور الشريف مع الزميل عمرو صحصاح، حيث كان الحوار الأول أثناء تصوير مسلسل "عرفة البحر"، فى شهر يوليو عام 2012، أما الحوار الثانى فكان أثناء تصوير مسلسل "خلف الله"، فى إبريل عام 2013.

الحوار الأول..

الإثنين، 23 يوليو 2012 - 11:32 ص

عبدالناصر والسادات لم يمنعا عملا فنيا من الظهور.. لكن فى عهد مبارك حرمنا من تقديم أفكارنا بحرية..

نور: انشغلت فى عرفة البحر بأسرار النفس البشرية

حوار - عمرو صحصاح - تصوير - دينا رومية

* أنا مع الرقابة التى تمنع الانحلال وتتصدى لتجار الدين والجنس ولكن لا تقيد المبدع

*ما أعجبنى فى زيارة هيلارى كلينتون أنها كشفت علاقة أمريكا بالإخوان وتخليهم عن الأقباط

*شباب الثورة تفرقوا والأحزاب القديمة قفزت على الثورة والإخوان هم الأكثر تنظيما

*أطالب الرئيس مرسى بإجراء تقرير عن حالته الصحية حتى لا نسمح لأحد بالتشكيك فى ذلك

*هناك تواطؤ دولى مخيف فى سوريا لمصلحة إسرائيل وخوفا من القادم بعد بشار

*أتمنى أن تكون الحكومة الجديدة كلها من الحرية والعدالة حتى نستطيع محاسبتهم فى حالة إخفاقهم

*من يتحدث فى السياسية فعليه ألا يذكر اسم الله وهذا ليس كفرا ولكن حتى لا يتاجر به أحد فى هذه اللعبة القذرة.

*مازلت غاضبا من الإعلام لأننى أجد أن البرامج الحوارية عبارة عن دكاكين مفتوحة لترويج عدم الاستقرار ولتفتيت الشخصية المصرية

لا شك أن الحوار مع فنان صاحب خلفية ثقافية ومعرفية محترمة سيكون متعة فكرية فى حد ذاته ويمكننا أن نعول على حديثه وأن نستمع إليه ونحترمه وأن نقدمه للجمهور كنجم مؤثر له رأى فى الشأن العام للوطن، وهذا ما وجدناه فى حوارنا مع النجم الكبير نور الشريف الذى تحدث مع «اليوم السابع» عن مسلسله الذى يعرض حاليا «عرفة البحر» وعن رأيه فيما تمر به مصر من صراعات داخلية وخارجية، بالإضافة إلى رأيه فى الأزمة السورية، وسبل الخروج منها.. وعلاقته بالإعلام.

◄◄ما الرسالة التى تريد توصيلها من خلال مسلسلك «عرفة البحر»؟

- منذ أكثر من عمل وأنا مشغول بمحاولة اكتشاف النفس البشرية، دون تحيز ودون بعد عن الحقيقة، وهذا هام جدا فى الفن وواجب على الفنانين، لأننا فى معظم الأوقات تربينا على أن الناس خلقها الله تعالى على الخير، وهذا غير حقيقى، لأنه لو خلقها على الخير، لما أرسل الأنبياء، وإذا استشهدنا بالآية التى تقول «فألهمها فجورها وتقواها» فقد قدم الله سبحانه وتعالى الفجور أولا، ليعلم الناس أن النفس بها الشر كما بها الخير، وأرسل الله لنا دروسا كثيرة منذ أن قتل قابيل هابيل، وكذلك إخوة سيدنا يوسف الذين ألقوه فى البئر فكل هذه دروس أرسلها الله لنا لنتعظ منها ونحن فى هذا العمل نتناول ما يشبه ذلك.

◄◄لماذا اخترت «عرفة البحر» بالتحديد، على الرغم من كثرة الأعمال التى عرضت عليك ومنها «بين شوطين» الذى بدأت تصويره بالفعل؟

- «بين شوطين» كان لرمضان 2011، والشركة المنتجة هى التى أوقفت تصويره بسبب ظروف الثورة، وبعدها انشغلت فى مسلسل «عرفة البحر»، وطلبت من شركة كنج توت تأجيله فقط لا غير، لأننى تعاقدت مع المنتج أمير شوقى على عملين هما «عرفة البحر» بالإضافة إلى عمل آخر، وهو المنتج الوحيد الذى وافق على تقديم مسلسلين فى العام أحدهما لرمضان وآخر خارجه، وهذا المسلسل اشتغلت عليه أنا والصفتى منذ عام ونصف، لأن فكرته أعجبتنى كثيرا، وصممت أن أنافس به فى رمضان هذا العام، وبالنسبة لـ«بين شوطين» فبمشيئة الله سأستكمله قريبا، لأن هذه الشركة تربطنى بها علاقة وطيدة.

◄◄ دائما ما تكون حريصا على الجمع بين فنانين كبار وتقديم وجوه جديدة فى كل عمل تقدمه؟

- هذا دورى من البداية حتى وأنا صغير فقد قدمت سمير سيف فى أول وثانى تجربة له من إنتاجى، ومحمد خان قدمته فى أول تجربة له أيضا من إنتاجى، ومحمد النجار وعاطف الطيب وحسين الوكيل، هذا بالإضافة إلى كتاب السيناريو، وقدمت سوسن بدر وهى طالبة فى المعهد فى فيلم «حبيبى دائما» من إنتاجى، وفى أعمالى التليفزيونية قدمت غادة عبدالرازق وسمية الخشاب ومجدى كامل فى «عائلة الحاج متولى»، و«لن أعيش فى جلباب أبى» كما قدمت محمد رياض وحنان ترك وآخرين، فهذا ليس بجديد بالنسبة لى فهو منهج قديم حريص على اتباعه، وأنا أرى أن كل فنان ربنا يوفقه وينجح لابد أن يمد يده للأجيال الجديدة.

◄◄ اختيارك لمخرج سينمائى مثل أحمد مدحت هل بسبب اتجاه بعض صناع الدراما إلى استخدام التكنيك السينمائى فى أعمالهم؟

- طبيعة الموضوع هى التى تفرض عليك المخرج، فلو موضوع اجتماعى يدور حول الأسرة المصرية لأتيت بأحد مخرجى الدراما، لأنهم يتفوقون فى تصوير المشاهد الداخلية التى تدور داخل الديكورات فى الاستوديو، ويجدون صعوبة فى تصوير المشاهد الخارجية كما أنهم لا يحبونها، وأنا كنت مدركا هذا جيدا لذلك بحثت عن مخرج سينمائى، والمنتج أمير شوقى رشح لى المخرج أحمد مدحت، وشاهدت أعماله وأعجبنى أسلوبه الإخراجى.

◄◄ هل أنت مع وجود رقابة على الفن أم تجد أن الإبداع لا يحتاج إلى تدخل من قبل أحد؟

- أنا رأيى معروف فى هذا الشأن فأنا بالفعل مع وجود رقابة، لأن فى حالة إلغائها ستجد تجار الجنس وهدامو الأديان يقدمون أعمالهم وهذا يؤدى إلى فتح أبواب جهنم بدعوة حرية الفن، وستجد فى النهاية من يفعل ذلك تاجر فن وليس فنانا حقيقيا، ونحن قدمنا أجرأ مسرحيات اتعملت فى تاريخ مصر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وانتقدت فيها الزعيم بعد نكسة 67، وأرجو الشباب أن يقرأ مسرحيات «الفتى مهران» للمخرج جلال الشرقاوى، و«عفاريت مصر الجديدة» و«أنت اللى قتلت الوحش» لعلى سالم فكل هذه المسرحيات كانت تمثل ثورة ضد عبدالناصر وعلى الرغم من ذلك تم عرضها وفى عهد الرئيس السادات عملت مسرحية بعنوان «بكالوريوس فى حكم الشعوب» وهذا يؤكد أن الرقابة كثيرا ما يكون لديها وعى لكن لو ألغينا الرقابة سيحدث مالا تحمد عقباه، فأنا مع الرقابة التى تمنع الانحلال لكن لا تقيد المبدع.

◄◄ وماذا عن عهد مبارك؟

- فى عهد مبارك أوقفت الرقابة عرض مسرحية «دستور يا أسيادنا» لأحمد بدير واعتصمنا جميعا وقتها فى مسرح جلال الشرقاوى وسأروى لك حدوتة غريبة جدا فيلم «سارق الفرح» كان من إنتاجى فى البداية وكتب له السيناريو داود عبدالسيد، ولكن رفضته الرقابة وقتها، فغضبت بشدة لأننى كنت أحلم بتقديم هذه الرواية ودار بينى وبين رئيس الرقابة وقتها مناظرة عبر وسائل الإعلام المختلفة وقال لى: «الفيلم بيشوه صورة مصر وبيظهر مصريين يعيشون مع الخنازير» فقلت له تعال معى نذهب للمقطم وإذا لم تجد هذه النوعية من المصريين فسأقدم اعتذارى أمام الجميع فلم يرد عليا ولكنى أفاجأ بعدها أن الفيلم تمت الموافقة عليه من الرقابة من إنتاج لوسى وزوجها فاكتشفت أن المقصود هنا هو نور الشريف، لأن أفكارى دائما أقدمها بصدق وليست لتصفية حسابات.

◄◄ لك تاريخ كبير فى السينما فأين أنت منها الآن، ولماذا لم يستمر فيها سوى عادل إمام من أبناء جيلك؟

- «يبتسم «عادل إمام أحيانا يغيب أيضا، لكن استمرار تواجده فى السينما لأنه نجم نادر فى الكوميديا، وستظل الكوميديا عملة نادرة، وللأسف الشديد ابتعادى عن السينما ليس بإرادتى، ولكن إرادة السوق وشركات التوزيع السينمائى، فأنا لدى 4 سيناريوهات ذهبت بها لمنتجين كثيرين لكنهم غير مؤمنين بأفكار هذه الأفلام التى أطرحها لهم، منها فيلم ضد «خصخصة شركات الأدوية»، وفيلم آخر عن «قتل الأسرى المصريين فى حرب67» ولكن قال لى بعض المنتجين: «تفتكر يا نور هذه الأعمال هتجيب فلوس»، فقلت لهم لم أفكر طيلة حياتى وأنا أنتج عملا أنه سيكسب أم سيخسر، فأنا أنتجت 9 أفلام كسبت فى 7 منها وخسرت فى 2، والغريب أن الفيلمين اللذين خسرت فيهما «ناجى العلى» و«آخر الرجال المحترمين».

◄◄ هذا العام يشهد منافسة قوية بينك وبين أبناء جيلك فكيف ترى شكل المنافسة مع وجود هذا الكم من الأعمال؟

- كم المسلسلات هذا العام لا إنسانى وإهدار لإبداع فنانين فالمنافسة بالفعل شرسة للغاية وقد يكون بها ظلم للبعض وقد جلست من أجل تنظيم جدول للمشاهدة لكنى اكتشفت أنه من المستحيل تنفيذه لأنه لو الحلقة 40 دقيقة سيقابلها 40 دقيقة إعلانات، وبالتالى عندما أريد متابعة 15 عملا فسأجد أننى سأتخطى الـ24 ساعة فى اليوم الواحد، وهذا يؤكد أننا نعانى من قصور فى التفكير التجارى، لأنه كما أبلغنى طارق نور أن تورتة الإعلانات هذا العام 480 مليونا، وهناك 60 مسلسلا سيتم عرضها على القنوات المختلفة فماذا ستكسب هذه الفضائيات وأنا شخصيا قلق جدا وبشدة على مسلسلى وأتمنى أن يلاقى إعجاب الجمهور، وما أريد أن أقوله أن النجاح شىء والمنافسة شىء آخر، فمن الممكن أن ينجح مسلسل به وجوه جديدة ويحصل على المركز الأول، فالنجم الكبير ينجذب به فقط المشاهدون فى الحلقات الأولى وفى حالة عدم تقديمه عملا جيدا سينصرف عنه المشاهد، وهذا حدث العام الماضى فجذبنى عملان بأبطال ليست لهم شعبية عريضة منهم «المواطن إكس» و«خاتم سليمان».

◄◄ صرحت منذ فترة بأن بعض الفنانين فى عهد مبارك كانوا لا يملكون لقمة العيش لذلك لجأوا لمنافقة النظام، وعليهم أن يثبتوا حسن نواياهم الآن؟

- الفنان الذى يمتلك موهبة ولديه شعبية ولكنه لا يمتلك وعيا كاملا بما يحدث حوله ويصرح تصريحات لا يفهم معناها يكون خطرا جدا لأنه بذلك يروج لأفكار خاطئة تضر بالبلد فهناك ناس بالفعل تتبرع بمنافقة النظام لكى تكسب من ورائه، ولكن هناك النوع الآخر وهو الفنان الذى يكون له موقف من النظام وينتقده وهذا يتعامل معه النظام بالاستبعاد ودائما أضرب مثلا فى هذه النقطة بـ«صلاح السعدنى» عندما اعتقل السادات شقيقه الكاتب الصحفى محمود السعدنى فقد استبعده مسؤولو التليفزيون من كل الأعمال التى يتم إنتاجها وعموما أنا ضد الحجر على حرية الفنانين، حتى لو كان أحدهم يميل لحب مبارك فهو حر ولا بد أن نعطى له الحرية حتى لا يضطر إلى منافقة أحد.

◄◄ بمجرد إعلان محمد مرسى مرشح الإخوان رئيسا، انقسم الجميع حوله، فالبعض لجأ إلى مهاجمته وآخرون لجأوا إلى نفاقه، فكيف ترى المشهد؟

- أنا ضد التسرع فى الحكم عليه ولابد دائما أن نُذكره دائما أن نصف الشعب لم ينتخبه، وعليه أن يثبت حسن نواياه للجميع، وأناشده بإعلان اسم رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة فى أقرب وقت، لأن التأخير يسىء إليه ويعطينا كمصريين انطباعا أن المرشد والإخوان لهم تأثير عليه، وهذا يشكل خطورة كبيرة على الاستقرار الداخلى، ولكننى فى نفس الوقت أطالب بأن نعطى له الفرصة كاملة لكن الإسراع فى مهاجمته يشكل عدم الاستقرار الداخلى أيضا لأننا بالفعل دخلنا فى الفترة الأخيرة فى سوق مزايدات وكنت أتمنى اتحاد الشباب الذين قاموا بالثورة لكنهم تفرقوا فى 129 ائتلافا وهذا ما أدى إلى اندثار دورهم فى الثورة، فالأحزاب القديمة قفزت جميعها على الثورة ونسبت النجاح لنفسها.

◄◄ تقصد بذلك أن الإخوان من هؤلاء الذين قفزوا على الثورة؟

- جميع الأحزاب القديمة قفزت على الثورة بمن فيهم الإخوان، لكن الإخوان فازوا بالكعكة لأنهم أكثر تنظيما منذ عام 1923، وأكثر قوة، لأن الأحزاب الباقية أحزاب صحف معارضة وليست فى الشارع، وياريت نجرب الإخوان حتى نحكم عليهم بشكل نهائى، وأنا قلت هذا الكلام منذ 4 سنوات ومبارك فى قمة سلطته على التليفزيون المصرى فى حوار مع درية شرف الدين فقد قلت لها: «لماذا لا نعطى الإخوان فرصة المشاركة فى السلطة أو إدارة الحكم بشرط ألا يقترب أحد من الدستور».

◄◄ بما أنك تحدثت عن الدستور، فما رأيك فى اللجنة التأسيسية له، والجدل المثار حول مواده منذ أن تولى المجلس العسكرى السلطة؟

- لابد أن تتفق جميع القوى السياسية على مسودة الدستور، وتطرح مادة مادة على الشعب وتناقش المادة الواحدة فى يوم كامل حتى لو كانت أكثرمن 200 مادة، لكى يكون المواطن المصرى لديه وعى بدستور بلده وكنت أتمنى قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية سواء فاز بها مرسى أو غيره، أن يقدم تقريرا كاملا عن حالته الصحية، حتى لا نسمح بالتشكيك من أحد حول صحة الرئيس وأناشده أن يفعل هذا بنفسه دون أن يطلب منه أحد ذلك حتى يكون الشعب على دراية بجميع الأمور فالتاريخ أثبت أن الحاكم الذى يصاب مثلا بتصلب فى الشرايين مثلما حدث للرئيس السادات، تكون قراراته عصبية جدا وهناك أمراض انعكاساتها النفسية خطيرة للغاية على حاكم يحكم شعبا، وكل هذه الأمور لابد من النص عليها فى الدستور، وأن ننتبه لها جيدا وبذلك نحمى المستقبل.

◄◄ وما تعليقك على محاولة التلاعب بالمادة الثانية؟

- أنا ضد هذا التلاعب بشدة، لأننا يعيش معنا إخوة أقباط وهم أساس هذا البلد قبل أن يأتى الإسلام، فلابد أن تظل هذه المادة كما هى حتى تنص على «أن الإسلام مصدر التشريع للمسلمين»، ومحاولة التخويف باسم الله أنا ضدها، فأرجو عندما يتحدث أحد فى السياسة ألا يذكر اسم الله وهذا ليس كفرا، ولكن احترام له حتى لا نتاجر به فى هذه اللعبة القذرة وهى لعبة السياسة.

◄◄ البعض وجد أن مرسى أخطأ بشدة عندما اهتم بالشأن الخارجى أولا وسافر للسعودية ثم أثيوبيا، وأغفل الشأن الداخلى خصوصا أن لديه برنامج الـ100 يوم؟

- أنا أعتقد وربما أكون مخطئا أنه وجدها فرصة للسفر كى يستطيع أن يفكر بعيدا عن الضغوط التى تحاصره من جهات متعددة: من متسلقى قصر الرئاسة من جهة والجماعة من جهة أخرى، والإعلام الذى يواجهه بشراسة غريبة، والتيار السلفى الذى يحاول أن يفوز بجزء من التورتة، وأنا بصراحة أشفق عليه بشدة لكنى أطالبه بالإسراع فى اختيار الحكومة وأذكره بوعوده «نائب قبطى ونائب من الشباب وامرأة»، وأنا ضد أن نمسك له العداد ونحسب له الـ100 يوم، وأتمنى أن تكون الحكومة كلها من حزب الحرية والعدالة بالكامل حتى نستطيع أن نحكم عليهم بعد 6 أشهر، لأن لو نصفهم حرية وعدالة والنصف الآخر ائتلاف، فعندما يفشل الإخوان سيلقون اللوم على نصف الحكومة المكون من الائتلاف، ونحن أحسن ناس تلعب بالكلام وتلوى ذراع الحقيقة.

◄◄ هل تتوقع أن يستمر الرئيس مرسى فى الحكم لدورة أخرى؟

- أعتقد أن الـ4 سنوات لن تمر بسهولة، وأعتقد أن فرصة العمر أتت للإخوان ولابد أن يستغلوها بالإصلاح الاقتصادى، لأنهم لو نجحوا فى الإصلاح الاقتصادى بشكل حقيقى مثلما حدث فى تركيا من الحزب الإسلامى سيصوت الشعب كله للإخوان مرة أخرى، وأنا أقصد بالإنقاذ الإصلاح الاقتصادى لحساب المواطن البسيط، وليس لحساب الأغنياء، وهذه نقطة أحذرهم منها بشدة، لأن الضغوط التى تحاصرهم والإغراءات من قوى رأسمالية ضخمة، ولكنها ستكون ضد العدالة الاجتماعية التى طالب بها الشباب فى الثورة.

◄◄كنت غاضبا من الإعلام بشدة قبل الثورة وابتعدت عنه، فما رأيك فى إعلام ما بعد الثورة؟

- كنت غاضبا من الإعلام ومازلت غاضبا بشدة منه، لأننى أجد أن جميع البرامج الحوارية عبارة عن دكاكين مفتوحة لترويج عدم الاستقرار ولتفتيت الشخصية المصرية، وأنا أتعجب كثيرا من نفاق الكثير من الإعلاميين عندما يتحولون 180 درجة، مع عدد من الشخصيات ولا يوجد برنامج واحد يستفيد منه الجمهور، فأنا لا أشاهد فى البرامج الحوارية غير اثنين يقومان بسب بعضهما، وأعتقد أن نسبة المشاهدة على هذه البرامج انخفضت بشدة لأن الناس أدركت ألاعيبهم.

◄◄ من وجهة نظرك ما الأخطاء التى وقع فيها المجلس العسكرى منذ توليه الحكم حتى تسليمه للسلطة؟

- أكثر الأخطاء التى وقع فيها هى أن باله كان طويلا جدا فى بعض المواقف، فقد حاول أن يُرضى المعارضة ولذلك كان يغير قراراته لإرضائها وأنا رأيى أنه كان لابد له أن يكون واضحا ويكشف عن وجهه الحقيقى، ولا يسمح لبعض القافزين على الثورة أن يضعوا امتيازات للشعب الذى قام بالثورة، ويؤكد أنه متعاطف مع الشباب فقط أصحاب الثورة، فالخطأ الأكبر أنه تنازل كثيرا أمام بعض الضغوط الجماهيرية وهذا جعل من ليس له حق يطالب بحقه، كما أنه أغفل السماح للحكومات الانتقالية فى زيادة الرواتب، لأنه بذلك من الممكن أن يجعل قروض البنك الدولى تفرض خصخصة، ونبيع من ممتلكات الشعب، فكان الشأن الاقتصادى يحتاج منه أكثر حكمة من الذى تصرف به.

◄◄ تباينت ردود الأفعال داخل مصر بشأن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون ومقابلتها للرئيس مرسى، فما تعليقك على نتائج هذه الزيارة بشكل عام؟

- ما أعجبنى كثيرا خلال هذه الزيارة موقف الكنيسة الإنجيلية والأرثوذكسية من هيلارى كلينتون عندما رفضوا مقابلتها، لأنهم أدركوا نوايا أمريكا التى كانت دائما تؤكد لهم أن الإخوان هم الإرهاب، وعندما فازوا بالرئاسة جاءوا لمقابلتهم ليؤكدوا تأييدهم لهم، وتركوا مقابلة الأقباط فى النهاية، فهذا موقف ساحر ويدل على عظمة هذا الشعب.

◄◄ ما تفسيرك لما يحدث الآن فى سوريا، وما هو الحل كى لا تتحول سوريا إلى مقبرة للجثث؟

- لابد أولا من التأكد من تلك الإحصائيات التى نشرت عن أعداد القتلى والجرحى منذ اندلاع الثورة فى سوريا لأننا سنكتشف أن الرقم خيالى وإذا كانت القوى العالمية ومجلس الأمن غير قادرين على اتخاذ موقف، فبذلك هم الذين يريدون استمرار النظام.  

الحوار الثانى.. 

الخميس، 18 أبريل 2013 - 11:04 ص

نور الشريف: شخصية «خلف الله» تحمل إسقاطاً على الواقع وتكشف المتاجرين بالدين

حوار - عمرو صحصاح

*استمرار التوترات بين المسلمين والمسيحيين يمكن أن يدفع إلى تدخل أمريكا فى شؤون مصر بحجة حماية الأقباط فجأة وبدون مقدمات بدأ النجم الكبير نور الشريف تصوير أحدث مسلسلاته «خلف الله» الذى قرر أن يخوض به السباق الدرامى الرمضانى بعد تردد ظل يراوده لفترة. «اليوم السابع» حاورت الفنان نور الشريف فى افتتاح تصوير مسلسله ليتحدث عن أسباب إصراره على التواجد فى رمضان وعدوله عن قراراه بعدم المشاركة، بالإضافة لآرائه الأخرى فيما يحدث على الساحة السياسية المصرية فى ظل حكم الإخوان. ¿ كنت مترددا فى خوض السباق الرمضانى من عدمه ولكنك فجأة قررت خوض التجربة بمسلسل «خلف الله»، فما الذى جذبك للسيناريو؟ - كنت أبحث عن فكرة أناقش من خلالها ما يدور فى المجتمع المصرى الآن، وهو ما وجدته فى هذا العمل فجذبتنى الحلقات بشدة، وشعرت أن هذا ما أبحث عنه، كما أن شخصية «خلف الله» لم أتطرق لها أو أجسدها من قبل، لذلك قررت أن يكون هذا العمل هو مسلسلى الجديد الذى أطل به على جمهور الشاشة الرمضانية، وأتمنى أن أنفذ هذه الشخصية مثلما أراها فى خيالى، وكما يريد المؤلف والمخرج.

◄◄ ومن هو «خلف الله»، وماذا تريد أن تقول من وراء هذه الشخصية؟

- رجل بسيط يفقد أسرته بالكامل فى حادث أمام عينيه، وكان يشعر أن هذا سيحدث ولكنه كان يُكذب إحساسه، حتى اصطدم بالواقع، فبدأ يتجه للزهد والتصوف، ومن هنا بدأ يدخل فى علاقات متشعبة ومتفرعة، ويتفاعل مع طبقات مختلفة من الشعب لم يقابلها فى السابق حتى يتفاجأ باتجاهات الناس التى لا تتفق معه، فهو يريد لهم الخير ويبلغهم بالشر قبل حدوثه، ولكنهم يقابلون ذلك بالأذى له، فأريد أن أقول للناس لا تروا الحقيقة من جانب واحد، فمن الممكن أن ينعم الله على شخص بأن يكون لديه بُعد آخر للحدث، وألا يستمع للآخرين لأنهم من الممكن أن يضللوه بل عليه أن يحلل ما أمامه حتى يكتشف الحقائق من حوله، وأنا أرى أن هذه الشخصية تحمل إسقاطا على ما نراه الآن، فالجميع يريد أن يلقى بالتهم على الآخرين دون حقائق أو وقائع مثبتة، ونحن استلهمنا «خلف الله»، من شخصيات تاريخية كثيرة.

◄◄ هل تحمل من خلال شخصية «خلف الله» إسقاطا على المتأسلمين فى الوقت الحالى أو بعض مستغلى الدين لمصالحهم الخاصة؟

- أقصد بها توضيح الإيمان الصحيح الذى يكون من القلب والإيمان ليس تشددا أو متاجرة بالدين، فهذه الشخصية ستظهر لنا حقيقة أن تكون مؤمنا بالشىء لمجرد أنك تقتنع به وأن هناك إلها مُطلعا عليك، وبين أن تتمسح بالدين فى تحقيق مصالح شخصية أو سعى وراء سلطات، لأن «خلف الله» لا يسعى إلا لإظهار الحقيقة أينما كانت ومهما كلفه الأمر، ولكن الناس كانت دائما ما تتفهم موقفه بشكل خاطئ، فتسعى للإضرار به.

◄◄ تعود من خلال هذا العمل للدراما الصعيدية ومع نفس مخرج مسلسلك «الرحايا» حسنى صالح، فهل هذا استغلال لنجاحكما معا فى هذا اللون؟

- لم لا؟ فطالما نجحنا فى لون معين معا، فلماذا لا نكرره مرة أخرى وبشكل مختلف، ولكن دعنى أقل لك إننى متخوف بعض الشىء، لأن «الرحايا» حقق نجاحا ضخما وأصبح أحد علامات الدراما الصعيدية المصرية، فأدعو الله ألا نقل عنه نجاحا، بل نكون أعلى منه ونقدم شيئا جديدا ومختلفا.

◄◄ دائما ما تقبل فى أعمالك على تقديم الوجوه الجديدة والشابة وبعض الممثلين الذين تعيد اكتشافهم.. فمن الذين تراهن عليهم هذا العام؟

- للأسف ضيق الوقت وانشغالى بسفرى لبريطانيا لإجراء بعض التحاليل والكشوفات على قدمى، جعلنى هذا العام أركز فى شخصية «خلف الله» فحسب، وتركت باقى الأمور للمخرج حسنى صالح الذى أثق فى اختياراته، وللشركة المنتجة أيضا وعموما معى فريق عمل جيد أتمنى أن نقدم شيئا مميزا وعملا ناجحا.

◄◄ كيف ترى قلة عدد الأعمال الدرامية التى ستقدم فى رمضان؟

- بالطبع أجد أنها ميزة لأنه عندما يتم تقديم أعمال درامية تصل إلى 70 مسلسلا فى موسم رمضان فقط، فمن المحال أن يستطيع المشاهد متابعة هذا الكم من الأعمال، وبالتالى ستتعرض أعمال الغالبية العظمى من النجوم للظلم، وسيكون هناك إهدار لإبداع فنانين، فأنا أرى أن قلة الأعمال شىء إيجابى لأنه يعطى الفرصة لمشاهدتها جيدا، ويستطيع المشاهد أن يحكم على العمل الذى يتابعه، ولكن العيب الوحيد الذى أراه فى ندرة أعمال هذا العام، هم الفنيون الذين ينتمون لهذه الصناعة من عمال إكسسوار وديكور وصوت وإضاءة ومجموعات كومبارس، فهناك الآلاف من هؤلاء يعتمدون فى دخلهم السنوى على مسلسلات رمضان، وهذا يؤلمنى، وللأسف نجد أن التليفزيون المصرى بأفرعه المتخصصة فى إنتاج الدراما تراجع، فقطاع الإنتاج مثلا لم يشرع فى التحضير ولو لعمل واحد هذا العام.

◄◄ ولكن التليفزيون المصرى بقطاعاته يبرر غيابه هذا العام بعدم وجود السيولة المالية التى تتيح له البدء فى أعمال جديدة؟

- فى هذه الحالة عليهم أن يقترضوا من بنك الاستثمار أو غيره حتى لا تشرد الأسر التى تعمل فى هذه الصناعة، فالأمر ليس متوقفا على الفنانين، ولكن على آلاف العاملين الذين لا يجدون قوت يومهم، وهذا يؤدى إلى زيادة نسبة البطالة فى البلاد.

◄◄ بعض مسؤولى النظام الحالى بمن فيهم وزير الإعلام أصبحوا ينظرون للفن على أنه سلعة للتسلية فقط، فكيف ترى هذا الوضع؟

- أشك أن يكون هذا الغباء مسيطرا عليهم، فالعالم بأكمله يدرك أهمية ودور الفنون فى النهوض بالشعوب، فضلا عن أهميتها فى تأريخ الحقب الزمنية التى يعيشها الناس، فالخمينى حاكم إيران، اضطهد الفن أشد اضطهاد فى بداية حكمه، لكنه بعد ذلك لم يستطع مهاجمته بعدما أدرك أهميته، وأصبحت هناك مؤسسة للسينما أنتجت 14 فيلما فى عهده وقبل وفاته، وأصبحت الفنانات فى عهده محجبات، لكن نحن فى مصر بلد السنة والمسيحية، فمن الصعب أن نجعل المسيحيات يتحجبن مثلا، لكن فى النهاية دعنى أقل مهما أتى حاكم وحارب الفن، فلن يستطيع الاستمرار فى ذلك لأن الفن أحد أهم العوامل التى تستمد منها الدول العظمى قوتها، فهو القوة الناعمة التى لا يستطيع الاستغناء عنها، فأمريكا مثلا من أهم عوامل ريادتها الثقافية سينمات وأفلام هوليود.

◄◄ بعيدا عن الفن وجاذبيته.. كيف ترى المشهد السياسى الآن؟

- المشهد مقلق ومؤلم للغاية، فلايوجد استقرار فى أى شىء، فالاقتصاد مُنهار، والأمن غير مستقر والديون تزداد، فالبلد تغرق الآن، دون أن تجد من ينقذها، فالجميع يتصارع على السلطة والصعود للقمة، دون الاهتمام بمصلحة البلاد العليا، فكل ما أشاهده فى الساحة الآن تبادل التهم بين الإخوان وجبهة الإنقاذ دون فائدة، ولذلك أصبح الشعب لا يثق فى أى منهما.

◄◄ من خلال أداء مرسى وحكومة هشام قنديل.. كيف ترى قدرتهما على إدارة أحوال البلاد؟

- الإخوان «صعبانين عليا» لأنهم حكموا البلد فى وضع اقتصادى سيئ، للغاية، وللأسف وعدوا بأشياء كثيرة لا يملكون تحقيقها، وهذا ما أفقدهم مصداقيتهم أمام الشعب، وأنا لا أفهم ما السبب وراء تمسكهم بالحكم، فقد كنت أعتقد أنهم فى حالة فشلهم فى إدارة شؤون البلاد، سيتركونها لغيرهم لكنهم لم يفعلوا ذلك بل صدقوا أنفسهم أنهم هم الأكفأ على الرغم من المآسى التى نراها، فكنت أتمنى أن يتحايل الإخوان على المعارضة بأن تتولى الحكم، وتتحايل المعارضة على الإخوان فى الاستمرار فى الحكم، ووقتها كان الشعب سيشعر أنهما يريدان مصلحة البلاد ليس أكثر، ولكنهما أثبتا عكس ذلك.

◄◄ وما أهم المآخذ التى تراها على مرسى منذ توليه الحكم وحتى الآن؟

- عدة أشياء لم تعجبنى فى أدائه أهمها تهديداته المستمرة فى بعض خطبه، وهى التى أدت إلى انقسام الشعب من حوله، وعدم خروجه لإلقاء الحقيقة على الشعب حول ملابسات العديد من الأمور سواء الخاصة بالاقتصاد أو الخاصة بالتوترات الأخيرة، هذا بالإضافة إلى سفرياته خارج مصر والتى أنتقد أداءه الرئاسى فيها، وآخرها فى السودان فمن غير المعقول أن يخرج رئيس جمهورية على منبر ويلقى خطبة إسلامية كرئيس جمهورية، فأنا أشكره على علمه الدينى والسماوى ولكن لابد أن يفرق بين عمله كرئيس جمهورية وانتمائه الدينى، ومن هنا تجد أهمية ما فعله عمرو بن العاص عندما فتح مصر فأشرك المسيحيين فى إدارة شؤون البلاد بمعنى أنه لم يتعامل بمبدأ الانتماء الدينى وإنما تعامل بمبدأ القائد المسؤول عن الجميع، وأنا أرى أن مرسى خسر كثيرا من شعبيته، فهل يستطيع أن ينزل ميدان التحرير الآن ويفتح صدره أمام الجميع هناك؟! وعموما أنا أرفض ربط الدين بالسياسة، لأنه لا يوجد سياسى شريف، لأن السياسة تقوم أساليبها كلها على الخداع والمناورة.

◄◄ من المسؤول عن أحداث الخصوص وأحداث الكاتدرائية التى راح ضحيتها العشرات من المسلمين والمسيحيين؟

- كل المتصارعين على السلطة فى مصر، وليس أحدا بعينه، فهذا المشهد آلمنى بشدة لأننى شعرت أنى أعيش خارج مصر وليس بداخلها فأصبحنا فرجة للعالم بعدما كان الناس يحسدوننا على أمن مصر واستقرارها، وهذا ما أدى إلى كُفر نسبة كبيرة من الشعب بالثورة، وأقولها للمرة المليون استمرار التوترات بين المسلمين والمسيحيين من الممكن أن تؤدى إلى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية فى شؤون مصر، بحجة حماية المسيحيين، وهذا ما أخشاه، فلابد أن تظهر الحقيقة ويتم ضرب المخطئ بيد من حديد، فبدون سيادة حقيقية للدولة لن ينصلح حالها، وأنا أحد أفراد الشعب أنتظر أن يبلغنى المسؤولون بالحقيقة.

◄◄ وكيف تابعت أزمة النائب العام بداية من إقالة عبدالمجيد محمود حتى تعيين طلعت عبدالله واتهامه بأنه يعمل على أهواء الإخوان؟

- أزمة النائب العام من عجائب مصر، الرئيس مرسى أقبل على إقالته فى البداية لأنه كان يدرك أنه بذلك يرضى الشعب، وعندما اتخذ القرار تغيرت الحسابات ولم تتفق المصالح ومن هنا بدأت الانقسامات حول إقالة محمود وتعيين طلعت، وأنا أرفض اتهام النائب العام الحالى بأنه يعمل خصيصا للإخوان ليس دفاعا عنه، وإنما أرفض صراع الأحزاب الذى يؤدى إلى تبادل الاتهامات حتى يضلل الشعب فى النهاية دون أن يعرف الصح من الخطأ، فعندما تتهم شخصا بشىء فلابد أن يكون لديك الأدلة الكافية وتظهرها أمام الشعب بأكمله حتى يكون على علم ودراية بما يحدث من حوله.

◄◄ ومن وجهة نظرك ما هى الطرق التى يمكن أن تُخرج مصر من أزماتها المستمرة؟

- الحل هو عودة الانتعاش الاقتصادى والذى لن يتم إلا بالأمن، وهو الأمر الذى لن يحدث إلا بهدوء الأوضاع السياسية، فهى منظومة متصلة ومترتبة على بعضها، لذلك لابد من مبدأ المصارحة بين النظام الحاكم والشعب حتى ينصلح حال هذه المنظومة، وأنا أرى أن الرؤية أصبحت غامضة فى ظل الوضع الحالى، ولن يستطيع أحد أن يفعل شيئا فى سنة أو اثنتين أو ثلاث، فنحن نحتاج إلى سنوات لكى تستطيع البلد أن تقف على رجليها فقط، فلا أفهم لماذا الصراع على السلطة.

◄◄ بعيدا عن أوضاع مصر، الأزمة السورية أصبحت تدخل فى عامها الثالث، دون جدوى فما هو الحل الذى تراه مناسبا لإنهائها؟

- أعتقد أن الوضع هناك سيستمر بعض الوقت لأن أمريكا تريد هذا، فلماذا لم تندفع الولايات المتحدة وتحاول التدخل مثلما فعلت فى العراق وليبيا والسودان، لأن هذه الدول يتواجد بها البترول أما سوريا فليس بها أى مطامع أمريكية، لذلك تركت الوضع هناك بهذا الشكل حتى «يخلص الشعب على بعضه». 

اليوم السابع المصرية في

13.08.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2015)