ملفات خاصة

 
 

صفحات

<<<

02

01

>>>

سابق

 
 
 
     
ملف «سينماتوغراف» عن «فاتن حمامة»

 

المشاركون في الملف:

 

 

ناصر عراق- طارق الشناوي - محمد حمودة - انتصار دردير - كمال رمزي - يحيي الفخراني - هشام سليم - مجدي الطيب - محمود درويش - حسن حداد - أسامة عسل

 

سينماتوغراف في يناير 18, 2015

 

عن رحيل سيدة الشاشة العربية

 
 
   
 
 
 
 
 
 
 

يحيي الفخراني لـ"سينماتوغراف":

فاتن حمامة أستاذة في مدرسة الفن الجميل العفوي

خاص ـ "سينماتوغراف"

على "أرض الأحلام" تحول الحلم إلى واقع بالنسبة للفنان "يحيى الفخراني" والذي كان يتمنى أن يجمعه عمل بسيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة"، وتحققت الأمنية على يد المخرج "داود عبد السيد" في فيلم "أرض الأحلام" عام 1993، وهو نفس الفيلم الذي كان آخر لقاء لفاتن مع الشاشة الذهبية.

21 عاما أو يزيد مرت على لقائه الفني بسيدة الشاشة العربية من خلال "أرض الأحلام".. وعن ذلك يقول الفخرانى: كم كنت فخورا ـ ومازلت ـ بهذا التعاون مع فنانة بحجم "فاتن حمامة".. فحقا هي فنانة تعرف كيف ترتقي بمهنة التمثيل وتدرك جيدا كيف تحافظ على بقائها على القمة خاصة وأنها حلم الشاشة السينمائية المصرية.

يعود الفخرانى بذاكرته إلى الوراء، ويقول: فيلم "أرض الأحلام" كان قد كتب خصيصا من أجل "فاتن حمامة" والتي قامت هي بنفسها لترشيحي للقيام بدور البطولة أمامها وهو الأمر الذي اتفق عليه الجميع في العمل.

اكتشفت من خلال تعاملي معها العديد من الأسرار في شخصيتها، فوجدتها تحمل ثقافة وإصرارا شديدا منها على خروج جميع ما بداخلها في العمل حيث كانت تهتم بكل التفاصيل حتى لو كانت صغيرة .. فضلا عن ذلك فقد كانت تؤدى دورها في العمل بحب شديد، كما كانت أكثر حرصا على أن يجمعنا جو مليء بالحب والود داخل كواليس العمل ومن خلال أيضا جلسات العمل التحضيرية أثناء التصوير.

ويواصل الفخرانى حديثه عن سيدة الشاشة العربية: كنت أشعر أثناء وقوفها أمام الكاميرا وكأن هناك لغة حوارية بينها وبين الكاميرا ومن خلال رؤيتي هذه لها شعرت بعشق شديد للكاميرا ولا أبالغ إذا قلت أنها فنانة من نوع خاص.. فنانة تحمل عبق الماضي وتسعى للتجديد دائما..

كان "أرض الأحلام" ومازال مرحلة مختلفة في حياتي الفنية فهو عمل جمعني بنجمة تعد أستاذة في مدرسة حقيقية لدراسة الفن الجميل العفوي والذي يعتمد على الإحساس العالي والبساطة وأن تغلف شخصيتها برقتها وبموهبتها القوية.

وعن الفيلم يقول الفخرانى: إن "أرض الأحلام" يطوف بالأحلام والواقع ويعد رحلة للبحث عن الذات داخل الشخصية التي قدمتها الفنانة "فاتن حمامة" وليست مجرد رحلة للبحث عن جواز السفر الذي فقدته خلال أحداث العمل التي تدور حول شخصية "نرجس" التي تستسلم لضغط ابنها للسفر إليه والهجرة إلى أمريكا لتعيش معه وتترك حياتها وذاتها ولكنها تفقد جواز سفرها ثم تقوم بالبحث عنه في الأماكن التي ذهبت إليها إلى أن تلتقي بالساحر والذي أقوم بتجسيد شخصيته وهنا يحدث صدام بينها وبين الواقع والأحلام.

الفيلم نفسه، والكلام للفخرانى، يعد تجربة فنية رائعة تحمل معاني رقيقة وواقعية خاصة وأن مخرج الفيلم "داود عبد السيد" كان له أسلوب خاص في تقديم العمل، فهو معروف باهتمامه بالشخصيات أكثر من اهتمامه بالقضية المطروحة مقتنعا بأن القضية تبرز عندما تتألق الشخصية وتعبر عن أحلامها وطموحاتها وهو الأمر الذي كانت سباقة إليه الفنانة "فاتن حمامة" لدرجة أنني وجدت نفسي أثناء التصوير بين تركيبتين كل منهما يحاول تقديم العمل بتلقائية عرفها الجميع وعهدها في فاتن حمامة التي تجسد أدوارها من منطلق التلقائية الشديدة والهدوء.

وبعيدا عن المبالغة أو المغالاة – فسأظل أفخر بكوني تعاونت وتعاملت مع "فاتن حمامة" والتي ستبقى أعمالها تعيش في ذاكرة الجميع وتعد من أهم كلاسيكيات السينما المصرية..

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

هشام سليم لـ "سينماتوغراف":

تعلمت من فاتن حمامة أخلاقيات المهنة

خاص ـ "سينماتوغراف"

على حد تعبيره هي "أسطورة فنية ونجمة من طراز خاص تعرف كيف تجعل من أي عمل ثروة فنية، ما يجعلها مرجع لأي نجمة شابة تبحث عن النجاح الحقيقي أو نجم شاب.. فهي مدرسة أخرجت العديد من المواهب الفنية وقدمتهم للساحة وشاءت الأقدار أن أكون واحدا منهم بل كنت من المحظوظين في التعامل معها، ولم لا وهى واحدة من أهم نجمات الزمن الجميل وسيدة الشاشة العربية بلا منازع"..

هكذا وصف الفنان هشام سليم سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وأضاف: مثلما كنت أعتبرها أما لي في الحقيقة قدمتني للشاشة السينمائية كابن لها وتحملت مراهقتي في فيلم "إمبراطورية ميم" حتى وصلت معها لـ "أرض الأحلام" والذي كانت محطته مختلفة بالنسبة لي أيضا في تاريخ السينمائي.

إن علاقتي بـ "فاتن حمامة" لم تتوقف عند العمل فقط ولكن كانت لها أبعاد إنسانية وعلاقات أسرية من خلال الصداقة القوية التي جمعت بين أسرتي و"فاتن حمامة"، حيث كانت سيدة الشاشة العربية صديقة مقربة لأسرتي ووالدتي وكذلك جدتي والدة لاعب الكرة الشهير "صالح سليم" وأتذكر أنهم كانوا يتبادلون الزيارات وقد بدأت هذه العلاقة وقويت بعدما قدم والدي "صالح سليم" فيلم "الباب المفتوح" مع "فاتن حمامة" فقد ساهم هذا العمل في وجود صداقة قوية جمعت بين الأسرتين.

يواصل هشام: لا أبالغ إذا قلت أن الفنانة "فاتن حمامة" أم لي وهو ما بدا واضحا على الشاشة السينمائية، فلم أشعر يوما في تعاملي معها بأي غربة وإنما كأنني بين أحضان والدتي حقا وهو ما قد لاحظه الكثير من المشاهدين في فيلم "إمبراطورية ميم".

هشام لم يكن يفكر في التمثيل وإنما جاء هذا من باب المصادفة ولكنه يقول: لا أنكر أنه كانت لي في مرحلة الصغر اهتمامات فنية وكنت شغوفا بمتابعة الفن ولكن لم أتخيل دخولي التمثيل وبالصدفة البحتة عملت مع "فاتن حمامة"، والتي كانت تيمة الحظ لي.

في ذلك الوقت كنت في مرحلة عمرية لا تتجاوز 15 عاما، أي فترة المراهقة وتصادف أن تقوم آنذاك سيدة الشاشة العربية بالتحضير لفيلمها الجديدة "إمبراطورية ميم".. والذي كانت تقدم من خلاله دور سيدة متزوجة ونظرا لأن الزوج كان وحيدا فكان يتمنى إنجاب أطفال كثيرة حتى يكون إمبراطورية ويرحل ويتركها في الحياة ومعها ستة أبناء تكون بمثابة الأم والأب لهم، وبينما تبحث أسرة الفيلم وعلى رأسهم المخرج حسين كمال عن أولاد يشاركون في الفيلم رشحتني "فاتن حمامة" وقتها للمخرج "حسين كمال" لأداء دور ابنها وهو دور ابن في سن المراهقة تثير تصرفاته حفيظة والدته وبالفعل أديت الدور وكان بداية عشقي للفن فقد كان هذا العمل بمثابة حلم جميل عشت فيه حيث عشقت الشخصية التي قدمتها وشعرت أن بها جزءا يشبهني.

وبالتأكيد ما أتذكره في كواليس هذا العمل أن فاتن حمامة كانت أما ليست لي أنا وحدي ولكن للجميع، والى جانب ذلك وجدتها فنانة تهتم بكل تفاصيل العمل وكانت دائما ما تقوم بإرشادنا ومساعدتنا، لذلك أعتبر نفسي حقا من المحظوظين بأن كانت بدايتي وأول تجاربي في التمثيل مع "فاتن حمامة".

وأقول إن فاتن حمامة كانت السبب الأول في حبي للتمثيل، احتوتني بخبراتها الفنية واكتسبت منها الكثير فتعلمت منها التمثيل واكتسبت منها كثيرا من أخلاقيات المهنة والالتزام بالمواعيد وأن يكون الحب والموهبة هما أساس أي عمل، فرغم صغر سني ورغم أن تواجدي في العمل دون إرادة حقيقية مني إلا أنني احترفت بعده التمثيل وساهم " إمبراطورية ميم" بشكل أو بآخر في صقل موهبتي.

يواصل هشام: لم يجمعني بالفنانة فاتن حمامة فيلم "إمبراطورية ميم" فقط وإنما قدمت معها أيضا فيلم "أرض الأحلام" في مرحلة الشباب وأديت أيضا دور الابن، ورغم طول الفترة بين العملين " إمبراطورية ميم" و" ارض الأحلام" فإنني وجدت سيدة الشاشة العربية خلال العملين أسطورة فنية ونجمة تحمل مواصفات خاصة.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

فاتن حمامة والمهرجانات السينمائية

خاص ـ "سينماتوغراف"

من الطبيعي، أن يكون مشوار فاتن حمامة الفني حافلاً بالمهرجانات والجوائز السينمائية، فرحلتها مع المهرجانات الدولية قديمة، قدم المهرجانات نفسها، ففي عام 1949 عرض فيلمها "ست البيت" في مهرجان كان الدولي، ومن ثم توالت عروض أفلامها في هذا المهرجان "ابن النيل"، "لك يوم ياظالم"، "صراع في الوادي"، "الليلة الأخيرة"، والفيلم الأخير حضرت معه المهرجان، ثم فيلم "الحرام"، وهو آخر أفلامها التي عرضت في مهرجان "كان". وعندما اشتركت بفيلمها "الباب المفتوح" في مهرجان جاكرتا حصلت على جائزة عن أدائها فيه. وأيضا عندما شاركت بفيلم "إمبراطورية ميم" في مهرجان موسكو، حصلت على جائزة خاصة عن دورها في الفيلم، من "إتحاد النساء السوفيت".

وفي مسابقة أفضل فيلم أجنبي، وصلت بفيلمها "دعاء الكروان" إلى التصفية النهائية في "مسابقة الأوسكار الدولية"، وأرسلت لجنة الأوسكار شهادة تقدير لوصول هذا الفيلم إلى هذه المرحلة.

وعندما عرض فيلم "أريد حلاً" في مهرجان طهران الدولي عام 1974، حصلت فاتن حمامة على دبلوم شرف عن دورها في هذا الفيلم، تقديراً لأدائها الصادق الذي جسدت فيه مشاكل المرأة الحقيقية، وقد اختيرت فاتن كعضو لجنة تحكيم في مهرجانات "برلين" و"موسكو" و"مونبلييه"، وغيرها من المهرجانات الدولية.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

«الست فاتن» التي يعرفها البواب وسايس الجراج والخادمة والمكوجي

كانت متواضعة ولم تكن أبدا مثل هوانم حي الزمالك المتنمرات

خاص ـ «سينماتوغراف»

يعرف كثيرون أنها سيدة المشاعر، شهرزاد الهاربة من كتاب ألف ليلة وليلة لتحكي قصص الحب، الملاك البريء الذي سكن قلوب كل عشاق الفن السابع، سيدة القصر وسيدة كل المشاعر النبيلة، التي يفيض وجهها بنهر الحب، صوت الكروان ووجه القمر، ابنة النيل وسفيرة الرومانسية.

هذه هي فاتن حمامة التي يعرفها الجميع، أما فاتن الأخرى التي لا يعرفها إلا البواب، المكوجي، السفرجي، السائق، بائع الصحف، الجيران، فبالتأكيد لا يعرفها إلا هؤلاء أنفسهم، التقتهم «سينماتوغراف» في منطقة الزمالك التي عاشت فيها سنوات طويلة، وفتشت في عقولهم وقلوبهم عن فاتن حمامة التي لا يعرفها أحد، وكانت التفاصيل التالية:

فمنذ أن تغادر كوبري الوصلة الأولى من كوبري 15 مايو التي تاخذك من كوبري أكتوبر المكتظ دوما بآلاف السيارات التي لا تنقطع أبوابها المزعجة، إلى حي الزمالك حتى تكتشف أنك انتقلت من النقيض إلى نقيضه تماما، فالهدوء يغلف كل شيء في تلك البقعة الخضراء التي تتبع محافظة القاهرة وتفصلها عن الجيزة، وتبدو ملامح الأرستقراطية كلما توغلت في شارع «الجبلاية» وصولا إلى «السفارة»، والسفارة التي نقصدها هنا ليست ممثلية دبلوماسية لدولة كما عشرات السفارات المنتشرة في هذا الحي، إنما هي سفارة من نوع خاص، تعرف بعمارة «ليبون».

وعمارة «ليبون» كانت «سفارة» أهل الفن في حي الزمالك، ففي طابقها التاسع كانت تقطن فاتن حمامة وعمر الشريف، بينما تسكن في الطابق الثامن لبنى عبد العزيز، وفي الثاني كانت تقيم الفنانة الراحلة ليلى فوزي وزوجها جلال معوض، كما أقامت النجمة شريهان أعواما طويلة في الشقة التي ورثتها عن والدتها بنفس العمارة وقامت بشراء شقة ثانية حولتها إلى مكتب خاص لأعمالها، كما سكنتها أيضا الراقصة والفنانة الراحلة سامية جمال ورشدي أباظة، وغيرهم، وما أكثر المرات التي يلتقي فيها الزوار داخل مصعد العمارة كبار الفنانين آنذاك أمثال المنتج رمسيس نجيب، والمخرج هنري بركات، عبد الحليم حافظ، عبد العزيز محمود، ميرفت أمين، وغيرهم.

ساكنة السفارة

لا تعرف حينما تقترب من العمارة التي سكنها أيضا عدد كبير من مشاهير الفن والصحافة من المصريين والعرب أي اسم تربطه بها، اسم مصممها المعماري المصري أنطوان سليم نحاس الذي كان واحدا من كبار المعماريين المصريين في القرن الماضي، أم اسم رجل الأعمال اليهودي تشارلز ليبون الذي اقترنت به بعد تملكه للعمارة؟ والذي ينتمي لإحدى العائلات اليهودية التي فتح لها محمد علي والي مصر باب الاستثمار في منتصف القرن التاسع عشر.

ومنذ إنشاء العمارة قبل 57 عاما تولى حراستها وخدمة سكانها عدد من أهل النوبة المميزين بسمرة بشرتهم وملابسهم ناصعة البياض، والذين توارث أبناؤهم مهنتهم تلك وما زالوا يعملون بها حتى الآن، وتتميز العمارة بتفاصيلها الراقية مثل صناديق البريد المصنوعة من خشب البلوط، والأرضيات والنافورات الرخامية الرقيقة، وتتكون «ليبون» من 14 دورا على مساحة ألف وخمسمائة متر مربع، وبها أكثر من مائة شقة، وملحق بها حديقة متميزة، ومتنزه لكلاب السكان، وناد لألعاب الأطفال.

وعن هذا الجو الذي كان يحيط الفنانة فاتن حمامة في سكنها، والذي انتقلت إليه عقب انفصالها عن زوجها الأول المخرج عز الدين ذو الفقار الذي تزوجته فور انتهاء دراستها الثانوية وأنجبت منه ابنتها «نادية»، ومن ثم ارتباطها بالممثل الشاب آنذاك عمر الشريف، وعاشا سويا في الطابق التاسع من «ليبون»، يحدثنا بواب العمارة «محمد حسن»، الذي أكد أنه يعمل بها منذ أكثر من 30 عاما، وكان والده من قبل بواباً للعمارة أيضا، أن «الست فاتن» التي عرفها لم تكن تلك المنكسرة دوما في أعمالها السينمائية، بل كانت دوما مثالا للمرأة القوية المتماسكة، لكنها في الوقت نفسه كانت طيبة القلب، عطوفة، سريعة التأثر حينما يتعلق الأمر بآلام الآخرين، تنزعج لبكاء طفل، وتفقد أعصابها وقدرتها على النوم مع الصوت العالي، وكثيرا ما كانت تطل من شرفة شقتها غاضبة إذا ما أطلقت إحدى السيارات المارة نفيرا مزعجا.

ويشير بواب العمارة إلى أن إلي أنها لم تكن تتعامل مع البواب أو السفرجي أو المكوجي أو بائع الصحف وكل المتعاملين مع سكان العمارة بنظرة فوقية، بل كانت دوما تساوي في معاملتها بين الوزير والغفير، ما لم تستشعر استخفافا من الطرف الآخر، ففي هذه الحالة قد تتغير معاملتها 180 درجة.

وأشار أيضا إلى أنها على عكس غالبية الفنانين لم تكن تحب السهر، باستثناء الأيام التي تكون فيها مرتبطة بتصوير، وحينها كانت تصطحب سائقها الخاص ويظل معها طوال فترة التصوير وحتى تعود إلى البيت، فإذا وجدتني نائما في هذا الوقت المتأخر كانت ترفض قيام السائق بإيقاظي، وتفضل فتح المصعد بنفسها، ولقد حزنت كثيرا حينما قررت ترك العمارة والانتقال إلى منطقة جديدة.

نظافة أشيائها

أما العم عاشور «حارس الجراج» لأكثر من أربعين عاما، فأكد أيضا حزنه الشديد حينما قررت الفنانة فاتن حمامة نقل إقامتها من العمارة وترك شقتها لابنتها نادية لتتزوج فيها، لكن عزاءه الوحيد أنها تأتي على فترات لزيارة ابنتها وأحفادها، وساعتها يحرص على أن يكون أول من يقف على باب العمارة في انتظار وصولها كي يراها ويسلم عليها، مؤكدا أنه لا ينسى أبدا عطفها عليه وعلى أولاده في مواقف عديدة.

ويشير إلى أن «الست فاتن» كما كان الجميع ينادونها كانت حريصة جدا على نظافة كل أشيائها، ومن ذلك حرصها على نظافة السيارة وزجاجها وإطاراتها، لذلك «كنت حريصا دوما على أن أبدأ يومي بتنظيف سيارتها حتى في الأيام التي لم يكن مقررا الخروج فيها، كانت دوما تحرص على أن تكون أشياؤها نظيفة في كل وقت ومستعدة لأي طارئ».

متواضعة جدا

التقينا أيضا بـ«نادية» سيدة عجوز تعمل في تنظيف وخدمة احتياجات سكان العمارة، والتي أكدت أنها لم تدخل شقة الفنانة فاتن أبدا، ذلك لأنها كانت تحب الخصوصية، لكن كانت تلتقي بها صباح كل يوم أمام باب العمارة.

وتضيف: وإذا تصادف عدم وجودي أثناء نزول «الست فاتن» كانت تأمر السائق بأن يبحث عني، وحينما آتي مسرعة تسلم علي وتدس في يدي ما تجود به نفسها، لم تكن أبدا كالهوانم المتنمرات اللائي تزدحم بهن «الزمالك»، إنما كانت متواضعة ومتسامحة جدا.

فستان الست

أما الحاج «سعيد» المكوجي المسئول عن العمارة، فأكد أن «الست فاتن» كانت حريصة جدا على أناقتها، ولا تسمح لأي خطأ أن ينال منها، مشيرا إلى أن فساتينها كانت دائما منظمة وبسيطة ومحتشمة حتى في المناسبات الخاصة.

ويتذكر أحد المواقف العصيبة التي تعرض لها حينما تسبب أحد العاملين الجدد في محله في تأخير فستان كانت «الست فاتن» ستذهب به إلى إحدى الحفلات، واتصلت أكثر من مرة تستعجله، وحينما أخبرناها أن العامل تسبب في اتساخ الفستان ومن ثم اضطررنا إلى غسله انفعلت بشدة، وأغلقت الهاتف غاضبة، مشيرا أنه حينما ذهب بنفسه لتسليم الفستان علم أنها ألغت الذهاب إلى الحفل على الرغم من امتلاء دولابها بعشرات الفساتين، لأنها تشاءمت من الموقف، ومع ذلك أصرت على دفع أجرة الفستان بالإضافة إلى «البقشيش»، ولم تقطع التعامل معنا على الرغم من هذا الموقف العصيب، وهذا يؤكد كم أنها إنسانة متسامحة يندر أن تتكرر.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

مجدي الطيب يكتب لـ «سينماتوغراف»

«فاتن حمامة» وضعت الجوائز في «درج مطبخها» !

عرفت فاتن حمامة (27 مايو 1931 - 17 يناير 2015) عن قرب أثناء التحضير لكتاب «سعيد مرزوق فيلسوف الصورة»؛ إذ لم يكن من الممكن الكتابة عن سعيد مرزوق من دون الحديث إلى الفنانة، التي شاركته عدداً من أهم أفلامه مثل : «أغنية الموت» (1973)، «أريد حلاً» (1975) و«حكاية وراء كل باب»، الذي ضم أربعة أفلام قصيرة هي : «ضيف على العشاء»، «موقف مجنون»، «النائبة المحترمة» و«أريد أن أقتل»، ووسط حالة من الرهبة لم تواجهني طوال سنوات عملي بالصحافة الفنية طلبتها على الهاتف الأرضي، بعد أن علمت أنها لا تتعامل مع الهاتف النقال، واستأذنت في الحديث إليها، وهاجس يتملكني أنها ستتهرب، كما يفعل النجوم، وتتذرع بأنها مشغولة، أو تطالبني بالحديث في وقت آخر!

لم أصدق نفسي عندما فوجئت بها ترد عليَ، وتسألني بصوت خفيض عن سبب المكالمة، ولما أخبرتها أنني بصدد تأليف كتاب عن المخرج سعيد مرزوق، وأود لو حدثتني عن علاقتهما الفنية، تخلت عن تحفظها، ووصفته بأنه «يتمتع بحساسية فائقة، وهو يتعامل مع الكاميرا» وأنهت بقولها: «عبقري ورجل سينما من الطراز الأول، وواحد من أفضل من التقيتهم فهماً لطبيعة ووظيفة السينما ودورها» .

واقعة كشفت لي عن التواضع الجم الذي تتمتع به فاتن حمامة، وشجعتني على معاودة الاتصال بها في فترة التحضير لكتابي الثاني عن «بركات زعيم المحافظين في السينما المصرية»؛ فقد ربطت بينهما علاقة وطيدة، على الصعيدين الفني والإنساني، دفعت المخرج الكبير إلى الاعتراف قائلاً :«أفلامي معها تفقد الكثير من رونقها لو نزعناها منها»، لكنني علمت أنها في رحلة علاج خارج مصر، ودعوت لها بالشفاء والعودة سالمة إلى أرض الوطن، لكن القلق تسرب إلى نفسي بعد ما علمت من الناقد الكبير سمير فريد أنها تراجعت، بسبب وعكتها الصحية المفاجئة، عن وعدها بقص شريط افتتاح معرض «بركات» في الدورة ال36ـ لمهرجان القاهرة السينمائي !

حدث هذا مطلع نوفمبر الماضي، وعادت «سيدة الشاشة العربية» إلى مصر، بعد أن اجتازت وعكتها الصحية، لكن يبدو أنها لم تتعاف بشكل نهائي، ومن ثم غيبها الموت في الأيام الأولى من شهر يناير، بعد أن أصيبت بهبوط مفاجئ في الدورة الدموية، لتفقد السينما العربية، بغيابها، الأنموذج والمثال للفنان الذي يحترم نفسه وموهبته ومهنته فيجبر الجميع على احترامه، والنظر بعين التبجيل والتوقير لمهنته، ما دعا مؤسسة الرئاسة إلى إصدار بيان تنعي فيه «قامة وقيمة فنية مبدعة أثرت الفن المصري بأعمالها الفنية الراقية، وأضفت السعادة على قلوب جموع المصريين والمواطنين العرب بإطلالتها الفنية وعطائها الممتد وأعمالها الإبداعية، وظلت رمزًا للفن المصري الأصيل وللالتزام بآدابه وأخلاقه» وكان المشير عبد الفتاح السيسي قد قطع من قبل خطابه إلى الفنانين، وقت أن كان مرشحاً رئاسياً، بمجرد دخول فاتن حمامة إلى قاعة الاحتفال، وغادر مكانه على المنصة متجهاً إلى مكان جلوسها ليقدم لها التحية فيما تسابق عدد كبير من الفنانين للتصوير معها والترحيب بها،بعد فترة طويلة غابت فيها عن الأضواء.

اختلفت مع المخرج سعيد مرزوق، وسجلت هذا في كتابي وهو مازال على قيد الحياة، عندما روى لي أنه توقف عن السعي وراء الجوائز بعد ما قالت له فاتن حمامة إنها تضع الجوائز التي حصلت عليها في "درج مطبخها"، وأزعجتني إجابتها، وقلت له إن موقفها فيه ازدراء للجوائز، ومن يمنحها، لا يليق، لكنه دافع عن وجهة نظرها مؤكداً أنها كانت تؤمن أن الفنان لا ينبغي أن يعول كثيراً على الجوائز وحدها، وأن واجبه إمتاع الجمهور. وفي أعقاب رحيلها نشرت الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية صوراً لسيدة الشاشة العربية في منزلها بالتجمع الخامس، في منتجع القطامية، وكانت سعادتي كبيرة بأن عدداً من الجوائز التي تسلمتها في حياتها تتصدر الصورة ما يعني أنها تحتل مكانة كبيرة في قلبها، ولم تضل الطريق أو ينتهي بها الأمر إلى "درج مطبخها" ! 

فاتن .. والسياسة

لم يُعرف عن «فاتن حمامة» أنها صاحبة مواقف سياسية، لكن المقابلة التي أجراها معها الكاتب الصحفي أحمد المسلماني في منزلها، وقت أن كانت تسكن في عمارة ليبون بالزمالك، ونشرت مجلة «أحوال مصرية» الجانب الأكبر منها قبل أن يعتمدها الدكتور وحيد عبد المجيد كمرجع في كتابه «الوطنية والتكفير السياسي»، تكشف لنا جوانب خفية أخرى في شخصيتها؛ فما لا يعرفه الكثيرون أن الطفلة فاتن أحمد حمامة، التي ولدت عام 1931 في بيت يُعني بالسياسة، شاركت كطالبة في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني، ورغم أنها لم تعاصر ثورة ١٩١٩، ومات زعيمها سعد زغلول قبل مولدها، إلا أن الحديث لم ينقطع في منزل عائلتها عن تلك الثورة، وعن الزعماء : مصطفى النحاس، إبراهيم عبد الهادي، محمود فهمي النقراشي، علي وأحمد ماهر ومكرم عبيد، ومن تلك الأحاديث عرفت أن سعد زغلول كان زعيماً عظيماً التفت مصر من حوله بمشاعر حب صادقة وحقيقية .

المثير أن ما قالته فاتن حمامة في حوارها عن «عائلتها التي كانت تميل إلي إبراهيم عبد الهادي أبرز أعضاء الكتلة «السعدية»، التي انشقت علي حزب الوفد، وانتسبت إلي سعد باشا زغلول» و«البيت الذي تربت فيه، ولم تكن له ميول وفدية، بدليل أن والدها لم يكن متحمساً يوماً للوفد» ثم تأكيدها أنها «كانت تكره الوفد لفرط ما سمعت عنه في منزلها» ينفي ما أشيع عام 1978، في أعقاب عودة حزب الوفد إلى الساحة، كامتداد لحزب الوفد القديم، الذي تم حله عقب قيام ثورة 23 يوليو 1952، بأنها «وفدية» الجذور والمنشأ والتربية، بل أنها قصت، في الحوار، رواية تبرر كراهيتها لحزب الوفد عندما أكدت أن شقيقها الضابط في الإسماعيلية كاد يُقتل، بسبب سياسة الحزب، الذي طلب منه، وزملائه، ضرورة الصمود بالبنادق في وجه دبابات الإنجليز، وكان شقيق فاتن حمامة ضمن الأبطال الذين سطروا أعظم صور الكفاح يوم الخامس والعشرين من يناير 1952،لكن «فاتن السعْديّة» لم تنس خوفها علي أخيها،وحملت حزب الوفد مسئولية الخطر الذي تهدده، ورفاقه .وعبرت عن هذا بقولها : «لقد نما عندي الشعور بكراهية الوفد والرغبة في الثورة عليه» !

أما المفارقة الأكثر إثارة، التي نكشف عنها اعتماداً على وثيقة نادرة عبارة عن حوار أجرته مجلة «العروسة» مع الممثلة الشابة فاتن حمامة، أنها أقدمت، بعد إصدار قوانين يوليو الاشتراكية في العام 1961، على خطوة غير مسبوقة عندما أرسلت برقية إلى غرفة صناعة السينما أعلنت من خلالها موافقتها على تخفيض أجرها في الفيلم الواحد من سبعة آلاف جنيهاً مصرياً إلى ثلاثة آلاف جنيهاً فقط، ما أوغر صدر رفاقها في الوسط الفني ضدها لأنها تسببت في إحراجهم، وأجبرتهم على مجاراتها، والإعلان عن تخفيض أجورهم أسوة بها، إن لم يكن بنفس النسبة فعلى الأقل بنسبة قريبة منها، ولما سئلت عن السبب في الخطوة التي أقدمت عليها قالت: «من يؤمن بمبدأ عليه أن يبدأ بتطبيقه على نفسه» وأضافت : «أنا أؤمن بالنظام الاشتراكي.. أؤمن به وبنتائجه التي تنعكس على كل فرد من أفراد الشعب.. وإذا كنا نحن العاملين في الوسط السينمائي لا نطبقه فمن يطبقه إذن؟ إن الفنان هو القدوة الحسنة والمثل الأعلى للعديد من الناس فما ضرنا لو أخذنا المبادرة في سبيل الوصول إلى مجتمع أفضل» واختتمت ردها على هذه النقطة بقولها : «إننا في طور بناء، والبناء يحتاج إلى تضحيات. وأقولها بمنتهى التواضع انني لم أضح بشيء وما قمت به لا يعتبر تضحية مطلقاً انه عمل ايجابي يتناسب مع ثورتنا الاشتراكية البناءة» !

المفاجأة أن محرر مجلة «العروسة» سألها في موضع آخر من الحوار عما إذا كانت قد استطلعت رأي زوجها ـ عمر الشريف الذي قالت وقتها إنه أشرف على الانتهاء من دوره في فيلم "لورانس العرب" ـ قبل اتخاذ قرار تخفيض أجرها فقالت بالحرف الواحد : «لا .. وعلى كل حال عمر لا يعترض قراراتي التي اتخذها في مجال عملي كما أنه يحبذ الاشتراكية مثلي تماماً، بل قد يكون أكثر» !

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

الفينالة..

محمود درويش يكتب لـ"سينماتوغراف":

فاتن حمامه.. وهبت الفن حياتها فوهبنا متعته

69 عاما عاشتها الراحلة فاتن حمامة منذ ظهورها كبطلة لأول أفلامها "الهانم - دنيا" (من 1946 وحتى 2015). عاشتها رمزا للاحترام ومحلا للتقدير من الكبير والصغير

جذبتنا إلى الشاشة البيضاء بقوة إبداعها، واتحفتنا بفتح نوافذ كثيرة لشخصيات عبرت عن واقع حال المرأة في عالمنا وأثارت الكثير من الجدل، سواء بدور الفتاة المغلوبة على أمرها الحائرة بين الرغبة في الإنتقام والحب في "دعاء الكروان"، أو الفقيرة المعدمة التي تعمل بدلا من زوجها المريض لإطعام أسرتها في "الحرام".

إنني وخلال المشاركة في هذا الملف الخاص بالراحلة الكبيرة، قرأت آراء نقدية ورؤى تحليلة لمسيرتها السينمائية، هي أمامكم الآن، واقترح أن يضمها كتاب قد نطلق عليه "تعلمنا منها الكثير"

ولابد وان تتضمن المناهج المدرسية هذا الكتاب ليدرس لابنائنا في المدارس ويقوم على وضعه مجموعة من نقادنا المتميزين يرصدوا من خلاله محطات فاتن حمامة المختلفة ويشرحوا كيف يكون الفن عونا لنا في الحياة، وكيف يكون الفنان قدوة، على أن يصاحب ذلك عرض لأهم أفلام الراحلة ليدرسها التلاميذ دراسة متأنية بوجهة نظر جديدة تقودهم إلى التأمل في ما يمكن ان يقود إليه الفن الهادف من تهذيب للنفوس وتقويم للسلوك ودعوة للخير والمحبة بين الجميع

ألا توافقوني أن ذلك أفضل كثيرا مما تضمه المناهج الدراسية من غثاء لا ينفع.

ولمن قد لا تعجبه الفكرة، أقول: "اسألوا أنفسكم.. هل كان حالنا في زمن فاتن حمامة هو حالنا الآن؟ وهل كانت أخلاقنا ذاتها؟ وهل كان سلوكنا ذاته؟؟ 

وما عليكم إلا أن تضعوا أفلامها أمام عينيكم أو تعيدوها إلى ذاكرتكم لتكتشفوا كنوزا غابت عنكم

ألم تكن فاتن حمامه في جل أفلامها صاحبة قضية عادلة مدافعة عنها مقدمة أداء مقنعا يغازل القلب والعقل معا معتمدة على جمهور ولد وشب على حبها، رفعها إلى أعلى مرتبة يمكن أن يصل إليها إنسان. فلم تكن يوما مبتذلة ولا ساعية إلى شهرة ولا فارضة ألقابها على الجمهور والصحافة الفنية بل منحها الجمهور لقب "سيدة الشاشة العربية" طوعا وحبا وتعبيرا عن شكره لها لما قدمته من أفلام تربت عليها أجيال وأجيال.

ألم تعبر فاتن حمامة في فيلمها "الباب المفتوح" عن طموح البنت المصرية وتطلعاتها، وكفاحها من أجل الحرية والعدالة إلى جانب الرجل، بحثا عن حياة أفضل؟

أليست هي التي جسدت معاناة المرأة وجهدها للحفاظ على أولادها والوقوف ضد ظروفها الصعبة في "يوم حلو.. يوم مر".. 

إن القائمة تطول وقد تناول ذلك كتاب "سينماتوغراف" في الملف الذي بين ايديكم.

إنها هي فاتن حمامة التي غابت عن السينما منذ عام 1993 وحتى رحيلها أمس، ورغم ذلك كانت الملايين تتابع بشغف أعمالها السينمائية التي فاقت المائة فيلم، سواء من الأجيال الشابة أو الأطفال أو حتى الكبار الذين سبق لهم مشاهدة هذه الأعمال مئات المرات.

إنها هي فاتن حمامة التي حلم كل فنان شاب وكل فنانة شابة وكل مخرج جديد بالعمل معها طوال مسيرتها؟ 

لقد كانت قدوة لكل الأجيال بحسن أخلاقها وتواضعها وإخلاصها لوطنها ولفنها وعشقها لذلك الفن الذي وهبته عمرها، فوهبنا متعته التي نفتقدها للأسف في هذا الزمان...

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

حسن حداد يكتب لـ«سينماتوغراف»

«فاتن».. نبع المحبة والرومانسية

على مدى أكثر من 70 عاما، منحتنا فاتن حمامة من روحها المحلقة برهافة في سماوات الفن، ومشاعرها المسكونة بالدهشة، الكثير من الفرح والشجن والسعادة. فرحنا، حزنا، تعذبنا معها.. دافعنا عنها، احتويناها بمشاعرنا ولم نفرط فيها إلا بعد أن تركتنا ورحلت بغير إرادتها.
كان يوماً سعيداً حقاً للسينما المصرية، وليس إسماً للفيلم الأول لسيدة الشاشة فقط. الطفلة ذات الثمانية أعوام، التي أدهشت محمد كريم وأضحكت محمد عبد الوهاب. «فتون» ـ كما يحلو لكريم أن يسميها ـ أجبرت «أنيسة» أن تتكلم كثيراً بعد أن كان دورها كومبارس، رغم أنه فيلمها الأول
.

فاتن حمامة.. هذه الفنانة التي تربعت على القمة، لتزداد بريقاً وتألقاً بعد أن أهدت للسينما ما تجاوز المائة فيلم، تركت بعضها علامات مضيئة في تاريخ السينما المصرية، خلال القرن الماضي، صنعتها بما ملكته من قدرات وطاقات فنية مذهلة، استطاعت بها تحويل ما قدمته من شخصيات درامية في أفلامها الى شخصيات إنسانية تنبض بالحياة.

البداية

البداية كانت في فيلم «يوم سعيد ـ 1939» رابع أفلام محمد عبدالوهاب، والذي أخرجه «محمد كريم».. وأفضل من يتحدث عن فاتن حمامة سينمائياً، هو كريم، بإعتباره أول من إكتشفها ولقنها الدرس الأول في فن التمثيل السينمائي.

يقول محمد كريم: لم أكن لأتصور بأن فاتن حمامة هي التي ستخرج لي من بين الصور التي كنت أحتفظ بها للهواة لأجدها بملابس التمريض في مجلة الأثنين ضمن مسابقة أجمل أزياء الأطفال تحمل سنواتها السبع كل ذكاء البراءة.

حملت هذه الصورة كريم على الإتصال بوالدها «أحمد أفندي حمامة»، والذي حضر مع فاتن الى مكتب «أفلام عبدالوهاب»، حيث أجرى لها كريم تجربة سينمائية سريعة، فوجد أمامه طفلة ممتازة من جميع النواحي.. طفلة أشبه بالمعجزة الأمريكية «شيرلي تمبل»، والتي كانت معاصرة لـفاتن حمامة.

وكان دور «أنيسة»، الذي ستؤديه فاتن في الفيلم، من الأدوار الثانوية القصيرة، الذي لا يتطلب ظهور صاحبته على الشاشة أكثر من دقائق سريعة، ولكن إزاء ما شاهده كريم من موهبة عند فاتن حمامة، قرر أن يعيد كتابة سيناريو الفيلم في كل ما يختص بدورها، كما أنه إستعان ببعض كتاب الحوار ليضعوا حواراً يتناسب وعمر هذه الطفلة الصغيرة.. وظهرت فاتن في دور «أنيسة» مع الموسيقار «محمد عبدالوهاب» و«إلهام حسن» و«فؤاد شفيق» و«فردوس محمد».. وعرض الفيلم بدار سينما «رويال» في الخامس عشر من يناير عام 1940.. وكان بداية المشوار السينمائي بالنسبة لـفاتن حمامة.

وتتذكر فاتن، فتقول: «..لا أنسى الموسيقار محمد عبدالوهاب، عندما مثلت معه في «يوم سعيد»، فقد كان ينطلق ضاحكاً كلما أتيت بحركة أو تلفظت بكلمة، مما جعلني أتضايق منه وأمضي الى المخرج محمد كريم، أشكو له عبدالوهاب وأطلب منه إستبداله بشخص آخر، إلا أن كريم أفهمني بأن شريكي في التمثيل لا يسخر مني، بل إنه سعيد بقيامي بهذا الدور.. ».

وماذا بعد

ثلاثة أعوام غابت فيها فتون بعد فيلمها الأول، ليؤكد كريم بعدها تصميمه على خلق سيدة الشاشة، حينما إستعان بها في فيلم «رصاصة في القلب»، الذي عرض في عام 1944. ثم إشتركت مع حسين صدقي وصباح في فيلم «أول الشهر ـ 1945».. ومرة ثالثة مع محمد كريم في فيلم «دنيا» أمام راقية إبراهيم وأحمد سالم.. وتوالت الأفلام، لتبدأ فاتن حمامة مرحلة أخرى من حياتها الفنية. ووجد يوسف وهبي نفسه مأسوراً بفتون حينما كان بصدد إخراج فيلم «ملاك الرحمة ـ 1946» ليستدعيها لتقف أمام الفنانة راقية إبراهيم، والتي بدورها وجدت أن تلك الطفلة قد سرقت الأضواء منها رغم قيامها ببطولة الفيلم.

لن يكون بوسعنا في حيز صغير كهذا، أن نتابع مشوار فاتن حمامة السينمائي، وأن نستعرض إستعراضا شاملا كل أفلامها.. لذا من المفيد تقسيم هذا المشوار الى مراحل فنية، تبعاً لتطور الأنماط والشخصيات في أفلامها، وعرض لبعض من أفلامها

فالتصدي لمشوار فاتن حمامة الفني لن يمكن السيطرة علية دون تقسيم أو تبويب يجعلنا نخترق هذا التاريخ من عدة جبهات، وإلا لن يتوقف سيل الحديث ـ لا نختلف بأنه سيكون شيقا في كل الأحوال ـ لذلك إجتهدنا بهذه التقسيمات التي تعتمد على مراحل، علها لا تهزمنا في هذه الجولة.

مرحلة الصبا والشباب والإنطلاق

مجموعة من الأفلام تمثل المرحلة الأولى من حياتها الفنية، بداية بأول أفلامها، عندما قدمت الطفلة الذكية المرحة، مروراً بأفلام رصاصة في القلب، أول الشهر، ملاك الرحمة، حيث مرحلة الصبا وتفتح الموهبة وتطور الشخصية، لكن بهدوء وإتزان ودون أن تكون هناك أدوار تستحق التأمل.. مجرد فتاة حلوة ذكية، تضفي جوا من المرح والأمل والتفاؤل على باقي شخصيات الفيلم، كما شاهدنا ذلك في أفلام نور من السماء، الملاك الأبيض، المليونيرة الصغيرة، كانت ملاكاً.

مرحلة الشخصية الرومانسية

فاتن حمامة.. صاحبة الحب العذري.. هذا الحب الذي غالباً ما يكون ضحية أوضاع إجتماعية ومعيشية، أو أن تكون الفوارق الطبقية في الفيلم سبباً من أسباب التضحية.. وقد برز هذا النمط من الشخصيات في أفلام، مثل وداعاً ياغرامي، سلوا قلبي، خلود، إرحم دموعي، أيامنا الحلوة، حب ودموع، حتى نلتقي، بين الأطلال.

وقد جسدت فاتن حمامة، في هذه الأفلام، أحلام فتاة العشرين، بكل ما فيها من تطلع الى حبيب تعيش معه، وكأنها ملاك يسبح في رحاب الحب الواسع، بل كأنها قصيدة شاعرية تتنفس الحب.. بل هي كذلك.

مرحلة الميلودراما البكائية

بدأت هذه المرحلة، في مشوار فاتن، مع أفلام المخرج «حسن الإمام»، في أفلام مثل ملائكة في جهنم، اليتيمتين، ظلموني الناس، أنا بنت ناس، أسرار الناس، زمن العجايب، كاس العذاب، حب في الظلام، الملاك الظالم.. وقد حصرت فاتن حمامة نفسها، بهذه النوعية من أفلام الميلودراما البكائية، في شخصية الفتاة المسكينة التي تواجه المصاعب والعقبات والأقدار، عاجزة عن تجاوزها، الى أن ينتصر الخير في نهاية الفيلم، فتنتصر معه.

في هذه المرحلة، والتي تعتبر سلبية بالنسبة الى مشوارها، كانت فاتن لا تدقق كثيراً في إختيار أدوارها، أو لا تدقق في قراءة السيناريو ومناقشته.. فقد كانت تمر بمرحلة الإنتشار، وهي مرحلة هامة وضرورية في حياة أي فنان وعلى كل المستويات.. وبالرغم من تلك الميلودراما الرديئة التي تحتويها أفلام هذه المرحلة، إلا أن فاتن كانت بصيص الأمل والحسنة الوحيدة فيها.. وهي ـ بالطبع ـ نوعية أفلام تعبر عن المناخ العام للسينما المصرية في تلك الفترة. غير أن فاتن حمامة، في فترة متأخرة من هذه المرحلة، إستطاعت أن تتخلص من هذا النمط من الأدوار، وقدمت أدواراً أخرى متنوعة، مثل دور الشريرة في فيلم «لا أنام» للمخرج «صلاح أبوسيف»، حيث مثلت الشر المقنع كجزء من الحياة الشريرة التي نصادفها.. وفي فيلم «الطريق المسدود» قدمت شخصية الفتاة المتحررة، والتي تبحث عن حرية المرأة وتدافع عنها، وتتطلع الى المساواة مع الرجل في الحقوق والواجبات.. كما مثلت دوراً كوميدياً في فيلم للمخرج «فطين عبدالوهاب» وهو «الأستاذة فاطمة».. ومن الأفلام الوطنية التي قامت ببطولتها نتذكر أفلام «اللّه معنا» للمخرج «أحمد بدرخان»، و«أرض السلام» للمخرج «كمال الشيخ»، و«الباب المفتوح» للمخرج «هنري بركات».. أما بالنسبة لفيلم «لا وقت للحب» للمخرج صلاح أبوسيف، فيعتبر من أفضل الأفلام الوطنية التي قدمتها السينما المصرية، وقد أدت فيه فاتن دور الفتاة المتطوعة مع الفدائيين ضد قوات الإحتلال في منطقة قناة السويس عام 1951.. حيث أن الفيلم يطرح أحداثاً طبيعية، مبتعداً عن البطولات الملحمية والخرافية، فكل شيء طبيعي ومنطقي، ولم تكن فاتن سوى فتاة عادية نلتقي بها كل يوم، عبَّرت بصدق عن السلوك الطبيعي للفتاة الوطنية، بعيداً عن المغالاة وإقحام عناصر زائفة للدور الفدائي الوطني.

مرحلة النضج الفني

بـدأت هـذه المرحـلـة عنـد فـاتن منـذ نهـاية الخمـسـينيات، وبالتحـديد مـع فيـلم «دعاء الكروان»، حيث بدأت تنتقي أدوارا معينة، تحتاج لمعايشة حقيقية ودراسة عميقة للشخصية وإنفعالاتها.. وقد حققت هذا النضج الفني من خلال حرصها الدقيق على تبني مواضيع جادة وجديدة، وإهتمامها بدراسة السيناريو ومناقشته بعمق وتأني.. كل هذا يجيء قبل موافقتها على الإشتراك في الفيلم طبعاً.

إشـتغلت فاتن حمامة مع المخرج «هنري بركات» في سبعة أفلام، قبل فيلم «دعاء الكروان»، ولكنها كانت أفلام يمكن وصفها بأنها عادية، لم تلفت الإنتباه، على العكس من «دعاء الكروان»، فهو فيلم أقل ما يقال عنه إنه من بين أفضل الأفلام التي قدمتها السينما المصرية.. فبالرغم من مرور 55 عاماً على عرضه الأول، إلا أن بريق هذا الفيلم مازال باقياً حتى اليوم، وقد ساهم في إستمرار هذا البريق عدة عناصر فنية، أهمها ذلك الأداء المذهل الذي قامت به فاتن حمامة، والسيناريو والحوار الذي كتبه «يوسف جوهر»، ثم الإخراج الذي قام به «بركات». 

من المعروف للمتابعين لنتاج السينما المصرية، أن فاتن حمامة وبركات، بعد هذا الفيلم، قد كونا ثنائياً يعتبر من أنجح الثنائيات بين ممثلة ومخرج، بل إن أفضل أعمال الإثنين، منذ «دعاء الكروان»، هي التي جمعتهما معاً.

وفيلم «الحرام» يؤكد حديثنا هذا، فقد كان الثنائي في أفضل حالاتهما.. حيث أعتبر «الحرام» من بين أفضل ما أنتجته السينما المصرية، وإستحق الترتيب الرابع في قائمة أفضل عشرة أفلام في تاريخ هذه السينما، وذلك في إستفتاء مجلة «الفنون» المصرية عام 1984. إن فيلم «الحرام» قد أتاح لبطلته "فاتن" أن تقدم للسينما دوراً كبيراً وخالداً، وصلت به الى مرتبة النجوم العالميين العظام. وسيظل فيلم «الحرام» عملاً فنياً خالداً، يقترب كثيراً من الكمال، مما جعله مؤهلاً لأن يشرف السينما المصرية أثناء عرضه في مهرجان "كان" الدولي عام 1965.. حيث حظي بإعجاب الجمهور والنقاد على السواء.

وعند الحديث عن مشوار فاتن حمامة فلا يمكننا هنا إلا الإشارة، ولو بشكل موجز، الى تجربتها مع المخرج الفذ «يوسف شاهين»، الذي عملت معه في أولى تجاربه الإخراجية بفيلم «بابا أمين ـ 1950».. ثم تألقت في أفلامه الأخرى، كدوريها في فيلمي صراع في الوادي، صراع في الميناء.

المتتبع لمشوار هذه الفنانة الطويل والزاخر على الشاشة، يلاحظ أن فاتن قد تعاونت مع أهم المخرجين المصريين، بتعاقب أجيالهم.. فمن جيل الرواد الأوائل، إشتغلت مع محمد كريم ويوسف وهبي وأحمد بدرخان.. ومن جيل الأربعينات والخمسينات، إشتغلت مع عزالدين ذوالفقار وبركات وحسن الإمام وصلاح أبوسيف ويوسف شاهين.. ومن جيل الستينيات والسبعينيات، إشتغلت مع كمال الشيخ وحسين كمال وسعيد مرزوق.. أما بالنسبة لمخرجي السينما الجديدة في الثمانينيات، فقد تعاونت مع المخرج خيري بشارة في «يوم مر..يوم حلو»، ومع داود عبدالسيد في «أرض الأحلام».

مرحلة تأكيد الشخصية الفنية

تصدت فاتن حمامة لمشاكل الأسرة والبيت المصري، وقدمت أدوار المعانات الإجتماعية.. حيث بدا ذلك واضحاً في أفلام ست البيت، كل بيت له راجل، إمبراطورية ميم، أريد حلاً، ولعل أهم تعبير عن هذه الشخصية هما الفيلمان الأخيران.. ففي «إمبراطورية ميم»، تلعب فاتن شخصية الأم المتسلطة والمتحكمة في بيتها وأبنائها الستة، محاولة فرض أسلوب تربية معين عليهم، لتصبح بالتالي رمزاً لسلطة الأسرة والمجتمع، ويصبح الأبناء هم الأفراد الساعين لنيل الحق في ممارسة الحرية الديمقراطية.

أما فيلم «أريد حلاً» فهو يتناول الواقع الإجتماعي لقضايا الأحوال الشخصية، بل ويعتبر أول حوار وجدل بين السينما وقانون الأحوال الشخصية.. فهو يفجر قضية إجتماعية بالغة الخطورة، ألا وهي قضية الطلاق.. وتكمن الخطورة في أن الفيلم قد ناقش حق المرأة في طلب الطلاق، بل وقف الى جانبها في المطالبة بأن تعامل كإنسان مكتمل، له الحرية في تقرير مصيره. وقد قامت فاتن بدور جديد وجريء أعطاها فرصة لإظهار بعض من قدراتها الأدائية.. ونجح هذا الفيلم ولاقى إقبالاً جماهيرياً كبيراً، حيث إستمر عرضه خمسة عشر أسبوعاً.

فاتن حمامة والمهرجانات السينمائية

ومن الطبيعي، أن يكون مشوار فاتن حمامة الفني حافلاً بالمهرجانات والجوائز السينمائية.. فرحلتها مع المهرجانات الدولية قديمة، قدم المهرجانات نفسها.. ففي عام 1949 عرض فيلمها «ست البيت» في مهرجان كان الدولي.. ومن ثم توالت عروض أفلامها في هذا المهرجان إبن النيل، لك يوم ياظالم، صراع في الوادي، الليلة الأخيرة، والفيلم الأخير حضرت معه المهرجان.. ثم فيلم «الحرام»، وهو آخر أفلامها التي عرضت في مهرجان «كان». وعندما إشتركت بفيلمها «إمبراطورية ميم» في مهرجان موسكو، حصلت على جائزة خاصة عن دورها في الفيلم، من «إتحاد النساء السوفييت».. ثم عن أدائها في فيلم «الباب المفتوح» في مهرجان جاكرتا.

وفي مسابقة أفضل فيلم أجنبي، وصلت بفيلمها «دعاء الكروان» الى التصفية النهائية في «مسابقة الأوسكار الدولية»، وأرسلت لجنة الأوسكار شهادة تقدير لوصول هذا الفيلم الى التصفية النهائية.

وعندما عرض فيلم «أريد حلاً» في مهرجان طهران الدولي عام 1974، حصلت فاتن حمامة على دبلوم شرف عن دورها في هذا الفيلم، تقديراً لأدائها الصادق الذي جسدت فيه مشاكل المرأة الحقيقية. وقد أختيرت فاتن كعضو لجنة تحكيم في مهرجانات «برلين» و«موسكو» و«مونبلييه»، وغيرها من المهرجانات الدولية

فاتن حمامة.. حالة خاصة ونادرة جداً في السينما العربية عموماً.. فهي ممثلة قديرة ونجمة جماهيرية كبيرة، تمتلك جاذبية ذات تأثير ساحر على الجمهور، وذلك منذ اللقطة الأولى من ظهورها على الشاشة.. هذا التفاعل والإنجذاب اللاإرادي من الجمهور هو عبارة عن حصيلة أو تراكم لمجمل الشخصيات المتميزة التي قدمتها هذه الفنانة.. حتى أنه يمكننا القول إن أي تفاعل جماهيري لأي فيلم تقدمه، أصبح تفاعلاً عاطفياً أكثر منه نقدياً، حيث أن الجمهور يصبح عاجزاً، أمام هذا التأثير والجاذبية، ويصبح ـ أيضاً ـ غير قادر على تشغيل ذهنه فيما يرى، بل ينشغل عن مجمل سلبيات الفيلم، إن وجدت.

هي فاتن حمامة.. علامة مميزة وهامة في السينما المصرية عبر تاريخها الطويل.. عُرفت في البداية برومانسيتها، ثم تطورت معها حتى وصلت الى سن الرشد ومرحلة النضج الفني. هي إذن كتاب سينمائي ضخم، لم نقدم منه إلا سطوراً قليلة.. وما زال الكتاب مفتوحاً، ومازالت الصفحات فيه كثيرة.. وستبقى «فاتن حمامة» شامخة مع تراث مصر الحضاري.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 
 
 

أســامة عســل يكتب لـ«سينماتوغراف»

«يوم حزين» للسينما المصرية

لماذا فاتن حمامة؟

لأنها عندما تظهر على شاشة  السينما في أفلامها المعادة والمكررة آلاف المرات، يجد الإنسان ما يمكن أن يمتعه «شكلا ومضمونا» في كل مرة يشاهد فيها هذه الأعمال مهما كان عدد مرات تكرارها، وكأن حضورها أمام أعيننا يسعدنا بلحظات مسروقة من زماننا العصيب والصعب.

لأنها كانت يوما سعيدا حقا للسينما المصرية، وليس اسما فقط للفيلم الأول الذي ظهرت فيه وعمرها ثمانية أعوام، حيث أدهشت المخرج محمد كريم وأضحكت الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأجبرت «أنيسة» وهي شخصيتها في الفيلم أن تتكلم كثيرا بعد أن كان دورها كومبارس، لتبدأ رحلة ثرية مع الفن السابع.

لأنها رغم غيابها واعتزالها الحياة العامة وكذلك رحليها عن دنيانا خلال الساعات الماضية ستبقى تتربع القمة، بعد أن أهدت للسينما ما تجاوز المائة فيلم، تركت بعضها العلامات المضيئة في هذا التاريخ الطويل، وستظل حالة فريدة بما ملكته من قدرات وطاقات فنية مذهلة، جعلتها تحول ما تقدمه من شخصيات درامية في أفلامها إلى شخصيات تنبض بالحياة.

لأنها ظلت في ذاكرة الجماهير العربية لأكثر من خمسين عاما مثل المناطق المحرمة التي لا يجوز الاقتراب منها، فهي من الشخصيات الفنية القليلة التي حافظت على صورتها ومكانتها عبر السنين، ولم تتورط مثل غيرها في تفاهات تفسد على الناس ما يحتفظون به من ذكريات عن أفلامها التي عاصرت تطور السينما عبر كل المراحل.

لأنها بفنها ووجودها الطاغي كانت حلما لكل الأجيال، فهي النموذج المثالي للفنان القدوة، وكان كل من يدخل مجال التمثيل يحلم أن يكون له الحظ في أن يقف أمامها ولو في مشهد واحد.

لأنها مميزة ومهمة في كتاب سينمائي ضخم، أغلقت صفحاته منذ ساعات قليلة، ورغم ذلك، مايزال في الكتاب صفحات تحتاج إلي مزيد من القراءة ، ومازالت أوراقه غير المتصفحة كثيرة، ولايزال البحث مستمرا عن التنوع والعبقرية والذكاء الفني والموهبة الفريدة، التي جعلتها في مكانة وقمة عاليتين لا ينافسها فيهما أحد، لتستحق عن جدارة لقب «سيدة الشاشة العربية» بلا منازع.

ولأنها أكدت كينونة المرأة العربية وجدارتها في مسيرة صناعة الفن السابع في المنطقة العربية كلها، وكانت خير من عبر عنها في جميع أعمالها.

ولأنها لكل الأسباب السابقة، ولأمور كثيرة أخرى، لا تعد ولا تحصى، حرصت «سينماتوغراف» أن يكون هذا الملف العاجل جدا ـ استثناء ـ وخاصا عنها، لتوثيق واستعراض بعض ما اقتطفناه من رحلتها الفنية، ليواكب قدسية رحليها بعد أن منحتنا ابداعها وفنها الذي لن يغيب أو يرحل معها.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.01.2015

 
 
 
 

صفحات

<<<

02

01

>>>

سابق

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004