كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

سينما 2015 تقدمها: خيرية البشلاوى

مفارقات الأوسكار..

"لاتزال آليس" أرقي انتاج السينما الأمريكية

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم (أوسكار)

   
 
 
 
 

"لاتزال آليس" "still Alice" واحدا من أجمل وأرقي الأفلام التي أنتجتها السينما الأمريكية عن مرض الزهايمر .. دراما انسانية تتسم بالعمق وبالقدرة علي سبر أغوار مأساة يمكن أن يواجهها أي إنسان منا.. وعظمة الفيلم تكمن من قوة رسم الشخصية المصابة وعظمة أداء الممثلة التي تدفعك إلي التأمل والتفاعل وتذرف الدموع في كثير في المواقف التي تصل فيها الموهبة ومستوي الابداع في اسلوب التعبير إلي درجة لا تملك ازءها غير التوحد مع المريضة والشعور بالرعب من السقوط ضحية لمثل هذا المرض المرعب فعلاً!! وهل هناك ما هو أكثر إثارة للرعب من أن تفقد عقلك وتضيع شخصيتك وتصبح إنساناً بلا ذاكرة ولا حول ولاقوة!!.

بطلة الفيلم "آليس" التي لعبت دورها جوليان مور واستحقت جائزة الأوسكار عن جدارة في الأسبوع الماضي كأحسن ممثلة. أستاذة في جامعة كولومبيا. تقوم بتدريس "اللغويات" أي علوم اللغة. امرأة لعبتها الكلمات والجمل والتعبير والكتابة ثم فجأة تجد نفسها عاجزة عن تذكر بعض المصطلحات اللغوية وأن اللغة تتسرب منها ولم تعد تسعفها وهي الأستاذة الناجحة القديرة وفجأة وأثناء ممارستها رياضة الجري تجد نفسها لا تتذكر الأمكنة التي أعتادت الجري فيها.

وفي عيادة الطبيب وبعد فحص دقيق واختبارات تعرف أنها مصابة بمرض الزهايمر في مرحلته الأولي وأن المرض بالضرورة سوف يتفاقم. الأكثر مأساوية أن مرضها وراثي . ومن الجائز أن ينتقل إلي أولادها الثلاثة "ابنتان وولد".. إنها إذن مأساة إنسانية فعلا بكل المقاييس!.

من الوظائف المهمة للسينما أن تواجهنا بقضايا حساسية وتفتح مدارك المشاهد علي أمور حياتية من المحتمل أن يواجهها في الواقع.

هنا ومع "آليس".. الأستاذة والزوجة الناجحة والأم لثلاثة من الابناء. يقدم كاتب السيناريو والمخرج ريتشارد جلاتزر. واش وستمولاند دراما عائلية لأسرة تتعرض لاختبار دقيق عندما يصاب أهم أفرادها بمرض يفقده قوامه الإنساني. ويذهب عقله. وكيانه.

الزوج والأب "جون" الذي يلعب دوره باقتدار واقناع آسر الممثل آليك بولدوين. وهو زوج متعاطف ومحب ومؤمن بقيمة زوجته ودورها في الحياة كأستاذة جامعية وكأم يواجه المأساة بصبر. ويدرك مدي المسئولية بعد أن يصبح هو وحده المصدر المادي الوحيد للأسرة بعد أن تفقد الأم وظيفتها الأكاديمية في الجامعة. وكذلك يدرك الأبناء الثلاثة فداحة ما يعنيه المرض الوراثي الذي يتهدد الجميع. فالابنة الكبري متزوجة وحامل وحاملة للمرض والصغري التي تهوي التمثيل وتعد نفسها لطريق فني بعيد عن الطريق الاكاديمي التي برعت فيه أمها. ترفض أن تخضع للاختبار لمعرفة امكانية اصابتها ومن ثم فإن الجدل بين الاثنين الأم والأبنة الصغري لا يتوقف..

بناء الفيلم بسيط. سلس. واقعي. يتمحور حول شخصية مركزية تحيط بها مجموعة من الشخصيات المساعدة الأم.. الزوج. الابناء الثلاثة.. ولكل من هؤلاء كيانه. وتركيبته الإنسانية وملامحه المتفردة. وتفاعله مع المأساة الأم... ولكل ممثل قدرته علي إشاعة الاحساس العميق بالدراما الحياتية وبتأثيرها علي كل واحد منهم الأمر الذي يجعلك تشعر بوجود "مايسترو" يدير سيمفونية الأداء باحساس ورؤية متكاملة.

في واحدة من أجمل وأعمق المشاهد نري الأم الأستاذة المدركة لمأساة ما تعانيه. نراها في مؤتمر لمرض الزهايمر تلقي خطاباً رائعاً. قوياً. يفجر الدموع لامحالة. عن حجم المصاعب التي عليها أن تواجهها. وعن كيفية إدارة الشعور بالخسارة. بالفقدان. خطبة فكرية بليغة. مؤثرة. كاشفة عن عمق الدراما. حاضنة ضمنيا لشخصية من الألم المحسوس.

أيضا المشهد الأخير بين الابنة الصغري لعبتها باقتدار كريستين ستيوارت التي كانت دائما علي خلاف مع أمها ولكن بعد أن تذوب الخلافات. ويحل الفهم والتعاطف والحب مكانها. وبعد أن تكون الأم الاستاذة "آليس" قد وصل بها المرض إلي مرحلة التوهان الكامل. ولم يتبق في قاموسها المعرفي الضخم سوي كلمة واحدة "الحب".

في فيلم "لاتزال آليس" نحن أمام درس مدهش بقدر ما هو ممتع في معني الابداع علي مستوي الأداء التمثيلي. في كيفية أن يكون الممثل أو الممثلة مثل شاعر يكثف أعمق المشاعر وأعقد الأحاسيس. وأصعب المواقف في جملة. في حركة بالعين. في طريقة النطق. في لغة الجسد في التعبير عن الانفعالات بأكثر الطرق اقتصاداً وطبيعية ودون أدني قدر من النطق أو الصنعة.. جوليان مور جسدت هذا الشاعر الذي يهز المشاعر.

كيف يجرنا الممثل المبدع والممثلة الرائعة جداً بحجم ومستوي هذه النجمة إلي الدخول في قلب الدراما تشيع مشاعر الوجل والألم وتحفر بصمة في الوجدان وتجعلك تدعوا من أعماقك أن يجنبك الله مثل هذا المرض الذي بات منتشراً وبالذات بين كبار السن..

"آليس" في الخمسين من العمر. واصابتها بمثل هذا المرض تعتبر في سن مبكرة. ولا تحدث إلا في مرات نادرة والفيلم ليس الأول الذي يعالج هذا المرض. وجوليان مور ليست أول ممثلة عظيمة تؤدي الدور سبقتها الممثلة القديرة جودي دنيش في فيلم "إيريس" "IRis" وجولي كريستي في فيلم "بعيداً عنها" away prom hen ممثلات "كوادر" ومن نوع رفيع وفريد نماذج لفن الأداء التعبيري المرئي..

لم يحصل فيلم "لا تزال آليس" علي جائزة أحسن فيلم في جوائز الأوسكار الأخيرة "السابعة والستين" وكان جديراً بها. ولكننا نعرف أن للاكاديمية اعتبارات وحسابات مثل كل المؤسسات المانحة للجوائز العالمية مما يجعلها تحتفي بفيلم أمريكي رجعي يميني وعنصري وعديم الانسانية مثل "القناص الأمريكي" الذي كان يقتل الأطفال والنساء العراقيات بقلب بارد وبدافع حماية "إخوانه" المقاتلين الأمريكيين دون أدني تفكير في أن هؤلاء مستعمرين. ومحتلين ومجرمين في نهاية الأمر جاءوا بقانون "القوة وبادعاءات كاذبة للاستيلاء علي ثروات بلد نفطي وتبديد حضارته العريقة وتشريد شعبه هكذا!!.

جوليان مور أخذت عن دورها في هذا الفيلم العديد من الجوائز إلي جانب الأوسكار كأفضل ممثلة. فقد حصلت علي جائزة الجولدن جلوب وجوائز معظم الهيئات السينمائية الأخري.. ودرها هنا يعتبر "حالة للدراسة" والفيلم نفسه درس رقيق وإنساني في معني التعاطف والتفاهم. والقبول بالخسارة إذا كانت هذه مشيئة القدر وأيضا الاحتفاء بما لم يضع منا بعد.. فهناك بعض ما يمكن أن نفرح به في الفيلم . علي سبيل المثال جاء أحفاد "آليس" التوأم متحررين من "جينات" المرض رغم أن أمهما ابنه آليس الكبري حاملة له .. وظهر "جون" الزوج الطيب في صورة الرجل الداعم للأسرة. الذي يتحمل عبء وظيفة أخري في ولاية بعيدة حتي يواجه المتطلبات المتزايدة التي تفرضها الظروف والابناء "آنا وتوم" وليديا يمتلكون من الولاء والتعاطف والقدرة علي التأقلم مع مأساة الأم علي نحو جدير بالاحترام والاعجاب . فالأدوار الثانوية هنا ليست ثانوية وإنما داعمة ومساعدة فعلا والممثلين الذين قاموا بها امتلكوا من قوة الأداء والاقناع بما يضيف للقيمة الفنية للفيلم ويجعلنا أمام "طاقم" من متناغم. ومتفاعل ومتعايش مع طبيعة الموضوع. ويجعل الفيلم نفسه أحد أفضل الأعمال التي عرضت عام 2014. وواحد من أقواها علي مستوي الأداء واللغة المسموعة والمرئية..

والفيلم عن رواية بنفس العنوان للكاتبة ليزا جينوثا. الأمر الذي يدعم وجهة نظري الشخصية بأن الأدب الروائي سوف يظل أبدا النبع المتدفق والعذب الذي تنهل منه السينما أجمل حكايتها وأروع الشخصيات التي تتحرك أمامنا علي الشاشة . وأعمق الدروس المستفادة علي المستوي الانساني

رنات
قاتل القناص الأمريكي

بقلم: خيرية البشلاوى

أُدين قاتل "القناص الأمريكي" بالسجن مدي الحياة. بعد أن احتلت المحاكمة مساحات كبيرة من الميديا الأمريكية واهتماماً واسع النطاق من الجمهور الأمريكي وارتفعت وتيرة هذا الاهتمام إبان إعلان ترشيحات الأوسكار الأخيرة وترشيح الفيلم لعدد من الجوائز

القاتل واسمه إيدي روي روث ضابط من المارينز حارب فيالعراق مثله مثل القناص كريس كايل مؤلف كتاب القناص "القناص الأمريكي" الذي تحول إلي فيلم من إخراج الممثل والمخرج كلنت ايستوود وقد رشح للأوسكار يحقق حاليا إيرادات غير مسبوقة في دور العرض الأمريكية خصوصاً بعد إعلان النطق بالحكم

مقاتل وجندي أمريكي شاب يبلغ من العمر 27 سنة فقط يقتل أشهر وأمهر قناص في تاريخ العسكرية الأمريكية حسب ما يقال والذي يبلغ من العمر 38 سنة.. ما هي دوافع الجريمة؟؟ 

طبيب مصري مشهور أرجع الجريمة إلي مشاعر "الغيرة".. ورأي أن المسألة أعقد بكثير من ذلك وأن ما قاله الطبيب المشهور تبسيط مُخل لأحد أشهر الجرائم التي حدثت في السنوات الأخيرة علي مسرح المؤسسة العسكرية الأمريكية

"إن القاتل يُقتل ولو بعد حين" وإن عدالة السماء قد تتحقق سريعاً ويتم القصاص بأسرع مما نتصور ولكن هذا أيضاً تبسيط رغم إيماني الشديد بالعدالة الإلهية

القناص الأمريكي كريس كايل في سجله 160 ضحية وأكثر من "الأعداء" و"الأعداء" هم الشعب العراقي الذي كان هو نفسه ضحية لأبشع جريمة في تاريخ الولايات المتحدة إلي جانب ما جري في فيتنام وكوريا وما يجري الآن في منطقتنا وتقف وراءه أمريكا

والقاتل جندي من المارينز حارب في العراق وعمل حارساً لأحد السجون هناك وقد شاهد من البشاعات اللاإنسانية هناك ما أطاح بتوازنه النفسي وأصابه باختلال سلوكي وعقلي وهذا ثابت وكان ضمن ما قاله محاميه.. ولكن ذلك لم يشفع له أمام هيئة المحلفين المكونة من عشر نساء ورجلين في جلسة استغرقت ساعتين قبل إعلان الحكم في الأسبوع الماضي أدين بالسجن مدي الحياة

ومن ضمن ما قاله المتهم الذي يعاني من الاكتئاب والهلاوس في أسباب ارتكابه الجريمة أن "الخنازير استولت علي الأرض" ولم يذكر بالطبع من هم الخنازير علي وجه التحديد

وفي الفيلم الذي وصلت إيراداته إلي 400 مليون جنيه في أمريكا يقدم الممثل المخرج كلنت السؤدد مشاهد تسجيلية للجنازة العسكرية المهيبة التي حظي بها القناص الأمريكي وردود الفعل العاطفية الجياشة التي عكست كم المشاعر الحزينة التي تفجرت بعد جريمة اغتياله.

المساء المصرية في

01.03.2015

 
 

توازن بين ما يرغبه الفنان وما هو متاح

أسباب مكنت "بيردمان" من حصد أربع جوائز أوسكار

24 - محمد هاشم عبد السلام

بعد ترشحه للعديد من الجوائز العالمية المرموقة بل وفوزه أيضاً بالعديد منها منذ نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام، وذلك بعد أول عرض له في مهرجان فينسيا السينمائي العام الماضي، تُوِّجَ فيلم "بيردمان" أو "الفضيلة غير المتوقعة للجهل" بمجموعة من الجوائز في واحدة من أكبر التقييمات العالمية، وذلك في حفل توزيع جوائز الأوسكار السابعة والثمانين 2015، لأفلام العام الماضي 2014، والتي أعلنت منذ أيام قليلة.

وفاز فيلم بيردمان، الأمريكي الإنتاج والمكسيكي الإخراج، للمبدع المتميز أليخاندرو جونزاليس إيناريتو، في الحادية والخمسين من عمره، وفي رصيده السينمائي مجموعة من الأفلام الشديدة التألق مثل "أموروس بيروس"، و"21 جراماً"، و"بابل"، و"بيوتيفيل"، بجائزة أوسكار أحسن فيلم، وأحسن إخراج، وأحسن تصوير للمصور الكبير إيمانويل لوبيسكي، وأحسن سيناريو أصلي، وقد اشترك إيناريتو في كتابة سيناريو الفيلم مع ثلاثة كتاب آخرين للسيناريو هم: نيكولاس جياكوبوني، وألكسندر دينيلاريس، وأرماندو بو.

أزمة انعدام الأمان

يتناول أليخاندرو في فيلمه، الذي امتد زمنه لقرابة الساعتين، من بين أمور كثيرة تتمحور بالأساس حول الفنان وحياته ومشاكله التي يعانيها عبر مساره المهني، أزمة انعدام الأمان التي يعاني منها العاملون في مجال الفن بصفة خاصة، والأمان هنا، قد لا يتعلق بالضرورة بضمان معيشة كريمة في المستقبل أو رصيد يكفي ويفيض في البنوك، بقدر ما هو متعلق أكثر بأمور أخرى أكثر جوهرية بالنسبة للفنان، منها على سبيل المثال، الحفاظ على تألقه الذهني والحركي والأدائي لأطول فترة ممكنة، والسعي للنضج والتطور من مرحلة لأخرى.

وفي الوقت نفسه سعي الفنان الدائم لتقديم ما يرضيه هو بالأساس، ويكون متلائماً أيضاً مع ما يرغب فيه السوق وجهات التمويل، ويقبل عليه الجمهور كذلك. وفي غمرة كل هذا، العمل على تحقيق أقل قدر من المواءمات بين هذا وذلك، وعدم الرضوخ في النهاية، وتقديم الكثير من التنازلات أو تنازلات سريعة، لا سيما عندما يكون الفنان قد وصل إلى مرحلة ما في منتصف المشوار أو اقترب من مرحلة اختتام حياته المهنية. ومن ثم الوصول في النهاية لتحقيق قدر من التوازن بين ما يرغبه الفنان وما هو متاح أو مسموح به.

وفيلم إيناريتو يخوض بنا في تلك الأزمة المتشعبة الجذور، لكن هذه المرة بدلاً من أن يسقطها على فن السينما، آثر أن يأخذها إلى فن المسرح، وليس أي مسرح، إنه برودواي باسمه وتاريخه وسطوته وقوانينه الخاصة. وبطبيعة الحال، تنطبق ربما جميع أحداث الفيلم على فنون أخرى غير السينما والمسرح، ما دام هناك الفنان الذي يعاني دائماً ليخرج ما يريده. وقد كان اختيار إيناريتو صائباً فيما يتعلق بالمسرح على وجه التحديد، المشهور بكواليسه المخفية عن الجمهور، ودهاليزه وطرقاته وأفراده الواقفين خلف الستار، الذين هم أكثر ممن يصعدون إلى خشبته كل يوم، والذين يلتقون يومياً في نفس المكان ونفس ذات الأجواء طوال مدة عرض العمل، وربما لا يفارقون بعضهم إلا لساعات جد قليلة.

الخبايا النفسية لدى الممثلين

ومن هنا أيضاً أتاح هذا الاختيار لمخرجه، أن يعرض لنا أحوال هؤلاء الفنانين على الخشبة أو بالحياة الحقيقية مع بعضهم البعض أو حياتهم الخاصة عندما ينفردون بأنفسهم أو بمعارفهم. وكذلك أطلعنا على خباياهم ودواخلهم النفسية التي تشبه إلى حد كبير، تلك التي للطرقات والممرات والسلالم وحجرات الممثلين، والتي تقع كلها خلف خشبة المسرح الرئيسية، حيث ظلت الكاميرا تطوف بنا هنا وهناك على امتداد أكثر من نصف الفيلم، ناقلة لنا كل تلك الأجواء الغارقة معظمها في ظلام الإضاءة الكهربائية المصطنعة.

وقد اختار إيناريتو أن ينصب اهتمامه على ممثل واحد، على وجه التحديد، ليجعلنا نتابع من خلاله تفاصيل تلك الحالة التي يمر بها الكثير من الفنانين الحقيقيين في مراحل مختلفة من مسيراتهم الفنية. ومشكلة "ريجان تومسون" (مايكل كيتون) معقدة ومركبة بعض الشيء، لأنه ليس فناناً هاوياً أو ناشئاً ولا هو في نهاية عمره ومسيرته، ولا هو قادم من المجهول. المشكلة أنه فنان وممثل موهوب ومتميز، ويحمل على عاتقه شهرة ونجاحاً جماهيرياً، وسلسلة من الأفلام التي حققت إيرادات ونجاحات سابقة. لكنه عند تلك المرحلة من حياته، وجد نفسه غير قادر على إكمال مسيرة أفلام بيردمان السطحية، ولا لعب نفس الدور الذي يحصره في النهاية في ذات الأداء النمطي لتلك الشخصية، ولا يحقق له أي قدر من الإشباع الفني والتحقق الذاتي.
قصة الفيلم 

يتمرد ريجان تومسون، ومن هنا تنبع مأساته، وصراعه مع نفسه أو مع صوت الفنان بداخله، الذي يظهره خوزيه إيناريتو متجسداً في الفيلم على هيئة شخصية بيردمان، حيث يأخذ في التحدث إليه وفي أحيان كثيرة ينهره أو يستفزه أو يستحثه أو يسخر منه. وتمرده هذا دفع ثمنه غالياً من نسيان وتجاهل وتراجع وتفكك أسري واجتماعي، وبالطبع ابتعاد الإعلام والشهرة عنه. وريجان ليس مهموماً بكل هذا، إنه يبحث أكثر عن الإشباع الفني والتحقق الذاتي، ومن أجل هذا يغامر بكل ما لديه من مال في عالم المسرح وليس السينما من أجل تقديم عمل، يرى الجميع أنه لا يصلح للجمهور العادي، على الأقل في برودواي. وهي قصة قصيرة للأديب الأمريكي الشهير والمتميز رايموند كارفر بعنوان "ما نتحدث عنه عندما نتكلم عن الحب".

وفي خضم كل هذا الذي نعايشه فيما يتعلق بأزمة الممثل ريجان تومسون، ينسج إيناريتو العديد من الخيوط الأخرى كي يثير عبرها العديد من التساؤلات، ليس فقط حول أزمة الفنان، بل عن الحب نفسه، الذي تدور حوله أحداث المسرحية المقدمة على الخشبة، ومغزى عملية الإبداع الفني ومدى صدقها ومصداقيتها، والعلاقات بين البشر على المستوى الأسري، الأب والابنة "سامنتا" (إيما ستون)، والأجيال الفنية والصراع فيما بينها، وصولا إلى العلاقة الشائكة والملتبسة دائماً بين الفنان والناقد. وكل تلك الخيوط والتساؤلات المطروحة، يلاحقنا بها إيناريتو بنفس سرعة وخفة ورشاقة كاميرا مصوره الرائع المكسيكي إيمانويل لوبيسكي، صاحب الأوسكار الثاني له على التوالي، وذلك بعد فوزه العام الماضي عن فيلم "جاذبية".

مزج بين الماضي والحاضر والحلم والواقع

ليس ثمة شك في أن مجهود إيناريتو ومصوره وبالطبع مدير الإضاءة ومصمم المناظر بارز وملحوظ جداً في معظم مشاهد الفيلم، والتي خرجت على نحو قدر كبير من البراعة، يدل على مدى الدراسة والتخطيط والتدريب المسبق قبل التنفيذ. وليس من حقنا بالطبع أن نتساءل عن خيار إيناريتو الجمالي الذي جعله يلجأ لتصوير فيلمه بتلك الطريقة على هيئة لقطة واحدة، ليست متصلة بطبيعة الحال، يفصل بينها القليل جداً من الانتقالات لا سيما أثناء بزوغ النهار أو غيرها من النقلات الناعمة غير المحسوسة. لكن علينا أن نشيد بأنه قد أجاد استخدام وتوظيف تلك التقنية، وكذلك لجوئه القليل للاستعانة بالكمبيوتر لتنفيذ بعض اللقطات، وكيف أنه أفلح في أن يمزج عن طريقها على نحو شديد التميز بين الماضي والحاضر والحلم والواقع. واستطاع من خلالها، في النهاية، أن يبلغ لنا بالفعل الرسالة التي أرادها أن تصلنا عبر فيلمه.

وقد جاء ترشيحات الأوسكار لهذا العام على قدر كبير من الصواب، حيث منحت جائزة أحسن فيلم وإخراج لبيردمان مفضلة إياه على الأفلام السبعة الأخرى التي تنافست معه. ونفس الأمر ينطبق على تجنب الترشيحات منح الفيلم جائزة أحسن ممثل أو غيرها من جوائز التمثيل.

موقع "24" الإماراتي في

02.03.2015

 
 

زوم

عكاظ الأفلام العالمية أفضل أسواقها بيروت...

بقلم محمد حجازي

أعلنت الأوسكارات.

جوائز كثيرة كنا معها بالتمام والكمال، فالأفلام المقدَّرة، والفنانون الفائزون كلهم أهل لما نالوه، في وقت نعتبر فيه العام 2014 واحداً من الأعوام النادرة التي تكون فيها الأفلام المعروضة، ثم المرشحة والمتسابقة جيدة إلى هذا الحد، النسبة عالية،  وقد مرَّت علينا سنة شاهدنا فيها باقة من أمتع الأفلام، ليس الأميركية فقط كونها وافدة من هوليوود، بل إن بريطانيا «بيّضتها» هذه الفترة كما فعلتها فرنسا مؤخراً حين أطلقت «الفنان».

نعم لقد عشنا براحة مع موعد الأوسكار،  وعرفنا أن أياً كان من اللائحة لو فاز لن نشعر بغبن، لغيره أبداً، فكيف يتنافس من أحببناهم ونغضب إذا فاز أحدهم. أبداً، كنا معها كلها، حتى «تمبتكو» للموريتاني عبد الرحمن سيساكو الذي ستراه بيروت في إفتتاح مهرجانها السينمائي في 12 آذار/ مارس الجاري لم نعتبره خسارة بل هو حاضر، وكرّمته أوروبا بالسيزار، و«إيدا» الشريط الفائز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية من الأعمال الجيدة التي تستأهل تكريماً عالمياً.

ولأننا أمة لا يعجبها العجب، ودائماً نعثر لأي أمر جيد في حياتنا على مرادف سلبي، محبط، نلجأ إليه مع كل إنجاز نحققه، نحب تكرار تحية التقدير لشركات التوزيع السينمائي المعتمدة كمكاتب للشركات العالمية، لأننا نظل على الدوام في حالة إستنفار مع مديري هذه الجهات أولاً للدعوات المتتالية أسبوعياً التي توجّه إلينا لكي نشاهد فيلماً هنا أو آخر هناك في صالة ثانية أو ثالثة، بحيث نكون على إطلاع دائم وميداني على كل جديد، حين حصوله أو بعد حصوله بقليل.

ولن ننسى أن شريط جوليان مور (Still Aice) شاهدناه في عرض خاص الأربعاء في 24 الجاري، وكانت الجوائز أعلنت صباحاً (الإثنين) بتوقيت بيروت، ونالت عنها مور أوسكار أفضل ممثلة أولى، حصل هذا بعدما كنا شاهدنا معظم الأشرطة المتبارية والواردة على لائحة الترشيحات تباعاً في عروض خاصة، إن الموزعين يقدّرون النقاد ويريدون العثور على أفضل الأبواب لوضعهم في صورة ما يستجد سينمائياً، وهذا المناخ تعرفه الشركات الأجنبية في مواطنها ما بين لوس أنجلوس، ولندن، وباريس خصوصاً، إذ منهم يسارعون إلى الموافقة على العروض الخاصة في مواعيد محددة، وقبل حتى أن تعرض في افتتاحات لطالما عرفت حشوداً من النجوم وأهل الفن السابع، ومع ذلك نشاهدها في بيروت، تقديراً لمدينة فيها أكبر عدد من صالات العرض في العالم قياساً على مساحة لبنان التي تكاد لا تذكر حين الحديث عن مساحة الدول الأخرى، الكبرى جداً.

نعم كثيراً ما نشاهد أفلام هوليوود قبل أهل المدينة نفسها.

وهذا تكريم وتمييز وتقدير.

واللبنانيون الذين تدفقوا على الصالات لمتابعة كل المتنافسين على أوسكار 87، كانوا في حالة فرح ثقافية، فنية، وحتى في مجال التسلية، لقد ملأت الأفلام فراغ ساعاتهم، وجعلت من يتابعون جديد السينما يكادون لا يغادرون الصالات المظلمة، فالفرصة سانحة بكل بساطة لمشاهدة كل الأفلام... نعم كل الأفلام.

هذا تتيحه بيروت فقط.

صحف العديد من الدول العربية تعطي مواعيد بعيدة للأفلام الجديدة،  وتعلن عن أشرطة تكاد تنساها بيروت، التي تشع بصالاتها من الدرجة الممتازة، والتي توفّر أفضل الأفلام وأحدثها، مع تقنية عرض فائقة الدقة، كل هذا لكي يكون محب السينما بأمان ولا يخاف من شيء أبداً، كالإعتقاد بأن ما يقرأه عن الأفلام لن يراه بأم العين قريباً أبداً ودائماً العرض قاب قوسين أو أدنى.

لم نعثر بعد على عبارة تكفي لتوصيف هذه الحالة أبداً.

لكنها فرصة أكيدة للقول ان صناعة الصالات في لبنان ستبقى الأولى في دول العالم المتحضّر. هناك 125 صالة سينما، أفلام لا تعدّ ولا تحصى، وهي تصل من أقاصي الأرض لكي تكون على شاشاتنا، ووسط روّاد يفهمون ويقدّرون ويتذوّقون ما يشاهدونه، وهذه ميزة ليست متوفرة لشعوب كثيرة ليس في المنطقة فقط بل في العالم أجمع.

مرَّ الأوسكار 87 على خير.

قدّم لنا أفلاماً ضخمة ورائعة، وأحاطنا علماً بأن السينما ما زالت في صدارة الفنون المرئية، وان القادم من الأيام سيشهد ولادات ابداعية سينمائية تفوق كل ما عرفناه محلياً وفي العالم.

شريطان بارزان على شاشاتنا مع 4 مخرجين والنتيجة جيدة.. مؤثرة وجاذبة

«جوليان مور» رائعة مع الألزهايمر في شخصية «أليس» الممزَّقة من داخلها

«ويل سميث» سارق ومحتال يظل يلعب حتى النهاية.. ويفوز بإمرأة فقط

بخمسة ملايين دولار فقط وصل فيلم (Still Alice) للمخرجين ريتشارد غلاتزر، وواش ريستمورلند إلى ترشيحات الأوسكار في الدورة 87 ثم إلى الفوز بأوسكار أفضل ممثلة لـ جوليان مور في دور أليس هولاند الأستاذة الجامعية المتخصصة في علم الألسن، والناجحة في زواجها من جون (ألك بالدوين) ولهما 4 أبناء: آنا (كيت بوسوورث)، ليديا (كريستن ستيوارت)، شارلي (شين ماكراي) وتوم (هانتر باريش).

ابنة الـ 55 عاماً إستطاعت أداء واحد من الأدوار الصعبة لسيدة ناجحة منطلقة، تصاب فجأة بأعراض الألزهايمر، وتبدأ عندها في النسيان، وحصول مفاجآت محرجة لها، أقلّها محاولتها الذهاب إلى الحمام فتنسى أين هو في المنزل، وتبلل نفسها ليهتم بها زوجها القريب جداً منها محاولاً تهدئة خاطرها، وعدم إشعارها بأن الأمور تسوء أو أنها باتت عبئاً على المنزل وأهله.

الأبناء والزوج كلهم يحاولون طمأنتها وهي لا تدري كيف تعمل وكيف تتحرك، وماذا عليها أن تفعل وسط هذا المناخ الجديد، حيث لم يعد الكلام مريحاً على لسانها أبداً، بات قليلاً وهي تسأل السؤال عينه عدّة مرات، ومع ذلك فالأمور محلولة مع الزوج، وكان الجميع مرتاحين لأنها لبّت الدعوة لإلقاء محاضرة حول الألزهايمر مصارحة الحضور أنها بدأت تنسى وها هي الأعراض بادية عليها.

أجواء الفيلم الجميل كتبها المخرجان عن رواية لـ ليزا جينوفا، وجاءت النتيجة مؤثرة جداً ولا مجال للإنقطاع عن الأحداث على مدار الأجواء المحيطة، خصوصاً ما يستطيعه الزوج، وما تبادر به هي، آليس، وما يفعله الأبناء، أو ما يتصادمون من أجله.

مور التي عرفناها في (Crazy Stupid Love) و(Game Change) و(Don Jon) و(The English Teacher) و(Non Stop) و(Carrie) و(Maps to the Stars) وقريباً نشاهد لها (Freeheld), تؤدي الشخصية بوجه قلق، ومشاعر تتحرك من الداخل، وفطرية في الأداء من خلال خبرة طويلة من عام 87 في التلفزيون مع سداسية (I`ll Take Manhattan).

الألزهايمر أزعج آليس وتركها أسفة على أنها تمتلك الكثير من المعلومات عن المرض ولا تقدر التعبير لأن النّاس تتكلم بسرعة أما هي فلا شيء يتغيّر في مفاهيمها وقناعاتها. وقد أعجبنا «الكاستنغ» الذي اختار ألك بالدوين لدور الزوج فهو أدى العديد من المشاهد المميّزة درامياً، بعدما أرهقته الأفلام في الأدوار السلبية، بعيداً عن وسامته الطاغية. لعب باقي الأدوار: سيث جيليام، سيتفان كونكون، ايرين دراك، دانيال دجارول، مع شريط في 101 دقيقة.

{ (Focus):

جديد ويل سميث، عرضته بيروت في 26 الجاري، يديره المخرجان غلين فيكارا، وجون ريكا، في عمل كتباه معاً، واستعانا بفريق تمثيلي متمكن: مارغوت روبي (جيس)، أدريان مارتينيز (فارهاد)، روبرت تايلور (ماك أوين)، ستيفاني هونوريه (جانيس)، دومينيك فوموزا (جاريد)، خوان مينوجن (مارسيللو).

الشريط تعرضه أميركا بدءاً من 27 شباط المنصرم في 104 دقائق، صوّر في نيو اورليانز (لويزيانا)، وهو أول فيلم يجمع سميث مع روبي، والثاني سيكون بعنوان: (Suicide Squad).

ويتمحور الفيلم السريع والخفيف الظل، وكثرة الجميلات السارقات فيه حول حالات إحتيال في إطار ظريف بين نيكي (ويل سميث) وجيس مع بعضهما ثم من خلالهما مع آخرين، فالحب وقع بين الطرفين، وراحا ينفذان عمليات ناجحة صغيرة وكثيرة، أفضل من كبيرة جداً وكأنما يريدان التقاعد من بعدها عن هذا الفعل، وكان فريق منسجم مدرب جيداً يتولى التنفيذ في الشارع، في الأماكن المكتظة بحيث لا يشعر أحد بما يجري وحتى لو تمّ الضبط فإن أي إثبات ليس موجوداً، لأن الغرض المسروق يصبح في لحظات أسير آخرين أخذوه في الشارع وتناوبوا على حمله حتى يذهب فوراً إلى حساب نيكي.

يختصر الفيلم نفسه منذ المشهد الأول، تجيء جيس إلى نيكي في أحد المقاهي متعرّفة عليه، طالبة منه التصرف على أنهما يعرفان بعضهما، هرباً من سطوة شخص معها، والذي هو نفسه الذي يتولى ضبطهما معاً، ويواجهه نيكي بإبتسامة تقول: لقد كشفتك منذ وقت، أنتم مراهقون في فعل الاحتيال. لذا يخضع نيكي الصبية الجميلة لدورة مكثفة في الإحتيال والسرقة الخفيفة، وبالتالي الإنضمام إلى مجموعته.

لا جاذب قوياً في الفيلم سوى حضور سميث

نقد

(Whiplash) صدام موسيقي بين مايسترو وعازف

ولادة ممثلين رائعين ومخرج ثلاثيني مع درس سينمائي..

كم أسعدنا وأمتعنا هذا الفيلم..

كم شعرنا أن السينما بخير.. مرة جديدة مع فيلم لا ينسى، ويصعب المرور عليه دونما إكتراث، أو تقدير أهمية.

(Whiplash) نص وإخراج داميان شازيل وبطولة مطلقة لممثلين رائعين حتى الثمالة وإن كان الأول جي. كاي. سيمونس، قدّم شخصية فلاتشر، المايسترو المبهر الذي يريد الفوز في حياته المهنية بباقة من العازفين المبدعين الذين يعيدون أمجاد الكبار في العزف على الآلات الجماهيرية وحيازة ألقاب مهمة في مجال ابداعاتهم، وأدى سيمونس الدور بكثير من الابهار في تقمص الدور وتوصيله مؤثرا للمشاهدين.

الثاني هو بطل الشريط مايلز تيلر، لاعب دور العازف الموهوب آندرو، الذي ولشدة إعجابه بـ فلاتشر كانت أمنيته دائماً أن يكون في عداد فريقه الموسيقي الذي كلما دخل في مسابقة على مستوى البلاد حاز المركز الأول، كونه الأقدر على تدريس العازفين وإعدادهم ليكونوا متفوّقين في ابداعهم، لكن الأمور لم تكن سهلة مع هذا الشاب الذي إنصاع لمزاجية فلاتشر، وتحمّل صراخه وطريقته الفجّة في المخاطبة، وعدم مراعاته للشيء أمام رغبته في الفوز بأفضل أداء عزفي، وبالتالي الوصول إلى ما بعد قدرة العازف على العطاء، كان يطلب أعلى مستوى من طاقة العطاء حتى يكون مرتاحاً.

هذه السادية وراء الخلاف مع العازف آندرو (28 عاماً) الذي رضخ بالكامل لكل طلبات فلاتشر، ومزاجه، وكلماته النابية، من أجل نيل حظوة في العمل معه، ولم يفهم وهو يتلقى القسوة والشدة والغضب، واللاإيجابية أن هذا المايسترو إنما يعتمد طريقة عكسية لأخذ أقصى ما يمكن من آندرو، وعندما زادت الأمور عن حدّها بشكل مزعج، قرر آندرو المواجهة، طالما أن فلاتشر يأتيه كل يوم بمن يزعجه إلى جانبه ويعزف على الآلات الإيقاعية لإحباط عزيمته وجعله يعطي قدراً أكبر من الإجادة في العزف، عندها عاد إلى بيته وراح يتدرب بشكل مكثف إلى أن سال الدم من يديه وغرق في تعرّق غير طبيعي وكاد يغمى عليه، فقط في محاولة لبلوغ الحد الأقصى في هذا المجال.

لكن كل هذا أيضاً لم يشفع له في كسب رضى فلاتشر الذي اعتبره ما زال بطيئاًَ ويحتاج إلى جهد إضافي لنيل رضاه، الأمر الذي أخرج أندرو عن طوره وهاجم المايسترو على المسرح لخنقه.

ينسحب آندرو الذي أبعد عن طريقه صديقته الجميلة نيكول (ميليسا بينوا) فقط لأنه يُريد التركيز على عزفه، ولم يعرف استردادها لاحقاً، ويعتزل في منزله، إلى أن ترفع دعوى ضد فلاشتر يدعمها آندرو وتقول بأن قسوة هذا المايسترو تسببت في وفاة شاب، والحبل على الجرار. تمر الأيام ويلتقي الإثنان مصادفة بعدما قرأ آندرو إعلاناً عن حفل يشارك فيه فلاتشر ويعزف على الأكورديون، فيقصده ويراه عن بُعد داخل المكان، ويناديه فلاتشر ليبلغه بأنه منذ طرده من المعهد بفعل شكوى أحد الطلبة (كان يقصده هو) وهو يعمل بشكل متفرق، وعرض على الشاب أن يعزف معه في فريق سيقدّم حفلاً في القريب، وبعد تردد ذهب آندرو، وكانت المفاجأة أن المايسترو يرغب في الثأر لما فعله به، فأبلغه أنه سيتم عزف مقطوعة، وحين التقديم أمر بعزف أخرى لإحراجه أمام الحضور فتلعثم وتردد آندرو، وترك مكانه ومشى، ثم عاد سريعاً وباشر العزف والطرق بكل طاقته، بمعزل عن كامل الفريق، غير عابئ بوجود المايسترو والفرقة حتى آخر نفس.

الشريط كان مرشحاً لخمسة أوسكارات منها: أفضل سيناريو مقتبس، نفذ بميزانية ثلاثة ملايين و300 ألف دولار وجنى الفيلم بين 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2014 و6 شباط/ فبراير 2015 حوالى تسعة ملايين ونصف المليون دولار

والمخرج كاتب النص شازيل لم يتعدَّ الثلاثين من عمره، أميركي من مواليد رود آيلاند، له عام 2013 شريط: (The last exorcism part 2). 

اللواء اللبنانية في

02.03.2015

 
 

'بيردمان' يعيد ببراعة إنتاج مفاهيم قديمة

العرب/ أيهم سلمان

فيلم 'بيردمان' ينطلق من الشكل التقليدي التجاري ليعرج على أشكال أخرى كالكوميديا والرومانسية، ليشكل نمطا صادما ذا بعد فلسفي معقد.

احتكر فيلم “بيردمان” أو “الرجل الطائر” للمخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو، أكثر الجوائز أهمية، خلال حفل الأوسكار الـ87، حيث كانت أهمها جائزة أفضل فيلم، إضافة إلى جوائز أفضل إخراج، وأفضل سيناريو، وأفضل تصوير.

انتزع أليخاندرو غونزاليس إيناريتو من خلال فيلمه الجديد “بيردمان” اعتراف النقاد والمختصين المعنيين بتقييم أفلام الموسم. هذا الاعتراف جاء نتيجة طبيعية، لأن الفيلم لم يكن شريطا سينمائيا تقليديا، فجهد إيناريتو من خلاله إلى إعادة صياغة المفاهيم السينمائية عموما، والهوليودية خصوصا، حين استعان بالأنماط التجارية الأكثر رواجا في أميركا، أفلام (الأبطال الخارقين)، والتي تحقق رغم تشابهها إيرادات تجارية عالية.

انطلق الفيلم من الشكل التقليدي للفيلم التجاري، معرّجا على أشكال تجارية أخرى كالكوميديا الخفيفة، أو الرومانسية الكلاسيكية. اعتمد إيناريتو هذه الأشكال الثلاثة إطارا لمشاهده، وحتى على مستوى أداء الممثلين، فقد وجههم عامدا لأرخص أنواع الأداء التجاري.

هذا الشكل الهش والنمطي والصادم هو واجهة للعبة كبيرة، حيث تتحوّل الكوميديا الخفيفة فجأة إلى كوميديا ثقيلة، ذات بعد فلسفي، وتتحوّل الرومانسية المبتذلة إلى واقعية نفسية، وتحيلنا لعبة البطل الخارق في النهاية، إلى واقعية سحرية مدهشة.

مارس إيناريتو هذه الخديعة ليثبت أن السينما النخبوية لا تنفصل عن الشارع، فقدّم فيلما تجاري الشكل، عميق المضمون، وباع إلى المشاهد البضاعة التي يرغب في بيعها، على شبابيك النخبوية والتجارية، في إعادة لخلق مفاهيم السينما الحديثة ذات البعدين.

يوغل الفيلم في المفاهيم الفلسفية المعقدة، من خلال “الرجل الخارق”، وخاصة المفهوم الذي ابتدعه نيتشه، واستلهمه صناع السينما لصناعة أفلامهم ذات العوائد الضخمة، لقد أعاد الفيلم هذا المفهوم إلى أصوله؛ النزعة البشرية إلى التفوق، الطموح الظاهر عند البعض والخفي عند البعض الآخر.

الفيلم يوغل في المفاهيم الفلسفية المعقدة، من خلال "الرجل الخارق"، الذي ابتدعه نيتشه

النجم السينمائي المتقاعد، يبحث عن نفسه من جديد، (بعد أن كان رجلا خارقا فيما مضى)، اقتحمه الوهم وسيطر عليه، وتقمصته الشخصية التي كان يؤديها فأصبحت جزءا منه، هو بطل خارق مع ذاته، وشخص مهزوز محبط أمام الآخرين، وليستعيد صورته تلك، يحتاج إلى كبش فداء، فيختار التضحية بالشخص المهزوم ويحتفظ بالرجل الخارق.

أما الآخرون فبعضهم يخفي أمره الخارق، وبعضهم لم يكتشفه أصلا، يعيش كل منهم ازدواجيته الخاصة والمختلفة، على خشبة المسرح الضيقة، أو على الخشبة الواسعة، التي يحكمها الزيف ذاته، أداء رخيص لكل البشر، تتخلله لمحات صدق تظهر وتزول، واللحظات الأكيدة الصادقة هي اللحظات الأخيرة.

يجسد ممثلو الفيلم عالما يعرفونه تمام المعرفة، عالمهم الخاص، يجسدون أنفسهم بأسماء مختلفة، ويعكسون انفصاماتهم التي يعيشونها رغم إدراكهم لها، هذا الفن الذي يستنزف النفس البشرية، هو مادة الفيلم وغايته، جميعهم تورطوا مسبقا في ذات اللعبة التي يعيدون إنتاجها.

استجاب كل من مايكل كيتون، نعومي واتس، إدوارد نورتون، وإيما ستون، لنزعة المخرج، وتواطأوا معه في مؤامرته ضدهم، وانطلاقا من هنا، تنسج الحكاية على شكل خط مستمر.

“الكاميرا الطائرة” تلاحق الجميع؛ تدور بين الغرف وعلى خشبة المسرح وتخرج إلى الشارع دون أن تتعب، والزمن مستمرّ فنيا، لا نقلات ولا فواصل، مشهد واحد منذ البداية حتى ما قبل النهاية، على شكل القوس الروسي لـ”سوكوروف”، لكن هنا تلعب التقنية دورها، فالمشاهد مجزأة تقنيا، لكن لها شكل وحدة زمانية ومكانية.

بالعودة إلى النص الذي شارك في كتابته، يبدو أن إيناريتو أرهق دماغه كثيرا، لنيل الجائزة التي حرم منها في مناسبات سابقة

ولعل هذا الأسلوب الذي اتبعه إيناريتو كان خيارا موفقا، لحمل المشاهد من مكان إلى آخر دون إشعاره بالانتقال، حتى يشعر بدهشة مضاعفة، إضافة إلى الخيال المناظر للواقع، والذي يتوحد معه في المشهد الأخير، كتجل لواقعية ماركيز السحرية.

بالعودة إلى النص الذي شارك في كتابته، يبدو أن إيناريتو أرهق دماغه كثيرا، لنيل الجائزة التي حرم منها في مناسبات سابقة، حين ظلم التقييم فيلمه “21 غرام” سنة 2003، والذي قدم نموذجا تجريبيا فريدا في قدرته على التلاعب بالزمن، ثم عاد وطوّر تجربته في “بابل”، الذي فشل أيضا في الحصول على جائزة الأوسكار 2007، وفيلمه ما قبل الأخير “جميل” عجز كذلك عن نيل جائزة أفضل فيلم أجنبي في 2011.

مع هذا عاد إيناريتو إلى نفس الساحة بعد 4 سنوات، ليستكمل مشروعه السينمائي، ويدخل مفاهيم جديدة إلى السينما الحديثة، فواءم من خلالها بين الصناعة، وبين المشروع الفكري والثقافي، وهذا ما وضع لجنة التحكيم في مأزق، فلا مفرَ إذن من منحه الأوسكار هذه المرة، تقديرا له على كل هذا الجهد.

العرب اللندنية في

03.03.2015

 
 

كوميديا سوداء تثير الكثير من التساؤلات بأبعاد فلسفية مهمة

“بيردمان” . . فيلم يقلب نظريات النجومية والمعايير السينمائية

مارلين سلوم

كثيراً ما يتساءل الناس: "لماذا يعيش الفنانون حالات اكتئاب؟ ولماذا ينتحر بعضهم؟ 

هؤلاء الذين يعيشون حياة ترف، و"ينعمون" بالشهرة ومحبة الملايين من الناس والمعجبين الذين يطاردونهم، والفن يدر عليهم أموالاً طائلة فينقلهم من حالة البؤس أو الوسط إلى الثراء.. ماذا يريدون بعد؟" الجواب بكل بساطة قدمه المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو بفيلمه "الرجل الطائر" أو "بيردمان" فاستحق عنه أكثر من جائزة وحمل الأوسكار بكل فخر عن أفضل مخرج وأفضل فيلم لهذا العام .

من يشاهد "بيردمان" يسأل نفسه: كيف تمكن أليخاندرو إيناريتو من كتابة هذه القصة؟ وكأنه كان في وضع تجلّ، يحلّق عالياً وبعيداً فوق التفاصيل الصغيرة للحياة، وفي الوقت نفسه يغوص في عمق الذات ليقرأ كل ملحوظة يكتبها الفنان في قرارة نفسه عن نفسه ويكتمها طويلاً، ثم يعيد قراءتها بعقله الباطني ويعيش في صراع معها .

يتخبط بين ما يراه أمامه في يومياته وتفاصيل حياته، وبين ما يشعر به، بين الضوضاء والشهرة والمعجبين المحاط بهم باستمرار، وبين حقيقته التي ترفض أن ترى أو تسمع كل هذه النجومية، فيراها مجرد ضجيج والإضاءة مجرد أنوار تزعجه، والمعجبون مارة في الطرقات لا يلتفتون إليه بل إلى الشخصيات التي جسدها وأوصلته إلى الشهرة، فإذا به إنسان يبحث عن ذاته التي ولد بها ونشأ عليها، والتي تحتاج إلى الظهور لتكشف عن نفسها وتشعر بسعادة النجاح حقيقة .

فكرة الفيلم بسيطة، لكن معالجتها صعبة جداً، مملوءة بالكوميديا السوداء لكنها تحمل أبعاداً فلسفية مهمة، تُضحك المشاهد، وتحمله في رحلة ليتجول مع عقله وكل أفكاره في النفس البشرية وما يعتريها من مشاعر واضطرابات وقلق . بطل الفيلم ريغن طومسون (مايكل كيتون) اشتهر بأداء الشخصيات الخرافية في السينما، وأبرزها الرجل الطائر "بيردمان"، وبعد ابتعاد الأضواء عنه، يقرر العودة إنما هذه المرة من خلال اللقاء المباشر مع الجمهور على خشبة أحد مسارح براودواي . يختار قصة مشهورة للكاتب الأمريكي ريموند راي كارفر عنوانها "ما الذي نتحدث عنه حين نتحدث عن الحب؟" (1981)، ويحولها إلى مسرحية يتولى إخراجها وتمثيلها مع مجموعة من النجوم الأصغر منه سناً . يعيش حالة قلق قبل بدء العروض الخاصة أمام الصحافة والشخصيات العامة، ثم ليلة الافتتاح وقد امتلأت الصالة بالجمهور .

"الرجل الطائر" يتحول إلى هاجس يؤرق ريغن ويطارده في كل وقت ويحرمه النوم والراحة، يسمعه يتحدث إليه وكأنه موجود معه في الغرفة، يطير فوقه في الشارع ويحثه على الرجوع إلى "البطولات الخرافية" والأدوار الوهمية كي يستعيد نجوميته السابقة . يقنعه بأن المسرحية فاشلة قبل عرضها، وبأن الجمهور سيلتفت إلى النجوم الأصغر منه سناً، خصوصاً النجوم مايك شاينر (إدوارد نورتن) المغرور الذي يستعين به ليشاركه البطولة فيزيد من مخاوف ريغن ويقنعه بأنه أفضل منه وسحب بساط الشهرة من تحته والجمهور سيأتي من أجله هو . وبسبب قلة ثقة ريغن بمكانته الحالية في عالم الفن والشهرة، يصدق ويتردد ويزداد عناداً ورغبة في الهروب من الواقع . يكتشف أن طموحه أكبر مما يحققه فعلياً في الحياة، فيستسلم لعقله الباطني الذي يأخذه إلى نهايات غريبة، يحلق معها عالياً .

"بيردمان" يدفعك للسؤال هل الموت حقيقة أم خيال في هذا الفيلم؟ هل هو بداية أم نهاية لبطل القصة؟ المخرج أراد أن يقول إن الموت بداية لحياة أجمل، يمكنه أن يكون فوق الأرض لا تحت التراب، حين يكون الإنسان حياً جسدياً لكنه ميت باطنياً .

فالبطل ريغن رغم مطاردة الناس له في الشارع ومعرفتهم له وشدة حبهم له، إلا أنهم يحفظون اسمه "بيردمان" . وكأنه إنسان لا وجود له إلا من خلال هذه الشخصية . كيف يستعيد ثقته بنفسه؟

كثيرة هي الحكايات التي يتطرق إليها أليخاندرو، وتمر في مشاهد أو كلمات، لكن الفكرة الرئيسية واحدة منذ بداية العمل وحتى نهايته . من الهموم التي تشغل بال أهل الفن يطرح المخرج: سرقة النجوم لبعضهم بعضاً نراها في مشهد النجم (الشاب) حين يسرق أفكار النجم العجوز وبعض حكايات طفولته وينسبها لنفسه أمام الصحافة . مدى تأثير الصحافة في سمعة وشهرة الفنانين، وتتجسد في الناقدة تابيثا التي تعتبر صاحبة القلم اللاذع القادرة على تدمير فنان وعمله أو رفعه بمقالات النقد التي تكتبها وكل الفنانين والجمهور ينتظرونها . وفي الفيلم حوار رائع بين ريغن وتابيثا التي يلتقيها في مقهى ترتاده دائماً وتكتب مقالاتها وهي تجلس فيه، حيث تقول لريغن قبل موعد الافتتاح الرسمي للمسرحية: "سأقتل مسرحيتك، سوف أدمرها . وبغضب يرد عليها: كيف تكتبين عنها وأنت لم تشاهديها؟ أنت كسولة تجلسين على الكرسي وتكتبين مجموعة كلمات لا معنى لها ولا تنطبق على مسرحيتي، إنه مجرد كلام لا قيمة له وأنت لا قيمة لك لأنك لا تتحركين ولا تحاولين مشاهدة أي عمل" . 

ومن الحقائق التي تحصل في عالم الفن، قلق الممثلات أيضاً ومصممة الملابس والعاملين خلف الكواليس . . الكل يشعر مثل نجوم الصف الأول بالخوف وعدم الثقة بنجاحهم ويحتاج كل منهم إلى سماع كلمات المديح من أحد ما وممن يعملون معهم . كذلك "سام" ابنة ريغن تجسد أبناء الممثلين بتعاطيها المخدرات، ومعاناتها من إهمال والدها لها . . 

في المقابل تجسد سام واقع الشباب، فهي تقنع والدها بأهمية مواقع التواصل وتنشئ له صفحة على تويتر رغماً عنه لأنه لم يكن مقتنعاً بأي من هذه المواقع . . وتثبت له كيف أن مقطع فيديو صغير له حقق ملايين المشاهدة في ثوان وأصبح حديث الناس . . ووسط كل تلك "المعمعة"، تجد المنتج (زاك غاليفياناكيس) الذي يركض في كل الاتجاهات وهو دائم التوتر، خائف على أمواله، يسعى وراء مصالحه ويتعاطف مع النجوم في آن معاً

كثيرة العبارات التي يمكننا التوقف عندها، فالسيناريو محبوك جيداً، والحوار معبّر بدقة عن رسالة الفيلم . ولعل قول ريغن لزوجته: "هل تعلمين أن فرح فاوست ماتت بنفس يوم وفاة مايكل جاكسون؟" في إشارة إلى أن نجومية جاكسون سرقت الأضواء من فرح فاوست حتى عند الوفاة، وهي التي كانت نجمة مشهورة في صباها ونسيها الناس في كبرها، تعبر عن أحوال أغلبية النجوم في العالم وليس فقط في هوليوود، وكثير ممن فازوا بالأوسكار أو عرفوا قمة الشهرة وطاردتهم الأضواء والصحافة والجمهور ثم أصبحوا طي النسيان بفعل كبر السن مثلاً

نهاية "بيردمان" تؤكد لك أن أجمل وأهم ما في هذا الفيلم أنه يتركك تائهاً منذ المشهد الأول وحتى الآخر، لا يمكنك أن تتوقع أياً من الأحداث، وكل توقعاتك تبوء بالفشل . فيه حرفية عالية جداً في كتابة القصة، وتسلسل أحداثها يشدك بقوة ويثيرك لتعرف "ما الذي سيحصل؟"، وما يحصل لا يخطر على بالك، فالعمل مفاجئ بكل مراحله وأحداثه و"جنونه" . والمؤكد أن النهاية مختلفة تماماً تحلّق عالياً بين الواقع والخيال، والتي يصل إليها البطل بعدما يستجيب لصوته الباطني، وهنا يصح القول إن "بيردمان" لا يشبه أي فيلم سابق، ويستحق الجوائز وأن تذهب إلى الصالة لمشاهدته والاستمتاع به كفن سينمائي، وفكرة جديدة غير مألوفة، وإخراج عبقري.

الجمهور عايز كدة

بطل "بيردمان" يعيش في صراع دائم بين خوفه من تراجع جماهيريته، مع تقدمه في السن وانتقاله من البطولات السينمائية لأفلام خرافية، ومواجهته للجمهور على خشبة المسرح بعمل واقعي

والفكرة المهمة التي يلمسها المشاهد من خلال صراع الممثل ريغن طومسون مع "الرجل الطائر" الذي يطارده وكأنه صوت عقله الباطني، أن مقولة "الجمهور عايز كدة" غير حقيقية . فالوهم أو الخوف يقنع ريغن بأن نجوميته الحقيقية من خلال "الرجل الطائر" فقط، ويقول له: "افعل للناس ما يحبونه، فهم يحبون مشاهدة الدماء والحركة والتدمير والحروب والبطولات الخارقة (والوهمية) على الشاشة"، بينما الحقيقة التي يراها المشاهد أو يقدمها له المخرج أليخاندرو غونزاليس إيناريتو في الفيلم، أن الناس يحبون هذا النجم ومازالوا يلاحقونه أينما ذهب، وقد جاؤوا إلى المسرح لمشاهدته وفقدت التذاكر وبيعت في السوق السوداء ب 500 دولار للتذكرة . وصفقوا له طويلاً وأشادت بالمسرحية الناقدة تابيثا وتصدر مقالها عنها الصفحة الأولى للصحيفة . وكأن المخرج أراد أن يؤكد أن الجمهور يحب الأعمال الجيدة والمتقنة، بينما أهل السينما لا يرون ذلك ويقدمون الوهم بحجة أن "الجمهور عاوز كدة" .

شفافية ومصداقية عالية

من أسباب نجاح المخرج أليخاندرو غونزاليس إيناريتو في "بيردمان"، أنه عمل بصدق كبير وشفافية وبذل جهداً جباراً في التصوير وانتقاء ممثليه . فهو بنى الاستديو بمواصفات مطابقة للواقع وبممرات ضيقة جداً وأصر على إظهار ذلك من خلال حركة الكاميرا وكأن المصور يحملها على كتفه ويمشي خلف الممثل . . ويقول المخرج أنه اختار ممثلين بدلاء في البداية عملوا معه إلى حين الانتهاء من بناء المكان وكل الترتيبات، ثم تمّ استبدالهم بالممثلين الأصليين . أما القصة الأكثر واقعية فهي في كيفية اختياره النجم مايكل كيتون لبطولة الفيلم، حيث نشرت إحدى المجلات الفرنسية إن أليخاندرو عرض العمل على كيتون الذي جسد في الماضي في أكثر من فيلم دور الرجل الخارق "باتمان"، ثم تراجعت نجوميته وتضاءلت أعماله . حسب في البداية كيتون أن المخرج يسخر منه، لكنه حين قرأ ورق الفيلم بالكامل وقع العقد بلا تردد .

وتستمر "الخرافة"

مازالت هوليوود تصدر للعالم الأفلام الخرافية والبطولات الخارقة، التي بدأت منذ زمن بعيد مع قصص مكتوبة للأطفال، وتحولت إلى السينما على شكل كرتون ثم أفلام يجسدها نجوم من المشاهير . ولم تعد الشخصيات القديمة هي وحدها المسيطرة على عقول الأطفال والشباب من خلال السينما والتلفزيون، مثل "سوبرمان"، "سبايدرمان" و"باتمان" . . بل أصبح هناك شخصيات كثيرة، منها ما هو متوقع صدوره في أفلام

- "الرجل النملة" أو Ant-Man الذي سيرى النور في 22 يوليو/ تموز المقبل . إخراج بيتون ريد كتبه بول رود (مع آخرين) ويشارك في بطولته

- "تجمّع القتلى" أو Deadpool متوقع في 12 فبراير/ شباط 2016 إخراج تيم ميلر، بطولة راين رينولدز ومورينا باكارين

- "شازام" Shazam المعروف بأنه نظام أطلقته إحدى الشركات للتعرف بالأغاني في أجهزة الهواتف الذكية، سيتحول إلى شخصية خارقة تحمل نفس الاسم وسترى النور في الصالات عام 2019 بإنتاج مشترك بين "وورنر براذرز" و"دي سي"، والمفروض أن يؤدي البطولة دوين جونسون .

الخليج الإماراتية في

04.03.2015

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)