كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

«مسابقة مهرجان برلين»..

بين الكلاسيكية والحداثة

«سينماتوغراف»: أحمد شوقي ـ برلين

مهرجان برلين السينمائي الدولي الخامس والستون

   
 
 
 
 

ثلاثة عشر فيلما تم عرضها حتى اﻻن من المسابقة الرسمية لمهرجان برلين الخامس والستين، تباينت حولها اﻵراء كالمعتاد بين معجب بفيلم وكاره له، وهذا في الحقيقية ما يمنح المهرجانات الكبيرة قيمتها، ويجعل إعلان جوائزها حدثا يستحق الترقب والتوقع.

وبعيدا عن التباين فى الرأي، عكست اختيارات المسابقة لهذا العام تباينا أوضح في الأسلوب بين مخرجي المسابقة، من البديهي أن تختلف أساليب المخرجين، لكن الغريب هو أن تجمع مسابقة واحدة بين طرفي نقيض الكلاسيكية والحداثة كما تفعل مسابقة برلينالي 65، وهو ما سنحاول رصده في التقرير التالي.

قائمة الكلاسيكيين

قائمة أصحاب الأسلوب الكلاسيكي تصدرتها اﻹسبانية إيزابيل كوشيت، مخرجة فيلم افتتاح المهرجان «ﻻ أحد يريد الليل»، والتي انتهجت في فيلمها سردا كلاسيكيا بحتا كان أبرز عيوب الفيلم، الذي يمكنك من الدقائق الأولى وتصاعد صوت الراوي العليم ليمهد للرحلة الخطرة التي تقوم بها البطلة، أن تتوقع مسار الدراما فيه. كل شيء «شرعي» تماما، اجتهاد في تصميم الإنتاج والتصوير والإخراج والتمثيل، لكنه اجتهاد مماثل لما كان من الممكن أن يتم في فيلم صنع في خمسينيات القرن الماضي، مع حساب فارق الزمن تقنيا بالطبع.

أبرز تعثر في الفخ الكلاسيكي كان للمخرج الألماني الكبير فيرنر هيرتزوج، الذي قدم في «ملكة الصحراء» فيلما أمريكيا على الطريقة العتيقة، من بطولة نيكول كيدمان وجيمس فرانكو، عن حكاية امرأة تدعى جيرترود بيل، يقال أنها ساهمت بدور كبير في تقسيم الجزيرة العربية خلال عشرينيات القرن الماضي، بسبب علاقتها الوثيقة بالمخابرات البريطانية وبشيوخ القبائل حتى لقبت بملكة الصحراء. وبغض النظر عن حقيقة لعبها لهذا الدور الهام من عدمها، فمشكلة الفيلم أكبر من مجرد الحقائق التاريخية، هذا فيلم مصنوع بطريقة أصبح حتى المخرجين التجاريين يحاولون الهروب منها.

الفيلم يبدأ بمشهد تقديمي لاجتماع سياسي عن مستقبل الصحراء الغربية، يحضره وينستوت تشرتشل الذي كان لا يزال شابا وعددا من قيادات بريطانيا في المنطقة، ويطرح اسم جيرترود بيل لتسند لها المهمة فيقوم أحد الحاضرين برفض الفكرة وسبها بشكل سيئ، لينتهي الفلاش فوروارد المعتاد، ونعود للماضي مفترضين أننا سندخل مباشرة للموضوع ونعرف إنجازها السياسي، ليترك المخرج كل هذا وينهمك لساعة كاملة في حكاية مستشرقة سخيفة، عن حضورها للشرق ووقوعها في حب سكرتير السفارة خفيف الظل وهما يقرآن أشعار عمر الخيام ويسمعان أصوات الآذان ويتنقلون في البادية الساحرة. علاقة انغمس فيها المخرج الذي يبدو أنه قد أصيب بهوس الشرق أو بالأحرى كليشيه الشرق.

كلاسيكية جيدة

إذا كان الفيلمين يمثلا تعثر النموذج الكلاسيكي، فهناك في المقابل فيلم ممتاز برغم قيامه على أساس كلاسيكي، هو «45 عاما» للبريطاني أندرو هاييه، الذي تبدو عناصره وشكله السردي أقرب للفيلم التلفزيوني منه للسينما المعاصرة: حياة مستقرة لزوجين يستعدان للاحتفال بعيد زواجهما رقم 45، يصل للزوج رسالة بالعثور على جثة حبيبته القديمة التي تركها ثم تزوج، لتنكشف سلسلة من حقائق الماضي تجعل كلا الزوجين يعيد تقييم كل ما مضى من سنوات حياته.

الحكاية كما هو واضح دراما بحتة، تم تنفيذها بميزانية محدودة، لكن لأن هناك مخرج يجيد استخدام أدواته، فكان الارتكان على السيناريو والتمثيل والإيقاع المحكم هو ما جعل الفيلم حتى هذه اللحظة هو الفيلم الحاصل على أعلى تقييم من نقاد مجلة «سكرين»، وهذا أمر يؤكد أن النموذج الكلاسيكي لا يعني أبدا صناعة فيلم خارج الزمن، ولا الميزانية المحدودة بالطبع، فهذا أقل الأفلام ذات البناء التقليدي ميزانية وأسماء نجوم، لكنه أفضلهم في المستوى بلا منازع.

فيلم آخر كلاسيكي هو «كما لو كنّا نحلم» للألماني أندريس دريسن، بسرد ملحمي يمر بعدة مراحل في حياة خمسة من الأصدقاء يعيشون مراهقتهم وشبابهم بعد شهور من سقوط سور برلين وانتهاء عزلة الشق الشرقي من ألمانيا، بعد أن قضوا طفولتهم وهو بمثابة الطلاب المثاليين للمجتمع الشيوعي الملتزم، فوجدوا النموذج بأكمله ينهار، وتنهار معه أحلامهم لينخرطوا في عالم الليل والمخدرات والعنف. يقوم السرد في الفيلم على التقاطع بين الحاضر الملحمي مع مشاهد فلاش باك من الطفولة، بناء روائي معتاد أسفر عن فيلم جيد في بعض أجزاء، متثاقل في أجزاء أخرى.

النقيض.. فيرونكا شيبر وتاكسي بناهي

على الطرف الثاني من المعادلة يقف الفيلم الألماني الآخر بالمسابقة «فيكتوريا» للمخرج سباستيان شيبر، الذي قرر أن يصور فيلمه الذي تبلغ مدته ساعتين وربع، في لقطة واحدة طويلة جدا، فيها فيكتوريا مع الشباب الأربعة التي تعرفت عليهم داخل عالم الليل في مدينة برلين، بين النوادي الليلية وجراجات السيارات التي تحاك فيها الجرائم، حكاية مثيرة وموترة للأعصاب، سواء في مضمونها أو بناءها السردي، أو بالطبع في مخاطرتها الإنتاجية، التي أكد المخرج في المؤتمر الصحفي أنها تمت بدون أي شكل من أشكال التلاعب.

«كنت لن أصدق نفسي وسأشعر بالفشل إذا ما لجأت لحيلة لأصل لقطتين بشكل غير ملحوظ، كان التحدي أن يتم التصوير في لقطة واحدة حقيقية، وقد نجحنا فيه». هذا فيلم ذو حس تجريبي واضح، فحتى لو كان الفيلم/ اللقطة قد صار موضة متكررة آخرها الفيلم الرائع «بيردمان»، فإن مدى صعوبة وتعقد الحركة واتساع موقع الأحداث يبلغ في الفيلم الألماني حدا غير مسبوق.

أما الإيراني المحاصر جعفر بناهي، فقام في فيلمه الثالث بعد صدور الحكم القضائي ضده بعدم مغادرة البلاد وعدم صناعة الأفلام بتجربة جديدة للتلاعب على قرار المنع، بأن صنع فيلم يقوم على قيادته لسيارة تاكسي يركب فيها عدد من الركاب يشكلون حكاية عن المجتمع الإيراني المعاصر، على أن يتم تصوير هذه المواقف بكاميرات صغيرة مختفية في السيارة. هذا حس تجريبي واضح بالطبع، لكن مشكلته أن السيناريو الذي كتبه بناهي لم يأت بنفس ذكاء الفكرة، فافتقد للرابط الموضوعي الحقيقي، وأصبح الفيلم وكأنه أربعة حلقات من برنامج عن مغامرات بناهي سائق التاكسي.

فيلم كلاسيكي الشكل حداثي البناء

أغرب فيلم في قائمة الأفلام الحداثية هو «مذكرات مديرة منزل» للفرنسي المخضرم بينوا جاكو، عن رواية أوكتاف ميربو التي عولجت سينمائيا مرتين من قبل بواسطة المخرجين جان رينوار (1946) ولوي بونويل (1964)، ليعود جاكو ويعيد تقديمها بعد نصف قرن من المعالجة الأخيرة.

فيلم يدور في بداية القرن العشرين، فملابس وديكورات وطريقة حديث المرحلة، أمر يعطي تصور مبدئي بالكلاسيكية، لكن الاختيار الذكي الذي قام به المخرج كان سرد الفيلم بشكل غير خطي non-linear، ينتقل فيه بحرية بين عدة مستويات زمنية لحياة الخادمة سيلستين (تجسدها ببراعة ليا سايدو التي تسير بخطى واثقة لتكون أهم ممثلة فرنسية حاليا)، فنراها في منزل ثم تنتقل لمنزل آخر ثم نعود للمنزل الأول ثم تنتقل لثالث، وهكذا، يرسم المخرج صورة نفسية واجتماعية لفتاة وعالم كامل يحيط بها، دون أن يشعر المشاهد للحظة بالقفزات الزمنية، فالانتقال السلس والمناسب للشحنة العاطفية هو كلمة السر في هذا الفيلم الذي يختلف كثيرا عن التوقعات.

أفلام أخرى تمتلك بناء معاصرا لا يميل للماضي أو للتجريب، وأخرى لا تشبه كل مما سبق كفيلمي تيريتس ماليك «ملك الكؤوس» وباتريسيو جوزمان «زر اللؤلؤة»، اللذان يصعب أن يوصفا إلا بأنهما أفلام تنتمي لمدرسة صنّاعهما. ومن شكل لشكل وأسلوب لآخر، تستمر مسابقة البرلينالي الحافلة لهذا العام، في تقديم وجبات سينمائية متنوعة، ننتظر مشاهدة ستة منها قبل إعلان جوائز الدب الذهبي مساء 14 فبراير.

سينماتوغراف في

11.02.2015

 
 

«إيزنشتاين في جوانخواتو».. قنبلة جرينواي تنفجر في برلين!

«سينماتوغراف»: أحمد شوقي ـ برلين

في ليلة الاحتفال بعيد الثورة البلشفية، وخلال تواجده في المكسيك، يحتفل المخرج الأسطوري سيرجي إيزنشتاين بفقدان عذرية مؤخرته مع مُساعده، ليرشق الأخير علم الاتحاد السوفيتي الأحمر في موضع انتصاره، مقدما أغرب وأجرأ نهاية فيلم شهدها مهرجان برلين الخامس والستين.

الفيلم هو «إيزنشتاين في جوانخواتو ـ Eisenstein in Guanajuato»، جديد البريطاني المخضرم بيتر جرينواي، لكن من إنتاج هولندي مكسيكي فنلندي بلجيكي مشترك، في مفارقة تشبه أحداثه التي تروي رحلة أسطورة السينما الروسية ومؤسس فن المونتاج السينمائي سيرجي إيزنشتاين إلى المكسيك عام 1931، من أجل تصوير فيلم بعنوان «كي فيفا مكسيكو» لم يخرج أبدا للنور.

سبب عدم تنفيذ الفيلم في معالجة جرينواي هو أن إيزنشتاين لم يهتم كثيرا بصناعة الفيلم، قدر اهتمامه بالانبهار بالمكسيك، وبالتعايش مع هواجسه الجنسية وميله غير المُجرّب للرجال، وعلى رأسهم مساعده المكسيكي، الذي يبدي إعجابه به من اللحظة الأولى، لكنه يكتمها بينه وبين نفسه، محدثا عضوه الذكري ـ الذي يظهر على الشاشة لربع زمن الفيلم تقريبا ـ مخبرا إياه أن يلتزم الصمت، لأن هدف وجوده هو أن تتحول حيرته ـ أي العضو ـ إلى أفكار في عقل المخرج ينقلها للشاشة!

جنون في كل شيء

العبارة السابقة خفيفة الظل، ذكية وحاذقة تكاد تمهد مبكرا جدا لفكرة الفيلم الأساسية: علاقة الهواجس الجنسية بالعبقرية الإبداعية، وكيف يمكن للصراع الجنسي أن يكون محفزا للإبداع. علاقة اختار جرينواي أن يقدم أكثر أشكالها تطرفا في فيلمه الجنوني. هذا عمل مجنون في كل شيء، في جرأته المذهلة التي جعلت بعض المحافظين يغادرون السينما غضبا ـ حتى في برلين ـ إن لم يكن بسبب المحتوى الجنسي فبسبب إهانة رمز كإيزنشتاين. عمل مجنون في رسمه للشخصيات ومواقع التصوير والديكورات، مجنون في طريقة تنفيذه التي اختار جرينواي أن يمارس فيها كل نزقه ومراهقته التي لم يعشها قديما، لكنها مراهقة لا تفتقد للإحكام والوعي بكل اختيار على حدة.

إليك نماذج للألاعيب المستخدمة في الفيلم: صورة تتحول من الأبيض والأسود للألوان أو العكس، صورة تقسم رأسيا لثلاثة أجزاء يتكرر في كل منها جملة رد الفعل بشكل متتال، كاميرا تعبر حائط الغرفة لتدخل نفس الغرفة مجددا بعد مرور وقت من الحوار لمرات عديدة، صور حقيقة لشخصيات تظهر على جوانب الشاشة بمجرد ذكر اسم الشخصية في الحوار، كاميرا تدور على شاريوه بشكل دائري حول ممثلين يتحدثون لدقيقتين أو أكثر بلا أي قطع مونتاجي. هذه مجرد نماذج وليست حصرا.. باختصار، جرينواي أخذ الجنون لأبعد مدى في كل عناصر الفيلم الذي يصعب أن يسقط من الذاكرة.

عبقري يكتشف العالم ونفسه

نعود لقصة إيزنشتاين كما يرويها الفيلم، الرجل الذي وصل المكسيك قادما من دولة متزمتة سياسيا وأخلاقيا، تعد المثلية الجنسية فيها جريمة كفيلة بإلقاء صاحبها في معتقل سيبيريا المخيف، فما بالك إذا ما كان المتهم هو شخص بحجم نبي السينما؟ فانبهار إيزنشتاين بالحياة في المكسيك ليس فقط نابعا من تجربة دولة جديدة ذات ثقافة مختلفة وفرص أكثر للحرية (ليس أكثر بكثير في ظل الوجود الهزلي لثلاثة حراس يراقبونه بشكل مستمر)، ولكنه نابع بالأساس من تجربة اكتشاف العالم عبر اكتشاف الذات.

إيزنشتاين وصل المكسيك وهو في عمر الثالثة والثلاثين، سن يؤكد أنها لحظة مناسبة ليعرف الإنسان أنه لم يعد شابا ويمكن أن يكتشف في نفسه مالا يعرفه عنها، وهو واقع صحيح إلى حد كبير، غير أن إيزنشتاين كان يعرف يقينا حقيقه ميوله الجنسية، هو فقط لم يمتلك الجرأة (داخليا قبل سماح ظروف المجتمع) لأن يترك لها العنان، حتى اكسبته التجربة المكسيكية أخيرا النضج الكاف لصناعة أهم فيلم في حياته، أو للدقة لصناعة النسخة الأصلية من فيلم عن حياته نفسها.

قد ترى أن محتوى المقال صادم، لكن صدقني أن ما فيه لا يتجاوز كسر عشري مما يحمله الفيلم نفسه من جرأة صادمة. فإذا كنت من المحافظين الكلاسيكيين الذين يرون فيلما كهذا يدعو للانحلال، أو كنت من المحافظين المعتدّلين الذين يرفضون تصوير مخرج كبير بهذه الصورة، فلا تحاول أن تشاهد الفيلم لأن صدمتك ستكون كبيرة، مهما حاولت إعداد نفسك لمقابلتها

فيديو المؤتمر الصحفي ببرلين لفيلم جيمس فرانكو الجديد

برلين ـ «سينماتوغراف»

ظهر النجم العالمى جيمس فرانكو بإطلالته الأنيقة خلال حضوره العرض الأول لفيلمه «كل شيء سيكون على ما يرام  ـ Every Thing Will Be Fine» مع المخرج وبقية طاقم العمل، خلال عرضه ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائى الدولى لعام 2015 بالعاصمة الألمانية برلين.

وتدور قصة الفيلم حول « كاتب يدعى توماس صدم طفلا صغيرا بسيارته عن طريق الخطأ أثناء مروره بالقرب منه مما تسبب فى مقتله، حيث كان هذا اليوم عاصفا ومليئا بالغيوم والثلوج، ويحاول توماس تعويض والدته ما حدث ويجعلها تنسى هذه الحادثة بشتى الطرق».

الفيلم من بطولة عدد كبير من النجوم منهم «جيمس فرانكو و راشيل ماك أدمز وشارلوت جينسبورج»، ومن إخراج «ويم ويندرز».

 وبعد انتهاء الفيلم، حضر جميس فرانكو البالغ من عمره 36 عاما وعدد من النجوم المشاركين فى العمل مؤتمرا صحفيا، وأبدى خلاله إعجابه بمدينة برلين قائلا «إننى من عشاق العاصمة برلين، وأعتبرها مصدرا للإلهام، والمناخ هنا يشجع على القيام بالأعمال الفنية المختلفة»، وتبث «سينماتوغراف» مشاهد فيديو  سريعة من هذا المؤتمر الصحفي.

سينماتوغراف في

12.02.2015

 
 

"خمسون ظلاً لغراي": ضربة على القفا في عيد الحبّ!

المصدر: "النهار" - هوفيك حبشيان ــ برلين

الصالة التي احتضنت "خمسون ظلاً لغراي" في عرضه الصحافي الـ"برلينالي" الأول انفجرت ضحكاً مراراً طوال ما يقارب كل فترة العرض. فهذا الشريط الخفيف بدا مُقحَماً إقحاماً بليداً في برنامج ينطوي على أفلام هائلة جاءت بها ادارة مهرجان برلين السينمائي (5 - 15 الجاري) الى المدينة الباردة. مقارنةً بالروعة الايروبورنوغرافية، "نمفومنياك"، للمخرج الدانماركي لارس فون ترير التي عُرضت هنا العام الماضي، بدا هذا الاقتباس الركيك لرواية باعت منها كاتبتها اريكا ميتشل 100 مليون نسخة حول العالم (بعد ترجمتها الى 50 لغة)، أقرب الى "والت ديزني للكبار"، منه الى سينما تستفز الذوق العام وتعطل الصواب الاخلاقي وترسم صورة اخرى متعددة البعد للطبيعة الجنسية. حاول المهرجان إشعال فتيل الفضيحة المنظمة، لكن الخطة كانت فاشلة، اذا ان الفيلم نفسه لا يحلق عالياً في طرحه، وخصوصاً في تلك المشاهد الساخنة التي من المفترض ان تظهر علاقة سادومازوشية بين الجنسين. مَشاهد يراهن عليها الفيلم، ولكن سرعان ما يتبين انها فراغٌ بفراغ.

الدول الأوروبية لم تتعامل مع الفيلم بطريقة موحدة: بريطانيا منعته لمَن هم دون الـ18. في أسوج، سُمح لمن هم فوق الـ15 بمشاهدته. في فرنسا، سخر رئيس التصنيف العمري في المركز الوطني للسينما من الفيلم قائلاً انه لا يرى فيه سوى مخلّفات "الأدب الرومنطيقي التافه"، فصنّفه لمَن هم فوق الـ12. في لبنان حيث يُعرض الفيلم حالياً، رفعت الرقابة سقف التصنيف الى مستوى غير مسبوق، فأجازته للذين في الـ21 وما فوق. لا تعليق!

"خمسون ظلاً لغراي"، هو أفلمة الجزء الأول من الثلاثية. الاخراج للبريطانية سام تايلور جونسون. توقيت خروجه الى الصالات في هذا الاسبوع تحديداً، ليس مصادفة. هناك دائماً فيلم حبّ مبرمج للرابع عشر من شباط، يوم الـ"فالانتاين" (عيد الحبّ). بيد ان هذا النصّ الذي تتوافر فيه العناصر الصادمة والمستفزة ــ على الأقل في نسخته الأدبية ــ، ليس سوى قصة حبّ واعجاب مُطّعَم ببعض التوابل، يتوجه به صنّاع الفيلم الى المراهقين ومَن لا يزال يمتلك روحهم. انه فعلاً الجنس في عيون الثقافة الـ"مينستريمية" المنتشرة، ومنطقها، ومفهومها، حيث كلّ شيء يذهب حتى منتصف الطريق ويتراجع، حيث الخطة مفصّلة كي يبقى الجنس في اطار اللطافة و"المقبول" اجتماعياً، حيث حركة الكاميرا مدروسة ومحسوبة كي لا تظهر ولو مرة واحدة شعيرات العانة أو طرف العضو الذكري. لا تفاصيل اخراحية او درامية، ولا روح، بل كلّ شيء مصمم بميكانيكية لافتة. هناك استحالة، والحال هذه، لجعل الفيلم ايروسياً، حسّياً، مثيراً، فيتيشياً. هنا، الجنس المبرمج خاضع لسلطة التسويق والمال والانتشار واستقامة القول والفعل. كلّ شيء معطوف على فكرة: نعطيكم طرف الخيط والباقي عليكم. بيد ان الفيلم هنا لا يطلق العنان للمخيلة، من شدة تسطيحه للأشياء. النتيجة: شريط محافظ يسعى الى ادانة الألاعيب الجنسية، مُظهراً الشاب المهووس بها ضحية أمّ تدمن مخدرات، وامتداداً للتربية التي تلقاها منها.

يبدأ الفيلم عندما تُجري الفتاة الطالبة اناشتازيا (داكوتا جونسون) مقابلة صحافية لمطبوعة الجامعة مع كريستيان غراي (جايمي دورنان)، صاحب شركة ضخمة. غراي مليونير شاب من سياتل يقفز من هليكوبتر الى طائرة، ولا نراه يقود السيارة نفسها مرتين. أمير عازب يعجب بغموضه العازبات اللواتي لا يجدن سبيلاً اليه. عندما تتطور العلاقة بين اناشتازيا وكريستيان، يعرض الأخير عليها ان تخضع له ولفانتاسماته الجنسية. هي فتاة بسيطة توّاقة للحبّ، وهو رجل بارد، يفرض شروط العلاقة. لديه طريقته الخاصة في النطق: كلماته شحيحة، وفي معظم الوقت يحكي كي يقول ما ليس مفيداً في سياق الحوار. كلّ شيء يلمع في الفيلم: الأزياء، طلاء السيارات، الوجوه. أرض المنازل الفخمة التي تجوبها الكاميرا، لا غبار عليها. حدّ اننا نخال أنفسنا في دعاية لإحدى ماركات العطر الفرنسية. لا غبار في أيّ مكان، وكأن الناس يعيشون في فقاعة لا يدخل اليها الأوكسيجين. هذا يقوّي الجانب الاصطناعي للفيلم، فلا نصدّق مثلاً في أيّ لحظة من اللحظات ان هذا الرجل يعمل. وكم مضحكٌ المشهد الذي يجري فيه استدعاؤه لحلّ مشكلة معينة في الشغل، فنراه يتحدث في الهاتف المحمول بشيء من الغضب متظاهراً بأنه في ورطة!

الحكاية في ذاتها، أكبر مستوعب للكليشيهات. كأنها اختزال او تجميع دقيق وممل لها. بطلة الفيلم شبه عذراء ناعمة رقيقة لا تختلف عن أي فتاة أميركية من الطبقة الكادحة. بيد انها تسلّم أمرها (وأشياء أخرى) لجهة يُمكن اعتبارها رمزاً للذكورية والاغراء: جسد رياضي مرسوم، تعجرف، سلطة. العلة انه لا مسوغات نفسية لسلوكها. انها ظل شخصية وليست شخصية كاملة. اذا كانت بياض الثلج (بلانش نيج) تكتفي بقبلة من الأمير كي تستفيق من نومها العميق وترحل معه، فلا شيء يهز مشاعر اناشتازيا هنا ويغريها سوى الـ"ماك بوك برو" والسيارة الرياضية الحمراء والمنزل المطل. تُبارك هذا كله بضربة على المؤخرة. هيّا ايتها النسويات... الى العمل!

النهار اللبنانية في

12.02.2015

 
 

تحفة تسجيلية عن الكون والمياه وأكبر حرب إبادة للبشر فى التاريخ

بقلم: سمير فريد

لاشك أن هناك فروقاً كبيرة بين فيلم يعتمد على شخصيات خيالية يتم «تمثيلها» أو ما نطلق عليه روائيا، وآخر ليس فيه «تمثيل» أو ما نطلق عليه تسجيليا. ولكن كلمة تسجيلى أصبحت تحد من قيمة بعض الأفلام التى تصنف تحت هذا الجنس من أجناس فن السينما، ويبدو أن المستقبل سوف يقتصر على كلمة فيلم فقط فى تصنيف الأفلام عن أعمال الفنون الأخرى.

الفيلم الفرنسى «قاع اللؤلؤ» إخراج باترشيو جوزمان، والذى عرض فى مسابقة مهرجان برلين كفيلم تسجيلى يؤكد ما نذهب إليه. بعد لحظات قليلة من بدء الفيلم (٨٢ دقيقة) ينسى المتلقى الجنس السينمائى ويتفاعل مع العمل، كما يتفاعل مع مسرحية أو لوحة أو كتاب أو تمثال أو عمل موسيقى. يفكر ويتأمل ويتعلم ويستمتع بجمال الإبداع الفنى والمعرفة.

هذا هو الفيلم التسجيلى السابع لمخرجه الشيلى الذى هاجر من بلاده بعد انقلاب بينوشيه عام ١٩٧٣ ضد حكومة الليندى الاشتراكية وعاش فى كوبا وإسبانيا واستقر فى فرنسا، وكل أفلامه طويلة، ويعتبر من كبار مخرجى الأفلام التسجيلية فى العالم، وأكثر وأعمق من عبر عن تاريخ شيلى المعاصر، منذ فيلمه الأول «معركة شيلى» ١٩٧٥، «وقضية بينوشيه» ٢٠٠١، و«سالفادور الليندى» ٢٠٠٤، وحتى أحدث أفلامه.

الأفلام الخمسة الأولى، من أفلام جوزمان السبعة التى أخرجها فى ٤٠ سنة سياسية بامتياز، وبعد مشاهدة فيلميه «حنين إلى الضوء» ٢٠١٠، ثم «قاع اللؤلؤ» ٢٠١٥ يبدو بوضوح أنه دخل مرحلة جديدة يتجاوز فيها الفيلم السياسى بمفهومه التقليدى، أو بالأحرى يربط بين السياسة وطبيعة الكون. والطبيعة البشرية، أو بتعبير سارتر «أدب الظروف الكبيرة» الذى يجمع بين التاريخى والميتافيزيقى. وإذا كان «حنين إلى الضوء» عن الصحراء من خلال صحراء شيلى، فإن «قاع اللؤلؤ» عن الماء من خلال حدود شيلى المائية الأطول من نوعها فى العالم كله.

البداية عن نقطة مياه بقيت داخل لؤلؤة عمرها أكثر من ٣ آلاف سنة، وكما فى «حنين إلى الضوء» يتحدث جوزمان على شريط الصوت، يقدم المعلومات ويشرح ويحلل ويتأمل بصوت خفيض متعادل. ويمكن القول بأن هذا المدخل عن الماء تعبير دقيق عن آية «وجعلنا من الماء كل شىء حى» فى القرآن الكريم.

وفى القسم الثانى من الفيلم، إذا جاز أن نعتبره قسماً، يعبر الفنان عن إبادة السكان الأصليين فى شيلى، أى الذين كانوا يعيشون فى هذه البلاد قبل اكتشاف أوروبا لها منذ خمسة قرون ويزيد، وفى القسم الثالث يصل إلى حرب إبادة بينوشيه لأنصار الليندى فى عصرنا. ولابد هنا أن نذكر أن مهرجان برلين فى عهد مديره المثقف الكبير ديتر كوسليك هو أول مهرجان سينمائى ينظم برنامجاً خاصاً عن الأفلام التى تتناول السكان الأصليين، وتضمنت مسابقة هذا العام أحد هذه الأفلام «إيكسكانو» إخراج جارو بوستمانت من جواتيمالا.

وفى هذا القسم الثانى وثائق من الصور النادرة عن أكبر حرب إبادة للبشر فى التاريخ، وهى حرب إبادة السكان الأصليين فيما أطلقت عليه أوروبا «العالم الجديد» وأزالت حتى اسم المكان الأصلى، وسمته أمريكا نسبة إلى الجغرافى الإيطالى أميرجو الذى وضع أول خريطة لأمريكا الشمالية والجنوبية والوسطى. إننا نشاهد صوراً لمن عرفوا فى التاريخ بـ«صائدى الهنود»، أى الذين يصطادون البشر كما الحيوانات فى الغابات.. وتسمية الهنود ترجع إلى أن كولومبوس عندما قام برحلته الشهيرة لـ«الاكتشاف» كان يريد الوصول إلى الهند بحراً، وتصور أنه وصل إليها بالفعل!

ويصل الفيلم إلى ذروته بالحوار مع ثلاثة من الذين تبقوا من السكان الأصليين فى شيلى، والذين لم يعد عددهم يتجاوز العشرين فرداً. وأهم هذه الحوارات مع امرأة فى السبعين ويزيد، يسألها جوزمان من وراء الكاميرا عن ترجمة بعض الكلمات الإسبانية فى لغتهم الأصلية، ومن المعروف أنه طالما هناك لغة فهناك ثقافة كاملة.

واللافت أنه لا يوجد معادل لكلمتين فقط، وهما الله والبوليس، وهذا لا يعنى بالطبع أنهم من دون دين أو معتقد، أو أنهم كانوا يعيشون من دون ضمان الأمن على نحو ما.

وفى القسم الثالث يصل الفيلم إلى مذابح ديكتاتورية بينوشيه التى استمرت ١٦ سنة، ويربط بينها وبين إبادة السكان الأصليين، ومن هذه المذابح إلقاء أكثر من ألف شخص من الطائرات فى قلب المحيط مع ربط كل منهم بقطعة طويلة من الحديد، حتى لا يطفو الجثمان ويستقر فى أعماق الماء. ويوضح الفيلم ما كان يحدث فى مجسم صناعى لإنسان، وتحت الماء يصور قطع الحديد ويستخرج ما عثر عليه منها لنرى أن ما بقى «زراير» ملابس الضحايا، وأحد هذه الأزرار موضوع ملصق الفيلم. إنه فيلم عن الإنسان فى أسفل سافلين، ولكنه لا يحتقر الإنسان، وإنما يدعوه لمحاولة العودة إلى أصله، حيث خُلق فى أحسن تكوين.

المصري اليوم في

12.02.2015

 
 

«بره فى الشارع».. مصر تتحدث عن نفسها قبل الثورة

طارق الشناوي

أطلّت مصر فى مهرجان «برلين» بفيلم «بره فى الشارع»، وذلك قبل أيام قليلة من اقتراب كلمة النهاية، حيث ينهى المهرجان أيامه السبت القادم بإعلان النتائج لدورته رقم 65، كان ممثلنا الشرعى والوحيد هو الفيلم التسجيلى الطويل، وهو أيضا التجربة الأولى لمخرجيه ياسمينة متولى وفيليب رزق، إذ يقلب الفيلم فى صفحات مصر قبل الثورة، أحداث الفيلم التسجيلى لا تقدّم لنا الثورة، ولكن على مدى 72 دقيقة زمن الفيلم نتابع الدوافع التى حركت الشارع تجاه الثورة والتى باتت حتمية فى 25 يناير يوم الاحتفال بعيد الشرطة فيطيح الشعب بهم وبالرئيس.

تسلط الشرطة وفسادها وخوف العمال على مستقبلهم، فهم مهددون بضياع لقمة العيش، ومن هنا جاء العنوان بره فى الشارع .

الفيلم التسجيلى يعيد صياغة ما قبل أحداث الثورة بأسلوب درامى، إذ تتقمص الشخصيات من العمال أدوارهم مجددا ليستعيدوا ما حدث، وفى هذه الحالة تتلبسهم حالة التمثيل من خلال الورشة، وهو أسلوب شاهدته فى عدد من الأفلام، إذ إنه يستخدم أيضا فى العلاج النفسى لتفريغ العقد النفسية التى يعانى منها قطاع وافر من الناس، والمطلوب هو إفراغ شحنة الغضب بديلا عن كبتها الذى يؤدى مع الزمن إلى الانفجار، والبوح هو بمثابة نزع فتيل الانفجار، فتخرج بعيدا ويستعيدون بعدها توازنهم النفسى. أتذكر مثلا أن المخرجة اللبنانية زينة دكاش كثيرا ما قدمت فى أفلامها هذا القالب، وآخرها حكايات شهر زاد الذى حصل على عديد من الجوائز، بينها مهرجان القاهرة، إذ كانت السجينات هن أبطال الحدث الذى جاء معبرا عن أسباب السجن، حتى القاتلات أنت تتعاطف معهن، وهنا تبدو الدراما فى واحدة من أهم مهامها كوسيلة للعلاج النفسى وكأن الإنسان يولد بعدها من جديد.

رأيناها فى عدد من الأفلام المصرية مثلا عمرو سلامة فى فيلمه أسماء ، ومحمد دياب فى 678 . فى تلك المساحة أنت لا تتناول حدثا عابرا بقدر ما ترى ما يجرى أمامك، ومن خلال طبقات متعددة ترى الدنيا بعيون هؤلاء وكأنهم عيونك، وفى العادة نصل إلى مرحلة التطهير الكاثرسيس مع لحظة ذرف الدموع فى التراجيديا كما قال أرسطو، إحدى وسائل وأهداف المسرح إفراغ الشحنة، هذه المرة نراها عبر الشريط السينمائى، يفرزها العمال ضد رجال الشرطة الفاسدين وأصحاب المصانع الذين يتحكمون فى لقمة العيش.

على سطح أحد المنازل يتم إقامة الورشة، وبستائر بيضاء تحيط المكان تبدأ البروفات، وبالطبع حصل العمال على مقابل مادى لاستعادة تلك الأحداث، الصورة الذهنية لدى الناس عن فن التمثيل عادة هو تمثيل التمثيل، وهكذا يصبح رهان صُناع العمل الفنى فى مثل هذه التجارب هو كيف يتمكن الممثل الهاوى من استعادة اللحظة، كما أن التعامل التقنى أيضا فى أثناء التنفيذ مع الحدث يؤدى إلى شىء من التباعد، لأن مثلا الإضاءة والحركة داخل اللقطة وعلاقة العمال فى ورشة التدريب بكل تلك التفاصيل تُخرج الممثل غير المحترف عن الاندماج وتحيله مجددا إلى المربع رقم واحد، وهو أن عليه أن يمثل كما يعتقد هو أنه التمثيل. لدينا تجارب أكثر نجاحا على المستوى الجمالى فى التكوين، وهو ما افتقدته بنسبة ما فى فيلمنا الذى بقدر ما يحمل بكارة التجربة الأولى يحمل أيضا أخطاءها. التفاصيل الجمالية فى الفيلم التسجيلى بالمناسبة لا تعنى الخروج عن الواقع، ولكن توصيل الواقع أيضا بواقعية. أحداث الفيلم تبدأ بلقطات على المحمول صوّرها أحد العمال بضاحية حلوان بالقاهرة فى أثناء تهديدهم بالتشريد توفيرا للنفقات. ما يعيشونه يتجسد فى خطرين داهمين، الأول هو أن الشرطة بين قوسين -قبل الثورة- لأن هذا زمن الفيلم، تقبض عشوائيا على المواطنين وتمارس نوعا من السادية على كل من تعثر عليه، بل وتحصل على أموال مقابل أن تسمح لهم بالعودة إلى منازلهم دون أن يرتكبوا أى ذنب يستحق كل هذا العقاب القاسى، وقدم هذا الفريق المساومات التى يفعلونها والأموال التى يصرون على الحصول عليها بإجبار المواطن على الدفع وإلا سوف يلفق له اتهاما يُدخله السجن، الخطر الثانى الذى يهدد العمال هو أصحاب الشركات التابعة للدولة والتهديد الدائم بتسريحهم، كما أن التوجه إلى الخصخصة يؤرقهم لأنه يهددهم فى قوت يومهم، وهكذا كانوا يقفون دائما على الحافة فى المواجهة، فصارت الثورة بالنسبة إليهم ضرورة وحتمية وأملا فى العبور إلى الشاطئ الآخر. الفيلم فى علاقته بالشرطة، وتلك نقطة محورية تبدو هى الأساس، يقف فيها أيضا على الحافة.

ويبقى السؤال عن استعادة الحدث: هل استطاع المخرجان الحفاظ على تلقائية من يؤدى الدور وهم ليسوا محترفين؟ الحقيقة هى أنهم فى تلك النقطة الأساسية لم يتمكنا من الحفاظ على التدفق الوجدانى ولا المادى، كان هناك قدر من الافتعال يغلف الأداء الذى يصل إلى مشارف الافتعال، وهو بالتأكيد ما يتناقض مع جدوى وأهمية ونقاء هذا القالب، لأن الرسالة تصل فى هذه الحالة إلى المشاهد مشوهة، وبالطبع تباينت الدرجات فى الأداء ولكن ظلت المشكلة يعانى منها الجميع.

هل نحن كمشاهدين عندما نشاهد الأعمال التى تتناول ثورة يناير أو تقترب من تلك المرحلة الزمنية نتماهى معها بنفس الشغف القديم؟ هل شعارات مثل الشعب يريد إسقاط النظام و يسقط مبارك لها نفس السحر؟ هل الكلمات التى ارتبطت بالثورة مثل سأدفن على أرضها و الله الموفق والمستعان وغيرها من الكلمات التى صارت أقرب للكليشيه مرتبطة بأى عمل فنى عن الثورة تؤتى لدى الناس ثمارها، أم تغيرت الدلالات؟ ظل المخرجان يحاولان من خلال أبطالهما استعادة الفترة الزمنية، هذا القالب غير المألوف هو استعادة الحدث من خلال أشخاص غير محترفين، حتى لو لم تتحقق النتيجة المرجوة تماما على الشاشة وخفت صوت الإحساس الجمالى، وهو بالمناسبة لا يتناقض مع الصدق فى التناول ولكنها معايير تقنية، كان من الممكن بقدر أكبر من الاهتمام تحقيقها ببساطة. وبالطبع أنا أدرك حرصهما على القليل منها حتى لا تجرح طبيعية الأبطال فى التعامل أمام الكاميرا، ولكن ببعض التدريب كان من الممكن تحقيق ذلك، ولكن علينا أن نرى الجانب الإيجابى للصورة، وهو أن لدينا مخرجين وشركة سينمائية وليدة استطاعوا أن يحضروا فى قسم رسمى وهو منتدى فى المهرجان السينمائى العريق.

ويبقى السؤال عن موقف الرقابة وهل تسمح الآن بالعرض فى مصر؟ معلوماتى أن الفيلم وافقت الرقابة فقط على السيناريو الذى تضمن الخطوط العريضة ولم يدخل إلى التفاصيل كعادة الفيلم التسجيلى، إذ تفرض اللحظة على صناعة كثير من المشاهد، الرقابة لم تشاهده حتى الآن ولكنه من خارج الحدود ذهب ليلحق بالمهرجان، إذ تم إعداد النسخة، والمعروف أن الأعمال الفنية التى تشارك فى المهرجانات من الناحية النظرية والقانونية يجب أن تحظى أولا بموافقة الرقابة، وهو واحد من القواعد الرقابية التى ينبغى العمل على إسقاطها، حدث مثلا أن يوسف شاهين فى فيلمين شاركا مهرجان كان تعرض للهجوم وهما القاهرة منورة بأهلها 1991 و المصير 1997، وهو فى الحقيقة ما لا يجوز الآن.

كان من الممكن انتقاد الشرطة كما حدث فى فيلمى حين ميسرة و هى فوضى فى زمن العادلى، بينما بعض المتزمتين يريدون أن يرفعوا شعار ممنوع الاقتراب والتصوير !!

التحرير المصرية في

12.02.2015

 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي (6): نيكول كيدمان لـ«الشرق الأوسط»: احترمت الحياة التي عشتها في الصحراء

تعلمت من البدو حبهم للحرية وكبرياءهم وطرق حياتهم الرصينة

برلين: محمد رُضا

نيكول كيدمان أحبّت أولا فكرة الخروج من هوليوود، ولو أنها ليست المرّة الأولى.

هي واحدة من أكثر الممثلات تسللا إلى عرين المخرجين الأوروبيين في أوروبا، أو العمل مع مخرجين أميركيين أو غير أميركيين في أي مكان في العالم بشرط أن يحملوا للفيلم ما يحيد به عن مسار الفيلم الهوليوودي التقليدي.

هي عملت مع ابنة بلدها، الأسترالية جين كامبيون في «صورة سيدة» سنة 1996 ثم انتقلت إلى عرين المخرج ستانلي كوبريك في آخر أعماله «عينان مغلقتان باتساع» (1997) ثم ولت وجهها شطر أستراليا ثانية لتقوم ببطولة «مولان روج» لباز لورمان (2001) وأتبعته بفيلم للإسباني أليخاندرو أمنبار بعنوان «الآخرون» (في العام ذاته). هذا قبل أن تؤدي دورا رئيسيا في فيلم لارس فون ترايير بعنوان «دوغفيل» (2003).

هذا المنوال من الأعمال تقاطع مع أفلامها الأميركية العادية لكنه لم يتوقف بل شهد في العام الماضي قيامها بتصوير فيلمين أوروبيين هما «غريس موناكو» و«ملكة الصحراء».

إذا كان «غريس موناكو» الذي حققه الفرنسي أوليفييه داهان لم ينجز لها ما طمحت له حين وافقت على لعب دور أميرة موناكو، غريس كيلي، فإن «ملكة الصحراء» حقق لها ذلك الطموح. لا بأس إذا ما تفاوتت هنا في مهرجان برلين الآراء حوله، فهذا طبيعي. ما هو مؤكد أن الفيلم، ممهورا باسم مخرجه فرنر هرتزوغ سيعيش طويلا خلال هذا العام منتقلا من عاصمة إلى أخرى، وربما بقي تحت الأضواء إلى حين يزدحم موسم الجوائز المقبل (في نهاية العام ومطلع العام المقبل) بالأفلام الساعية للجوائز المهمّة.

الآن هي في استراحة ربع ساعة قبل أن تصعد غرفتها استعدادا للسفر. هل تكون الاستراحة فرصة مناسبة لإلقاء بعض الأسئلة عليها حيال دورها في الفيلم الجديد؟

* قراءة

* هل صحيح أن «ملكة الصحراء» كان ما تبحثين عنه للخروج من التصوير في استوديوهات الكومبيوتر غرافيكس؟

- تماما. كان ما أبحث عنه لكني أعتقد أنني محظوظة في الوقت الحالي لأنني مثلت أكثر من فيلم أوروبي في العامين الماضيين. «ملكة الصحراء» صورناه قبل نحو سنة في المغرب والأردن، لكن تحضيره أخذ معظم العام الأسبق. تبادلت وفرنر الرسائل الإلكترونية من حوله حتى بينما كنت في تصوير «غريس موناكو». كنت أعلم أنه سيكون فيلمي التالي.

* لكن لماذا تتوقين للتمثيل في الأفلام الأوروبية؟ ما الذي يمنحك إياه الفيلم الأوروبي ما لا يستطيع الفيلم الأميركي توفيره لك؟

- هما مختلفان كثيرا. أنا بحاجة إليهما معا. أحب التمثيل في أفلام هوليوود إذا ما كان الفيلم قادرا على الاستحواذ على اهتمامي وإذا رأيته، من وجهة نظر عملية، يستحق الإقدام عليه. لكن ما أحبّـه في السينما الأوروبية يختلف. أحب أن أمثل مع مخرجين كبار وفرنر من بينهم. لقد سعدت كثيرا بتحقيق هذا الفيلم.

* هل قرأت الكثير عن غرترود بل؟ عرفت أنها «لورنس العرب الأنثى».

- كان لا بد أن أقرأ ما هو متوفّر حولها وهناك الكثير مما كُتب عنها. لكني بدأت بالسيناريو. أتاح لي أن أعرف ما الذي أريد أن أقرأه تحديدا حولها. كيف لي أن أتواصل معها على نحو شخصي. كان يهمني هذا التواصل لأن واحدا من شروط اختياري للأدوار أن أجد نفسي في الشخصية المسندة إلي سواء أكانت حقيقية أو خيالية. علي أن أقتنع بها وأن أعرفها على نحو شامل. سابقا كان الدور هو كل شيء. اليوم، ومنذ سنوات، الأمر تغير. أنا باحثة عن الشخصية التي أحب أن أقدّمها لأنها تستحق التقديم.

* هذا كان ثاني أسباب رغبتك في تمثيل هذا الفيلم بعد فرنر هرتزوغ؟

- لا أعتقد أنني أستطيع الفصل بينهما. السيناريو كان جيّدا وكاتبه هو المخرج ورغبتي كانت مشبعة بالحماس لتمثيل هذا الدور. أعتقد أنه واحد من أهم الأدوار التي مثلتها في حياتي. لكن هناك سبب آخر إذا كنت تريد عد الأسباب. أحببت فكرة أنني سأصوّر فيلما في الصحراء. صوّرت في كل مكان لكن ليس في الصحراء العربية.

* كل هذه الجوانب لعبت دورا في قيامك بهذا الدور إذن؟

- بالتأكيد. إنها باقة كاملة.

* بعض النقاد هنا أصرّوا على القول إنك أكبر سنّا من شخصية غرترود بل عندما قامت بأسفارها العربية… هل شعرت بالانزعاج لذلك؟

- الحقيقة لم أقرأ أي شيء من هذا القبيل، لكني سمعت من نقل إلى هذه الشكوى. لو كان هذا الأمر ضروريا لكان الأحرى إعادة النظر إلى مئات الأفلام التي لعب فيها ممثلون أدوارا يختلفون فيها عن الشخصية التي قاموا بها. هناك أفلام عن أشخاص يختلفون عن الممثلين في الحجم أو في اللون أو في السلوك أو في العمر. هذا لا أعتقد أنه أمر مهم على الإطلاق. نحن لم نقدّم غرترود عجوزا حتى نغيّر في أي وضع. ولا أراه أمرا مهما على الإطلاق لأن الفيلم ليس عن ذلك الجانب مطلقا.

ضغوط عمل

* أعلم أنك تقابلين صحافيين أجانب طوال الوقت في هوليوود وخارجها، ونحن تقابلنا أكثر من مرّة من قبل. لكن هل سألك أحدهم عن رأيك في مكان التصوير لفيلم من أفلامك؟

- كثيرون. الإسبان سألوني عن إسبانيا. الفرنسيون سألوني عن مونت كارلو و...

* (مقاطعا) وأنا سأسألك إذن عن التصوير في المغرب والأردن. كيف وجدت الثقافة البدوية والإسلامية عن كثب؟

- هناك ذلك المشهد الذي أقول فيه لأحد المسؤولين في الحكومة البريطانية في القاهرة إنني تعلمت من البدو حبهم للحرية وكبرياءهم وطرق حياتهم الرصينة. هذه العبارة هي ما أستطيع أن أجيب بها عن سؤالك. هناك أشياء ستبقى خافية علينا نحن الغربيين إلى أن نزور الثقافات الأخرى حتى التي تبدو لنا غريبة. على العكس، كلما بدت غريبة أو غير مألوفة لنا كلما كان ذلك سببا للتعرّف عليها عن قرب. احترمت الحياة التي عشتها هناك. تعاملت معها قدر الإمكان بالطريقة ذاتها التي رأيت الناس حولي يتعاملون معها. سعدت بالتعرف عليها عن قرب واحترمت ما يقومون به. طبعا مكان التصوير يحتوي على عدد كبير من الغرباء، لكني أظن أن معظمنا كان مشدوها للمكان ولروحانياته كما للطف والسعادة التي استقبلنا بهما.

* سؤالي الأخير هو عن تلك الاختيارات التي تقومين بها. مرة أخرى أجد نفسي معجبا برغبتك في التصوير في أفلام بعيدة عن هوليوود، ليس لأن هوليوود بالضرورة تطلق أفلاما غير جيدة، هذا غير صحيح، لكن من حيث أن السفر لأماكن بعيدة هو ضغط عمل على الأقل.

- صحيح. كان سيكون ضغط عمل علي لو لم يسمح لي المخرج باصطحاب أولادي. كنت أخشى أن تكون الفترة قصيرة جدا بحيث لا يتسنى لي الاستمتاع بالمكان والعيش فيه، لكن (المخرج) سألني أول ما تحدثت معه إذا ما كنت مستعدة لأن أعيش أشهرا متواصلة في الصحراء. قلت نعم من دون تردد لكني سألت إذا ما كنت أستطيع جلب أولادي ووافق. أعتقد أنه رأى الضرورة في ذلك.

* قرأت في مكان ما أن صقرا كاد أن يهاجمك..

- نعم لكنه لم يصبني بأذى. كنت بعيدة عنه وكان المدرّب ممسكا به. لكني لست عاتبة عليه. ربما لا يحب أفلامي (تضحك).

* كيدمان 2015

* نيكول كيدمان منشغلة بتمثيل 3 أفلام هذا العام، واحدا تلو الآخر. هي في اقتباس أميركي من الفيلم الأرجنتيني الفائز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي «السر في أعينهم»، وبعده هي في «أسد» الذي يتم تصويره في أستراليا، والثالث يجمعها مع كولين فيرث ولورا ليني في «عبقري».

شاشة الناقد

فيم فندرز على خفيف

(2*)Every Thing Will Be Fine

فيم فندرز، مخرج «كل شيء سيكون على ما يرام»، يصعد درجتين ويتراجع درجة. هو أحد الأسماء الكبرى في سماء السينما الألمانية والأوروبية، ولديه بلا ريب الكثير من الأفلام الجيدة والملهمة، من بينها «بعيد عن قرب» و«الصديق الأميركي» و«باريس.. تكساس»، لكن هذا الفيلم الجديد ليس من بينها.

إنه حول شاب روائي (جيمس فرانكو) نتعرف عليه نائما في خيمة بمنطقة ثلجية نفهم أنها بعيدة عن المدينة. يصحو ثم يركب سيارته ويتحدث مع صديقته سارا (راتشل ماكأدامز) في اللحظة التي ينزلق فيها طفل تحت سيارته فوق ذلك الطريق الضيق الممتد في العراء. لا نراه، لكننا نرى شقيقه، وهو طفل أيضا، واقفا أمام السيارة مذهولا. الروائي توماس يعتقد أن الطفل الواقف هو من اعتقد أنه صدمه ويصطحبه إلى بيته القائم في القرية القريبة. فقط عندما تسأل الأم (شارلوت غينسبورغ) عن الابن الآخر يدرك أن ذاك لا يزال تحت السيارة!

علينا أن نصبر على تغييب تلك التفصيلة بعض الوقت قبل أن ندرك أن المخرج لم يرد إظهار تفاصيل الحادثة لكي يثير تساؤلاتنا. هذه حيلة طائشة تنجح في المدى القصير ثم تكبّل سير الفيلم بعد ذلك. سننتقل عبر فترات زمنية. هنا يمر عامان، هناك تمر 4 أعوام، ثم 4 أعوام أخرى، وخلال ذلك نجد الكاتب قد ترك صديقته ثم ترك صديقة أخرى والتزم بامرأة متزوّجة ولديها ابنة، لكن شبح الحادثة يسبح فوقه طوال تلك السنين حتى من بعد أن تواصل مع الأم المنكوبة التي بدا أنها تغلبت على مصابها أكثر مما تغلب هو على آثار الحادثة.

تمضي الحكاية بلا أي حيوية أو نشاط، تماما مثل بطلها الذي لا تعرف على محياه معنى للألم الدفين الذي يدور الفيلم حوله، ولا تدرك متى استطاع التغلب على تلك الذكرى، كما يقترح الفيلم، ولا تشهد ملامحه أي انفعال قد يشي بأن هناك شعورا فعليا حيال هذه الدراما المفترض بها أن تتحدث عن المشاعر الداخلية أساسا. في مكان ما من الفيلم تقول الممثلة شارلوت غينسبورغ لجيمس فرانكو بأن عليهما محاول الإيمان بأن هناك معنى لما يحدث، وربما كانت تتحدث عن الفيلم في تلك اللحظة وليس عن الحادثة التي دهس فيها فرانكو ابنها.

فندرز يقترب هنا من حدود سينما المخرج الكندي أتوم إيغويان (والتصوير تم في كندا فعلا) لكن من دون لمعات إيغويان في «ديسبورا» أو «حيث تكمن الحقيقة». وهو يوظف الموسيقار ألكسندر دسبلات ليضع موسيقى تشبه تلك التي استخدمها برنارد هرمان في «فرتيغو» لألفرد هيتشكوك. في الحقيقة تشتم رائحة أعمال هيتشكوك هنا من دون روعتها.

وفي الوقت الذي كان فيه تصوير فندرز لفيلمه التسجيلي «بينا» بالأبعاد الثلاثة يحمل إضافة ما على بعض الأفلام التي استخدمت هذا النظام، فإنه لا يوجد أي أثر فني حققه «كل شيء سيكون على ما يرام» باعتماده الأبعاد الثلاثة. كل ما يتألف منه المشهد الواحد (ثم كل المشاهد متتابعة) بالأبعاد الثلاثة كان يمكن تحقيقه بنسيج السينما العادية، وسبق تحقيقه بذلك النسيج بنتائج أفضل مئات المرات.

لا تشويق يذكر هنا بعد ربع الساعة الأولى ولو أن الفيلم يبقى مثيرا للمتابعة على نحو عام. هذا فندرز على خفيف.. السينمائي المهم حين يعتقد أنه يستطيع تحقيق فيلم جيد إذا ما غير لونه.

TOP-10

إسفنجة تمتص المال

الفيلم القابع على رأس الهرم هذا الأسبوع هو أنيميشن جديد بعنوان «سبوناج بوب: إسفنجة خارج الماء» وهو يحتل المركز بدلا من «قناص أميركي» الذي يهبط درجة واحدة إلى الوراء. فيلمان جديدان آخران في القائمة هما «ابن سابع» و«هبوط جوبيتور» لكن احتمال نجاحهما في التقدم معدوم، خصوصا مع البدء بعرض «خمسون ظلالا من غراي».

* الأفلام

1 (3*)(-) The Sponge Bob Movie 2 (Animation): $55,641,990 

2 (4*)(1) American Sniper (War): $24، 265,885 

3 (3*)(-) Jupiter Ascending (Sci - Fi): $19,131,203 

4 (2*)(-) Seventh Son (Fantasia): $7.274,600 

5 (3*)(3) Paddington (Comedy): $5,670,902 

6 (1*)(2) Project Almanac (Adventure): $5,303,888 

7 (2*)(7) The Imitation Game (Spy): $4,844,364 

8 (1*)(6) The Wedding Ringer (Comedy): $4,720,006 

9 (2*)(4) Black or White (Drama): $4,208,511 

10 (1*)(5) The Boy Next Door (Thriller): $3,805,292

سنوات السينما: 1947

الماضي الداكن

في أفضل أفلام جاك تورنور «من خارج الماضي» Out of the Past يؤدي روبرت ميتشوم دور القاتل المحترف المنسحب إلى هدوء واستقرار في بلدة صغيرة، لكن الأمس يزوره من جديد عندما يدّعي شريكه السابق كيرك دوغلاس بأنه غفر له الوقوع في حب المرأة التي أحب ويطلب منه القيام بمهمة أخيرة من دون أن يخفي عواقب ذلك إن رفض. لكن الأمس يتكرر اليوم أيضا وكما في أفضل الأفلام البوليسية الداكنة (المعروفة بـ«فيلم نوار»).. تلعب المرأة دورا كبيرا في الصراع وفي الخداع.

لم يكن الفيلم الوحيد من هذا النوع، وسنتعرف على بضعة أفلام أخرى في الحلقة المقبلة.

المشهد

موهبة نشطة وبلا أثر

«هل صحيح أن جيمس فرانكو أكثر ممثل أميركي ظهورا على الشاشة؟ عدد أفلامه أكثر من عدد أفلام أي ممثل آخر في التاريخ؟».

سألني أحد الزملاء بعد مشاهدته فيلم «كل شيء سيكون على ما يرام» الذي يضطلع جيمس فرانكو ببطولته. أجبت على الفور بأن عدد أفلام فرانكو ممثلا فقط، بين أعمال قصيرة يؤديها بكرم حاتمي لمن يطلبه وبين أدواره في أفلام كبيرة، يقترب من المائة، في حين أن سامويل ل. جاكسون أنجز نحو 165 فيلما في حياته. أما حين يأتي الأمر إلى التاريخ، فإن الأفلام التي مثلها جون واين - مثلا - تبلغ 187 فيلما، وهناك آخرون كثيرون تجاوز كل منهم المائة والخمسين فيلما طويلا قام بتمثيلها.

لكن فرانكو في الحقيقة لا يهدأ، وهنا على شاشة مهرجان برلين لديه فيلمان وربما ثلاثة. وفي عام 2013 ظهر في 7 أفلام، بالإضافة إلى فيلمين قصيرين، وصور فيلما، وأنتج 3، وكتب سيناريو أحد الأفلام التي مثلها وأخرجه، كما أخرج فيلمين آخرين أيضا. سنة 2014 قام بتحقيق 3 أفلام قام بتمثيلها، ومثل من إخراج سواه، ومثل في 4، ووجد الوقت لينتج واحدا، ويظهر في فيلمين قصيرين.

مع مطلع هذا العام هو الموظف في السفارة البريطانية في طهران في «ملكة الصحراء»، والكاتب الذي صدم طفلا بسيارته في فيلم فيم فندرز «كل شيء سيكون على ما يرام»، ولم نر بعد 4 أفلام أخرى كونها في مراحل مختلفة في التصوير أو بعده.

نعم بالتأكيد هو نشط، لكنه هل هو جيّد؟ أعتقد أن فيلم «ملكة الصحراء» للألماني فرنر هرزوغ استفاد من غيابه؛ إذ مات (من دون أن نرى موته) بعد نحو ثلث ساعة من ظهوره. أما في فيلم الألماني الآخر فندرز «كل شيء سيكون..» فإن فرانكو بدا جيدا لبعض الوقت ثم متكررا وبلا تطور تعبيري لباقي الفيلم.

إلى الآن لم أشاهد له دورا صبغ الفيلم بحضوره أو موهبته على نحو شديد. دائما هناك من هو أفضل منه في الدور الذي يؤديه، بينما لا يمكن مثلا التفكير بممثل آخر سوى ليوناردو ديكابريو في «جزيرة مغلقة» Shutter Island أو ماثيو ماكونوفي في «دالاس بايرز كلوب» أو جون كوزاك في «الغراب».

طبعًا كل واحد من هؤلاء كان يمكن استبداله، لكن الثمن هو فيلم آخر، لأن الممثل يمنح الفيلم بصمة أولى ذات غموض. مثلا، لا يمكن تصور «كازابلانكا» من دون همفري بوغارت، أو «غاندي» من دون بن غينغسلي. لا يعني ذلك أن لا أحد يستطيع تمثيل الدور ذاته، لكنه وإلى حد سيكون فيلما مختلفا.

الشرق الأوسط في

12.02.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)