كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

"نوم الشتاء"

إنتصار للعقل في مهرجان كان السينمائي

أمير العمري- مهرجان "كان"

مهرجان كان السينمائي الدولي السابع واالستون

   
 
 
 
 

التناقض بين الطبقات، الصراع الاجتماعي، مسؤولية الفرد الأخلاقية عن أفعاله، هل من الممكن ردع المخطيء باتاحة فرصة له للتراجع عما يفعله والإحساس بالإثم والخجل من نفسه، أو فقط بإنزال العقاب به كما ينبغي وكما يقر القانون؟ ما هي حدود الحب ومتى يتحول إلى رغبة في التملك ترتبط أيضا بالإحساس بنوع ما من "الألوهية"، بالتمكن من الأشياء، كيف يمكن أن نعدل نظرتنا للحياة لنجعلها أقل غلوا في الطموح، وأكثر قربا من الواقع؟

كل هذه التساؤلات، تنساب خلال الفيلم التركي البديع "نوم الشتاء" للمخرج نوري بيلج جيلان المشارك في مسابقة مهرجان كان السابعة والستين المقامة حاليا. والفيلم هو الثامن في مسيرة عمل جيلان، الذي سبق سبق أن صنع سمعةجيدة بأفلامه السابقة، وحصل على جائزة لجنة التحكيم الكبرى عن فيلمه السابق "حدث ذات مرة في الأناضول" في دورة 2011.

شخصيا كنت أرى نوعا من الافتعال والتصنع في الأفلام الثلاثة السابقة لجيلان أفلاما عظيمة من جهة اللغة السينمائية أو الأسلوب، وخصوصا أن أجواء ها كانت تدور في أجواء تعتبر تقليديا، "واقعية" تماما. فيلمه السابق مثلا كان تحقيقا في جريمة قتل، ولاشك أنه كان يكشف فيه عن الكثير من الجوانب التي ترتبط بفلسفة المخرج ورؤيته للحياة وللعلاقات بين البشر، لكن ما جعل الفيلم يفتقد للإقناع في رأيي، أنه يضع الكثير من التفلسف على ألسنة مجموعة من الرجال (محقق وضاباط شرطة وطبيب شرعي..الخ يبحثون عن جثة قتيل في منطقة معزولة) بحيث تبدو أكبر من شخصياتهم بل ولا تتسق مع طبيعة عملهم المحدد الذي جاءوا من أجله. وكان الفيلم يخرج من موضوعه الرئيسي ليدخلنا في متاهات أخرى كما نرى مثلا في رواية المحقق للطبيب عندما يروي له كيف تنبأت امرأة بموت زوجها مباشرة بعد ان أنجبت طفلا، وهو ما حدث فعلا فقد مات الزوج بنوبة قلبية. وتمتد المناقشة بين الرجلين طويلا طويلا حول هذه الحادثة، فالطبيب يريد ان يتأكد من اجراء تشريح للجثة لكن المحقق يقول له إن الموت كان طبيعيا وبالتالي لم يستدع إجراء تشريح، ويعود الطبيب ليفترض أن الرجل أحدث الأزمة القلبية لنفسه بنفسه عن طريق تعاطي عقاقير معينة، أي أن موته كان انتحارا. وهكذا.. صراع ذهني بين عقليتين مختلفتين في منطقهما ورؤيتهما للأشياء. وهذا الصراع يمتد إلى فيلم جيلان الجديد "موت الشتاء" ولكن بشكل أكثر تكثيفا وتحددا، بحيث أنه لا يخرج أبدا عن محور الفيلم وشخصيته الرئيسية، وهذه هي الميزة التي تجعلنا نقول إن "نوم الشتاء" أفضل من الأفلام الثلاثة السابقة للمخرج نفسه حتى لو كانت قد حصلت على عدد كبير من الحوائز هنا وهناك.

دراما عائلية

"نوم الشتاء" نوع من الدراما العائلية- التشيكوفية بنفس وجودي معاصر، نحن في قرية جبلية معزولة تماما من منطقة أناضوليا الشهيرة، مميزة بتضاريسها البديعة.. بيوتها مدفونة في الصخر، صارمة في مظهرها لكنها دافئة ومسترخية في جوفها، في الداخل. بطلنا هو "أيودين"، رجل في بداية الخمسينات من عمره، ثري يمتلك مجموعة من المنازل في تلك المنطقة، وفندقا سياحيا يطلق عليه "فندق عطيل"، لكنه أيضا ممثل كف عن التمثيل وكاتب يكتب عمودا صحفيا أسبوعيا لجريدة محلية. وأيودين يعيش مع زوجته "نهال" وشقيقته "نسلا" في الفندق نفسه، الذي يستقبل نزلاء من الأجانب الباحثين عن المتعة والمعرفة في أناضوليا، يقوم على خدمته مساعده المخلص هدايت.

الحياة تبدو مستقرة، هادئة من الخارج. لكن حجرا يلقيه صبي فيكسر زجاج نافذة سيارة أيودين، يقلب الدنيا فلا تعود حياته كما كانت من قبل. الصبي الذي يلقي بالحجر ينتمي لأسرة فقيرة تستأجر بيتا من البيوت المملوكة لأيودين لكنها عجزت منذ فترة عن دفع الإيجار بسبب قلة الدخل الذي يعتمد على شخص واحد فقط هو شيخ المسجد الشاب (عم الصبي). ونعرف أن والد الصبي، إسماعيل خرج لتوه من السجن بعد أن قاوم السلطات التي جاءت لطرده من المنزل واستولوا على مقتنياته البسيطة ومنها جهاز التليفزيون.

هناك اذن دافع لدى الصبي، لكن أيودين لا يرغب في إنزال العقاب به، فهو فقط يطالب والده بنهره عن تكرار الفعلة تجنبا لما يمكن أن ينتج عنها (كادت السيارة تنقلب وتقتل أيودين ومساعده). لكن الأمر يتطور، فيصر العم على اصطحاب الصبي لتقديم اعتذار واضح ومباشر الى أيودين، بل وتقبيل يده، لكن أيودين (الليبرالي المنفتح) يرفض فكرة تقبيل يده قائلا ان والده كان يرفض أن يقبل أحد يده. ومع اصرار الشيخ يمد أيودين يده لكن الصبي يغمى عليه بعد ان يكون قد أصيب بحمى جراء قطع طريق طويل مع عمه، من حيث يقطنون الى الفندق، في مناخ تتساقط فيه الثلوج.

أيودين لا يعتبر نفسه مسؤولا عن حالة التدهور المعيشي التي وصلت إليها أسرة اسماعيل (يقيم مع ابنه وشقيقه وزوجته وأمه العجوز)، فهو لم يكن يعلم بمصادرة مقتنيات الأسرة، ولا بالاعتداء المهين على اسماعيل من جانب رجال استعادة الديون والشرطة، وهو يتحجج بأنه يسند مثل هذه القضايا الى محاميه ومساعديه، وهم يفعلون ما يرونه صحيحا في إطار القانون، ولم يتكلم مرات ومرات مع الأسرة المتأخرة عن دفع الايجار قبل أن يترك الأمر للمحامين لاتخاذ الاجراءات الضرورية من وجهة نظره. لقد أصبحت الأسرة مهددة بالطرد، وأمامها مهلة محدودة للجلاء عن المنزل، لكن هذا أمر لا يشغل بال أيودين، فليست هذه مشكلته.

من هذه المشكلة أو الحادثة (حادثة القاء الحجر) تتعقد علاقة أيودين بشقيقته التي تنتقد ما يكتبه من مقالات بل وترفض وجهة نظره، وتدافع عن فكرة ضرورة اتاحة الفرصة للمخطيء أو حتى المجرم، لكي يعود عن ارتكاب الخطأ. ويصل الحوار بينهما الى نقطة فاصلة عندما يصرخ هو في وجهها قائلا إنه طبقا لهذا المنطق نفسه كان يجب أن ينتظر اليهود أن يعود هتلر عن خطته الرامية الى التخلص منهم!!

تنكشف شخصية أيودين تدريجيا من خلال علاقته بزوجته الشابة الجميلة (في عشرينيات من عمرها) التي تشعر بالملل من حياتها الرخوة المستكينة، شأنها شأن الشقيقة التي تجد في النوم (نوم الشتاء) وسيلة للهرب من تلك الحياة الرتيبة التي تنقطع فيها الصلة بالدنيا وبالعالم. الزوجة الشابة نهال بدأت منذ فترة العمل الخيري لجمع تبرعات لبناء مدرسة للأطفال في قرية قريبة، وأصبحت أيضا تعقد اجتماعات للجمعية التي تنتمي اليها في الفندق أو الجناج المخصص لاقامة الأسرة في ذلك المركب السياحي الصغير، الأمر الذي يثير غيرة أيودين ورفضه وتوبيخه واعتراضه على سلوكها فتواجهه بأنانيته وغروره ورغبته في التحكم في مصائر الآخرين ونكرانه عليها استقلاليتها، بل وتهدده أيضا بطلب الطلاق.

"هكذا خلق الله الدنيا"

أيودين لا يبدو شخصا شريرا بل يبدو منطقه معقولا في الكثير مما يردده ويفعله، بل ويبدو أيضا كريما وشهما متسامحا (مع الطفل خصوصا) فالفيلم لا يلجأ إلى التنميط ولا إلى الادانة بل يترك الشخصية على طبيعتها أمام المتفرج، بما لها وما عليها.. نعم هو ثري وإبن لطبقته، وهو دائما ما يبرر ذلك بأنه "هكذا خلق الله الدنيا، ولو كان يريد لجعل الناس جميعا متساوين.. تماما مثل الطبيعة نفسها"- كما يقول. لكنه من ناحية أخرى، يشعر بمسؤوليته عن تلك الزوجة الشابة التي يعاملها طول الوقت كما لو كان يعامل طفلة، كما لو كانت إبنته، فهو يدري مصلحتها أكثر منها. هذا النوع من "الأبوية" ربما يكون جزءا من تكوين أيودين وإحساسه بالقوة نتيجة وضعه الاجتماعي، وربما تكون شقيقته "نيسلا" أيضا مخطئة في تصوراتها عن علاقة الفكر بالواقع، لكن الفيلم لا يدين ولا يتخذ موقفا محددا، بقدر ما يطرح التساؤلات عن طبيعة المسؤولية الأخلاقية وحدودها، وكيف نحكم على الأشياء، وهل الآخرون جميعا هم "الجحيم" كما كان يقول سارتر، أم أن الجحيم نحن نصنعه ونصبح بالتالي مسؤولين ولو جزئيا عنه.

الممثل العملاق أيوك بيلجنر Haluk Bilginer، الذي يقوم بدور أيودين، يؤدي الشخصية بنوع من الاستعراض.. استعراض القوة في الأداء واستخدام العبارات الفخيمة التي تكثف شخصية ممثل مسرحي سابق (يرغب في التفرغ الآن لتأليف كتاب عن "تاريخ المسرح التركي").. إنه يقتبس من شكسبير حينا، ويتلاعب بالألفاظ حينا آخر، ويكشف في النهاية عن إحساس بالإرهاق من المقارعة والنزال، حينما يغلب الحب على الصراع. وهو يتحرك في المكان بسيطرة كاملة أمام الكاميرا في مشاهد طويلة ممتدة (يبلغ زمن الفيلم ثلاث ساعات و16 دقيقة).

ويعتمد الفيلم على الأداء التمثيلي من مجموعة الممثلين جميعا (ميليزا زوسن في دور نهال الزوجة، وهي نجمة تليفزيونية كبيرة في تركيا، والممثلة المخضرمة ديميت أكباج في دور الشقيقة، وايبرك بكشان في دور هدايت) كما يعتمد أسلوب الاخراج على اللقطات الطويلة، والانتقال المميز بين الداخل والخارج مع تكثيف بارع لسطوة المكان: الثلوج التي تغطي الجبال، الطرق الوعرة، السماء الملبدة، البيوت التي نحتت في الصخر والتي تخفي وراءها ما لا نعلمه.. الضوء الداخلي الطبيعي في مصادره الذي يضفي غموضا خاصا على تضاريس المكان مع اظهار جمال التنسيق والديكورات وتوزيع الاكسسوارات.

ربما يعاني الفيلم من طول الحوارات في بعض المشاهد، لكن جزءا كبيرا من متعة الاحساس بهذا الفيلم يكمن في ذلك الحوار الذهني الذي يظهر ايضا الجوانب الانسانية في الشخصيات.

"نوم الشتاء" دراما رصينة ونموذج لسينما العقل في أفضل حالاتها، وهو يضع المتفرج أمام الكثير من الأفكار والتساؤلات، بدلا من أن يجيب عنها، بل يترك للمتفرج محاولة التوصل بنفسه الى الاجابات.. إذا كان سيمكنه ذلك بالطبع!

عين على السينما في

18.05.2014

 
 

"مياه فضية":

موسم القتل في سوريا!

أمير العمري- مهرجان "كان

يمثل فيلم "مياه فضية" الذي يعرض خارج المسابقة في مهرجان كان السينمائي، نقلة جديدة في مسيرة مخرجه السوري أسامة محمد، في ابتعاده عن الشكل الدرامي الرمزي، لتقديم عمل وثائقي مركب، يمزج الذاتي بالموضوعي، السياسي بالأدبي والشعري، الحاضر بالتاريخ، الواقعي بالخيالي السينمائي، والقريب بالبعيد.

أسامة محمد اختار العيش في منفاه الاختياري في العاصمة الفرنسية باريس منذ 2011. وهو يقول في فيلمه إنه وصل إلى باريس في التاسع من مايو أي يوم النصر على الفاشية في أوروبا. لكن سقوط الفاشية في سوريا لم يأت بعد، وبعد ألف يوم ويوم من القتل لايزال القتل مستمرا.

تجربة مشتركة

هذا فيلم لم يكن بوسع أسامة محمد المقيم بعيدا عن وطنه أن يصنعه وحده، بل كان محركه الرئيسي لصنعه امرأة، كردية سورية من حمص تدعى وئام سيماف بدرخان. و"سيماف" كما تقول لنا في سياق الفيلم، هو ماء الفضة. وهي تتخاطب مع أسامة عبر الانترنت. ويعتبر عالم الانترنت وما ينشر فيه من صور ووثائق مصورة لما يحدث في سوريا، مصدرا رئيسيا من مصادر الفيلم. وئام تروي لأسامة ما يحدث حولها في مدينتها، ويطلب هو منها أن تقوم بتصوير ما تراه. وهي تبحث عن مصور، لكنها تدرك بعد شهرين من البحث أن قدرها أن تقوم هي بتصوير الفظائع التي تراها، سواء من شرفة البيت الذي تقيم فيه أو من الشارع، معرضة حياتها للخطر، مسببة ألما مضاعفا لأسامة محمد الذي يشعر بالذنب كلما تراءى له ما يمكن أن يحدث لها. إنها تقوم أولا بتهريب الكاميرا اتي ستستخدمها إلى حمص، ثم تتابع يوما بعد يوم دراما القتل في المدينة ، لكنها أيضا تروي لاسامة عبر التخاطب أو "التشات" على الانترنت، كيف أنها عثرت على ما تعتبره كنزا، أي على جرامافون قديم، وكيف أنها عثرت على نسخة من رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي وأنها تعيد قراءتها الآن معلقة "طعم غريب للقراءة تحت القصف"!

ومن مزيج من آلاف اللقطات التي توفرت لأسامة سواء مما ينشره نشطاء سوريون على مواقع الانترنت، أو ما نجحت وئام من ارساله له بصعوبة بالغة عبر الانترنت أيضا، أو تلك اللقطات المحدودة التي صورها في باريس، يتألف هذا الفيلم المركب البديع، الذي يتميز بايقاع سريع مع نفس شاعري لا تكشف عنه الكلمات والتعبيرات التي تستخدم في التعليق الصوتي على مشاهده ولقطاته فقط، بل ومن خلال طريقة تركيب (مونتاج) الفيلم نفسه، الذي يظل ينتقل بين تلك الثنائيات التي أشرنا إليها طول الوقت، ببراعة ودقة وتحكم كامل. إننا أمام فيلم صادم، قاس، يمتليء بالعنف والدماء التي تسيل فتغطي الدنيا بأسرها، ومشاهد التعذيب التي لا تخطر على بال إنسان

في البداية مع بدء ما يطلق عليه أسامة "الماراثون" نشاهد جنديا سوريا ضمن قوات النظام يضحك بهستيرية تحت صورة حافظ الأسد، ثم كيف يرغمون صبيا من الثوار على تقبيل صورة الأسد الممددة على الأرض.. مرات عدة نشاهد كيف يضغط الجندي بحذائه الضخم على رأس الصبي ويرغمه على تقبيل الصورة مرددا بهستيرية: أتريد حرية؟

لقطات كثيرة في الجزء الأول من الفيلم ملتقطة من خلال كاميرا أجهزة التليفون المحمول (الموبيل).. لقطات مهتزة، غير مسواة، لكنها تحمل الكثير مما لا يمكن تخيله. إننا نصل في هذا الفيلم الحداثي تماما في مادته، إلى قمة السيريالية التي لا تنتج عن أسلوب سينمائي قصدي بل عما يصل إلينا بصريا وذهنيا، من طريقة تعاقب الصور مع بعضها البعض، من غرائبية ما نشاهده من مناظر التعذيب والتنكيل والدماء التي تسيل فتغطي العالم، لكن أسامة محمد يبدأ من "السينما".. من صورة لشاب كان قد تعرف إليه في نادي السينما بدمشق، طلب منه المساعدة في تأسيس منتدى سينمائي في بلدته، هذا الشاب الآن يراه أسامة ونراه نحن أيضا، ولكن عد أن تم التنكيل به وذبحه بوحشية بل ونراهم وقد أخذوا يسحلون جثته على الأرض. ونرتد ذهنيا من خلال ما يأتينا عبر شريط الصوت- إلى السينما، إلى الفيلم الشهير للمخرج الفرنسي الراحل آلان رينيه "هيروشيما ياحبيبتي" (1959).. الذي يقول لنا أسامة أنه شاهده بالأمس.. ولكنه هذه المرة يتذكر أنه سأل الشاب: أين تسكن؟ فقال له: في دوما.. ويعلق أسامة: إنها إذن.. "دوما ياحبيبتي"!

سينما واقعية؟ هل هذه يمكن أن تكون واقعية؟ أي واقعية تلك التي تتجاوز السيريالية؟ يطلق عليها أسامة "سينما القتيل". ويروي أسامة في الفيلم كيف ذهب الى مهرجان كان في 2011 بدون أن يكون لديه فيلم، فقط لكي يتكلم عما يحدث في سوريا (سينمائي سوري بألف صورة وصورة). صورة تقبيل الصبي لحذاء الجندي تتكرر. وصوت أسامة يقول لنا إن اللقطة كانت "ثابتة"!

بكاء القطط

حوارات سيماف وأسامة هي حوارات بليغة شاعرية، حزينة، مرهقة، تأتينا على صور لانفجارات، تفجير منازل كاملة بل وأحياء كاملة في حمص، اعتقال نساء في الشارع والاعتاء الوحشي عليهن، وهي لقطة تتكرر كثيرا فيما بعد، مناظر لتعذيب الثوار الشباب، التنكيل بالجثث والتمثيل بها في عرض الطريق.. سيماف تعلق "أبي العجوز يبكي مثل القطط". هل تبكي القطط؟ نعم فنحن نشاهد أولا كيف تهرب عشرات القطط من القصف العنيف، ثم نرى لقطة قريبة قطة تموء بلا توقف وقد احترق وجهها!

يستخدم أسامة محمد عناوين كثيرة عبر الفيلم للتوقف أمام مشاهده وكأنه يريد أن يصنع ملحمة للقتل والتعذيب والتمثيل والمغالاة في العنف. عناوين مثل "سبارتاكوس"، حكاية نادي السينما"، "الجندي المجهول"، "اليوم السادس"، "مياو"، ذاكرة الجسد"، كما يستخدم موسيقى أوبرالية وتراتيل دينية مسيحية، وموسيقى عربية شجية حزينة على العود وأغنية لاتينية شهيرة، ويلجأ أحيانا إلى تكرار الصورة، واستعادتها بالعكس، وتثبيتها لخلق تأثريات فنية درامية.

"مياه فضية" تجربة بصرية وصوتية مذهلة وفيلم ليس له مثيل في السينما العربية. إنه ليس فقط شهادة على مسلسل القتل المستمر في سوريا، بل ومحاولة فريدة لخلق معادل بصري وسمعي سينمائي حداثي يستخدم كل ما أصبحت تتيحه اليوم تقنيات كاميرا الديجيتال الصغيرة والكومبيوتر والانترنت، لذلك فهو عمل معاصر تماما، لكن السر الأول في تميزه عن عشرات الأفلام والشرائط التي تظهر يوميا وتستخدم نفس التقنيات، أنه صنع على يدي سينمائي خبير وموهوب، يتميز بثقافته الكبيرة وخياله السينمائي البديع الذي يجعله يقدم موضوعه دون صراخ مباشر أو تعليق صوتي فخيم، بل من خلال تلك اللغة الشعرية التي تخلق جدلية تتسم بالحيوية الشديدة بين شريطي الصوت والصورة، بل وبين كل الثنائيات التي ينتقل عبرها الفيلم دون أن يرهقنا. ولعل السر الذي يجعل الفيلم يحقق هدفه ويترك تأثيره على المتفرج، هو ذلك الصدق الشديد في الكتابة وفي المعالجة، في تلك اللمسة الشخصية التي تقربه منا، والتي تجعله تعبيرا عن تجربة رجل وامرأة من سوريا في زمن القتل

كانت وئام سيماف بدرخان، شريكة أسامة في صنع الفيلم، قد تعرضت للإصابة كما نرى في الفيلم (هي تصور نفسها ترقد على الفراش في المستشفى) ثم تمكنت بعد ذلك من مغادرة سوريا بعد فترة.. ووصلت إلى باريس أيضا في التاسع من مايو.. أي يوم الاحتفال بسقوط الفاشية في أوروبا!

الجزيرة الوثائقية في

18.05.2014

 
 

طارق الشناوي يكتب:

لماذا تقلصت أحلام مهرجان القاهرة؟ 

بين مهرجان «كان» ومهرجان «القاهرة» حب من طرف واحد، والحقيقة هى أننا لسنا فقط الذى نطارده ونلهث وراءه، لكن كل المهرجانات العربية تعتبر «كان» هو قبلتها، فتذهب بكوادرها إلى هناك، وتقيم الأجنحة، وتعلق الزينات، وترفع الرايات، وتبدأ فى الاختيار بين كل الأفلام المعروضة ما يروق لها، وكأنه مغارة «على بابا»، بها زمرد وياقوت ومرجان، وتحصل على ما تريد ما دامت تعرف كلمة السر «افتح يا سمسم»، تلك هى الرحلة السنوية «واللى ما يشترى يتفرج». تابعتُ «كان» قرابة ربع قرن، وكان الكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة باعتباره رئيسا لمهرجان القاهرة، يحرص كل عام على الوجود فى الفاعليات، وهو ما فعله كل الرؤساء من بعده بداية من حسين فهمى، بل أتذكر أنه قد تردد فى مرحلة ما بعد استقالة حسين فهمى اسم الكاتب الكبير محمد سلماوى كرئيس للمهرجان، فما كان منه سوى أن سافر فى ذلك العام إلى «كان»، لكن يبدو أن فاروق حسنى فى اللحظات الأخيرة، ولا أدرى الأسباب، غيّر رأيه، ومن وقتها لم يعد سلماوى أشاهده فى «كان». من بين المفارقات العجيبة أن كل المهرجانات تسعى لكى تحظى بالعرض الأول ولذة الاكتشاف هى التى تحسب للقائمين على المهرجان، بينما أغلب مهرجاناتنا العربية تنتقى من بعد «كان»، وتعتبره «فرز أول» لها، وبعدها تبدأ الاختيار، وربما تضيف شيئا من «برلين» أو «فينسيا» وغيرهما، لكن المصدر الأساسى هو «كان»، فهو موسم صيد الأفلام، وأستطيع أن أروى لكم عن 23 دورة كنت فيها شاهد عيان على ما يجرى، وبعد العودة يعقد سعد الدين وهبة اجتماعا، ونختار الأفلام التى نرشحها لـ«القاهرة»، دائما كان سعد يستطيع إقناع غرفة صناعة السينما وعدد من أصحاب الشركات الخاصة بتحمل نفقات الجناح المصرى، الذى يحتل مساحة على شاطئ الريفييرا تضيق أو تتسع تبعا للميزانية المرصودة. وكان الجناح المصرى هذه الدورة هو مثار جدل أثير قبل نحو شهرين، حيث تردد السؤال فى أكثر من اجتماع عن الجناح الذى تُقيمه مصر، وكانت وزارة السياحة مع عدد من الرعاة أقاموا الجناح، واستطاعت نائبة رئيس مهرجان القاهرة السابقة سهير عبد القادر أن تؤجره باسم مصر، وكان السؤال، الذى وصل إلى حد تهديد رئيس مهرجان القاهرة الحالى الناقد سمير فريد بالاستقالة من منصبه احتجاجا، كيف يقام جناح باسم مصر ولا يتولاه رئيس المهرجان، وكان رأيى ولا يزال أن وزارة السياحة من حقها أن تفعل ذلك، هى كثيرا ما تحملت النفقات فى السنوات الأخيرة، ولو انتحلت سهير عبد القادر صفة رئيس مهرجان لعرضت نفسها للمساءلة القانونية، ولا أعتقد أن أى إنسان عاقل يرتكب مثل هذه الجريمة، ويقضى فى هذه الحالة بضع سنوات من عمره فى سجن القناطر الخيرية، وأضفت عندما يرفرف علم مصر على شاطئ الريفييرا نضرب له تعظيم سلام لا يعنينى من الذى يرفعه، كان لى ملاحظات عديدة على مهرجان القاهرة فى سنواته الأخيرة واعتذرت عن عدم الانضمام إلى المكتب الفنى بمهرجان القاهرة فى الدورة التى أقيمت فى 2012 برئاسة عزت أبو عوف، وكانت نائبة الرئيس هى سهير عبد القادر، كما اعتذرت أيضا هذه الدورة من مهرجان القاهرة عن عدم الانضمام إلى لجنة المشاهدة والسفر إلى «كان» على حساب المهرجان، لأن قناعاتى هى أن المجتمع المدنى هو الذى يقيم المهرجانات، ولم أكن أنا وحدى الذى أعلن ذلك، بل ربما سبقنى إليه الناقد سمير فريد، لكنه تخلى مؤخرا وتماما عن كل هذا الطموح، بل المفاجأة هى أن مهرجان القاهرة، الذى كان يقام منذ إنشائه عام 1976 «تحت رعاية» وزارة الثقافة أصبحت «تنظمه» هذه الدورة وزارة الثقافة، والفارق شاسع بين «تحت رعاية الوزارة» وبين «تنظمه الوزارة»، ولا أدرى كيف نستسلم فى لمح البصر ونتناقض مع أحلامنا لمجرد أن هناك معوقات. سمير فريد حريص على رئاسة المهرجان، وهذا من حقه، لكنه فى سبيل تحقيق ذلك اكتشف أن الدولة طوال السنوات الأخيرة (أكثر من ربع قرن) كانت تفضل العمل فى المهرجان من خلال وجود سهير عبد القادر فى منصب قيادى، وكانت هى حلقة الوصل بين الوزارة والمهرجان، ولهذا وجد أنه من المستحيل أن يبتعد عن أحضان وزارة الثقافة، تردد وأظنه صحيحا أن الدولة أوكلت إليها (أقصد سهير عبد القادر) منصب مستشار وطنى لشؤون المهرجانات، وكان الغضب بين عدد من السينمائيين، ولم يصرح الوزير حتى الآن بذلك، بل كذب الخبر فى أكثر من جريدة رغم أنه صحيح، فهو الذى تقدم باسمها إلى رئيس الوزراء فى عهد الببلاوى، ولا يزال القرار ساريا فى عهد محلب. أتصور أن معادلة سهير عبد القادر، أقصد وجودها داخل المعادلة، هو الذى دفع سمير فريد مسرعا إلى أحضان الدولة، فلقد عاش كابوس الخوف من اصطدامه بكبار الموظفين فى الوزارة، ويجد نفسه ومهرجانه فى مهب الريح، والدولة تلوح ببديل جاهز لو هدد بالاستقالة، وهو سهير، خصوصا أنه لم يبذل أى جهد فى العثور على رعاة خارج الوزارة، وأصبح جهده مقصورا على مطالبة الدولة بزيادة الدعم، على اعتبار أنه مهرجان الدولة، أعلم بالتأكيد أن لدينا معوقات إدارية واجهت إدارة المهرجان، فقرر رئيس المهرجان الاستعانة بكل قطاعات وزارة الثقافة ليصبح جزءا من الدولة، بل إن اللجنة العليا للمهرجان يرأسها وزير الثقافة شخصيا، ليقول للوزارة هذا مهرجانكم، وليس مهرجان السينمائيين. رئيس المهرجان الحالى جاء لمنصبه بناء على ترشيح عدد كبير من المعتصمين فى وزارة الثقافة قبل وفى أثناء ثورة 30 يونيو، وكان مطلبهم هو الاستقلال عن الوزارة، ومنح الفرصة للمجتمع المدنى، وتنازلوا بعدها عن المبدأ، لأنهم أرادوا فى الحقيقة تغيير الشخص لا المنظومة، الغريب فى الأمر أن الحلم يتقلص، وصار منتهى أمل رئيس المهرجان الحالى أن يصبح مهرجان «القاهرة» مثل مهرجان «دمشق»، الذى تقيمه وزارة الثقافة هناك.. إنه يخشى مشقة الصدام مع الدولة، فقرر أن يدخل بكل عمق إلى أحضان الدولة ليصبح مهرجانها «وهى حرة فيه تفرده أو تتنيه»!

الدستور المصرية في

18.05.2014

 
 

تنويعة مَجرية على فيلم هيتشكوك «الطيور»

«الإله الأبيض» يناصر عالم الكلاب ويفضح حماقات البشر!

طارق الشناوي 

شاهدتُ الكلب بطل الفيلم لأول مرة على خشبة مسرح قاعة «دى بى سى»، لم يكن يرتدى الببيون كما تقتضى مراسم الاحتفال، ولكنه بدا كأنه مدرك تماما لأهمية تلك اللحظة التاريخية التى دفعت به إلى هذا المهرجان، فلقد كان هو بالفعل بطل الفيلم ومن الواضح أنه مُدرَّب يعرف كيف يقف على قدميه ويردّ على تصفيق وتحية الجماهير بأحسن منها، وبالطبع لم يقف بمفرده كان معه كل أبطال فيلم «الإله الأبيض» المعروض فى قسم «نظرة ما» للمخرج المجرى كورنيل موندوز. عشت حالة من النشوة الفنية التى خاطبت مشاعرى وأطلقت العنان لفكرى، قبلها بساعات قليلة كنت أعايش نشوة أخرى استقرت فى عقلى وأضحكتنى مع فيلم «قصص متوحشة» للمخرج الأرجنتينى داميان زيفرون الذى عُرض فى قسم «المسابقة الرسمية» ويتكون من ستة أجزاء وهى من المرات القليلة التى نرى فيها عدة قصص فى عمل فنى واحد لنفس المخرج ولكنها من الحالات النادرة التى نستمع فيها إلى تصفيق الجمهور بكل صدق فى أعقاب كل حكاية، ستجد فيضًا من الدماء والعنف إلا أنك لن تتوقف عن الضحك. استطاع المخرج أن يضع إطارا على مشاعر الجمهور حتى لا يتفاعل مع الشخصيات ليستمر فى الضحك عليها حتى وهى تلقَى فى النهاية حتفها. دعونا نبدأ حكايتنا أولا مع هذا الكلب الذى خطف الأضواء من الجميع. الكلب هو رمز الوفاء ويتوقع أيضا المعاملة بالمثل، أو فى الحدود الدنيا عدم الغدر به، خيال المخرج المجرى كورنيل موندز جنح به إلى أن يمنح تلك الكائنات عقلا جماعيا يسعى للانتقام من البشر الخائنين، حيث إن الدولة قررت فرض ضرائب على من يحتفظ بنوع معين من الكلاب فقرر أغلبهم التضحية بها وإلقاءها فى العراء، تحولت تلك الكلاب الضالة إلى صفقات عند البعض، ووجدها آخرون تشكل خطرا على حياتهم، بينما قررت الدولة أن تنشر فى الشوارع قوات لاصطياد الكلاب وفرزها ومن ثم بيع الأفضل، وبدأت المطاردات وبدأ المخرج فى رسم ملامح لتلك اللعبة الفنية التى نشاهد فيها الكلاب وهى تمتلك عقلا للهروب من هؤلاء الطامعين فيها، إنها فى المرحلة الأولى لا تطمع إلا فى الدفاع عن النفس أولا والهروب من القيد وليس الانتقام، كما شاهدنا كلبا أبيض اللون صغير الحجم يمتاز بالذكاء ويبدو كأنه العقل المدبر لفكرة الهروب، وبالفعل بحيلة منه ينقذ الكلب البنّى بطل الفيلم الرئيسى. الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد، حيث إنه بينما ارتضى الكلاب بالعيش بعيدا عن تجمعات البشر وخلقت لنفسها عالما جديدا فإن المطاردات لم تتوقف بحجة أنها تثير الرعب، والحقيقة أنها كانت حريصة على أن تعيش بعيدا عن عالم البشر على شرط أن لا يطاردوها، عالم الكلاب يبدو أكثر تسامحا كأنه يتعايش مع الحياة بحلوها ومرّها، إلا أن ممارسات البشر تعلّم الكلاب الشراسة.

شىء من هذا المعنى من الممكن أن تجده فى فيلم هيتشكوك «الطيور» عندما اعتدى البشر على الطيور الآمنة التى لم تفعل شيئا فقررت الطيور المسالمة بطبعها أن تطارد البشر وتحاصر بيوتهم كأنه قد حدث تغيير جينى مفاجئ، لا أقول إن المخرج يستلهم فيلم «الطيور» ولكنه ربما سكن فى لا شعوره، فقرر أن يقدم تنويعة سينمائية تحيل الطيور إلى كلاب.

بطلة الفيلم المراهقة «لى لى» نراها فى البداية بعد أن تصطحبها أمها إلى أبيها الذى انفصلت عنه وتؤكد لها أنها فقط ثلاثة أشهر ستقضيها بعيدا عنها، وهنا نرى تفصيلة إنسانية، حيث إن الأب لا يزال يعتقد أن ابنته مجرد طفلة بينما هى تجاوزت عالم الطفولة بزمن، يقدم لها هدية تصلح للأطفال بينما هى تخبره بأنها قفزت فوق هذا السور، إنه يعمل طبيبا بيطريا وهى تصطحب معها كلبها المفضل الذى لا تستطيع الاستغناء عنه ويقدم المخرج تفاصيل لتلك العلاقة الحميمية مثلا وهى تطعم الكلب من أكلها بينما أبوها يطلب منها أن تطعمه فقط من طعام الكلاب، كذلك عندما تحاول أن يشاركها الكلب سريرها بينما يصر الأب على طرده إلى الحمام. «لى لى» تزداد تعلقا به وتذهب به إلى دار الأوبرا، حيث إنها تتدرب وتعزف على آلة «الأبوا» ولكن صوت الكلب يعلو فيقرر المايسترو طرده فتتمسك به فيطردها معه وتعود بعدها بصحبة أبيها وتعتذر ولكن يظل مصير الكلب يؤرق الجميع، وفى طريق عودتها يجبرها الأب على أن تتركه فى الشارع فى لحظات وداع حرص فيها المخرج على أن نرى خلالها كل ملامح العلاقة الإنسانية والقهر الذى تعرضت له بطلة الفيلم، ثم نراها وهى تضع صورته فى الشوارع لكى يراه أحدهم ويعيده إليها، ونتابع محاولات الدولة فى السيطرة على الكلاب وكانوا يضعون النوع الغالى فى غرف منفردة، ونتابع رحلة الهروب للكلب بطل الفيلم ونشاهد أحد الصعاليك المشردين ينقذه لكى يتاجر به ويبيعه لمن يعلّمون الكلاب الشراسة ويستثمرونها فى مباريات ومراهنات، ونراه يقوم ببرد أنيابه ليصبح أشد شراسة، تلك الأنياب التى نشاهدها تنهش فى كلب آخر هى نفسها الأنياب القاتلة التى وجّهها الكلب ورفاقه بعد ذلك إلى كل من دفع بهم إلى هذا الطريق، وهكذا البشر هم الذين أحالوا الحيوان الأليف إلى شرس، ولم ينته الأمر عند ذلك الحد فلقد بدأ رحلة الانتقام وكان هو القائد ولم تستطع حتى طلقات الرصاص السيطرة عليها، حيث إنها كانت تتحايل عليها، وشاهدنا كيف أن الكلاب تنتقل من الدفاع عن النفس إلى الهجوم كأنها قد تعلمت الدرس من البشر بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع.

الكلب المنتقم استطاع أن يقتل حارسه وأطلق سراح باقى الكلاب وذهب لدار الأوبرا هو وباقى الكلاب وتوقعت «لى لى» أنها جاءت من أجلها، واستقلت عجلتها لتلحق بها وتهدّئ من روعها ولكن كانت ضربات الرصاص تزيد الكلاب شراسة ولا تتمكن «لى لى» من الإمساك بها وكلما زادت الضربات عنفًا ازدادت هى شراسة، كانت الابنة تعلم أن هناك أملا وكنا نعلم كمشاهدين أن الكلب الأبيض يعرف السر ولكن رصاص الشرطة اغتاله كأنه يقتل آخر أمل فى السلام، ولهذا يتوجه باقى الكلاب لحصار مقر عمل والدها الذى تلحق به ابنته ولا يجد أمامه إلا أن يمسك بالنيران وأسطوانة الأكسجين، بينما ابنته تمسك بآلة «الأوبوا» وتبدأ العزف وتطلب من والدها أن يوقِف إشعال النيران وتبدو كأنها تعقد اتفاقا مجددا مع عالم الكلاب ليعود السلام على الأرض على شرط أن تحفظ حقوق حتى من نرى أنهم الأضعف، ولهذا بعد أن استمعوا إلى عزفها ينبطحون أرضا ويبادلها كلبها نظرات التسامح، بينما والدها يدرك أن هناك شفرة جديدة، ويتبادل هو أيضا نظرات التسامح مع الكلاب التى امتلأت بالسكينة وعادت مجددا إلى طبيعتها.

هناك تدريبات للسيطرة عليها والتحرك فى مجاميع، بالطبع يلعب التصوير والمونتاج دورا محوريا وكثيرا ما يلجأ المخرج إلى اللقطات العامة حتى يمنح المتلقى الإحساس بعمق وشراسة المعركة كأنه يقدم جحافل من جيوش الكلاب، ثم ينتقل بعد تلك اللقطات العامة إلى تفصيلات على عيون الكلاب لنرى نظرة التحدى التى تنطق بها فيمنح خصوصية للّقطة، لتصل الرسالة أنه حتى الضعفاء أو من نعتقد أنهم كذلك يحيلهم الظلم إلى قنابل موقوتة تدمر الحياة كلها، فهل وصلت الرسالة، ضاقت المساحة وأستأذنكم فى الغد للحديث عن فيلم «قصص متوحشة».

التحرير المصرية في

19.05.2014

 
 

الفيلم التركي "نعاس الشتاء" يبهر الجمهور في "كان"

كان (فرنسا) - سعد المسعودي 

يشارك الفيلم التركي "نعاس الشتاء" للمخرج نوري بيلج جيلان في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي في دورته "67".

 

وصعد المخرج نوري جيلان وفريق فيلمه درجات البساط الأحمر لحضور عرض الفيلم، واضعين على بدلاتهم شارة الحداد على أرواح عمال المناجم الذين قضوا في حادث مأساوي هز تركيا قبل أيام. ووقفت القاعة تكريماً للمخرج قبل العرض.

وعلى مدى أكثر من ثلاث ساعات قدم لنا المخرج فيلماً جميلاً مليئاً بجماليات السينما ومشحونا بمضامين كبيرة تضعنا أمام عبقرية مخرج سينمائي أصبح من كبار صناعها.

شخصيات وأحداث في شتاء الأناضول

والفيلم يحكي قصة ممثل قديم يدعى" أيدن" يدير فندقاً صغيراً مع أخته وزوجته الشابة في وسط الأناضول، ويتحول الفندق في شتاء ثلجي كثيف وبسبب الأجواء الباردة إلى سجن ومأوى. وتبدأ عواصف أخرى لكنها عائلية ملحمية وحميمية.

وتتداخل الحكايات وتتقاطع ويظل المحور هو ايدن الذى يريد أن يكون دائماً هو المحور والأساس والمحرك ولربما المسيطر، بينما إيقاع الحياة والزمن يكاد يكون قد تغير.

حتى حينما يقرر أن يسافر إلى إسطنبول لطباعة كتاب، معتقداً أن الحياة ستتوقف في الفندق ويكتشف بعد حين أن عليه أن يعود أدراجه إلى الفندق لأنه هو من سينتهى لأنه مجرد ممثل سابق أضاع حياته في المسرح الذي انصرف عنه الجميع.

ينقلنا جيلان في هذا الفيلم إلى أجواء الشتاء حتى يشعر المشاهد وكأنه فيها، وذلك من خلال تصوير المشاهد الثلجية بسكونها وحركتها الصاخبة وتغير المزاج لشخصياته القلقة. ويثير "المعلم" التركي مسائل حول الروحانيات في احتكاكها بالدين، والمال في إفشال البشر وأخلاقياته.

فكان جيلان سيداً في حياكته البيضاء لفيلم حر يطلق العنان كطفل لرسائل تضاهي بنبلها الخيول البرية التي عجز الرجال في روايته عن ترويضها.

شركة سوني تصنع كاميرا خاصة للمخرج

سينما احترافية عالية الجودة يصنعها نوري جيلان، وهو من تلك النوعية التي تشتغل على ما يسمى بسينما المؤلف، أو سينما المبدع. لذا فهو يقرن أعماله بنصوص يقوم في الغالب بكتابتها، وغالباً بالتعاون مع زوجته الكاتبة عبير جيلان.

هي سينما تقول الكثير عبر بناء المشهد والصورة والحوار العميق والمتماسك، وتركز على القيم و بناء الصورة، ولأنها أساس نجاح أي فيلم لذا استعان المخرج بتقنية خاصة من شركة سوني الديجيتال بكاميرات متطورة.

ويشارك مع نورى في الفيلم حفنة من النجوم الذين طالما شاهدناهم من قبل، والذين يمثلون صورته ويعكسون فكره. ومع نوري أيضاً مدير التصوير التركي جوخان تيراكي وأيضاً مهندس الديكور جاميز كيس.

أفلام وجوائز

المخرج نورى جيلان من مواليد إسطنبول 1959، وقد بدأ مشواره بفيلم "القصبة" في 1997 ثم تواصلت أعماله، ومن أهمها "غيوم في مايو" في 1999 و"القدر" في 2002 و"مناخات" في 2006 و"القرود الثلاثة" في 2008 و"حدث ذات مرة في الأناضول" في 2011 وعنه فاز بالجائزة الكبرى لمهرجان كان السينمائي الدولي.

العربية نت في

19.05.2014

 
 

دبابات نجوم الأكشن تثير الفوضى في مهرجان كان

 (كان) فرنسا - رويترز 

عُرض في الليلة الخامسة لمهرجان كان السينمائي فيلم "ذي إكسبندابلز 3 "، وتعني "المستهلكون"، الذي يشارك في بطولته نخبة من النجوم على رأسهم سيلفستر ستالون وآرنولد شوارزنيجر وميل جيبسون وهاريسون فورد وانتونيو بانديراس.

وفي إطار الدعاية للفيلم استقل ستالون وشوارزنيجر وجيبسون ثلاث دبابات سارت على شاطئ كان في الريفيرا الفرنسية أمس الاحد، وأخذوا يلوحون لمعجبيهم الذين تفاجأوا بنجومهم على ظهور الدبابات.

وشهدت الأجواء ما يشبه عودة اجتماع الأصدقاء القدامى، إذ قال فورد عن زملائه: "إنهم مجموعة عمل رائعة"، ووصف غيبسون تصوير الفيلم في بلغاريا بالاحتفال.

وقال لوندغرين: "إنه مشروع فريد جداً، والجماهير تشعر بأن الشخصيات ودودة حقاً".

بينما قال شوارزنيجر (66 عاماً)، والذي قام بتصوير دوره في الجزء الأول من "المستهلكون" في 2009 عندما كان لايزال حاكم ولاية كاليفورنيا: "أنا من أكبر المعجبين بأفلام الإثارة، فهي دائماً طريقة رائعة لتسلية الناس، وكأنها لغة عالمية".

وتبادل الممثلون النكات بحرية، كما سخر ستالون وشوارزنيجر من تجاربهم الأقل نجاحاً والأكثر كوميدياً.

ولكن سرعان ما اتجه الحديث إلى السؤال عن مدة استمرار سلسلة الأفلام في ظل الإصابات المختلفة التي حدثت، والمشاكل التي عاناها الفريق أثناء التصوير.

وقال ستالون: "إن الجميع يتعرض للإصابة، لا يمكن تجنب ذلك. نحن نحاول اتخاذ احتياطاتنا، ولكن عندما تقوم بتمثيل لقطات الإثارة واقعياً تشعرنا هذه الكدمات بفخر".

ويقول ستالون: "نحن ندين للجيل القادم، ونريدهم أن يستمتعوا بالفيلم دون التسلل إلى السينما".

ومن المتوقع أن يعرض "ذي إكسبندابلز 3 " في بريطانيا في 14 أغسطس المقبل، بينما يستمر مهرجان كان السينمائي حتى 25 مايو الجاري.

العربية نت في

19.05.2014

 
 

صراع الشباب والعواجيز على النساء في مهرجان كان

محمد عبد الرحمن 

شهد مهرجان "كان" الدولي في يومه الخامس منافسة بين عجوز أمريكي يجدد حياته بالإخراج السينمائي، وشابة إيطالية تقدم فيلمها الثاني.

ورغم الاختلاف الكبير بين المخرج والنجم العجوز "تومي لي جونز"، والمخرجة الإيطالية الشابة "أليس روهر فاخر"، إلا أن فيلم "عجوز المنزل" لجونز، أو "عجائب" لفاخر جاءا نسائيين بامتياز.

وتدور أحداث فيلم "جونز"، الذي يقوم ببطولته أيضاً، في الغربِ الأمريكي، وهو مأخوذ من قصة لـ "جليدون سوارثهوت" وبطولة هيلاري سوانك وميريل ستريب.

وتدور قصة فيلم "عجوز المنزل" حول سيدة وحيدة، تقبل إنقاذ هارب من العدالة، بشرط مساعدتها في إيصال 3 نساء مجنونات من نبراسكا إلى ولاية أيوا، والدفاع عنهن ضد مخاطر الغرب الأمريكي.

وقال جونز في المؤتمر الصحفي للفيلم "لقد قرأنا العديد من الكتب حول الجنون، وخاصة لدى النساء في القرن التاسع عشر، وتعلمنا كيفية علاج مختلف الأمراض، حيث كان يعتقد في تلك الفترة أنه لعلاج الانفصام ينبغي غطس الناس في الماء المثلج لمدة 8 ساعات.

ويجدر الذكر أن تومي لي جونز هو ممثل أمريكي ولد عام 1946، وحصل على جائزة الجولدن جلوب عام 1994 كأفضل ممثل مساعد عن فيلم "الهارب" ، كما حصل على جائزة الإيمي 1983 لأفضل ممثل عن دوره في فيلم أغنية الجلاد، وفي 2005 حصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان عن فيلم الدفنات الثلاث، لميلكادس استرادا.

أما الايطالية الشابة أليس روهرفاخر فتدور أحداث فيلمها "عجائب" حول 3 بنات صغيرات، ضمن عائلة تعيش في الريف الإيطالي على استخراج عسل النَّحل، وتتغيَّر حياتهن خلال الصيف، حين يأتي برنامج تلفزيون واقع للتصوير في البلدة.

وشهد اليوم الخامس للمهرجان في دورته السابعة والستين، والذي يستمر حتى 25 مايو، عرض فيلم "المالكون" للمخرج أديلخان يرزانوف من كازاخستان. 

ويتناول فيلم المالكون صراع مجموعة من الأخوة، لمحاولة استعادة ملكية المنزل الذي ورثوه في منطقة نائية، حيث يكتشفون أن المنزل يحتله منذ 10 أعوام وبشكل غير قانوني، رجل مدمن على الكحول يرفض إخلاء المكان.

أخبار النجوم المصرية في

19.05.2014

 
 

مصر فى عيون العالم بسوق مهرجان كان السينمائى

كتبت هنا موسى 

"مصر فى انتظار كاميرات العالم" تحت هذا الشعار أقامت وزارة السياحة مع منتجع سهل حشيش، بمشاركة غرفة صناعة السينما والعلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة الجناح المصرى فى سوق مهرجان كان فى دورته الـ67، الذى يعد من أهم الأسواق السياحية والسينمائية فى العالم.

"مصر فى عيون العالم" هى دعوة للعالم كله للحضور والتصوير السينمائى فى بلد الأمن والأمان، وذلك فى مواجهة الادعاءات بعدم توفر الأمان ببلدنا مصر.

الجناح المصرى تقيمه وزارة السياحة منذ 4 سنوات وهذا العام اهتمت الوزارة بدعوة السينمائيين للحضور والتصوير فى مصر فى الأماكن الطبيعية والأثرية مع تقديم التسهيلات الأخيرة التى وافق عليها السيد رئيس مجلس الوزراء.

الجناح يعرض كل ما هو خاص بالمهرجانات المصرية، مهرجان القاهرة، الإسكندرية، الأقصر، الإسماعيلية، وكذلك المهرجان الذى ستقيمه وزارة السياحة تحت عنوان "المهرجان الدولى للسينما والفنون للمرأة والطفل"، الذى سيقام خلال الأسبوع الأول من شهر مارس حيث يتزامن مع عيد الأم ويوم المرأة العالمى.

وما لفت الأنظار فى الجناح وجود أفلام قصيرة للشباب مثل فيلم عمر الزهيرى ومدته 18 دقيقة، الذى يتحدث فيه عن قهر الرؤساء للمرؤوسين، فيلم "كان" للمخرج الشاب عبد الرحمن سعد ومدته 14 دقيقة ويتناول حياة مواطن مصرى شاب يتصارع مع الأمراض التى سببتها الأجواء والأحداث التى تمر بها البلاد، وكذلك فيلم المخرجة أمينة عز العرب "صباح بكر" وتتحدث فيه عن تواجد الفتيات فى المجتمع الذكورى.

هذا وأقيم مؤتمر صحفى نظمته وزارة السياحة لعرض كل الأنشطة المصرية المشاركة بالمهرجان من مهرجانات وأفلام، وقد أعدت الوزارة منشورات دعائية وأقراص مدمجة تحمل عدداً من الأفلام الدعائية عن مصر والأماكن السياحية الموجودة بها، التى يمكن استغلالها للتصوير السينمائى، كما سيتم خلال هذا المؤتمر الإعلان عن فيلمين جار تصويرهما: فيلم "ديكور" وفيلم "قدرات غير عادية" للمخرج داوود عبد السيد.

وسيلاحظ المترددون على الجناح وجود صور فوتوغرافية لكل النجوم الذين سبق وأن قاموا بزيارة الجناح من قبل علاوة على أكثر من 300 فنان عالمى تركوا آثارهم على أرض مصر ومازالت مصر فى انتظاركم كى تلتقطوا بكاميراتكم صورة الأصالة من مصر أرض الطبيعة وأرض الأصالة.

وعلى الجانب الآخر وبحضور 200 شخصية عالمية جمعت بين السينمائيين ومديرى المهرجانات الدولية والعربية والصحافة الأجنبية والعربية وشباب الأفلام المصرية المشاركة فى المهرجان لمخرجيها عمر الزهيرى، وعبد الرحمن سعد وفيلمه was وصفوان نصر الدين وبحضور بنوا جينيسيتى السكرتير العام للاتحاد الدولى للمنتجين السينمائيين ورئيسة شعبة الأفلام فى مهرجان كان، مريام عرب وبحضور رؤساء مهرجانات مونس فى بلجيكا ودبى وجنوب إفريقيا واليونان وإيران والهند وسان فرانسيسكو ووسائل الإعلام العربية، ومنها فرانس 24 وDRD الذين قاموا بعمل لقاءات مختلفة مع الحاضرين، وتم فى هذا اللقاء عقد اتفاقيات تعاون بين مهرجان "مونس" فى بلجيكا والمهرجان المصرى الجديد: السلام والحب فى السينما وفنون المرأة والطفل برعاية وزارة السياحة، الذى يضم كل ما يتعلق بالمرأة "قصة – إخراج".

وكذلك تم الاتفاق مع عدد من منتجى الأفلام من فرنسا والسويد وانجلترا وجنوب إفريقيا للحضور لمصر لتصوير أفلامهم على أن تقدم لهم الحكومة المصرية التسهيلات اللازمة، وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم وضع شعار حملة وزارة السياحة الدعائية "EGYPT" على شاشات العرض بشاطئ الكروازيت، وذلك بدون مقابل، تعبيراً عن حب مصر.

اليوم السابع المصرية في

19.05.2014

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)