كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

"القطع" لفاتح أكين:

موضوع كبير ضاع في التفاصيل

أمير العمري- فينيسيا

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الحادي والسبعون

   
 
 
 
 

أخيرا عرض الفيلم المنتظر للمخرج الألماني- من أصل تركي- فاتح أكين- أي فيلم "القطع" The Cutالذي سبق أن سحبه مخرجه من مهرجان كان لكي يعرضه هنا في مسابقة مهرجان فينيسيا الـ 71.

هذا بلاشك أكثر أفلام مخرجه طموحا من ناحية الامكانيات الفنية، فهو يسعى إلى أن يجعله فيلما ملحميا على غرار الأفلام الكبيرة خصوصا وأن قسما كبيرا منه يدور في الصحراءب مناظرها الخلابة التي تغري أي مخرج بمحاكاة ديفيد لين في "لورنس العرب" مثلا. لكن الفيلم الذي يبدأ بداية قوية، يضعف كلما تقدم في مساره إلى أن ينتهي تلك النهاية الضعيفة بعد أكثر من ساعتين و18 دقيقة، دون أن يضيف شيئا إلى موضوعه.

الموضوع هو ما تعرض له الأرمن عام 1916 من إبادة جماعية على ايدي الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، وقيل إن عدد الذين لقوا نهايتهم ذبحا على أيدي الجنود الأتراك تجاوز المليون شخص. يتردد في فيلمنا هذا مرات عدة إسم "أرارات".. ذلك الجبل الذي يعتقد- حسب سفر التكوين في التوراه- أنه المكان الذي استقرت فيه سفينة نوح، أما في الميثولوجيا الأرمنية فهو "موطن الآلهة". وهو جبل ضخم يقع في تركيا بالقرب من الحدود مع إيران، وكان المخرج الأرمني الكندي أتوم إيجويان قد أخرج قبل 12 عاما فيلما يحمل عنوان "أرارات" يتناول مذابح الأرمن التي وقعت بالقرب من جبل أرارات، ولكن الفيلم كان يحمل بصمة إيجويان الفنية التي لا تميل الى المألوف من ناحية أسلوب السرد والتعبير بالكاميرا.

أما فيلم "القطع" فهو على العكس من "أرارات"، يروي قصة تدور في ذلك الزمن نفسه، ولكن من خلال شكل تقليدي، وأسلوب فني يميل إلى الإيقاع البطيء بغرض تحويل قصة رجل يبحث عن ابنتيه، إلى ملحمة الفقدان الأرمنية بعد أن تفرق الحال بمن نجا من تلك المذابح وانتشروا غرباء في أرجاء الأرض كلها. غير أن حتى هذه الفكرة لم تتحقق كما كان ينبغي.

قطع الرقاب

بطل الفيلم شاب يدعى "نازاريت" (يقوم بالدور الممثل الجزائري الأصل طاهر رحيم) وهو حداد أرمني في قرية تركية، ومع اندلاع الحرب العالمي الأولى يتم تجنيده مع غيره من شباب الأرمن للعمل في خدمة الجيش العثماني في أعمال أقرب إلى السخرة، ومع تطور الأحداث وتراجع القوات التركية أمام الحلفاء، تبدأ المذبحة التي نراها في الفيلم على نطاق صغير في مجموعة الأرمن بينهم نازاريت، يتم قطع رقابهم على أيدي مجموعة من السجناء الذين أطلق الأتراك سراحهم لهذا الغرض أي لكي يصبحوا أدوات لقتل الأرمن إلا من رغب منهم في اعتناق الإسلام ونبذ ديانته المسيحية حسبما نرى في الفيلم.

ويستمد الفيلم عنوانه من "قطع الرقاب" الذي نشاهده في مشهد شديد الدموية بكل تفاصيله على الشاشة بحيث يصبح صادما للعين باعتباره المشهد الي يريد المخرج ترسيخه في ذاكرة المشاهدين.

لكن بينما نرى الفظاعة التركية في أبلغ صورها، نرى أيضا رجلا تركيا من أولئك المساجين – لص سابق أطلق سراحه- يتردد في قطع رقبة نازاريت ثم يتظاهر بقطعها بينما يكتفي بطعنة في رقبته، لكي يصبح نازاريت الوحيد بين رفاقه الذي ينجو من تلك الذبحة، ويصحبه التركي الذي أنقذ حياته ويعطيه بعض الماء بل ويخلع أيضا نعليه ليمنحهما له. ومن هنا تبدأ الرحلة الطويلة لنازاريت، رحلة التيه في متاهة الصحراء، وصولا الى بلدة تجعى ديار العين حيث يعلم بمقتل جميع أفراد أسرته مع غيرهم، لكنه عندما يصل الى حلب في شمال سورية يلتقي بمساعده القديم في العمل الذي يبلغه بنجاة ابنتيه.

نتيجة تلك الطعنة في رقبته يفقد نازاريت القدرة على الكلام. ولكنه لا يفقد القدرة على الفهم والاستيعاب، يلتقيه تاجر صابون عربي من حلب ويصحبه معه الى حيث يمنحه المأوى والملبس والمأكل والعمل أيضا في مصنع الصابون الذي يملكه في المدينة. والعربي رجل صالح بكل معنى الكلمة فهو يقدم الحماية للأرمن الفارين بل ويأتي وقت يخصص فيه مكان مصنعه بأكمله كمقر لاستضافة اللاجئين الأرمن بعد الحرب أي بعد هزيمة العثمانيين الأتراك.

وجود نازاريت في مصنع الصابون مؤقت، فهاجسه سيصبح متركزا في أمر واحد فقط هو ضرورة العثور على ابنتيه واستعادتهما. وهذا هو موضوع النصف الثاني من الفيلم الذي يطول ويمتد وتمتد معه محاولات صاحبنا العثور على أثر لابنتبه: أولا في لبنان ثم في هافانا بكوبا ثم في مينابوليس بالولايات المتحدة.. وكلما تصور أنه سيعثر عليهما أخيرا في مكان من تلك الأماكن، سرعان ما يكتشف أنهما غادرا- أحيانا قبيل وصوله، بل ويعرف أن واحدة من البنتين قد أصيبت في ساقها وأصبحت عرجاء. ويتضاءل موضوع مذابح الأرمن، ويتحول الفيلم من الطابع الملحمي إلى طابع المسلسلات التليفزيونية التي تمتليء بالمبالغات والثرثرة البصرية والولع بتصوير أجواء الفترة في تلك الأماكن المختلفة التي ينتقل إليها البطل.

وفي تحية مباشرة الى شارلي شابلن يقدم أكين مشهدا يدور في احدى ساحات حلب لعرض سينمائي من تلك العروض الأولى في أوائل العشرينيات، لأحد أفلام شابلن، يشاهده جمهور من العامة يفترش الأرض مبهورا بسحر الاختراع، وبينه نازاريت الذي يتفاعل كثيرا مع الفيلم ضحكا ثم تأثرا حد البكاء. وهو مشهد زائد خارج السياق بكل تأكيد رغم جماله.

تراكم كمي

ويعجز سيناريو الفيلم في تطوير الموضوع أكثر خارج ما شاهدناه في الجزء الأول من الفيلم بحيث يصبح كل ما سنشاهده بعد ذلك تراكما كميا لا يضيف دراميا بل ولا يعمق إحساسنا بالموضوع.

وفي أحد المشاهد الزائدة أيضا، نرى كيف يعتدي بطلنا على رجل في هافانا قيل له إنه كان مسؤولا عما تعرضت له ابنتاه من متاعب وبعد أن يرضبه بعنف يسرق نقوده لكي يدبرالمبلغ المطلوب دفعه لمن سيقوم بادخاله الى أمريكا رغم اعاقته الواضحة التي لا تسمح له بالهجرة الطبيعية، وفي أمريكا يضطر الى التعامل بقسوة مع رجل أمريكي تصدى له محاولا قتله، بعد أن حاول اقتحام منزله لسرقة الطعام، ثم يعمل لفترة في تشييد السكك الحديدية، وينقذ فتاة تتعرض للاغتصاب على يدي أحد زملائه العمال.. وكلها مشاهد تخرج الفيلم تماما عن موضوعه الأساسي ولا تضيف الى الحبكة.

ورغم الجهد الكبير المبذول في الفيلم من ناحية الصنعة السينمائية (التصوير وتنفيذ المشاهد من ناحية الديكور والاكسسوارات والتوفيق الكبير في اختيار المواقع..) إلا أن هذا الجهد يتبدد مع ذلك الايقاع البطيء المترهل والمسار الذي لا يتطور للبطل والذي يقطعه أكين أحيانا، ببعض الأحلام التي تمنح بطله أملا في العثور على ابنتيه، لكنه يعثر في النهاية على واحدة وتكون الأخرى قد توفيت.. لكي ينتهي الفيلم تلك النهاية التي تردنا – بكل أسف- إلى ما بدأه الفيلم ولم يستطع أن ينهيه!

ولرغبة أكين في منح فيلمه فرصة العرض على الجمهور العريض في الولايات المتحدة، يجعل جميع شخصيات الأرمن في الفيلم يتحدثون بالانجليزية، حتى مع بعضهم البعض، رغم أن العرب يتحدثون العربية، والأتراك التركية. وهي نقطة ضعف أخرى في الفيلم.

ولا يسمح الدور- الصامت في معظمه- لطاهر رحيم بالتعبير عن طاقته التمثيلية، خاصة مع عدم تطور الشخصية مع تطور الزمن في الفيلم.

سيكون لفيلم "القطع" دور لاشك فيه في لفت الانتباه الى ذلك الملف الدموي في تاريخ العلاقة بين الأتراك والأقليات وخصوصا الأرمن في الزمن العثماني، وسيكون له أصداء لاشك فيها داخل تركيا نفسها، كونه قد فتح الملف المسكوت عنه طويلا، وعلى يدي مخرج محسوب- بشكل ما- على الثقافة التركية أيضا!

عين على السينما في

31.08.2014

 
 

مهرجان البندقية السينمائي:

تمثيلات الدين والالحاد في "كلمات مع الالهة"

صفاء الصالح/ بي بي سي - البندقية

يتصدى فيلم "كلمات مع الالهة" لمهمة تكاد تكون مستحيلة، أعني تقديم فيلم (انثولوجي) يجمع قضايا أساسية ومواقف ونظرات من كل الديانات الأنسانية الكبرى في 135 دقيقة هي مجمل زمن الفيلم.

وهي مهمة سقفها الابتسار ما دامت تسعى لتناول ديانات شغلت الجزء الأكبر من تاريخ البشرية وبحثها الروحي وتأملها في الوجود والمصير فضلا عن طقوسها وتقاليدها.

إن الحلول الشكلية التي اقدم عليها صاحب المشروع، الروائي والسينارست والمخرج (احيانا) المكسيكي غييرمو أرياغا (روائي اشتهر بكتابة عدد من السيناريوهات الناجحة ومن بينها الأفلام الثلاثة الأولى لمواطنه اليخاندرو غونزاليس اينارتو،أموروس بيروس و 21 غرام وبابل. وحصل على جائزة السيناريو في كان عام 2005) لم تنقذ الفيلم من هذه الحقيقة المنطقية التي حكمت مصير مشروعه.

كما لم ينفع حشد تسعة مخرجين لهم منجزهم وسمعتهم الفنية الجيدة في إنقاذ الفيلم، لكنه تركنا أمام شذرات التمعت هنا أو هناك في مساهمة هذا المخرج أو ذاك وسط نسيج من الرؤى المتنافضة والمتباينة وان غلب على الكثير منها الافتقار إلى العمق والتعكز على السخرية المباشرة والكوميديا في البعض منها أو التأثير العاطفي المباشر الذي يصل حد الميلودراما في البعض الآخر.

وتعكز الفيلم على اسم الروائي البيروفي الحاصل على جائزة نوبل للآداب ماريو فارغاس يوسا، الذي نسب إليه عملية اختيار تسلل الافلام القصيرة التي تكون منها الفيلم.

من الولادة الى الموت

اختار يوسا أن لا يعتمد تسلسلا تاريخيا للأديان بل تسلسلا منطقيا موضوعيا (من الثيمات التي تعالجها الأفلام) يمكن اختصاره بحياة الإنسان من الولادة الى الموت، فنرى الفيلم يفتتح بقطعة (فيلم قصير)عن الولادة ويختتم بقطعة عن موت الآلهة، إذا استعرنا لغة الفيلسوف الألماني الشهير نيتشه.

في الفيلم الأول أو القطعة الأولى، "آلهة حقيقية"، التي اخرجها المخرج واريك ثورنتون (وهو مصور تحول الى الاخراج من افلامه : شمشمون ودليله 2009 والياقوت الازرق 2012 ) يخصصها المخرج لديانة السكان الأصليين في استراليا.

ونتابع فتاة حامل من السكان الأصليين (الممثلة ميراندا تابسيل) تنتبذ مكانا قصيا في منطقة قاحلة لتلد وحيدة هناك، ونتابع بتفاصيل صادمة مخاضها العسير ولحظات ولادتها وحيدة في تلك المنطقة النائية.

ويستند ذلك إلى تفسير ديني في الديانة الاحيائية للسكان الاصليين يشير إلى أن المولود الجديد ليس نتاج أمه التي تلده حسب، بل النجوم وقوى الطبيعة كلها يجب أن تساهم في خلقه وولادته، فهو ابنها مجتمعة، من هنا اختيار الام لأن تكون وحدها مع الطبيعة،فهي تؤمن أنها بحمايتها وانها من يرعى طفلها.

ورغم البشاعة التي يجدها البعض في عرض مشهد ولادة أم منفردة في منطقة مجدبة واظهار العملية بتفصيل ممل، بما فيها خروج الطفل مغطى بالدم وقطع الام لحبل المشيمة بأسنانها، إلا أن المخرج استخدم خبرته كمصور في تقديم لقطات رائعة كتلك اللقطات العامة للطبيعة أو لقطات قريبة لبطلته في محنتها.

ولعل إحدى تلك اللقطات القريبة التي تخلد في البال صورة عين البطلة وقد توقفت كليا عن الرمش، محدقة في الفراغ وتأتي ذبابة لتقف على البؤبؤ دون أن ترمش وكانها عين ميت.

وتنقلنا صرخة الولادة الى مصير طفل رضيع في الفيلم الثاني للمخرج الارجنتيني المعروف هيكتور بابينكو(صاحب فيلم قبلة المراة العنكبوت 1985).

حمل الفيلم الثاني عنوان "الرجل الذي سرق بطة" وخصص لتناول ديانة الاومباندا البرازيلية. وهي ديانة افروبرازيلية، وتمثل خليطا من الكاثوليكية والديانات الإحيائية الافريقية، تأخذ من الكاثوليكية فكرة الاله الواحد لكنها في الوقت نفسه تقدس قوى الطبيعة وتعتبرها أذرع الرب وكل واحد منها يؤدي وظيفة محددة، وقد انتشرت هذه الديانة في جنوب البرازيل وامتدت الى الارجنتين واوروغواي.

نتابع في فيلم باينكو معاناة رجل قاس تسبب سكره الدائم وعنفه ضد زوجته في هروبها منه، فيغرق في السكر أكثر ويترك طفله الرضيع يموت، ليصبح مجنونا هائما على وجهه في الشوارع.

و يقف أمام مقبرة الاطفال التي دفن فيه طفله، باحثا عن التطهر والخلاص والسلام، فيعوض حاجته لطفله ببطة بيضاء يسرقها ويحملها في حضنه أنى ذهب، حتى تقوده قدماه إلى طقس رقص جماعي ديني، أشبه بالرقص الصوفي، فيظل يدور وسط الراقصين تاركا البطة ومندمجا في طقس التطهر الجماعي هذا.

صور الرب

في الجزء المخصص للهندوسية، الذي حمل عنوان "غرفة الرب"، تواصل المخرجة الهندية ميرا ناير(سلام بومباي، مونسون ويدنغ، وكاماسوترا،اصولي متردد) نهجهها القائم على البحث في أثر الحياة المعاصرة على التقاليد الهندية الغنية، والاصطدام بين قيم الحداثة والتقاليد المثولوجية والاجتماعية المتجذرة في المجتمع الهندي.

وتنجح ناير في صنع كوميديا خفيفة مستندة الى هذا التصادم بين الاعتقاد الديني ومتطلبات الحياة المعاصرة، فنحن نتابع معها زيارة عائلة هندوسية كبيرة لبيتها الجديد المكون من أكثر من طابق ضمن عمارة كبيرة تحت البناء.

فيحدث خلاف داخل العائلة يفجره اصرار الام على تخصيص أفضل موقع لغرفة العبادة او غرفة الرب، بينما يتنافس الآخرون فيما بينهم للحصول على الغرفة الأفضل.

وتتابع ناير المشهد من منظور طفل في العائلة يتخيل الاله الهندوسي الذي يشاهد تمثيلاته في الاحتفالات الدينية التي تجري في الشوارع.

وكلما احتدم النقاش نراه يرى الرب في صورة غريبة ،كأن يكون في صورة رأس الفيل المعتادة في التقليد الهندوسي، لكنه يراه في صور أخرى غريبة وبمفردات معاصرة، كأن نرى رأس الأله محاطا بالهواتف النقالة. ومع اشتداد النقاش يخرج الطفل متتبعا صورة إلهة خارج العمارة وباتجاه البحر الذي يختفي فيه.

وفي السياق الكوميدي ذاته يمصي كل من المخرج الاسباني اليكس دي لا إيغلسيا(السيرك الأخير، جرائم أوكسفورد)، في تناول الكاثوليكية في فيلمه "الاعتراف"، والمخرج الكردي بهمن قبادي (مولود في إيران،ويعمل في اقليم كردستان العراق، الذي شارك الفيلم باسمه، ومن افلامه : نصف قمر،السلاحف يمكنها الطيران، وموسم وحيد القرن)، في تناوله للإسلام في فيلمه "كابوكي" او "ابحث في الاعالي احيانا".

ويصل دي لا إيغلسيا بالسخرية الى أقصاها في تقديمة مفارقة اخذ سائق تكسي متدين بطريقة شعبية، لقاتل هارب ومطارد من عصابة أخرى، ضانا أنه قس بسبب ملابسه السوداء، ويأخذه ليصلي على والده المحتضر، الذي يظهر انه ملحد، وتصل المفارقات إلى ذروتها مع وصول العصابة التي تطارده ووفاة القاتل الجريح على يد الاب المحتضر الذي يباركه بطريقته الخاصة.

أما قبادي فيلجأ في خلق مفارقته الى مشكلة فقهية في الاسلام في حالة نادرة جدا، وهي توأم ملتصق من الرأس وحيرة رجل الدين في البلدة الكردية الصغيرة في ايجاد حل شرعي لمشكلة التوأم فأحدهما متدين والآخر شهواني، يريد أن يخوض تجربة جنسية مع امرأة، ويلجا المتدين إلى امام المسجد بحثا عن مخرج شرعي لأزمته.

ويقدم قبادي سخرية لاذعة من التقاليد الدينية ومايراه عجزها عن حل مشكلات معاصرة، ويظهر الطفل ابن امام المسجد هو الأكثر قوة في اطلاعه وبحثه عبر النت عما عجز والده عن حله، وهو الوسيط حين يعجز الأب عن الحل ويعطيهم حلول قد تتناقض مع ايمانه الديني.

واذا كانت معالجة قبادي لموضوعته من الناحية الفكرية غير معبرة عن جوهر الموضوعة التي اختار تناولها، أو ممثلة لها، فهي حالة نادرة، جعلها المخرج مصدر الفعل الكوميدي لديه، لكن الذي يحسب له على الصعيد الفني هو اجتهاده في ايجاد حلول بصرية لمشكلة الرؤية من منظور التوأم، الملتصقين من رأسهما ظهرا لظهر وينظر كل واحد منهما باتجاه مختلف.

فنراه يفتتح فيلمه بحوار طويل لاحدهما من دون أن نرى المحاور معه وهو الشيخ لان الكاميرا تنظر من منظور الشخص التوأم الثاني، وهكذا كان يبدل زاوية نظر الكاميرا بتعاقب، مع منظور الشخصية.

تساؤلات الأبرياء

اختار المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي نصوصا من العهد القديم على خلفية معاصر ة

ومن اليابان تأتي مساهمة المخرج هيدو ناكاتا (مخرج سلسة أفلام "حلقة" والمياه المعتمة)، ليتناول موضوع البوذية في فيلمه "معاناة"، بيد أن الفيلم يتجاهل الغنى الكبير الذي تتوفر عليه البوذية ليقدم حوارا يفتقد إلى العمق بين صياد يفقد كل عائلته في الزلزال وتسونامي الذي أصاب اليابان وراهب بوذي، حيث يتساءل الصياد عن حقيقة عدالة السماء ولماذا يموت الابرياء دون سبب؟ ويقدم المخرج تساؤلاته تلك وسط مشاهد بانورامية عن الدمار والخراب الذي خلفه تسونامي.

وجاءت المساهمة الأبرز في الفيلم من المخرج الإسرائيلي عآموس غيتاي في تقديمه للديانة اليهودية في فيلمه الذي حمل عنوان "كتاب عآموس"، وفيه يواصل نهجه السينمائي الذي قدمه في فيلم "أنا عربية" المصور في لقطة طويلة واحدة دون قطع مونتاجي(النموذج الأجمل لهذا النمط فيلم "رشان أرك" لسوكروف). فيصور فيلمه هذا في لقطة واحدة في حركة بان متواصلة تتحرك فيها شخصياته بالتعاقب وتلقي نصوصها أمام الكاميرا.

يختارغيتاي نصوصا من العهد القديم ممتلئة بالعنف والدعوات للحرب والتدمير وتحديدا من سفر عاموس الذي يمتلأ بالنبوءات والدعوات لتدمير كثير من الشعوب والمناطق المحيطة بإسرائيل لخطاياهم بحق ربها، دعوات ضد غزة وصور ومصر وشعب ارام وآخرين.ويلقيها ممثليه (معظمهم ظهر في أفلامه السابقة) في تواتر أمام كاميرا متحركة على خلفية تظهر صراعات بين عناصر جيش وقوى امنية ومتظاهرين واشتباكات وحرائق سيارات وحطام.

ويبنى غيتاي فيلمه بناء موسيقيا (بوليفونيا)، ضمن هارموني بين الكورال الديني الداعي إلى المحبة والسلام الذي يفتتح فيلمه بالتضاد مع الأصوات المتعددة التي تتداخل معه والعنف والفوضى الجارية في خلفية الحدث.

وبعيدا عن خفة الكوميديا ايضا، تأتينا جرعة جدية أخرى من المخرج الشهير أمير كوستاريتشا في فيلمه "حياتنا" الذي يغطي جزء المسيحية الارثوذكسية الشرقية في الفيلم.

يؤدي كوستاريتشا في الفيلم دور راهب يقضي جل وقته في تقطيع الحجارة، ثم يختبر ألمه وتحمله في نقلها إلى أعلى قمة جبل ليرميها من هناك.

يقدم كوستاريتشا قصيدة بصرية تترك الكثير من التساؤلات الوجودية عن جدوى حياتنا ويقيننا الديني والتطهر عبر المرور بدرب المعاناة والألم وقهر الجسد وغواية الحواس.

وتأتي المساهمة الأخيرة في الفيلم من صاحب المشروع المكسيكي غييرمو أرياغا الذي قدم فيلم الختام تحت عنوان "دم الرب".

ويفترض في هذه القطعة الاخيرة أن تقدم المنظور الإلحادي، لكنها بدت أقرب إلى نص قيامي يستعير من "سفر الرؤيا" ومن الأجواء القيامية الدينية الكثير من ملامحه، فضلا عن رؤى الفيلسوف نيتشه.

يقدم أرياغا حكاية أب يائس وابنه المهندس الملحد. وتراود الأب رؤى مضطربة في أحلامه عن الرب، يحكيها لابنه الذي لا يصدقها، وينتهي الامر بانتحاره، ليقدم أرياغا واحدا من اجمل مشاهد الفيلم، حيث تبدأ السماء تمطر دما، ليتلون بالدم كل شي في الوجود: المدينة، الأرض، المباني،الاشجار، الغابات، الانهار والشلالات.

واستخدم أرياغا فواصل للربط بين افلام المخرجين التسعة من افلام التحريك صممتها الفنانة ماريبيل مارتنينز لم يكن لها اي وظيفة سردية سوى وظيفتها الجمالية كفواصل بين الافلام، وقد رافقتها موسيقى وضعها المؤلف الموسيقي اللبناني الأصل غبرييال يارد.

الـ BBC العربية في

31.08.2014

 
 

مهرجان فينيسيا السينمائي يشهد العرض الأول لفيلم درامي حول إبادة الأرمن

الألمانية

يشهد مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي الدولي اليوم الأحد العرض الأول لفيلم "ذا كت" المنتظر بشدة والذي يدور حول مذابح الأرمن ، كما يتم عرض فيلمين آخرين من الأعمال المنافسة على أرفع جوائز المهرجان "الأسد الذهبي"، وفيلم وثائقي حول رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني. 

ويدور "ذا كت" حول أحد الناجين من الإبادة الجماعية للأرمن، والذي سافر في جولة حول العالم بحثا عن بناته ، والفيلم للمخرج الألماني التركي فاتح أكين. 

وقال الممثل سيمون أبكاريان، الذي يشارك النجم الفرنسي طاهر رحيم البطولة في هذا الفيلم: "إن الفيلم الذي أخرجه فاتح هو الفيلم الذي ينتظره الأرمن". 

وتشير تقديرات إلى أن نحو 5ر1 مليون شخص من الأرمن قد قتلوا على أيدي الجنود العثمانيين الأتراك أثناء الحرب العالمية الأولى من خلال مذابح أو ما يعرف بمسيرات الموت. ويشار إلى أن تلك القضية يحظر نقاشها في تركيا، حيث ترفض السلطات تصنيف أعمال القتل ضد الأرمن بأنها إبادة جماعية. 

وأدى طاهر رحيم الذي ذاع صيته منذ دوره في فيلم "نبي" عام 2009، دورا تمثيليا مثيرا للإعجاب في بطولة هذا الفيلم. 

وقال أكين إنه "ربما يكون الفيلم يروي أحداثا وقعت منذ مئة عام ، ولكنه لا يمكن أن يكون آنيا : إنه يروي قصة للحرب والنزوح ويصور قوة الحب والأمل ، والتي تمكننا من تحقيق ما لا يمكن تصوره". 

وأثار الفيلم بالفعل جدلا في تركيا ، التي ترفض سلطاتها الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الدولة العثمانية عام 1915 . 

وتلقى مسؤولو صحيفة تركية أرمينية أجرت حوارا مع أكين في أواخر يوليو الماضي تهديدات بالقتل. 

يشار إلى أن ذا كت ينافس ضمن 20 فيلما على أكبر جوائز مهرجان فينيسيا في دورته الحادية والسبعين. 

ويعرض المهرجان اليوم أيضا الفيلم الفرنسي "لوان ديزوم" أو (بعيدا عن الرجال) للمخرج الفرنسي دافيد أولهوفن والذي يدور حول الثورة الجزائرية، وفيلم "هانجري هارتس" للمخرج الإيطالي سافيريو كوستانتسو. 

كما ينتظر الإيطاليون مشاهدة فيلم "بيلوسكوني. أونا ستوريا سيسيليانا" الوثائقي الذي يدور حول برلسكوني ، ويربط الفيلم بين مدينة صقلية والمافيا بها وبين برلسكوني.

بوابة الأهرام في

31.08.2014

 
 

«نظرة الصمت» التى تقول كل شىء..

أول فيلم كبير فى المسابقة الدولية

بقلم: سمير فريد

من بين ٢٠ فيلماً فى المسابقة الدولية لمهرجان فينسيا ٢٠١٤ هناك فيلم تسجيلى واحد، وهو الفيلم الدنماركى «نظرة الصمت» إخراج جوشوا أوبنهايمر، وكان أول فيلم كبير يعرض فى المسابقة، ومن الصعب ألا يكون من الأفلام الفائزة مع نهاية المهرجان يوم السبت القادم.

اختار أوبنهايمر الأمريكى الذى ولد عام ١٩٧٤ وتخرج فى جامعة هارفارد أن يعيش فى الدنمارك، واختار أن يصنع الأفلام التسجيلية منذ ١٩٩٦، وأصبح من أعلام هذا الجنس من أجناس فن السينما مع فيلمه التسجيلى الطويل الأول «فعل القتل» عام ٢٠١٢، والذى حقق نجاحاً دولياً واسعاً على شتى المستويات، وكان فيلمه التالى «نظرة الصمت» من الأفلام المنتظرة.

يساهم الفنان المبدع بقوة فى صنع المفهوم الجديد للأفلام التسجيلية الذى تبلور فى العقدين الماضيين وارتبط بالثورة التكنولوجية، ودخول هذه الأفلام وكذلك الأفلام التشكيلية (التحريك) إلى السوق على نحو غير مسبوق بحيث أصبحت تنافس الأفلام الروائية فى إقبال الجمهور وتحقيق الإيرادات.

ويمكن تلخيص ذلك المفهوم فى تحويل الشخصيات الحقيقية إلى شخصيات درامية كاملة كما فى الأفلام الروائية، أى أن يصبح الفارق الوحيد كونها حقيقية وليست خيالية. ولا غرابة أن يأتى «نظرة الصمت» علامة جديدة من علامات بلورة المفهوم الجديد وقد اشترك فى إنتاجه إيرول موريس الأستاذ والمعلم، وورنر هيرزوج المتفرد فى سينما الحداثة وما بعد الحداثة، وفى العمق من الناحية الفكرية تلتقى رؤية أوبنهايمر مع رؤية هيرزوج للحياة والعالم.

للوهلة الأولى يبدو «نظرة الصمت» من الأفلام السياسية، حيث إن موضوعه الانقلاب العسكرى الذى وقع فى إندونيسيا عام ١٩٦٥، وقتل فيه أكثر من مليون إندونيسى بدعوى أنهم شيوعيون، وهم- كما يقول مدرس الأطفال فى مدارس إندونيسيا اليوم- كفرة لا يؤمنون بالله، ومتوحشون قساة القلوب، ويتبادلون زوجاتهم. ولكن الفيلم يتجاوز الفيلم السياسى إلى التعبير عن رؤية شاملة للإنسان الذى خُلق فى أحسن تقويم، ثم أنزل أسفل سافلين حسب القرآن الكريم، ولا يعدو الانقلاب والمذبحة التى أعقبته سوى وسيلة للتعبير عن تلك الرؤية. والمشاهد التسجيلية فى الفيلم وثائق صُورت عام ١٩٦٥، وأخرى صورها أوبنهايمر عام ٢٠٠٣، فهو يصنع الفيلم منذ عشر سنوات ويزيد.

الماضى والحاضر والمستقبل

إندونيسيا أكبر بلاد العالم الإسلامى، حيث يعادل عدد مسلميها كل مسلمى العالم العربى وأكثر، وتتميز بجمال طبيعى مدهش صوّره ببراعة المصور الدنماركى لارس سكرى، واستخدمه أوبنهايمر على نحو شكسبيرى يكشف التضاد الصارخ بين ذلك الجمال وبين أفعال الإنسان.

نحن أمام كل الأجيال من المعمرين الذين بلغوا المائة أو ما بعد المائة، وجيل الوسط الذى تمثله الشخصية الرئيسية التى تعمل فى طب العيون، وتنظر نظرة الصمت، وتنطق بالحق وتبحث عنه، وطفليه اللذين لا يزالان تحت سن العاشرة. وبطلنا يبحث عن قتلة أخيه الكبير عام ١٩٦٥، ولا يريد لطفليه أن يكبرا فى مجتمع يقبل صمت الضحايا وتعايشهم مع القتلة، ويقبل معاملة القتلة كأبطال حتى اليوم، ووجودهم فى مراكز الحكم المختلفة.

بطلنا يمثل الإنسان فى أحسن تقويم رغم أن الفيلم ينتهى نهاية يائسة ترى أن ما حدث سوف يتكرر، والجملة الأخيرة فيه «وهكذا تمضى الحياة على الأرض». وبالقرب من النهاية تسأله زوجته: ماذا سيحدث لنا؟ ويرد: إذا حدث أى شىء سيكون لأننا بحثنا عن القتلة. بل إننا نرى أحد القتلة يرفع علامة النصر بعد أن يعترف بأفعاله المروعة ثم يقول للمخرج الواقف خلف الكاميرا ولا نراه أبداً «كفى يا جوشوا.. أريد الذهاب إلى الجامع».

ومن أسئلة جوشوا خلف الكاميرا لأحد القتلة: هل كان الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) مع قتل الذين يختلفون معه؟ فيرد: لا لم يكن كذلك، ولكن علينا اليوم أن نقتل أعداءنا، ثم إنها ثورة قام بها الشعب وهذا ما طلبه الشعب. واعترافات القتلة فى الفيلم تقال فى هدوء، والأدهى بفخر واعتزاز، وفيها ما لم يسمع على الشاشة ربما فى كل تاريخ السينما عن شرب دماء الضحايا المتنوع بين المالح والمسكر، وقطع أعضاء الرجال والنساء وهم أحياء، وقطع ثدى المرأة الذى يخرج منه اللبن كما فى ثمرة جوز الهند.

ولا تقل براعة المونتير نيلز باج أندرسن عن براعة المصور سكرى، ويلتحم الأسلوب مع الموضوع التحاماً عضوياً تاماً بحيث يصبح هو المضمون ذاته، وتلك أعلى مراحل الإبداع فى الفن، فالكاميرا تصمت عن الحركة بدورها، ولا موسيقى على شريط الصوت. إنها نظرة الصمت التى تقول كل شىء.  

«الإنسان الطائر»: ولكن إيناريتيو لم يحلق

بقلم   سمير فريد

٣٠/ ٨/ ٢٠١٤

كان عام ٢٠٠٠ مولد قرن ميلادى جديد، وكان أيضاً مولد فنان سينمائى كبير يتمتع بمخيلة نادرة، هو المكسيكى أليخاندرو جونزاليس إيناريتيو الذى دوى فيلمه «بابل» عام ٢٠٠٦ فى العالم كله، وأصبح من روائع السينما فى كل العصور. وما تميز به إيناريتيو أنه عبر فى أفلامه عن خصوصية ثقافة أمريكا اللاتينية، أو عن الواقعية السحرية التى عرف بها ماركيز وغيره من أدباء القارة العظماء، ولكن فى السينما.

وقد افتتح مهرجان فينسيا ٧١ بعرض أحدث أفلام إيناريتيو فى المسابقة، وهو الفيلم الأمريكى «الإنسان الطائر» أو «فضيلة الجهل غير المتوقعة»، خامس أفلامه الروائية الطويلة، وأحد الأفلام المنتظرة منذ فيلمه الرابع «جميل»، الذى عرض فى مسابقة مهرجان كان عام ٢٠١٠. ومن المقرر أن يعرض الفيلم على نطاق محدود فى السوق الأمريكية، يوم ١٧ أكتوبر، للحصول على حق التسابق على جوائز الأوسكار، ثم يعرض على نطاق واسع فى مختلف الدول فى يناير.

المشترك بين افتتاح فينسيا هذا العام والعام الماضى، حيث عرض الفيلم الأمريكى «جاذبية الأرض» إخراج ألفونسو كورون خارج المسابقة، أن مخرجى كلا الفيلمين جاءا إلى هوليوود من المكسيك، وأن مدير تصوير الفيلمين المصور الكبير إيمانويل لوبسكى. ولكن «الإنسان الطائر» يفتقد الخيال الجامح الذى تميزت به أفلام الفنان سواء الطويلة أم القصيرة، أو بعبارة أخرى، ورغم عنوان الفيلم، لم يحلق فيه كما حلق فى أفلامه السابقة.

إنه فيلم هوليوودى تقليدى ليس فيه شىء من عالم الفنان الخاص عن دنيا الممثلين فى أفلام هوليوود ومسارح برودواى، ولم يصل إلى أى عمق إنسانى يتجاوز الحدود الأمريكية. إنه فيلم جيد بالطبع، وكل عناصره الفنية متقنة، ولكن لا أحد يذهب لمشاهدة فيلم من إخراج إيناريتيو، باحثاً عن الجودة أو الإتقان فى التصوير أو المونتاج، وإنما عن فيلم كبير. والمدهش حقاً أن الفيلم عن التمثيل والممثلين، وأضعف عناصره التمثيل. كان إيناريتيو دائماً يحلق بخياله ويطير، ولكن الإنسان الطائر فى فيلمه الجديد هو سوبر مان!

ثمن المجد

كان «الإنسان الطائر» أول فيلم أمريكى فى مسابقة فينسيا ٢٠١٤، أما أول فيلم فرنسى فعنوانه: «ثمن المجد» إخراج زافير بيفوا، وإن كان العنوان الإنجليزى «ثمن الشهرة» أفضل فى التعبير عن المعنى.

لفت بيفوا الأنظار عندما أخرج فيلمه السابق «عن الآلهة والبشر»، الذى عرض فى مسابقة مهرجان كان عام ٢٠١٠، ويعتبر من أهم الأفلام الفرنسية فى العقد الأول من القرن. إنه فيلم حقق مقولة الناقد والمنظر أندريه بازان «من أجل أن تكون السينما الفرنسية سينما وفرنسية». وفى فيلمه الجديد يؤكد المخرج المكانة التى اكتسبها، ولكن بدرجة أقل، فالفيلم بدوره فرنسى تقليدى، رغم موضوعه غير التقليدى.

ومن المعروف أن العالم يحتفل هذا العام بمرور ١٢٥ سنة على مولد شارلى شابلن و١٠٠ سنة على مولد شخصية المتشرد التى عرف بها. وقد اختار بيفوا أن يتذكر شابلن من خلال حادثة حقيقية وقعت عام ١٩٧٧ عندما تمت سرقة تابوت شابلن من المقبرة. وأيا كان من سرقوا التابوت فى الحقيقة، فهم فى الفيلم من المتشردين الذين عبر عنهم شابلن كما لم يعبر فنان آخر. وقد أرادوا فى الفيلم الحصول على فدية لحل مشاكلهم، وفشلوا.

وكما فى «عن الآلهة والبشر» يعبر الفنان الفرنسى عن نزعته الإنسانية من خلال الصداقة التى تربط بين بطليه إيدى المسيحى البلجيكى وعثمان المسلم الفرنسى الجزائرى الأصل. كما يعبر عن عالم شابلن من خلال ما يعرض فى التليفزيون عنه بعد وفاته، ومن خلال العلاقة التى تنشأ بين إيدى ولاعبة سيرك، والسيرك من الملامح الشابلينية المعروفة.

والفيلم مباراة فى التمثيل بين الممثل الفرنسى الكبير بينو بيلفورى (وله فيلم آخر فى المسابقة) الذى قام بدور إيدى، والممثل الفرنسى الجزائرى الكبير رشدى زيم الذى قام بدور عثمان. ومن المؤسف حقاً أن تشارك نادين لبكى فى تمثيل زوجة عثمان التى تعمل خادمة فى البيوت، فهو دور كومبارس لا يضيف إليها، ولا أحد يدرى كيف توافق على تمثيل هذا الدور وهى ملكة فى بلادها لبنان كمخرجة وممثلة من أعلام السينما اللبنانية والعربية. 

أكبر معمر فى تاريخ السينما يعرض فيلماً جديداً فى 19 دقيقة

بقلم   سمير فريد

الأربعاء 27-08-2014

خارج مسابقة مهرجان فينسيا 71 الذى افتتح أمس 17 فيلماً طويلاً وفيلم قصير واحد فى 19 دقيقة من البرتغال يتطلع إلى مشاهدته بشغف هائل كل ضيوف وجمهور المهرجان أكثر من أى فيلم آخر، وعنوانه «الرجل العجوز من بيت لحم» إخراج فنان السينما البرتغالى العالمى الكبير مانويل دى أولفيرا، فالفنان أكبر سينمائى معمر فى تاريخ السينما، فقد بلغ «المائة» عام 2008، ولايزال يصنع الأفلام.

خارج المسابقة أيضاً «فيلم الختام الصينى» «العصر الذهبى» إخراج آن هيو التى ترأس لجنة تحكيم مسابقة «آفاق»، وأحدث أفلام مخرجين كبار مثل الأمريكيين بارى ليفينسون (الإذلال)، وبيتر بوجدا نوفيتش (إنها طريفة هكذا)، وجيمس فرانكو (الصوت والغضب) عن رواية فوكنر، والإيطالى جابريللى سالفا توريس (إيطاليا فى يوم) والنمساوى سيدل (فى القبو)، والإسرائيلى جيتاى (تسيلى) وهناك أيضاً الجزء الثانى من «الشبق» إخراج فنان السينما الدنماركى العالمى الكبير لارس فون ترير المثير للجدل فى أغلب أفلامه، وكان الجزء الأول من «الشبق» قد عرض فى مهرجان برلين فى فبراير الماضى خارج المسابقة أيضاً، وأثار ضجة كبيرة بجرأته فى تناول العلاقات الجنسية.

وقد شهدت السنوات الماضية زيادة ملحوظة فى الأفلام الطويلة التى تتكون من مجموعة أفلام قصيرة لكل منها مخرج، ولكن يربط بينها موضوع واحد. وخارج مسابقة فينسيا يعرض أحدث هذه الأفلام المكسيكى «كلمات مع الآلهة» لـ9 مخرجين منهم الصربى أمير كوستوريتشا والأرجنتينى هيكتور بابينكو والإيرانى الكردى باهمان جوبادى والإسرائيلى جيتاى والهندية ميرانار وهيدو ناكاتا من اليابان.

وبرنامج «آفاق» يتكون من مسابقتين للأفلام الطويلة والقصيرة، وتضيف مسابقة الأفلام القصيرة إلى مصادر الأفلام فى المهرجان 4 دول هى إسبانيا ورومانيا من أوروبا وإندونيسيا من آسيا والبرازيل من أمريكا اللاتينية. وتعرض المسابقة 13 فيلماً وفيلماً واحداً خارج المسابقة الإيطالى «انتظار مايو» إخراج سيمون ماسى عن الأفلام التشكيلية المعروفة فى العربية باسم التحريك. وماسى من قلائل صناع هذا الجنس من أجناس السينما فى العالم الذين لا يستخدمون الكمبيوتر، وإنما يرسم بيديه، وهو مصمم ملصق المهرجان.

وكما أن الفيلم العربى الطويل الوحيد فى المهرجان من الأردن («ذيب» إخراج ناجى أبونوار) فى آفاق الأفلام الطويلة، فالفيلم العربى القصير الوحيد من الأردن أيضاً فى آفاق الأفلام القصيرة («فى الوقت الضائع» إخراج رامى ياسين، وهو أمر يسعد كل مهتم بالسينما العربية، وهناك فيلم عربى وحيد فى البرامج الموازية الفلسطينى الطويل «فيلا توما» إخراج سها عراف فى برنامج «أسبوع النقاد».. ومن مصر هناك مشروع فيلم «عندى صورة» إخراج محمد زيدان فى ورشة «قبل المونتاج الأخير». 

اليوم يبدأ مهرجان فينيسيا.. و«الإنسان الطائر» فى الافتتاح والمسابقة

بقلم   سمير فريد

٢٧/ ٨/ ٢٠١٤

يبدأ اليوم فى جزيرة الليدو، وهى إحدى جزر فينسيا ذات الشوارع المائية الفريدة حيث التاكسيات قوارب، مهرجانها السينمائى الدولى المعروف باسم «الموشرا» أى المعرض بالإيطالية، وفيلم الافتتاح الأمريكى «الإنسان الطائر، أو فضيلة الجهل غير المتوقعة» إخراج اليخاندرو جونزاليس إينارتييو الذى يعتبر من كبار فنانى السينما المعاصرة فى العالم فى العقد الأول من القرن الجديد.

المتعارف عليه أن يكون فيلم الافتتاح خارج المسابقة، والاستثناء أن يعرض فيها، وهذا العام يعرض فيلم إينارتييو المنتظر منذ يناير فى المسابقة مع ١٩ فيلماً. وفيما يلى قائمة أفلام المسابقة كما اعتدنا مع القارئ فى نشر قوائم المسابقات الكبرى باعتبارها من أهم أفلام العالم:

الولايات المتحدة الأمريكية

- ما نجلهورن إخراج ديفيد جوردون جرين

- قتل جيد إخراج أندرو نيكول

- ٩٩ منزلاً إخراج رامين بحرانى

- بازولينى إخراج آبل فيرارا

فرنسا

- ثلاثة قلوب إخراج جاك بينو

- ثمن المجد إخراج زافير بيفوا

- بعيداً عن الرجال إخراج ديفيد أولوفين

- ضربة المطرقة الأخيرة إخراج ألكس ديلابورت

إيطاليا

- روعة الشباب إخراج ماريو مارتونى

- قلوب جائعة إخراج سافيريو كوستانزو

- النفوس المظلمة إخراج فرانشسكو مونزوى

روسيا

- ليالى ساعى البريد البيضاء إخراج أندريه كونتشالوفسكى

ألمانيا

- القطع إخراج فاتح أكلين.

السويد

- حمامة تقف فوق غصن شجرة تفكر فى الوجود إخراج روى أندرسون

الدنمارك

- نظرة الصمت إخراج كوشوا أوبنهايمر

الصين

- فقدان الذاكرة الحمراء إخراج وانج زيا شواى

اليابان

- حرائق السهل إخراج شينيا تسو كاموتو

تركيا

- سيفاس إخراج كان موجيسى

إيران

- حكايات إخراج راكشان بنى اعتماد

وأكثر الأفلام المنتظرة فى هذه القائمة فيلم روى أندرسون المنتظر منذ سنوات، وهو من المبدعين الكبار المعروفين بقلة عدد أفلامهم مثل تيرانس ماليك، وكذلك أفلام فاتح أكلين ومارتونى وبيفوا وشواى وكونتشالوفسكى وفنان السينما التسجيلية الكبير جوشوا أوبنهايمر، فضلاً عن اكتشافات مسابقة فينسيا ٢٠١٤ سواء من أفلام الأسماء الراسخة أو غير المعروفة على نطاق واسع، والمسابقة مزيج بارع منها. 

غداً افتتاح فينيسيا ٧١ أعرق مهرجانات السينما الدولية فى العالم

بقلم   سمير فريد

غداً يفتتح مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى ٧١، والذى يستمر حتى ٦ سبتمبر، حيث تعلن جوائزه فى حفل الختام.

فى البدء كانت مسابقة الأوسكار عام ١٩٢٧ والمستمرة حتى اليوم عندما أصبحت السينما صناعة كبيرة، وأصبح من الضرورى وجود مسابقة لتصفية الإنتاج واختيار الأفضل، ورغم أن الأوسكار مسابقة للأفلام الأمريكية أساساً، إلا أن قوة السينما الأمريكية على كل المستويات، وهى الأقوى فى العالم من دون جدال، جعلت جائزة الأوسكار أشهر وأهم جوائز السينما.

وفى خضم الصراع السياسى بين الفاشية والشيوعية بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ مهرجان فينيسيا عام ١٩٣٢ فى إيطاليا الفاشية بقيادة موسولينى، وكان الرد فى مهرجان موسكو عام ١٩٣٥ فى روسيا الشيوعية بقيادة ستالين، وأرادت فرنسا إقامة مهرجان «كان» عام ١٩٣٩ ليعبر عن الديمقراطية ضد الأنظمة الشمولية سواء الفاشية أم الشيوعية، وتقرر افتتاح كان الأول يوم أول سبتمبر، ولكن الحرب العالمية الثانية اندلعت فى نفس اليوم، فلم ينعقد المهرجان، وبعد نهاية الحرب بدأ مهرجان كان من جديد عام ١٩٤٦، وأصبح سيد مهرجانات السينما الدولية، ولكن ظل فينيسيا ولايزال منافساً قوياً بعد أن بدأ من جديد بعد الحرب، وتحول إيطاليا من النظام الفاشى إلى النظام الديمقراطى.

ومثل مهرجان كان، ولأن الغرض الأصلى تصفية الإنتاج السينمائى واختيار الأفضل، أى الكيف لا الكم، لا يتجاوز عدد الأفلام الطويلة الجديدة مائة فيلم، سواء فى برنامج المهرجان أو البرامج الموازية.

ويعرض مهرجان فينيسيا ٧١ هذا العام ٥٥ فيلماً طويلاً، منها ٥٤ عرضاً عالمياً أول وفيلم واحد عرضاً دولياً أول، أى خارج بلد منشأ الإنتاج، ففى المسابقة ٢٠ فيلماً وخارج المسابقة ١٧ فيلماً، وفى مسابقة آفاق ١٨ فيلماً، وموضوع التنافس بين المهرجانات كمية ونوعية العروض العالمية الأولى.

وهذه الأفلام من ٢١ دولة من دول العالم، ١١ فى المسابقة هى الولايات المتحدة من أمريكا الشمالية وفرنسا وإيطاليا وروسيا وألمانيا والسويد والدنمارك من أوروبا، والصين واليابان وتركيا وإيران من آسيا، ويضيف برنامج خارج المسابقة بريطانيا والنمسا من أوروبا، وكوريا الجنوبية وإسرائيل من آسيا، والمكسيك من أمريكا اللاتينية، وتضيف مسابقة آفاق جورجيا وكرواتيا من أوروبا، والهند وأذربيجان والأردن من آسيا، وهى الدولة العربية الوحيدة المشتركة فى المهرجان.

وعلى عكس المعتاد فى الإعلام العربى، حيث يعتبر عدد الأفلام وعدد الدول التى تأتى منها من مقاييس النجاح، فالحقيقة أن الرقم الذى يعتد به هو عدد الأفلام التى تقدمت للاشتراك، وقد تم اختيار الـ٥٥ فيلماً فى فينيسيا ٢٠١٤، من بين ألف و٦٠٠ فيلم تقدمت للاشتراك.

المصري اليوم في

26.08.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)