كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

مركز السينما العربية شعاع ضوء فى برلين

طارق الشناوي

مهرجان برلين السينمائي الدولي الخامس والستون

   
 
 
 
 

المخرج الألمانى الأسطورى فيم فيندرز 80 عاما أهدى له مهرجان برلين هذه الدورة جائزة إنجاز «دب ذهبى» فخرية تقديرًا لمشواره الفنى المرصع بـ30 فيلما ما بين روائى وتسجيلى، عُرض له رسميا وخارج التسابق فيلمه «كل شىء سيكون على ما يرام»، بطولة جيمس فرانكو وارتشيل ماك آدمز وشارلوت جينسبور، وهو مخرج وكاتب ومصور فوتوغرافى لا يزال يمارس كل تلك الهوايات وأيضا رسام يضع لمسات فرشاته على لوحاته الزيتية. فيلمه الأخير يؤكد أن الثمانين التى يبلغها بعد نحو ثلاثة أشهر فقط هى رقم يضاف إلى عمره لكنها أبدا لا تعنى أنه غادر محطة الشباب، يضيف إلى مشواره شريطا جديدا، حيث يقف دائما على منصة الإبداع الجديد. المهرجان فى إطار التكريم يستعيد عددًا من أعماله الروائية والتسجيلية على خريطته، إلا أنه لا يعيش على الماضى الجميل.

بدأ فيندرز مشواره منذ نهاية الستينيات ولا يزال المخرج الكبير يحظى بمكانة استثنائية فى العالم ليصبح عنوانا للسينما الألمانية فى المهرجانات العالمية، ولا يزال يشكل عامل جذب وينطلق عادة تكريمه من مهرجان إلى مهرجان، إلا أنه لا يستسلم أبدا إلى الركون لشاطئ التكريم دائما لديه ما يريد إضافته.

وفى مسيرة حياته تكتشف أنه كان فى مطلع حياته يرنو لكى يصبح قسيسا ولكن موسيقى الروك أندروول التى كانت شائعة منذ الخمسينيات حركت فى أعماقه توجها مختلفا، وسوف تجد فى مشواره الفنان التشكيلى كامنا مثلما تكمن أيضا الموسيقى، وهذا من وجهة نظرى هو سر سحر أفلامه التى تجمع بين إيقاعى اللوحة والنغمة، ومن أعماله التى يستعيد المهرجان جانبا منها أليس فى المدن و الصديق الأمريكى و الشروق فوق المياه عبر القرى و باريس تكساس الحاصل على سعفة كان 1984 وأيضا فيلمه قبل الأخير بينا تناول حياة راقصة الباليه الألمانية بينا لاروش، وحاز على جائزة أفضل فيلم وثائقى قبل أربعة أعوام.

فيلمه الجديد أنجزه أيضا بتقنية الأبعاد الثلاثة مثل بينا وهو اسم راقصة الباليه الألمانية، وأنا فى الحقيقة لم أستشعر أهمية استخدام تلك التقنية فى فيلم قائم على التأمل الوجدانى بالدرجة الأولى، ولا يعتمد على الإبهار فى تجسيم الصورة، بقدر ما هو يمتلئ بالعمق والإحساس الجمالى بالدرجة الأولى الذى تعيشه شخصيات فى الفيلم، وأظن أن المخرج ربما قرر أن يلحق بتلك التقنية الحديثة التى واكبها وهو فى العقد الثامن من عمره، فأراد أن لا تفوته فرصة الوجود للزمن القادم، لو صح أن الزمن سيحتفظ أكثر بالأفلام المجسدة بتلك الأبعاد الثلاثية رغم أن التجربة أثبتت، حيث إننا لا نزال نستمتع بالأفلام المصورة بالأبيض والأسود.

يجب أن نضع فى الاعتبار أنك من الناحية السيكولوجية عندما ترتدى تلك النظارة المجسمة للصورة تنتظر شيئا مغايرا للسائد، حيث إن الشاشة تلعب دورًا فى عقد الاتفاق المبدئى للعمل الفنى فى تلك المساحة من التعارف الجديد بينك وبينها، وهو ما يمكن مثلًا أن تراه فى واحد من أشهر تلك الأفلام أفاتار حيث يخسر الفيلم كثيرا لو لم يكن مجسدًا، بينما مثلا تيتانيك لنفس المخرج جيمس كاميرون عندما أعاد تقديمه بنسخة ثلاثية الأبعاد قبل نحو أربع سنوات لم يكسب الفيلم شيئا، بل أراه قد فقد أشياء وستظل النسخة الأصلية التى قُدمت 1998 هى المعتمدة للزمن القادم.

فيلم فيندرز يبدأ فى الطريق الثلجى ولكن دفء المشاعر والعواطف هو الذى يذيب الثلوج، ولا أدرى لماذا أشاهد الكثير من الأفلام عبر تلك الدورة ومنذ البداية مع فيلم الافتتاح لا أحد يريد الليل فى تلك الأجواء الثلجية الباردة، نحن نتابع مؤلفا شابا يصدم طفلا ويموت الطفل، ولكننا كمشاهدين نعتقد أنه لم يمت، نكتشف مع تتابع السيناريو وكأنها رغبة لا شعورية فى عقل بطل الفيلم الذى يؤدى دور كاتب روائى، ربما كان يعيش هو أيضا بين العالمين الواقعى والخيالى، كأن الكاتب يهرب نفسيا من مواجهة الإحساس بالذنب الذى يعتريه بسبب القتل الخطأ فيخلق عالما موازيا.

المخرج ينجح فى الحقيقة بصورة جمالية رائعة مثل مشاهد الملاهى الذى يضم فيه العالمين الخيال والحقيقة الممزوجين بروح الطفولة معًا فى تحقيق تلك الحالة من الألق الفنى، وهو ما لم يكن بحاجة إليه باستخدام تقنية الأبعاد الثلاثة.

****

السينما العربية ما هو الحال؟ فى برلين ليس هناك وجود فى المسابقة الرسمية، ولكن لدينا فى الحقيقة عددًا لا بأس به من الأفلام العربية كما أن الفيلم المصرى بره الشارع الذى يتناول مصر قبل ثورة 25 يناير يعرض فى قسم المنتدى ، لم أتمكن من مشاهدته فى عرضه الأول وسوف أطارده فى عرضه الثانى مساء اليوم. الفيلم إخراج كل من ياسمينة متولى وفيليب رزق، وتجرى أحداثه من خلال فرقة تمثيل من العمال ليلقى بظلاله على الثورة وما يجرى فيها وما الدوافع، والفيلم استعان بالفعل ببعض لقطات صورها أحد العمال على هاتفه المحمول سوف نعود إليه بالتفصيل. وهناك شعاع من الضوء العربى من الممكن أن تجده فى مركز السينما العربية هو منظمة جديدة تضم عددا من السينمائيين المصريين والعرب من مصر وسوريا ولبنان والأردن والمغرب العربى والإمارات وفلسطين، هكذا رأيت أسماء مثل الكاتب والمنتج محمد حفظى والمخرج الإماراتى نواف الجناحى والنجم الشاب أحمد الفيشاوى، والفلسطينى المخرج محمد قبلاوى المسؤول عن جمعية سينمائية فى السويد تقيم سنويا مهرجان مالمو ، وتولى زميلنا الدؤوب الباحث والناقد السورى المقيم فى مصر علاء كركوتى رئاسة المركز الذى يتواصل عالميا مع السوق الأوروبية للفيلم، كى يتم تنفيذ مشروعات سينمائية وحرصوا على أن يأتى الإعلان من برلين ليحمل دلالة على أنه المهرجان الأكثر حضورا ووجودا على المستوى الرسمى والجماهيرى وبالأرقام، حيث إن تذاكر مبيعات المهرجان تصل إلى ثلث مليون ويحضره قرابة 5 آلاف إعلامى.

أهمية الحدث أنه مستقل عن الدول وبالتالى لا يخضع للروتين الحكومى، كما أنه عربى وليس مصريا ولا سوريا ولا لبنانيا، ولكنه يرنو إلى فكرة أن الإطلالة على العالم ينبغى أن تكون عربية بالأساس، كما أنه لا يكتفى فقط بالجانب النظرى، بل نجح فى خلق قدر من الوجود العملى فى المشاهدة، عبر تلك العروض التى ينظمها تباعا مع النقاد والشركات الإنتاج لتسويق الأفلام ومنها فيلم وردة وعلى الرغم من أنه يتم توزيعه على اعتبار أنه فيلم رعب وهذا فى رأيى خطأ فى التصنيف؛ لأن الفيلم لا يمكن اعتباره كذلك، كما أن فكرة أنه أول فيلم أو إن شئت الدقة أول محاولة لإنتاج فيلم رعب مصرى أراها غير دقيقة علميا، لأن لدينا محاولات سابقة فى هذا الاتجاه مثل تعويذة لمحمد شبل قبل نحو ثلاثين عاما، ولكن ليست هذه هى قضيتنا، فلا شك أن الخطوة مهمة، خصوصًا أن الطموح يزداد لتتسع الدائرة أكثر لتحوى إنتاج أفلام قادمة ومشروعات مشتركة، حيث إننا مثلا على مستوى السينما المصرية كان يوسف شاهين وبعده تلاميذه وأشهرهم يسرى نصر الله والراحلة أسماء البكرى هما فقط من يملكان مفتاح فك الشفرة للإنتاج المشترك، وباستثناءات قليلة، ولكن المركز السينمائى العربى أظنه سيتمكن من فك تلك الشفرة!

التحرير المصرية في

11.02.2015

 
 

تحفتان فى المسابقة:

«٤٥ سنة» الروائى و«قاع اللؤلؤ» التسجيلى

بقلم: سمير فريد

شهدت مسابقة مهرجان برلين تحفة روائية، هى الفيلم البريطانى «٤٥ سنة» إخراج أندرو هيج، وأخرى تسجيلية هى الفيلم الفرنسى «قاع اللؤلؤ» إخراج باترشيو جوزمان، ويمكن فوز أى منهما بجائزة الدب الذهبى بسهولة وعن جدارة، وفى حال فوز فيلم جوزمان سيكون أول فيلم تسجيلى يفوز بالدب الذهبى، رغم أنه الفيلم التسجيلى الوحيد فى المسابقة، وكان قد سبق فوز فيلم تحريك بالدب الذهبى، فالمهم المستوى أياً كان الجنس السينمائى.

«٤٥ سنة» الفيلم الروائى الطويل الثانى لمخرجه الذى ولد عام ١٩٧٣، وبدأ حياته الفنية على مائدة المونتاج، وكان فيلمه الأول «إجازة نهاية الأسبوع» عام ٢٠١٢، نبوءة بميلاد فنان سينمائى كبير، وها هى النبوءة تتحقق فى فيلمه الثانى الذى كتبه عن قصة قصيرة بعنوان «بلد أخرى» تأليف دافيد كونستانتين، صدرت عام ٢٠٠٥، ولكن الفيلم كان بعيدا كل البعد عن الأدب، وإنما ينتمى إلى السينما الخالصة رغم حواره البارع، فالحوار عنصر من عناصر التعبير السينمائى، وليس الأدبى أو المسرحى، حيث لا يعبر عن المعنى منفصلاً.

«٤٥ سنة» فيلم كلاسيكى الشكل إنسانى المضمون، يثير عقل المتفرج ومشاعره، فى نفس الوقت، مثل كل الأعمال الفنية الكبيرة، فمن حيث الشكل يحافظ على الوحدات الأرسطية الثلاث (الزمان والمكان والموضوع)، ولكن الزمان ليس دورة شمس واحدة، كما عند الفيلسوف اليونانى أرسطو، الذى وضع أسس الدراما فى القرن الخامس قبل الميلاد، وإنما سبعة أيام هى أيام الأسبوع التى تكتب على الشاشة يوماً وراء الآخر، حتى يوم الاحتفال بمرور ٤٥ سنة على زواج كاتى (شارلوت رامبلنج) وجيف (توم كورتيناى)، والوقت فى فصل الشتاء المناسب تماماً لحياة الزوجين فى شتاء العمر، والمكان بيت فى ريف بلدة بريطانية صغيرة وسط طبيعة ساحرة لا نخرج منه إلا لماما، وأولى لقطات الفيلم للبيت من الخارج، وتتكرر قبل بداية كل يوم.

أما الموضوع فعن العلاقة بين الرجل والمرأة بصفة عامة، والعلاقة الزوجية بصفة خاصة، وتبدأ الدراما على الفور من أول دقيقة عندما تصل من سويسرا رسالة إلى جيف تخبره فيها السلطات أنه تم العثور على جثمان كاتيا التى سقطت فى الجليد واختفت آثارها من ٥٠ سنة، والتى كان يتبادل معها الحب فى ذلك الوقت، ومن المشهد الأول تندهش كاتى من رد فعل جيف، وكأن الحادث قد وقع بالأمس، وتسأله: هل تفكر فى الذهاب إلى سويسرا؟ ولكنه لا يرد على نحو حاسم. وبينما تستمر كاتى فى الإعداد للحفل، يستمر جيف فى التردد فى السفر حتى تسأله كاتى: هل كنت ستتزوجها لو لم تمت؟، وتكون إجابته من دون تردد نعم، فلا مجال للكذب فى نهاية العمر، وتشعر كاتى بالغيرة من دون أن تفصح عن مشاعرها بوضوح، وتنتهى فرصة غياب جيف عن المنزل، وتبحث فى أوراقه وصوره القديمة، وتجد عدة صور لكاتيا فى جليد سويسرا، وتكتشف أنها كانت حاملاً منه عندما ماتت، ومن المهم هنا ملاحظة أن كاتى وجيف لم ينجبا، ويزداد التوتر بين الزوجين حتى إنهما يعودان إلى تدخين السجائر، ويحاول كل منهما العودة إلى حياتهما قبل هذا الزلزال حتى إنهما يمارسان الجنس، وكأنهما فى زمن الشباب، ولكن حياتهما تغيرت إلى الأبد ولم تعد كما كانت، ولم تعد كاتى تهتم بحفل الـ٤٥ سنة، إلا من أجل الأصدقاء والآخرين بصفة عامة.

يمثل توم كورتيناى (٧٧ سنة) وشارلوت رامبلينج (٦٨ سنة) لأول مرة معاً، ويستجمع كل منهما خبراته الطويلة والعريقة ويقدمان مباراة مدهشة فى فن التمثيل بإدارة مخرج من أحفاد شكسبير الشرعيين، ودعك من عنوان الفيلم المباشر الذى يحد من ثراء العمل، بل إن اللقطة الأخيرة التى لا تتجاوز عدة ثوان فى الحفل، والتى تنزع فيها كاتى يدها من يد جيف تكشف على نحو يدخل تاريخ فن التمثيل الألم العميق الذى تشعر به، وكأن حياتها مع جيف كانت سراباً: إنها لقطة تكفى لفوز شارلوت رامبلينج بكل جوائز التمثيل هذا العام.

ويتكامل السيناريو مع الإخراج والتصوير الذى قام به لول جراولى بالألوان للشاشة العادية، وهى ألوان كابيه تتناسب مع فصل الشتاء، ومع الدراما فى آن واحد، وشريط الصوت الذى صممه يواكيم سوند ستروم مكتفياً بالصمت وصوت الرياح من دون موسيقى ومونتاج جوناثان ألبرتس شديد الإتقان طوال ٩٣ دقيقة من دون زيادة أو نقصان.

المعادون للإسلام فى ألمانيا يحتجون على فيلم هيرزوج

هاجم من يعانون من «فوبيا الإسلام» فى ألمانيا فيلم «ملكة الصحراء» إخراج ورنر هيرزوج، والذى تمثل فيه نيكول كيدمان دور الرحالة البريطانية جيرترود بيل التى أحبت الصحراء، وعاشت فى المنطقة العربية أثناء الحرب العالمية الأولى (انظر رسالة مهرجان برلين أمس).

علق هيرزوج على الهجوم فى عدد أمس من النشرة اليومية لمجلة «سكرين إنترناشيونال» التى تصدر أثناء المهرجان وقال: «أعتبر ذلك أمراً له دلالات.. هناك أناس عديدون يعانون من (فوبيا الإسلام)، وأرى أنه شىء جيد أننى صنعت هذا الفيلم لأعبر عن تمسك البدو بالكرامة وتقديرهم للجمال والشعر واحترامهم للإسلام».

المصري اليوم في

11.02.2015

 
 

مهرجان برلين يحشر نفسه بين جرائم العسكر وفضائح الكنيسة

هوفيك حبشيان ــ برلين

بعد ويك أند من الأفلام "اللطيفة"، كما يقول الفرنسيون، في مهرجان برلين السينمائي (5 - 15 الجاري)، جاءنا بطلان سينمائيان من تشيلي، بطلان بكلّ ما في الكلمة من شجاعة وروعة ومناقبية. كلاهما يعرض جديده المدهش في المسابقة الرسمية. انهما قامتان كبيرتان مع فارق العمر بينهما الذي يصل الى 35 سنة. الأول، باتريسيو غوزمان (73 عاماً) رجل ذو باع طويل، له مكانة متقدمة في السينما الوثائقية عبر التاريخ المعاصر، ينقب في ذاكرة تشيلي الجمعية ويعيد كتابة التاريخ الحديث لبلاده منذ الانقلاب العسكري في العام 1973، بعيداً من كتب التاريخ المضللة. في محاذاته، يقف سينمائي تشيلياني آخر، لا يقل شطارة عن غوزمان: بابلو لوراين، 38 عاماً، أطلقه في العام 2008 فيلمه الأول "طوني مانيرو". جيلان يتسابقان لكشف بعض من الواقع التشيلياني، ولا يتأخران عن المشي على أرض محفوفة بالأخطار، في بلاد شهدت 200 مجزرة "سياسية" منذ تأسيسها.

في "الزر اللؤلؤة"، يقدم غوزمان مرافعة طموحة ضد النسيان، متنقلاً من خلال روابط مدهشة، من الفضاء والنجوم والمياء الى انقلاب بينوشيه والمجازر التي ارتكبت آنذاك في السبعينات في حق معارضيه. بتعليق صوتي جميل يمسك النص من كل أطرافه، يحملنا الشريط الى مغامرة لن نعود منها سالمين. صور أخاذة، خيال مشتعل، طموحات جمالية لا حدود لها، هذا كله في اطار سينما مصنوعة بذكاء باهر، وخصوصاً في ربط الأشياء بعضها بالعبض الآخر. في تحفته السابقة، "نوستالجيا الضوء"، كانت الأمهات يبحثن عن بقايا أولادهن في الصحراء. في "الزر اللؤلؤة"، الذي يقول عنه غوزمان إنه قد يكون الجزء الثاني من ثلاثية سيعمل على تحقيقها، استُبدلت الرمال بالماء الذي يشكل أطول حدود لتشيلي. للماء ذاكرة وأصوات تتدفق بحنان الى فيلم يحمل في داخله فناناً وانساناً ومعلماً تنويرياً. المياه تخبئ كل تاريخ بلاده. من قعر المحيط، ينتشل غوزمان ضحايا العنف والاقتتال والديكتاتورية، راوياً التاريخ من وجهة نظر الخاسرين المنبوذين. نحن امام قصيدة سياسية وبيئية بديعة تعيد الاعتبار الى الطبيعة كالحقيقة الوحيدة التي لا تزول.

يطرح الفيلم ايضاً مسؤولية الولايات المتحدة في التآمر على الشعب التشيلياني من خلال دعم الانقلاب والاتيان بأوغوستو بينوشيه الذي تسبب بمقتل أكثر من 3000 مواطن وتعذيب الالاف. المشهد الأفظع في الفيلم، هو ذلك الذي نرى فيه تمثيل كيفية ربط القطعة المعدنية الى خصر الضحية، قبل ان ترميه المروحيات حياً او ميتاً في قعر المحيط. عن موضوع الذاكرة الجمعية، يقول غوزمان مؤكداً: "الشباب في تشيلي يريدون ان يعرفوا كلّ شيء عمّا حصل في بلادنا. أجدادهم وأهاليهم وأساتذتهم لم يحكوا لهم ايّ شيء بالتفاصيل. لهذا السبب، هم متعطشون لمعرفة ما لا يعرفونه. وهم ينتمون الى جيل لا يشعر بالخوف، منفتحون لمواجهة الحقائق".

اذا كان فيلم غوزمان صفعة الدورة 65، فإن فيلم مواطنه بابلو لاراين، "النادي"، المثير للقلق، يشكل خضّته. تكفي مقطوعة موسيقية للاستوني آرفو بارت المتلفة للأعصاب وبضعة مناظر تُلتقط بالـ"كونترجور" (التقاط مشاهد سرجيو ارمسترونغ) كي نضع قدمينا في أرض الفيلم الشاحب الذي سيزداد سواداً كلما تقدم الى الأمام، ودائماً مع حسّ ساخر يتحول احياناً الى كوميديا سوداء. أما الممثلون، فيقدمون اداءات فاقعة الرصانة في تعبيرهم عن شعور اللاندم. طبعاً، الفيلم أقرب الى مناخات "طوني مانيرو" منه الى "لا"، فيلم لاراين السابق، اللذين يشكلان مع "بعد التشريح"، ثلاثية لاراين عن بينوشيه.

أربعة رجال وسيدة يعيشون في نوع من "منفى" في بيت على شاطئ البحر في منطقة لابوكا التشيليانية. يشربون الخمر ويراهنون على "مندوبهم" في مسابقة الكلاب، ولا يختلطون بسكان المنطقة. الرجال رهبان سابقون استغنت عنهم الكنيسة بعد تسببهم بفضائح مختلفة، لكنهم لا يزالون في حمايتها ورعايتها، ويفترض انهم في هذا المكان للتوبة. أما السيدة، الأخت مونيكا، فراهبة، ترافقهم وتحرص على تطبيق القوانين التي يلتزمونها، على الرغم من انها مرتبكة ايضاً. هؤلاء لا يفعلون شيئاً الا الأكل والشرب والنوم ومشاهدة التلفاز، ويدرّبون بهيمتهم الصغيرة للمشاركة في سباق مخصص للكلاب. مرة اخرى، يعود بينوشيه، ليس من خلال الجرائم التي ارتكبها، بل من خلال استعادة حقبة السبعينات شفهياً، وهي الفترة التي نشط فيها الرهبان المعزولون. كلّ شيء يبدأ مع وصول راهب خامس الى "منزل التوبة"، يتبعه رجل خارج عن طوره، يروح يروي من تحت شبّاك المنزل، أمام الجميع وبصوت عال، تفاصيل اغتصابه عندما كان شاباً يافعاً، على يد راهب وصل للتو الى مسكنه الجديد. كيف وضع الراهب إحليله في فم ضحيته، وكيف استمنى وكيف وكيف... لا يوفر الفيلم اياً من التفاصيل لكشف حقيقة رجل دين بيدوفيلي.

ما يحصل في اللحظات القليلة التي تلي الفضيحة، سيجعل الكنيسة ترسل الأب غارثيا المتخصص في حلّ الأزمات والمشكلات المستعصية. الرجل يؤمن بأن على هذا المكان ان يُقفل، كونه لا يراعي اياً من شروط السلوك الرهباني الحسن، فيبدأ بسلسلة استجوابات مع الرهبان... اعترافات ستجعل الفيلم يغوص في المزيد من الفضائح بين التحرش الجنسي بالأولاد وبيع الأطفال الرضّع بعد انتزاعهم من أمهاتهم. هذا فيلم آخر عن السلطة المطلقة التي تلجأ الى كلّ انواع الجرائم عندما تضطر الى ذلك، ويُرينا من جملة ما يُرينا، التواطؤ الذي سيحصل بين الأب المصلح والمتهمين، لتلميع صورة الكنيسة أو على الأقل لعدم الاساءة اليها.

فيلم الافتتاح، "لا أحد يريد الليل" للمخرجة الاسبانية ايزابيل كوشيت (مسابقة)، هو الآخر كان مخيِّباً. عمل نسوي اخرجته سيدة وتؤدي فيه البطولة سيدة أخرى هي جولييت بينوش. الفيلم في مجمله متهالك وفاقد للشخصية السينمائية، يُفتتح بلقطة تقتل فيه بينوش دباً قطبياً، الأمر الذي يفتح المجال واسعاً امام بعض التعليقات الساخرة. فكيف يُقتل الدبّ، وهو شعار المهرجان، منذ اليوم الأول لانطلاقه؟ من غرينلاند يأخد فيلم كوشيت مسرحاً للحوادث. هناك حيث الطبيعة غاضبة باستمرار والثلوج عالية والرياح تجرف كل شي على طريقها. عندما تفقد جوزفين بيري (بينوش) التواصل مع زوجها الضائع عند حافة الكرة الأرضية تذهب للبحث عنه، على الرغم من اصرار الكلّ على التخلي عن تلك الفكرة، لأنها ضربٌ من الجنون. مقاربة كوشيت كلاسيكية جداً في هذا الفيلم، ونراها متمسكة بتقنيات "المدرسة القديمة"، سواء في الزاويا التي تختارها للتصوير أو نوعية التعليق الصوتي. في النهاية، الميلودراما هي التي تنتصر على كل المحاولات للزج بالفيلم في المغامرات.

"يوميّات مدبرة منزل" لبونوا جاكو هو الفيلم الفرنسي الوحيد الذي يشارك في مسابقة المهرجان. المخرج الفرنسي الغزير الذي انجز 43 فيلماً بـ41 عاماً يجد ضالته في إحدى كلاسيكيات الأدب. أفلمة جديدة لرواية غوستاف ميربو (1900) التي نُقلت مراراً الى السينما، منذ أيام جان رونوار ولويس بونويل، علماً ان الأخير أفلمها في نسخة اضطلعت بدور مدبرة المنزل فيها الممثلة الفرنسية المدهشة جانّ مورو. هنا تأخذ محل مورو ليا سايدو، شابة باريسية تتسلم وظيفة مدبرة منزل عند عائلة بورجوازية مقيتة تسكن في منطقة النورماندي. سيليستين (هذا اسمها) عنيدة، صاحبة شخصية قوية، لا تتنازل بسهولة عن حقها في ان تُعامل كإنسانة كاملة.

تتعرض سيليستين للتحرش الدائم من ربّ عملها، في حين تلحّ عليها زوجة الأخير لتقوم بهذه المهمة او تلك، فقط من باب تعذيبها وارهاقها. حياتها أشبه بجحيم متواصلة. رواية ميربو تضعنا أمام السؤال الملح: الى اي مدى يمكن الانسان ان يحافظ على نزاهته وهو يتعرض لمثل هذه المهانة؟

hauvick.habechian@annahar.com.lb

النهار اللبنانية في

11.02.2015

 
 

لعبت دور زوجة الأب الحقودة في "ساندريلا" الذي يعرضه "برلين السينمائي"

كيت بلانشيت: ليس هناك شر مطلق واتحمس لحكايات الاطفال حيث البطولة غير ذكورية

ابراهيم توتنجي

"لو كانت القصة عرضت على نيكول كيدمان لكانت اختارت الفيام بدور ساندريلا، ولم ترض بأقل من ذلك!"، هذه هي الدعابة التي ترددت على ألسنة بعض النقاد في أروقة "مهرجان برلين السينمائي الدولي"، ساخرين من قبول النجمة الاسترالية نيكول كيدمان لعب دور شخصية تصغرها بحوالي عقدين في فيلم "اميرة الصحراء"، في الوقت الذي يقارنون فيه هذا التصرف، مع شجاعة وواقعية ابنة جلدتها النجمة كيت بلانشيت، التي، في فيلم "ساندريلا" الذي يعرض في المهرجان، لا تقوم بدور الفتاة اللطيفة الصغيرة الجميلة، وانما دور زوجة الاب الشريرة، ذات الشخصية ذات الابعاد الدرامية المعقدة.

لكن بلانشيت، التي رشحت لست جوائز أوسكار ونالتها عن دورها في فيلم "ياسمين ازرق" لوودي آلن، لم تنقصها الشجاعة يوما في اختيار أدوارها.

ليست كرتون

تصف كيت بلانشيت علاقة المشاهد بتلك الشخصيات الخالدة مثل ساندريلا، بأنها علاقة متجددة، وفيها أسئلة مختلفة في كل مرة. وتقول:" الجمهور يعرف قصة ساندريلا جيدا، وهو يعرف قصة هاملت جيدا. لكنه لن يتوقف عن مشاهدة هاملت، لأنه يفكر أن الانتاج الجديد الضخم، قد يحمل شيئا جديدا: ربما يقتل هاملت كلوديوس هذه المرة. تماما مثل ساندريلا سيفاجأ الجمهور بمشاهد كثيرة مختلفة، وسيصدقها لأنها تحتمل الكثير من الدقة، في السحر، وفي التسلية، وفي التراجيديا.

هذه المرة ساندريلا من لحم ودم، وليست شخصية كرتونية يتفاعل معها الجمهور، ويتسلى، شاعرا بمسافة بينه وبينها. سيشعر الجمهور بأنه يشاهد قصة ساندريلا للمرة الأولى.

سببان للقبول

وتعتبر بلانشيت أن ما حركها لقبول هذا الدور سببان رئيسيان، أولهما أنها تعشق قصص الأطفال، لكنها تعتبرها قصصا تعطي صورة غير واقعية للصغار عن الحياة، وتقدمها كأنها "زاهية الألوان".

تقول:" كثير من القصص تصور الأبطال الذين يتغلبون على كل شيء، ويجعلون العالم مكان مثالي. أما قصة  ساندريلا فمختلفة، اذ تعلمنا أن العالم قد يكون مكانا للشر، وأنه يتوجب علينا أن نكافح بارادة  وحلم من أجل التغلب على هذا الشر. انها قصة تعلمنا أن اللطافة والمحبة تحتاج الى قدرات غير عادية، وانها ليست بديهية أو تحصيل حاصل في هذه الدنيا، وهو الأمر الذي تحدثت فيه لأول مرة مع مخرج الفيلم وجذبني للغاية.

أما العامل الثاني الذي دفع النجمة الملقبة "بجميلة هوليود ذات الشعر الأحمر"، فهو أنها مستاءة من كون غالبية قصص الأبطال التي تروى للصغار، ذكورية:" أنا أم لثلاثة صبيان، واحتاج أن يعرفوا أن هناك قصص، مثل ساندريلا، أبطالها نساء".

الخير والشر

وهذه ليست المرة الأولى التي تتحمس فيها بلانشيت الى لعب دور لها سمات "شريرة"، لكن دور زوجة الأب في قصة "ساندريلا" جسد على مدى أجيال معاني اللاعدالة والقسوة والخبث.

تقول:" ليس هناك انسان شيطاني بالمعنى الكامل، ولا ملائكي أيضا. هناك دوما دوافع ومؤثرات عظيمة تجعلنا نبين عن أحد الوجهين. حين حدثني المخرج أنه لا يغرب بأن يقدم زوجة الأب بأنها مثال الشر المطلق، كما تعلمنا ونحن صغار، وأن دورها في الفيلم يتوغل في سيكولوجيتها ويحاول  أن يجيب عن تساؤل: لماذا نكون أشرارا في بعض الأحيان، أعجبني هذا الأمر كثيرا".

وتضيف:" عبر لقطات وتطورات كثيرة في الفيلم، تعرف أنها امرأة حلمت ذات يوم بأن تبدأ حياة جديدة مع رجل جديد، لكن حلمها سرعان ما اصطدم باهتمام الأب الكبير بابنته ساندريلا. وحين يموت الاب، تشتعل مشاعر الحقد والغيرة (أيضا  هناك غيرة نسائية فزوجة الاب تغار من جمال ولطف ساندريلا) تحت وطأة الديون التي خلفها موت الاب.. وهذه عوامل كثيرة تؤدي الى اظهار الجانب القاسي في زوجة الاب.

مفاتيح الشخصية

وعن التحضيرات التي قامت بها من أجل أن تلتقط مفاتيح هكذا شخصية، تقول:" اجتمعت مع مصممة الأزياء في الفيلم ساندي باويل، وكنا نستعرض بشكل مستمر صور الممثلتين الملهمتين اللتين اديتا ذات الشخصية في اربعينيات القرن الماضي مارلين ديتريش وجوان كروفورد، وغيرهما من النساء اللواتي لا نزال نعشق طريقتهن في التمثيل حتى يومنا هذا، وتلك الغلالة من الغموض والخطر والتراجيديا التي تمكن من نسجها لهذا الدور تحديدا. هذا كان ملهما بدرجة كبيرة بالنسبة لي.

الاختان
ولكن، لا ساندريلا من دون زوجة اب ولا زوجة أب من دون ساندريلا، اذ يصعب تخيل شخصية  من دون الاخرى، ولا تكتمل الحكاية. من هنا تدلي بلانشيت برأيها حول أداء ليلي جيمس لشخصية ساندريلا:" انها روح طيبة للغاية وأعتقد أنها رائعة في هذا الدور. أستطيع أن أصفها بشيء طازج، كأنها نسمة هواء طازجة ولم يتم تلويثها بعد. ولديها طريقة تمثيل تلقائية وانسيابية ومتدفقة نادرة جدية، ولا يعوزها الدقة أو العمق أيضا".

ولا يمكن بطبيعة الحال التغافل عن "غريمتي" ساندريلا الأخريتين، ابنتا  زوجة  الأب، أو "الأختين" الشريرتين، والتين جسدتهما هوليدي غريغير في دور انستاسيا وصوفي ماكيرا في دور دريسيلا. عنهما تقول بلانشيت:" اعجبني كثيرا أنهما لم يبالغا في لعب دور الصبيتين الكاريكاتوريتين اللتين تعتقدان أنهما، بالفعل، أجمل البنات في الغرفة (لوكيشن التصوير).  لقد تمكنتا من ايجاد التوازن المطلوب، وكانتا على قدر كبير من الطرافة والاحتراف".

اخراج بخلفية تمثيل

وتعتبر بلانشيت أن خلفية مخرج الفيلم كينيث براناغ التمثيلية ساعدت بشكل كبير في انجاح عمله كمخرج:" لأنه ممثل، فهو يعرف قيمة التدريبات الصباحية، وكيف يصنعها بشكل فردي ثم يوظفها بشكل جماعي. كذلك نجح في أن يتلقط حس الفيلم الذي تكمن صعوبته بأنه يتوجب أن يكون "لطيفا ومسليا "، ولكن في الوقت ذاته مشبع بانذارات التهديد التي تجعل المشاهد لا يستسلم تماما لتلك اللطافة.

وهو أيضا تمكن من تنفيذ المشاهد الداخلية في البيت الصغير لنفس الدقة والسحر التي نفذ بها المشاهد الكبرى في القصر والخارج. باختصار، لقد عرف كيف يوازن الامور بنجاح، وتميز بايقاع فريد في العمل". وتضيف واصفة انبهارها بمستوى الانتاج والعناصر التي عملت على تجهيز موقع التصوير:" شعرت أنني أعود بالزمن الى الوراء، وفي المشهد الذي يراقص فيه الأمير ساندريلا، شعرت بتأثر كبير".

itoutanjipress@gmail.com

عرض تأثير النظام التربوي المدرسي على انتاج شخصيات مهزوزة في موسكو اليوم

"القادة الابطال": الجيل الأخير للسوفيات يعاني من عجز وخواء داخلي!

ابراهيم توتنجي

من النادر أن يتذكر أحدنا الاطفال الذين عاشوا في روسيا قبل سنوات قليلة من انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الشمولية التربوية والاجتماعية التي ارتبطت به. اولئك الذين كانت أعمارهم في العام 1987 اربع سنوات، اقتربوا من الثلاثين اليوم، ومن بينهم ظهر فنانون ومخرجون ارادوا أيضا أن يسجلوا شهادتهم عن تلك المرحلة.

ناتاليا كودرياشوفا هي واحدة من ذلك الجيل، وعملها السينمائي الروائي "القادة الابطال" يتناول تأثير النظام التربوي الشمولي على الأطفال في روسيا في نهاية الثمانينات، على شخصياتهم وتكويناتهم السيكولوجية والفكرية، حين أصبحوا شبابا، من خلال عرضها قصة ثلاثة أصدقاء منذ الطفولة هم: اندريه وكاتيا واولغا، كانوا في طفولتهم يحملون بأن تربط حول أعناقهم قماشة حمراء، تؤكد أنهم أصبحوا "قادة أبطال" يستطيعون خدمة أفكار لينين وبلادهم. وفي غرف تبديل الملابس، كان الصغار يتحدثون عن "الجواسيس" الذين يستهدفون "اطفال الاتحاد السوفياتي" بالخطف والقتل، فيما معلموهم يمارسون قسوة شديدة عليهم داخل الصفوف، بطالبات قاسية، تخلو من التعاطف، في مدرسة تبدو وكأنها معسكر تدريب جنود.

في احدى المشاهد القاسية تطلب المدرسة (لسبب ما!) من التلاميذ أن يجمع كل واحد منهم شيئا من فشلات معدته في علبة عيدان كبريت، فيما تقوم ممرضة المدرسة بجمعها بابتسامة عريضة، وتبكي.. من الخجل، وتسر لصديقتها أولغا:" هذا فظيع، هذا مخجل، لا استطيع القيام بذلك". وفي مشهد آخر، يتم اتهام الطفل اندريه من قبل مديرة المدرسة بـ"الخيانة العظمى" تجاه "الرفاق والعائلة والوطن" لأنه رفض أن يغني بصوته نشيد "روسيا العظيمة".

وتمضي أحداث الفيلم بين تقنية "الفلاش باك" وبين تصوير حياة الشخصيات في الحاضر. فنجد أن الأصدقاء الثلاثة كبروا وباتوا شخصيات تعاني من آلام نفسية حادة،  وتتخبط بين شعورها بالعجز والاحباط وعدم الامتلاء من الداخل، وتحاول الهروب طوال الوقت من تعاليم الماضي التي شكلتها بطريقة ما.

فأندريه أصبح صحافيا، لكنه ذو طبع حاد، وهو شاب فاشل في الحب، وعاجز عن أن يرضي حبيبته، التي تتألم بأسى من اهماله لها ومن قسوته، التي هي في حقيقة الأمر ضعف ورغبة بالهروب. انه حتى، وكما ظهر في احد مشاهد الفيلم، عاجز تماما عن أن ينقذ طفلا يغرق أمامه في مياه النهر.

أما أولغا، فقد أصبحت ممثلة، لكنها تعاني من اضطرابات نفسية وتشوش أفكار تجعل الطبيب النفسي المعالج يندهش، حين تخبره بأنها اختبرت لاول مرة مشاعر النشوة الجنسية وهي في الرابعة من العمر، حين كانت تغلق عينيها وتفكر بأنها  محاربة سوفياتية تقاتل الالمان وتضحي بحياتها من أجل بلادها. ولا تزال بعد كبرها غير قادرة على ممارسة الحب الصحي، وعالقة في صور الماضي. وتأتي شهادة الطبيب صادمة ومباشرة:" ستظلين عالقة وعاجزة لأنك خاوية من الداخل"!

أما كاتيا فهي تبذل المستحيل لكي يبادلها حبيبها مشاعر الحب، لكنها تبدو عاجزة عن اقناعه بأن يترك زوجته لصالحها، وهي، أثناء مرورها في ساحة عامة في موسكو، تموت في تفجير ارهابي، وها هي تفتح عينيها في مكان مقدس، لكي ترى صورتها أصبحت عملاقة بين صور الأطفال الأربعة الشهيرة، والتي كانت سلطات الاتحاد السوفياتي تنشرها للأطفال، لكي يكونوا مثلها ويحتذون حذو "الأطفال القادة"!

بعد موتها، يدخل اندريه الى دير ويتحول الى راهب هاربا من كل شيء، وتزوره أولغا لكي يتذكرا صديقتهم، فيما تمضي هي في شوارع موسكو التي يظهرها الفيلم خاوية، تماما كما هي أعماقها

itoutanjipress@gmail.com

تناول تأثير النظام التربوي على الأطفال الروس نهاية الثمانينات

«القادة الأبطال» .. الخواء الداخلي لجيل السوفيات الأخير

برلين - إبراهيم توتونجي

من النادر أن يتذكر أحدنا الاطفال الذين عاشوا في روسيا قبل سنوات قليلة من انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الشمولية التربوية والاجتماعية التي ارتبطت به. اولئك الذين كانت أعمارهم في عام 1987 اربع سنوات، اقتربوا من الثلاثين اليوم، ومن بينهم ظهر فنانون ومخرجون ارادوا تسجيل شهادتهم عن تلك المرحلة.

ناتاليا كودرياشوفا هي واحدة من ذلك الجيل، وعملها السينمائي الروائي «القادة الابطال» يتناول تأثير النظام التربوي الشمولي على الأطفال الروس بنهاية الثمانينات، على شخصياتهم وتكويناتهم السيكولوجية والفكرية.

حين أصبحوا شبابا، من خلال عرضها قصة 3 أصدقاء منذ الطفولة هم: اندريه وكاتيا واولغا، كانوا في طفولتهم يحلمون بأن تربط حول أعناقهم قماشة حمراء، تؤكد أنهم أصبحوا «قادة أبطال» يستطيعون خدمة أفكار لينين وبلادهم.

وفي غرف تبديل الملابس، كان الصغار يتحدثون عن «الجواسيس» الذين يستهدفون «اطفال الاتحاد السوفياتي» بالخطف والقتل، فيما معلموهم يمارسون قسوة شديدة عليهم داخل الصفوف، بطلبات قاسية، تخلو من التعاطف، في مدرسة تبدو وكأنها معسكر تدريب جنود.

في احد المشاهد القاسية تطلب المدرسة (لسبب ما!) من التلاميذ أن يجمع كل واحد منهم شيئا من فشلات معدته في علبة عيدان كبريت، فيما تقوم ممرضة المدرسة بجمعها بابتسامة عريضة، وتبكي.. من الخجل، وتسر لصديقتها أولغا:« هذا فظيع، هذا مخجل، لا استطيع القيام بذلك».

وفي مشهد آخر، تتهم مديرة المدرسة الطفل اندريه بـ«الخيانة العظمى» تجاه «الرفاق والعائلة والوطن» لرفضه غناء نشيد «روسيا العظيمة».

الأصدقاء الثلاثة

بين تقنية «الفلاش باك» وتصوير حياة الشخصيات في الحاضر تمضي أحداث الفيلم. فنجد أن الأصدقاء الثلاثة كبروا وباتوا شخصيات تعاني من آلام نفسية حادة، وتتخبط بين شعورها بالعجز والاحباط وعدم الامتلاء من الداخل، وتحاول الهروب طوال الوقت من تعاليم الماضي التي شكلتها بطريقة ما.

فأندريه أصبح صحافيا، لكنه ذو طبع حاد، وهو شاب فاشل في الحب، وعاجز ارضاء حبيبته، التي تتألم بأسى من قسوته وإهماله لها، والتي هي في حقيقة الأمر ضعف ورغبة بالهروب. انه حتى، وكما ظهر في احد مشاهد الفيلم، عاجز تماما عن أن ينقذ طفلا يغرق أمامه في مياه النهر.

أما أولغا، فقد أصبحت ممثلة، لكنها تعاني من اضطرابات نفسية وتشوش أفكار، لدرجة انها تدهش طبيبها النفسي، حين تخبره بأنها اختبرت لأول مرة مشاعر النشوة الجنسية عندما كانت في الرابعة، حين كانت تغلق عينيها وتفكر بأنها محاربة سوفياتية تقاتل الالمان وتضحي بحياتها من أجل بلادها. ولا تزال بعد كبرها غير قادرة على ممارسة الحب الصحي، وعالقة في صور الماضي.

وتأتي شهادة الطبيب صادمة ومباشرة:« ستظلين عالقة وعاجزة لأنك خاوية من الداخل»!

أما كاتيا فهي تبذل المستحيل ليبادلها حبيبها مشاعر الحب، ولكنها تبدو عاجزة عن اقناعه بأن يترك زوجته لصالحها، وهي، أثناء مرورها في ساحة عامة في موسكو، تموت في تفجير ارهابي، وها هي تفتح عينيها في مكان مقدس، لكي ترى صورتها أصبحت عملاقة بين صور الأطفال الأربعة الشهيرة، والتي كانت سلطات الاتحاد السوفياتي تنشرها للأطفال.

لكي يكونوا مثلها ويحتذون حذو «الأطفال القادة»! بعد موتها، يدخل اندريه الى دير ويتحول الى راهب هاربا من كل شيء، وتزوره أولغا لكي يتذكرا صديقتهما، فيما تمضي هي في شوارع موسكو التي يظهرها الفيلم خاوية، تماما كما هي أعماقها!

ماكيلين يتحول إلى شرلوك هولمز

يبدو أن الممثل البريطاني المخضرم ايان ماكيلين، قد وقع في غرام شخصية شرلوك هولمز التي تعد واحدة من أهم الشخصيات الانجليزية المحبوبة، ليسارع باقتناص فرصة العمل مع المخرج الأميركي بيل كوندون لأداء هذه الشخصية في فيلمه الجديد «مستر هولمز»، تاركاً بذلك شخصية الساحر جاندالف التي قدمها في سلسلة أفلام "لورد اوف ذا رينجز".

ماكيلين قال في مؤتمر صحافي عقده بعد عرض فيلمه في مهرجان برلين السينمائي: إنه من عظماء الانجليز ولم يعش قط.. إنه أمر مذهل.

البيان الإماراتية في

11.02.2015

 
 

التجديد والجرأة فى أفلام برلين السينمائى

بقلم: د.مصطفي فهمي

برلين: شهدت فعاليات النصف الأول من المهرجان تنافسا قويا بين المخرجين بأفلامهم فى جميع المسابقات الرسمية، فعلى مستوى المسابقة الرئيسية عرضت شاشة البرلينالة مجموعة من الأفلام اتسمت بالتباين ما بين التقليدية والإبداعية. 

لكن الفيلم الأمريكى فارس الكئوس للمخرج ترنسى ماليك، استطاع أن يستحوذ على أنظار وعقول المشاهدين فى صالة العرض لما قدمه من رؤية فلسفية تميزت بالعمق لحياة الإنسان، لكن ما يحسب للمخرج هو تقديمه هذه الرؤية فى إطار تجريبى يمكن للجمهور استيعابه من خلال اعتماده على تقطيع حياة الإنسان إلى اسكتشات، وكأنها فصول مسرحية فنجد الفيلم يقدم كل اسكتش بعنوان، استخدم ترنسى ومدير تصوير الفيلم تكنيك الكاميرا الحرة فى تصوير الكثير من أحداث الفيلم، والاعتماد على لقطات تبدو غريبة لكنها تعبر عن حياة البطل، لنجد ثمة تطابقا بين حوار البطل مع ذاته وهذه الكادرات، ما جعل الفيلم يستحق أن ينال تصفيق الجمهور فى صالة العرض التى كانت ممتلئة لدرجة ان كثيرين جلسوا على سلالم للمشاهدة. مزج المخرج بين التكنيك المسرحى فى الأداء التمثيلى خاصة الحركى، والإخراج، والديكور باعتماده على التجريدية، والتكنيك السينمائى الذى استخدمه بحرفية عالية لإبراز رؤيته التى اهتم بإظهار تفاصيلها، لنجد أنفسنا امام مخرج يملك ادواته جيدا سواء كانت مسرحية أو سينمائية. 

اختلف الحال فى المسابقات الأخرى خاصة مسابقة برلينالة للأفلام القصيرة، التى شهدت حضورا قويا لشباب المخرجين أكبرهم لم يتجاوز الخامسة والثلاثين وقدموا مجموعة متميزة من الأفلام التى تعبر عن رؤيتهم للواقع، وللأشياء حولهم. 

فمثلا المخرجة اليابانية موموكو سيتو قدمت فيلم الكوكب صورت من خلاله الحياة على الكوكب باعتمادها على التباين الشديد وقربها من الأشياء لإبراز تفاصيلها التى رأت المخرجة أنها مهمة فى توصيل رسالتها للمشاهد. وقد شهدت الأفلام القصيرة، وأفلام البانوراما حضورا جماهيريا أكثر من حضور المسابقة الرسمية الرئيسة مما جعل إدارة المهرجان تعتذر لكثير من الحضور عن عدم إمكان الدخول لعدم وجود أماكن. مما يعكس اهتمام الكثيرين بالحضور سواء كانوا صحفيين أو متابعين بالمسابقات الأخرى أكثر من أهتمامهم بالمسابقة الرسمية الرئيسية. 

من جانب آخر شهد المهرجان فى فعاليات سوق الفيلم حضوراً وتفاعلا قويا بين الموزعين والمنتجين ليكون حال السوق هذا العام مختلفا فالتجول داخل السوق وجدنا حالة من النشاط والكثير من الكيانات السينمائية فى حالة اجتماعات لتسويق أعمالهم. 

ولعل الحضور المصرى والعربى هذا العام من خلال مركز السينما العربية يمثل بداية قوية لوجود السينما المصرية والعربية من خلال هذا المركز الذى وجد كل الدعم من المهرجان ويعد أحد الأقسام المستحدثة به. اللافت للنظر فى هذا المركز هو قدرته على جذب موزعين أجانب وتعريفهم بالسينما المصرية والعربية من خلال الأفلام التى يسوق لها وهى. فيلم فتاة المصنع للمخرج محمد خان، وفيلم وردة إخراج هادى الباجورى، وفيلم هرج ومرج إخراج نادين خان، وفيلم الخروج للنهار، وفيلم اللى يحب ربنا يرفع إيده إخراج سلمى الترزى، والفيلم المصرى الإماراتى البحث عن الزيت والرمال إخراج وائل عمر وفيليب لا ديب، وأخيرا الفيلم الاردنى الإماراتى ذيب إخراج ناجى أبونوار. 

مازالت الفعاليات تقدم كل جديد لها فى الأيام القليلة المقبلة قبل أن يختتم المهرجان دورته مساء يوم الأحد المقبل، التى اتسمت بالتجديد والجرأة كما فى عرض أفلام تجريبية فى المسابقات الرسمية وهذا تقليد لم يكن موجودا فى هذه المسابقات، وأيضا فتح التعاون مع السينما العربية والمصرية، ليظهر اتجاه أنظار القائمين على المهرجان برئاسة دوتير كوسليك إلى منطقتنا العربية والتعرف على السينما بها. 

أفلام ومشاريع سينمائية مصرية فى منتدى برلين

بقلم: منى شديد

يشارك عدد من السينمائيين المصريين فى برنامج المنتدى الموسع ضمن أنشطة مهرجان برلين السينمائى الدولى فى دورته ال65 المقامة حاليا وتستمر حتى منتصف الشهر الجاري، وتتمثل المشاركة فى أفلام تعرض فى المنتدى او فى مشروع سينمائى بالتعاون مع دول اخري، ويهدف برنامج المنتدى الموسع منذ تأسيسه فى عام 2006، إلى تقديم أشكال متنوعة من الأفلام، والفيديو، والفن التركيبى وعروض الأداء، وتتمتع هذه الأعمال بمنظور نقدى وإحساس متزايد بالصورة السينمائية.

ويعرض للمخرج إسلام صفى الدين مساء غدأ الأربعاء فى المنتدى الفيلم القصير أكابيلا ويعد إسلام صفى الدين كاتب وسينمائى مصرى من مواليد عام 1976، خاض تجارب عديدة فى مجالات السينما، والتلفزيون والإعلام.بينما يشارك كل من ياسمينة متولى وفيليب رزق فى المنتدى بأكثر من فاعلية، وعرض من إخراجهما فيلم برة فى الشارع وتتناول أحداثه مجموعة من عمال ضاحية حلوان والحى ذو الأغلبية من الطبقة العاملة، حيث يشترك عشرة عمال فى ورشة تمثيل، وخلال البروفات يستحضرون قصص الظلم فى المصنع، والعنف من الشرطة، برة فى الشارع يدمج مشاهد ورشة العمل والعرض التمثيلى بناء على سيناريو وضعه المخرجان اعتمادا على بحثهم الإجتماعى عن أحوال العمال قبل ثورة 25 يناير، مع لقطات قام بتصويرها أحد العمال على هاتفه المحمول، كما تشارك ياسمينة وفيليب فى المنتدى بمشروع أخر بالصور والفيديو أرت عن العمليات المسلحة المرتبطة بالأحداث السياسية فى مصر منذ عام 2011، وبدا العمل معا تحت اسم انتفاضة الانتفاضة وبعدها انضما الى Mosireen وهو مشروع جمع فيديوهات أسسه مجموعة من صناع الأفلام والنشطاء بعد الثورة، ويعرض الجمعة المقبل للمخرج محمد شوقى حسن فيلم وعلى صعيد أخر وفيه نرى مشاهد من النافذة لشوارع نيويورك وشوارع القاهرة وفى الخلفية ضوضاء التوك شو والنشرات الإخبارية وتأثير هذا الإيقاع اليومى على حياة الإنسان.

كما يشارك سيماتك مركز الفيلم البديل بالقاهرة فى المنتدى كجزء من مشروع رؤية أرشيفية، بالتعاون مع عزمن المؤسسات السينمائية من ألمانيا والخرطوم وجوهانسبرج وغينيا، ويمثل المركز فى المنتدى هنا البياتى وياسمين دسوقى، والمشروع عبارة عن أبحاث تهدف لجمع صور وفيديوهات من الأفلام السينمائية تجيب عن سؤال حول علاقة الذاكرة السينمائية برصد مواجهات الاضطهاد وعمليات القمع الإجتماعى وكيف يمكن ان يساهم الأرشيف السينمائى فى الإجابة على الكثير من الأسئلة، ويشارك المخرج عمار البيك بفيلم من إنتاج مشترك بين مصر والإمارات تحت عنوان la Dolce Siria عن رحلة سيرك إيطالى الى سوريا التى تقع تحت القصف وتفاعل الأطفال مع هذا الحدث بطريقة مختلفة. 

الأهرام اليومي في

11.02.2015

 
 

عرض فيلم حول محاولة لاغتيال هتلر في مهرجان برلين

الألمانية

من المقرر عرض فيلم اليوم الخميس في مهرجان برلين تدور قصته حول كيف كان يمكن لرجل أن يغير مسار التاريخ باغتيال الزعيم النازي هتلر عام 1939. 

وتدور أحداث الفيلم " 13 دقيقة " للمخرج الألماني اوليفر هيرشبيجل حول قصة جورج السير، الذى زرع قنبلة وراء طاولة هلتر في قبو بميونيخ في الثامن من تشرين ثان/نوفمبر 1939 في محاولة لقتله. 

ولكن هتلر ، الذي كان في قمة قوته ، غادر القبو قبل 13 دقيقة من انفجار القنبلة، الذي أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص. 

ويأتي هذا الفيلم الذي يقوم ببطولته " كريستينا فريديل " ،حيث يؤدي شخصية السير ، بعد عشرة أعوام من عرض فيلم " داون فول " لهيرشبيجل الذي رشح لجائزة أوسكار ، وتدور قصته حول آخر عشرة أيام عاشها هتلر في غرفة محصنة تحت الأرض قبل نهاية الحرب العالمية الثانية. 

ويعد فيلم 13 دقيقة ، الفيلم السابع لهيرشبيجل منذ عرض فيلمه " داس إكسبيرمنت " عام 2011 الذي حاز على إعجاب النقاد.

بوابة الأهرام في

11.02.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)